باب تحريم الظلم والأمر بردِّ المظالم


قَالَ الله تَعَالَى: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ [غافر:18]، وَقالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [الحج:71].
وأمّا الأحاديث فمنها: حديث أبي ذر - رضي الله عنه - المتقدم في آخر باب المجاهدة.
203 - وعن جابر - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ. وَاتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءهُمْ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵁:
- اعلم أن الظلم هو النقص، قال الله تعالى: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًاۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا﴾ ‎ [الكهف: 33]، يعني لم تنقص منه شيئاً، والنقص إما أن يكون بالتجرؤ على ما لا يجوز للإنسان، وإما بالتفريط فيما يجب عليه. وحينئذٍ يدور الظلم على هذين الأمرين، إما ترك واجب، وإما فعل محرم.
- الظلم نوعان: ظلم يتعلق بحق الله ﷿، وظلم يتعلق بحق العباد، فأعظم الظلم هو المتعلق بحق الله تعالى والإشراك به، فإن النبي ﷺ سئل: أي الذنب أعظم؟ فقال: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك) ويليه الظلم في الكبائر، ثم الظلم في الصغائر، أما في حقوق عباد الله فالظلم يدور على ثلاثة أشياء، بيّنها النبي ﷺ في خطبة حجة الوداع، فقال: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)، الظلم في النفس هو الظلم في الدماء، بأن يعتدي الإنسان على غيره، بسفك الدماء أو الجروح أو ما أشبه ذلك، والظلم في الأموال بأن يعتدي الإنسان ويظلم غيره في الأموال، إما بعدم بذل الواجب، وإما بإتيان محرم، وإما بأن يمتنع من واجب عليه، وإما بأن يفعل شيئاً محرماً في مال غيره. وأما الظلم في الأعراض فيشمل الاعتداء على الغير بالزنا، واللواط، والقذف، وما أشبه ذلك.
- يوم القيامة ليس هناك نور إلا من أنار الله تعالى له، وأما من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور، والإنسان إن كان مسلماً فله نور بقدر إسلامه، ولكن إن كان ظالماً فقد من هذا النور بمقدار ما حصل من الظلم، لقوله ﷺ: (اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة).
- حذّر النبي ﷺ من أمرين: من الظلم ومن الشحّ. فالظلم هو الاعتداء على الغير، والشح هو الطمع فيما عند الغير. فكل ذلك محرم، ولهذا قال الله تعالى في كتابه ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9]، فدلت الآية على أن من لم يوق شح نفسه فلا فلاح له، المفلح من وقاه الله شحّ نفسه.
قال ابن باز ﵁:
- أعظم الظلم الشرك بالله ﷿ هو أعظم الظلم، ثم ظلم المعاصي، ثم ظلم الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
- الحذر من جشع النفس وحرصها على المال، فإنه قد يؤدي بصاحبه إلى السرقات والخيانات والظلم في الدماء والأموال والأعراض بسبب حب المال، والحرص على المال بكل طريق.

204 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إِلَى أهْلِهَا يَومَ القِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵁:
- في هذا الحديث دليلٌ على أن البهائم تُحشر يوم القيامة ، وتحشر الدوابّ، وكل ما فيه روح يحشر يوم القيامة، قال الله تعالى: ﴿ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمۚ﴾ [الأنعام: 38]، أمم كثيرة، أمة الذر، أمة الطيور، أمة السباع، أمة الحيّات وهكذا ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام: 38]، وكل شيء مكتوب، حتى أعمال البهائم والحشرات مكتوبة في اللوح المحفوظ ﴿وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ﴾ وقال تعالى: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ [التكوير: 4-5]، يحشر يوم القيامة كل شيء، يقضي الله تعالى بينهم بحكمه وعدله.
- يقتص من البهائم بعضها مع بعض، ومن الآدميين بعضهم مع بعض، ومن الجن بعضهم مع بعض، ومن الجن والإنس بعضهم مع بعض، لأن الإنس قد يعتدون على الجن، والجن قد يعتدون على الإنس، فمن عدوان الجن على الإنس الشيء الكثير، ومن عدوان الإنس على الجن أن يستجمر الإنسان بالعظم؛ لأن النبي ﷺ نهى أن نستنجي بالعظام وقال: (إنها زاد إخوانكم من الجن)، الجن يجدون العظام، فإذا استجمر أحد بها فقد اعتدى عليهم وكدرها عليهم، ويخشى أن يؤذوه إذا أذاهم بها.
- في يوم القيامة يُقتص للمظلوم من الظالم، ويؤخذ من حسنات الظالم إلا إذا نفدت حسناته؛ فيؤخذ من سيئات المظلوم فتطرح عليه. قال النبي ﷺ: (ما تعدون المفلس فيكم) - أي الذي ليس عنده شيء- قالوا: المفلس من لا درهم عنده ولا متاع. قال ﷺ: (المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات مثل الجبال، فيأتي وقد ضرب هذا، وشتم هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن بقي من حسناته شيء، وإلا أخذ من سيئاتهم فطُرحت عليه، ثم طرح في النار).
- لابد أن يقتص للمظلوم من الظالم، ولكن إذا أخذ المظلوم بحقه في الدنيا، فدعا على الظالم بقدر مظلمته، واستجاب الله دعاءه فيه، فقد اقتص لنفسه قبل أن يموت، لأن النبي ﷺ قال لمعاذ: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)، فإذا دعا المظلوم على ظالمه في الدنيا واستجيب لدعائه فقد اقتصّ منه في الدنيا، أما إذا سكت فلم يدع عليه ولم يعف عنه فإنه يتقصّ له منه يوم القيامة.

205 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كُنَّا نَتَحَدَّثُ عَنْ حَجَّةِ الوَدَاعِ، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أظْهُرِنَا، وَلا نَدْرِي مَا حَجَّةُ الوَدَاعِ حَتَّى حَمِدَ اللهَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَثْنَى عَلَيهِ، ثُمَّ ذَكَرَ المَسْيحَ الدَّجَّال، فَأطْنَبَ في ذِكْرِهِ، وَقَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبيٍّ إلاَّ أنْذَرَهُ أُمَّتَهُ، أنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ إنْ يَخْرُجْ فِيكُمْ فَما خَفِيَ عَليْكُمْ مِنْ شَأنِه فَلَيْسَ يَخْفَى عَليْكُم، إنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وإنَّهُ أعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ. ألاَ إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءكُمْ وَأمْوَالَكُمْ كحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في بلدكم هذا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، ألا هَلْ بَلَّغْتُ؟» قالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ» ثلاثًا «وَيْلَكُمْ - أَوْ وَيْحَكُمْ -، انْظُروا: لا تَرْجعُوا بَعْدِي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». رواه البخاري، وروى مسلم بعضه.
قال ابن عثيمين ﵁:
- كل الأنبياء ينذرون قومهم من الدجال، يخوفونهم ويعظمون شأنه عندهم. وإنما كانوا ينذرون قومهم الدجال مع أن الله يعلم أنه لن يكون إلا في آخر الدنيا، من أجل الاهتمام به، وبيان خطورته، وأن جميع الملل تحذر منه، لأن هذا الدجال- وقانا الله وإياكم فتنته وأمثاله- يأتي إلى الناس، يدعوهم إلى أن يعبدوه، ويقول: أنا ربكم، وإن شئتم أريتكم أني ربكم، فيأمر السماء يقول لها: أمطري فتُمطر، ويأمر الأرض فيقول لها: أنبتي فتنبت، أما إذا عصوا أمر الأرض فأمحلت، والسماء فقحطت، وأصبح الناس ممحلين. هذا لا شك أنه خطر عظيم، لاسيما في البادية التي لا تعرف إلا الماء والمرعى، فيتبعه أناسٌ كثيرون إلا من عصم الله.
- المسيح الدجال له علامات بينة تدل على أنه كذاب، منها: أنه مكتوب بين عينيه كافر (ك. ف. ر.) يقرؤها المؤمن فقط وإن كان لا يعرف القراءة، ويعجز عنها الكافر وإن كان يقرأ؛ لأن هذه الكتابة ليست كتابة عادية، إنما هي كتابة إلهية من الله ﷿، ومن علاماته: أنه أعور العين اليمنى: والرب ﷿ ليس بأعور، الرب ﷿ كامل الصفات، ليس في صفاته نقص بوجه من الوجوه. أما هذا فإنه أعور، عينه اليمنى كأنها عنبة طافية. وهذه علامة حسية واضحة.
- إنّ قال قائل: إذا كان فيه هذه العلامة الظاهرة الحسية فكيف يفتتن الناس به؟ نقول: إن الله قال في كتابه: ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس: 101]، الذين أضلهم الله لا تنفعهم علامات الضلال تحذيراً، ولا علامات الهدى تبشيراً، ولا يستفيدون وإن كانت العلامات ظاهرة.
قال ابن باز ﵁:
- الدجال والله أعلم ليس ببعيد خروجه، ويخرج من جهة المشرق، ويتبعه أمم كثيرة على دعواه الباطلة، يخرج ويدعي أنه نبي ثم يدعي أنه رب العالين، ومعه خوارق وأشياء تضلل الناس إلا من رحم الله.

206 - وعن عائشة رضي الله عنها: أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ ظَلَمَ قيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سبْعِ أرَضينَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قال ابن عثيمين ﵁:
- هذا الحديث يتناول نوعاً من أنواع الظلم وهو الظلم في الأراضي. وظلم الأراضي من أكبر الكبائر؛ لأنّ النبي ﷺ (لعن من غير منار الأرض). قال العلماء: منار الأرض حدودها؛ لأنّه مأخوذ من (المنور) وهو العلامة، فإذا غير إنسان من هذه الأرض، بأن أدخل شيئاً من هذه الأرض إلى أرض غيره، فإنه ملعون على لسان النبي ﷺ. واللعنة: الطرد والإبعاد عن رحمة الله.
- إذا ظلم قيد شبر طُوقه يوم القيامة من سبع أرضين يوم القيامة، أي يجعل له طوقٌ في عنقه والعياذ بالله، يحمله أمام الناس، أمام العالم، يُخزى به يوم القيامة.
- في هذا الحديث دليلٌ على أن من ملك الأرض ملك قعرها إلى الأرض السابعة، فليس لأحد أن يضع نفقاً تحت أرضك إلا بإذنك، كما أن الهواء لك إلى السماء، ولهذا قال العلماء: الهواء تابع للقرار، والقرار ثابت إلى الأرض السابعة، فالإنسان له من فوق ومن تحت، لا أحد عليه يتجرأ.

207 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ»، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: 102] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قال ابن عثيمين ﵁:
- على الإنسان الظالم أن لا يغتر بنفسه ولا بإملاء الله له، فإن ذلك مصيبة فوق مصيبته؛ لأن الإنسان إذا عوقب بالظلم عادلاً، فربما يتذكر ويتعظ ويدع الظلم، لكن إذا أملي له واكتسب آثاماً أو ازداد ظلماً، ازدادت عقوبته والعياذ بالله فيؤخذ على غرة، حتى إذا أخذه الله لم يفلته.
قال ابن باز﵁:
- والظلم يكون في النفوس، يكون في الأموال يكون في الأبشار، ويكون في الأعراض، فالواجب الحذر من أنواعه كلها، وأن يقف المؤمن عند حده فلا يتعدى على أحد من إخوانه، لا في نفس، ولا في مال، ولا في بشرة، كالضرب ونحوه ولا في العرض، فإن هذا الظلم سوف لا يضيع ولا يهمل لصاحبه يوم القيامة وإن أملي له وإن تأخر إلى الموت، فالموعد يوم القيامة أكبر، قد يعاجل بالعقوبة في هذه الدار، وقد يؤجل ويؤخذ بها يوم القيامة وهو أشد، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].

208 - وعن معاذ - رضي الله عنه - قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «إنَّكَ تَأتِي قَوْمًا مِنْ أهلِ الكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إلَهَ إلاَّ الله، وَأنِّي رسولُ الله، فَإنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ؛ فإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَها وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قال ابن عثيمين ﵁:
- ينبغي أن يُذكر للمبعوث حال المبعوث إليه، حتى يتأهب لهم، وينزلهم منازلهم، لئلا يأتيهم على غرة، فيوردون عليه من الشبهات ما ينقطع به، ويكون في هذا مضرة عظيمة على الدعوة. فينبغي على الداعي أن يكون على أُهبة واستعداد لما يلقيه إليه المدعوون، حتى لا يأتيه الأمر على غفلة، فيعجز وينقطع، وحينئذٍ يكون في ذلك ضررٌ على الدعوة.
- قال له: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب) أخبره بحالهم لكي يكون مستعداً لهم؛ لأن الذي يجادل أهل الكتاب لابد أن يكون عنده من الحجة أكثر وأقوى مما عنده للمشرك؛ لأن المشرك جاهل، والذي أوتي الكتاب عنده علم.
- لا تقل للكفار مثلاً إذا أتيت لتدعوهم: اتركوا الخمر اتركوا الزنا، اتركوا الربا، هذا غلط، أصّلِ الأصل أولاً، ثم فرع الفروع، فأول ما تدعو: أن تدعو إلى التوحيد والرسالة؛ أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم بعد ذلك عليك ببقية أركان الدين الأهم فالأهم.
- الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر، لا يجب شيء من الصلوات اليومية إلا هذه الخمس، فالسنن الرواتب ليست بواجبة، والوتر ليس بواجب، وصلاة الضحى ليست بواجبة، وأما صلاة العيد والكسوف فإن الراجح هو القول بوجوبهما، وذلك أمر عارض له سببٌ يختص به.
- من فوائد هذا الحديث: أن الزكاة واجبةٌ في المال لا في الذمة. لكن الصحيح أنها واجبة في المال، ولها تعلق بالذمة، بمعنى أنها إذا وجبت وفرط الإنسان فيها فإنه يضمن، فلها تعلق بالذمة.
- من فوائد هذا الحديث أيضاً: أن الزكاة لا تجب على الفقير، لقوله: "من أغنيائهم فترد في فقرائهم" ولكن من هو الغني؟ أهو الذي يملك ملايين؟ الغني في هذا الباب هو الذي يملك نصاباً. إذا ملك الإنسان نصاباً فهو غني تجب عليه الزكاة، وإن كان فقيراً من وجه آخر، لكنه غني من حيث وجوب الزكاة عليه.
- من فوائد هذا الحديث: أن الزكاة تصرف في فقراء البلد؛ لقوله: "فتردّ في فقرائهم" ولا تُخرج عن البلد إلا لسبب، أما ما دام في البلد مستحقون فإنهم أولى من غيرهم. وقد حرم بعض العلماء إخراج الزكاة عن البلد إذا كان فيهم مستحقون، واستدل بهذا الحديث، وبأن فقراء البلد تتعلق أنفسُهم بما عند أغنيائهم، وبأن الأغنياء إذا صرفوها إلى خارج البلد ربما يتعدى الفقراء عليهم ويقولون: حرمتمونا من حقّنا، فيتسلطون عليهم بالنهب والإفساد، ولا شك أنه من الخطأ أن يخرج الإنسان زكاة ماله إلى البلاد البعيدة، مع وجود مستحق في بلده؛ لأن الأقرب أولى.
- يجوز صرف الزكاة في صنف واحد من أصناف الزكاة، وأصنافه ثمانية: الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل، فإذا أداه المزكي إلى صنف من هذه الأصناف أجزأ، بل إذا أداها إلى فرد في نوع من هذه الأنواع أجزأ.
- وفيه دليلٌ على أنه يجب على الإنسان أن يتقي الظلم ويخاف من دعوة المظلوم؛ لأن الرسول ﷺ أمر بذلك، قال: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).
قال ابن باز ﵁:
- الواجب على كل من تهمه نفسه وكل من تعز عليه نفسه وكل من يخاف العقاب عليها، أن يحذر الظلم في جميع الأحوال، فالظلم عاقبته وخيمة وشره عظيم.

209 - وعن أبي حُمَيدٍ عبد الرحمن بن سعد السَّاعِدِي - رضي الله عنه - قَالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا مِنَ الأزْدِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ، فَقَامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المِنْبَرِ فَحَمِدَ الله وَأثْنَى عَلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: «أمَّا بَعدُ، فَإِنِّي أسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ منْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلاَّنِي اللهُ، فَيَأتِي فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لي، أفَلاَ جَلَسَ في بيتِ أبِيهِ وأُمِّهِ حَتَّى تَأتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إنْ كَانَ صَادِقًا، واللهِ لاَ يَأخُذُ أحَدٌ مِنْكُمْ شَيئًا بِغَيرِ حَقِّهِ إلاَّ لَقِيَ اللهَ تَعَالَى، يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلأَعْرِفَنَّ أحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُ بَعيرًا لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ» ثُمَّ رفع يديهِ حَتَّى رُؤِيَ بَيَاضُ إبْطَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ». ثلاثًا مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
210 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلمَةٌ لأَخِيهِ، مِنْ عِرضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ؛ إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلمَتِهِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيهِ». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵁:
- في الدنيا يمكن أن يتحلل الإنسان من المظالم التي عليه بأدائها إلى أهلها، أو استحلالهم منها، لكن في الآخرة ليس هناك شيء إلا الأعمال الصالحة، فإذا كان يوم القيامة اقتص من الظالم للمظلوم من حسناته؛ يؤخذ من حسناته التي هي رأس ماله في ذلك اليوم، فإن بقي منه شيء وإلا أخذ من سيئات المظلوم وحملت على الظالم والعياذ بالله، فازداد بذلك سيئات إلى سيئاته.
- يجب على الإنسان أن يتحلل من ظلم أخيه حتى في العرض، سواء علم أم لم يعلم، وذلك لأن المظالم إما أن تكون بالنفس، أو بالمال، أو بالعرض؛ لقول النبي ﷺ: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم). فإن كانت بالنفس مثل أن يكون قد جنى عليه، أو ضربه حتى جرحه، أو قطع عضواً من أعضائه، أو قتل له قتيلاً، فإنه يتحلل منه بأن يمكن صاحب الحق من القصاص، أو من بذل الدية إذا لم يكن القصاص. أما إن كانت في المال فإنه يعطيه ماله، إذا كان عنده مال لأحد، فالواجب أن يعطيه صاحبه، فإن غاب عنه ولم يعرف مكانه وأيس منه فإنه يتصدق به عنه، والله ﷿ يعلم ويؤدي إلى صاحب الحق حقه، وإن كان قد مات أي صاحب الحق، فإنه يوصله إلى ورثته؛ لأن المال بعد الموت ينتقل إلى الورثة، فلابد أن يسلمه للورثة، فإن لم يعلمهم بأن جهلهم ولم يدر عنهم تصدق به عنهم، والله تعالى يعلمهم ويعطيهم حقهم.
- قال بعض العلماء في مسألة العرض: إن كان المظلوم لم يعلم فلا حاجة أن يعلمه، مثل أن يكون قد سبه في مجلس من المجالس، وتاب فإنه لا حاجة أن يعلمه، ولكن يستغفر له ويدعو له، ويثني عليه بالخير في المجالس التي كان يسبه فيها، وبذلك يتحلل منه. ألا إن الأمر خطير، وحقوق الناس لابد أن تعطى لهم، إما في الدنيا وإما في الآخرة.
قال ابن باز ﵁:
- الظالم على خطر من أن تؤخذ حسناته وأعماله الصالحة لغيره، هذا المظلوم يعطى من حسنات الظالم حتى يستوفي حقه، فإن كانت حسنات الظالم لا تكفي لأن المظلمة كبيرة، أُخذ من سيئات المظلوم وطُرحت على الظالم زيادة على سيئاته ثم يطرح في النار.
- الظلم من أقبح الخصال التي يتخلق بها العبد، وهو متعرض بذلك إلى غضب الله، وإلى بغض العباد له ومسبتهم له، فالجدير بالمؤمن والجدير بالعاقل أن يحذر الظلم أينما كان، ولا ينبغي أن يغتر بقوته، أو جاهه، أو سلطانه، أو غير ذلك، فإن الله ﷿ يملي ولا يغفل.

211 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «المُسْلِمُ منْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قال ابن عثيمين ﵁:
- اللسان من أشد الجوارح خطراً على الإنسان، ولهذا إذا أصبح الإنسان فإن الجوارح: اليدين والرجلين والعينين، كل الجوارح تكفر اللسان، وكذلك أيضاً الفرج، لأن الفرج فيه شهوة النكاح، واللسان فيه شهوة الكلام، وقل من سلم من هاتين الشهوتين.
- المسلم من سلم المسلمون من لسانه أي كف عنهم؛ لا يذكرهم إلا بخير، ولا يسب، ولا يغتاب، ولا ينم، ولا يحرش بين الناس، فهو رجلٌ مسالم، إذا سمع السوء حفظ لسانه، وليس كما يفعل بعض الناس- والعياذ بالله- إذا سمع السوء في أخيه المسلم طار به فرحاً، وطار به في البلاد نشراً- والعياذ بالله- فإن هذا ليس بمسلم.
- من لم يسلم الناس من لسانه أو يده، فليس بمسلم، فمن كان ليس لهم همٌ إلا القيل والقال في عباد الله، وأكل لحومهم وأعراضهم، فهذا ليس بمسلم، وذلك من كان ليس لهم همٌ إلا الاعتداء على الناس بالضرب، وأخذ المال، وغير ذلك مما يتعلق باليد، فإنه ليس بمسلم.
قال ابن باز ﵁:
- المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم.

212 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَل النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ، فَمَاتَ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «هُوَ في النَّارِ». فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْه، فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. رواه البخاري.
213 - وعن أَبي بكْرة نُفَيْع بن الحارث - رضي الله عنه - عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ: السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَة، وذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشعْبَانَ، أيُّ شَهْرٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَننَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «ألَيْسَ ذَا الحِجَّةِ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأيُّ بَلَد هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيرِ اسْمِهِ. قَالَ: «ألَيْسَ البَلْدَةَ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» قُلْنَا: اللهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بغَيرِ اسْمِهِ. قَالَ: «ألَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَإنَّ دِمَاءكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا في بَلَدِكُمْ هَذَا في شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقُونَ رَبَّكُمْ فَيَسْألُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، ألاَ فَلا تَرْجعوا بعدي كُفّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْض، ألا لَيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أَنْ يَكُونَ أوْعَى لَهُ مِنْ بَعْض مَنْ سَمِعَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «ألاَّ هَلْ بَلَّغْتُ، ألاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟» قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قال ابن عثيمين ﵁:
- بيّن عليه الصلاة والسلام، أن هذه الاثني عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متوالية وواحد منفرد، الثلاثة المتوالية هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، جعلها الله تعالى أشهرا محرمة، يحرم فيها القتال، ولا يعتدي فيها أحد على أحد؛ لأن هذه الأشهر هي أشهر سير الناس إلى حج بيت الله الحرام، فجعلها الله ﷿ محرمة لئلا يقع القتال في هذه الأشهر والناس سائرون إلى بيت الله الحرام، وهذه من حكمة الله ﷿. والصحيح أن القتال ما زال محرماً، وأنه لم ينسخ إلى الآن، وأنه يحرم ابتداء القتال فيها.
- في قوله: (فسكت)، لأجل أن الإنسان إذا تكلم ثم سكت انتبه الناس: ما الذي أسكته؟ وهذه طريقة متبعة في الإلقاء، أن الإنسان إذا رأى من الناس الذين حوله عدم إنصات يسكت حتى ينتبهوا؛ لأن الكلام إذا كان مسترسلاً فقد يحصل للسامع غفلة، لكن إذا توقف فإنهم سينتبهون لماذا وقف؟
- أكد ﷺ تحريم هذه الثلاثة: الدماء والأموال والأعراض، فكلها محرمة، والدماء تشمل النفوس وما دونها، والأموال تشمل القليل والكثير، والأعراض تشمل الزنا واللواط والقذف، وربما تشمل الغيبة والسب والشتم. فهذه الأشياء الثلاثة حرامٌ على المسلم أن ينتهكها من أخيه المسلم.
- الأعراض من أشد الأشياء حرمة.
- الصحابة ﵃ بلغوا جميع ما سمعوه منه ﷺ ولم يكتموا من سنته شيئاً، وبلغوا ما جاء به من الوحي، ولم يكتموا منه شيئاً، فجاءت الشريعة- ولله الحمد - كاملة من كل وجه، بلغها النبي ﷺ عن ربه، ثم بلغها الصحابة ﵃ عن نبيهم، ثم التابعون عمن قبلهم، هكذا إلى يومنا هذا.
- علينا إذا سمعنا حديثاً عن الرسول ﷺ أن نبلغه إلى الأمة. ونحن محملون بأن نبلغ، ومنهيون بأن نكون كاليهود الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها، وقد وصفهم الله بأبشع وصف، فقال ﴿مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًاۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الجمعة: 5].
- يُستفاد من هذا الحديث تحذير النبي ﷺ أمته من قتال بعضهم بعضاً، ولكن الواجب على المسلم أن يتقي دم أخيه ما استطاع، نعم إذا بلي الإنسان بنفسه وصيل عليه، ضد نفسه أو ماله أو حرمته، فله أن يدافع عن نفسه، ولكن بالأسهل فالأسهل، فإن لم يندفع الصائل إلا بالقتل قتله، فإن قتله فالصائل في النار، وإن قُتل المدافع فهو شهيد، كما جاء ذلك عن النبي ﷺ.
- في هذا الحديث تحذيرٌ من أعراض المسلمين، وأنه لا يجوز للمسلم أن ينتهك عرض أخيه، لا صادقًا ولا كاذباً؛ لأنه إن كان صادقاً فقد اغتابه، وإن كان كاذباً فقد بهته، وأنت إذا رأيت من أخيك شيئاً تنتقده فيه في عباداته أو في أخلاقه أو في معاملاته، فعليك بنصيحته، فهذه من حقوقه عليك، وتنصحه فيما بينك وبينه مشافهة أو مكاتبة، وبهذا تبرأ ذمتك.
قال ابن باز ﵁:
- الواجب على المسلم أن ينتبه وأن يستفيد من هذا البلاغ، ويبلغ من وراءه حتى تقوم الحجة على الناس، وحتى ينتشر العلم.

214 - وعن أَبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي - رضي الله عنه: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَن اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِم بيَمِينه، فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ، وَحَرَّمَ عَلَيهِ الجَنَّةَ» فَقَالَ رَجُلٌ: وَإنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُول الله؟ فَقَالَ: «وإنْ قَضِيبًا مِنْ أَرَاك». رواه مسلم.
215 - وعن عَدِيّ بن عَميْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ، كَانَ غُلُولًا يَأتِي بهِ يَومَ القِيَامَةِ». فَقَامَ إليه رَجُلٌ أسْوَدُ مِنَ الأنْصَارِ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: «وَمَا لَكَ؟» قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا وكَذَا، قَالَ: «وَأَنَا أقُولُه الآنَ: مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِيءْ بقَلِيلِه وَكَثيره، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى». رواه مسلم.
قال ابن باز ﵁:
- الواجب على المسلم أن يأخذ ما أعطي، ويدع ما لم يعط، ولي الأمر يرتب له رواتب لك كل شهر كذا، كل سنة كذا، والباقي يحفظها لمصالح المسلمين، أما الذي يغل يجحد، هذا هو المصيبة.
- في هذا الحديث: وعيد شديد، وزجر أكيد في الخيانة من العامل، وأنه من الكبائر.

216 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيبَر أقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقَالُوا: فُلاَنٌ شَهِيدٌ، وفُلانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فقالوا: فُلانٌ شَهِيدٌ. فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «كَلاَّ، إنِّي رَأيْتُهُ في النَّار في بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءة». رواه مسلم.
217 - وعن أَبي قتادة الحارث بن ربعي - رضي الله عنه - عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَامَ فيهم، فَذَكَرَ لَهُمْ أنَّ الجِهَادَ في سبيلِ الله، وَالإِيمَانَ بالله أفْضَلُ الأعْمَالِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ الله، تُكَفَّرُ عَنّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ، إنْ قُتِلْتَ في سبيلِ اللهِ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبر». ثُمَّ قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ قُلْتَ؟» قَالَ: أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ الله، أتُكَفَّرُ عَنّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «نَعمْ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبِرٍ، إلاَّ الدَّيْنَ؛ فإنَّ جِبريلَ قَالَ لِي ذلِكَ » رواه مسلم.
قال ابن باز ﵁:
- من قتل في سبيل الله يسمى شهيدًا، ولا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات في المعركة ويدفن في ثيابه.
- الغلول عاقبته وخيمة وشره عظيم، ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [آل عمران: 161]، حتى ولو كان شهيدًا ولو قتل في سبيل الله.
قال ابن عثيمين ﵁:
- الشهادة في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين.
- دليلٌ على أنه لا ينبغي لنا أن نحكم على شخص بأنه شهيد، وإن قُتل في معركة بين المسلمين والكفار، لا نقول: فلان شهيد لاحتمال أن يكون غل شيئاً من الغنائم أو الفيء، ولو غلّ قرشاً واحداً، أو مسماراً زال عنه اسم الشهادة، وكذلك لاحتمال أن تكون نيته غير صواب، بأن ينوي بذلك الحمية أو أن يُرى مكانُه. لا تعين وتقول فلان شهيد إلا إذا عينه الرسول ﷺ، أو ذكر عند الرسول ﷺ وأقره، فحينئذ يحكم بشهادته بعينه، وإلا فلا تشهد لشخص بعينه.
- دليلٌ على أن الشهادة إذا قاتل الإنسان في سبيل الله صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر فإن ذلك يكفر عنه خطيئاته وسيئاته إلا الدّين، إذا كان عليه دين فإنه لا يسقط بالشهادة؛ لأنه حق آدمي، وحق الآدمي لابد من وفائه وفي هذا دليلٌ على عظم الدين، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يتساهل به.
- احرص على ألا تأخذ شيئاً بالتقسيط، وإن دعتك الضرورة إلى ذلك فاقتصر على أقل ما يمكن لك، الاقتصار عليه بعيداً عن الدين.

218 - وعن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ؟» قالوا: المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع، فَقَالَ: «إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بِصَلاَةٍ وصِيامٍ وَزَكاةٍ، ويأتي وقَدْ شَتَمَ هَذَا، وقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مالَ هَذَا، وسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أَنْ يُقضى مَا عَلَيهِ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ». رواه مُسلم.
قال ابن عثيمين ﵁:
- أما مفلس الدنيا فإن الدنيا تأتي وتذهب، ربما يكون الإنسان فقيراً فيمسي غنياً، أو بالعكس، لكن الإفلاس كل الإفلاس أن يفلس الإنسان من حسناته التي تعب عليها، وكانت أمامه يوم القيامة يشاهدها، ثم تؤخذ منه لفلان وفلان.
- في هذا تحذير من العدوان على الخلق، وأنه يجب على الإنسان أن يؤدي ما للناس في حياته قبل مماته، حتى يكون القصاص في الدنيا مما يستطيع، أما في الآخرة فليس هناك درهم ولا دينارٌ حتى يفدي نفسه، ليس فيه إلا الحسنات.
- هذا الحديث لا يعني أنه يخلد في النار، بل يعذب بقدر ما حصل عليه من سيئات الغير التي طرحت عليه، ثم بعد ذلك مآله إلى الجنة؛ لأن المؤمن لا يخلد في النار، ولكن النار حرها شديد، لا يصبر الإنسان على النار ولو للحظة واحدة، هذا على نار الدنيا فضلاً عن نار الآخرة، أجارنا الله وإياكم منها.
قال ابن باز ﵁:
- يجب أن يحاسب المسلم نفسه ويتحرى الوقوف عند الحدود، وحفظ الجوارح عما لا ينبغي، والحذر من ظلمه للمعصومين، حتى ولو للدواب حتى الدابة لا يظلمها بغير حق، يضربها بغير حق، يقصر في علفها وهو يستعملها قد حبسها عنده.

219 - وعن أم سلمة رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّمَا أنا بَشَرٌ، وَإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ ألْحَنَ بِحُجّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فأَقْضِيَ ِنَحْوِ مَا أسْمعُ، فَمَنْ قَضَيتُ لَهُ بِحَقِّ أخِيهِ فَإِنَّما أقطَعُ لَهُ قِطعةً مِنَ النَّارِ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
«ألْحَن» أي: أعلم.
قال ابن عثيمين ﵁:
- في هذا الحديث دليلٌ على أن الرسول ﷺ بشر مثلنا، ليس ملاكاً من الملائكة، بل هو بشر يعتريه ما يعتري البشر بمقتضى الطبيعة البشرية، فهو ﷺ يجوع ويعطش، ويبرد ويحتر، وينام ويستيقظ، ويأكل ويشرب، ويذكر وينسى، ويعلم ويجهل بعض الشي كالبشر تماماً، لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً.
- الواجب على القاضي أن يحكم بالظاهر، والباطن يتولاه الله ﷿، فلو ادّعى شخص على آخر بمائة ريال وأتى المدعي بشهود اثنين، فعلى القاضي أن يحكم بثبوت المائة في ذمة المدعى عليه، وإن كان يشتبه في الشهود، إلا أنه في حال الاشتباه يجب أن يتحرى، لكن إذا لم يوجد قدح ظاهر فإنه يجب عليه أن يحكم، وإن غلب على ظنه أن الأمر بخلاف ذلك، لقوله: (إنما أقضي بنحو ما أسمع).
- في هذا الحديث التحذير الشديد من حكم الحاكم بغير ما بين يديه من الوثائق، مهما كان الأمر، ولو كان أقرب قريب لك، واختلف العلماء رحمهم الله: هل يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه أم لا؟ فقيل: لا يجوز؛ لأنه قال: (فأقضي له بنحو ما أسمع) ولأنه لو قضى بعلمه لأدى ذلك إلى التهمة؛ لأن العلم ليس شيئاً ظاهراً يعرفه الناس حتى يحكم له به، وقال بعض العلماء: بل يحكم بعلمه، وقال آخرون: بل يتوقف إذا وصلت البينة إلى ما يخالف علمه. والأصح أنه لا يحكم بعلمه إلا في مسائل خاصة، والقول الصحيح في هذا هو التفصيل، وإلا فإن الواجب أن يكون القضاء على حسب الظاهر لا على حسب علم القاضي.
قال ابن باز ﵁:
- القاضي والحاكم مأجور على اجتهاده إذا تحرى الحق وطلب الحق ولم يقصر فهو مأجور، إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر.

220 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِنْ دِينهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵁:
- في هذا دليلٌ على أن إصابة الدم بالحرام من كبائر الذنوب، ولا شك في هذا، فإن قتل النفس التي حرم الله بغير حق من كبائر الذنوب.
- من تاب من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وآمن وعمل عملاً صالحاً، فإن الله يتوب عليه. ولكن بماذا تكون التوبة؟ قتل المؤمن عمداً يتعلق به ثلاثة حقوق: الحق الأول: حق الله، الحق الثاني: حق المقتول، الحق الثالث: حق أولياء المقتول.
• أما حق الله: فإذا تاب منه تاب الله عليه ولا شك في هذا.
• أما حق المقتول: فالمقتول حقه عنده، وهو قد قتل الآن ولا يمكن التحلل منه في الدنيا، ولكن هل توبته تقتضي أن يتحمل الله عنه حق المقتول فيؤديه عنه أم لابد من أخذه بالاقتصاص منه يوم القيامة.
• أما الحق الثالث فهو حق أولياء المقتول، وهذا لابد من التخلص منه، لأنه يمكن للإنسان أن يتخلص منه، وذلك بأن يسلم نفسه إليهم ويقول لهم: أنا قتلت صاحبكم فافعلوا ما شئتم، وحينئذ يخيرون بين أمور أربعة: إما أن يعفوا عنه مجاناً، وإما أن يقتلوه قصاصاً، وأما أن يأخذوا الدية منه، وإما أن يصالحوه مصالحة على أقل من الدية أو على الدية، وهذا جائز بالاتفاق.
- هذا الحديث يدل على عظم قتل النفس، وأنه من أكبر الكبائر والعياذ بالله، وأن القاتل عمداً يخشى أن يسلب دينه.
قال ابن باز ﵁:
- سفك الدماء من أخطر المعاصي والكبائر؛ لأن فيه ظلم المقتول وظلم أقاربه والعدوان عليه بغير حق، ففيه غضب الله، قد جمع بين أنواع الشر.
- الواجب على المؤمن أن يحذر الظلم بجميع أنواعه، ولكن إذا كان في الدماء صار الأمر أشد، فليس بعد الشرك أعظم من سفك الدماء بغير حق.

221 - وعن خولة بنتِ ثامر الأنصارية، وهي امرأة حمزة - رضي الله عنه - وعنها، قَالَتْ: سمعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ الله بغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵁:
- كل من يتصرف تصرفاً غير شرعي في المال- سواء ماله أو مال غيره- فإن له النار -والعياذ بالله- يوم القيامة إلا أن يتوب، فيرد المظالم إلى أهلها، ويتوب مما يبذل ماله فيه من الحرام؛ كالدخان والخمر وما أشبه ذلك، فإنه ممن تاب الله عليه، لقول الله تعالى ﴿وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ‎﴿٥٤﴾‏ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾‎﴿٥٥﴾﴿‏ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾﴿٥٦﴾﴿‏ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ‎﴾﴿٥٧﴾﴿‏ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾﴿٥٨﴾﴿بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [الزمر: 53-59].
- في هذا الحديث تحذير من بذل المال في غير ما ينفع والتخوض فيه؛ لأن المال جعله الله قياماً للناس تقوم به مصالح دينهم ودنياهم، فإذا بذله في غير مصلحة كان من المتخوضين في مال الله بغير حق.
قال ابن باز ﵁:
- هذا يدل على أن التصرف في الأموال بغير وجه شرعي يلحق بالظلم وبالوعيد الشديد في ذلك.