كتَاب الحَجّ
باب وجوب الحج وفضله
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97].
1271 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بُنِي الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1272 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: خَطَبَنَا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الحَجَّ فَحُجُّوا» فَقَالَ رَجُلٌ: أكُلَّ عَامٍ يَا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» ثُمَّ قَالَ: «ذَرُوني مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ، وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ، فَإذَا أمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْءٍ فَدَعُوهُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الحج لا يجب إلا مرة، إلا إذا نذر الإنسان أن يحج فليحج، لكن بدون نذر لا يجب إلا مرة؛ لأن النبي ﷺ حين سئل: في كل عام قال: (لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم). الحج مرة فما زاد فهو تطوع، وهذا من نعمة الله ﷿ أنه لم يفرضه إلا مرة واحدة في العمر؛ وذلك لأنّ غالب الناس يشق عليهم الوصول إلى مكة وهذا من الحكمة.
- (ذروني ما تركتكم) يعني: لا تسألوا عن أشياء أنا ساكت عنها ما دمت ساكت عن الشيء فاسكتوا عنه؛ لأنّ أعظم الناس جرماً من سأل عن مسألة حلال فحرمت من أجل مسألته، أو عن مسألة غير واجبة فوجبت من أجل مسألته.
- بعد موت النبي ﷺ لا بأس أن يسأل الناس العلماء عن أمور دينهم لأن الشرع انتهى ما في تحليل ولا تحريم ولا إيجاب ولا إسقاط.
- الحج لا يجب إلا مرة، إلا إذا نذر الإنسان أن يحج فليحج، لكن بدون نذر لا يجب إلا مرة؛ لأن النبي ﷺ حين سئل: في كل عام قال: (لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم). الحج مرة فما زاد فهو تطوع، وهذا من نعمة الله ﷿ أنه لم يفرضه إلا مرة واحدة في العمر؛ وذلك لأنّ غالب الناس يشق عليهم الوصول إلى مكة وهذا من الحكمة.
- (ذروني ما تركتكم) يعني: لا تسألوا عن أشياء أنا ساكت عنها ما دمت ساكت عن الشيء فاسكتوا عنه؛ لأنّ أعظم الناس جرماً من سأل عن مسألة حلال فحرمت من أجل مسألته، أو عن مسألة غير واجبة فوجبت من أجل مسألته.
- بعد موت النبي ﷺ لا بأس أن يسأل الناس العلماء عن أمور دينهم لأن الشرع انتهى ما في تحليل ولا تحريم ولا إيجاب ولا إسقاط.
1273 - وعنه، قَالَ: سُئِلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «إيمَانٌ بِاللهِ وَرسولِهِ» قيل: ثُمَّ ماذا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبرُورٌ». متفقٌ عَلَيْهِ.
«المبرور» هُوَ: الَّذِي لا يرتكِبُ صاحِبُهُ فِيهِ معصيةً.
1274 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ حَجَّ، فَلَمْ يَرْفُثْ ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1275 - وعنه: أنَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَينَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّةَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1276 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قَالَت: قُلْتُ: يَا رسول الله، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفَلاَ نُجَاهِدُ؟ فَقَالَ: «لَكُنَّ أفْضَلُ الجِهَادِ: حَجٌّ مَبْرُورٌ». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هذا بالنسبة للنساء، فالنساء جهادهن هو الحج، أما الرجال فالجهاد في سبيل الله أفضل من الحج إلا الفريضة، فإنّها أفضل من الجهاد في سبيل الله لأنّ الفريضة ركن من أركان الإسلام.
- في هذه الأحاديث عموماً دليلٌ على أنّ الأعمال تتفاضل بحسب العامل ففي حديث أبي هريرة قال رسول الله ﷺ: أفضل الأعمال الإيمان بالله ثم الجهاد في سبيل الله ثم الحج وفي حديث ابن مسعود أنه سأل النبي ﷺ: أي الأعمال أحب إلى الله قال: (الصلاة على وقتها)، قال: ثم أي قال: (بر الوالدين)، قال: ثم أي قال: (الجهاد في سبيل الله)، فكلٌ يخاطب بما يليق بحاله وكما قال رسول الله ﷺ للرجل الذي قال: أوصني قال: (لا تغضب) ما قال أوصيك بتقوى الله وبالعمل الصالح لأن هذا الرجل يليق بحاله أن يوصي بترك الغضب لأنه غضوب فالرسول ﷺ يخاطب كل إنسان بما يليق بحاله ويعلم هذا بتتبع الأدلة العامة في الشريعة وبيان مراتب الأعمال.
- هذا بالنسبة للنساء، فالنساء جهادهن هو الحج، أما الرجال فالجهاد في سبيل الله أفضل من الحج إلا الفريضة، فإنّها أفضل من الجهاد في سبيل الله لأنّ الفريضة ركن من أركان الإسلام.
- في هذه الأحاديث عموماً دليلٌ على أنّ الأعمال تتفاضل بحسب العامل ففي حديث أبي هريرة قال رسول الله ﷺ: أفضل الأعمال الإيمان بالله ثم الجهاد في سبيل الله ثم الحج وفي حديث ابن مسعود أنه سأل النبي ﷺ: أي الأعمال أحب إلى الله قال: (الصلاة على وقتها)، قال: ثم أي قال: (بر الوالدين)، قال: ثم أي قال: (الجهاد في سبيل الله)، فكلٌ يخاطب بما يليق بحاله وكما قال رسول الله ﷺ للرجل الذي قال: أوصني قال: (لا تغضب) ما قال أوصيك بتقوى الله وبالعمل الصالح لأن هذا الرجل يليق بحاله أن يوصي بترك الغضب لأنه غضوب فالرسول ﷺ يخاطب كل إنسان بما يليق بحاله ويعلم هذا بتتبع الأدلة العامة في الشريعة وبيان مراتب الأعمال.
1277 - وعنها: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أكْثَرَ مِنْ أَن يَعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ». رواه مسلم.
1278 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً - أَوْ حَجَّةً مَعِي». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن باز ﵀:
- العمرة في جميع السنة، فقد اعتمر النبي ﷺ في ذي القعدة أربعة عمر، فالمشروع أن يعتمر الإنسان كلما تيسر له العمرة في جميع السنة، أما في رمضان فلها مزية وخصوصية، فهي تعدل حجة، أو حجة مع رسول الله ﷺ.
- العمرة في جميع السنة، فقد اعتمر النبي ﷺ في ذي القعدة أربعة عمر، فالمشروع أن يعتمر الإنسان كلما تيسر له العمرة في جميع السنة، أما في رمضان فلها مزية وخصوصية، فهي تعدل حجة، أو حجة مع رسول الله ﷺ.
1279 - وعنه: أنَّ امرأة قالت: يَا رسول الله، إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ في الحَجِّ، أدْرَكَتْ أَبي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أفَأحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1280 - وعن لقيط بن عامر - رضي الله عنه: أنَّه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لاَ يَسْتَطِيعُ الحَجَّ، وَلاَ العُمْرَةَ، وَلاَ الظَّعَنَ؟ قَالَ: «حُجَّ عَنْ أبِيكَ وَاعْتَمِرْ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان إذا عجز عن الحج عجزاً لا يرجى زواله كالكبر والمرض الذي لا يرجى شفاؤه وما أشبه ذلك فإنه يحج عنه. وفي هذا دليل على أن المرأة يجوز أن تحج عن الرجل وكذلك الرجل يجوز أن يحج عن المرأة، والرجل عن الرجل، والمرأة عن المرأة.. كل ذلك جائز.
- الإنسان إذا حج فإنه يجب عليه وهو نائب لغيره أن يفعل كل ما في وسعه من تمام الحج من أركانه وواجباته ومكملاته؛ لأنّه نائب عن غيره فلا ينبغي له أن يهمل فيما يقوم به عن الغير، بخلاف من حج لنفسه فمن حج لنفسه وترك المستحب فلا بأس، لكن الحج عن الغير تؤديه بقدر ما تستطيع والله الموفق.
- الإنسان إذا عجز عن الحج عجزاً لا يرجى زواله كالكبر والمرض الذي لا يرجى شفاؤه وما أشبه ذلك فإنه يحج عنه. وفي هذا دليل على أن المرأة يجوز أن تحج عن الرجل وكذلك الرجل يجوز أن يحج عن المرأة، والرجل عن الرجل، والمرأة عن المرأة.. كل ذلك جائز.
- الإنسان إذا حج فإنه يجب عليه وهو نائب لغيره أن يفعل كل ما في وسعه من تمام الحج من أركانه وواجباته ومكملاته؛ لأنّه نائب عن غيره فلا ينبغي له أن يهمل فيما يقوم به عن الغير، بخلاف من حج لنفسه فمن حج لنفسه وترك المستحب فلا بأس، لكن الحج عن الغير تؤديه بقدر ما تستطيع والله الموفق.
1281 - وعن السائب بن يزيد - رضي الله عنه - قَالَ: حُجَّ بي مَعَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في حَجةِ الوَدَاعِ، وَأنَا ابنُ سَبعِ سِنينَ. رواه البخاري.
1282 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَ رَكْبًا بالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: «مَنِ القَوْمُ؟» قالوا: المسلِمُونَ. قالوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: «رسولُ اللهِ». فَرَفَعَتِ امْرَأةٌ صَبيًّا، فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أجْرٌ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- جواز حج الصبيان والصبي يفعل ما يفعله الكبير وإذا عجز عن شيء فإنه يفعل عنه إن كان مما تدخله النيابة أو يحمل إذا كان مما لا تدخله النيابة فمثلاً إذا كان لا يستطيع أن يطوف أو يسعى يحمل إذا كان لا يستطيع أن يرمي يرمى عنه لأن حمله في الجمرات فيه مشقة ولا فائدة من حمله لأنه ليس رمياً بيده لهذا نقول: في الطواف والسعي يحمل وفي الرمي يرمى عنه.
- الطائف والساعي هل يسعى لنفسه وهو حامل طفله ينوي به السعي عن نفسه وعن طفله والطواف عن نفسه وعن طفله؟ نقول: لا فيه تفصيل: إن كان الطفل يعقل النية وقال له وليه: انو الطواف انو السعي فلا بأس أن يطوف به وهو حامله ينوي عن نفسه والصبي عن نفسه، وإن كان لا يعقل النية فإنه لا يطوف به وينوي نيتين: نية لنفسه ونية لمحموله بل يطوف أولا عن نفسه ثم يحمل صبيه فيطوف به أو يجعله مع إنسان آخر يطوف به وذلك لأنه لا يمكن أن يكون عمل واحد بنيتين فهذا هو التفريق في مسألة الطواف به.
قال ابن باز ﵀:
- إذا بلغ الصبي وجب عليه أن يحج حجة الإسلام إن استطاع، وهكذا العبد حجه نافلة، إذا عتق حج حجة الإسلام إن استطاع.
- جواز حج الصبيان والصبي يفعل ما يفعله الكبير وإذا عجز عن شيء فإنه يفعل عنه إن كان مما تدخله النيابة أو يحمل إذا كان مما لا تدخله النيابة فمثلاً إذا كان لا يستطيع أن يطوف أو يسعى يحمل إذا كان لا يستطيع أن يرمي يرمى عنه لأن حمله في الجمرات فيه مشقة ولا فائدة من حمله لأنه ليس رمياً بيده لهذا نقول: في الطواف والسعي يحمل وفي الرمي يرمى عنه.
- الطائف والساعي هل يسعى لنفسه وهو حامل طفله ينوي به السعي عن نفسه وعن طفله والطواف عن نفسه وعن طفله؟ نقول: لا فيه تفصيل: إن كان الطفل يعقل النية وقال له وليه: انو الطواف انو السعي فلا بأس أن يطوف به وهو حامله ينوي عن نفسه والصبي عن نفسه، وإن كان لا يعقل النية فإنه لا يطوف به وينوي نيتين: نية لنفسه ونية لمحموله بل يطوف أولا عن نفسه ثم يحمل صبيه فيطوف به أو يجعله مع إنسان آخر يطوف به وذلك لأنه لا يمكن أن يكون عمل واحد بنيتين فهذا هو التفريق في مسألة الطواف به.
قال ابن باز ﵀:
- إذا بلغ الصبي وجب عليه أن يحج حجة الإسلام إن استطاع، وهكذا العبد حجه نافلة، إذا عتق حج حجة الإسلام إن استطاع.
1283 - عن أنسٍ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكانت زَامِلَتهُ . رواه البخاري.
قال ابن باز ﵀:
- يدل على تواضعه ﷺ، وأنّه حجّ على راحلةٍ فيها متاعه، فيها زهاية حاجته.
- يدل على تواضعه ﷺ، وأنّه حجّ على راحلةٍ فيها متاعه، فيها زهاية حاجته.
1284 - وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَتْ عُكَاظُ، وَمَجِنَّةُ، وَذُو المَجَازِ أسْوَاقًا في الجَاهِلِيَّةِ، فَتَأثَّمُوا أن يَتَّجِرُوا في المَوَاسِمِ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: 198] في مَوَاسِمِ الحَجِّ. رواه البخاري.
قال ابن باز ﵀:
- لا حرج على الإنسان أن يبيع ويشتري في مكة وفي المدينة وفي الطريق، وإن كان أتى للحج أو العمرة.
- لا حرج على الإنسان أن يبيع ويشتري في مكة وفي المدينة وفي الطريق، وإن كان أتى للحج أو العمرة.