باب الحلم والأناة والرفق
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنينَ﴾ [آل عمران: 134]، وقال تَعَالَى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلينَ﴾ [الأعراف: 199]، وقال تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحْسَنُ فَإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾ [فصلت: 34 - 35]، وقال تَعَالَى: ﴿وَلَمنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾
[الشورى: 43].
631 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَشَجِّ عَبْدِ القَيْسِ: «إنَّ فيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالأنَاةُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الحلم: عندما يثار الإنسان ويجنى عليه ويعتدى عليه يحلم، لكنّه ليس كالحمار لا يبالي بما فعل به، يتأثر لكن يكون حليماً لا يتعجل بالعقوبة، حتى إذا صارت العقوبة خيراً من العفو أخذ بالعقوبة.
- والأناة: التأني في الأمور وعدم التسرع، وما أكثر ما يهلك الإنسان ويزل بسبب التعجل في الأمور، وسواء في نقل الأخبار، أو في الحكم على ما سمع، أو في غير ذلك، فمن الناس مثلاً من يتخطف الأخبار بمجرد ما يسمع الخبر يحدِّث به وينقله، وقد جاء في الحديث (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)، ومن الناس من يتسرع في الحكم، سمع عن شخص شيئاً من الأشياء، ويتأكد أنه قاله أو أنه فعله ثم يتسرع في الحكم عليه، أنه أخطأ أو ضلّ أو ما أشبه ذلك، وهذا غلط، التأني في الأمور، كله خير.
- الحلم: عندما يثار الإنسان ويجنى عليه ويعتدى عليه يحلم، لكنّه ليس كالحمار لا يبالي بما فعل به، يتأثر لكن يكون حليماً لا يتعجل بالعقوبة، حتى إذا صارت العقوبة خيراً من العفو أخذ بالعقوبة.
- والأناة: التأني في الأمور وعدم التسرع، وما أكثر ما يهلك الإنسان ويزل بسبب التعجل في الأمور، وسواء في نقل الأخبار، أو في الحكم على ما سمع، أو في غير ذلك، فمن الناس مثلاً من يتخطف الأخبار بمجرد ما يسمع الخبر يحدِّث به وينقله، وقد جاء في الحديث (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع)، ومن الناس من يتسرع في الحكم، سمع عن شخص شيئاً من الأشياء، ويتأكد أنه قاله أو أنه فعله ثم يتسرع في الحكم عليه، أنه أخطأ أو ضلّ أو ما أشبه ذلك، وهذا غلط، التأني في الأمور، كله خير.
632 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ رفيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّه». متفقٌ عَلَيْهِ.
633 - وعنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطي عَلَى الرِّفق، مَا لاَ يُعْطِي عَلَى العُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ». رواه مسلم.
634 - وعنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ في شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- فيه الحثّ على أن يكون الإنسان رفيقاً في جميع شؤونه، رفيقاً في معاملة أهله، وفي معاملة إخوانه، وفي معاملة أصدقائه، وفي معاملة عامة الناس يرفق بهم، فإن الله ﷿ رفيقٌ يحب الرفق.
- إنّ الإنسان إذا عامل الناس بالرفق يجد لذة وانشراحاً، وإذا عاملهم بالشدة والعنف ندم، ثم قال ليتني لم أفعل، لكن بعد أن يفوت الأوان، أما إذا عاملهم بالرفق واللين والأناة انشرح صدره، ولم يندم على شيء فعله.
قال ابن باز ﵀:
- المؤمن يتحرى الرفق مع أهله مع أولاده مع خدمه مع عماله مع جيرانه، مع أصدقائه، ويبتعد عن العنف مهما أمكن، وبذلك تحصل له المحبة والوئام مع إخوانه، ويثني عليه وتقضي حوائج شؤونه وتُقضى حوائج غيره، أما مع العنف والشدة فيكثر الخصوم ويقلُّ الأصدقاء وتكثرُ الشحناء وتسوء العاقبة إلا من رحم الله.
- فيه الحثّ على أن يكون الإنسان رفيقاً في جميع شؤونه، رفيقاً في معاملة أهله، وفي معاملة إخوانه، وفي معاملة أصدقائه، وفي معاملة عامة الناس يرفق بهم، فإن الله ﷿ رفيقٌ يحب الرفق.
- إنّ الإنسان إذا عامل الناس بالرفق يجد لذة وانشراحاً، وإذا عاملهم بالشدة والعنف ندم، ثم قال ليتني لم أفعل، لكن بعد أن يفوت الأوان، أما إذا عاملهم بالرفق واللين والأناة انشرح صدره، ولم يندم على شيء فعله.
قال ابن باز ﵀:
- المؤمن يتحرى الرفق مع أهله مع أولاده مع خدمه مع عماله مع جيرانه، مع أصدقائه، ويبتعد عن العنف مهما أمكن، وبذلك تحصل له المحبة والوئام مع إخوانه، ويثني عليه وتقضي حوائج شؤونه وتُقضى حوائج غيره، أما مع العنف والشدة فيكثر الخصوم ويقلُّ الأصدقاء وتكثرُ الشحناء وتسوء العاقبة إلا من رحم الله.
635 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: بَال أعْرَابيٌّ في المسجدِ، فَقَامَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيَقَعُوا فِيهِ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «دَعُوهُ وَأَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ، فَإنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَم تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ». رواه البخاري.
«السَّجْلُ» بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: وَهِيَ الدَّلو الْمُمْتَلِئَةُ مَاءً، وَكَذلِكَ الذَّنُوبُ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان الجاهل لا يعامل كما يعامل العالم؛ لأن العالم معاند، والجاهل متطلع للعلم فيعذر بجهله، ولهذا عذره النبي ﷺ ورفق به.
- أنّ الشرع يقتضي دفع أعلى المفسدتين بأدناهما، يعني إذا كان هناك مفسدتان ولابد من ارتكاب أحدهما؛ فإن يرتكب الأسهل.
- إذا اجتمعت مفسدتان لابد من ارتكاب إحداهما، فإنه يرتكب الأسهل والأخف، دفعاً للأعلى، كما إنه إذا اجتمعت مصالح ولا يمكن فعل جميعها، فإنه يؤخذ بالأعلى فالأعلى، ففي المصالح يقدم الأعلى، وفي المفاسد يقدم الأسهل والأدنى.
- وجوب تطهير المسجد وأنه فرض كفاية؛ لقول الرسول ﷺ: (أريقوا على بوله سجلاً من ماء) فيجب على من رأى نجاسة في المسجد أن يطهرها بنفسه، أو يبلغ من هو معني بالمسجد ومسؤول عنه حتى يقوم بتطهيرها.
- اشتراط طهارة مكان المصّلي، فالمصلّي يجب عليه أن يطهر ثوبه وبدنه ومكان صلاته، لابد من ذلك سواءً كانت أرضاً أو فراشاً أو غير ذلك، المهم أنه لابد من طهارة مكان المصلي.
- أنّ الأرض يكفي في تطهيرها أن يصب على النجاسة ماء مرة واحدة، فإذا عمرت بالماء طهرت، لكن إن كانت النجاسة ذات جرم كالغائط والروث وما أشبهها؛ فلابد من زوال هذا الجرم، وبعدها يطهر المحل بصب ماءٍ عليه.
- الصحيح أن النجاسة تطهر بكل ما يزيلها من ماء أو بنزين، أو غيره، وإنما أمر النبي ﷺ بصب الماء على مكان البول؛ لأنه أسرع في تطهير المكان، ولكن متى زالت النجاسة طهر المحل بأي مزيل كان؛ لأن النجاسة عين خبيثة نجسة، متى زالت عاد المحل إلى طهارته بأي شيءٍ كان.
- حسن خلق الرسول ﷺ ، وتعليمه، ورفقه، وأن هذا هو الذي ينبغي لنا إذا دعونا إلى الله، أو أمرنا بمعروف، أو نهينا عن منكر أن نرفق؛ لأنّ الرفق يحصل به الخير، والعنف يحصل به الشر، ربما إذا عنفت أن يحصل من قبيلك ما يسمونه برد الفعل ولا يقبل منك شيئاً، يرد الشرع من أجلك، لكن إذا رفقت وتأنيت فهذا هو الأقرب إلى الإجابة.
- أنّ الرسول ﷺ جعل هذه الأمة مبعوثة، فقال: (فإنما بعثتم) مع أنّ المبعوث هو، لكن أمته يجب أن تقوم مقامه في الدعوة إلى دينه ﵀، وأن يكون الإنسان كأنه المبعوث وكأنّه الرسول في تبليغ الشرع، ولهذا قال الرسول ﷺ: (ليبلغ الشاهد منكم الغائب) فنحن أمة محمد ﷺ علينا أن نبلغ شرعه إلى جميع الناس، ولهذا قال: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) .
- أن الإنسان ينبغي له أن يرفق في الدعوة، وفي الأمر، وفي النهي.
- الإنسان الجاهل لا يعامل كما يعامل العالم؛ لأن العالم معاند، والجاهل متطلع للعلم فيعذر بجهله، ولهذا عذره النبي ﷺ ورفق به.
- أنّ الشرع يقتضي دفع أعلى المفسدتين بأدناهما، يعني إذا كان هناك مفسدتان ولابد من ارتكاب أحدهما؛ فإن يرتكب الأسهل.
- إذا اجتمعت مفسدتان لابد من ارتكاب إحداهما، فإنه يرتكب الأسهل والأخف، دفعاً للأعلى، كما إنه إذا اجتمعت مصالح ولا يمكن فعل جميعها، فإنه يؤخذ بالأعلى فالأعلى، ففي المصالح يقدم الأعلى، وفي المفاسد يقدم الأسهل والأدنى.
- وجوب تطهير المسجد وأنه فرض كفاية؛ لقول الرسول ﷺ: (أريقوا على بوله سجلاً من ماء) فيجب على من رأى نجاسة في المسجد أن يطهرها بنفسه، أو يبلغ من هو معني بالمسجد ومسؤول عنه حتى يقوم بتطهيرها.
- اشتراط طهارة مكان المصّلي، فالمصلّي يجب عليه أن يطهر ثوبه وبدنه ومكان صلاته، لابد من ذلك سواءً كانت أرضاً أو فراشاً أو غير ذلك، المهم أنه لابد من طهارة مكان المصلي.
- أنّ الأرض يكفي في تطهيرها أن يصب على النجاسة ماء مرة واحدة، فإذا عمرت بالماء طهرت، لكن إن كانت النجاسة ذات جرم كالغائط والروث وما أشبهها؛ فلابد من زوال هذا الجرم، وبعدها يطهر المحل بصب ماءٍ عليه.
- الصحيح أن النجاسة تطهر بكل ما يزيلها من ماء أو بنزين، أو غيره، وإنما أمر النبي ﷺ بصب الماء على مكان البول؛ لأنه أسرع في تطهير المكان، ولكن متى زالت النجاسة طهر المحل بأي مزيل كان؛ لأن النجاسة عين خبيثة نجسة، متى زالت عاد المحل إلى طهارته بأي شيءٍ كان.
- حسن خلق الرسول ﷺ ، وتعليمه، ورفقه، وأن هذا هو الذي ينبغي لنا إذا دعونا إلى الله، أو أمرنا بمعروف، أو نهينا عن منكر أن نرفق؛ لأنّ الرفق يحصل به الخير، والعنف يحصل به الشر، ربما إذا عنفت أن يحصل من قبيلك ما يسمونه برد الفعل ولا يقبل منك شيئاً، يرد الشرع من أجلك، لكن إذا رفقت وتأنيت فهذا هو الأقرب إلى الإجابة.
- أنّ الرسول ﷺ جعل هذه الأمة مبعوثة، فقال: (فإنما بعثتم) مع أنّ المبعوث هو، لكن أمته يجب أن تقوم مقامه في الدعوة إلى دينه ﵀، وأن يكون الإنسان كأنه المبعوث وكأنّه الرسول في تبليغ الشرع، ولهذا قال الرسول ﷺ: (ليبلغ الشاهد منكم الغائب) فنحن أمة محمد ﷺ علينا أن نبلغ شرعه إلى جميع الناس، ولهذا قال: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) .
- أن الإنسان ينبغي له أن يرفق في الدعوة، وفي الأمر، وفي النهي.
636 - وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- قوله: (يسروا) يعني اسلكوا ما فيه اليسر والسهولة سواء كان فيما يتعلق بأعمالكم أو معاملاتكم مع غيركم، ولهذا كان النبي ﷺ من هديه أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه.
- اختر الأيسر لك في كل أحوالك، في العبادات، في المعاملات مع الناس، في كل شيء؛ لأن اليسر هو الذي يريده الله ﷿ منا، ويريده بنا: ﴿یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ﴾ [البقرة: 185]، فمثلاً إذا كان لك طريقان إلى المسجد؛ أحدهما صعب فيه حصى وأحجار وأشواك والثاني سهل، فالأفضل أن تسلك الأسهل، وإذا كان هناك ماءان وأنت في الشتاء، وكان أحدهما بارد يؤلمك والثاني ساخن ترتاح له، فالأفضل أن تستعمل الساخن، لأنه أيسر وأسهل، وإذا كان يمكن أن تحج على سيارة أو تحج على بعير والسيارة أسهل، فالحج على السيارة أفضل، فالمهم أنه كل ما كان أيسر فهو أفضل ما لم يكن إثماً؛ لأن أم المؤمنين عائشة ﵂ تقول: "كان الرسول ﷺ ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً".
- إذا كان فعل العبادة لا يتأتى إلا بمشقة، وهذه المشقة لا تسقطها عنك ففعلتها على مشقة، فهذا أجر يزداد لك، فإن إسباغ الوضوء على المكاره مما يرفع الله به الدرجات ويكفر به الخطايا، لكن كون الإنسان يذهب إلى الأصعب مع إمكان الأسهل هذا خلاف الأفضل، فالأفضل اتباع الأسهل في كل شيء.
- في مزاولة الأعمال إذا رأيت أنك إذا سلكت هذا العمل فهو أسهل وأقرب ويحصل به المقصود؛ فلا تتعب نفسك في أعمال أخرى أكثر من اللازم وأنت لا تحتاج إليها؛ فافعل ما هو أسهل في كل شيء، وهذه قاعدة: أن اتباع الأسهل والأيسر هو الأرفق بالنفس والأفضل عند الله.
- (ولا تعسروا) يعني لا تسلكوا طرق العسر لا في عبادتكم، ولا في معاملاتكم، ولا في غير ذلك، فإن هذا منهي عنه فلا تعسر.
- (وبشروا) بشروا يعني اجعلوا طريقكم دائماً البشارة، بشروا أنفسكم وبشروا غيركم، يعني إذا عملت عملاً فاستبشر وبشر نفسك، فإذا عملت عملاً صالحاً فبشر نفسك بأنه سيقبل منك إذا اتقيت الله فيه، لأن الله يقول: ﴿ إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [(المائدة: 27]، وإذا دعوت الله فبشر نفسك أن الله يستجيب لك؛ لأن الله ﷾ يقول: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غافر: 60].
- النبي ﷺ كان يكره الطيرة ويعجبه الفأل؛ لأن الإنسان إذا تفاءل نشط واستبشر وحصل له خير، وإذا تشاءم فإنه يتحسر، وتضيق نفسه، ولا يقدم على العمل، ويعمل وكأنه مكره، فأنت بشر نفسك، كذلك بشر غيرك، فإذا جاءك إنسان، قال فعلت كذا وفعلت كذا وهو خائف فبشره، وأدخل عليه السرور، لا سيما في عيادة المريض؛ فإذا عدت مريضاً فقل له أبشر بالخير، وأنت على خير، ودوام الحال من المحال، والإنسان عليه أن يصبر ويحتسب ويؤجر على ذلك، وما أشبه ذلك، وبشره قائلاً: أنت اليوم وجهك طيب، وما أشبه ذلك؛ لأنك بهذا تدخل عليه السرور، وتبشره، فاجعل طريقك هكذا فيما تعامل به نفسك وفيما تعامل به غيرك، الزم البشارة، وأدخل السرور على نفسك، وأدخل السرور على غيرك، فهذا هو الخير.
- التنفير لا ينبغي؛ فلا تنفر الناس بل لِنْ لهم، حتى في الدعوة إلى الله ﷿ لا تدعُهم إلى الله دعوة منفر، لا تقل إذا رأيت إنساناً على خطأ: يا فلان أنت خالفت، أنت عصيت، أنت فيك. إلى آخر، هذا ينفرهم، ويزيدهم في التمادي في المعصية، ولكن ادعهم بهونٍ ولين حتى يألفك ويألف ما تدعو إليه، وبذلك تمتثل أمر النبي ﷺ في قوله: (بشروا ولا تنفروا) .
قال ابن باز﵀:
- المؤمن يتحرى للدين كله، لا يرخص فيما حرم الله ولا يشد فيما يسر الله فيه، ولكن يتحرى الرفق في الأمور كلها حسب ما جاءت الشريعة، فلا جفاء ولا إفراط وغلو، ولكن وسط في أمره بالمعروف وفي نهيه عن منكر وتعليم أولاده وفي تأديب زوجته، وفي غير هذا من الأمور مع جيرانه مع أصدقائه، يكون رفيقاً في نصيحته في توجيهه في تعليمه في دعواه، خصومته، لا يكون عنيفا يكون رفيقاً حليماً ذا أناة وتؤدة وحلم حتى تقضى الحقوق بالرفق والسهولة وحتى لا ينفر منه أخيه، ويسبب الشحناء والعداوة.
- قوله: (يسروا) يعني اسلكوا ما فيه اليسر والسهولة سواء كان فيما يتعلق بأعمالكم أو معاملاتكم مع غيركم، ولهذا كان النبي ﷺ من هديه أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس عنه.
- اختر الأيسر لك في كل أحوالك، في العبادات، في المعاملات مع الناس، في كل شيء؛ لأن اليسر هو الذي يريده الله ﷿ منا، ويريده بنا: ﴿یُرِیدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡیُسۡرَ وَلَا یُرِیدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ﴾ [البقرة: 185]، فمثلاً إذا كان لك طريقان إلى المسجد؛ أحدهما صعب فيه حصى وأحجار وأشواك والثاني سهل، فالأفضل أن تسلك الأسهل، وإذا كان هناك ماءان وأنت في الشتاء، وكان أحدهما بارد يؤلمك والثاني ساخن ترتاح له، فالأفضل أن تستعمل الساخن، لأنه أيسر وأسهل، وإذا كان يمكن أن تحج على سيارة أو تحج على بعير والسيارة أسهل، فالحج على السيارة أفضل، فالمهم أنه كل ما كان أيسر فهو أفضل ما لم يكن إثماً؛ لأن أم المؤمنين عائشة ﵂ تقول: "كان الرسول ﷺ ما خير بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً".
- إذا كان فعل العبادة لا يتأتى إلا بمشقة، وهذه المشقة لا تسقطها عنك ففعلتها على مشقة، فهذا أجر يزداد لك، فإن إسباغ الوضوء على المكاره مما يرفع الله به الدرجات ويكفر به الخطايا، لكن كون الإنسان يذهب إلى الأصعب مع إمكان الأسهل هذا خلاف الأفضل، فالأفضل اتباع الأسهل في كل شيء.
- في مزاولة الأعمال إذا رأيت أنك إذا سلكت هذا العمل فهو أسهل وأقرب ويحصل به المقصود؛ فلا تتعب نفسك في أعمال أخرى أكثر من اللازم وأنت لا تحتاج إليها؛ فافعل ما هو أسهل في كل شيء، وهذه قاعدة: أن اتباع الأسهل والأيسر هو الأرفق بالنفس والأفضل عند الله.
- (ولا تعسروا) يعني لا تسلكوا طرق العسر لا في عبادتكم، ولا في معاملاتكم، ولا في غير ذلك، فإن هذا منهي عنه فلا تعسر.
- (وبشروا) بشروا يعني اجعلوا طريقكم دائماً البشارة، بشروا أنفسكم وبشروا غيركم، يعني إذا عملت عملاً فاستبشر وبشر نفسك، فإذا عملت عملاً صالحاً فبشر نفسك بأنه سيقبل منك إذا اتقيت الله فيه، لأن الله يقول: ﴿ إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِینَ﴾ [(المائدة: 27]، وإذا دعوت الله فبشر نفسك أن الله يستجيب لك؛ لأن الله ﷾ يقول: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِیۤ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غافر: 60].
- النبي ﷺ كان يكره الطيرة ويعجبه الفأل؛ لأن الإنسان إذا تفاءل نشط واستبشر وحصل له خير، وإذا تشاءم فإنه يتحسر، وتضيق نفسه، ولا يقدم على العمل، ويعمل وكأنه مكره، فأنت بشر نفسك، كذلك بشر غيرك، فإذا جاءك إنسان، قال فعلت كذا وفعلت كذا وهو خائف فبشره، وأدخل عليه السرور، لا سيما في عيادة المريض؛ فإذا عدت مريضاً فقل له أبشر بالخير، وأنت على خير، ودوام الحال من المحال، والإنسان عليه أن يصبر ويحتسب ويؤجر على ذلك، وما أشبه ذلك، وبشره قائلاً: أنت اليوم وجهك طيب، وما أشبه ذلك؛ لأنك بهذا تدخل عليه السرور، وتبشره، فاجعل طريقك هكذا فيما تعامل به نفسك وفيما تعامل به غيرك، الزم البشارة، وأدخل السرور على نفسك، وأدخل السرور على غيرك، فهذا هو الخير.
- التنفير لا ينبغي؛ فلا تنفر الناس بل لِنْ لهم، حتى في الدعوة إلى الله ﷿ لا تدعُهم إلى الله دعوة منفر، لا تقل إذا رأيت إنساناً على خطأ: يا فلان أنت خالفت، أنت عصيت، أنت فيك. إلى آخر، هذا ينفرهم، ويزيدهم في التمادي في المعصية، ولكن ادعهم بهونٍ ولين حتى يألفك ويألف ما تدعو إليه، وبذلك تمتثل أمر النبي ﷺ في قوله: (بشروا ولا تنفروا) .
قال ابن باز﵀:
- المؤمن يتحرى للدين كله، لا يرخص فيما حرم الله ولا يشد فيما يسر الله فيه، ولكن يتحرى الرفق في الأمور كلها حسب ما جاءت الشريعة، فلا جفاء ولا إفراط وغلو، ولكن وسط في أمره بالمعروف وفي نهيه عن منكر وتعليم أولاده وفي تأديب زوجته، وفي غير هذا من الأمور مع جيرانه مع أصدقائه، يكون رفيقاً في نصيحته في توجيهه في تعليمه في دعواه، خصومته، لا يكون عنيفا يكون رفيقاً حليماً ذا أناة وتؤدة وحلم حتى تقضى الحقوق بالرفق والسهولة وحتى لا ينفر منه أخيه، ويسبب الشحناء والعداوة.
637 - وعن جريرِ بنِ عبدِ اللهِ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «مَنْ يُحْرَمِ الرِفْقَ، يُحْرَمِ الخَيْرَ كلَّهُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان إذا حرم الرفق في الأمور فيما يتصرف فيه لنفسه، وفيما يتصرف فيه مع غيره، فإنه يحرم الخير كله أي فيما تصرف فيه، فإذا تصرف الإنسان بالعنف والشدة فإنه يحرم الخير فيما فعل، وهذا شيء مجرب ومشاهد أن الإنسان إذا صار يتعامل بالعنف والشدة؛ فإنه يحرم الخير ولا ينال الخير، وإذا كان يتعامل بالرفق والحلم والأناة وسعة الصدر؛ حصل على خيرٍ كثير، وعلى هذا فينبغي للإنسان الذي يريد الخير أن يكون دائماً رفيقاً حتى ينال الخير.
- الإنسان إذا حرم الرفق في الأمور فيما يتصرف فيه لنفسه، وفيما يتصرف فيه مع غيره، فإنه يحرم الخير كله أي فيما تصرف فيه، فإذا تصرف الإنسان بالعنف والشدة فإنه يحرم الخير فيما فعل، وهذا شيء مجرب ومشاهد أن الإنسان إذا صار يتعامل بالعنف والشدة؛ فإنه يحرم الخير ولا ينال الخير، وإذا كان يتعامل بالرفق والحلم والأناة وسعة الصدر؛ حصل على خيرٍ كثير، وعلى هذا فينبغي للإنسان الذي يريد الخير أن يكون دائماً رفيقاً حتى ينال الخير.
638 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا قَالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم: أوْصِني. قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ»، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لاَ تَغْضَبْ». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الغضب يحمل الإنسان على أن يقول كلمة الكفر، فإن الغضب لا شك أنه يؤثر على الإنسان حتى يتصرف تصرف المجانين، ولهذا قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا غضب غضباً شديداً حتى لا يدري ما يقول؛ فإنه لا عبرة بقوله، ولا أثر لقوله؛ إن كان طلاقاً فإن امرأته لا تطلق، وإن كان دعاءً فإنه لا يستجاب؛ لأنه يتكلم بدون عقل وبدون تصور.
قال ابن باز ﵀:
- ينبغي للمؤمن أن يتحاشى الغضب وليبتعد عن أسبابه، فإذا غضب يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذا من أسباب إطفاء الغضب والوضوء كذلك من أسباب إطفاء الغضب.
- الغضب يحمل الإنسان على أن يقول كلمة الكفر، فإن الغضب لا شك أنه يؤثر على الإنسان حتى يتصرف تصرف المجانين، ولهذا قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا غضب غضباً شديداً حتى لا يدري ما يقول؛ فإنه لا عبرة بقوله، ولا أثر لقوله؛ إن كان طلاقاً فإن امرأته لا تطلق، وإن كان دعاءً فإنه لا يستجاب؛ لأنه يتكلم بدون عقل وبدون تصور.
قال ابن باز ﵀:
- ينبغي للمؤمن أن يتحاشى الغضب وليبتعد عن أسبابه، فإذا غضب يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذا من أسباب إطفاء الغضب والوضوء كذلك من أسباب إطفاء الغضب.
639 - وعن أَبي يعلى شَدَّاد بن أوسٍ - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإذَا قَتَلْتُم فَأحْسِنُوا القِتْلَة، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَليُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَه، وَلْيُرِح ذَبِيحَتَهُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الذبح والنحر يكون فيما يحل أي: فيما يؤكل، ويكون النحر للإبل، والذبح فيما سواها، والنحر يكون في أسفل الرقبة مما يلي الصدر، والذبح يكون في أعلى الرقبة مما يلي الرأس، ولابد في الذبح والنحر من قطع الودجين، وأما القتل فيكون فيما لا يحل أكله، فيما أمر بقتله، وفيما أبيح قتله، ومما أمر بقتله الفأر كذلك العقرب، وكذلك الحية، وكذلك الكلب العقور، فتقتل هذه الأشياء، وكذلك كل مؤذٍ فإنه يقتل.
- عند العلماء قاعدة تقول: ما آذى طبعاً قتل شرعاً. يعني ما كان طبيعته الأذى فإنه يقتل شرعاً، وما لم يؤذ طبعاً ولكن صار منه أذية فلك قتله، لكن هذا الأخير مقيد، فلو آذاك النمل في البيت، وصار يحفر البيت ويفسده فلك قتله وإن كان منهياً عنه في الأصل، لكن إذا آذاك فلك قتله، وكذلك غيره مما لا يؤذي طبعاً ولكن تعرض منه الأذية فاقتله إذا لم يندفع إلا بالقتل. فمثلاً إذا أردت أن تقتل فأرة وقتلها مستحب فأحسن القتلة، أقتلها بما يزهق روحها حالاً، ولا تؤذها، ومن أذيتها ما يفعله بعض الناس حيث يضع لها شيئاً لاصقاً تلتصق به، ثم يدعها تموت جوعاً وعطشاً، وهذا لا يجوز، فإذا وضعت هذا اللاصق؛ فلابد أن تكرر مراجعته ومراقبته، حتى إذا وجدت شيئاً لاصقاً قتلته، أما أن تترك هذا اللاصق يومين أو ثلاثة وتقع فيه الفارة وتموت عطشاً أو جوعاً، فإنه يخشى عليك أن تدخل النار بذلك؛ لأن النبي ﷺ قال: (دخلت النارَ امرأةٌ في هرة حبستها حتى ماتت لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض) .
- ما يشرع قتله فاقتله بأقرب ما يكون من إهلاكه وإتلافه، ومن ذلك الوزغ الذي يسمى السام الأبرص، ويسمى البرصي أيضاً، اقتله واحرص على أن تقتله بأن يموت في أول مرة، فهو أفضل وأعظم أجراً وأيسر له، وكذلك بقية الأشياء التي تقتل.
- من إراحة الذبيحة أن تضع رجلك على رقبتها، وتمسك الرأس باليد اليسرى وتذبح باليمنى، وحينئذٍ تكون مضجعة على الجنب الأيسر، ودع القوائم اليدين والرجلين وخلِّها تتحرك بسهولة؛ لأنك إذا أمسكت بها فإن هذا ضغط عليها، وإذا تركتها تتحرك بيدها ورجليها كان هذا أيسر لها، وفيه أيضاً فائدة وهي تفريغ الدم بهذه الحركة؛ لأنه مع الحركة والاضطراب يتفرغ الدم أكثر، وكلما تفرغ فهو أحسن.
- إذا قتل الإنسان بحدٍّ، يعني قتل وهو زانٍ أو قتل قصاصاً، فإنه يصلى عليه، ويدعى له بالرحمة والعفو مثل سائر المسلمين، لعل الله أن يعفو عنه ويرحمه، أما من قُتل كافراً مرتدّاً فإنه لا يدعى له بالرحمة، ولا يغسل. مثل أن يقتل إنسان لا يصلى، فإنه يقتل مرتداً كافراً، هذا لا يغسل ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن مع المسلمين، ولا يدعى له بالرحمة، ومن دعا له بالرحمة فإنه آثم متبع غير سبيل المؤمنين؛ لقول الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِیِّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن یَسۡتَغۡفِرُوا۟ لِلۡمُشۡرِكِینَ وَلَوۡ كَانُوۤا۟ أُو۟لِی قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَحِیمِ﴾ [التوبة ١١٣].
- الذبح والنحر يكون فيما يحل أي: فيما يؤكل، ويكون النحر للإبل، والذبح فيما سواها، والنحر يكون في أسفل الرقبة مما يلي الصدر، والذبح يكون في أعلى الرقبة مما يلي الرأس، ولابد في الذبح والنحر من قطع الودجين، وأما القتل فيكون فيما لا يحل أكله، فيما أمر بقتله، وفيما أبيح قتله، ومما أمر بقتله الفأر كذلك العقرب، وكذلك الحية، وكذلك الكلب العقور، فتقتل هذه الأشياء، وكذلك كل مؤذٍ فإنه يقتل.
- عند العلماء قاعدة تقول: ما آذى طبعاً قتل شرعاً. يعني ما كان طبيعته الأذى فإنه يقتل شرعاً، وما لم يؤذ طبعاً ولكن صار منه أذية فلك قتله، لكن هذا الأخير مقيد، فلو آذاك النمل في البيت، وصار يحفر البيت ويفسده فلك قتله وإن كان منهياً عنه في الأصل، لكن إذا آذاك فلك قتله، وكذلك غيره مما لا يؤذي طبعاً ولكن تعرض منه الأذية فاقتله إذا لم يندفع إلا بالقتل. فمثلاً إذا أردت أن تقتل فأرة وقتلها مستحب فأحسن القتلة، أقتلها بما يزهق روحها حالاً، ولا تؤذها، ومن أذيتها ما يفعله بعض الناس حيث يضع لها شيئاً لاصقاً تلتصق به، ثم يدعها تموت جوعاً وعطشاً، وهذا لا يجوز، فإذا وضعت هذا اللاصق؛ فلابد أن تكرر مراجعته ومراقبته، حتى إذا وجدت شيئاً لاصقاً قتلته، أما أن تترك هذا اللاصق يومين أو ثلاثة وتقع فيه الفارة وتموت عطشاً أو جوعاً، فإنه يخشى عليك أن تدخل النار بذلك؛ لأن النبي ﷺ قال: (دخلت النارَ امرأةٌ في هرة حبستها حتى ماتت لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض) .
- ما يشرع قتله فاقتله بأقرب ما يكون من إهلاكه وإتلافه، ومن ذلك الوزغ الذي يسمى السام الأبرص، ويسمى البرصي أيضاً، اقتله واحرص على أن تقتله بأن يموت في أول مرة، فهو أفضل وأعظم أجراً وأيسر له، وكذلك بقية الأشياء التي تقتل.
- من إراحة الذبيحة أن تضع رجلك على رقبتها، وتمسك الرأس باليد اليسرى وتذبح باليمنى، وحينئذٍ تكون مضجعة على الجنب الأيسر، ودع القوائم اليدين والرجلين وخلِّها تتحرك بسهولة؛ لأنك إذا أمسكت بها فإن هذا ضغط عليها، وإذا تركتها تتحرك بيدها ورجليها كان هذا أيسر لها، وفيه أيضاً فائدة وهي تفريغ الدم بهذه الحركة؛ لأنه مع الحركة والاضطراب يتفرغ الدم أكثر، وكلما تفرغ فهو أحسن.
- إذا قتل الإنسان بحدٍّ، يعني قتل وهو زانٍ أو قتل قصاصاً، فإنه يصلى عليه، ويدعى له بالرحمة والعفو مثل سائر المسلمين، لعل الله أن يعفو عنه ويرحمه، أما من قُتل كافراً مرتدّاً فإنه لا يدعى له بالرحمة، ولا يغسل. مثل أن يقتل إنسان لا يصلى، فإنه يقتل مرتداً كافراً، هذا لا يغسل ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن مع المسلمين، ولا يدعى له بالرحمة، ومن دعا له بالرحمة فإنه آثم متبع غير سبيل المؤمنين؛ لقول الله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِیِّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن یَسۡتَغۡفِرُوا۟ لِلۡمُشۡرِكِینَ وَلَوۡ كَانُوۤا۟ أُو۟لِی قُرۡبَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَیَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُمۡ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡجَحِیمِ﴾ [التوبة ١١٣].
640 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: مَا خُيِّرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أمْرَيْنِ قَطُّ إِلاَّ أَخَذَ أيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إثمًا، فَإنْ كَانَ إثمًا، كَانَ أبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ. وَمَا انْتَقَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ قَطُّ، إِلاَّ أن تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ الله، فَيَنْتَقِمَ للهِ تَعَالَى. متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن باز ﵀:
- إذا كان هناك أمران جائزان الأخذ بأيسرهما وأسهلهما وأنفعهما، مثل صوم النفل في السفر، صوم النفل في المرض، يأخذ بالأسهل وبالرخصة، يصلي ركعتين في السفر ويفطر في رمضان، شق عليه المرض لا يشق على نفسه. "وَمَا انْتَقَمَ رسول الله ﷺ لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ قَط ﷺ"، بل يعفو ويصفح وقد يُساء إليه كثيراً فيعفو ويصفح ﷺ إلا إذا انتهكت محارم الله، فإنّه ينتقم الله في إقامة الحدود، والأخذ على يد المنتهكين.
- إذا كان هناك أمران جائزان الأخذ بأيسرهما وأسهلهما وأنفعهما، مثل صوم النفل في السفر، صوم النفل في المرض، يأخذ بالأسهل وبالرخصة، يصلي ركعتين في السفر ويفطر في رمضان، شق عليه المرض لا يشق على نفسه. "وَمَا انْتَقَمَ رسول الله ﷺ لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ قَط ﷺ"، بل يعفو ويصفح وقد يُساء إليه كثيراً فيعفو ويصفح ﷺ إلا إذا انتهكت محارم الله، فإنّه ينتقم الله في إقامة الحدود، والأخذ على يد المنتهكين.
641 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ألاَ أخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّار؟ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّار؟ تَحْرُمُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ، هَيّنٍ، لَيِّنٍ، سَهْلٍ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن».
قال ابن باز ﵀:
- يعني: ليس بفظ ولا غليظ، بل هو قريب بفعله مع الناس، لين الحديث سهل المراجعة ليس بفظ ولا غليظ ولا متشدد، بل لين مع إخوانه متواضع مع إخوانه، هذا من صفات أهل الجنة من صفات أهل الإيمان والتقوى عدم الغلظة والشدة.
- يعني: ليس بفظ ولا غليظ، بل هو قريب بفعله مع الناس، لين الحديث سهل المراجعة ليس بفظ ولا غليظ ولا متشدد، بل لين مع إخوانه متواضع مع إخوانه، هذا من صفات أهل الجنة من صفات أهل الإيمان والتقوى عدم الغلظة والشدة.
باب العفو والإعراض عن الجاهلين
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلينَ﴾ [الأعراف: 199]، وقال تَعَالَى: ﴿فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ [الحجر: 85]، وقال تَعَالَى: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ألاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ﴾ [النور: 22]، وقال تَعَالَى: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ﴾ [آل عمران: 134]، وقال تَعَالَى: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [الشورى: 43] والآيات في الباب كثيرة معلومة.
642 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم: هَلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أشَدُّ مَا لَقيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيْلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْني إِلَى مَا أرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأنا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إِلاَّ وأنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، وَإِذَا أنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيهَا جِبريلُ - عليه السلام - فَنَادَاني، فَقَالَ: إنَّ الله تَعَالَى قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَد بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بمَا شِئْتَ فِيهِمْ. فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللهَ قَدْ سَمِع قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأنا مَلَكُ الجِبال، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبِّي إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إنْ شئْتَ أطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ». فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا». متفقٌ عَلَيْهِ.
«الأخْشَبَان»: الجَبَلان المُحيطان بمكَّة. وَالأخشبُ: هُوَ الجبل الغليظ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- ينبغي للإنسان أن يصبر على الأذى، لا سيما إذا أوذي في الله، فإنه يصبر ويحتسب وينتظر الفرج، وقد قال النبي ﷺ، (واعلم أنّ النصر مع الصبر، وأنّ الفرج مع الكرب، وأنّ مع العسر يسراً) .
- ينبغي للإنسان أن يصبر على الأذى، لا سيما إذا أوذي في الله، فإنه يصبر ويحتسب وينتظر الفرج، وقد قال النبي ﷺ، (واعلم أنّ النصر مع الصبر، وأنّ الفرج مع الكرب، وأنّ مع العسر يسراً) .
643 - وعنها، قالت: مَا ضَرَبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلاَ امْرَأةً وَلاَ خَادِمًا، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلاَّ أن يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ تَعَالَى، فَيَنْتَقِمُ للهِ تَعَالَى. رواه مسلم.
644 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أمشي مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَديدةً، فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُر لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ. فَالتَفَتَ إِلَيْهِ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- ينبغي للإنسان أن يكون ذا سعة، وإذا اشتد الناس أن يسترخي هو. وسئل معاوية ﵁ بم سُست الناس؟؛ وذلك لأنّ معاوية معروف بالسياسة والحكمة، فقال: "أجعل بيني وبين النّاس شعرة؛ إن جذبوها تبعتهم، وإن جذبتها تبعوني لكن لا تنقطع"، ومعنى كلامه أنه سهل الانقياد؛ لأن الشعرة إذا جعلتها بينك وبين صاحبك إذا جذبها أدنى جذب انقطعت، لكن من حسن سياسته ﵁ أنّه كان يسوس الناس بهذه السياسية؛ إذا رأهم مقبلين استقبلهم، وإذا رأهم مدبرين تبعهم حتى يتمكن منهم.
- ينبغي للإنسان أن يكون دائماً في سياسته رفيقاً حليماً، كما كان النبي ﷺ هكذا.
- ينبغي للإنسان أن يكون ذا سعة، وإذا اشتد الناس أن يسترخي هو. وسئل معاوية ﵁ بم سُست الناس؟؛ وذلك لأنّ معاوية معروف بالسياسة والحكمة، فقال: "أجعل بيني وبين النّاس شعرة؛ إن جذبوها تبعتهم، وإن جذبتها تبعوني لكن لا تنقطع"، ومعنى كلامه أنه سهل الانقياد؛ لأن الشعرة إذا جعلتها بينك وبين صاحبك إذا جذبها أدنى جذب انقطعت، لكن من حسن سياسته ﵁ أنّه كان يسوس الناس بهذه السياسية؛ إذا رأهم مقبلين استقبلهم، وإذا رأهم مدبرين تبعهم حتى يتمكن منهم.
- ينبغي للإنسان أن يكون دائماً في سياسته رفيقاً حليماً، كما كان النبي ﷺ هكذا.
645 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: كأني أنظر إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأنبياءِ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُه عَلَيْهِمْ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، ويقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- من سبَّ النبي ﷺ ثم تاب فأن توبته تقبل، ولكنه يقتل، وأمّا من سب الله ثم تاب فإن توبته تقبل ولا يقتل، وليس هذا يعني أن سب الرسول ﷺ أعظم من سبّ الله، بل سبّ الله أعظم، لكن الله قد أخبرنا أنه يعفو عن حقه لمن تاب منه، فهذا الرجل تاب فعلمنا أن الله تعالى قد عفا عنه، أما الرسول ﷺ فهو قد مات، فإذا سبَّه أحد فقد امتهن حقه، فإذا تاب فإن الله يتوب عليه ويغفر له كفره الذي كفره بسبب سبِّه، ولكن حق الرسول باقٍ فيقتل.
- من سبَّ النبي ﷺ ثم تاب فأن توبته تقبل، ولكنه يقتل، وأمّا من سب الله ثم تاب فإن توبته تقبل ولا يقتل، وليس هذا يعني أن سب الرسول ﷺ أعظم من سبّ الله، بل سبّ الله أعظم، لكن الله قد أخبرنا أنه يعفو عن حقه لمن تاب منه، فهذا الرجل تاب فعلمنا أن الله تعالى قد عفا عنه، أما الرسول ﷺ فهو قد مات، فإذا سبَّه أحد فقد امتهن حقه، فإذا تاب فإن الله يتوب عليه ويغفر له كفره الذي كفره بسبب سبِّه، ولكن حق الرسول باقٍ فيقتل.
646 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ الشَّديدُ بِالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن باز ﵀:
- الشديد في الحقيقة والقوي في الحقيقة الذي يملك نفسه عند الغضب، يقهرها إذا غضب لا ينفذ مقتضى الغضب بالسب ولا بالضرب ولا بالقتل ولا بغير ذلك، بل يتعوذ بالله من الشيطان ويملك نفسه عند الغضب، هذا هو القوي في الحقيقة، أقوى من صاحب الصرع للناس، فالذي يصرع الناس ويطرحهم لقوته يسمى شديداً، ولكن أشد منه وأكمل منه وأقوى منه الذي يملك نفسه عند الغضب.
- فيه الحث على ملك النفس عند الغضب، وأنه ينبغي للمؤمن أن يكون في حالة الغضب يحاسب نفسه ويملكها ويقهرها، حتى لا يؤذي أحداً بسبب الغضب ولا يسب أحداً ولا يقتل أحداً ولا يضرب أحداً، فإن الغضب جمرة من النار قد تغلي قد يتغير شعوره بسبب الغضب، قد يفعل ما لا ينبغي بسبب شدة الغضب، لكن المؤمن يجاهد نفسه عند الغضب ويملكها ويقهرها ويتعوذ بالله من الشيطان حتى لا يقع منه ما لا ينبغي.
- الشديد في الحقيقة والقوي في الحقيقة الذي يملك نفسه عند الغضب، يقهرها إذا غضب لا ينفذ مقتضى الغضب بالسب ولا بالضرب ولا بالقتل ولا بغير ذلك، بل يتعوذ بالله من الشيطان ويملك نفسه عند الغضب، هذا هو القوي في الحقيقة، أقوى من صاحب الصرع للناس، فالذي يصرع الناس ويطرحهم لقوته يسمى شديداً، ولكن أشد منه وأكمل منه وأقوى منه الذي يملك نفسه عند الغضب.
- فيه الحث على ملك النفس عند الغضب، وأنه ينبغي للمؤمن أن يكون في حالة الغضب يحاسب نفسه ويملكها ويقهرها، حتى لا يؤذي أحداً بسبب الغضب ولا يسب أحداً ولا يقتل أحداً ولا يضرب أحداً، فإن الغضب جمرة من النار قد تغلي قد يتغير شعوره بسبب الغضب، قد يفعل ما لا ينبغي بسبب شدة الغضب، لكن المؤمن يجاهد نفسه عند الغضب ويملكها ويقهرها ويتعوذ بالله من الشيطان حتى لا يقع منه ما لا ينبغي.
باب احتمال الأذى
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الغَيْظَ والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134]، وقال تَعَالَى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [الشورى: 43] وفي الباب: الأحاديث السابقة في الباب قبله.
647 - وعن أَبي هريرة رضي الله تَعَالَى عنه: أنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رسول الله، إنّ لي قَرَابةً أصِلُهم وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إلَيَّ، وَأحْلُمُ عَنهم وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ! فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكأنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ تَعَالَى ظَهيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ». رواه مسلم.
وقد سَبَقَ شَرْحُهُ في بَابِ صلة الأرحام.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان إذا كان معه دين، وكان معه أمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر فلابد أن يؤذى، ولكن عليه بالصبر، وإذا صبر؛ فالعاقبة للمتقين، وقد يُبتلى المرء على قدر دينه، فيسلط الله عليه من يؤذيه امتحاناً واختباراً، كما قال الله تعالى:﴿مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ [العنكبوت: 10]، يعني إذا أوذي في الله من جهة دينه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ودعوته للخير، جعل هذه الفتنة كالعذاب، فنكص على عقبيه والعياذ بالله.
- أما الأذى فيما يتعلق بأمور الدنيا ومعاملة الناس؛ فأنت بالخيار إن شئت فاصبر، وإن شئت فخذ بحقك، والصبر أفضل، إلا إذا كان في الصبر عدوان واستمرار في العدوان، فالأخذ بحقك أولى.
- الإنسان إذا كان معه دين، وكان معه أمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر فلابد أن يؤذى، ولكن عليه بالصبر، وإذا صبر؛ فالعاقبة للمتقين، وقد يُبتلى المرء على قدر دينه، فيسلط الله عليه من يؤذيه امتحاناً واختباراً، كما قال الله تعالى:﴿مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ [العنكبوت: 10]، يعني إذا أوذي في الله من جهة دينه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ودعوته للخير، جعل هذه الفتنة كالعذاب، فنكص على عقبيه والعياذ بالله.
- أما الأذى فيما يتعلق بأمور الدنيا ومعاملة الناس؛ فأنت بالخيار إن شئت فاصبر، وإن شئت فخذ بحقك، والصبر أفضل، إلا إذا كان في الصبر عدوان واستمرار في العدوان، فالأخذ بحقك أولى.