(٧٥) كِتَابُ الأَحْكَامِ


١- بابُ قولِهِ تعالى: ﴿أَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُوا۟ ٱلرَّسُولَ وَأُو۟لِی ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡ﴾ [النساء:٥٩]


٣١٢٨. [ق] عَنْ أَبي هُريرةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي». [خ:٧١٣٧]
(وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي) قال النووي: «وقال في المعصية مثله؛ لأن الله تعالى أمر بطاعة رسول الله ﷺ وأمر هو ﷺ بطاعة الأمير، فتلازمت الطاعة».

٣١٢٩. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اّْسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ». [خ:٧١٤٢]
1. قال الخطّابيّ: «قد يضرب المثل بما لا يقع في الوجود، يعني وهذا من ذاك أطلق العبد الحبشيّ مبالغةً في الأمر بالطّاعة وإن كان لا يتصوّر شرعًا أن يلي ذلك».
2. قال ابن حجر: «أمّا لو تغلّب عبدٌ حقيقةً بطريق الشّوكة فإنّ طاعته تجب؛ إخمادًا للفتنة ما لم يأمر بمعصية».

٢- بابُ السَّمعِ والطَّاعةِ للإمَامِ ما لم تكنْ مَعصيةٌ


٣١٣٠. [ق] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُفَارِقُ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَيَمُوتُ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». [خ:٧١٤٣]
1. قال ابن بطّال: «في الحديث حجّة في ترك الخروج على السّلطان ولو جار، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السّلطان المتغلّب والجهاد معه وأنّ طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدّماء وتسكين الدّهماء، وحجّتهم هذا الخبر وغيره ممّا يساعده، ولم يستثنوا من ذلك إلّا إذا وقع من السّلطان الكفر الصّريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها».
2. قال النووي: «فيه الحث على السمع والطاعة، وإن كان المتولي ظالما عسوفا، فيعطى حقه من الطاعة، ولا يخرج عليه ولا يخلع بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه، ودفع شره وإصلاحه».

٣١٣١. [ق] وَعن عبدِ اللهِ -هو ابنُ عُمر-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ أو كَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ». [خ:٧١٤٤]
٣١٣٢. [ق] وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ سَرِيَّةً، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ لَمَا جَمَعْتُمْ حَطَبًا وَأَوْقَدْتُمْ نَارًا، ثُمَّ دَخَلْتُمْ فِيهَا، فَجَمَعُوا حَطَبًا فَأَوْقَدُوا نَارًا، فَلَمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فيها، فَقَامَ بَعْضُهُمْ يَنْظُرُ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا تَبِعْنَا رسُولَ اللهِ ﷺ فِرَارًا مِنَ النَّارِ أَفَنَدْخُلُهَا؟! فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَمَدَتِ النَّارُ/ وَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ ذَلكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: «لَوْ دَخَلُوا فيهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ». [خ:٧١٤٥]
1. قال ابن حجر: «في الحديث أن الحكم في حال الغضب يُنفّذ منه ما لا يخالف الشرع، وأن الغضب يغطي على ذوي العقول».
2. قال ابن أبي جمرة: «أن الجمع من هذه الأمة لا يجتمعون على خطأ لانقسام السرية قسمين: منهم من هان عليه دخول النار فظنه طاعة، ومنهم من فَهِمَ حقيقة الأمر وأنه مقصور على ما ليس بمعصية، فكان اختلافهم سببا لرحمة الجميع».
3. قال ابن حجر: «في الحديث أن من كان صادق النية لا يقع إلا في خير، ولو قصد الشر فإن الله يصرفه عنه، ولهذا قال بعض أهل المعرفة: من صدق مع الله وقاه الله، ومن توكل على الله كفاه الله».
4. قال النووي: «وهذه الأحاديث في الحث على السمع والطاعة في جميع الأحوال، وسببها اجتماع كلمة المسلمين، فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم».

٣- بابٌ: مَا يُكرَهُ مِن الحِرْصِ عَلى الإِمارةِ، ومَن سَألَها وُكِلَ إِليها،


ومَن لمْ يسألْها أُعِينَ عليها
٣١٣٣. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإِمَارَةِ، وَسَتَكُونُ نَدَامَةً يَوْمَ القِيَامَةِ، فَنِعْمَ المُرْضِعَةُ وَبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ». [خ:٧١٤٨]
1. قال ابن حجر: «قال الدّاوديّ: نعم المرضعة: أي: في الدّنيا، وبئست الفاطمة: أي: بعد الموت؛ لأنّه يصير إلى المحاسبة على ذلك، فهو كالّذي يفطم قبل أن يستغني؛ فيكون في ذلك هلاكه، وقال غيره: نعم المرضعة: لما فيها من حصول الجاه والمال ونفاذ الكلمة وتحصيل اللّذّات الحسّيّة والوهميّة حال حصولها، وبئست الفاطمة: عند الانفصال عنها بموتٍ أو غيره وما يترتّب عليها من التّبعات في الآخرة».
2. قال العيني: «فيه كراهة الحرص على طلب الإمارة وتحصيلها لأن من حرص عليها وسولت له نفسه أنه قائم بها يخذل في أغلب الأحوال».
3. طالب ولاية القضاء أو غيرها من الولايات له إحدى حالتين: إحداهما: أنْ يقصد من الحصول عليها الجاه والرئاسة والمال، فهذا هو المذموم، وهو الَّذي وردت الأحاديث الصحيحة بذمِّه ومنعه، ومنع طالب الولاية فيها. الثانية: أنْ يطلب القضاء أو الولاية؛ لأنَّها متعينة عليه؛ لأَنَّه لا يوجد من هو أهل لها وللقيام بها، وإذا تركها تولاَّها من لا يقوم بها، ولا يحسنها، فيطلبها بهذه النية، وهو القصد الحسن؛ فهذا مثاب مأجور معان عليها.

٣١٣٤. [ق] وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأشْعريِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ قَوْمِي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَقَالَ الآخَرُ مِثْلَهُ، فَقَالَ: «إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا مَنْ سَأَلَهُ، وَلَا مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ». [خ:٧١٤٩]
٣١٣٥. [ق] وعَنْ عبد الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ لي النَّبِيُّ ﷺ: «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ». [خ:٦٦٢٢]
1. قال القرطبي: «قوله: (لَا تَسْأَلِ الإِمَارَة) هو نهيٌ، وظاهره التحريم، وعلى هذا يدلّ قوله بعد هذا: (إنَّا والله لا نولي على هذا العمل أحدًا يسأله أو حرص عليه) وسببه: أن سؤالها والحرص عليها، مع العلم بكثرة آفاتها، وصعوبة التخلص منها؛ دليلٌ على أنه يطلبها لنفسه، ولأغراضه. ومَنْ كان هكذا، أوشك أن تغلب عليه نفسه، فيهلك، وهذا معنى قوله: (وكل إليها)، ومن أباها لعلمه بآفاتها، ولخوفه من التقصير في حقوقها، وفرَّ منها؛ ثم إن ابتلي بها: فَيُرْجَى له ألا تغلب عليه نفسه، للخوف الغالب عليه، فيتخلّص من آفاتها، وهذا معنى قوله: ( أعين عليها )».
2. قال ابن تيمية: أما سؤال الولاية فقد ذمه ﷺ، وأما سؤال يوسف وقوله: {ﭵ ﭶ ﭷ ﭸﭹ } [سورة يوسف:55]. فلأنه كان طريقا إلى أن يدعوهم إلى الله، ويعدل بين الناس، ويرفع عنهم الظلم، ويفعل من الخير ما لم يكونوا يفعلوه، مع أنهم لم يكونوا يعرفون حاله، وقد علم بتعبير الرؤيا ما يؤول إليه حال الناس، ففي هذه الأحوال ونحوها: ما يوجب الفرق بين مثل هذه الحال، وبين ما نهى عنه».

٤- بابُ إِثْمِ مَن لَمْ يَنصحْ لرعيَّتِهِ، ومَن شقَّ عليهمْ، والدَّعاءِ عليِهِ


٣١٣٦. [ق] عَنِ الحَسَنِ أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَادٍ دعَى مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرعيهِ اللهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِالنَّصِيحَةِ، لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ». [خ:٧١٥٠]
1. قال القرطبي: «قوله ﷺ (مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرعيهِ اللهُ رَعِيَّةً) هو لفظ عام في كل من كُلِّف حفظ غيره، كما قال ﷺ: " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عن رعيته، وهذا الرجل في أهل بيته والولد والعبد، والرعاية: الحفظ والصيانة، والغش ضد النصيحة، وحاصله راجع إلى الزجر عن أن يُضيَّع ما أُمر بحفظه، وأن يقصِّر في ذلك مع التمكن من فعل ما يتعين عليه».

٣١٣٧. [ق] وفي رواية أخرى عنه: «مَا مِن والٍ عَلَى رعيَّةٍ مِن المسلمين يموتُ وهو غاشٌّ لهمْ إلَّا حرَّم الله عليهِ الجنَّة». [خ:٧١٥١]
1. قال القاضي عياض: «معناه بين في التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله تعالى شيئا من أمرهم واسترعاه عليهم ونصبه لمصلحتهم في دينهم أو دنياهم، فإذا خان فيما أؤتمن عليه فلم ينصح فيما قلده إما بتضييعه تعريفهم ما يلزمهم من دينهم وأخذهم به، وإما بالقيام بما يتعين عليه من حفظ شرائعهم والذب عنها لكل متصد لإدخال داخلة فيها أو تحريف لمعانيها أو إهمال حدودهم، أو تضييع حقوقهم، أو ترك حماية حوزتهم، ومجاهدة عدوهم، أو ترك سيرة العدل فيهم، فقد غشهم، وقد نبه ﷺ على أن ذلك من الكبائر الموبقة المبعدة عن الجنة».

٣١٣٨. [ق] وعَنْ طَرِيفٍ أَبِي تَمِيمَةَ قَالَ: شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدَبًا وَأَصْحَابَهُ وَهُوَ يُوصِيهِمْ، فَقَالُوا: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ شَيْئًا؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». قَالَ: «وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللهُ عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَقَالُوا: أَوْصِنَا، فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إِلَّا طَيِّبًا فَلْيَفْعَلْ،/ وَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ مِلْءُ كَفٍّ مِنْ دَمٍ هَرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ». [خ:٧١٥٢]
1. قال النووي: «قال العلماء معناه من رآء بعمله وسمعه الناس ليكرموه ويعظموه ويعتقدوا خيره سمع الله به يوم القيامة الناس وفضحه، وقيل معناه من سمع بعيوبه وأذاعها أظهر الله عيوبه، وقيل: أسمعه المكروه، وقيل: أراه الله ثواب ذلك من غير أن يعطيه إياه ليكون حسرة عليه، وقيل: معناه من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناس وكان ذلك حظه منه».

٥- بابُ القَضَاءِ والفُتْيا في الطَّريق، والأَوْلَى بالحَاكم أنْ لا يتَّخذ بوَّابًا


• [خت] وقضى يَحيى بن يَعْمَر في الطَّريق، وقَضَى الشَّعبيُّ عَلى باب دارِهِ.
٣١٣٩. [ق] عَنْ أنسِ بنِ مالكٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا وَالنَّبِيُّ ﷺ خَارِجَانِ مِنَ المَسْجِدِ، فَلَقِيَنَا رَجُلٌ عِنْدَ سُدَّةِ المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟» وَكَأَنَّ الرَّجُلَ اسْتَكَانَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَعْدَدْتُ كَثِيرَ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». [خ:٧١٥٣]
٣١٤٠. [ق] وعن أنسِ بنِ مالكٍ أنَّه قال لِامْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ: تَعْرِفِينَ فُلَانَةَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ بِهَا وَهِيَ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي». فَقَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ خِلْوٌ مِنْ مُصِيبَتِي. قَالَ: فَجَاوَزَهَا وَمَضَى، وَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ فَقَالَ: مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ ﷺ؟ قَالَتْ: مَا عَرَفْتُهُ؟ قَالَ: إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، قَالَ: فَجَاءَتْ إِلَى بَابِهِ فَلَمْ تَجِدْ عَلَيْهِ بَوَّابًا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ مَا عَرَفْتُكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ الصَّبْرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ». [خ:٧١٥٤]
1. من أُمِر بمعروف عليه أن يتقبله بقبول حسن ويخضع للحق ولو لم يعرف الآمر له، وذلك لأن الحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق، ولذلك كانت المرأة في موضع اللوم حقيقة؛ لأنها لم تستجب لموعظة رسول الله ﷺ بادئ ذي بدء، حيث إنها لم تعرفه ولكنها عندما عرفته ذهبت لتستميحه العذر، فأخبرها أن صبرها الآن لا ينفعها.
2. الترغيب في احتمال الأذى عند بذل النصيحة ونشر الموعظة، ولذلك احتمل الرسول ﷺ تعنت المرأة وكلامها الذي يحمل التعنيف.
3. المرء لا يؤجر على المصيبة؛ لأنها ليست من صنعه، وإنما يؤجر على حسن نيته وثباته، وجميل صبره، ورضاه بقضاء الله وقدره، ولذلك أمر رسول الله المرأة بتقوى الله والصبر.

٦- بابٌ: للقاضي أنْ يَحْكُمَ بالقَتلِ عَلى مَن وجبَ عليهِ دِونَ الإِمامِ الَّذي فوقَه،


ولا يقضي وهو غَضْبانٌ
٣١٤١. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ ﷺ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأَمِيرِ. [خ:٧١٥٥]
٣١٤٢. وعَنْ أَبِي مُوسَى: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَهُ وَأَتْبَعَهُ بِمُعَاذٍ. [خ:٧١٥٦]
٣١٤٣. [ق] وعنه أَنَّ رَجُلًا أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأَتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى قَالَ: مَا لِهَذَا؟ قَالَ: أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ. قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَهُ، قَضَاءُ اللهِ وَرَسُولِهِ. [خ:٧١٥٧]
٣١٤٤. [ق] وعن عبد الرَّحمن بنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ إِلَى ابْنِهِ، وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ، أَنْ لَا تَقْضِيَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لَا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ»./ [خ:٧١٥٨]
1. قال النووي: «قال العلماء: ويلتحق بالغضب كل حال يخرج الحاكم فيها عن سداد النظر واستقامة الحال كالشبع المفرط والجوع المقلق، والهم والفرح البالغ، ومدافعة الحدث، وتعلق القلب بأمر ونحو ذلك، وكل هذه الأحوال يكره له القضاء فيها خوفا من الغلط، فإن قضى فيها صح قضاؤه، لأن النبي ﷺ قضى في شراج الحرة في مثل هذا الحال، وقال في اللقطة ما لك ولها إلى آخره، وكان في حال الغضب».
2. قال ابن حجر: «في الحديث شفقة الأب على ولده، وإعلامه بما ينفعه، وتحذيره من الوقوع فيما يُنْكَر».

٧- بابٌ: مَن رأى أنَّ للقَاضي أن يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ إِذا لمْ يَخَفِ الظُّنونَ والتُّهَمَ


٣١٤٥. [ق] عَنْ عائشةَ قَالَتْ: جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ، وَمَا أَصْبَحَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ. ثُمَّ قَالَتْ: إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ، فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ حَرَجٍ أَنْ أُطْعِمَ مِنَ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا؟ قَالَ لَهَا: «لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تُطْعِمِيهِمْ مِنْ مَعْرُوفٍ». [خ:٧١٦١]
1. فيه بيان جواز حكم الحاكم على الغائب إذا تيقن ثبوت الحق عليه.
2. وفيه جواز استماع كلام أحد الخصمين في غيبة الآخر.
3. قال النووي: «في الحديث وجوب نفقة الزوجة، ووجوب نفقة الأولاد الفقراء الصغار».
4. قال النووي: «وفيه جواز سماع كلام الأجنبية عند الإفتاء والحكم، وكذا ما في معناه.
5. قال النووي: «وفيه جواز ذكر الإنسان بما يكرهه إذا كان للاستفتاء والشكوى ونحوهما»
.
6. قال النووي: «وفيه اعتماد العرف في الأمور التي ليس فيها تحديد شرعي».

٨- بابُ الشَّهادةِ عَلى الخطِّ والمَخْتُوم، وكتاب القَاضي إِلى القَاضي


قال البخاري: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: كِتَابُ الحَاكِمِ جَائِزٌ إِلَّا فِي الحُدُودِ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ كَانَ القَتْلُ خَطَأً فَهُوَ جَائِزٌ، لِأَنَّ هَذَا مَالٌ بِزَعْمِهِ، وَإِنَّمَا صَارَ مَالًا بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ القَتْلُ، والخَطَأُ وَالعَمْدُ وَاحِدٌ.
• [خت] وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَامِلِهِ فِي الحُدود.
• [خت] وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ فِي سِنٍّ كُسِرَتْ.
• [خت] وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كِتَابُ القَاضِي إِلَى القَاضِي جَائِزٌ إِذَا عَرَفَ الكِتَابَ وَالخَاتَمَ.
• [خت] وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يُجِيزُ الكِتَابَ المَخْتُومَ بِمَا فِيهِ مِنَ القَاضِي.
• [خت] ورُوي عَنِ ابنِ عُمَرَ نَحْوُهُ.
• [خت] وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الكَرِيمِ الثَّقَفِيُّ: شَهِدْتُ عَبْدَ المَلِكِ بْنَ يَعْلَى -قَاضِيَ البَصْرَةِ- وَإِيَاسَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَالحَسَنَ وَثُمَامَةَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ وَبِلَالَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ وَعَبْدَ اللهِ ابْنَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيَّ وَعَامِرَ بْنَ عَـــبِيدَةَ وَعَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ يُجِيزُونَ كُتُبَ القُضَاةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ. فَإِنْ قَالَ الَّذِي حقَّ عَلَيْهِ بِالكِتَابِ: إِنَّهُ زُورٌ، قِيلَ لَهُ: اذْهَبْ فَالْتَمِسِ المَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ.
• [خت] وَأَوَّلُ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ القَاضِي البَيِّنَةَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ.
وَقَالَ لَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحْرِزٍ: جِئْتُ بِكِتَابٍ مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَاضِي البَصْرَةِ، وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ البَيِّنَةَ أَنَّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ بِالكُوفَةِ، فَجِئْتُ بِهِ القَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَجَازَهُ.
• [خت] وَكَرِهَ الحَسَنُ وَأَبُو قِلَابَةَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّةٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ فِيهَا جَوْرًا.
• [خت] وَقَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ ﷺ/ في أَهْلِ خَيْبَرَ: «إِمَّا أَنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ، وَإِمَّا أَنْ تُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ». (خ:٧١٩٢)
• [خت] وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى المَرْأَةِ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: إِنْ عَرَفْتَهَا فَاشْهَدْ، وَإِلَّا فَلَا تَشْهَدْ.
• وقد تقدَّم حديثُ أَنسٍ أنَّه ﷺ أرادَ أنْ يكتبَ إلى الرُّومِ فقالوا: إنَّهم لا يَقرؤونَ كتابًا إلَّا مَختومًا، فاتَّخذ خاتمًا مِن فضَّة، ونَقشَ فيه: محمَّدٌ رسولُ الله [ر:٢٦٢٨].

٩- بابٌ: مَتى يَستوجبُ الرَّجلُ القضاءَ


• [خت] وَقَالَ الحَسَنُ: أَخَذَ اللهُ عَلَى الحُكَّامِ أَنْ لَا يَتَّبِعُوا الهَوَى، وَلَا يَخْشَوُا النَّاسَ، وَلَا يَشْتَرُوا بِآيَاتِه ثَمَنًا قَلِيلًا، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿یَـٰدَاوُۥدُ إِنَّا جَعَلۡنَـٰكَ خَلِیفَةࣰ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَٱحۡكُم بَیۡنَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَیُضِلَّكَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَضِلُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدُۢ بِمَا نَسُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ﴾ [ص:٢٦]، وَقَرَأَ: ﴿إِنَّاۤ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَىٰةَ فِیهَا هُدࣰى وَنُورࣱ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَن لَّمۡ یَحۡكُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡكَـٰفِرُونَ﴾[المائدة:٤٤]، وَقَرَأَ: ﴿وَدَاوُۥدَ وَسُلَیۡمَـٰنَ إِذۡ یَحۡكُمَانِ فِی ٱلۡحَرۡثِ إِذۡ نَفَشَتۡ فِیهِ غَنَمُ ٱلۡقَوۡمِ وَكُنَّا لِحُكۡمِهِمۡ شَـٰهِدِینَ ۝٧٨ فَفَهَّمۡنَـٰهَا سُلَیۡمَـٰنَ وَكُلًّا ءَاتَیۡنَا حُكۡمࣰا وَعِلۡمࣰا﴾ [الأنبياء:٧٨-٧٩]، فَحَمِدَ سُلَيْمَانَ وَلَمْ يَلُمْ دَاوُدَ، وَلَوْلَا مَا ذَكَرَ اللهُ مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ لَرَأَيْتُ أَنَّ القُضَاةَ هَلَكُوا، فَإِنَّهُ أَثْنَى عَلَى هَذَا بِعِلْمِهِ، وَعَذَرَ هَذَا بِاجْتِهَادِهِ.
• [خت] وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ: خَمْسٌ إِذَا أَخْطَأَ القَاضِي مِنْهُنَّ خُطة كَانَتْ فِيهِ وَصْمَةٌ: أَنْ يَكُونَ فَهِمًا، حَلِيمًا، عَفِيفًا، صَلِيبًا، عَالِمًا، سَؤولًا عَنِ العِلْمِ.
الغَريب: (نَفَشَتْ): دَخَلتْ ورَعتْ، وأصلُه في الصُّوف. و(الحَرْثُ): الزَّرْع. و(الوَصْمَةُ): العَيبُ.

١٠- بابُ رِزقِ الحكَّامِ والعَاملينَ عليها


• [خت] وَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَأْكُلُ الوَصِيُّ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ.
• [خت] وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَر. (خ:٢٠٧٠)
٣١٤٦. [ق] وعَنْ عبدِ اللهِ بْنِ السَّعْدِيِّ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فِي خِلَافَتِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِيَ مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا، فَإِذَا أُعْطِيتَ العُمَالَةَ كَرِهْتَهَا؟ فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ عُمَرُ: فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ فقُلْتُ: إِنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا، وَأَنَا بِخَيْرٍ، وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عُمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى المُسْلِمِينَ./ قَالَ عُمَرُ: لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعْطِينِي العَطَاءَ، فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا المَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وما لا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ». [خ:٧١٦٣]

١١- بابُ القَضَاءِ واللِّعَانِ في المَسجدِ، فَإنْ تعيَّنَ حَدٌّ أُقيمَ خارجَه


• [خت] ولاعَنَ عُمَرُ عند مِنْبَر النَّبيِّ ﷺ.
• [خت] وقَضَى مروانُ على زيدِ بن ثابتٍ باليمينِ عند المِنبرِ.
• [خت] وقَضَى شُريحٌ والشَّعبي ويحيى بن يَعْمَر في المسجدِ.
• [خت] وكان الحسنُ وزُرارةُ بنُ أَوْفَى يَقْضِيان في الرَّحبة خارجًا مِن المسجدِ.
٣١٤٧. [ق] وعَنْ سَهْلِ بن سعدٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، أَيَقْتُلُهُ؟ فَتَلَاعَنَا فِي المَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ. [خ:٧١٦٦]
• [خت] وقال عمرُ لرجلٍ ضرَبه: أخرجاه مِن المسْجِدِ. وَضَربه. ويُذكر عن عليٍّ نحوه.
٣١٤٨. [ق] وَقال جَابرُ بنُ عبدِ اللهِ: كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَ مَاعِزًا بالمُصلَّى. [خ:٧١٦٧]

١٢- بابُ مَوْعِظةِ الإمامِ في حالةِ الحُكمِ، وأنَّ حُكمَهُ لا يغيِّرُ الباطنَ عمَّا هو عليهِ


٣١٤٩. [ق] عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ». [خ:٧١٦٩]
• [ق] وفي رواية: «فلَعلَّ بعضًا أنْ يكون أبلغَ مِن بعضٍ، أقْضي له بذلك، وأحسبُ أنَّه صَادِقٌ». [خ:٧١٨٥]

١٣- بابُ الشَّهادةِ تكونُ عندَ الحاكِمِ في ولايتِهِ [القضاءَ]، أو قبلَ ذلكَ للخَصْمِ


• [خت] وَقَالَ شُرَيْحٌ القَاضِي وَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ الشَّهَادَةَ، قَالَ: ائْتِ الأَمِيرَ حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ.
• [خت] وَقَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:/ لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا عَلَى حَدٍّ، زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ، وَأَنْتَ أَمِيرٌ؟ فَقَالَ: شَهَادَتُكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ. قَالَ: صَدَقْتَ. وقَالَ عُمَرُ: لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللهِ، لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بِيَدِي.
• [خت] وَأَقَرَّ مَاعِزٌ بِالزِّنَا أَرْبَعًا فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ. (خ:٦٨١٤)
• [خت] وَقَالَ حَمَّادٌ: إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً عِنْدَ الحَاكِمِ رُجِمَ. وَقَالَ الحَكَمُ: أَرْبَعًا.
• وذكر هُنا حديثَ أبي قَتادة في السَّلَب للقَاتل، وقد تقدَّم [ر:١٩٢٨].
وَقَالَ أَهْلُ الحِجَازِ: الحَاكِمُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ، شَهِدَ بِذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ قَبْلَهَا، وَلَوْ أَقَرَّ خَصْمٌ عِنْدَهُ لِآخَرَ بِحَقٍّ فِي مَجْلِسِ القَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ حَتَّى يَدْعُوَ بِشَاهِدَيْنِ فَيُحْضِرَهُمَا إِقْرَارَهُ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِرَاقِ: مَا سَمِعَ أَوْ رَآهُ فِي مَجْلِسِ القَضَاءِ قَضَى بِهِ، وَمَا كَانَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَقْضِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ.
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ يَقْضِي بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَعْرِفَةُ الحَقِّ، فَعِلْمُهُ أَكْبرُ مِنَ الشَّهَادَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الأَمْوَالِ، وَلَا يَقْضِي فِي غَيْرِهَا.
• [خت] وَقَالَ القَاسِمُ: لَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يُمْضِيَ قَضَاءً بِعِلْمِهِ دُونَ عِلْمِ غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ عِلْمَهُ أكبر مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ فِيهِ تَعَرُّضًا لِتُهَمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ المُسْلِمِينَ، وَإِيقَاعًا لَهُمْ فِي الظُّنُونِ.
• [خت] وَقَدْ كَرِهَ النَّبِيُّ ﷺ الظَّنَّ، وقَالَ: «إنَّها صَفِيَّةُ». (خ٧١٧١)

١٤- بابُ وَصِيَّةِ الأَمَيرِ وُلاتَهُ بتركِ الخِلَافِ،


والتَّيسيرِ على الرَّعيَّةِ، وإجابةِ الإمامِ الدَّعوةَ
٣١٥٠. [ق] عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ أَبِي وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا». وقَالَ أَبُو مُوسَى: إِنَّهُ يُصْنَعُ بِأَرْضِنَا البِتْعُ؟ فَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» [خ:٧١٧٢]. قد تقدَّم ذكرُه في الجِهاد[ر:١٩٣٥].

١٥- بابُ هَدَايا العُمَّالِ


٣١٥١. [ق] عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قالَ: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسْدٍ/ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَة بني سُلَيمٍ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى المِنْبَرِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ العَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي فيَقُولُ: هَذَا لَكَمْ وَهَذَا أُهدي لِي، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لا؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ»، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ: «أَلا هَلْ بَلَّغْتُ؟» ثَلَاثًا. [خ:٧١٧٤]

١٦- بابٌ: يكونُ للنَّاس عُرفاءَ أهلَ صِدقٍ وأمانةٍ يُعرِّفونَ الإمامَ بأحوالِ النَّاسِ


٣١٥٢. عن عُروة بن الزُّبَيْرِ أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ حِينَ أَذِنَ لَهُمُ المُسْلِمُونَ فِي عِتْقِ سَبْيِ هَوَازِنَ: «إِنِّي لَا أَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ لَنا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ». فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا. [خ:٧١٧٦]

١٧- بابُ مَا يُكرَهُ مِن إِطْراءِ السَّلاطينِ والحُكَّامِ بالمِدْحَةِ


٣١٥٣. عَنْ [عاصم بن محمد بن] عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ: قَالَ أُنَاسٌ لِابْنِ عُمَرَ: إِنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا فَنَقُولُ لَهُمْ بخِلَافِ مَا نَتَكَلَّمُ بهِ إِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ. قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ هذا نِفَاقًا. [خ:٧١٧٨]
٣١٥٤. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ شَرَّ النَّاسِ ذُو الوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ». [خ:٧١٧٩]

١٨- بابُ مَنْ لم يكْتَرِث بطَعن مَن لَا يَعْلم، وإثْم الخَصِم الأَلَدِّ


٣١٥٥. [ق] عَنِ ابنِ عُمَر قالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطُعِنَ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ: «إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ طَعنتمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا/ لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ». [خ:٧١٨٧]
٣١٥٦. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ». [خ:٧١٨٨]

١٩- بابٌ: إِذا قَضى الحَاكمُ بجَوْرٍ أو خِلافِ النَّصِّ فهو رَدٌّ


٣١٥٧. عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَقَالُوا: صَبَأْنَا صَبَأْنَا. فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَأَمَرَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ. فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ». مَرَّتَيْنِ. [خ:٧١٨٩]
1. قال ابن هبيرة: «في الحديث ما يدل على أن الأمير إذا كان له مقصود عام فجرت منه هفوة خاصة؛ فإنها لا يقتص منه بها، لأن رسول الله ﷺ قال: (اللهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ)، ثم لم يقتص من خالد بما فعل؛ لأن الأمر كان فيه نوع اشتباه».

٢٠- بابٌ: لا بُدَّ للحاكِمِ مِن كاتبٍ عاقلٍ أمينٍ ومترجِمٍ، ويَكفي واحدٌ


• قد تقدَّم في باب جمع القرآن قول أبي بكرٍ لزيدِ بن ثابتٍ: إنَّك شابٌّ عاقلٌ لا نتَّهمك، قد كنتَ تكتبُ الوحيَ لرسولِ اللهِ ﷺ [ر:٢٠٨١].
• [خت] وقال خارجةُ عن زيد بن ثابتٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَهُ أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ اليَهُودِ، حَتَّى كَتَبْتُ لِلنَّبِيِّ ﷺ كُتُبَهُ، وَأَقْرَأْتُهُ كُتُبَهُمْ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ.
وَقَالَ عُمَرُ وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعُثْمَانُ: مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ: فَقُلْتُ: تخْبِرُكَ بِصَاحِبِهَا الَّذِي صَنَعَ بِهَا. [خ:٧١٩٥]
• [خت] وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ. (خ:١٣٩٨)
• [خت] وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا بُدَّ لِلْحَاكِمِ مِنْ مُتَرْجِمَـِيْنِ.
قلت: والأحاديث المذكورة أعلاهُ تردُّ عليه، والتَّرجمة مِن باب الخَبر لا مِن باب الشَّهادة، والله أعلم.

٢١- بابُ كِتَابِ الحَاكِمِ إلى عُمَّالِهِ وإلى أُمَنائِهِ،


وله أن يبعثَ واحدًا لينفِّذَ الحكمَ، ولكلِّ والٍ بِطَانتانِ
• وقد تقدَّم مِن حَديث سهلٍ أنَّ رَسُولَ الله ﷺ كَتب إلى اليهود في قَتْل عبدِ اللهِ/ أخي حُويِّصة ومحيِّصة[ر:٣٠٤٤].
• وحديث زيد بن خالدٍ في الَّذي قال له رسولُ اللهِ ﷺ: «واغْدُ يا أُنَيْس عَلى امْرأة هذا، فإنِ اعترفتْ فارْجمها» في الحُدُود [ر:١٢٩٩].
٣١٥٨. وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ وَلَا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَلِيفَةٍ إِلَّا كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ: بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالمَعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ [عليه]، فَالمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ».[خ:٧١٩٨]

٢٢- بابٌ: كيفَ يُبَايعُ الإِمامُ النَّاسَ، وهل يُكتبُ لَهُ بالبيعةِ؟


٣١٥٩. عَنْ عَبد الله بنِ دِينَارٍ قَالَ: شَهِدْتُ ابْنَ عُمَرَ حَيْثُ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ قَالَ: كَتَبَ: إِنِّي أُقِرُّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ اللهِ عَبْدِ المَلِكِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، عَلَى سُنَّةِ اللهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مَا اسْتَطَعْتُ، وَإِنَّ بَنِيَّ قَدْ أَقَرُّوا بِذَلِكَ. [خ:٧٢٠٣]
• وقد تقدَّم مِن حديث جريرٍ قوله: بايعتُ النَّبيَّ ﷺ على السَّمع والطَّاعة، فلقَّنني: «فيما استطعتُ، والنُّصح لكلِّ مسلمٍ»[ر:٢٤-٢٥].
1. في الحديث بيان مكانة النصح في الإسلام، حيث اعتنى به الشارع، فكان يبايع عليه، وأنه ملاك الأمر كله.
2. قوله: (فلقَّنني: «فيما استطعتُ») قال ابن عثيمين: «وهذا أمر ينبغي للإنسان أن يتنبه له، وألا يلتزم بالشيء على وجه الإطلاق، بل يقول: فيما استطعت حتى يكون له بذلك عذر فيما لو تخلف عن ذلك، فيقول: أنا لم أستطع».

٣١٦٠. وعنِ المِسْوَر بن مَخْرَمَةَ أَنَّ الرَّهْطَ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ في هَذَا الأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ، فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ، مَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي، حَتَّى إِذَا كَانَتِ تلكَ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَصْبَحْنَا مِنْهَا فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ، قَالَ المِسْوَرُ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَضَرَبَ البَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَقَالَ: أَرَاكَ نَائِمًا، فَوَاللهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيَالي الثَّلَاث بكثيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ لي الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا. فَدَعَوْتُهُمَا لَهُ، فَشَاوَرَهُمَا ثُمَّ دَعَانِي، فَقَالَ: ادْعُ لِي عَلِيًّا. فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ/ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي عُثْمَانَ. فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا المُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى النَّاسُ الصُّبْحَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ المِنْبَرِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَأَرْسَلَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَلِيُّ فإِنِّي نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلَا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا. فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ اللهِ وَسُنَّة رَسُولِهِ وَالخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ. فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ وَالمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ وَالمُسْلِمُونَ. [خ:٧٢٠٧]

٢٣- بابُ بْيَعةِ الصَّغيرِ والنِّساءِ


٣١٦١. عن عَبْدِ الله بْنِ هِشَامٍ، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ ﷺ وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هُوَ صَغِيرٌ». فَمَسَحَ برَأْسِهُ وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الوَاحِدَةِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِهِ. [خ:٧٢١٠]
1. قوله: (يَا رَسُولَ اللهِ، بَايِعْهُ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هُوَ صَغِيرٌ»)، قال ابن حجر: «فيه ترك مبايعة من لم يبلغ».
2. قوله: (فَمَسَحَ برَأْسِهُ)، قال ابن حجر: «فيه مسح رأس الصغير».

٣١٦٢. [ق] وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُبَايِعُ النِّسَاءَ بِالكَلَام. [خ:٧٢١٤]
٣١٦٣. [ق] وعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: بَايَعْنَا رسُولَ اللهِ ﷺ فَقَرَأَ عَلَيْنَا: ﴿أَن لَّا یُشۡرِكۡنَ بِٱللَّهِ شَیۡـࣰٔا﴾ [الممتحنة:١٢]، وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا فَقَالَتْ: فُلَانَةُ أَسْعَدَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا. فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَذَهَبَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ، فَمَا وَفَتِ امْرَأَةٌ إِلَّا أُمُّ سُلَيْمٍ وَأُمُّ العَلَاءِ وَابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ امْرَأَةُ مُعَاذٍ، أَوِ ابْنَةُ أَبِي سَبْرَةَ، وَامْرَأَةُ مُعَاذٍ. [خ:٧٢١٥]
1. قال النووي: «فيه تحريم النوح وعظيم قبحه والاهتمام بإنكاره والزجر عنه؛ لأنه مهيج للحزن ورافع للصبر، وفيه مخالفة التسليم للقضاء والإذعان لأمر الله تعالى».

٢٤- بابٌ: في الاسْتخلَافِ


٣١٦٤. عَنِ القاسم بن مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَارَأْسَاهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَيٌّ فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ». فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَا ثُكْلِيَاهْ، وَاللهِ إِنِّي لَأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلَلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ. فَقَالَ/ النَّبِيُّ ﷺ: «بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ، لَقَدْ هَمَمْتُ -أَوْ: أَرَدْتُ- أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ وَأَعْهَدَ، أَنْ يَقُولَ القَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى المُتَمَنُّونَ. ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللهُ وَيَدْفَعُ المُؤْمِنُونَ»، أَوْ: «يَدْفَعُ المُؤمنونَ وَيَأْبَى الله». [خ:٧٢١٧]
٣١٦٥. [ق] وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ: رَاغِبٌ ورَاهِبٌ، وَدِدْتُ أَنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا كَفَافًا، لَا لِي وَلَا عَلَيَّ، لَا أَتَحَمَّلُهَا حَيًّا ومَيِّتًا. [خ:٧٢١٨]
٣١٦٦. وعن أنسِ بنِ مالكٍ أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ الآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى المِنْبَرِ، وَذَاكَ الغَدَ مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ، فَتَشَهَّدَ وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ، قَالَ: كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتَّى يَدْبُرَنَا -يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ آخِرَهُمْ- فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ، هَدَى اللهُ مُحَمَّدًا، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ ﷺ ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَإِنَّهُ أَوْلَى المُسْلِمِينَ بِأُمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوهُ، وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ العَامَّةِ عَلَى المِنْبَرِ. [خ:٧٢١٩]
٣١٦٧. [ق] وعن جُبير بن مُطْعِم قَالَ: أَتَتِ امْرَأَةٌ النَّبِيَّ ﷺ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ وَلَمْ أَجِدْكَ؟ كَأَنَّهَا تُرِيدُ المَوْتَ، قَالَ: «إِنْ لَمْ تَجِدِينِي، فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ». [خ:٧٢٢٠]

٢٥- بابٌ


٣١٦٨. [ق] وعن جَابر بن سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، يَقُولُ: «يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا». قَالَ: «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ». [خ:٧٢٢٢]
كِتَابُ التَّمنِّي أحاديثه كلُّها متكرِّرةٌ، وليس في تراجمِهِ ما يَخفى، وكَذلك كِتابُ الأخبارِ.

١ قال النبي ﷺ: "يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسالة وُكِلت إليها …" وعبد الرحمن هو:

٥/٠