(٧٦) كِتَابُ الاعْتِصَامِ بالكِتَابِ والسُّنَّة/
• قد تقدَّم مِن حَديث أنسٍ خطبةُ عمرَ بن الخطَّاب الغدَ مِن مُبايعة أَبِي بَكرٍ عَلى مِنْبَرِ رسولِ اللهِ ﷺ الَّتي قالَ فيها: أمَّا بعدُ، فاخْتار اللهُ لنبيِّه ما عِندَهُ على ما عِندكم، وَهذا الكتابُ الَّذي هدىَ اللهُ بهِ رسولَه، فخُذوا بهِ تَهتدوا، وإنَّما هدىَ اللهُ به رَسولَهُ [ر:٣١٦٦].
٣١٦٩. وعن أبي المنهال: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ يقول: إِنَّ اللهَ يُغْنِيكُمْ -أَوْ: نَعَشَكُمْ- بِالإِسْلَامِ وَبِمُحَمَّدٍ ﷺ. [خ:٧٢٧١]
قال البخاري: وَقَعَ هُنَا: (يُغْنِيكُمْ)، وَإِنَّمَا هُوَ: (نَعَشَكُمْ).
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثَلَاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلِإِخْوَانِي: هَذِهِ السُّنَّةُ أَنْ يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْأَلُوا عَنْهَا، وَالقُرْآنُ أَنْ يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْأَلُوا عَنْهُ، وَيَدَعُوا النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ.
٣١٧٠. وعن مُرَّةَ الهَمْدَانِيِّ قال: قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأَحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَ﴿إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَـَٔاتࣲ وَمَاۤ أَنتُم بِمُعۡجِزِینَ﴾ [الأنعام:١٣٤]. [خ:٧٢٧٧]
٣١٧١. وعَنْ هَمَّامٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ القُرَّاءِ اسْتَقِيمُوا فَقَدْ سَبَقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، وَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا. [خ:٧٢٨٢]
١- بابُ مَثَلِ مَن اقْتَدَى بالنَّبيِّ ﷺ واتَّبعَ سُنَّته، ومَثَلِ مَن عَصَاهُ
٣١٧٢. وعن جابرِ بنِ عَبْدِ اللهِ قالَ: جَاءَتْ مَلَائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ نَائِمٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ وَالقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا: إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا. فقال: فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا. فَقَالُوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا، وَجَعَلَ مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا، فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنَ المَأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ المَأْدُبَةِ. فَقَالُوا: أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا. قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ نَائِمٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ وَالقَلْبَ يَقْظَانُ. فَقَالُوا: الدَّارُ الجَنَّةُ، وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ، فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَى محمدًا فَقَدْ عَصَى اللهَ، مُحَمَّدٌ فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ. [خ:٧٢٨١]
٣١٧٣. [ق] وعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلِي/ وَمَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوْمًا فَقَالَ: يَا قَوْمِ، إِنِّي رَأَيْتُ الجَيْشَ بِعَيْنَيَّ، وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ العُرْيَانُ، فَالنَّجَاءَ النَّجَاءَ. فَأَطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأَدْلَجُوا، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ فَأَصْبَحُوا مَكَانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الجَيْشُ، فَأَهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ. فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أَطَاعَنِي فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمَثَلُ مَنْ عَصَانِي وَكَذَّبَ ما جِئْتُ بِهِ مِنَ الحَقِّ». [خ:٧٢٨٣]
1. قال النووي: «أصله أن الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بما يوجب المخافة نزع ثوبه وأشار به إليهم إذا كان بعيدا منهم؛ ليخبرهم بما دهمهم، وأكثر ما يفعل هذا (ربيئة القوم) وهو طليعتهم ورقيبهم، قالوا: وإنما يفعل ذلك لأنه أبين للناظر، وأغرب وأشنع منظرا، فهو أبلغ في استحثاثهم في التأهب للعدو، وقيل معناه: أنا النذير الذي أدركني جيش العدو فأخذ ثيابي فأنا أنذركم عريانا».
٢- بابُ ما يُكرَهُ مِنَ التَّعمُّقِ والغُلوِّ والبِدعِ في الدِّينِ، لقولِهِ تَعالى:
﴿یَـٰۤأَهۡلَ ٱلۡكِتَـٰبِ لَا تَغۡلُوا۟ فِی دِینِكُمۡ وَلَا تَقُولُوا۟ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ﴾ [النساء:١٧١]
• [ق] ولقوله ﷺ في حديث تحريم المدينة: «فمَن أحْدثَ فيها حَدَثًا فعليه لَعنة الله والملائكة والنَّاس أجمعين»[خ:٧٣٠٠]، وقد تقدَّم[ر:١٠١٦].
٣١٧٤. [ق] عَن عائشةَ قالت: صَنَعَ رسُولُ اللهِ ﷺ شَيْئًا تَرَخَّصَ فِيهِ، فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَحَمِدَ اللهَ ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللهِ إِنِّي لأَعْلَمُكُمْ بِاللهِ وَأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً». [خ:٧٣٠١]
1. قال ابن رجب: «فلما زادت معرفة الرسول ﷺ بربه زادت خشيته له وتقواه، فإن العلم التام يستلزم الخشية كما قال تعالى ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ فمن كان بالله وبأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه أعلم كان له أخشى وأتقى».
2. قال ابن حجر: «لَم أعرفْ أعيان القوم المشار إليهم في هذا الحديث، ولا الشيء الذي ترخَّص فيه النبي ﷺ ثم وجَدت ما يمكن أن يُعْرَفَ به ذلك، وهو ما أخرَجه مسلم في كتاب الصيام من وجْهٍ آخرَ عن عائشة: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، إني أُصبح جنبًا وأنا أُريد الصيام، فأَغْتسل وأصوم، فقال رسول الله ﷺ: (وأنا تُدركني الصلاة وأنا جُنبٌ، فأصوم)، فقال: يا رسول الله، إنك لستَ مثلنا، قد غَفَر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر، فغَضِب رسول الله ﷺ وقال: (إني أرجو أن أكونَ أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتَّقِي)».
3. قال ابن الجوزي: «إن قيل: كيف مدَح نفسه بهذا القول، ومن شأن الأنبياء والصالحين التواضُعُ؟ فالجواب: أنه لَمَّا خلا مدحُه لنفسه من بَغْي وتَكَبُّر، وكان مرادُه به الوصول إلى حقٍّ يُقيمه، وعَدْلٍ يُحييه، وجَوْرٍ يُبْطِله، كان ذلك جميلاً جائزًا».
2. قال ابن حجر: «لَم أعرفْ أعيان القوم المشار إليهم في هذا الحديث، ولا الشيء الذي ترخَّص فيه النبي ﷺ ثم وجَدت ما يمكن أن يُعْرَفَ به ذلك، وهو ما أخرَجه مسلم في كتاب الصيام من وجْهٍ آخرَ عن عائشة: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله، إني أُصبح جنبًا وأنا أُريد الصيام، فأَغْتسل وأصوم، فقال رسول الله ﷺ: (وأنا تُدركني الصلاة وأنا جُنبٌ، فأصوم)، فقال: يا رسول الله، إنك لستَ مثلنا، قد غَفَر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر، فغَضِب رسول الله ﷺ وقال: (إني أرجو أن أكونَ أخشاكم لله، وأعلمكم بما أتَّقِي)».
3. قال ابن الجوزي: «إن قيل: كيف مدَح نفسه بهذا القول، ومن شأن الأنبياء والصالحين التواضُعُ؟ فالجواب: أنه لَمَّا خلا مدحُه لنفسه من بَغْي وتَكَبُّر، وكان مرادُه به الوصول إلى حقٍّ يُقيمه، وعَدْلٍ يُحييه، وجَوْرٍ يُبْطِله، كان ذلك جميلاً جائزًا».
٣- بابُ ما يُذْكَرُ مِن ذمِّ الرَّأيِ والقياسِ الفَاسِدِ،
ولا تزالُ طائفةٌ مِن هذهِ الأمَّةِ قائمةً بالحقِّ
٣١٧٥. [ق] عَن عبدِ اللهِ بن عمرٍو قال: سَمِعْتُ رسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ لَا يَنْزِعُ العِلْمَ بَعْدَ أَنْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَنْزِعُهُ مِنْهُمْ مَعَ قَبْضِ العُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُضِلُّونَ وَيَضِلُّونَ». [خ:٧٣٠٧]
1. قال النووي: «هذا الحديث يبين أن المراد بقبض العلم في الأحاديث السابقة المطلقة ليس هو محوه من صدور حفاظه، ولكن معناه أنه يموت حملته، ويتخذ الناس جهالا يحكمون بجهالاتهم فيَضَلّون ويُضِلّون».
2. وفيه أن الفتوى هي الرئاسة الحقيقية، وذمّ من يُقْدم عليها بغير علم.
2. وفيه أن الفتوى هي الرئاسة الحقيقية، وذمّ من يُقْدم عليها بغير علم.
٣١٧٦. وعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ». [خ:٧٣١١]
٣١٧٧. [ق] وَعن مُعاويةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللهُ، وَلَنْ يَزَالَ أَمْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»، أَوْ: «حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ»./ [خ:٧٣١٢]
٤- بابُ إِثْمِ مَن دَعَا إِلى ضَلالةٍ أو سَنَّ سَيِّئةً،
لقولِهِ ﷿: ﴿وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِینَ یُضِلُّونَهُم بِغَیۡرِ عِلۡمٍ﴾ [النحل:٢٥]
٣١٧٨. [ق] عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا -وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: مِنْ دَمِهَا- لِأَنَّهُ سَنَّ القَتْلَ أَوَّلًا». [خ:٧٣٢١]
٣١٧٩. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ القُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ». فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَالَ: «وَمَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ؟». [خ:٧٣١٩]
٣١٨٠. [ق] وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بشِبْرٍ وذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ». قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: «فَمَنْ؟». [خ:٧٣٢٠]
1. قوله: (حتى لو دخلوا جحر ضب) قال ابن بطال: «وخص جحره بالذكر لشدة ضيقه، وهو كناية عن شدة الموافقة لهم في المعاصي لا في الكفر أي أنهم لاقتفائهم آثارهم واتباعهم طرائقهم لو دخلوا في مثل هذا الضيق لوافقوهم».
٥- بابُ وُجُوبِ قَبُولِ خَبرِ الواحدِ العَدْلِ، رجلًا كان أو امْرأةً في الأحكام الشَّرعيَّة،
لقولِهِ تعالى: ﴿فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةࣲ مِّنۡهُمۡ طَاۤىِٕفَةࣱ لِّیَتَفَقَّهُوا۟ فِی ٱلدِّینِ وَلِیُنذِرُوا۟ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوۤا۟ إِلَیۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ یَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة:١٢٢]، ولِقَوْلِهِ: ﴿إِن جَاۤءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإࣲ فَتَبَیَّنُوۤا۟﴾ [الحجرات:٦]
ولقوله ﷺ لمالك بْن الحُويرثِ ومَن كان معه: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَأَقِيمُوا فِيهِمْ وَعَلِّمُوهُمْ»[ر:٣٤٨]، ولقوله في حديث وفد عبد القَيس لمَّا ذكر لهم ما يحتاجون إليه مِن أمورهمْ في دينهم، قال: «احْفَظُوهُنَّ وَأَبْلِغُوا مَنْ وَرَاءَكُمْ»[ر:٨].
ولقوله ﷺ: «واغْدُ يا أُنَيْسُ عَلى امْرأة هَذا، فإنِ اعترفت فارجمها» [ر:١٢٩٩]. ونحوه كثير.
٣١٨١. وعَن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ، فَدْفَعُهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ. [خ:٧٢٦٤]
قلت: كَذا وقع هنا الحديث في الأمَّهات، ولم يُذكر فيه دِحية بعد قوله: (بَعَثَ)، والصَّواب إثباته، وقد ذكره/ البخاري فيما رواه الكُشْمِيْهَنيُّ مُعَلَّقًا، وقال ابن عبَّاس: بعثَ النَّبيُّ ﷺ دِحْيَة الكَلْبي بِكتابه إلى عظيم بُصْرى، وأنْ يدفعه إلى قيصر [خ:٢٩٤٠]. وهو الصَّواب، والله أعلم.
٦- بابُ تَرْكِ النَّكيرِ مِن النَّبيِّ ﷺ حجَّةٌ، لا مِن غيرِهِ
٣١٨٢. [ق] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَحْلِفُ بِاللهِ أَنَّ ابْنَ الصياد الدَّجَّالُ، قُلْتُ: تَحْلِفُ بِاللهِ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ رسُولِ اللهِ ﷺ [فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ ﷺ]. [خ:٧٣٥٥]
٧- بابٌ: لا تَسْألوا أهلَ الكِتَابِ عَنْ شيءٍ
٣١٨٣. وقال حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أنَّه: سَمِعَ مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُ رَهْطًا مِنْ قُرَيْشٍ بِالمَدِينَةِ، وَذَكَرَ كَعْبَ الأَحْبَارِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ أَصْدَقِ هَؤُلَاءِ المُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَنِ الكِتَابِ، وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الكَذِب. [خ:٧٣٦١]
٣١٨٤. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَؤونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ» الآيَةَ. [خ:٧٣٦٢]
٣١٨٥. وعَنِ ابنِ عبَّاس قال: كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ وَكِتَابُكُمُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِهِ أَحْدَثُ، تَقْرَؤونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ بَدَّلُوا كِتَابَ اللهِ وَغَيَّرُوهُ، وَكَتَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الكِتَابَ، وَقَالُوا: هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا؟ أَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِنَ العِلْمِ عَنْ مَسْأَلَتِهِمْ؟! لَا وَاللهِ، مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا يَسْأَلُكُمْ عَنِ الَّذِي أُنْزِلَ إِليكمْ. [خ:٧٣٦٣]
٨- بابُ المُشَاورةِ في الأُمورِ لأهلِ العِلْمِ والأَمَانةِ والرَّأيِ،
لقولِهِ تعالىَ: ﴿وَشَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِ﴾ [آل عمران:١٥٩]، ﴿وَأَمۡرُهُمۡ شُورَىٰ بَیۡنَهُمۡ﴾ [الشورى:٣٨]، والمشاورةِ قَبلَ العَزمِ: ﴿فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ﴾ [آل عمران:١٥٩]
• [خت] وَقد شَاوَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ.
• [خت] وَكَانَتِ الأَئِمَّةُ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ يَسْتَشِيرُونَ الأُمَنَاءَ/ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ فِي الأُمُورِ المُبَاحَةِ لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا، فَإِذَا وَضَحَ الكِتَابُ والسُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيْرِهِ، اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ ﷺ.
٣١٨٦. [ق] وعَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: «مَا تُشِيرُونَ عَلَيَّ فِي قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِي؟ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءٍ قَطُّ». [خ:٧٣٧٠]
٩- بابُ نَهي النَّبيِّ ﷺ عَنِ التَّحريمِ إلَّا مَا عُرفتْ إباحتُهُ،
وأَمْرُهُ على الوجوبِ إلَّا ما عُلِمَ خِلَافُهُ
• وقد تقدَّم قولُ أمِّ عطيَّةَ: نُهينا عنِ اتِّباعِ الجَنائِزِ ولم يُعْزَمْ علينا[ر:٦٦٠].
٣١٨٧. [ق] وعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: أَهْلَلْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الحَجِّ خَالِصًا ليْسَ مَعَهُ عُمْرَةٌ، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الحِجَّةِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنْ نَحِلَّ، وَقَالَ: «أَحِلُّوا وَأَصِيبُوا مِنَ النِّسَاءِ». قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: ثمَّ لَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحَلَّهُنَّ لَهُمْ، فَبَلَغَهُ أَنَّا نَقُولُ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَرَفَةَ إِلَّا خَمْسٌ، أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ إِلَى نِسَائِنَا، فَنَأْتِي عَرَفَةَ تَقْطُرُ مَذَاكِيرُنَا المَنَيَّ. قَالَ: وَيَقُولُ جَابِرٌ بِيَدِهِ هَكَذَا وَحَرَّكَهَا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقَالَ: «قَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَصْدَقُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ، وَلَوْلَا هَدْيِي لَحَلَلْتُ كَمَا تَحِلُّونَ فَحِلُّوا، فَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ». فَحَلَلْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. [خ:٧٣٦٧]
٣١٨٨. [ق] وعن عبدِ اللهِ المُزَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ المَغْرِبِ». قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ يشَاءُ». كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً. [خ:٧٣٦٨]
1. قال القرطبي: «أما كونه صلى الله عليه وسلم لم يُصلِّها، فلا ينفي الاستحباب، بل يدل على أنهما ليستا من الرواتب».
١٠- بابُ كَرَاهيةِ الاخْتِلَافِ
• [ق] قد تقدَّم قوله ﷺ: «اقْرَؤُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ»[ر:٢٢٧٢].
٣١٨٩. [ق] وعَنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رسُولُ اللهِ ﷺ -قَالَ: وَفِي البَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ- قَالَ: «هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا/ بَعْدَهُ». قَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ. وَاخْتَلَفَ البَيْت وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ ﷺ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «قُومُوا عَنِّي». [خ:٧٣٦٦]
1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «لو كان ما يكتبه في الكتاب مما يجب بيانه وكتابته لكان النبي ﷺ يُبينُه ويكتبه، ولا يلتفت إلى قول أحد، فعلم أنه لما ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجبا، ولا كان فيه من الدين ما تجب كتابته حينئذ، إذ لو وجب لفعله».
2. قال المازري: «إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب، مع صريح أمره لهم بذلك؛ لأن الأوامر قد يقارنها ما ينقلها من الوجوب، فكأنه ظهرت منه قرينة، دلت على أن الأمر ليس على التحتم، بل على الاختيار فاختلف اجتهادهم، وصمم عمر على الامتناع لما قام عنده من القرائن بأنه ﷺ قال ذلك عن غير قصد جازم، وعزمه ﷺ كان إما بالوحي وإما بالاجتهاد، وكذلك تركه إن كان بالوحي فبالوحي وإلا فبالاجتهاد، وفيه حجة لمن قال بالاجتهاد في الشرعيات.
2. قال المازري: «إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب، مع صريح أمره لهم بذلك؛ لأن الأوامر قد يقارنها ما ينقلها من الوجوب، فكأنه ظهرت منه قرينة، دلت على أن الأمر ليس على التحتم، بل على الاختيار فاختلف اجتهادهم، وصمم عمر على الامتناع لما قام عنده من القرائن بأنه ﷺ قال ذلك عن غير قصد جازم، وعزمه ﷺ كان إما بالوحي وإما بالاجتهاد، وكذلك تركه إن كان بالوحي فبالوحي وإلا فبالاجتهاد، وفيه حجة لمن قال بالاجتهاد في الشرعيات.
(٧٧) كِتَابُ التَّوحِيْدِ
١- بابُ دُعاءِ النَّبيِّ ﷺ أمَّتَهُ إِلى التَّوحيدِ،
لِقولِهِ تعالىَ: ﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِی خَلَقَكُمۡ﴾ الآية [البقرة:٢١]
• [ق] وقال ﷺ لمعاذ: «إنَّك تقدَمُ على قومٍ مِن أهل الكِتاب، فليكنْ أوَّل ما تدعوهم إلى أنْ يوحِّدوا الله، فإذا عَرفوا ذلك، فأخْبرهم أنَّ الله فرضَ عليهمْ خمسَ صَلواتٍ»... الحديثَ[خ:٧٣٧١]، وقد تقدَّم [ر:٦٩٠].
٣١٩٠. [ق] وعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: قَالَ رسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا مُعَاذُ، أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى العِبَادِ؟» قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلى اللهِ؟» قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ». [خ:٧٣٧٣]
1. في الحديث بيان فضل معاذ ﭬ، وحسن أدبه في القول وفي العلم، بِرَدّه لِمَا لم يُحطْ بحقيقته إلى علم الله تعالى، وعلم رسوله ﷺ ، وقرب منزلته من النبي ﷺ.
2. قوله: (هل تدري ما حق الله على العباد) فيه مشروعية استفسار الشيخ تلميذه عن الحُكُم؛ ليختبر ما عنده من العلم، ويُبَيِّن له ما يُشكل عليه منه.
2. قوله: (هل تدري ما حق الله على العباد) فيه مشروعية استفسار الشيخ تلميذه عن الحُكُم؛ ليختبر ما عنده من العلم، ويُبَيِّن له ما يُشكل عليه منه.
٢- بابُ قولِهِ تعالىَ: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَاۤءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف:١٨٠]،
ولا يُسَمَّى إلَّا بما سَمَّى بِه نفسَه
٣١٩١. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا -مِئَةً إِلَّا واحدة- مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ». [خ:٧٣٩٢]
البُخاري: ﴿أَحۡصَیۡنَـٰهُ﴾ [يس:١٢]: حَفِظْنَاهُ.
٣١٩٢. وعَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: أَكْثَرُ مَا كَانَ رسُولُ اللهِ ﷺ يَحْلِفُ: «لَا وَمُقَلِّبِ القُلُوبِ». [خ:٧٣٩١]
• وقال تَعالى: ﴿ٱلسَّلَـٰمُ ٱلۡمُؤۡمِنُ ٱلۡمُهَیۡمِنُ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُ﴾ إلى آخر السُّورة [الحشر:٢٣-٢٤].
• وقد تقدَّم من حَديث ابْن مَسعود: «إنَّ الله هو السَّلام»[ر:٤٢٩].
• وأخبر الله عن نفسه بقوله: ﴿وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِیعَۢا بَصِیرࣰا﴾ [النساء:١٣٤].
• [خت] وَقَالَ الأَعْمَشُ، عَنْ تَمِيمٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:/ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأَصْوَاتَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ: ﴿قَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّتِی تُجَـٰدِلُكَ فِی زَوۡجِهَا﴾ [المجادلة:١].
• [ق] وقال رَسول الله ﷺ: «ارْبَعُوا على أنفسكم؛ فإنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، تدعون سميعًا بصيرًا»[خ:٧٣٨٦]. وقد تقدَّم [ر:١٩٠٠، ٢٨١٨].
٣- بابُ مَا سمَّى الله تعالى لَه مِن وجهٍ
ونَفْسٍ وذاتٍ وعينٍ ويدٍ وروحٍ في كتابِهِ وفي سُنَّةِ نبيِّهِ
فقال: ﴿وَیُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥ﴾ [آل عمران:٢٨]، وقال: ﴿یُرِیدُونَ وَجۡهَهُۥ﴾ [الكهف:٢٨]، وقال: ﴿تَعۡلَمُ مَا فِی نَفۡسِی وَلَاۤ أَعۡلَمُ مَا فِی نَفۡسِكَ﴾ [المائدة:١١٦]، وقال: ﴿وَلِتُصۡنَعَ عَلَىٰ عَیۡنِیۤ﴾ [طه:٣٩]، ومع ذلك فـــ﴿لَیۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَیۡءࣱ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ﴾ [الشورى:١١]، وقال: ﴿مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِیَدَیَّ﴾ [ص:٧٥]، وقال: ﴿وَنَفَخۡتُ فِیهِ مِن رُّوحِی﴾ [ص:٧٢].
٣١٩٣. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَمَّا خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ -وَهُوَ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ، وَهُوَ وَضْعٌ عِنْدَهُ عَلَى العَرْشِ-: إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي». [خ:٧٤٠٤]
• وقد تقدَّم قول خُبَيْبٍ[ر:١٤٤٢]:
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
٣١٩٤. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَقُولُ اللهُ ﷿: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْه بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». [خ:٧٤٠٥]
• وفي حديث آدم: أنَّ النَّاس يقولون له يوم القيامة: «أنتَ الَّذي خلقكَ اللهُ بيدِه، ونفخَ فيك مِن رُوحهِ». [ر:٢١٠١]
٤- بابٌ: للهِ تَعَالى مِن المَحَامدِ مَا لم يُطْلِعْ عليها أحدٌ في هذه الدَّارِ،
وسيُطْلع على ما شاء منها نبيَّه المختار
• وقد تقدَّم مِن حديث أبي هُرَيْرَةَ في كتاب التَّفسير أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربِّي، ثمَّ يَفتح الله عليَّ مِن محامده وحُسن الثَّناء عليه شيئًا لم يَفْتَحْه على أحدٍ قبلي».[ر:٢١٠١]
• وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «يَجْمَعُ اللهُ المُؤْمِنِينَ/ يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ».… الحديثَ وسيأتي، وفيه: «فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّي» [ر:٣١٩٨].
٥- بابٌ: في قولِهِ تعالى: ﴿قُلۡ أَیُّ شَیۡءٍ أَكۡبَرُ شَهَـٰدَةࣰ قُلِ ٱللَّهُ﴾ [الأنعام:١٩]،
فَسمَّى الله نفسَه شيئًا، وفي قوله: ﴿وَكَانَ عَرۡشُهُۥ عَلَى ٱلۡمَاۤءِ﴾ [هود:٧]
﴿وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِیمِ﴾ [التوبة:١٢٩]
• قد تقدَّم حَديث عِمران بن حُصين في كتاب بَدْء الخَلق: «إنَّ الله تعالى كانَ ولم يكن شَيءٌ غيره، وكان عرْشهُ على الماء»[ر:١٥١٥].
٣١٩٥. [ق] ومِن حديث أبي هُرَيْرَةَ قوله ﷺ: «يَمينُ اللهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ، وَعَرْشُهُ عَلَى المَاءِ». [خ:٧٤١٩]