باب: الذكر والدعاء عند دخول المسجد


(م) (٧١٣) عَنْ أبِي حُمَيْدٍ أوْ عَنْ أبِي أُسَيْدٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ فَليَقُلِ: اللَّهُمَّ افتَح لِي أبوابَ رَحمَتِكَ، وإذا خَرَجَ فَليَقُلِ: اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُكَ مِن فَضلِكَ».
- فيه استحباب هذا الذكر عند الدخول والخروج من المسجد.
- خصت الرحمة بالدخول ؛لأن الداخل طالب للآخرة، وَالرَّحْمَة أخص مَطْلُوب، وخص الفضل بالخروج؛ لأن الإنسان يخرج لطلب المعاش في الدنيا وهو المراد بالفضل، وكذلك قوله تعالى: { وابتغوا من فضل الله } [الْجُمُعَة: 10]. (ابن الجوزي)

باب: الذكر والدعاء في أثناء الصلاة


(خ م) (٥٩٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا كَبَّرَ فِي الصَّلاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبلَ أن يَقرَأَ، فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ بِأَبِي أنتَ وأُمِّي؛ أرَأَيتَ سُكُوتَكَ بَينَ التَّكبِيرِ والقِراءَةِ؛ ما تَقُولُ؟ قالَ: «أقُولُ: اللَّهُمَّ باعِد بَينِي وبَينَ خَطايايَ كَما باعَدتَ بَينَ المَشرِقِ والمَغرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِن خَطايايَ كَما يُنَقّى الثَّوبُ الأَبيَضُ مِن الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغسِلنِي مِن خَطايايَ بِالثَّلجِ والماءِ والبَرَدِ».
(م) (٣٩٩) عَنْ عَبْدَةَ؛ أنّ عُمَرَ بْنَ الخَطّابِ ﵁ كانَ يَجهَرُ بِهَؤُلاءِ الكَلِماتِ، يَقُولُ: سُبحانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمدِكَ، تَبارَكَ اسمُكَ، وتَعالى جَدُّكَ، ولا إلَهَ غَيرُكَ.
-في هذا الحديثِ بيانٌ لدُعاءِ الاستفتاحِ الَّذي كان النَّبيُّ ﷺ يقولُه بعد أن يُكبِّرَ تكبيرةَ الإحرامِ.
-في قوله: «اغسِلْ خطايايَ بالماءِ والثَّلجِ والبرَدِ» معناه: طهِّرْني مِن كلِّ ما اقترَفْتُه بكلِّ أنواع المُطهِّراتِ؛ وهذه أمثالٌ لم يُرِدْ بها أعيانَ هذه المسمَّيات، وإنَّما أراد بها التَّوكيدَ في التَّطهيرِ مِن الخطايا، والمُبالغةَ في محوِها عنه.
- جواز الدعاء في الصلاة بما ليس في القرآن.
- ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من المحافظة على تتبع أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في حركاته وسكناته ، وإسراره ، وإعلانه حتى حفظ الله بهم الدين .

(م) (٦٠١) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: بَينَما نَحنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إذ قالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: اللهُ أكبَرُ كَبِيرًا، والحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وسُبحانَ اللهِ بُكرَةً وأَصِيلًا. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنِ القائِلُ كَلِمَةَ كَذا وكَذا؟» قالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: أنا يا رَسُولَ اللهِ. قالَ: «عَجِبتُ لَها، فُتِحَت لَها أبوابُ السَّماءِ». قالَ ابنُ عُمَرَ: فَما تَرَكتُهُنَّ مُنذُ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ ذَلكَ.
-حِرْصُ ابنِ عُمرَ الشَّديدَ على التَّمَسُّكِ بما يَصدُرُ عنِ النَّبيِّ ﷺ قولًا أو فعلًا.
- بيان ما يقال بين التكبير والقراءة من الأذكار .
- بيان ما أكرم الله عز وجل به هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه حيث ألهمه هذا الذكر العظيم القدر

(خ م) (٤١٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا أمَّنَ الإمامُ فَأَمِّنُوا، فَإنَّهُ مَن وافَقَ تَأمِينُهُ تَأمِينَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ». قالَ ابنُ شِهابٍ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «آمِينَ».
(خ م) (٤٠٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا قالَ الإمامُ: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ. فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنا لَكَ الحَمدُ. فَإنَّهُ مَن وافَقَ قَولُهُ قَولَ المَلائِكَةِ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِه».
- في معنى قوله "وافق قوله قول الملائكة": يعني في وقت تأمينهم ومشاركتهم في التأمين ويعضده قوله وقالت الملائكة في السماء آمين. (القرطبي).
- استحباب تأمين الإمام والمأمومين ، بأن يقولوا : " آمين " ، وهذه اللفظة وإن لم تكن في القرآن ، لكن يطلب التلفظ بها ، لأنها سنة الدعاء ، وأجرها عظيم . ( الصابوني )

(م) (٦٠٠) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ رَجُلًا جاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ، وقَد حَفَزَهُ النَّفَسُ()، فَقالَ: الحَمدُ للهِ حَمدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيهِ. فَلَمّا قَضى رَسُولُ اللهِ ﷺ صَلاتَهُ قالَ: «أيُّكُم المُتَكَلِّمُ بِالكَلِماتِ؟» فَأَرَمَّ القَومُ، فَقالَ: «أيُّكُم المُتَكَلِّمُ بِها؟ فَإنَّهُ لَم يَقُل بَأسًا». فَقالَ رَجُلٌ: جِئتُ وقَد حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلتُها. فَقالَ: «لَقَد رَأَيتُ اثنَي عَشَرَ مَلَكًا يَبتَدِرُونَها، أيُّهُم يَرفَعُها».
(خ) (٧٩٩) عَنْ رِفاعَةَ بْنِ رافِعٍ قالَ: كُنّا يَومًا نُصَلِّي وراءَ النبيِّ ﷺ، فَلَمّا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرَّكعَةِ قالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ». قالَ رَجُلٌ وراءَهُ: رَبَّنا ولَكَ الحَمدُ حَمدًا كَثِيرا طَيِّبًا مُبارَكًا فِيه. فَلَمّا انصَرَفَ، قالَ: مَن المُتكَلِّمُ؟ قالَ: أنا، قالَ: «رَأَيتُ بِضعَةً وثَلاثِينَ مَلَكًا يَبتَدِرُونَها؛ أيُّهُم يَكتُبُها أوَّلُ».
-ثواب التحميد لله والذكر له.
- قال النووي في قوله : " لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها " : فيه دليل على أن بعض الطاعات قد يكتبها غير الحفظة .
- في هذا الحديث إقرار من الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل في مقالته ، ولكن لما كان الله يحبها ، لأنها ثناء عليه أصبحت مشروعة ، يجوز للمصلي أن يدعوا بها . ثبتت بالتقرير من سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم .( الصابوني )

(م) (٤٧٩) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ السِّتارَةَ، والنّاسُ صُفُوفٌ خَلفَ أبِي بَكرٍ، فَقالَ: «أيُّها النّاسُ؛ إنَّهُ لَم يَبقَ مِن مُبَشِّراتِ النُّبُوَّةِ إلا الرُّؤيا الصّالِحَةُ؛ يَراها المُسلِمُ أو تُرى لَهُ، ألا وإنِّي نُهِيتُ أن أقرَأَ القُرآنَ راكِعًا أو ساجِدًا، فَأَمّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وأَمّا السُّجُودُ فاجتَهِدُوا فِي الدُّعاءِ، فَقَمِنٌ أن يُستَجابَ لَكُم».
-النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود ، وتوضيح ما ينبغي أن يقال فيهما من الأذكار ، وتبيين فضل السجود ومكانته بين الطاعات.
- قال المهلب ما حاصله : التعبير بالمبشرات خرج للأغلب ، فإن من الرؤيا ما تكون منذرة ، وهي صادقة يريها الله تعالى للمؤمن رفقا به ، ليستعد لما يقع قبل وقوعه . ( شبير العثماني في فتح الملهم )
- قال ابن التين : معنى الحديث أن الوحي ينقطع بموتي ، ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا الرؤيا . (شبير العثماني في فتح الملهم ) .
- قوله : " ألا وإني نهيت ...." قال عياض : خطابه الخاص به يشمل الأمة ، لأن الأصل : التأسي ، حتى يقوم دليل على قصره عليه .( شبير العثماني في فتح الملهم ) .
- قال الخطابي : لما كان الركوع والسجود ، وهما غاية الذل والخضوع ، مخصوصين بالذكر والتسبيح : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القراءة فيهما ، كأن النبي صلى الله عليه وسلم كره أن يجمع بين كلام الله تعالى وكلام الخلق في موضع واحد ، فيكونان سواء . (شبير العثماني في فتح الملهم )
- قوله : " أن يستجاب لكم " ، قال الحافظ : والاستجابة تشمل استجابة الداعي بإعطاء سؤاله ، واستجابة المثني بتعظيم ثوابه . (شبير العثماني في فتح الملهم )

(خ م) (٤٨٤) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُكثِرُ أن يَقُول فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ: «سُبحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغفِر لِي». يَتَأَوَّلُ() القُرآنَ.
وفي رواية: ما رَأَيتُ النَّبِيَّ ﷺ مُنذُ نَزَلَ عَلَيهِ: ﴿إذا جاء نصر الله والفتح﴾، يُصَلِّي صَلاةً إلّا دَعا، أو قالَ فِيها: «سُبحانَكَ رَبِّي وبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغفِر لِي».
-"مَعْنَى يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ: يَعْمَلُ مَا أُمِرَ بِهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ "فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ توابا"، وَكَانَ ﷺ يَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ الْبَدِيعَ فِي الْجَزَالَةِ الْمُسْتَوْفِي مَا أُمِرَ بِهِ فِي الْآيَةِ، وَكَانَ يَأْتِي بِهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا، فَكَانَ يَخْتَارُهَا لِأَدَاءِ هَذَا الْوَاجِبِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ لِيَكُونَ أَكْمَلَ" (النووي).
-"فسبحان الله" معناه: براءة وتنزيها لَهُ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ, وَقَوْلُهُ وَبِحَمْدِكَ أَيْ: وَبِحَمْدِكَ سَبَّحْتُكَ، وَمَعْنَاهُ: بِتَوْفِيقِكَ لِي وَهِدَايَتِكَ وَفَضْلِكَ عَلَيَّ سَبَّحْتُكَ لَا بِحَوْلِي وَقُوَّتِي" (النووي).
-"فَفِيهِ شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَالِاعْتِرَافُ بِهَا وَالتَّفْوِيضُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ كُلَّ الْأَفْعَالِ لَهُ" (النووي).
- فيه أن التسبيح في الركوع يأتي بمعنى الجلال والعظمة والبعد عن النقائص .
- فيه أنه صلى الله عليه وسلم كان يتأول في صلاته قول الله عز وجل : { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } . ( الصابوني )

(م) (٤٨٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «أقرَبُ ما يَكُونُ العَبدُ مِن رَبِّهِ وهُوَ ساجِدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ».
-"إِنَّمَا كَانَ السُّجُود موطن قرب لِأَنَّهُ غَايَة ذل الْآدَمِيّ، فَلذَلِك تقرب من مَوْلَاهُ" (ابن الجوزي).
-" تعميم الدعاء وعدم تخصيصه بنوع ولا غيره " (المناوي).
-"والأمر بالإكثار من الدعاء في السجود ويشمل الحث على تكثير الطلب لكل حاجة.
- بيان موضع من مواضع الدعاء في الصلاة وهو السجود وبيان فضله .

(م) (٤٨٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِي ذَنبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وجِلَّهُ، وأَوَّلَهُ وآخِرَهُ، وعَلانِيَتَهُ وسِرَّهُ».
-فِيهِ تَوْكِيدُ الدُّعَاءِ وَتَكْثِيرُ أَلْفَاظِهِ وَإِنْ أَغْنَى بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ". النووي
-"وَقَوْلُهُ ﷺ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ مَعَ أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعُبُودِيَّةِ وَالْإِذْعَانِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى" (النووي).
- أن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم شكرا لله وطلبا لرحمته وفضله .
- أن الركوع مقتصر على تعظيم الرب جل جلاله والثناء عليه .

١ س1) عن عبدة أن ... كان يجهر بهؤلاء الكلمات: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك ولا إله غيرك.

٣/٠