باب: الذكر والدعاء بعد الصلوات


(خ م) (٥٩٣) عَنْ ورّادٍ مَوْلى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: كَتَبَ المُغِيرَةُ بنُ شُعبَةَ إلى مُعاوِيَةَ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا فَرَغَ مِن الصَّلاةِ وسَلَّمَ قالَ: «لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمدُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مانِعَ لِما أعطَيتَ، ولا مُعطِيَ لِما مَنَعتَ، ولا يَنفَعُ ذا الجَدِّ مِنكَ الجَدُّ».
-فيه المبادرة إلى امتثال السنن وإشاعتها، ففي البخاري عن وراد قال: ثم وفدت بعد على معاوية، فسمعته يأمر الناس بذلك (موسى شاهين).
- ويؤخذ من قوله: "دبر كل صلاة" أن الذكر يعقب السلام، حتى ولو كانت الصلاة مما يتنفل بعدها (موسى شاهين).

(خ م) (٥٨٣) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كُنّا نَعرِفُ انقِضاءَ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِالتَّكبِيرِ.
ولَهُما عَنهُ؛ أنَّ رَفعَ الصَّوتِ بِالذِّكرِ حِينَ يَنصَرِفُ النّاسُ مِنَ المَكتُوبَةِ كانَ عَلى عَهدِ النبيِّ ﷺ، قالَ: وكُنتُ أعلَمُ إذا انصَرَفُوا بِذَلكَ إذا سَمِعتُهُ.
-فيه دليل على جواز الجهر بالذكر عقب الصلاة (ابن حجر).
-" كنت أعلم": فيه إطلاق العلم على الأمر المستند إلى الظن الغالب (ابن حجر).

(خ م) (٥٩٥) عَنْ سُمَيٍّ؛ عَن أبِي صالِحٍ؛ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ فُقَراءَ المُهاجِرِينَ أتَوا رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقالُوا: ذَهَبَ أهلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجاتِ العُلى والنَّعِيمِ المُقِيمِ. فَقالَ: «وما ذاكَ؟» قالُوا: يُصَلُّونَ كَما نُصَلِّي، ويَصُومُونَ كَما نَصُومُ، ويَتَصَدَّقُونَ ولا نَتَصَدَّقُ، ويُعتِقُونَ ولا نُعتِقُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أفَلا أُعَلِّمُكُم شَيئًا تُدرِكُونَ بِهِ مَن سَبَقَكُم، وتَسبِقُونَ بِهِ مَن بَعدَكُم، ولا يَكُونُ أحَدٌ أفضَلَ مِنكُم إلا مَن صَنَعَ مِثلَ ما صَنَعتُم». قالُوا: بَلى يا رَسُولَ اللهِ. قالَ: «تُسَبِّحُونَ وتُكَبِّرُونَ وتَحمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ مَرَّةً». (قالَ أبُو صالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَراءُ المُهاجِرِينَ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالُوا: سَمِعَ إخوانُنا أهلُ الأَموالِ بِما فَعَلنا فَفَعَلُوا مِثلَهُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ذَلكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشاءُ». قالَ سُمَيٌّ): فَحَدَّثتُ بَعضَ أهلِي هذا الحَدِيثَ. فَقالَ: وهِمتَ، إنَّما قالَ: «تُسَبِّحُ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وتَحمَدُ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وتُكَبِّرُ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ». فَرَجَعتُ إلى (أبِي صالِحٍ) فَقُلتُ لَهُ ذَلكَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَقالَ: اللهُ أكبَرُ وسُبحانَ اللهِ والحَمدُ للهِ، اللهُ أكبَرُ وسُبحانَ اللهِ والحَمدُ للهِ، حَتّى تَبلُغَ مِن جَمِيعِهِنّ ثَلاثَةً وثَلاثِينَ.
وفي رواية (خ): «تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشرًا وتَحمَدُونَ عَشرًا وتُكَبِّرُونَ عَشرًا».
وفي رواية (م): يَقُولُ سُهَيلٌ: إحدى عَشرَةَ، إحدى عَشرَةَ؛ فَجَمِيعُ ذَلكَ كُلُّهُ ثَلاثَةٌ وثَلاثُونَ.
- دليل لمن فضّل الغني الشاكر على الفقير الصابر، وفي المسألة خلاف مشهور (النووي).
- "الدرجات العلا": يحتمل أن تكون حسية، والمراد درجات الجنان، أو معنوية والمراد علو القدر عند الله (ابن حجر).
-أن الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل منها عدد مخصوص مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة على العدد المخصوص (ابن حجر).
-أن العالِم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل، ولا يجيب بنفس الفاضل لئلا يقع الخلاف (ابن بطال).
- وفيه التوسعة في الغبطة، وفرق بينها وبين الحسد المذموم (موسى شاهين).
- وفيه المسابقة إلى الأعمال المحصلة للدرجات العالية، لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم، ولم ينكر عليهم صلى الله عليه وسلم (موسى شاهين).
- وفيه أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق (موسى شاهين).
- استدل به البخاري على فضل الدعاء عقيب الصلاة (موسى شاهين).
- وفيه أن العمل القاصر قد يساوي المتعدي نفعه إلى الغير، خلافًا لمن قال: المتعدي نفعه إلى الغير أفضل مطلقًا (موسى شاهين).

(م) (٥٩١) عَنْ ثَوْبانَ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا انصَرَفَ مِن صَلاتِهِ استَغفَرَ ثَلاثًا، وقالَ: «اللَّهُمَّ أنتَ السَّلامُ، ومِنكَ السَّلامُ، تَبارَكتَ ذا الجَلالِ والإكرامِ». قالَ الوَلِيدُ: فَقُلتُ لِلأَوزاعِيِّ: كَيفَ الاستِغفارُ؟ قالَ: تَقُولُ: أستَغفِرُ اللهَ، أستَغفِرُ اللهَ.
(م) (٥٩٢) عَنْ عائشةَ ﵂ قالَت: كانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا سَلَّمَ لَم يَقعُد إلا مِقدارَ ما يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أنتَ السَّلامُ ومِنكَ السَّلامُ، تَبارَكتَ ذا الجَلالِ والإكرامِ». وفي رواية: «يا ذا الجَلالِ والإكرام».
(م) (٥٩٤) عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ قالَ: كانَ ابنُ الزُّبَيرِ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: «لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمدُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بِاللهِ، لا إلَهَ إلا اللهُ ولا نَعبُدُ إلا إيّاهُ، لَهُ النِّعمَةُ ولَهُ الفَضْلُ ولَهُ الثَّناءُ الحَسَنُ، لا إلَهَ إلا اللهُ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولَو كَرِهَ الكافِرونَ».قال: وكان رسول الله ﷺ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ.
(م) (٥٩٦) عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ﵁، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ أو فاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكتُوبَةٍ: ثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَسبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَحمِيدَةً، وأَربَعٌ وثَلاثُونَ تَكبِيرَةً».
(م) (٥٩٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتلِكَ تِسعَةٌ وتِسعُونَ، وقالَ تَمامَ المِائَةِ: لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمدُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَت خَطاياهُ وإن كانَت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ».
-ولقد علمهم صلى الله عليه وسلم كثيرًا من الذكر والثناء والتكبير، ليختار المقل منه ما يستطيع، وليستزيد من يريد الزيادة في الخير. فقد كان صلى الله عليه وسلم عقب السلام من الصلاة يستغفر ثلاثًا بقوله: أستغفر اللَّه العظيم، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وأحيانًا كان يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد، أي لا أحد يستطيع منع عطائك إذا أعطيت ولا أحد يستطيع العطاء إذا لم تعط أنت، ولا ينفع الغني غناه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وأحيانًا كان يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا حول ولا قوة إلا الله. لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل (موسى لا شين).

باب: ما ورد في القنوت في صلاة الفجر عند النازلة


(خ م) (٦٧٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُولُ حِينَ يَفرُغُ مِن صَلاةِ الفَجرِ مِن القِراءَةِ، ويُكَبِّرُ ويَرفَعُ رَأسَهُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ، رَبَّنا ولَكَ الحَمدُ»، ثُمَّ يَقُولُ وهُوَ قائِمٌ: «اللَّهُمَّ أنجِ الوَلِيدَ بنَ الوَلِيدِ وسَلَمَةَ بنَ هِشامٍ وعَيّاشَ بنَ أبِي رَبِيعَةَ والمُستَضعَفِينَ مِن المُؤمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشدُد وطأَتَكَ عَلى مُضَرَ، واجعَلها عَلَيهِم كَسِنِي يُوسُفَ، (اللَّهُمَّ العَن لِحيانَ ورِعلًا وذَكوانَ وعُصَيَّةَ عَصَت اللهَ ورَسُولَهُ». ثُمَّ بَلَغَنا) أنَّهُ تَرَكَ ذَلكَ لَمّا أُنزِلَ: ﴿ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون﴾ [آل عمران: ١٢٨].
وفي رواية (خ) أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «غِفارٌ غَفَرَ اللَّهُ لَها وأَسلَمُ سالَمَها اللَّهُ». قالَ ابنُ أبِي الزِّنادِ عَن أبِيهِ: هَذا كُلُّهُ فِي الصُّبحِ.
-هذه الأحاديث تدل على مشروعية القنوت عند نزول النوازل (ابن عبد البر).
-فيه مشروعية الجهر بالقنوت للنازلة.
-فيه أن الدعاء لقوم بأسمائهم وأسماء آباءهم لا يقطع الصلاة (المباركفوري).

١ س1) عن أبي هريرة؛ أن ... أتوا رسول الله ﷺ فقالوا: "ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم".

٣/٠