باب: الذكر والدعاء في الحج والعمرة


(خ م) (١١٨٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُهِلُّ مُلَبِّدًا، يَقُولُ: «لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيكَ، إنَّ الحَمدَ والنِّعمَةَ لَكَ والمُلكَ لا شَرِيكَ لَكَ». لا يَزِيدُ عَلى هَؤُلاءِ الكَلِماتِ، وإنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ ﵄ كانَ يَقُولُ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَركَعُ بِذِي الحُلَيفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ إذا استَوَت بِهِ النّاقَةُ قائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الحُلَيفَةِ أهَلَّ بِهَؤُلاءِ الكَلِماتِ، (وكانَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ: كانَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ ﵁ يُهِلُّ بِإهلالِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِن هَؤُلاءِ الكَلِماتِ، ويَقُولُ لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ وسَعدَيكَ، والخَيرُ فِي يَدَيكَ، لَبَّيكَ والرَّغباءُ إلَيكَ والعَمَلُ).
- فيه أن سُنة التلبية عند الأخذ في الإحرام والشروع في العمل (القاضي عياض)
- وفيه الإهلال مستقبل القبلة؛ لأنها إجابة الداعي إبراهيم عليه السلام ولا تجيب أحداً مولياً ظهرك عنه. (القاضي عياض)
- قال العلماء: الإهلال رفع الصوت بالتلبية عند الدخول في الإحرام وأصل الإهلال في اللغة: رفع الصوت، ومنه استهل المولود أي صاح (النووي).

(خ م) (١٣٣٠) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قالَ: قُلتُ لِعَطاءٍ: (أسَمِعتَ ابنَ عَبّاسٍ يَقُولُ: إنَّما أُمِرتُم بِالطَّوافِ ولَم تُؤمَرُوا بِدُخُولِهِ؟ قالَ: لَم يَكُن يَنهى عَن دُخُولِهِ)، ولَكِنِّي سَمِعتُهُ يَقُولُ: (أخبَرَنِي أُسامَةُ بنُ زَيْدٍ؛) أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمّا دَخَلَ البَيتَ دَعا فِي نَواحِيهِ كُلِّها، ولَم يُصَلِّ فِيهِ حَتّى خَرَجَ، فَلَمّا خَرَجَ رَكَعَ فِي قُبُلِ البَيتِ رَكْعَتَيْنِ، وقالَ: «هَذِهِ القِبلَةُ». (قُلتُ لَهُ: ما نَواحِيها؟ أفِي زَواياها؟ قالَ: بَل فِي كُلِّ قِبلَةٍ مِن البَيتِ). وفي رواية (م): أنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ الكَعبةَ وفِيها سِتُّ سَوارٍ، فَقامَ عِنْدَ سارِيةٍ فَدَعا ولَم يُصَلِّ.
- مشروعية دخول الكعبة ومشروعية الصلاة فيها.
- فيه السؤال عن العلم والحرص فيه.
- فضيلة ابن عمر رضي الله عنهما لشدة حرصه على تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليعمل بها.

ولهما عن ابن عمر: فَتَلَقَّيتُ رسولَ الله ﷺ خارجًا، وبلالٌ على إثرِهِ، فقلت لبلالٍ: هل صَلّى رسولُ اللهِ ﷺ؟ قال: نعم. قلت: أين؟ قال: بين العمودين تلقاء وجهه. قال: ونسيت أن أسأله كم صلى؟
(خ م) (١٢٨٥) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي بَكْرٍ الثَّقَفِيِّ؛ أنَّهُ سَأَلَ أنَسَ بنَ مالِكٍ ﵁ وهُما غادِيانِ مِن مِنىً إلى عَرَفَةَ؛ كَيفَ كُنتُم تَصنَعُونَ فِي هَذا اليَومِ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَقالَ: كانَ يُهِلُّ المُهِلُّ مِنّا فَلا يُنكَرُ عَلَيهِ، ويُكَبِّرُ المُكَبِّرُ مِنّا فَلا يُنكَرُ عَلَيهِ.
- فيه أن وجه قطع التلبية عند الرواح إلى الموقف من عرفة؛ لأنه آخر السفر، وإليه منتهى الحاج، وما بعد ذلك فهو رجوع فالتكبير فيه أولى. (المهلب)
- أن التكبير والدعاء لله عند المشعر الحرام وأيام منى أولى من التلبية؛ لأن معنى التلبية الإجابة (المهلب)
- فيه الذهاب مبكرا من منى إلى عرفة مع التهليل.
- فيه التيسير على الحجاج في أداء المناسك.
- استحباب التلبية والتكبير في الذهاب من منى إلى عرفات يوم عرفة والتلبية أفضل، وفيه رد على من قال بقطع التلبية بعد صبح يوم عرفة (النووي)

(م) (١٢٨٤) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: غَدَونا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِن مِنىً إلى عَرَفاتٍ، مِنّا المُلبِّي ومِنّا المُكَبِّر. وفي رواية زادَ: فَأَمّا نَحنُ فَنُكَبِّرُ.
(خ) (١٧٥٢) عَنْ سالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ﵁ كانَ يَرْمِي الجَمرَةَ الدُّنْيا بِسَبْعِ حَصَياتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَلى إثْرِ كُلِّ حَصاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسْهِلُ، فَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمَرَةَ الوُسْطى كَذَلِكَ، فَيَأْخُذُ ذاتَ الشِّمالِ فَيُسْهِلُ، ويَقُومُ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ قِيامًا طَوِيلًا، فَيَدْعُو ويَرْفَعُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَرْمِي الجَمرَةَ ذاتَ العَقَبَةِ مِن بَطْنِ الوادِي، ولا يَقِفُ عِنْدَها، ويَقُولُ هَكَذا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَفْعَلُ.
- قال عطاء: كان ابن عمر يقف عندها بمقدار ما يقرأ سورة البقرة (ابن الملقن).
- من السنة أن يبدأ الجمرة الدنيا يعني القريبة إلى عرفات، ويستهل أي ينحدر إلى الأرض السهلة المنخفضة، وإنما يقف في الأخيرة لأنها آخر الجمار فهي كالتشهد في الصلاة، وإنما سمى الجمار جمارا فقد ذكر أبو عبيد الهروي: "أن الجمار هي الأحجار الصغار، وبه سميت جمار مكة". (ابن هبيرة)

باب: الذكر والدعاء في السفر


(م) (١٣٤٢) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا استَوى عَلى بَعِيرِهِ خارِجًا إلى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ قالَ: «﴿سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين (١٣) وإنا إلى ربنا لمنقلبون [الزخرف: ١٣، ١٤]، اللَّهُمَّ نَسأَلُكَ فِي سَفَرِنا هَذا البِرَّ والتَّقوى ومِنَ العَمَلِ ما تَرضى، اللَّهُمَّ هَوِّن عَلَينا سَفَرَنا هَذا واطوِ عَنّا بُعدَهُ، اللَّهُمَّ أنتَ الصّاحِبُ فِي السَّفَرِ والخَلِيفَةُ فِي الأَهلِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن وعثاءِ السَّفَرِ وكَآبَةِ المَنظَرِ وسُوءِ المُنقَلَبِ فِي المالِ والأَهلِ». وإذا رَجَعَ قالَهُنَّ، وزادَ فِيهِنَّ: «آيِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ لِرَبِّنا حامِدُونَ».
ورَوى (م) عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرجِسَ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا سافَرَ يَتَعَوَّذُ مِن وعثاءِ السَّفَرِ، وكَآبَةِ المُنقَلَبِ، والحَورِ بَعدَ الكَورِ، ودَعوَةِ المَظلُومِ، وسُوءِ المَنظَرِ فِي الأَهلِ والمالِ.
- الكآبة بالمد التغير والانكسار من مشقة السفر وما يحصل على المسافر من الاهتمام بأموره. (الشوكاني)
- الثناء على الله عز وجل، والتقديس له؛ لأنه الذي سخر للناس هذا المركوب الذي يركبونه. أما الدواب والبهائم فقد ذللها الله فصارت مسخرة، ولو عتت لما استفاد الناس منها مع كبر حجمها وقوتها.
- فيه التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة (المباركفوري).
- في الحديث نعوذ بك من نقصان الحال والمال بعد زيادتها وتمامها أي: من أن ينقلب حالنا من السراء إلى الضراء، ومن الصحة إلى المرض.

(خ م) (١٣٤٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا قَفَلَ مِن الجُيُوشِ أو السَّرايا أو الحَجِّ أو العُمرَةِ إذا أوفى عَلى ثَنِيَّةٍ أو فَدفَدٍ كَبَّرَ ثَلاثًا، ثُمَّ قالَ: «لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمدُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ ساجِدُونَ لِرَبِّنا حامِدُونَ، صَدَقَ اللهُ وعدَهُ، ونَصَرَ عَبدَهُ، وهَزَمَ الأحزابَ وحدَهُ».
وفي رواية (خ): يُكبِّر عَلى كُلِّ شَرَفٍ مِن الأَرضِ ثَلاثَ تَكبِيراتٍ ...
ورَوى (خ) عَن جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قالَ: كُنّا إذا صَعِدنا كَبَّرنا، وإذا نَزَلنا سَبَّحنا.
(خ م) (١٣٤٥) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: أقبَلنا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ أنا وأَبُو طَلْحَةَ، وصَفِيَّةُ رَدِيفَتُهُ عَلى ناقَتِهِ، حَتّى إذا كُنّا بِظَهرِ المَدِينَةِ قالَ: «آيِبُونَ تائِبُونَ عابِدُونَ لِرَبِّنا حامِدُونَ». فَلَم يَزَل يَقُولُ ذَلكَ حَتّى قَدِمنا المَدِينَةَ. وفي رواية (خ): «آيِبُونَ إن شاءَ اللهُ، تائِبُونَ، عابِدُونَ، حامِدُونَ، لِرَبِّنا ساجِدُونَ ...».
- تكبيره عليه الصلاة والسلام في رجوعه إظهار لكلمة الإسلام، وتعظيم لله؛ لأن سفره عليه الصلاة والسلام إنما كان في طاعته وإقامة شريعته ونصرة دينه من حج أو غزوٍ أو عمرة، وخصوصه بذلك كلما علا شرفاً، حيث قوى ما فتحه الله عليه من الأرض ومكن دينه فيها، ولأن مواضع الإعلان بالذكر مما علا وشرف كالأذان، وحمده له تعالى لما يستوجبه تعالى من ذلك، ولتمام نعمته بقفوله ومن معه سالمين ظاهرين مبلغين الأمل، عزيز الجانب، عائداً له تائباً مما لا يرضاه. (القاضي عياض)
- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا آب من سفر لم يلهه فرح الأوبة ولا دهشة الداخل ولا سرور القادم على الأهل بعد طول الغيبة عن شكر الله وحمده والثناء عليه، فكان يعلن بذلك على كل شرف: وهو المكان العالي. (ابن هبيرة).

١ س1) قال ...: أخبرني أسامة بن زيد أن النبي ﷺ لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها.

٣/٠