(خ م) (٢٧٨٦) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ حَبرٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَو يَا أَبَا القَاسِمِ؛ إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُمسِكُ السَّمَاوَاتِ يَومَ القِيَامَةِ عَلَى إِصبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصبَعٍ، وَالجِبَالَ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصبَعٍ، وَالمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلقِ عَلَى إِصبَعٍ، ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ فَيَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَنَا المَلِكُ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعَجُّبًا مِمَّا قَالَ الحَبرُ تَصدِيقًا لَهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون} [الزمر: 67].
يخبر ابن مسعود - رضي الله عنه - بأنه جاء عالم من يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم مخبراً بأنهم يجدون في الكتب السماوية بأن الله (يضع) السماوات السبع على إصبع من أصابعه سبحانه يوم القيامة، والجبال والشجر على إصبع آخر، والماء والثرى على إصبع آخر، وبقية الخلق على إصبع، ثم يهزهن فيقول سبحانه متكلماً: "أنا الملك" أي المتفرد بالملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، معجباً مصدقاً فقرأ من الذكر الحكيم الآية والتي فيها من إثبات عظيم قدرة الله أنه يقبض السماوات والأرض بيمينه تعالى الله عما يشركون، وفي هذا إثبات صفة الأصابع للرحمن، من غير تكييف ولا تمثيل كما أن فيه بيان شيء من عظمة الله سبحانه

- أن في الكتب السماوية السابقة ما يؤيد القرآن الكريم في بعض أمور الآخرة. (موسى لاشين)
- وأن أحبار أهل الكتاب كانوا يعرفون صدق محمد ﷺ.
- آمن المسلمون بهذه النصوص، على ظاهرها، وقبلوها، ولم يتعرضوا لها بتأويل تبعاً لرسول الله ﷺ وصحابته، وأئمة الهدى، بل وكل من قبل ما جاءت به الرسل، وآمن به.
- فيه الدليل الواضح على ثبوت اليدين لله سبحانه وتعالى، وهو نص لا يقبل تأويلاً. (الغنيمان)

(خ م) (٢٧٥١) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا قَضَى اللهُ الخَلقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ عَلَى نَفسِهِ، فَهُوَ مَوضُوعٌ عِندَهُ: إِنَّ رَحمَتِي تَغلِبُ غَضَبِي». وفي رواية: «سَبَقَت رَحمَتِي غَضَبِي».
يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله عز وجل قد كتب كتاباً عنده -وهو اللوح المحفوظ- وجعل فيه مقادير الخلائق قبل أن يخلقهم، وهذا الكتاب عنده وهو فوق العرش، ومما كتب فيه سبحانه: إن رحمته سبقت غضبه، أي أن الرحمة أسبق لعباده من الغضب، ومن دلائل سعة رحمته وشواهدها مع كثرة فضله وعظيم حلمه أن رزق الكافر المعاند في الدنيا ونعّمه ومكّنه من ملاذه وأمانه مع شديد كفره وعناده! فكيف برحمته بمن آمن به واعترف بذنبه رجاء غفرانه، ففيه إثبات صفة الرحمة والكتابة لله.

فيه أن الرحمة صفة من صفات الله الجليلة التي يرحم بها عباده في الدنيا والآخرة. (الصابوني)
- فيه أن رحمته تعالى تغلب غضبه، فمهما أساء البشر فإن رحمته لا يغلبها غضبه. (الصابوني)
- وكفاك على هذا دليلا أنه لا يعجل في عقوبة الكفار والعصاة من المسلمين، بل يرزقهم ويعافيهم ويحفظهم عن الآفات، ويمهلهم إلى يوم القيامة، فإنه لو لم يكن كذلك أهلكوا حين خرجوا عن طاعته تعالى، ولو لم يهلكوا لسد عليهم أبواب الرزق، وفتح عليهم أبواب الشدائد، إلا أن رحمته بهم سبقت غضبه عليهم، سبحانه الرحمن.

(خ م) (٢٧٥٢) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «جَعَلَ اللهُ الرَّحمَةَ مِائَةَ جُزءٍ، فَأَمسَكَ عِندَهُ تِسعَةً وَتِسعِينَ، وَأَنزَلَ فِي الأَرضِ جُزءًا وَاحِدًا، فَمِن ذَلكَ الجُزءِ تَتَرَاحَمُ الخَلائِقُ، حَتَّى تَرفَعَ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَن وَلَدِهَا خَشيَةَ أَن تُصِيبَهُ».وفي رواية (م): «إِنَّ للهِ مِائَةَ رَحمَةٍ، أَنزَلَ مِنهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَينَ الجِنِّ وَالإِنسِ وَالبَهَائِمِ وَالهَوَامِّ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ، وِبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وِبِهَا تَعطِفُ الوَحشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأَخَّرَ اللهُ تِسعًا وَتِسعِينَ رَحمَةً يَرحَمُ بِهَا عِبادَهُ يَومَ القِيَامَةِ».
يخبرنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم عن شيء من البيان في سعة رحمة الله، وهو أن الله خلقها مئة رحمة، وجعل عنده تسعة وتسعين رحمةً مدخرةً للعباد، يوم المعاد، وأنزل رحمة واحدة وهي ما يتراحم الناس بها والتي منها عطف الأم على ولدها، وعطف حيوان البر والطير بعضها على بعض، وعطف الكبير على الصغير، ونحو ذلك، فإذا جاء يوم الحساب أكملها الله سبحانه مئة رحمة بهذه الرحمة.
وهذه الرحمة المخلوقة ليست بالرحمة التي هي صفة من صفات الله، إذ الرحمة رحمتان: الرحمة التي هي صفة لله تعالى، وهي وصف قائم بذاته، والأخرى هي الرحمة المخلوقة وهي المقصودة بهذا الخبر،
وفي هذا بيان سعة رحمة الله، وفيه تفاضل صفات الله، بل تفاضل الصفة الواحدة.

- بيان سعة رحمة الله عز وجل على عباده يوم القيامة.
- فيه إدخال السرور على المؤمنين بادخار القسط الأكبر من الرحمة لهم يوم القيامة، وفيه اتساع الرجاء في رحمات الله تعالى المدخرة للمؤمنين. (الصابوني)
- خص الفرس بالذكر؛ لأنها أشد الحيوان المألوف الذي يعاين المخاطبون حركته مع ولده، ولما في الفرس من الخفة والسرعة في التنقل ومع ذلك تتجنب أن يصل الضرر منها إلى ولدها. (ابن أبي جمرة)
- في الحديث إدخال السرور على المؤمنين؛ لأن العادة أن النفس يكمل فرحها بما وهب لها إذا كان معلوما مما يكون موعودا. (ابن أبي جمرة)
- يكفي اليائس في هذه الدنيا أن يناضل لأجل ما عند الله تبارك وتعالى من الرحمة.
- هذا الحديث من أحاديث الرجاء والبشارة للمسلمين، قال العلماء: لأنه إذا حصل للإنسان من رحمة واحدة في هذه الدار- المبنية على الأكدار –من القرآن والصلاة والرحمة في قلبه وغير ذلك مما أنعم الله تعالى به، فكيف الظن بمئة رحمة في الدار الآخرة، وهي دار القرار ودار الجزاء؟ والله أعلم. (النووي)

(م) (٢٧٥٩) عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه؛ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ اللهَ يَبسُطُ يَدَهُ بِاللَّيلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ، حَتَّى تَطلُعَ الشَّمسُ مِن مَغرِبِهَا».
يخبرنا محمد صلى الله عليه وسلم أن من رحمة الله بخلقه وحبه لهدايتهم أنه فتح باب التوبة لهم، ولم يخصه بوقت دون آخر؛ حتى وإن تأخر العبد بتوبته ما لم تقم قيامته بغرغرة روحه، أو أن تقوم عليه الساعة، وما قبل ذلك مقبول مفتوح، ومن رحمته بعبده وحبه لتوبة التائب أنه سبحانه يبسط يده بالنهار لمن أذنب بالليل، ويبسط يده بالليل لمذنب النهار تائب الليل، وذلك في كل ليلة، وهنا فيه إثبات صفة اليد لله سبحانه، والقبض والبسط على وجه يليق بجلاله وكماله، وفيه محبة الله لتوبة التائب، وفيه رحمة الله بعباده، فلا يقنط أحدٌ من رحمته سبحانه، بل يرجو الله ويرجو رحمته، ولكن الرجاء لا بد أن يكون معه العمل، قال تعالى: " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً".

- يعني: أن التوبة تصح وتقبل دائما إلى الوقت الذي تطلع فيه الشمس من حيث تغرب، فإذا كان ذلك طبع على كل قلب بما فيه ولم تنفع توبة أحد، وهذا معنى قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام – 158] وسر ذلك وسببه: أن ذلك هو أول قيام الساعة، فإذا شوهد ذلك وعوين حصل الإيمان الضروري، وارتفع الإيمان بالغيب الذي هو المكلف به.

(خ م) (٢٧٥٥) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَو يَعلَمُ المُؤمِنُ مَا عِندَ اللهِ مِن العُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَو يَعلَمُ الكَافِرُ مَا عِندَ اللهِ مِن الرَّحمَةِ مَا قَنَطَ مِن جَنَّتِهِ أَحَدٌ».
يخبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعظيم عذاب الله وشديد عقابه، وسعة رحمته وشمول مغفرته، وذلك بأنه لو يعلم المؤمن ما أعدَّ الله من العقوبة على من يرتكب الذنوب والآثام من غير نظرٍ من العبد إلى رحمة الله، لَيَئِس من رحمته وما طمع بها، وكذا الكافر لو يعلم ما عند الله من الرحمة التي ادّخرها للعباد يوم الحساب والمعاد، ما قنط ويئس من جنته أحد؛ وهذا كله فيه بيان سعة الرحمة، وأن الله رحيم بالعباد، وهذا يحمل المؤمن على الرجاء الذي يمنع المؤمن من القنوط واليأس، وفيه بيان شديد عذاب الله وأليم عقابه، وهذا يحمل المؤمن على الخوف الذي يثمر الاجتهاد بالعمل الصالح والإخلاص فيه.

- فيه عدم يأس المؤمن من رحمة الله عز وجل مهما كانت ذنوبه كثيرة، وأن يكون بين الخوف والرجاء، فلا ييأس من روح الله. (الصابوني)
- فيه التحذير أن لا يكون العبد مفرطا في الرجاء، ولا مفرطا في الخوف، بل يكون وسطا بينهما. (الصابوني)
- بيان سعة رحمة الله بحيث إنه لو يعلم الكافر به حقيقة لما قنط من الجنة.
- بيان شدة عقوبة الله بحيث أن المؤمن لو علم به حقيقة لما طمع في الجنة.
- أن الحديث قد اشتمل على الوعد والوعيد المقتضيين للرجاء والخوف، فمن علم أن من صفات الله تعالى الرحمة لمن أراد أن يرحمه، والانتقام ممن أراد أن ينتقم منه، فلا ييـأس من رحمته من يخاف انتقامه، وذلك في الحث على مجانبة السيئة ولو كانت صغيرة، وملازمة الطاعة ولو كانت قليلة.

(خ م) (٢٧٥٤) عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبيٍ، فَإِذَا امرَأَةٌ مِن السَّبيِ تَبتَغِي؛ إِذَا وَجَدَت صَبِيًّا فِي السَّبيِ أَخَذَتهُ، فَأَلصَقَتهُ بِبَطنِهَا وَأَرضَعَتهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَرَونَ هَذِهِ المَرأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قُلنَا: لَا وَاللهِ، وَهِيَ تَقدِرُ عَلَى أَن لَا تَطرَحَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «للهُ أَرحَمُ بِعِبَادِهِ مِن هَذِهِ بِوَلَدِهَا».
في هذا الخبر بيان موقف لامرأة من السبي فقدت صبيها وبحثت عنه إلى أن وجدته فألصقته بصدرها وألقمته ثديها، فمن هذا الحدث سأل النبي صلى الله عليه وسلم من حوله من صحابته عن مدى رحمة وعطف المرأة على ولدها، أتظنون أن ترمي ولدها بالنار؟! فردّ الصحب بأنها لا تطرحه أبداً بطوعها! عند ذلك أخبر صلى الله عليه وسلم بأن الله أرحم بعبده المؤمن من هذه المرأة بولدها، ففيه سعة رحمة الله سبحانه وتعالى.

- فيه بيان عظيم رحمة الله عز وجل، وأن رحمته بالعباد أعظم من رحمة الأم بولدها. (الصابوني)
- أن فيه إشارة إلى أنه ينبغي للمرء أن يجعل تعلقه في جميع أموره بالله تعالى وحده، وأن كل من فرض أن فيه رحمة ما يقصد لأجلها فالله أرحم منه، فليقصد العاقل لحاجته من هو أشد له رحمه.
- أن فيه ضرب المثل بما يدرك بالحواس لما لا يدرك بها؛ لتحصل معرفة الشيء على وجهه، وإن كان الذي ضرب له المثل لا يحاط بحقيقته، لأن رحمة الله لا تدرك بالعقل ومع ذلك فقربها النبي ﷺ للسامعين بحال المرأة المذكورة.

(م) (٢٨٧٧) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبلَ مَوتِهِ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ: «لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُم إِلاَّ وَهُوَ يُحسِنُ الظَّنَّ بِاللهِ عز وجل». 
في هذا الحديث بيان بأنه على المؤمن إحسان ظنه بربه خاصة عند قرب أجله، وليعلم بأنه ما دام أنه محسن العمل، فمن حسن عمله حسن ظنه بربه بأنه سيرحمه ويعفو عنه، لئلا يغلب علبه الخوف حينئذٍ فيغلب علبه اليأس والقنوط فيهلك.
وهذا فيه التحذير من القنوط، وفيه تغليب الرجاء عند الختام، نسأل الله حسن الختام وأن يشملنا برحمته وعفوه.

- فيه بيان عظيم رحمة الله عز وجل، وأن رحمته بالعباد أعظم من رحمة الأم بولدها. (الصابوني)
- أن فيه إشارة إلى أنه ينبغي للمرء أن يجعل تعلقه في جميع أموره بالله تعالى وحده، وأن كل من فرض أن فيه رحمة ما يقصد لأجلها فالله أرحم منه، فليقصد العاقل لحاجته من هو أشد له رحمه.
- أن فيه ضرب المثل بما يدرك بالحواس لما لا يدرك بها؛ لتحصل معرفة الشيء على وجهه، وإن كان الذي ضرب له المثل لا يحاط بحقيقته، لأن رحمة الله لا تدرك بالعقل ومع ذلك فقربها النبي ﷺ للسامعين بحال المرأة المذكورة.

[3:37]

أولًا: ما جاء في فضل الذكر والدعاء والتَّـرْغِيبُ فِـي ذلك، وهو من أعظم الوسيلة التي أمر الله عباده أن يبتغوه بها


(خ م) (٢٦٧٥) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللهُ عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذكُرُنِي، إِن ذَكَرَنِي فِي نَفسِهِ ذَكَرتُهُ فِي نَفسِي، وَإِن ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرتُهُ فِي مَلإٍ هُم خَيرٌ مِنهُم، وَإِن تَقَرَّبَ مِنِّي شِبرًا تَقَرَّبتُ إِلَيهِ ذِرَاعًا، وَإِن تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبتُ مِنهُ بَاعًا، وَإِن أَتَانِي يَمشِي أَتَيتُهُ هَروَلَةً». وفي رواية (م): «وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي».
- في الحديث دليل على فضيلة الذكر وهو أن الإنسان إذا ذكر الله عز وجل في نفسه ذكره الله في نفسه وإن ذكره في ملأ ذكره الله في ملأ خير منهم، يعني إذا ذكرت ربك في نفسك إما أن تنطق بلسانك سرا ولا يسمعك أحد، أو تذكر الله في قلبك فإن الله تعالى يذكرك في نفسه، وإذا ذكرته في ملأ أي عند جماعة فإن الله تعالى يذكرك في ملأ خير منهم، أي في ملأ من الملائكة يذكرك عندهم ويعلي ذكرك ويثني عليك جل وعلا، ففي هذا دليل على فضيلة الذكر وأن الإنسان إذا ذكر الله عند ملأ كان هذا أفضل مما إذا ذكره في نفسه إلا أن يخاف الإنسان على نفسه الرياء. (ابن عثيمين)
- أفضل الذكر قول: (لا إله إلا الله) وهي الكلمة العليا، وهي القطب الذي يدور عليها رحى الإسلام، وهي القاعدة التي بنى عليها أركان الدين، وهي الشعبة التي هي أعلي شعب الإيمان. (الطيبي)

(خ م) (٧٧٩) عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَثَلُ البَيتِ الَّذِي يُذكَرُ اللهُ فِيهِ وَالبَيتِ الَّذِي لَا يُذكَرُ اللهُ فِيهِ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ». لَفظُ (خ): «مَثَلُ الِّذِي يَذكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لَا يَذكُرُ رَبَّهُ مَثَلُ الحَيِّ وَالمَيِّتِ».
-البيت الذي فيه الذكر كالإنسان الحي مشرق الباطن بالإيمان منطلق اللسان بالخير محبوب قربه والذي لا ذكر فيه كالميت جيفة ينفر عنها لا خير عندها، وفيه حث على ذكر الله في البيوت وقد ورد الأمر بالصلاة فيها وأنها تنور البيوت، ويحتمل أن المراد مثل أهل البيت الذين لا يذكرون الله كالأموات والذين يذكرون كالأحياء فإن الحياة الحقيقية إنما هي بذكر الله الذي به تشرق أنوار القلوب. (الصنعاني)

(م) (٢٦٧٦) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمدَانُ فَقَالَ: «سِيرُوا، هَذَا جُمدَانُ، سَبَقَ المُفَرِّدُونَ» ( ). قَالُوا: وَمَا المُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ».
-أصل المفردون الذين هلك أقرانهم وانفردوا عنهم، فكأن الذاكرين والذاكرات منفردون عن بقية أقرانهم بما يقومون به من الذكر، وبما يؤتون عليه من الأجر. (ابن قتيبة)

١ 1)جعل الله الرحمة ..؟

٣/٠