(م) (٢٢٣) عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الطُّهُورُ شَطرُ الإِيمَانِ، وَالحَمدُ للهِ تَملأُ المِيزَانَ، وَسُبحَانَ اللهِ وَالحَمدُ للهِ تَملآنِ، أَو تَملأُ مَا بَينَ السَّمَواتِ وَالأَرضِ، وَالصَّلاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرهَانٌ، وَالصَّبرُ ضِيَاءٌ، وَالقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَو عَلَيكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغدُو فَبَايِعٌ نَفسَهُ فَمُعتِقُهَا أَو مُوبِقُهَا» .
-بيانُ أجر الحمد إذا أضيف إلى التسبيح وقُرن به على إفراده؛ لأنه ملأ الميزان - أي من الأجر - وإذا قُرِن بالتسبيح كان أجره بقدر ملء ما بين السماوات والأرض.
وذهب بعضهم إلى أن ثناء العبودية على شيئين: المعرفة بالله، والافتقار إلى الله، فصفاء معرفة الله بتنزيهه، وكمال الافتقار إليه: أن ترى نفسك في تصريفه كيف شاء، فغاية التنزيه سبحان الله، وفي الحمد لله الافتقار إلى الله (القاضي عياض).
-«ضياء» فمعناه الصبر المحبوب في الشرع، وهو الصبر على طاعة الله تعالى والصبر عن معصيته والصبر أيضا على النائبات وأنواع المكاره في الدنيا، والمراد أن الصبر محمود، ولا يزال صاحبه مستضيئا مهتديا مستمرا على الصواب، قال إبراهيم الخواص: "الصبر هو الثبات على الكتاب والسنة". (النووي).
- فضل إسباغ الوضوء، حيث جعل شطر الإيمان.
- بيان فضل الصبر، وأنه ضياء يستضيء به العبد في ظلمة المصائب، والمشاق.
- بيان أن القرآن إما أن ينتفع به صاحبه، فيكون حجة له، وذلك إذا قام به حق القيام، وإما ألا ينتفع به، فيكون حجة عليه، وذلك إذا لم يقم بحقه.
- قال النووي: هذا حديث عظيم أصل من أصول الإسلام، قد اشتمل على مهمات من قواعد الإسلام.
- وقيل: معنى "الطهور شطر الإيمان" أن الإيمان يجب ما قبله من الخطايا، وكذلك الوضوء إلا أن الوضوء لا يصح إلا مع الإيمان، فصار لتوقفه عليه في معنى الشطر. (شبير العثماني)
- الصلاة نورة في القبر وظلمة القيامة (شبير العثماني)

(م) (٧٥٦) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَفضَلُ الصَّلاةِ طُولُ القُنُوتِ» .
- القنوت مشترك بين: الصلاة، والخشوع، والعبادة، والسكوت، والدعاء، والطاعة، والمعاني كلها متداخلة وحاصلة في الصلاة، والمراد بالحديث طول القيام. قال النووي: باتفاق من العلماء.
- قال النووي: قال إسحاق بن راهويه: أما في النهار فتكثير الركوع والسجود أفضل، وأما في الليل فتطويل القيام، إلا أن يكون للرجل جزء بالليل يأتي عليه، فتكثير الركوع والسجود أفضل، لأنه يقرأ جزأه ويربح كثرة الركوع والسجود.
وقال الترمذي: إنما قال إسحاق هذا، لأنهم وصفوا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل بطول القيام، ولم يوصف من تطويله بالنهار ما وصف بالليل. والله أعلم

(م) (٢٨٣٥) عَن جَابِرٍ قَالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أَهلَ الجَنَّةِ يَأكُلُونَ فِيهَا وَيَشرَبُونَ، وَلا يَتفُلُونَ، وَلا يَبُولُونَ، وَلا يَتَغَوَّطُونَ، وَلا يَمتَخِطُون». قَالُوا: فَمَا بَالُ الطَّعَامِ؟ قَالَ: «جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشحِ المِسْكِ، يُلْهَمُونَ التَّسبِيحَ وَالتَّحمِيدَ كَمَا تُلهَمُونَ النَّفَسَ». وفي رواية: «وَالتَّكبِيرَ».
- وَلَا يَمْتَخِطُونَ؛ أي ليس في أنفهم من المياه الزائدة والمواد الفاسدة ليحتاجوا إلى إخراجها، ولأن الجنة مساكن طيبة للطيبين، فلا يلائمها الأدناس والأنجاس. (المباركفوري)
- قال ابن الجوزي: لما كانت أغذية أهل الجنة في غاية اللطافة والاعتدال لم يكن فيها أذى ولا فضلة تستقذر، بل يتولد عن تلك الأغذية أطيب ريح وأحسنه.
-"يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس"؛ قال القرطبي: هذا التسبيح ليس عن تكليف وإلزام، وقد فسره جابر في حديثه عند مسلم بقوله: "يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس"، ووجه التشبيه أن تنفس الإنسان لا كلفة عليه فيه، ولا بد له منه، فجعل تنفسهم تسبيحا؛ وسببه أن قلوبهم تنورت بمعرفة الرب سبحانه، وامتلأت بحبه، ومن أحب شيئا أكثر من ذكره.
- قال القاضي عياض: مذهب أئمة المسلمين أن نعيم أهل الجنة حسّي، كنعيم أهل الدنيا، إلا ما بينهم من التفاوت الذي لا شركة فيه إلا في الاسم، وأنه دائم لا ينقطع، خلافا للفلاسفة وغلاة الباطنية وكذا النصارى. (شبير العثماني)
- أن نعيم الجنة دائم لا انقطاع له أبدا.

باب: فضل مجالس الذكر


(خ م) (٢٦٨٩) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلائِكَةً سَيَّارَةً فُضُلًا، يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكرِ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجلِسًا فِيهِ ذِكرٌ قَعَدُوا مَعَهُم، وَحَفَّ بَعضُهُم بَعضًا بِأَجنِحَتِهِم، حَتَّى يَملأُوا مَا بَينَهُم وَبَينَ السَّمَاءِ الدُّنيَا، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: فَيَسأَلُهُم اللهُ عز وجل وَهُوَ أَعلَمُ بِهِم: مِن أَينَ جِئتُم؟ فَيَقُولُونَ: جِئنَا مِن عِندِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرضِ؛ يُسَبِّحُونَكَ، وَيُكَبِّرُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ، وَيَحمَدُونَكَ، وَيَسأَلُونَكَ. قَالَ: وَمَاذَا يَسأَلُونِي؟ قَالُوا: يَسأَلُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ: وَهَل رَأَوا جَنَّتِي؟ قَالُوا: لَا أَي رَبِّ. قَالَ: فَكَيفَ لَو رَأَوا جَنَّتِي؟ قَالُوا: وَيَستَجِيرُونَكَ. قَالَ: وَمِمَّ يَستَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا: مِن نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ: وَهَل رَأَوا نَارِي؟ قَالُوا: لا. قَالَ: فَكَيفَ لَو رَأَوا نَارِي؟ قَالُوا: وَيَستَغفِرُونَكَ. قَالَ: فَيَقُولُ: قَد غَفَرتُ لَهُم، فَأَعطَيتُهُم مَا سَأَلُوا، وَأَجَرتُهُم مِمَّا استَجَارُوا. قَالَ: فَيَقُولُونَ: رَبِّ؛ فِيهِم فُلانٌ عَبدٌ خَطَّاءٌ؛ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُم. قَالَ: فَيَقُولُ: وَلَهُ غَفَرتُ، هُم القَومُ لَا يَشقَى بِهِم جَلِيسُهُم». هذا لفظ (م).
- قال النووي: فضيلة الذكر، وفضيلة مجالسه، والجلوس مع أهله وإن لم يشاركهم، وفضل مجالس الصالحين وبركتهم.
- قال شبير العثماني: فيه أن من جالس الذاكرين عامله الله تعالى بلطفه وأثابه معهم، سواء لم يكن من قصده الذكر ابتداء.
- قال شبير العثماني: فيه فضل عظيم لذكر الله تعالى، سواء كان بالقلب أو باللسان أو بهما معا.
- قال القاضي عياض: وذكر الله تعالى ضربان: ذكر بالقلب، وذكر باللسان. وذكر القلب نوعان:
أحدهما: وهو أرفع الأذكار وأجلها: الفكر في عظمة الله تعالى وجلاله وجبروته وملكوته وآياته في سماواته وأرضه، ومنه الحديث:"خير الذكر الخفي" والمراد به هذا. والثاني: ذكره بالقلب عند الأمر والنهي، فيتمثل ما أمر به ويترك ما نهى عنه، ويقف عما أشكل عليه. وأما ذكر اللسان مجردا فهو أضعف الأذكار، ولكن فيه فضل عظيم كما جاءت به الأحاديث.

(م) (٢٦٩٩) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن نَفَّسَ عَن مُؤمِنٍ كُربَةً مِن كُرَبِ الدُّنيَا نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ عَلَى مُعسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيهِ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ فِي عَونِ أَخِيهِ، وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلتَمِسُ فِيهِ عِلمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَمَا اجتَمَعَ قَومٌ فِي بَيتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَينَهُم إِلاَّ نَزَلَت عَلَيهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتهُمُ الرَّحمَةُ، وَحَفَّتهُمُ المَلائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَن عِندَهُ، وَمَن بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَم يُسرِع بِهِ نَسَبُهُ».
وَرَوَى (م) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ؛ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لا يَقعُدُ قَومٌ يَذكُرُونَ اللهَ عز وجل إِلاَّ حَفَّتهُمُ المَلائِكَةُ، وَغَشِيَتهُمُ الرَّحمَةُ، وَنَزَلَت عَلَيهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَن عِندَهُ».
- قال النووي: وهو حديث عظيم جامع لأنواع من العلوم والقواعد والآداب.
- قال النووي: فيه فضل قضاء حوائج المسلمين، ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة وغير ذلك.
قال النووي: فيه دليل لفضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد.
- قال شبير العثماني: لفظ "بيت من بيوت الله" خرج مخرج الغالب، ويلحق بالمسجد في تحصيل هذه الفضيلة الاجتماع في مدرسة ورباط ونحوهما إن شاء الله تعالى.
- قال شبير العثماني: من العلماء من حمله على اجتماع التعليم والتعلم، ويؤيده قوله: "ويتدارسونه بينهم" فعلى هذا لا علاقة له بالاجتماع المعقود لمجرد التلاوة. وبما أن مثل هذه الاجتماعات ربما يدخلها بعض البدع والمنكرات، فقد كرهه بعض الفقهاء رحمهم الله تعالى، ولذلك لم تجر بها العادة في السلف الصالحين.
- قال القرطبي: في الحديث حض وترغيب في الرحلة في طلب العلم والاجتهاد في تحصيله.

(م) (٢٧٠١) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلقَةٍ فِي المَسْجِدِ فَقَالَ: مَا أَجلَسَكُم؟ قَالُوا: جَلَسنَا نَذكُرُ اللهَ. قَالَ: آللهِ مَا أَجلَسَكُم إِلاَّ ذَاكَ؟ قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ: أَمَا إِنِّي لَم أَستَحلِفكُم تُهمَةً لَكُم، وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنزِلَتِي مِن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقَلَّ عَنهُ حَدِيثًا مِنِّي، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَى حَلقَةٍ مِن أَصحَابِهِ فَقَالَ: «مَا أَجلَسَكُم؟» قَالُوا: جَلَسنَا نَذكُرُ اللهَ وَنَحمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسلامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَينَا. قَالَ: «آللهِ مَا أَجلَسَكُم إِلاَّ ذَاكَ؟» قَالُوا: وَاللهِ مَا أَجلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ: «أَمَا إِنِّي لَم أَستَحلِفكُم تُهمَةً لَكُم، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبرِيلُ فَأَخبَرَنِي أَنَّ اللهَ عز وجل يُبَاهِي بِكُمُ المَلائِكَةَ».
- قال الأبّي: أما استحلاف معاوية لهم، فهو اتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما استحلاف النبي صلى الله عليه وسلم لهم، مع أنه علم ذلك من إخبار جبريل عليه السلام له، فيحتمل أنه سرور بهم كما يفعله بعض الناس بهم، فإنه لا يقصد به إلا السرور.
- قال النووي: يباهي بكم الملائكة: يظهر فضلكم لهم، ويريهم حسن عملكم، ويثني عليكم عندهم.

ثانيًا: ما جاء في فضائل القرآن وتلاوته وهو من أجل أنواع الذكر


(م) (٨٠٤) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اقرَؤُوا القُرآنَ فَإِنَّهُ يَأتِي يَومَ القِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصحَابِهِ، اقرَؤُوا الزَّهرَاوَينِ البَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأتِيَانِ يَومَ القِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَو كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَو كَأَنَّهُمَا فِرقَانِ مِن طَيرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَن أَصحَابِهِمَا، اقرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ فَإِنَّ أَخذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَركَهَا حَسرَةٌ، وَلا تَستَطِيعُهَا البَطَلَةُ» . قَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ سلاَّمٍ: بَلَغَنِي أَنَّ البَطَلَةَ السَّحَرَةُ.
- فيه أن قراءة القرآن فيها من الخير والبركة والحصانة من كيد سحرة الدنيا وخاصة البقرة وآل عمران.
- قال النووي: قالوا: سميتا الزهراوين لنورهما وهدايتهما وعظيم أجرهما.
- قال العلماء: المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين. (النووي)
- قال الطيبي بـ"اقرأوا سورة البقرة": تخصيص بعد تعميم، أمر أولا بقراءة القرآن، وعلق بها الشفاعة، ثم خص الزهراوين، وأناط بهما التخليص من حر يوم القيامة بالمحاجة، وأفرد ثالثا البقرة، وأناط بها أمورا ثلاثا.
- في قوله " فإن أخذها بركة ": أي في المواظبة على تلاوتها، والتدبر في معانيها، والعمل بما فيها: منفعة عظيمة.

١ 1)أفضل الصلاة هي؟

٣/٠