(م) (٢٢٠٣) عَنْ عُثْمانَ بْنِ أبِي العاصِ ﵁؛ أنَّهُ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ الشَّيطانَ قَد حالَ بَينِي وبَينَ صَلاتِي وقِراءَتِي يَلبِسُها عَلَيَّ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ذاكَ شَيطانٌ يُقالُ لَهُ: خِنزَبٌ، فَإذا أحسَستَهُ فَتَعَوَّذ بِاللهِ مِنهُ، واتفُل عَلى يَسارِكَ ثَلاثًا». قالَ: فَفَعَلتُ ذَلكَ فَأَذهَبَهُ اللهُ عَنِّي.
-فيه استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا (النووي).
-قوله: ((واتفل على يسارك)) إنما أمر باليسار؛ لأن الشيطان يأتي من قبل اليسار؛ لأن القلب أقرب إلى اليسار، ولا يقصد الشيطان إلا القلب. (سعيد بن وهب القحطاني)

(خ م) (٢٧٠٦) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن العَجزِ والكَسَلِ، والجُبنِ والهَرَمِ والبُخلِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن عَذابِ القَبرِ، ومِن فِتنَةِ المَحيا والمَماتِ».
ورَوى (خ) عَن أنَسٍ قالَ: كُنتُ أخْدُمُ رَسُولَ اللهِ ﷺ كُلَّما نَزَلَ، فَكُنتُ أسمَعُهُ يَكثُرُ أن يَقُولَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجزِ والكَسَلِ، والجُبنِ والبُخلِ، وضَلَعِ الدَّينِ، وغَلَبةِ الرِّجال».
ورَوى (خ) عَن سَعدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ ﵁ قالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعَلِّمُنا هَؤُلاءِ الكَلِماتِ كَما تُعَلَّمُ الكِتابَةُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن البُخلِ، وأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبنِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن أن نُرَدَّ إلى أرذَلِ العُمُرِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن فِتنَةِ الدُّنيا، وعَذابِ القَبرِ».
- قوله: ((وغلبة الرجال)) أي: قهرهم وشدة تسلطهم عليه؛ والمراد بالرجال الظلمة أو الدائنون، واستعاذ - صلى الله عليه وسلم - من أن يغلبه الرجال لما في ذلك من الوهن في النفس (سعيد بن وهب القحطاني).
- قال الكرماني رحمه الله: ((هذا الدعاء من جوامع الكلم؛ لأن أنواع الرذائل ثلاثة: نفسانية وبدنية وخارجية؛ فالأولى بحسب القوى التي للإنسان؛ وهي ثلاثة: العقلية والغضبية والشهوانية؛ فالهم والحزن يتعلق بالعقلية، والجبن بالغضبية، والبخل بالشهوانية، والعجز والكسل بالبدنية، والضَلع والغلبة بالخارجية؛ والدعاء مشتمل على جميع ذلك))
- قوله: (وأن أرد إلى أرذل العمر) لما فيه من الخرف، واختلال العقل والحواس والضبط والفهم، وتشويه بعض المنظر، والعجز عن كثير من الطاعات، والتساهل في بعضها. (النووي)
- وأما استعاذته ﷺ من الجبن والبخل فلما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات، والقيام بحقوق الله تعالى، وإزالة المنكر، والإغلاظ على العصاة، ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات، ويقوم بنصر المظلوم والجهاد، وبالسلامة من البخل يقوم بحقوق المال، وينبعث للإنفاق والجود ولمكارم الأخلاق، ويمتنع من الطمع فيما ليس له، قال العلماء: واستعاذته ﷺ من هذه الأشياء لتكمل صفاته في كل أحواله وشرعه أيضا تعليما. (النووي)

(خ م) (٢٧٠٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَتَعَوَّذُ مِن سُوءِ القَضاءِ، ومِن دَرَكِ الشَّقاءِ، ومِن شَماتَةِ الأَعداءِ، ومِن جَهدِ البَلاءِ.
- قوله: (سوء القضاء) يدخل فيه سوء القضاء في الدين والدنيا والبدن والمال والأهل وقد يكون ذلك في الخاتمة (النووي).
- قوله: (درك الشقاء) درك الشقاء يكون في أمور الآخرة والدنيا، ومعناه أعوذ بك أن يدركني شقاء (النووي).
- قوله: (شماتة الأعداء) هي فرح العدو ببلية تنزل بعدوه، يقال منه: شمت يشمت فهو شامت وأشمته غيره (النووي).
- قوله: (جهد البلاء) روى عن ابن عمر أنه فسره بقلة المال وكثرة العيال، وقال غيره: هي الحال الشاقة. (النووي).
- قال القرطبي: وقد جاء هذا الدعاء مسجعًا كما ترى الآن لكن ذلك السجع لم يكن متكلفًا وإنما يكره من ذلك ما كان متكلفًا وإنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوات وتعوذ بهذه التعوذات إظهارًا للعبودية وبيانًا للمشروعية ليقتدى بدعواته ويتعوذ بتعويذاته والله تعالى أعلم (الهرري).

(م) (٢٧٣٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: كانَ مِن دُعاءِ رَسُولِ اللهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن زَوالِ نِعمَتِكَ، وتَحَوُّلِ عافِيَتِكَ، وفُجاءَةِ نِقمَتِكَ، وجَمِيعِ سَخَطِكَ».
- قوله: (وتحوّل عافيتك) التي أنعمت بها عليّ عنّي أي من انتقالها عنّي من السمع والبصر. وسائر الأعضاء، والفرق بين الزوال والتحول أن الزوال أن يفارق الشيء بلا بدل، والتحول أن يأتي بدله شيء آخر فتحول العافية أن تبدّل الصحة بالمرض والغنى بالفقر مثلًا، وقد يكون فيه إشارة لطيفة إلى أن المرض والفقر من النعم الباطنة لكونهما سببين للأجر فمن تغيرت صحته إلى المرض لم تزل عنه النعمة بل إنها تغيرت صورتها ولكنا لما بنا من ضعف قد أُمرنا بالاستعاذة من المرض والفقر خشية أن لا نطيقها ولا نؤدي حقها (الهرري).
- (فجاءة نقمتك): فجأة النقمة، أو فجاءة النقمة من بلاء أو مصيبة يأتي على فجأة بخلاف ما إذا سبقه شيء بأن لم يكن فجأة فإنه يكون أخف، وربما كان سببا توبة العبد ورجوعه. " شرح بلوغ المرام "
- (وجميع سخطك): هذه من أعظم الدعوات، أن يستعيذ العبد من جميع سخطه، وأعظم سخطه أن يأتي العبد ما حرم الله. " شرح بلوغ المرام "

(م) (٢٧٠٨) عَنْ خَوْلَةَ بِنْتِ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةِ ﵂ قالَت: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن نَزَلَ مَنزِلًا ثُمَّ قالَ: أعُوذُ بِكَلِماتِ اللهِ التّامّاتِ مِن شرِّ ما خَلَقَ، لَم يَضُرُّهُ شَيءٌ حَتّى يَرتَحِلَ مِن مَنزِلِهِ ذَلكَ». وفي رواية: «إذا نَزَلَ أحَدُكُم مَنزِلًا فَليَقُل ...».
(م) (٢٧٠٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ما لَقِيتُ مِن عَقرَبٍ لَدَغَتنِي البارِحَةَ. قالَ: «أما لَو قُلتَ حِينَ أمسَيتَ: أعُوذُ بِكَلِماتِ اللهِ التّامّاتِ مِن شَرِّ ما خَلَقَ، لَم تَضُرَّكَ».
- حق المتعوذ بالله تعالى، وبأسمائه وصفاته أن يصدق الله في التجائه إليه، ويتوكل في ذلك عليه، ويحضر ذلك في قلبه، فمتى فعل ذلك وصل إلى منتهى طلبه، ومغفرة ذنبه. (القرطبي)
- قوله: (أعوذ بكلمات الله التامات) قيل: معناه الكاملات التي لا يدخل فيها نقص ولا عيب، وقيل: النافعة الشافية، وقيل: المراد بالكلمات هنا القرآن. (النووي)

(خ) (٣٣٧١) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعَوِّذُ الحَسَنَ والحُسَينَ، ويَقُولُ: «إنَّ أباكُما كانَ يُعَوِّذُ بِها إسماعِيلَ وإسحاقَ: أعُوذُ بِكَلِماتِ اللهِ التّامَّةِ مِن كُلِّ شَيطانٍ وهامَّةٍ، ومِن كُلِّ عَينٍ لامَّةٍ».
- (يعوذ الحسن والحسين): من التعوذ، وهي الحماية والالتجاء إلى الله تعالى، ومعنى أعوذ: ألجأ، والتعوذ، والاستعاذة، والتعويذ، كلها بمعنى واحد، أي كان ﷺ يقول للحسن والحسن: (أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شر وأذى). (الصابوني)
- (من كل شيطان وهامة) الهامة: جمع هوام، وهي: الأفاعي، والحيات ذوات السم القاتل. (الصابوني)
- (من كل عين لامة): أي من كل عين حاسد، تصيب الإنسان بالضرر، وهي العين العائنة. (الصابوني)
- (إن أباكم) أي أبا الأنبياء (إبراهيم) عليه السلام أضافهما إليه، لأنهما من نسله، أي إن إبراهيم عليه السلام كان يقرأ هذه الدعوات على ولديه "إسماعيل" و "إسحاق" يعوذهما بها. (الصابوني)
- فيه مشروعية تعويذ الأولاد من عين الحساد، ومن كل ما يصيب المولود من أذى وضرر. (الصابوني)
- فيه أن التعوذ من سنن الأنبياء والمرسلين، لأن الالتجاء إلى الله تعالى يحمي الإنسان من الشر والبلاء. (الصابوني)
- فيه أن الحسن والحسين أبناء (فاطمة رضي الله عنها) كان الرسول ﷺ يخصهما بدعواته المباركات، لأنهما ريحانتا رسول الله ﷺ كما ورد في الحديث الصحيح، حيث كان ﷺ يقول: (هما ريحانتاي من الدنيا) فرسول الله ﷺ جدهما لأمهما فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله ﷺ. (الصابوني)

(خ م) (٨٩٩) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّها قالَت: كانَ النَّبِيُّ ﷺ (إذا عَصَفَت الرِّيحُ قالَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُكَ خَيرَها وخَيرَ ما فِيها وخَيرَ ما أُرسِلَت بِهِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّها وشَرِّ ما فِيها وشَرِّ ما أُرسِلَت بِهِ»). قالَت: وإذا تَخَيَّلَت السَّماءُ تَغَيَّرَ لَونُهُ، وخَرَجَ ودَخَلَ، وأَقبَلَ وأَدبَرَ، فَإذا مَطَرَت سُرِّيَ عَنهُ، فَعَرَفتُ ذَلكَ فِي وجهِهِ. قالَت عائِشَةُ: فَسَأَلتُهُ فَقالَ: «لَعَلَّهُ يا عائِشَةُ كَما قالَ قَومُ (عادٍ): ﴿فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا﴾ [الأحقاف: ٢٤]». وفي رواية (م) زادَ: ويَقُولُ إذا رَأى المَطَرَ: «رَحمَةٌ».
-شفقة النبي ﷺ على أمته، وفيه تذكر ما وقع للأمم الخالية، والتحذير من السير في سبيلهم خشية وقوع مثل ما حل بهم.
-مشروعية هذا الدعاء عند العاصفة دون الريح الخفيفة، وفيه الالتجاء لله عند اختلاف الأحوال والتضرع إليه. (ابن حجر)

(خ م) (٥٨٦) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: دَخَلَت عَلَيَّ عَجُوزان مِن عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ فَقالَتا: إنَّ أهلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِم. قالَت: فَكَذَّبتُهُما، ولَم أُنعِم أن أُصَدِّقَهُما، فَخَرَجَتا ودَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقُلتُ لَهُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ عَجُوزَينِ مِن عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ دَخَلَتا عَلَيَّ، فَزَعَمَتا أنَّ أهلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِم، فَقالَ: «صَدَقَتا، إنَّهُم يُعَذَّبُونَ عَذابًا تَسمَعُهُ البَهائِمُ». قالَت: فَما رَأَيتُهُ بَعدُ فِي صَلاةٍ إلا يَتَعَوَّذُ مِن عَذابِ القَبرِ.
وفي رواية (م): فارْتاعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وقالَ: «إنَّما تُفْتَنُ يَهُودُ». قالَت عائِشةُ: فَلَبِثنا لَيالِيَ، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَل شَعَرتِ أنَّهُ أُوحِيَ إليَّ أنَّكُم تُفتَنُونَ فِي القُبُورِ». قالَت عائِشَةُ: فَسَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعْدُ يَستَعِيذُ مِن عَذابِ القَبرِ.
وفي رواية (خ): فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَم، عَذابُ القَبرِ حَقٌّ».
(خ م) عَن عَمْرَةَ؛ أنَّ يَهُودِيةً أتَت عائِشَةَ ﵂ تَسأَلُها فَقالَت: أعاذَكِ اللهِ مِن عَذابِ القَبر. قالَت عائِشَةُ: فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ يُعَذَّبُ النّاسُ فِي القُبُورِ؟ قالَت عَمْرَةُ: فَقالَت عائِشَةُ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عائِذًا بِاللهِ». ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ذاتَ غَداةٍ مَركَبًا فَخَسَفَت الشَّمسُ قالَت عائِشَةُ: فَخَرَجتُ فِي نِسوَةٍ بَينَ ظَهْرَي الحُجَرِ فِي المَسجدِ، فَأَتى رَسُولُ الله ﷺ مِن مَركَبِهِ حَتّى انتَهى إلى مُصَلاَّهُ الَّذِي كانَ يُصَلِّي فِيهِ فَقامَ وقامَ النّاسُ ... (وفِيها: فَقالَ: «إنِّي قَد رَأَيتُكُم تُفْتَنُونَ فِي القُبُور كَفِتنَةِ الدَّجّالِ». قالَت عَمْرَةُ: فَسَمِعتُ عائِشَةَ تَقُولُ: فَكُنتُ أسمَعُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعدَ ذَلكَ يَتَعَوَّذُ مِن عَذابِ النّارِ وعَذابِ القَبر). زادَ (خ): فَخَسَفَتْ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى فَمَرَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَ ظَهْرانَيْ الحُجَرِ ثُمَّ قامَ يُصَلِّي وقامَ النّاسُ وراءَهُ فَقامَ قِيامًا طَوِيلًا ... وانْصَرَفَ فَقالَ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَقُولَ ثُمَّ أمَرَهُمْ أنْ يَتَعَوَّذُوا مِن عَذابِ القَبْر.
-فيه: التوقف عن خبرهم – أهل الكتاب- حتى يعرف أصدق هو أم كذب (العيني).
-أن عذاب القبر حق، وأنه ليس بخاص بهذه الأمة. (العيني).
-عظيم موقع الدعاء، وفضله، وأن من مواطنه المرغب فيها إثر الصلوات (القاضي عياض).
-استحباب التعوذ من عذاب القبر عقيب الصلاة لأنه وقت إجابة الدعوة (العيني).
-جواز دخول اليهودية عند المسلمات (العيني).

١ س1) أخبر النبي ﷺ أن الشيطان الذي يعرض للعبد في صلاته اسمه:

٣/٠