(م) (٨٠٥) عَنِ النَّوّاسِ بْنِ سِمْعانَ الكِلابِيِّ ﵁ قالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «يُؤتى بِالقُرآنِ يَومَ القِيامَةِ وأَهلِهِ الَّذِينَ كانُوا يَعمَلُونَ بِهِ تَقدُمُهُ سُورَةُ البَقَرَةِ وآلُ عِمرانَ». وضَرَبَ لَهُما رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَلاثَةَ أمثالٍ ما نَسِيتُهُنَّ بَعدُ، قالَ: «كَأَنَّهُما غَمامَتانِ، أو ظُلَّتانِ سَوداوانِ بَينَهُما شَرْقٌ، أو كَأَنَّهُما حِزقانِ مِن طَيرٍ صَوافَّ تُحاجّانِ عَن صاحِبِهِما».
- قال العلماء : المراد أن ثوابهما يأتي كغمامتين .شرح النووي
- قوله: "بينهما شرق": رويناه بكسر الراء وفتحها، قيل :وهو الضياء والنور. قلت: والأشبه: أن الشرق بالسكون، بمعنى المشرق، يعني: أن بين تلك الظلتين السوداوين مشارق أنوار، وبالفتح: هو الضياء نفسه، وإنما نبه في هذا الحديث على هذا الضياء، لأنه لما قال: سوداوان، قد يتوهم أنهما مظلمتان، فنفى ذلك بقوله: بينهما شرق، أي مشارق أنوار، أو أنوار، حسب ما قررناه، ويعني بكونهما سوداوين: أي من كثافتهما التي بسببهما حالتا بين من تحتهما وبين حرارة الشمس وشدة اللهب. والله أعلم. (القاضي عياض)
- قوله : " الذين كانوا يعملون به "...: دل على أن من قرأ ولم يعمل به لم يكن من أهل القرآن، ولا يكون شفيعا لهم، بل يكون القرآن حجة عليهم . (شبير العثماني في كتاب فتح الملهم)

(خ م) (٨٠٧) عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأَنْصارِيِّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن قَرَأَ هاتَينِ الآيَتَينِ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيلَةٍ كَفَتاهُ».
- أن هاتين الآيتين عظيمتين، لما فيهما من معاني الإيمان والإسلام والالتجاء إلى الله والاستعانة به.
- قيل: معناه كفتاه من قيام الليل، وقيل: من الشيطان، وقيل: من الآفات، ويحتمل من الجميع.

(م) (٨٠٦) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: بَينَما جِبرِيلُ قاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ سَمِعَ نَقِيضًا مِن فَوقِهِ فَرَفَعَ رَأسَهُ، فَقالَ: «هَذا بابٌ مِنَ السَّماءِ فُتِحَ اليَومَ لَم يُفتَح قَطُّ إلا اليَومَ، فَنَزَلَ مِنهُ مَلَكٌ، فَقالَ: هَذا مَلَكٌ نَزَلَ إلى الأَرضِ لَم يَنزِل قَطُّ إلا اليَومَ، فَسَلَّمَ وقالَ: أبشِر بِنُورَينِ أُوتِيتَهُما لَم يُؤتَهُما نَبِيٌّ قَبلَكَ: فاتِحَةُ الكِتابِ، وخَواتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَن تَقرَأَ بِحَرفٍ مِنهُما إلا أُعطِيتَهُ».
- أن من الملائكة رسلا إلى الأنبياء غير جبريل عليهم السلام.
- قوله " لن تقرأ " : الخطاب له عليه الصلاة والسلام ، والمراد هو وأمته ، إذ الأصل مشاركتهم له في كل ما أنزل إليه إلا ما اختص به . (شبير العثماني في كتاب فتح الملهم)

(م) (٨١٠) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يا أبا المُنذِرِ؛ أتَدرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ مَعَكَ أعظَمُ؟» قالَ: قُلتُ: اللهُ ورَسُولُهُ أعلَمُ. قالَ: «يا أبا المُنذِرِ؛ أتَدرِي أيُّ آيَةٍ مِن كِتابِ اللهِ مَعَكَ أعظَمُ؟» قالَ: قُلتُ: ﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾ [البقرة: ٢٥٥]، قالَ: فَضَرَبَ فِي صَدرِي وقالَ: «واللهِ لِيَهنِكَ العِلمُ أبا المُنذِرِ».
- قوله: (ليهنك العلم أبا المنذر) فيه منقبة عظيمة لأبيّ ودليل على كثرة علمه. (النووي)
- وفيه تبجيل العالم فضلاء أصحابه وتكنيتهم. وجواز مدح الإنسان في وجهه إذا كان فيه مصلحة، ولم يخف عليه إعجاب ونحوه، لكمال نفسه ورسوخه في التقوى. (النووي)
- وإنما كان آية الكرسي أعظم آية لاحتوائها واشتمالها على بيان توحيد الله ، وتمجيده، وتعظيمه، وذكر أسمائه الحسنى، وصفاته العلى، وكل ما كان من الأذكار في تلك المعاني أبلغ : كان في باب التدبر والتقرب به إلى الله : أجل وأعظم . ( الملا علي قاري )

(م) (٨٠٩) عَنْ أبِي الدَّرْداءِ ﵁؛ أنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن حَفِظَ عَشرَ آياتٍ مِن أوَّلِ سُورَةِ الكَهف عُصِمَ مِنَ الدَّجّالِ». وفي رواية: «مِن آخِرِ الكَهفِ».
- قال النووي: سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات، فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال، وكذا في آخرها قوله تعالى : { أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ} (الكهف: 102)

(م) (٨١١) عَنْ أبِي الدَّرْداءِ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «أيَعجِزُ أحَدُكُم أن يَقرَأَ فِي لَيلَةٍ ثُلُثَ القُرآنِ؟» قالُوا: وكَيفَ يَقرَأ ثُلُثَ القُرآنِ؟ قالَ: «قُل هُوَ اللهُ أحَدٌ تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ». رَواهُ (خ): عَن أبِي سَعِيدٍ الخُدرِي، ولفظه: فَشَقَّ ذَلكَ عَلَيهِم، وقالُوا: أيُّنا يُطِيقُ ذَلكَ يا رَسُولَ اللهِ؟ فَقالَ: «اللهُ الواحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ القُرآنِ».
ورَوى (م) عَن أبِي الدَّرْداءِ، عَنِ النَّبيِّ ﷺ قالَ: «إنَّ اللهَ جَزَّأَ القُرآنَ ثَلاثَةَ أجزاءٍ، فَجَعَلَ ﴿قل هو الله أحد﴾ جُزءًا مِن أجزاءِ القُرآنِ»..
(م) (٨١١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «احشُدُوا؛ فَإني سَأَقرَأُ عَلَيكُم ثُلُثَ القُرآنِ». فَحَشَدَ مَن حَشَدَ، ثُمَّ خَرَجَ نَبيُّ اللهِ ﷺ فَقَرَأَ: ﴿قل هو الله أحد﴾. ثُمَّ دَخَلَ، فَقالَ بَعضُنا لِبَعضٍ: إنِّي أُرى هَذا خَبَرٌ جاءَهُ مِن السَّماءِ، فَذاكَ الَّذِي أدخَلَهُ، ثُمَّ خَرَجَ نَبيُّ اللهِ ﷺ فَقالَ: «إني قُلتُ لَكُم: سَأَقرَأُ عَلَيكُم ثُلُثَ القُرآنِ، ألا إنَّها تَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ». وفي رواية لَهُ: فَقَرَأَ: ﴿قل هو الله أحد (١) الله الصمد﴾ [الإخلاص: ١، ٢] حَتّى خَتَمَها.
- قال القرطبي: اشتملت هذه السورة على اسمين من أسماء الله تعالى يتضمنان جميع أصناف الكمال لم يوجدا في غيرها من السور، وهما : الأحد الصمد، لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، وبيان ذلك :
أن الأحد يشعر بوجود الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال؛ لأنه الذي انتهى إليه السؤدد, فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام المعرفة بصفات الذات وصفات الفعل ثلثاه.
- قال المازري : قيل : معناه أن القرآن على ثلاثة أنحاء قصص وأحكام وصفات لله تعالى ، و " قل هو الله أحد " متضمنة للصفات، فهي ثلث ، وجزء من ثلاثة أجزاء . قال النووي : وقيل : معناه أن ثواب قراءتها يضاعف بقدر ثواب قراءة ثلث القرآن بغير تضعيف .

(خ) (٥٠١٣) عَن أبِي سَعِيدٍ الخُدرِي؛ أنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقرَأُ: ﴿قل هو الله أحد﴾، يُرَدِّدُها، فَلَمّا أصبَحَ جاءَ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَذَكَرَ ذَلكَ لَهُ، وكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقالُّها، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «والَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إنَّها لَتَعدِلُ ثُلُثَ القُرآنِ».
- لعل الرجل الذي كان يرددها، كانت منتهى حفظه، فجاء يقلل عمله وقراءته، فقال له سيدنا رسول الله ﷺ: إنها لتعدل ثلث القرآن، ترغيبا له في عمل الخير وإن كان قليلا، ولله عز وجل أن يجازي عبده على العمل اليسير بأفضل مما يجازي به على الكثير. (العيني)

(خ م) (٨١٣) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَ رَجُلًا عَلى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقرَأُ لأَصحابِهِ فِي صَلاتِهِم، فَيَختِمُ بِـ: ﴿قل هو الله أحد﴾، فَلَمّا رَجَعُوا ذُكِرَ ذَلكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ: «سَلُوهُ؛ لأَيِّ شَيءٍ يَصنَعُ ذَلكَ؟» فَسَأَلُوهُ فَقالَ: لأَنَّها صِفَةُ الرَّحْمَنِ، فَأَنا أُحِبُّ أن أقرَأَ بِها. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أخبِروهُ أنَّ اللهَ يُحِبُّهُ».
- إثبات صفة المحبة لله تعالى ، وهي محبة حقيقية تليق بجلاله وكماله .
- أن إخبار النبي ﷺ لسبب محبة الله لهذا العبد هو جزاء لمحبته تلك السورة ،أو جزاء لصحة اعتقاده الذي دل عليه كلامه من محبته لذكر صفات الله تعالى .
- قال ناصر الدين ابن المنير : في الحديث أن المقاصد تغير أحكام الأفعال؛ لأن الرجل لو قال بأن الحامل على إعادتها أنه لا يحفظ غيرها, لأمكن أن يأمر بحفظ غيرها, فلما ظهر قصده المشروع صوبه.

(م) (٨١٤) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ألَم تَرَ آياتٍ أُنزِلَتِ اللَّيلَةَ لَم يُرَ مِثلُهُنَّ قَطُّ: ﴿قل أعوذ برب الفلق﴾ و﴿قل أعوذ برب الناس﴾».
- فيه بيان أنه لا يوجد في القرآن مثل المعوذتين، من حيث المعاني والبركة والتعوذ بهما

(خ) (٥٠١٧) عَنْ عائِشَةَ؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ إذا أوى إلى فِراشِهِ كُلَّ لَيلَةٍ جَمَعَ كَفَّيهِ، ثُمَّ نَفَثَ() فِيهِما، فَقَرَأَ فِيهِما: ﴿قل هو الله أحد﴾ و﴿قل أعوذ برب الفلق﴾ و﴿قل أعوذ برب الناس﴾، ثُمَّ يَمسَحُ بِهِما ما استَطاعَ مِن جَسَدِهِ، يَبدَأُ بِهِما عَلى رَأسِهِ ووَجهِهِ وما أقبَلَ مِن جَسَدِهِ، يَفعَلُ ذَلكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ. وفي رواية: نَفَثَ فِي يَدَيهِ وقَرَأَ بِالمُعَوِّذاتِ ومَسَحَ بِهِما جَسَدَهُ ...
- مشروعية طلب الشفاء بقراءة المعوذات (الإخلاص والفلق والناس).
- السنة قراءة الثلاث قبل النوم من كل ليلة، ومسح الوجه والجسد بعد قراءتها، اقتداء بفعل الرسول ﷺ.
- مشروعية النفث – النفخ – بعد قراءة القرآن على الكفين.

(خ م) (٨١٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لا حَسَدَ إلا فِي اثنَتَينِ؛ رَجُلٌ آتاهُ اللهُ القُرآنَ، فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ، ورَجُلٌ آتاهُ اللهُ مالًا، فَهُوَ يُنفِقُهُ آناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ».
ورَوى (خ) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا حَسَدَ إلّا فِي اثنَتَينِ»، وفِيهِ: «رَجُلٌ عَلَّمهُ اللهُ القُرآنَ ...»، وفِيهِ: «فَسَمِعَهُ جارٌ لَهُ، فَقالَ: لَيتَنِي أُوتِيتُ مِثلَ ما أُوتِي فُلانٌ فَعَمِلتُ مِثلَ ما يَعمَلُ، ورَجُلٌ آتاهُ اللهُ مالًا، فَهُو يُهلِكُهُ فِي الحَقِّ، فَقالَ رَجُلٌ: لَيتَنِي أُوتيتُ مِثلَ ما أُوتِي فُلانٌ فَعَمِلتُ مِثلَ ما يَعمَلُ».
(خ م) (٨١٦) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا حَسَدَ إلا فِي اثنَتَينِ؛ رَجُلٌ آتاهُ اللهُ مالًا، فَسَلَّطَهُ عَلى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، ورَجُلٌ آتاهُ اللهُ حِكمَةً، فَهُوَ يَقضِي بِها، ويُعَلِّمُها».
- الحسد المذكور في الحديث هو الغبطة، وأطلق الحسد عليها مجازا، وهي أن يتمنى أن يكون له مثل ما لغيره من غير أن يزول عنه، والحرص على هذا يسمى منافسة، فإن كان في الطاعة فهو محمود ومنه : {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26] وإن كان في المعصية فهو مذموم، ومنه: " ولا تنافسوا ". وإن كان في الجائزات فهو مباح.
- قوله: "فهو يهلكه في الحق" فيه احتراس بليغ، كأنه لما أوهم الإنفاق في التبذير من جهة عموم الإهلاك قيده بالحق، والله أعلم. (ابن حجر)
- في الحديث الترغيب في ولاية القضاء لمن استجمع شروطه وقوي على أعمال الحق ووجد له أعوانا؛ لما فيه من الأمر بالمعروف, ونصر المظلوم, وأداء الحق لمستحقه، وكف يد الظالم والإصلاح بين الناس، وكل ذلك من القربات، ولذلك تولاه الأنبياء ومن بعدهم من الخلفاء الراشدين. (ابن حجر)
- لا تنبغي الغبطة في الأمور الخسيسة وإنما تنبغي في الأمور الجليلة الدقيقة كالجود, والعلم مع العمل. (ابن حجر)
- أن الغني إذا قام بشرط المال وفعل فيه ما يرضي الله كان أفضل من الفقير.

١ 1)ما المراد بـ( النقيض) في قول ابن عباس: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع (نقيضا)؟

٣/٠