(م) (٣٩٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «مَن صَلّى صَلاةً لَم يَقرَأ فِيها بِأُمِّ القُرآنِ فَهِيَ خِداجٌ ثَلاثًا غَيرُ تَمامٍ». فَقِيلَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: إنّا نَكُونُ وراءَ الإمامِ؟ فَقالَ: اقرَأ بِها فِي نَفسِكَ، فَإنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «قالَ اللهُ تَعالى: قَسَمتُ الصَّلاةَ بَينِي وبَينَ عَبدِي نِصفَينِ، ولِعَبدِي ما سَأَلَ، فَإذا قالَ العَبدُ: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾، قالَ اللهُ: حَمِدَنِي عَبدِي. وإذا قالَ: ﴿الرحمن الرحيم﴾، قالَ اللهُ تَعالى: أثنى عَلَيَّ عَبدِي. وإذا قالَ: ﴿مالك يوم الدين﴾، قالَ: مَجَّدَنِي عَبدِي. وقالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إلَيَّ عَبدِي. فَإذا قالَ: ﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾، قالَ: هَذا بَينِي وبَينَ عَبدِي، ولِعَبدِي ما سَأَلَ. فَإذا قالَ: ﴿اهدنا الصراط المستقيم (٦) صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين﴾ [الفاتحة: ٦-٧]، قالَ: هَذا لِعَبدِي، ولِعَبدِي ما سَأَلَ».
-قوله: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) قال العلماء المراد بالصلاة هنا الفاتحة. سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها، كقوله صلى الله عليه وسلم "الحج عرفة". (النووي).
-قوله " نصفين" اعلم أن تقسيم الفاتحة نصفين بمعنى أن بعضها ثناء إلى قوله إياك نعبد، وبعضها دعاء, وهو من قوله إياك نستعين إلى آخر السورة، والنصف هنا بمعنى البعض لا أنها منصفة حقيقة لأن طَرفَ الدعاء أكثرُ، وقيل إنها منصفة حقيقة لأنها سبع آيات ثلاث ثناء من قوله الحمد لله إلى يوم الدين, وثلاث دعاء من قوله اهدنا إلى آخرها، والآية المتوسطة نصفها ثناء ونصفها دعاء. ( الهرري).

باب: دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب


(م) (٢٧٣٢) عَنْ صَفْوانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوانَ وكانَت تَحتَهُ الدَّرْداءُ قالَ: قَدِمتُ الشّامَ، فَأَتَيتُ أبا الدَّرْداءِ فِي مَنزِلِهِ، فَلَم أجِدهُ، ووَجَدتُ أُمَّ الدَّرْداءِ، فَقالَت: أتُرِيدُ الحَجَّ العامَ؟ فَقُلتُ: نَعَم، قالَت: فادعُ اللهَ لَنا بِخَيرٍ، فَإنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَقُولُ: «دَعوَةُ المَرءِ المُسلِمِ لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيبِ مُستَجابَةٌ، عِنْدَ رَأسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّما دَعا لأَخِيهِ بِخَيرٍ قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، ولَكَ بِمِثلٍ» . قالَ: فَخَرَجتُ إلى السُّوقِ، فَلَقِيتُ أبا الدَّرْداءِ فَقالَ لِي مِثلَ ذَلكَ؛ يَروِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. ورَوى عَن أُمِّ الدَّرْداءِ قالت: حَدَّثَنِي سَيِّدِي [أبو الدَّرْداءِ] ﵁؛ أنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقول: «مَن دَعا لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيبِ قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، ولَكَ بِمِثلٍ».
-في هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب، ولو دعا لجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا لجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة ; لأنها تستجاب، ويحصل له مثلها.(النووي)

باب: في العزم على المسألة وترك الاستعجال


(خ م) (٢٧٣٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «يُستَجابُ لأَحَدِكُم ما لَمْ يَعْجَلْ؛ فَيَقُولُ: قَد دَعَوتُ فَلا أو فَلَم يُستَجَب لِي». وفي رواية (م): «لا يَزالُ يُستَجابُ لِلعَبدِ ما لَم يَدعُ بِإثمٍ أو قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَم يَستَعجِل». قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ما الاستِعجالُ؟ قالَ: يَقُولُ: «قَد دَعَوتُ، وقَد دَعَوتُ، فَلَم أرَ يَستَجِيبُ لِي، فَيَستَحسِرُ عِنْدَ ذَلكَ ويَدَعُ الدُّعاءَ».
(خ م) (٢٦٧٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لا يَقُولَنَّ أحَدُكُم: اللَّهُمَّ اغفِر لِي إن شِئتَ، اللَّهُمَّ ارحَمنِي إن شِئتَ، لِيَعزِم فِي الدُّعاءِ، فَإنَّ اللهَ (صانِعٌ) ما شاءَ، لا مُكرِهَ لَهُ». لَفظُ (خ): «إنَّه يَفعَلُ ما يَشاءُ». وفي رواية (خ): «فَإنَّهُ لا مُستَكرِهَ لَهُ».
ولَهُما عَن أنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إذا دَعا أحَدُكُم فَليَعزِمْ فِي الدُّعاءِ، ولا يَقُل: اللَّهُمَّ إن شِئتْ فَأَعطِني، فَإنَّ اللهَ لا مُسْتَكْرِهَ لَهُ».
-قال العلماء: عزم المسألة: الشدة في طلبها، والجزم من غير ضعف في الطلب، ولا تعليق على مشيئة ونحوها، وقيل: هو حسن الظن بالله تعالى في الإجابة، ومعنى الحديث: استحباب الجزم في الطلب، وكراهة التعليق على المشيئة، قال العلماء: سبب كراهته أنه لا يتحقق استعمال المشيئة إلا في حق من يتوجه عليه الإكراه، والله تعالى منزه عن ذلك، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: فإنه لا مستكره له، وقيل: سبب الكراهة أن في هذا اللفظ صورة الاستعفاء على المطلوب والمطلوب منه. (النووي)

باب: إذا دعا لأحد بدأ بنفسه


(م) عن ابن عباس ﵄ عن النبي ﷺ قال: «إنَّهُ بَينما مُوسى في قَومِهِ؛ يُذَكِّرُهُم بِأيّامِ اللهِ، وأيّامُ اللهِ نَعماؤُهُ وبَلاؤُهُ ... قالَ: وكانَ [النبي ﷺ] إذا ذَكَرَ أحَدًا مِن الأَنبِياء بَدَأ بِنَفسِهِ: ((رَحمَةُ اللهِ عَلينا وعَلى أخِي كَذا ...».
-- قوله ﷺ: "رحمة الله علينا وعلى موسى"، قال النووي: قال أصحابنا: فيه استحباب ابتداء الإنسان بنفسه في الدعاء وشبهه من أمور الآخرة، وأما حظوظ الدنيا فالأدب فيها الإيثار وتقديم غيره على نفسه.

باب: ترك الجهر بالذكر والدعاء إلا ما ورد به النص كالتلبية


(خ م) (٤٤٦) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ فِي قَولِهِ ﷿: ﴿ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها﴾، قالَ: نَزَلَت ورسُولُ اللهِ ﷺ مُتَوارٍ بِمَكَّةَ، فَكانَ إذا صَلّى بِأَصحابِهِ رَفَعَ صَوتَهُ بِالقُرآنِ، فَإذا سَمِعَ ذَلكَ المُشرِكُونَ سَبُّوا القُرآنَ ومَن أنزَلَهُ ومَن جاءَ بِهِ، فَقالَ اللهُ تَعالى لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿ولا تجهر بصلاتك﴾ فَيَسمَعَ المُشرِكُونَ قِراءَتَكَ، ﴿ولا تخافت بها﴾ عَن أصحابِكَ، أسمِعهُم القُرآنَ، ولا تَجهَر ذَلكَ الجَهرَ، ﴿وابتغ بين ذلك سبيلا﴾ ﴿وابتغ بين ذلك سبيلا﴾ [الإسراء: ١١٠]، يَقُولُ: بَينَ الجَهرِ والمُخافَتَةِ. زادَ (خ) فِي رِوايةٍ: أسمِعْهُمْ ولا تَجْهَرْ، حَتّى يَأخُذُوا عَنكَ القُرآنَ.
(خ م) (٤٤٧) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ فِي قَولِهِ ﷿: ﴿ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها﴾، قالَت: أُنزِلَ هَذا فِي الدُّعاءِ.
- وظاهر هذه الرواية أن التوسط في القراءة بين الجهر والمخافتة إنما هو في صلاة الليل. (موسى لاشين)
- وإذا كان هذا مطلوباً في الصلاة التي هي مناجاة فإن الوضع نفسه يكون أشد طلباً حين الدعاء، فعلى المسلم أن لا يديم الجهر بالدعاء، فإنه لا يدعو أصم، ولكن يدعو سميعاً بصيراً، ولا يخفض صوته حتى لا يحرك لسانه ولا يسمع أذنه، فإن تحريك اللسان عبادة، وإن انشغال الأذنين بصوت التضرع والدعاء عبادة. وعلى المسلم أن يكون في دعائه بين الأمرين، أن يرفع صوته بالدعاء في وقت لا شبهة للرياء فيه، ويخفض صوته في وقت تشوبه شائبة الرياء والسمعة. وما أجمل قول الله تعالى: ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) [الأعراف: 205].(موسى لاشين)

١ س1) قال صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بـ ... فهي خداج":

٣/٠