باب: وضْعُ اليَدَيْنِ عَلى الرُّكَبِ ونَسْخُ التَّطْبِيقِ


٤٤٨. (خ م) (٥٣٥) عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قالَ: صَلَّيتُ إلى جَنبِ أبِي، قالَ: وجَعَلتُ يَدَيَّ بَينَ رُكبَتَيَّ، فَقالَ لِي أبِي: اضرِب بِكَفَّيك عَلى رُكبَتَيكَ. قالَ: ثُمَّ فَعَلتُ ذَلكَ مَرَّةً أُخرى، فَضَرَبَ يَدَيَّ وقالَ: إنّا نُهِينا عَن هَذا، وأُمِرنا أن نَضرِبَ بِالأَكُفّ عَلى الرُّكَبِ.
-"اتفق فقهاء الأمصار على القول بهذا الحديث" (ابن بطال).

٤٤٩. (م) (٥٣٤) عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وعَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ قالا: أتَينا عَبدَ اللهِ بنَ مَسْعُودٍ ﵁ فِي دارِهِ، فَقالَ: أصَلّى هَؤُلاءِ خَلفَكُم؟ فَقُلنا: لا، قالَ: فَقُومُوا فَصَلُّوا. فَلَم يَأمُرنا بِأَذانٍ ولا إقامَةٍ، قالَ: وذَهَبنا لِنَقُومَ خَلفَهُ فَأَخَذَ بِأَيدِينا، فَجَعَلَ أحَدَنا عَن يَمِينِهِ والآخَرَ عَن شِمالِهِ، قالَ: فَلَمّا رَكَعَ وضَعنا أيدِيَنا عَلى رُكَبِنا، قالَ: فَضَرَبَ أيدِيَنا وطَبَّقَ بَينَ كَفَّيهِ، ثُمَّ أدخَلَهُما بَينَ فَخِذَيهِ، فَلَمّا صَلّى قالَ: إنَّهُ سَتَكُونُ عَلَيكُم أُمَراءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ عَن مِيقاتِها، ويَخنُقُونَها إلى شَرَقِ المَوتى، فَإذا رَأَيتُمُوهُم قَد فَعَلُوا ذَلكَ فَصَلُّوا الصَّلاةَ لِمِيقاتِها، واجعَلُوا صَلاتَكُم مَعَهُم سُبحَةً، وإذا كُنتُم ثَلاثَةً فَصَلُّوا جَمِيعًا، وإذا كُنتُم أكثَرَ مِن ذَلكَ فَليَؤُمَّكُم أحَدُكُم، وإذا رَكَعَ أحَدُكُم فَليُفرِش ذِراعَيهِ على فَخِذَيهِ، وليَحنِ وليُطَبِّق بَينَ كَفَّيهِ، فَلَكَأَنِّي أنظُرُ إلى اختِلافِ أصابِعِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَراهُم. وفي رواية: قَد كُنّا نَفعَلُ هَذا ثُمَّ أُمِرنا بِالرُّكَب. وفي رواية (م): فَلَمّا رَكَعتُ شَبَّكتُ أصابِعِي وجَعَلتُهُما بَينَ رُكبَتَيَّ ...
-"مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ السُّنَّةَ وَضْعُ اليدين على الركبتين، وكراهة التطبيق الا ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَصَاحِبَيْهِ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ السُّنَّةَ التَّطْبِيقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ النَّاسِخُ" (النووي).
-"وقوله: (سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة): هذا وقع في بني أمية...وهذا الحديث من أدلة نبوة النبي ﷺ إذ قد أخبر عن شيء من الغيب، فوقع على نحو ما أخبر" (القرطبي).

باب: صِفَةُ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ


٤٥٠. (م) (٤٩٨) عَنْ أبِي الجَوْزاءِ؛ عَن عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَستَفتِحُ الصَّلاةَ بِالتَّكبِيرِ، والقِراءَةَ بِـ: ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ﴾ [الفاتحة: ٢]، وكانَ إذا رَكَعَ لَم يُشخِص رَأسَهُ ولَم يُصَوِّبهُ ولَكِن بَينَ ذَلكَ، وكانَ إذا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَم يَسجُد حَتّى يَستَوِيَ قائِمًا، وكانَ إذا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ السَّجدَةِ لَم يَسجُد حَتّى يَستَوِيَ جالِسًا، وكانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ، وكانَ يَفرِشُ رِجلَهُ اليُسرى ويَنصِبُ رِجلَهُ اليُمنى، وكانَ يَنهى عَن عُقبَةِ الشَّيطانِ، ويَنهى أن يَفتَرِشَ الرَّجُلُ ذِراعَيهِ افتِراشَ السَّبُعِ، وكانَ يَختِمُ الصَّلاةَ بِالتَّسلِيمِ.
-فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ لِلرَّاكِعِ أَنْ يُسَوِّيَ ظَهْرَهُ بِحَيْثُ يَسْتَوِي رَأْسُهُ وَمُؤَخَّرُهُ (النووي).
- فِيهِ وُجُوبُ الاعتدال إذا رفع من الركوع وأنه يَجِبُ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا لِقَوْلِهِ ﷺ: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" (النووي).
- فيهِ وُجُوبُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (النووي).
- "وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى": مَعْنَاهُ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا، فِيهِ حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الْجُلُوسَ فِي الصَّلَاةِ يَكُونُ مُفْتَرِشًا سَوَاءٌ فِيهِ جَمِيعُ الْجِلْسَاتِ (النووي).
قَوْلُهَا ﵂: "وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ": فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّسْلِيمِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ هَذَا مَعَ قوله ﷺ :"صلوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" (النووي).

٤٥١. (خ) (٨٢٨) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطاءٍ؛ أنَّهُ كانَ جالِسًا مَعَ نَفَرٍ مِن أصحابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَذَكَرنا صَلاةَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ أبُو حُمَيدٍ السّاعِدِيُّ: أنا كُنتُ أحفَظَكُم لِصَلاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ رَأَيتُهُ إذا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيهِ حِذاءَ مَنكِبَيهِ، وإذا رَكَعَ أمكَنَ يَدَيهِ مِن رُكبَتَيهِ ثُمَّ هَصَرَ ظَهرَهُ، فَإذا رَفَعَ رَأسَهُ استَوى حَتّى يَعُودَ كُلُّ فَقارٍ مَكانَهُ، فَإذا سَجَدَ وضَعَ يَدَيهِ غَيرَ مُفتَرِشٍ ولا قابِضِهِما واستَقبَلَ بِأَطرافِ أصابِعِ رِجلَيهِ القِبلَةَ، فَإذا جَلَسَ فِي الرَّكعَتَينِ جَلَسَ عَلى رِجلِهِ اليُسرى ونَصَبَ اليُمنى، وإذا جَلَسَ فِي الرَّكعَةِ الآخِرَةِ قَدَّمَ رِجلَهُ اليُسرى ونَصَبَ الأُخرى وقَعَدَ عَلى مَقعَدَتِه.
- أَن سنة الْهَيْئَة فِي الرُّكُوع، أَن لَا يرفع رَأسه إِلَى فَوق وَلَا ينكسه. (العيني).
- بَيَان تَوْجِيه أَصَابِع رجلَيْهِ نَحْو الْقبْلَة (العيني).
- جَوَاز وصف الرجل نَفسه بِكَوْنِهِ أعلم من غَيره إذا أَمن الْإِعْجَاب وَأَرَادَ بَيَان ذَلِك عِنْد غَيره مِمَّن سَمعه، لما فِي التَّعْلِيم وَالْأَخْذ عَن الأعلم. (العيني).
- أَنه كَانَ يخفى على الْكثير من الصَّحَابَة بعض الْأَحْكَام المتلقاة عَن النَّبِي ﷺ، وَرُبمَا يذكرهُ بَعضهم إِذا ذُكِّر (العيني).

باب: ما يَقُولُ فِـي الرُّكُوعِ والسُّجُودِ


٤٥٢. (خ م) (٤٨٤) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُكثِرُ أن يَقُول فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ: «سُبحانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغفِر لِي». يَتَأَوَّلُ القُرآنَ.
وفي رواية: ما رَأَيتُ النَّبِيَّ ﷺ مُنذُ نَزَلَ عَلَيهِ: ﴿إذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ والفَتْحُ﴾، يُصَلِّي صَلاةً إلّا دَعا، أو قالَ فِيها: «سُبحانَكَ رَبِّي وبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغفِر لِي».
وفي رواية (م): قالَ: «جُعِلَتْ لِي عَلامَةٌ فِي أُمَّتِي، إذا رَأَيتُها قَلتُها: ﴿إذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ والفَتْحُ﴾ .. إلى آخِرِ السُّورَةِ.
-كَانَ ﷺ يَقُولُ هَذَا الْكَلَامَ الْبَدِيعَ فِي الْجَزَالَةِ الْمُسْتَوْفِي مَا أُمِرَ بِهِ فِي الْآيَةِ، وَكَانَ يَأْتِي بِهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا، فَكَانَ يَخْتَارُهَا لِأَدَاءِ هَذَا الْوَاجِبِ الَّذِي أُمِرَ بِهِ لِيَكُونَ أَكْمَلَ (النووي).
-"فسبحان الله" معناه: براءة وتنزيها لَهُ مِنْ كُلِّ نَقْصٍ, وَقَوْلُهُ "وَبِحَمْدِكَ" أَيْ: وَبِحَمْدِكَ سَبَّحْتُكَ، وَمَعْنَاهُ: بِتَوْفِيقِكَ لِي وَهِدَايَتِكَ وَفَضْلِكَ عَلَيَّ سَبَّحْتُكَ لَا بِحَوْلِي وَقُوَّتِي (النووي).
- فَفِيهِ شُكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَالِاعْتِرَافُ بِهَا وَالتَّفْوِيضُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ كُلَّ الْأَفْعَالِ لَهُ (النووي).

٤٥٣. (م) (٤٨٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «أقرَبُ ما يَكُونُ العَبدُ مِن رَبِّهِ وهُوَ ساجِدٌ، فَأَكثِرُوا الدُّعاءَ»
.
- أي قريب من رحمة ربه وفضله، ولذلك حضه على السؤال والطلب (القاضي عياض).
-إِنَّمَا كَانَ السُّجُود موطن قرب لِأَنَّهُ غَايَة ذل الْآدَمِيّ، فَلذَلِك تقرب من مَوْلَاهُ (ابن الجوزي).
- وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ (النووي).
- وفي تعميم الدعاء وعدم تخصيصه بنوع ولا غيره رد على من منعه في المكتوبة بغير قرآن كطاووس (المناوي).
- والأمر بالإكثار من الدعاء في السجود ويشمل الحث على تكثير الطلب لكل حاجة

٤٥٤. (م) (٤٨٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِي ذَنبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وجِلَّهُ، وأَوَّلَهُ وآخِرَهُ، وعَلانِيَتَهُ وسِرَّهُ».
- فِيهِ تَوْكِيدُ الدُّعَاءِ وَتَكْثِيرُ أَلْفَاظِهِ وَإِنْ أَغْنَى بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ (النووي).
- وَقَوْلُهُ ﷺ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ" مَعَ أَنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْعُبُودِيَّةِ وَالْإِذْعَانِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى (النووي).

٤٥٥. (م) (٤٨٥) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: افتَقَدتُ النَّبِيَّ ﷺ ذاتَ لَيلَةٍ، فَظَنَنتُ أنَّهُ ذَهَبَ إلى بَعضِ نِسائِهِ، فَتَحَسَّستُ ثُمَّ رَجَعتُ، فَإذا هُوَ راكِعٌ أو ساجِدٌ يَقُولُ: «سُبحانَكَ وبِحَمدِكَ لا إلَهَ إلا أنتَ». فَقُلتُ: بِأبِي أنتَ وأُمِّي إنِّي لَفِي شَأنٍ وإنَّكَ لَفِي آخَرَ.
- قولها: " بأبي أنت وأمي يا رسول الله" أي: بأبي أنت وأمي تُفدى من المكاره، وهو كلام يستعملونه في محل المَحبة والمبالغة في الإكرام والاحترام. (القرطبي).

٤٥٦. (م) (٤٨٦) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: فَقَدتُ النَّبِيَّ ﷺ لَيلَةً مِنَ الفِراشِ فالتَمَستُهُ، فَوَقَعَت يَدِي عَلى بَطنِ قَدَمَيهِ وهُوَ فِي المَسْجِدِ وهُما مَنصُوبَتانِ، وهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أعُوذُ بِرِضاكَ مِن سَخَطِكَ، وبِمُعافاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ، وأَعُوذُ بِكَ مِنكَ، لا أُحصِي ثَناءً عَلَيكَ، أنتَ كَما أثنَيتَ عَلى نَفسِكَ».
-"أنت كما أثنيت على نفسك": اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، وأنه كما قال لا يحصيه، وكما أنه تعالى لا نهاية لسلطانه وعظمته ومجده وعزته وجليل أوصافه فكذلك لا نهاية للثناء عليه، إذ الثناء تابع للمثنى عليه، فكل ثناء أثنى عليه به وإن كثر وطال وبولغ فيه، فقدره تعالى أعظم، وسلطانه أعز، وأوصافه أكبر، وأكثر، وفضله وإحسانه أوسع، وأسبغ (القاضي عياض).

٤٥٧. (م) (٤٨٧) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ المَلائِكَةِ والرُّوحِ».
- الرُّوح هنا: جبريل - ﵇ -؛ كما قال: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلبِكَ﴾، وخَصَّه بالذكر وإن كان من الملائكة تشريفًا وتخصيصًا؛ كما قال تعالى: ﴿مَن كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبرِيلَ وَمِيكَالَ﴾ فخصَّهما بالذكر تشريفًا لهما (القرطبي).

باب: ما يَقُولُ إذا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ


٤٥٨. (م) (٤٧٦) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي أوفى ﵄ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا رَفَعَ ظَهرَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ، اللَّهُمَّ رَبَّنا لَكَ الحَمدُ، مِلءَ السَّماواتِ ومِلءَ الأَرضِ، ومِلءَ ما شِئتَ مِن شَيءٍ بَعدُ».
- فيه كله جواز الدعاء والذكر عند ذلك، ووجوب الاعتدال والطمأنينة (القاضي عياض).
- يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مُصَلٍّ مِنَ إِمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ أَنْ يَقُولَ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ" وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ" فِي حَالِ ارْتِفَاعِهِ، وَقَوْلُهُ: "رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ" فِي حال اعْتِدَالِهِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: "صَلُّوا كما رأيتموني أصلي" رواه البخاري. (النووي)
- "سمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ" قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَى سَمِعَ هُنَا أَجَابَ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى مُتَعَرِّضًا لِثَوَابِهِ استجاب الله تعالى له وَأَعْطَاهُ مَا تَعَرَّضَ لَهُ؛ فَإِنَّا نَقُولُ رَبَّنَا لك الحمد لتحصيل ذلك (النووي).
- "مِلْءَ السَّمَاوَاتِ" تَمْثِيلٌ وَتَقْرِيبٌ وَالْمُرَادُ تَكْثِيرُ الْعَدَدِ أَوْ تَعْظِيمُ الْقَدْرِ "وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ" كَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَنَحْوِهِمَا" (السندي)

٤٥٩. (م) (٤٧٧) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا رَفَعَ رَأسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قالَ: «رَبَّنا لَكَ الحَمدُ مِلءَ السَّماواتِ والأَرضِ، ومِلءَ ما شِئتَ مِن شَيءٍ بَعدُ، أهلَ الثَّناءِ والمَجدِ، أحَقُّ ما قالَ العَبدُ، وكُلُّنا لَكَ عَبدٌ، اللَّهُمَّ لا مانِعَ لِما أعطَيتَ، ولا مُعطِيَ لِما مَنَعتَ، ولا يَنفَعُ ذا الجَدِّ مِنكَ الجَدُّ».
- "ولا ينفع ذا الجد منك الجد": أي الحظ والسعدُ، إذا كان بالفتح، وقيل: الجد: الغنى، والجد -أيضًا- العظمة والسلطان، ومنه:﴿تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا﴾ ومن رواه بالكسر فالمراد الاجتهاد والحرص، وأكثر روايتنا فيه: بـالفتح. (القاضي عياض).
- وقد يكون الاجتهاد ها هنا راجعًا إلى الحرص على الدنيا وغير ذلك، أو الاجتهاد من الوقوع في المكاره، وأنه لا ينفع منه إِلا ما قدره الله تعالى ولا يصل العبد إِلا لما أعطى ولا ينجو إِلا مما وقى، فهو المنجي المعطي والمانع، لا اجتهاد العبد وحرصه، وهذا أسعدُ بلفظ الحديث، وهو أهل في التسليم والتوكل والتفويض إلى الله. (القاضي عياض).
- وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الْجَدُّ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْحَظُّ وَالْغِنَى وَالْعَظَمَةُ وَالسُّلْطَانُ، أَيْ : لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالْعَظَمَةِ وَالسُّلْطَانِ مِنْكَ حَظُّهُ، أَيْ: لَا يُنْجِيهُ حَظُّهُ مِنْكَ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ وَيُنْجِيهُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى "الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خير عند ربك" (النووي).
- وَقَوْلُهُ: "أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ": تَقْدِيرُهُ هُنَا أَحَقُّ قَوْلِ الْعَبْدِ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، فَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَقُولَهُ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى فَضِيلَةِ هَذَا اللَّفْظِ فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ ﷺ الَّذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى أَنَّ هَذَا أَحَقُّ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُحَافِظَ عَلَيْهِ لِأَنَّ كُلَّنَا عبد ولا نُهْمِلُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ أَحَقَّ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّفْوِيضِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِذْعَانِ لَهُ وَالِاعْتِرَافِ بِوَحْدَانِيِّتِهِ وَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ وَأَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ مِنْهُ، وَالْحَثَّ عَلَى الزَّهَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ (النووي).

باب: فَضْلُ السُّجُودِ


٤٦٠. (م) (٤٨٨) عَنْ مَعْدانَ بْنِ أبِي طَلْحَةَ اليَعْمَرِيِّ قالَ: لَقِيتُ ثَوبانَ ﵁ مَولى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقُلتُ: أخبِرنِي بِعَمَلٍ أعمَلُهُ يُدخِلُنِي اللهُ بِهِ الجَنَّةَ، أو قالَ: قُلتُ: بِأَحَبِّ الأَعمالِ إلى اللهِ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلتُهُ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَأَلتُهُ الثّالِثَةَ، فَقالَ: سَأَلتُ عَن ذَلكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقالَ: «عَلَيكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ للهِ، فَإنَّكَ لا تَسجُدُ للهِ سَجدَةً إلا رَفَعَكَ اللهُ بِها دَرَجَةً، وحَطَّ عَنكَ بِها خَطِيئَةً». قالَ مَعدانُ: ثُمَّ لَقِيتُ أبا الدَّرْداءِ فَسَأَلتُهُ، فَقالَ لِي مِثلَ ما قالَ لِي ثَوبانُ.
- فِيهِ الْحَثُّ عَلَى كَثْرَةِ السُّجُودِ وَالتَّرْغِيبُ وَالْمُرَادُ بِهِ السُّجُودُ فِي الصَّلَاةِ (النووي).
- وَسَبَبُ الْحَثِّ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي "أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ"، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ﴿وَاسْجُدْ واقترب﴾، وَلِأَنَّ السُّجُودَ غَايَةُ التَّوَاضُعِ وَالْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَفِيهِ تَمْكِينُ أَعَزِّ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ وَأَعْلَاهَا وَهُوَ وَجْهُهُ مِنَ التُّرَابِ الَّذِي يُدَاسُ وَيُمْتَهَنُ" (النووي)

٤٦١. (م) (٤٨٩) عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبٍ الأَسْلَمِيِّ ﵁ قالَ: كُنتُ أبِيتُ مَعَ رسول الله ﷺ فَأَتَيتُهُ بِوَضُوئِهِ وحاجَتِهِ، فَقالَ لِي: «سَل». فَقُلتُ: أسأَلُكَ مُرافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ. قالَ: «أو غَيرَ ذَلكَ؟» قُلتُ: هُوَ ذاكَ. قالَ: «فَأَعِنِّي عَلى نَفسِكَ بِكَثرَةِ السُّجُودِ».
- (سَلْنِي) فِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِأَتْبَاعِهِ وَمَنْ يَتَوَلَّى خِدْمَتَهُ: سَلُونِي حَوَائِجكُمْ (الشوكاني).
- (مُرَافَقَتَكَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ مَعَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْجَنَّةِ (الشوكاني).
- وَفِيهِ جَوَازُ سُؤَالِ الرُّتَبِ الرَّفِيعَةِ الَّتِي تَكْبُرُ عَنْ السَّائِلِ (الشوكاني).
- (أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ) فِيهِ أَنَّ السُّجُودَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ الَّتِي يَكُونُ بِسَبَبِهَا ارْتِفَاعُ الدَّرَجَاتِ عِنْدَ اللَّهِ إلَى حَدٍّ لَا يُنَالُهُ إلَّا الْمُقَرَّبُونَ (الشوكاني).

باب: الـنَّهْيُ عَنْ قِراءَةِ القُرْآنِ فِـي الرُّكُوعِ والسُّجُودِ


٤٦٢. (م) (٤٨٠) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ ﵁ قالَ: نَهانِي رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن قِراءَةِ القُرآنِ وأَنا راكِعٌ أو ساجِدٌ.
- فِيهِ النَّهْيُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَإِنَّمَا وَظِيفَةُ الرُّكُوعِ التَّسْبِيحُ، وَوَظِيفَةُ السُّجُودِ التَّسْبِيحُ وَالدُّعَاءُ (النووي).

باب: السُّجُودُ عَلى سَبْعَةِ أعْظُمٍ


٤٦٣. (خ م) (٤٩٠) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «أُمِرتُ أن أسجُدَ عَلى سَبعَةِ أعظُمٍ: الجَبهَةِ وأَشارَ بِيَدِهِ عَلى أنفِهِ واليَدَينِ، (والرِّجلَين)، وأَطرافِ القَدَمَينِ، ولا نَكفِتَ الثِّيابَ ولا الشَّعرَ». وفي رواية: «ولا أكُفَّ ثَوبًا ولا شَعرًا». وفي رواية: «والرُّكبَتَينِ»، مَكانَ «الرِّجلَينِ».
ورَوى (م) عَنِ العَبّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ ﵁؛ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله ﷺ قالَ: «إذا سَجَدَ العَبدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبعَةُ أطْرافٍ: وجهُهُ وكَفّاهُ ورُكبَتاهُ وقَدَماهُ».
- فنهى عن ذلك عليه السلام في الثياب والشعر، ظاهره الكراهة بكل حال إِلا للضرورة (القاضي عياض).
- ظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لِلْوُجُوبِ (ابن دقيق العيد).
- أَنَّهُ ﷺ سَمَّى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ عَظْمًا بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ، وَإِنْ اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى عِظَامٍ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْجُمْلَةِ بِاسْمِ بَعْضِهَا (ابن دقيق العيد

باب: الاعْتِدالُ فِـي السُّجُودِ ورَفْعُ الـمِرْفَقَيْنِ


٤٦٤. (خ م) (٤٩٣) عَنْ أنَسٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اعتَدِلُوا فِي السُّجُودِ ولا يَبسُط أحَدُكُم ذِراعَيهِ انبِساطَ الكَلبِ».
- لَعَلَّ "الِاعْتِدَالَ" هَهُنَا مَحْمُولٌ عَلَى أَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ، وَهُوَ وَضْعُ هَيْئَةِ السُّجُودِ مَوْضِعَ الشَّرْعِ، وَعَلَى وَفْقِ الْأَمْرِ، فَإِنَّ الِاعْتِدَالَ الْخِلْقِيَّ الَّذِي طَلَبْنَاهُ فِي الرُّكُوعِ لَا يَتَأَدَّى فِي السُّجُودِ، فَإِنَّهُ ثَمَّ: اسْتِوَاءُ الظُّهْرِ وَالْعُنُقِ، وَالْمَطْلُوبُ هُنَا: ارْتِفَاعُ الْأَسَافِلِ عَلَى الْأَعَالِي (ابن دقيق العيد).
- والحكمة فيه أنه إذا جنح كان اعتماده على يديه فخف اعتماده حينئذٍ عن وجهه ولم يتأذّ بما يلاقيه من الأرض، ولا أثّر في جبهته وأنفه، وكان أشبه بهيئات الصلاة، واستعمال كل عضو فيها بأدبه، بخلاف بسط ذراعيه، وضم عضديه لجنبيه؛ إذ هي صفات الكاسل والمتراخي المتهاون بحاله، مع ما فيها من التشبيه بالسباع والكلاب، كما نهى عن التشبيه بها في الإقعاء (القاضي عياض).
- وَقَدْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحُكْمُ مَقْرُونًا بِعِلَّتِهِ، فَإِنَّ التَّشْبِيهَ بِالْأَشْيَاءِ الْخَسِيسَةِ مِمَّا يُنَاسَبُ تَرْكُهُ فِي الصَّلَاةِ (ابن دقيق العيد).

٤٦٥. (خ م) (٤٩٥) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا صَلّى فَرَّجَ بَينَ يَدَيهِ حَتّى يَبدُوَ بَياضُ إبطَيهِ. وفي رواية: إذا سَجَدَ. ورَوى (م) عَن مَيْمُونَةِ نَحوَهُ وزادَ: وإذا قَعَدَ اطمَأَنَّ عَلى فَخِذِهِ اليُسرى.
-فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّجَافِي فِي الْيَدَيْنِ عَنْ الْجَنْبَيْنِ فِي السُّجُودِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى" تَخْوِيَةً ". (ابن دقيق العيد).
-وَفِيهِ أَيْضًا عَدَمُ بَسْطِ الذِّرَاعَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَا يُرَى بَيَاضُ الْإِبْطَيْنِ مَعَ بَسْطِهِمَا" (ابن دقيق العيد).
-وَتجافي اليدين عن الجنبين في السجود مُسْتَحَبَّةٌ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّ فِيهَا إعْمَالُ الْيَدَيْنِ فِي الْعِبَادَةِ، وَإِخْرَاجُ هَيْئَتِهَا عَنْ صِفَةِ التَّكَاسُلِ وَالِاسْتِهَانَةِ إلَى صِفَةِ الِاجْتِهَادِ، وَالْفُقَهَاءُ خَصُّوا ذَلِكَ بِالرِّجَالِ، وَقَالُوا: الْمَرْأَةُ تَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا التَّصَوُّنُ وَالتَّجَمُّعُ وَالتَّسَتُّرُ، وَتِلْكَ الْحَالَةُ أَقْرَبُ إلَى هَذَا الْمَقْصُودِ" (ابن دقيق العيد)

٤٦٦. (م) (٤٩٦) عَنْ مَيْمُونَةَ ﵂ قالَت: كانَ النبيُّ ﷺ إذا سَجَدَ لَو شاءَت بَهمَةٌ أن تَمُرَّ بَينَ يَدَيهِ لَمَرَّت.
المعْنَى: لَو شَاءَت أَن تدخل تَحت يَدَيْهِ إِذا سجد لشدَّة رَفعه إِيَّاهَا فِي السُّجُود" (ابن الجوزي).

٤٦٧. (م) (٤٩٤) عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا سَجَدتَ فَضَع كَفَّيكَ وارفَع مِرفَقَيكَ».
-"المُرَاد بِهَذَا أَلا يضع ذراعه على الأَرْض" (ابن الجوزي).

باب: صِفَةُ الجُلُوسِ فِـي الصَّلاةِ


٤٦٨. (م) (٥٧٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ﵄ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا قَعَدَ فِي الصَّلاةِ جَعَلَ قَدَمَهُ اليُسرى بَينَ فَخِذِهِ وساقِهِ، وفَرَشَ قَدَمَهُ اليُمنى، ووَضَعَ يَدَهُ اليُسرى عَلى رُكبَتِهِ اليُسرى، ووَضَعَ يَدَهُ اليُمنى عَلى فَخِذِهِ اليُمنى، وأَشارَ بِإصبَعِهِ. وفي رواية: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا قَعَدَ يَدعُو وضَعَ يَدَهُ اليُمنى عَلى فَخِذِهِ اليُمنى، ... وفيها: ويُلقِمُ كَفَّهُ اليُسرى رُكبَتَهُ.
-"هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ صِفَةِ الْقُعُودِ هُوَ التَّوَرُّكِ: مَعْنَاه فَرَشَه القدم، وَفَعَلَ هَذَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَنَّ وَضْعَ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحَبًّا يَجُوزُ تَرْكُهُ. (النووي).
-"وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ": أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ وَضْعِها عِنْدَ الرُّكْبَةِ، أَوْ عَلَى الرُّكْبَةِ، وَالْحِكْمَةُ فِي وَضْعِهَا عِنْدَ الرُّكْبَةِ مَنْعُهَا مِنَ الْعَبَثِ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ اليمنى فمُجمع عَلَى اسْتِحْبَابِهِ" (النووي).
-"أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ" السَّبَّابَةِ وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى "وَعَقَدَ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ": هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ مَحْمُولَتَانِ عَلَى حَالَيْنِ فَفَعَلَ فِي وَقْتِ هَذَا وَفِي وَقْتِ هَذَا، وَقَدْ رَامَ بَعْضُهُمُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: "عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى" أَيْ وَضَعَهَا قَرِيبًا مِنْ أَسْفَلِ الْوُسْطَى، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ. (النووي).
-"وَالسُّنَّةُ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ إِشَارَتَهُ، "وَيُشِيرُ بِهَا مُوَجَّهَةٌ إِلَى الْقِبْلَةِ, وَيَنْوِي بِالْإِشَارَةِ التَّوْحِيدَ وَالْإِخْلَاصَ. (النووي).

٤٦٩. (م) (٥٨٠) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا قَعَدَ فِي التَّشَهُّدِ وضَعَ يَدَهُ اليُسرى عَلى رُكبَتِهِ اليُسرى، ووَضَعَ يَدَهُ اليُمنى عَلى رُكبَتِهِ اليُمنى، وعَقَدَ ثَلاثَةً وخَمسِينَ، وأَشارَ بِالسَّبّابَةِ.
وفي رواية: ورَفَعَ إصبَعَه اليُمنى الَّتِي تَلِي الإبهامَ فَدَعا بِها، ويَدَهُ اليُسرى عَلى رُكبَتِهِ اليُسرى باسِطَها عَلَيها.
وروى (م) عَن عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعاوِيِّ؛ أنَّهُ قالَ: رَآنِي عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ وأَنا أعبَثُ بِالحَصى فِي الصَّلاةِ، فَلَمّا انصَرَفَ نَهانِي، فَقالَ: اصنَع كَما كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَصنَعُ، فَقُلتُ: وكَيفَ كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَصنَعُ؟ قالَ: كانَ إذا جَلَسَ فِي الصَّلاةِ وضَعَ كَفَّهُ اليُمنى عَلى فَخِذِهِ اليُمنى، وقَبَضَ أصابِعَهُ كُلَّها، وأَشارَ بِإصبَعِهِ الَّتِي تَلِي الإبهامَ، ووَضَعَ كَفَّهُ اليُسرى عَلى فَخِذِهِ اليُسرى.
- والْمُرَادُ : أَنْ يَضَعَ الْخِنْصَرَ عَلَى الرَّاحَةِ وَيَكُونَ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي يُسَمِّيهَا أَهْلُ الْحِسَابِ تسعة وخمسين, والله أعلم. (النووي).
-"وَأَمَّا الْإِشَارَةُ بِالْمُسَبِّحَةِ فَمُسْتَحَبَّةٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ" (النووي).

٤٧٠. (خ) (٨٢٧) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أنَّهُ كانَ يَرى عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ ﵄ يَتَرَبَّعُ فِي الصَّلاةِ إذا جَلَسَ، فَفَعَلتُهُ وأَنا يَومَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ، فَنَهانِي عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ وقالَ: إنَّما سُنَّةُ الصَّلاةِ أن تَنصِبَ رِجلَكَ اليُمنى وتَثنِيَ اليُسرى. فَقلت: إنَّكَ تَفعَلُ ذَلكَ؟ فَقالَ: إنَّ رِجلَيَّ لا تَحمِلانِي.
-"في هذا الحديث ما يدل على أن الكبير إذا لم تحمله رجلاه كان له أن يتربع في صلاته في موضع التورك والافتراش. (ابن هبيرة).
-"وفيه أنه إذا رأى الإنسان رجلا صحيحا يفعل ذلك أنكر عليه" (ابن هبيرة).
-"ومن مفهوم خطابه ما يدل على أنه إذا رأى العالم قد كان يفعل شيئا, ثم انتقل عنه لم يفعله المتعلم حتى يسأله عن موجبه وما الذي دعاه إلى ترك ذلك" (ابن هبيرة).

باب: فِـي الإقْعاءِ عَلى القَدَمَيْنِ


٤٧١. (م) (٥٣٦) عَنْ طاوُسٍ قالَ: قُلنا لابنِ عَبّاسٍ فِي الإقعاءِ عَلى القَدَمَينِ، فَقالَ: هِيَ السُّنَّةُ. فَقُلنا لَهُ: إنّا لَنَراهُ جَفاءً بِالرَّجُلِ، فَقالَ ابن عباسٍ: بَل هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ ﷺ.

باب: فَرْضُ الـتَّشَهُّدِ فِـي الصَّلاةِ


٤٧٢. (خ م) (٤٠٢) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: كُنّا نَقُولُ فِي الصَّلاةِ خَلفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ: السَّلامُ عَلى اللهِ، السَّلامُ عَلى فُلانٍ، فَقالَ لَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يَومٍ: «إنَّ اللهَ هُوَ السَّلامُ، فَإذا قَعَدَ أحَدُكُم فِي الصَّلاةِ فَليَقُل: التَّحِيّاتُ للهِ والصَّلَواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عَلَيكَ أيُّها النَّبِيُّ ورَحمَةُ اللهِ وبَرَكاتُهُ، السَّلام عَلَينا وعَلى عِبادِ اللهِ الصّالِحِينَ، فَإذا قالَها أصابَت كُلَّ عَبدٍ للهِ صالِحٍ فِي السَّماءِ والأَرضِ، أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ، وأَشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِن المَسأَلَةِ ما شاءَ». وفي رواية (م): «ما شاءَ أو ما أحَبَّ». وفي رواية (خ): «أعجَبَهُ إلَيهِ».
وفي رواية: عَلَّمَني رَسُولُ اللهِ ﷺ التَّشَهُّدَ؛ كَفِّي بَينَ كَفَّيهِ، كَما يُعلِّمُني السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ ... ثُمَّ ذَكَرَهُ. وفي رواية (خ) بَعدَ قَولِهِ: «ورَسُولُه»: وهُو بَينَ ظَهرانَينا، فَلَمّا قُبِضَ قُلنا: السَّلامُ -يَعنِي- عَلى النَّبِيِّ ﷺ.
ورَوى (م) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعَلِّمُنا التَّشَهُّدَ كَما يُعَلِّمُنا السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ، فَكانَ يَقُولُ: «التَّحِيّاتُ المُبارَكاتُ الصَّلَواتُ الطَّيِّباتُ للهِ، السَّلامُ عَلَيكَ ...».
-لفظ التشهد، سميت بذلك للنطق بالشهادة بالوحدانية والرسالة.
-استحباب الدعاء في آخر الصلاة قبل السلام.
-أنه يجوز الدعاء بما شاء من أمور الآخرة والدنيا، مالم يكن إثما (النووي).
-علمهم أن يفردوه صلى الله عليه وسلم بالذكر لشرفه ومزيد حقه عليهم، ثم علمهم أن يخصصوا أنفسهم أولا لأن الاهتمام بها أهم، ثم أمرهم بتعميم السلام على الصالحين إعلاما منه بأن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملا لهم. (البيضاوي).
-استحباب البداءة بالنفس في الدعاء (ابن حجر).

باب: الـصَّلاةُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ فِـي الصَّلاةِ


٤٧٣. (خ م) (٤٠٦) عَنِ ابْنِ أبِي لَيْلى قالَ: لَقِيَنِي كَعبُ بنُ عُجرَةَ ﵁ فَقالَ: ألا أُهدِي لَكَ هَدِيَّةً، خَرَجَ عَلَينا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقُلنا: قَد عَرَفنا كَيفَ نُسَلِّمُ عَلَيكَ، فَكَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ؟ قالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيتَ عَلى آلِ إبراهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بارِك عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى آلِ مُحَمَّدٍ كَما بارَكتَ عَلى آلِ إبراهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». وفي رواية (خ): فَقُلنا: يا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ الصَّلاةُ عَلَيكُم أهلَ البَيتِ؟ فَإنَّ اللهَ قَد عَلَّمَنا كَيفَ نُسَلِّمُ ... وفِيها: «كَما صَلَّيتَ عَلىَ إبراهِيمَ وعَلى آلِ إبراهِيمَ ... كَما بارَكتَ عَلى إبراهِيمَ وعَلى آلِ إبراهِيمَ ...».
٤٧٤. (خ م) (٤٠٧) عَنْ أبِي حُمَيْدٍ السّاعِدِيِّ ﵁؛ أنَّهُم قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ كَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ؟ قالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أزواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ كَما صَلَّيتَ عَلى آلِ إبراهِيمَ، وبارِك عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أزواجِهِ وذُرِّيَّتِهِ كَما بارَكتَ عَلى آلِ إبراهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».
- أن من أُمر بشيء لا يفهم مراده يسأل عنه ليعلم ما يأتي به.
-معنى البركة هنا: الزيادة من الخير والكرامة، وقيل: هو بمعنى التطهير والتزكية، وقيل: الثبات على ذلك.

باب: ما يُسْتَعاذُ مِنهُ فِـي الصَّلاةِ


٤٧٥. (خ م) (٥٨٩) عَنْ عائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَدعُو فِي الصَّلاةِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن عَذابِ القَبرِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن فِتنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن فِتنَةِ المَحيا والمَماتِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن المَأثَمِ والمَغرَمِ». قالَت: فَقالَ لَهُ قائِلٌ: ما أكثَرَ ما تَستَعِيذُ مِن المَغرَمِ يا رَسُولَ اللهِ؟ فَقالَ: «إنَّ الرَّجُلَ إذا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، ووَعَدَ فَأَخلَفَ».
٤٧٦. (خ م) (٥٨٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن عَذابِ القَبرِ، وعَذابِ النّارِ، وفِتنَةِ المَحيا والمَماتِ، وشَرِّ المَسِيحِ الدَّجّالِ».
وفي رواية (م): «إذا فَرَغَ أحَدُكُم مِنَ التَّشَهُّدِ الآخِرِ فَليَتَعَوَّذ بِاللهِ مِن أربَعٍ ...». لَفظُ (خ): «ومِن فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ». وفي رواية (م): «مِن شَرِّ فِتنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ ..».
ورَوى (م) عَن ابْنِ عَبّاسٍ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يُعَلِّمُهُم هَذا الدُّعاءَ كَما يُعَلِّمُهُم السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ، يَقُولُ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ إنّا نَعُوذُ بِكَ ...» نَحوَهُ.
-التصريح باستحبابه في التشهد الأخير، والإشارة إلى أنه لا يستحب في الأول، وهكذا الحكم، لأن الأول مبني على التخفيف (النووي).
-فيه رد على من أنكر عذاب القبر (ابن حجر).
- فتنة المحيا: ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت، وفتنة الممات: يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت أضيفت إليه لقربها منه، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر. (ابن حجر).
-وقد استشكل دعاؤه صلى الله عليه وسلم بما ذكر مع أنه معصوم مغفور له ما تقدم وما تأخر، وأجيب بأجوبة:
1- أنه قصد التعليم لأمته.
2- أن المراد السؤال منه لأمته، فيكون المعنى هنا أعوذ بك لأمتي.
3-سلوك طريق التواضع وإظهار العبودية وإلزام خوف الله وإعظامه والافتقار إليه وامتثال أمره في الرغبة إليه، ولا يمتنع تكرار الطلب مع تحقيق الإجابة؛ لأن ذلك يحصّل الحسنات ويرفع الدرجات، وفيه تحريض لأمته على ملازمة ذلك لأنه إذا كان مع تحقق المغفرة لا يترك التضرع فمن لم يتحقق ذلك أحرى بالملازمة (ابن حجر).

باب: الدُّعاءُ فِـي الصَّلاةِ


٤٧٧. (خ م) (٢٧٠٥) عَنْ أبِي بَكْرٍ ﵁؛ أنَّهُ قالَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: عَلِّمنِي دُعاءً أدعُو بِهِ فِي صَلاتِي. قالَ: «قُل: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمتُ نَفسِي ظُلمًا كَثيرًا وفي رواية: كَبِيرًا، ولا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إلا أنتَ، فاغفِر لِي مَغفِرَةً مِن عِندِكَ، وارحَمنِي إنَّكَ أنتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ». وفي رواية (م): فِي صَلاتِي، وفِي بِيتِي.
-استحباب طلب التعليم من العالم، خصوصا في الدعوات المطلوب فيها جوامع الكلم. (ابن حجر).
-"ظلمت نفسي": أي بملابسة ما يستوجب العقوبة أو ينقص الحظ، وفيه أن الإنسان لا يعري عن تقصير ولو كان صدّيقا. (ابن حجر).
-فيه إقرار بالوحدانية واستجلاب للمغفرة، فأثنى على المستغفرين وفي ضمن ثنائه عليهم بالاستغفار لوح بالأمر به، كما قيل: إن كل شيء أثنى الله على فاعله فهو آمر به، وكل شيء ذم فاعله فهو ناه عنه. (ابن حجر).
-"مغفرة من عندك "دل التنكير على أن المطلوب غفران عظيم لا يدرك كنهه، ووصفه بكونه من عنده سبحانه وتعالى مريدا لذلك العظم، لأن الذي يكون من عند الله لا يحيط به وصف (الطيبي).
-" مغفرة من عندك": وقيل المراد : هَب لي المغفرة تفضلاً, وإن لم أكن لها أهلا بعملي. (ابن الجوزي).

باب: السَّلامُ مِنَ الصَّلاةِ


٤٧٨. (م) (٥٨١) عَنْ أبِي مَعْمَرٍ؛ أنَّ أمِيرًا كانَ بِمَكَّةَ يُسَلِّمُ تَسلِيمَتَينِ، فَقالَ عَبدُ اللهِ: أنّى عَلِقَها؟ إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَفعَلُهُ.
٤٧٩. (م) (٥٨٢) عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ ﵁ قالَ: كُنتُ أرى رَسُولَ اللهِ ﷺ يُسَلِّمُ عَن يَمِينِهِ وعَن يَسارِهِ حَتّى أرى بَياضَ خَدِّهِ.
-فيه أن السلام ركن من أركان الصلاة، وفرض من فروضها لا تصح إلا به؛ هذا مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم.

باب: ما يَقُولُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ مِنَ الصَّلاةِ


٤٨٠. (خ م) (٥٩٣) عَنْ ورّادٍ مَوْلى المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: كَتَبَ المُغِيرَةُ بنُ شُعبَةَ إلى مُعاوِيَةَ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا فَرَغَ مِن الصَّلاةِ وسَلَّمَ قالَ: «لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمدُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مانِعَ لِما أعطَيتَ، ولا مُعطِيَ لِما مَنَعتَ، ولا يَنفَعُ ذا الجَدِّ مِنكَ الجَدُّ». وفي رواية (خ): كانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ مَكتُوبَةٍ ...
-استحباب هذا الذكر عقب الصلوات لما اشتمل عليه من ألفاظ التوحيد، ونسبة الأفعال إلى الله، والمنع والإعطاء، وتمام القدرة (ابن حجر).
-فيه المبادرة إلى امتثال السنن وإشاعتها. (ابن حجر).

٤٨١. (خ م) (٥٨٣) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كُنّا نَعرِفُ انقِضاءَ صَلاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِالتَّكبِيرِ.
ولَهُما عَنهُ؛ أنَّ رَفعَ الصَّوتِ بِالذِّكرِ حِينَ يَنصَرِفُ النّاسُ مِنَ المَكتُوبَةِ كانَ عَلى عَهدِ النبيِّ ﷺ، قالَ: وكُنتُ أعلَمُ إذا انصَرَفُوا بِذَلكَ إذا سَمِعتُهُ.
-فيه دليل على جواز الجهر بالذكر عقب الصلاة (ابن حجر).
-" كنت أعلم": فيه إطلاق العلم على الأمر المستند إلى الظن الغالب (ابن حجر).

٤٨٢. (خ م) (٥٩٥) عَنْ سُمَيٍّ؛ عَن أبِي صالِحٍ؛ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ فُقَراءَ المُهاجِرِينَ أتَوا رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقالُوا: ذَهَبَ أهلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجاتِ العُلى والنَّعِيمِ المُقِيمِ. فَقالَ: «وما ذاكَ؟» قالُوا: يُصَلُّونَ كَما نُصَلِّي، ويَصُومُونَ كَما نَصُومُ، ويَتَصَدَّقُونَ ولا نَتَصَدَّقُ، ويُعتِقُونَ ولا نُعتِقُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أفَلا أُعَلِّمُكُم شَيئًا تُدرِكُونَ بِهِ مَن سَبَقَكُم، وتَسبِقُونَ بِهِ مَن بَعدَكُم، ولا يَكُونُ أحَدٌ أفضَلَ مِنكُم إلا مَن صَنَعَ مِثلَ ما صَنَعتُم». قالُوا: بَلى يا رَسُولَ اللهِ. قالَ: «تُسَبِّحُونَ وتُكَبِّرُونَ وتَحمَدُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ مَرَّةً». (قالَ أبُو صالِحٍ: فَرَجَعَ فُقَراءُ المُهاجِرِينَ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالُوا: سَمِعَ إخوانُنا أهلُ الأَموالِ بِما فَعَلنا فَفَعَلُوا مِثلَهُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ذَلكَ فَضلُ اللهِ يُؤتِيهِ مَن يَشاءُ». قالَ سُمَيٌّ): فَحَدَّثتُ بَعضَ أهلِي هذا الحَدِيثَ. فَقالَ: وهِمتَ، إنَّما قالَ: «تُسَبِّحُ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وتَحمَدُ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وتُكَبِّرُ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ». فَرَجَعتُ إلى (أبِي صالِحٍ) فَقُلتُ لَهُ ذَلكَ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَقالَ: اللهُ أكبَرُ وسُبحانَ اللهِ والحَمدُ للهِ، اللهُ أكبَرُ وسُبحانَ اللهِ والحَمدُ للهِ، حَتّى تَبلُغَ مِن جَمِيعِهِنّ ثَلاثَةً وثَلاثِينَ.
وفي رواية (خ): «تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ عَشرًا وتَحمَدُونَ عَشرًا وتُكَبِّرُونَ عَشرًا».
وفي رواية (م): أدرَجَ فِي حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ قَولَ أبِي صالحٍ: ثُمَّ رَجَعَ فُقَراءُ المُهاجِرِينَ إلى آخِرِ الحَدِيث. وزاد: يَقُولُ سُهَيلٌ: إحدى عَشرَةَ، إحدى عَشرَةَ؛ فَجَمِيعُ ذَلكَ كُلُّهُ ثَلاثَةٌ وثَلاثُونَ.
-دليل لمن فضل الغني الشاكر على الفقير الصابر، وفي المسألة خلاف مشهور (النووي).
-"الدرجات العلا": يحتمل أن تكون حسية، والمراد درجات الجنان، أو معنوية والمراد علو القدر عند الله (ابن حجر).
-أن الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل منها عدد مخصوص مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة على العدد المخصوص. (ابن حجر).
-أن العالِم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل، ولا يجيب بنفس الفاضل لئلا يقع الخلاف. (ابن بطال).
-المسابقة إلى الأعمال المحصلة للدرجات العالية لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم، ولم ينكر عليهم ﷺ.
-أن العمل السهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشاق.
-فضل الذكر عقب الصلوات.
-أن العمل القاصر قد يساوي المتعدي خلافا لمن قال إن المتعدي أفضل مطلقا.

٤٨٣. (م) (٥٩١) عَنْ ثَوْبانَ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا انصَرَفَ مِن صَلاتِهِ استَغفَرَ ثَلاثًا، وقالَ: «اللَّهُمَّ أنتَ السَّلامُ، ومِنكَ السَّلامُ، تَبارَكتَ ذا الجَلالِ والإكرامِ». قالَ الوَلِيدُ: فَقُلتُ لِلأَوزاعِيِّ: كَيفَ الاستِغفارُ؟ قالَ: تَقُولُ: أستَغفِرُ اللهَ، أستَغفِرُ اللهَ.
٤٨٤. (م) (٥٩٢) عَنْ عائشةَ ﵂ قالَت: كانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا سَلَّمَ لَم يَقعُد إلا مِقدارَ ما يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أنتَ السَّلامُ ومِنكَ السَّلامُ، تَبارَكتَ ذا الجَلالِ والإكرامِ». وفي رواية: «يا ذا الجَلالِ والإكرام».
-بيان وصف الله تعالى بأنه السالم من كل نقص وعيب، وبأن السلامة لعباده منه عز وجل، لا من غيره، وأنه متصف بالعظمة سبحانه.

٤٨٥. (م) (٥٩٤) عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ قالَ: كانَ ابنُ الزُّبَيرِ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: «لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمدُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بِاللهِ، لا إلَهَ إلا اللهُ ولا نَعبُدُ إلا إيّاهُ، لَهُ النِّعمَةُ ولَهُ الفَضْلُ ولَهُ الثَّناءُ الحَسَنُ، لا إلَهَ إلا اللهُ مُخلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ولَو كَرِهَ الكافِرونَ».
٤٨٦. (م) (٥٩٦) عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ﵁، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ أو فاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكتُوبَةٍ: ثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَسبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَحمِيدَةً، وأَربَعٌ وثَلاثُونَ تَكبِيرَةً».
٤٨٧. (م) (٥٩٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتلِكَ تِسعَةٌ وتِسعُونَ، وقالَ تَمامَ المِائَةِ: لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمدُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَت خَطاياهُ وإن كانَت مِثلَ زَبَدِ البَحرِ».
- دليل على استحباب هذا الذكر عقب الصلوات المكتوبة.

باب: الانْصِرافُ مِنَ الصَّلاةِ عَنِ اليَمِينِ والشِّمالِ


٤٨٨. (خ م) (٧٠٧) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: لا يَجعَلَنَّ أحَدُكُم لِلشَّيطانِ (مِن نَفسِهِ جُزءًا)، لا يَرى إلا أنَّ حَقًّا عَلَيهِ أن لا يَنصَرِفَ إلاَّ عَن يَمِينِهِ، أكثَرُ ما رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَنصَرِفُ عَن شِمالِهِ. لَفظُ (خ): شَيئًا مِن صَلاتِه. ورَوى (م) عَن أنسٍ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَنصِرفُ عَن يَمِينِهِ.
-ومذهبنا أنه لا كراهة في واحد من الأمرين، لكن يستحب أن ينصرف في جهة حاجته، سواء كانت عن يمينه أو شماله، فإن استوى الجهتان في الحاجة وعدمها فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل اليمين في باب المكارم ونحوها (النووي).

باب: مَن أحَقُّ بِالإمامَةِ


٤٨٩. (خ م) (٦٧٤) عَنْ مالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ ﵁ قالَ: أتَينا رَسُولَ اللهِ ﷺ ونَحنُ شَبَبَةٌ مُتَقارِبُونَ، فَأَقَمنا عِندَهُ عِشرِينَ لَيلَةً، وكانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَحِيمًا رَقِيقًا، فَظَنَّ أنّا قَد اشتَقنا أهلَنا، فَسَأَلَنا عَن مَن تَرَكنا مِن أهلِنا فَأَخبَرناهُ، فَقالَ: «ارجِعُوا إلى أهلِيكُم فَأَقِيمُوا فِيهِم، وعَلِّمُوهُم، ومُرُوهُم، فَإذا حَضَرَت الصَّلاةُ فَليُؤَذِّن لَكُم أحَدُكُم، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُم أكبَرُكُم».
وفي رواية: رَحِيمًا رَفِيقًا. وفي رواية: «إذا حَضَرَت الصَّلاةُ فَأَذِّنا ثُمَّ أقِيما، وليَؤُمَّكُما أكبَرَكُما» وفي رواية: قالَ خالِدُ الحَذّاء [الرّاوِي عَن أبِي قِلابَةَ عَن مالِكٍ]: وكانا مُتَقارِبَينِ فِي القِراءَةِ.
وفي رواية (خ) زادَ: «وصلُّوا كَما رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي».
-الحث على الأذان والجماعة وتقديم الأكبر في الإمامة إذا استووا في باقي الخصال.
-استدل جماعة بهذا على تفضيل الإمامة على الأذان، لأنه ﷺ قال: (يؤذّن أحدكم) وخص الإمامة بالأكبر.
-أن الأذان والجماعة مشروعان للمسافرين.
-الحث على المحافظة على الأذان في الحضر والسفر.
-أن الجماعة تصح بإمام ومأموم، وهو إجماع المسلمين.
-فيه تقديم الصلاة في أول الوقت.

٤٩٠. (م) (٦٧٢) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا كانُوا ثَلاثَةً فَليَؤُمَّهُم أحَدُهُم، وأَحَقُّهُم بِالإمامَةِ أقرَؤُهُم».
٤٩١. (م) (٦٧٣) عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأَنْصارِيِّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَؤُمُّ القَومَ أقرَؤُهُم لِكِتابِ اللهِ، فَإن كانُوا فِي القِراءَةِ سَواءً فَأَعلَمُهُم بِالسُّنَّةِ، فَإن كانُوا فِي السُّنَّةِ سَواءً فَأَقدَمُهُم هِجرَةً، فَإن كانُوا فِي الهِجرَةِ سَواءً فَأَقدَمُهُم سِلمًا، ولا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُل فِي سُلطانِهِ، ولا يَقعُد فِي بَيتِهِ عَلى تَكرِمَتِهِ إلا بِإذنِهِ». وفي رواية: «سِنًّا»، مَكانَ: «سِلمًا».
وفي رواية: «يَؤُمُّ القَومَ أقرَؤُهُم لِكِتابِ اللهِ وأَقدَمُهُم قِراءَةً، فَإن كانَت قِراءَتُهُم سَواءً فَليَؤُمَّهُم أقدَمُهُم هِجرَةً، فَإن كانُوا فِي الهِجرَةِ سَواءً فَليَؤُمَّهُم أكبَرُهُم سِنًّا ...».
- في الحديث دليل لمن يقول بتقديم الأقرأ على الأفقه.
-"فأقدمهم هجرة": يدخل في طائفتان: 1- الذين يهاجرون اليوم من دار الكفر إلى دار الإسلام.
2- أولاد المهاجرين إلى رسول الله ﷺ، فإذا استوى اثنان في الفقه والقراءة وأحدهما من أولاد من تقدمت هجرته والآخر من أولاد من تأخرت هجرته، قدم الأول.
-"فأكبرهم سنا": معناه: إذا استويا في الفقه والقراءة والهجرة، ورجح أحدهما بتقدم إسلامه أو بكبر سنه قدم، لأنه فضيلة يرجح بها.
-صاحب المكان أحق فإن شاء تقدم، وإن شاء قدم من يريده، ويستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل منه.
-قال العلماء رحمهم الله: التكرمة الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل، ويخص به

٤٩٢. (خ) (٦٩٢) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: لَمّا قَدِمَ المُهاجِرُونَ الأَوَّلُونَ العُصبَةَ -مَوضِعٌ بِقُباءٍ- قَبلَ مَقدَمِ رَسُولِ اللهِ ﷺ كانَ يَؤُمُّهُم سالِمٌ مَولى أبِي حُذَيْفَةَ، وكانَ أكثَرَهُم قُرآنًا.
وفي رواية: فِي مَسْجِدِ قُباءٍ، فِيهِم أبُو بَكرٍ وعُمَرُ وأَبُو سَلَمَةَ وزَيدٌ وعامِرُ بنُ رَبِيعَةَ.
-ذهب الجمهور إلى صحة إمامة العبد.
-إجماع كبار الصحابة القرشيين على تقديم سالم عليهم، وكأن إمامته بهم كانت قبل أن يعتق.
- "وكان أكثرهم قرآنا" إشارة إلى سبب تقديمهم له مع كونهم أشرف منه (ابن حجر).

١ كان رسول الله ﷺ يستفتح صلاته بـ :

٥/٠