باب: إمامَةُ الصَّبِيِّ


٤٩٣. (خ) (٤٣٠٢) عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قالَ: كُنّا بِماءٍ مَمَرَّ النّاسِ، وكانَ يَمُرُّ بِنا الرُّكبانُ فَنَسأَلُهُم: ما لِلنّاسِ؟ ما لِلنّاس؟ ما هَذا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزعُمُ أنَّ اللهَ أرسَلَهُ، أوحى إلَيهِ أو أوحى اللهُ بِكَذا. فَكُنتُ أحفَظُ ذَلكَ الكَلامَ وكَأَنَّما يُقَرُّ فِي صَدرِي، وكانَت العَرَبُ تَلَوَّمُ بِإسلامِهِم الفَتحَ، فَيَقُولُونَ: اترُكُوهُ وقَومَهُ، فَإنَّهُ إن ظَهَرَ عَلَيهِم فَهُوَ نَبِيٌّ صادِقٌ. فَلَمّا كانَت وقعَةُ أهلِ الفَتحِ بادَرَ كُلُّ قَومٍ بِإسلامِهِم، وبَدَرَ أبِي قَومِي بِإسلامِهِم، فَلَمّا قَدِمَ قالَ: جِئتُكُم واللهِ مِن عِنْدِ النَّبِيِّ ﷺ حَقًّا فَقالَ: «صَلُّوا صَلاةَ كَذا فِي حِينِ كَذا، وصَلُّوا صَلاةَ كَذا فِي حِينِ كَذا، فَإذا حَضَرَت الصَّلاةُ فَليُؤَذِّن أحَدُكُم، وليَؤُمَّكُم أكثَرُكُم قُرآنًا». فَنَظَرُوا فَلَم يَكُن أحَدٌ أكثَرَ قُرآنًا مِنِّي لِما كُنتُ أتَلَقّى مِن الرُّكبانِ، فَقَدَّمُونِي بَينَ أيدِيهِم وأَنا ابنُ سِتٍّ أو سَبعِ سِنِينَ، وكانَت عَلَيَّ بُردَةٌ، كُنتُ إذا سَجَدتُ تَقَلَّصَت عَنِّي، فَقالَت امرَأَةٌ مِن الحَيِّ: ألا تُغَطُّوا عَنّا استَ قارِئِكُم؟ فاشتَرَوا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَما فَرِحتُ بِشَيءٍ فَرَحِي بِذَلكَ القَمِيصِ.
-ذهب إلى صحة إمامة الصبي الحسن البصري والشافعي وإسحاق، وكرهها مالك والثوري وعن أبي حنيفة، وأحمد روايتان والمشهور عنهما الإجزاء في النوافل دون الفرائض (ابن حجر ).

باب: إمامَةُ الـمَفْتُونِ والـمُبْتَدِعِ


٤٩٤. (خ) (٦٩٥) عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ خِيارٍ؛ أنَّهُ دَخَلَ عَلى عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ ﵁ وهُوَ مَحصُورٌ، فَقالَ: إنَّكَ إمامُ عامَّةٍ، ونَزَلَ بِكَ ما نَرى، ويُصَلِّي لَنا إمامُ فِتنَةٍ ونَتَحَرَّجُ، فَقالَ: الصَّلاةُ أحسَنُ ما يَعمَلُ النّاسُ، فَإذا أحسَنَ النّاسُ فَأَحسِن مَعَهُم، وإذا أساءُوا فاجتَنِب إساءَتَهُم.
-فيه تحذير من الفتنة والدخول فيها، ومن جميع ما ينكر من قول أو فعل أو اعتقاد (ابن حجر)
-فيه أن الصلاة خلف من تكره الصلاة خلفه أولى من تعطيل الجماعة. (ابن حجر)
-في هذا الأثر الحض على شهود الجماعة ولاسيما في زمن الفتنة؛ لئلا يزداد تفرق الكلمة (المباركفوري)

باب: إذا لَمْ يُتِمَّ الإمامُ وأَتَمَّ مَن خَلْفَهُ


٤٩٥. (خ) (٦٩٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «يُصَلُّونَ لَكُم؛ فَإن أصابُوا فَلَكُم، وإن أخطَئُوا فَلَكُم وعَلَيهِم».
-فيه جواز الصلاة خلف البر والفاجر إذا خيف منه. (المهلب)
-فيه أن الإمام إذا نقص ركوعه وسجوده أنه لا تفسد صلاة من خلفه، إلا أن ينقص فرض الصلاة، فلا يجوز اتباعه، فإن خيف منه صلى معه بعد أن يصلى في بيته، وتكون الصلاة نافلة (ابن بطال)

باب: أمْرُ الأَئِمَّةِ بِالتَّخْفِيفِ فِـي الصَّلاةِ فِـي تَمامٍ


٤٩٦. (خ م) (٤٦٦) عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأَنْصارِيِّ ﵁ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالَ: إنِّي لأَتَأَخَّرُ عَن صَلاةِ الصُّبحِ مِن أجلِ فُلانٍ مِمّا يُطِيلُ بِنا. فَما رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ غَضِبَ فِي مَوعِظَةٍ قَطُّ أشَدَّ مِمّا غَضِبَ يَومَئِذٍ، فَقالَ: «يا أيُّها النّاسُ؛ إنَّ مِنكُم مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُم أمَّ النّاسَ فَليُوجِز، فَإنَّ مِن ورائِهِ الكَبِيرَ والضَّعِيفَ وذا الحاجَةِ».
-فيه: دليل أن أئمة الجماعة يلزمهم التخفيف لأمر رسول الله ﷺ لهم بذلك، وقد بين في هذا الحديث العلة الموجبة للتخفيف وهي غير مأمونة على أحد من أئمة الجماعة؛ فإنه وإن علم قوة من خلفه، فإنه لا يدرى ما يحدث بهم من الآفات، ولذلك قال: "وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء"؛ لأنه يعلم من نفسه ما لا يعلم من غيره، ...فينبغي للأئمة التخفيف مع إكمال الركوع والسجود. (ابن بطال)

٤٩٧. (خ م) (٤٦٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إذا أمَّ أحَدُكُم النّاسَ فَليُخَفِّف، فَإنَّ فِيهِم (الصَّغِيرَ) والكَبِيرَ والضَّعِيفَ والمَرِيضَ، فَإذا صَلّى وحدَهُ فَليُصَلِّ كَيفَ شاءَ».
ورَوى (م) عَن عُثمانَ بْنِ أبِي العاصِ الثَّقَفِي؛ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ لَهُ: «أُمَّ قَومَكَ». قالَ: قُلتُ: يا رَسُولَ الله؛ إنِّي أجِدُ فِي نَفسِي شَيئًا، قالَ: «ادنُه». فَجَلَّسَنِي بَينَ يَدَيهِ، ثُمَّ وضَعَ كَفَّهُ فِي صَدرِي بَينَ ثَديَيَّ، ثُمَّ قالَ: «تَحوَّل»، فَوَضَعَها فِي ظَهرِي بَينَ كَتِفَيَّ، ثُمَّ قالَ: «أُمَّ قَومَكَ، فَمَن أمَّ قَومًا فليُخَفِّف، فَإنَّ فِيهِم الكَبيرَ ...» مِثلَه.
-وضع النبى ﷺ كفه بين ثدييه وكتفيه، لعله خشىي ما يقع في نفسه من الكبر والعُجب بالتقدم على قومه، أو الخجل والضعف عند ذلك، والأول أظهر, فصنع النبي ﷺ ما صنع ليذهب الله تعالى ذلك عنه ببركة يده ودعائه. (القاضي عياض)

٤٩٨. (خ م) (٤٧٠) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنِّي لأَدخُلُ الصَّلاةَ أُرِيدُ إطالَتَها، فَأَسمَعُ بُكاءَ الصَّبِيِّ، فَأُخَفِّفُ مِن شِدَّةِ وجدِ أُمِّهِ بِهِ».
ولَهُما عَن أنَسٍ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَسمَعُ بُكاءَ الصَّبِي مَعَ أُمِّهِ، وهُوَ فِي الصَّلاةِ، (فَيَقرَأُ بِالسُّورَةِ الخَفِيفَةِ أو بِالسُّورَةِ القَصِيرَةِ). لَفظُ (خ): فَيُخفِّفُ مَخافَةَ أن تُفْتَنَ أُمُّهُ.
٤٩٩. (خ م) (٤٦٩) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يُوجِزُ فِي الصَّلاةِ (ويُتِمُّ). لَفظُ (خ): ويُكمِلُها.
ورَوى (م) عَنهُ قالَ: كانَت صَلاةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ مُتَقارِبةً، وكانَت صَلاةُ أبي بَكرٍ مُتَقارِبةً، فَلَمّا كانَ عُمرُ بنُ الخَطّابِ مَدَّ فِي صَلاةِ الفَجرِ.
فهذا يدل على أن زيادة النبي ﷺ في قراءة صلاة الفجر على سائر الصلوات لم يكن كثيراً جداً، وأن صلواته كلها لم يكن بينها تفاوت كثير في القراءة، وأن هذا هو الغالب على صلاته، وقد يطيل أحيانا ويقصر أحيانا (ابن رجب)

باب: ائْتِمامُ الـمَأْمُومِ بِالإمامِ


٥٠٠. (خ م) (٤٧٤) عَنِ البَراءِ ﵁؛ أنَّهُم كانُوا يُصَلُّونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، (فَإذا رَكَعَ رَكَعُوا)، وإذا رَفَعَ رَأسَهُ مِن الرُّكُوعِ فَقالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ. لَم نَزَل قِيامًا حَتّى نَراهُ قَد وضَعَ وجهَهُ فِي الأَرضِ ثُمَّ نَتَّبِعُه.
وفي رواية: لا يَحنُو أحَدٌ مِنّا ظَهرَهُ حَتى نَراهُ قَد سَجَدَ.
٥٠١. (خ م) (٤١١) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: سَقَطَ النَّبِيُّ ﷺ عَن فَرَسٍ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيمَنُ، فَدَخَلنا عَلَيهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَت الصَّلاةُ، فَصَلّى بِنا قاعِدًا، فَصَلَّينا وراءَهُ قُعُودًا، فَلَمّا قَضى الصَّلاةَ قالَ: «إنَّما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ، فَإذا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وإذا سَجَدَ فاسجُدُوا، وإذا رَفَعَ فارفَعُوا، وإذا قالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ. فَقُولُوا: رَبَّنا ولَكَ الحَمدُ. وإذا صَلّى قاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أجمَعُونَ».
ولَهُما عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إنَّما الإمامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ، فَلا تَختَلِفُوا عَلَيهِ، فَإذا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ...».
وفي رواية (م): «إنَّما الإمامُ جُنَّةٌ، فَإذا صَلّى قاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا ...». وفي رواية (م): «لا تُبادِروا الإمام ..»، وفي رواية (م): «ولا تَرفَعُوا قَبلَهُ».
وفِي روايةٍ (خ): فَجُحِشَتْ ساقُهُ أوْ كَتِفُهُ، وآلى مِن نِسائِهِ شَهْرًا، فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، دَرَجَتُها مِن جُذُوعٍ، فَأَتاهُ أصْحابُهُ يَعُودُونَهُ ...
-قوله: ((إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا)) هذا منسوخ هو في مرضه القديم، ثم صلى بعد ذلك جالساً، والناس خلفه قياما (الحميدي).
وقال البخاري: ولم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النبي ﷺ؛ لأن النبي ﷺ صلى في مرضه الذي مات فيه جالسا والناس خلفه قيام.

٥٠٢. (م) (٤١٣) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: اشتَكى رَسُولُ اللهِ ﷺ فَصَلَّينا وراءَهُ وهُوَ قاعِدٌ، وأَبُو بَكرٍ يُسمِعُ النّاسَ تَكبِيرَهُ، فالتَفَتَ إلَينا فَرَآنا قِيامًا فَأَشارَ إلَينا، فَقَعَدنا، فَصَلَّينا بِصَلاتِهِ قُعُودًا، فَلَمّا سَلَّمَ قالَ: «إن كِدتُم آنِفًا لَتَفعَلُونَ فِعلَ فارِسَ والرُّومِ يَقُومُونَ عَلى مُلُوكِهِم وهُم قُعُودٌ، فَلا تَفعَلُوا، ائتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُم، إن صَلّى قائِمًا فَصَلُّوا قِيامًا، وإن صَلّى قاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا».
وفي رواية: صَلّى بِنا رَسُولُ اللهِ ﷺ وأَبُو بَكرٍ خَلفَهُ، فَإذا كَبَّرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ كَبَّرَ أبُو بَكرٍ لِيُسمِعَنا ... نحوه.
-فيه النهي عن قيام الغلمان والأتباع على رأس متبوعهم الجالس لغير حاجة، وأما القيام للداخل إذا كان من أهل الفضل والخير فليس من هذا بل هو جائز قد جاءت به أحاديث، وأطبق عليه السلف والخلف. (النووي)
-فيه أن الالتفات في الصلاة غير مفسد لها وإن كان مكروهاً فيها، واختلاسا من الشيطان منها، كما جاء في الحديث، ولعل التفاته - عليه السلام - هنا إنما كان قاصدا ليعرف عملهم في الصلاة وراءه؛ ليبين لهم سنة ذلك، كما كان إذ كانت حاله اختلفت ولم يتقدم منه لهم فيها بيان، فالتفت ﷺ ليرى هل اقتدوا به وامتثلوا قوله: " صلوا كما رأيتموني أصلي "... والإشارة والالتفات من العمل اليسير لإصلاح الصلاة غير مفسد لها ولا مكروه فيها، (القاضي عياض)

باب: إذا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ


٥٠٣. (خ) (٧٨٣) عَنْ أبِي بَكْرَةَ ﵁؛ أنَّهُ انتَهى إلى النَّبِيِّ ﷺ وهُوَ راكِعٌ، فَرَكَعَ قَبلَ أن يَصِلَ إلى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: «زادَكَ اللهُ حِرصًا ولا تَعُد».

باب: الـنَّهْيُ عَن رَفْعِ الرَّأْسِ قَبْلَ الإمامِ


٥٠٤. (خ م) (٤٢٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما يَأمَنُ الَّذِي يَرفَعُ رَأسَهُ فِي صَلاتِهِ قَبلَ الإمامِ أن يُحَوِّلَ اللهُ صُورَتَهُ فِي صُورَةِ حِمارٍ». وفِي رِوايَةٍ: «رَأْسَهُ رَأْسَ حِمارٍ»، وفِي رِوايَةِ (م): «أنْ يَجْعَلَ اللهُ وجْهَهُ وجْهَ حِمارٍ».
-إن الحديث يقتضي تغيير الصورة الظاهرة، ويحتمل أن يرجع إلى أمر معنوي مجازا، فإن الحمار موصوف بالبلادة، ويستعار هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من فروض الصلاة ومتابعة الإمام، وربما يرجح هذا المجاز بأن التحويل في الصورة الظاهرة لم يقع من كثرة رفع المأمومين قبل الإمام، وقد بينا أن الحديث لا يدل على وقوع ذلك، وإنما يدل على كون فاعله متعرضا لذلك بكون فعله صالحا؛ لأن يقع ذلك الوعيد، ولا يلزم من التعرض للشيء وقوع ذلك الشيء.(ابن تيمية)
-فيه كمال شفقته ﷺ بأمته وبيانه لهم الأحكام وما يترتب عليها من الثواب والعقاب. (العيني)
-فيه: الوعيد المذكور لمن رفع رأسه قبل الإمام. (العيني)

باب: استِخْلافُ الإمامِ إذا مَرِضَ وصَلاتُه بِالنّاسِ


٥٠٥. (خ م) (٤١٨) عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قالَ: دَخَلتُ عَلى عائِشَةَ فَقُلتُ لَها: ألا تُحَدِّثِينِي عَن مَرَضِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قالَت: بَلى، ثَقُلَ النَّبِيُّ ﷺ فَقالَ: «أصَلّى النّاسُ؟» قُلنا: لا، وهُم يَنتَظِرُونَكَ يا رَسُولَ اللهِ. قالَ: «ضَعُوا لِي ماءً فِي المِخضَبِ». فَفَعَلنا، فاغتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغمِيَ عَلَيهِ، ثُمَّ أفاقَ فَقالَ: «أصَلّى النّاسُ؟» قُلنا: لا، وهُم يَنتَظِرُونَكَ يا رَسُولَ اللهِ. فَقالَ: «ضَعُوا لِي ماءً فِي المِخضَبِ». فَفَعَلنا، فاغتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغمِيَ عَلَيهِ، ثُمَّ أفاقَ فَقالَ: «أصَلّى النّاسُ؟» قُلنا: لا، وهُم يَنتَظِرُونَكَ يا رَسُولَ اللهِ. فَقالَ: «ضَعُوا لِي ماءً فِي المِخضَبِ». فَفَعَلنا، فاغتَسَلَ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغمِيَ عَلَيهِ، ثُمَّ أفاقَ فَقالَ: «أصَلّى النّاسُ؟» فَقُلنا: لا، وهُم يَنتَظِرُونَكَ يا رَسُولَ اللهِ. قالَت: والنّاسُ عُكُوفٌ فِي المَسْجِدِ يَنتَظِرُونَ رَسُولَ اللهِ ﷺ لِصَلاةِ العِشاء الآخِرَةِ، قالَت: فَأَرسَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إلى أبِي بَكرٍ أن يُصَلِّيَ بِالنّاسِ، فَأَتاهُ الرَّسُولُ فَقالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَأمُرُكَ أن تُصَلِّيَ بِالنّاسِ، فَقالَ أبُو بَكرٍ وكانَ رَجُلًا رَقِيقًا: يا عُمَرُ؛ صَلِّ بِالنّاسِ. قالَ: فَقالَ عُمَرُ: أنتَ أحَقُّ بِذَلكَ. قالَت: فَصَلّى بِهِم أبُو بَكرٍ تِلكَ الأَيّامَ، ثُمَّ إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ وجَدَ مِن نَفسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ بَينَ رَجُلَينِ، أحَدُهُما العَبّاسُ لِصَلاةِ الظُّهرِ وأَبُو بَكرٍ يُصَلِّي بِالنّاسِ، فَلَمّا رَآهُ أبُو بَكرٍ ذَهَبَ لِيَتَأَخَّرَ، فَأَومَأَ إلَيهِ النَّبِيُّ ﷺ أن لا يَتَأَخَّرَ، وقالَ لَهُما: «أجلِسانِي إلى جَنبِهِ». فَأَجلَساهُ إلى جَنبِ أبِي بَكرٍ، وكانَ أبُو بَكرٍ يُصَلِّي وهُوَ قائِمٌ بِصَلاةِ النَّبِيِّ ﷺ، والنّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ أبِي بَكرٍ، والنَّبِيُّ ﷺ قاعِدٌ، قالَ عُبَيدُ اللهِ: فَدَخَلتُ عَلى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ فَقُلتُ لَهُ: ألا أعرِضُ عَلَيكَ ما حَدَّثَتنِي عائِشَةُ عَن مَرَضِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَقالَ: هاتِ. فَعَرَضتُ حَدِيثَها عَلَيهِ، فَما أنكَرَ مِنهُ شَيئًا غَيرَ أنَّهُ قالَ: أسَمَّت لَكَ الرَّجُلَ الَّذِي كانَ مَعَ العَبّاسِ؟ قُلتُ: لا. قالَ: هُوَ عَلِيٌّ.
وفي رواية: لَمّا ثَقُلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ واشتدَّ به وجعُهُ استأذَنَ أزواجَه أن يُمَرَّضَ في بيتي، فأذِنَّ لَهُ، وفي رواية: لما دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيتِي قالَ: «مُرُوا أبا بَكرٍ فَليُصَلِّ بِالنّاسِ». قالَت: فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ أبا بَكرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ، إذا قَرَأَ القُرآنَ لا يَملِكُ دَمعَهُ، فَلَو أمَرتَ غَيرَ أبِي بَكرٍ، قالَت: واللهِ ما بِي إلّا كَراهِيةُ أن يَتَشاءَمَ النّاسُ بِأَوَّلِ مَن يَقُومُ فِي مَقامِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قالَت: فَراجَعتُهُ مرَّتَينِ أو ثَلاثًا، فَقالَ: «لِيُصَلِّ بِالنّاسِ أبُو بَكرٍ، فَإنَّكُنَّ صَواحِبُ يُوسُفَ».
وفي رواية زادَ (خ): قالَت: فَقُلتُ لِحَفصَةَ: قُولِي لَه: إنَّ أبا بَكر رَجُلٌ أسِيفٌ، وفي رواية (خ): فَقالَت حَفصَةُ لِعائِشَةَ: ماكُنتُ لِأُصِيبَ مِنكِ خَيرًا.
وفي رواية (خ): قالَ: «هَرِيقُوا عَلَيَّ مِن سَبعِ قِرَبٍ لَم تُحْلَلْ أوْكِيتَهُنَّ، لَعَلِّي أعْهَدُ إلى النّاسِ». فَأَجْلَسْناهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ طَفِقْنا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِن تِلْكَ القِرَبِ حَتّى طَفِقَ يُشِيرُ إلَيْنا بِيَدِهِ: أنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، قالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ إلى النّاسِ فَصَلّى بِهِمْ وخَطَبَهُمْ.
-استدعاء الماء بعد الإغماء، يدل على أن الإغماء ينقض الطهارة ؛ كما هو متفق عليه، وهذا على أن يكون الغسل هنا يراد به الوضوء ، والله أعلم.(القرطبي)
-فيه دلالة على جواز الإغماء على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، ولا شك في جوازه عليهم؛ لأنه مرض من الأمراض وشبيه بالنوم، والمرض يجوز عليهم بخلاف الجنون فإنه لا يجوز عليهم؛ لأنه نقص وقد كملهم الله تعالى بالكمال التام ... والحكمة في جواز المرض عليهم ومصائب الدنيا تكثير أجرهم, وتسلية الناس بهم، ولئلا يفتتن الناس بهم ويعبدوهم لما يظهر عليهم من المعجزات والآيات البينات. (الهرري)
-فيه دليل على أن الإمام إذا تأخر عن أول الوقت ورُجي مجيئه على قرب يُنتظر ولا يتقدم غيره. (الهرري)
-في هذا دلالة على فضيلة أبي بكر رضي الله عنه وتفضيله على جميع الصحابة رضي الله تعالى عنهم وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله ﷺمن غيره.
-فيه دليل على أن استخلاف الإمام الراتب إذا اشتكى أولى من صلاته بالقوم قاعدا؛ لأنه ﷺ استخلف أبا بكر ولم يصل بهم قاعدا غير مرة واحدة. (ابن حجر)
-قوله ﷺ"لم تحلل أوكيتهن" تحتمل ثلاثة أشياء: التبرك عند ذكر الله عند شدها وحلها، وطهارة الماء إذا لم تمسه يد قبل حل الوكاء فيكون أطيب للنفس، وبرده إذ لم يسخن بحرارة الهواء. (ابن الجوزي).

٥٠٦. (خ م) (٤١٩) عَنْ أنَسٍ ﵁ قالَ: لَم يَخرُج إلَينا نَبِيُّ اللهِ ﷺ ثَلاثًا، فَأُقِيمَت الصَّلاةُ، فَذَهَبَ أبُو بَكرٍ يَتَقَدَّمُ، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ بِالحِجابِ فَرَفَعَهُ، فَلَمّا وضَحَ لَنا وجهُ نَبِيِّ اللهِ ﷺ ما نَظَرنا مَنظَرًا قَطُّ كانَ أعجَبَ إلَينا مِن وجهِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ وضَحَ لَنا، قالَ: فَأَومَأَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ بِيَدِهِ إلى أبِي بَكرٍ أن يَتَقَدَّمَ، وأَرخى نَبِيُّ اللهِ ﷺ الحِجابَ، فَلَم نَقدِر عَلَيهِ حَتّى ماتَ. وفي رواية: حَتّى إذا كانَ يَومُ الإثنينِ، وهُم صُفُوفٌ فِي الصَّلاةِ كَشَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سِترَ الحُجرَةِ فَنَظَر إلَينا وهُو قائِمٌ؛ كَأَنَّ وجهَهُ ورقَةُ مُصحَفٍ، ثُمَّ تَبَسَّمَ رَسُولُ الله ﷺ ضاحِكًا، قالَ: فَبُهِتْنا ونَحنُ فِي الصَّلاةِ مِن فَرَحٍ بِخُرُوجِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ... لَفظُ (خ): فِي صَلاةِ الفَجرِ.
٥٠٧. (م) (٤٧٩) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍٍ ﵄ قالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ السِّتارَةَ، والنّاسُ صُفُوفٌ خَلفَ أبِي بَكرٍ، فَقالَ: «أيُّها النّاسُ؛ إنَّهُ لَم يَبقَ مِن مُبَشِّراتِ النُّبُوَّةِ إلا الرُّؤيا الصّالِحَةُ؛ يَراها المُسلِمُ أو تُرى لَهُ، ألا وإنِّي نُهِيتُ أن أقرَأَ القُرآنَ راكِعًا أو ساجِدًا، فَأَمّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وأَمّا السُّجُودُ فاجتَهِدُوا فِي الدُّعاءِ، فَقَمِنٌ أن يُستَجابَ لَكُم».
وفي رواية (م): ورأسه مَعْصُوبٌ في مرضه الذي مات فيه، فقال: «اللهم هل بَلَّغتُ؟» ثلاث مرّات.
رَواهُ (خ) مُختصَرًا؛ عَن أبي هُرَيْرَةَ؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لَم يَبقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إلا المُبشِّراتِ». قالُوا: وما المُبشِّراتُ؟ قالَ: «الرُّؤيا الصّالِحَةُ».

باب: إذا تَخَلَّفَ الإمامُ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ


٥٠٨. (خ م) (٤٢١) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السّاعِدِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ ذَهَبَ إلى بَنِي عَمرِو بْنِ عَوفٍ لِيُصلِح بَينَهُم، فَحانَت الصَّلاةُ، فَجاءَ المُؤَذِّنُ إلى أبِي بَكرٍ فَقالَ: أتُصَلِّي بِالنّاسِ فَأُقِيمُ؟ قالَ: نَعَم. قالَ: فَصَلّى أبُو بَكرٍ، فَجاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ والنّاسُ فِي الصَّلاة، فَتَخَلَّصَ حَتّى وقَفَ فِي الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النّاسُ، وكانَ أبُو بَكرٍ لا يَلتَفِتُ فِي الصَّلاةِ، فَلَمّا أكثَرَ النّاسُ التَّصفِيقَ التَفَتَ، فَرَأى رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَأَشارَ إلَيهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ أن امكُث مَكانَكَ، فَرَفَعَ أبُو بَكرٍ يَدَيهِ فَحَمِدَ اللهَ ﷿ عَلى ما أمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِن ذَلكَ، ثُمَّ استَأخَرَ أبُو بَكرٍ حَتّى استَوى فِي الصَّفِّ، وتَقَدَّمَ النَّبِيُّ ﷺ فَصَلّى، ثُمَّ انصَرَفَ فَقالَ: «يا أبا بَكرٍ؛ ما مَنَعَكَ أن تَثبُتَ إذ أمَرتُكَ». قالَ أبُو بَكرٍ: ما كانَ لابنِ أبِي قُحافَةَ أن يُصَلِّيَ بَينَ يَدَي رَسُولِ اللهِ ﷺ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما لِي رَأَيتُكُم أكثَرتُم التَّصفِيقَ؟ مَن نابَهُ شَيءٌ فِي صَلاتِهِ فَليُسَبِّح، فَإنَّهُ إذا سَبَّحَ التُفِتَ إلَيهِ، وإنَّما التَّصفِيحُ لِلنِّساءِ». وفي رواية: ولَبِثَ أبو بكرٍ هُنَيَّةً يَحمَدُ اللهَ على قَولِ النَّبيِّ ﷺ ...
ورَوى (خ) عَنهُ: أنَّ أهلَ قُباءٍ اقتَتَلُوا حَتّى تَرامَوا بِالحِجارَةِ، فَأُخبِرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِذَلِكَ، فَقالَ: «اذهَبُوا بِنا نُصلِحُ بَينَهُم».
-جواز الإشارة فى الصلاة والالتفات والعمل اليسير، لا سيما ما يختص بالصلاة، كالتفات النبي ﷺ إلى من خلفه، والتفات أبى بكر حين صفح له (القاضي عياض)
-فيه من الفقه: أن الصلاة لا يجب تأخيرها عن وقتها المختار، وإن غاب الإمام الفاضل. وفيه: أنه لا يجب لأحد أن يتقدم جماعة لصلاة إلا عن رضا الجماعة (المهلب)
-أنه لا بأس بتخلل الصفوف والمشي إلى الصف الأول لمن يليق به الصلاة فيه؛ لأن شأن الصف الأول أن يقوم فيه أفضل الناس علمًا ودينًا. (ابن بطال)
-استحباب حمد الله تعالى لمن تجددت له نعمة، ورفع اليدين بالدعاء, وفعل ذلك الحمد والدعاء عقب النعمة، وإن كان في صلاة. (النووي)
-فيه أن السنة لمن نابه شيء في صلاته كإعلام من يستأذن عليه وتنبيه الإمام وغير ذلك أن يسبح إن كان رجلا فيقول "سبحان الله"، وأن تصفق وهو التصفيح إن كانت امرأة، فتضرب بطن كفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر (النووي)

باب: فِـي فَضْلِ الجَماعَةِ والـمَشْيِ إلَيْها وانْتِظارِها


٥٠٩. (خ م) (٦٤٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «تَفضُلُ صَلاةٌ فِي الجَمِيعِ عَلى صَلاةِ الرَّجُلِ وحدَهُ خَمسًا وعِشرِينَ دَرَجَةً، قالَ: وتَجتَمِعُ مَلائِكَةُ اللَّيلِ ومَلائِكَةُ النَّهارِ فِي صَلاةِ الفَجرِ». قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: اقرَءُوا إن شِئتُم: ﴿وقُرْآنَ الفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا﴾.
٥١٠. (خ م) (٦٥٠) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «صَلاةُ الجَماعَةِ أفضَلُ مِن صَلاةِ الفَذِّ بِسَبعٍ وعِشرِينَ دَرَجَةً».
٥١١. (خ م) (٦٤٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «صَلاةُ الرَّجُلِ فِي جَماعَةٍ تَزِيدُ عَلى صَلاتِهِ فِي بَيتِهِ وصَلاتِهِ فِي سُوقِهِ بِضعًا وعِشرِينَ دَرَجَةً، وذَلكَ أنَّ أحَدَهُم إذا تَوَضَّأَ فَأَحسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أتى المَسْجِدَ، لا يَنهَزُهُ إلا الصَّلاةُ، لا يُرِيدُ إلا الصَّلاةَ، فَلَم يَخطُ خَطوَةً إلا رُفِعَ لَهُ بِها دَرَجَةٌ، وحُطَّ عَنهُ بِها خَطِيئَةٌ، حَتّى يَدخُلَ المَسْجِدَ، فَإذا دَخَلَ المَسْجِدَ كانَ فِي الصَّلاةِ ما كانَت الصَّلاةُ هِيَ تَحبِسُهُ، والمَلائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلى أحَدِكُم ما دامَ فِي مَجلِسِهِ الَّذِي صَلّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ ارحَمهُ، اللَّهُمَّ اغفِر لَهُ، (اللَّهُمَّ تُب عَلَيهِ)، ما لَم يُؤذِ فِيهِ، ما لَم يُحدِث فِيهِ». وفي رواية: «لا يَزالُ العَبدُ فِي صَلاةٍ ما كانَ فِي مُصَلاَّهُ يَنتَظِرُ الصَّلاةَ ...».
-اختلف العلماء في هذا الفضل المضاف للجماعة: هل هو لأجل الجماعة فقط حيث كانت، أو إنما يكون ذلك الفضل للجماعة التي تكون في المسجد؟ لما يلازم ذلك من أفعال تختص بالمساجد، كإكثار الخطا إلى المساجد، وكتب الحسنات، ومحو السيئات بكل خطوة، وانتظار الصلاة، ودعاء الملائكة، ومراعاة آداب دخول المسجد إلى غير ذلك؟ والظاهر الأول؛ لأن الجماعة هو الوصف الذي علق عليه الحكم. (القرطبي)

٥١٢. (م) (٦٦٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن تَطَهَّرَ فِي بَيتِهِ، ثُمَّ مَشى إلى بَيتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، لِيَقضِيَ فَريضَةً مِن فَرائِضِ اللهِ، كانَت خَطوَتاهُ إحداهُما تَحُطُّ خَطِيئةً، والأُخرى تَرفَعُ دَرَجَةً».
٥١٣. (خ) (٦٥٠) عَنْ أُمِّ الدَّرْداءِ ﵂ تَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ أبُو الدَّرْداءِ وهُوَ مُغضَبٌ فَقلت: ما أغضَبَكَ؟ فَقالَ: واللهِ ما أعرِفُ مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ شَيئًا إلا أنَّهُم يُصَلُّونَ جَمِيعًا.
-مراد أبي الدرداء أن أعمال المذكورين حصل في جميعها النقص والتغيير إلا التجميع في الصلاة وهو أمر نسبي؛ لأن حال الناس في زمن النبوة كان أتم مما صار إليه بعدها, ثم كان في زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أتم مما صار إليه بعدهما، وكأن ذلك صدر من أبي الدرداء في أواخر عمره, وكان ذلك في أواخر خلافة عثمان فيا ليت شعري إذا كان ذلك العصر الفاضل بالصفة المذكورة عند أبي الدرداء فكيف بمن جاء بعدهم من الطبقات إلى هذا الزمان. ( ابن حجر ).

باب: فَضْلُ صَلاةِ العِشاءِ والصُّبْحِ وفَضْلُها فِـي جَماعَةٍ


٥١٤. (م) (٦٥٦) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي عَمْرَةَ قالَ: دَخَلَ عُثْمانُ بنُ عَفّانَ المَسْجِدَ بَعدَ صَلاةِ المَغرِبِ فَقَعَدَ وحدَهُ، فَقَعَدتُ إلَيهِ، فَقالَ: يا ابنَ أخِي؛ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن صَلّى العِشاءَ فِي جَماعَةٍ فَكَأَنَّما قامَ نِصفَ اللَّيلِ، ومَن صَلّى الصُّبحَ فِي جَماعَةٍ فَكَأَنَّما صَلّى اللَّيلَ كُلَّهُ».
٥١٥. (م) (٦٥٧) عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن صَلّى صَلاةَ الصُّبحِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ، فَلا يَطلُبَنَّكُمُ اللهُ مِن ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ، فَإنَّهُ مَن يَطلُبهُ مِن ذِمَّتِهِ بِشَيءٍ يُدرِكهُ، ثُمَّ يَكُبَّهُ عَلى وجهِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ».
-فيه الترغيب حضور صلاة الصبح (القرطبي)
-في هذا دليلٌ على أنه يجب احترام المسلمين الذين صدقوا إسلامهم بصلاة الفجر؛ لأن صلاة الفجر لا يصليها إلا مؤمن، فالمنافقون لا يصلون الفجر أبداً؛ لأنهم إنما يصلون مراءاة للناس، والحاصل أن هذا الحديث يدل على وجوب احترام المسلمين الذين برهنوا على إسلامهم بصلاة الفجر، وإنه لا يجوز لأحد أن يعتدي عليهم. (ابن عثيمين).

باب: الـنَّهْيُ عَنِ الخُرُوجِ مِنَ الـمَسْجِدِ إذا أذَّنَ الـمُؤَذِّنُ


٥١٦. (م) (٦٥٥) عَنْ أبِي الشَّعْثاءِ قالَ: كُنّا قُعُودًا فِي المَسْجِدِ مَعَ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ فَأَذَّنَ المُؤَذِّنُ، فَقامَ رَجُلٌ مِنَ المَسْجِدِ يَمشِي، فَأَتبَعَهُ أبُو هُرَيْرَةَ ﵁ بَصَرَهُ حَتّى خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ، فَقالَ أبُو هُرَيْرَةَ ﵁: أمّا هَذا فَقَد عَصى أبا القاسِمِ ﷺ.

باب: وُجُوبُ إتْيانِ الـمَسْجِدِ عَلى مَن سَمِعَ النِّداءَ


٥١٧. (م) (٦٥٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: أتى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ أعمى فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّهُ لَيسَ لِي قائِدٌ يَقُودُنِي إلى المَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللهِ ﷺ أن يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمّا ولّى دَعاهُ فَقالَ: «هَل تَسمَعُ النِّداءَ بِالصَّلاةِ؟» فَقالَ: نَعَم. قالَ: «فَأَجِب».
٥١٨. (م) (٦٥٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: مَن سَرَّهُ أن يَلقى اللهَ غَدًا مُسلِمًا فَليُحافِظ عَلى هَؤُلاءِ الصَّلَواتِ حَيثُ يُنادى بِهِنَّ، فَإنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُم ﷺ سُنَنَ الهُدى، وإنَّهُنَّ مِن سُنَنِ الهُدى، ولَو أنَّكُم صَلَّيتُم فِي بُيُوتِكُم كَما يُصَلِّي هَذا المُتَخَلِّفُ فِي بَيتِهِ لَتَرَكتُم سُنَّةَ نَبِيِّكُم، ولَو تَرَكتُم سُنَّةَ نَبِيِّكُم لَضَلَلتُم، وما مِن رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعمِدُ إلى مَسْجِدٍ مِن هَذِهِ المَساجِدِ، إلا كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خَطوَةٍ يَخطُوها حَسَنَةً، ويَرفَعُهُ بِها دَرَجَةً، ويَحُطُّ عَنهُ بِها سَيِّئَةً، ولَقَد رَأَيتُنا وما يَتَخَلَّفُ عَنها إلا مُنافِقٌ مَعلُومُ النِّفاق، ولَقَد كانَ الرَّجُلُ يُؤتى بِهِ يُهادى بَينَ الرَّجُلَينِ حَتّى يُقامَ فِي الصَّفِّ. وفي رواية: قالَ: لَقَد رَأَيتُنا وما يَتَخَلَّفُ عَنِ الصَّلاةِ إلا مُنافِقٌ قَد عُلِمَ نِفاقُهُ أو مَرِيضٌ ...

باب: الـتَّشْدِيدُ فِـي التَّخَلُّفِ عَنْ صَلاةِ الجَماعَةِ


٥١٩. (خ م) (٦٥١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ أثقَلَ صَلاةٍ عَلى المُنافِقِينَ صَلاةُ العِشاءِ وصَلاةُ الفَجر، ولَو يَعلَمُونَ ما فِيهِما لأَتَوهُما ولَو حَبوًا، ولَقَد هَمَمتُ أن آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنّاسِ، ثُمَّ أنطَلِقَ مَعِي بِرِجالٍ مَعَهُم حُزَمٌ مِن حَطَبٍ إلى قَومٍ لا يَشهَدُونَ الصَّلاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيهِم بُيُوتَهُم بِالنّارِ». وفي رواية: (فَقَدَ ناسًا فِي بَعضِ الصَّلَواتِ) ... وفِيها: «ولَو عَلِمَ أحَدُهُمْ أنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا لَشَهِدَها»؛ يَعنِي: صَلاةَ العِشاءِ. زادَ (خ) فِي رِوايَةٍ: «لَوْ يَعْلَمُ أحَدُكُمْ أنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أوْ مَرماتَين حَسَنَتَينِ لَشَهِدَها».
ورَوى (م) عَن ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ لِقَومٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ: «لَقَد هَمَمتُ ... نَحوَه، قالَ: ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلى رِجالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ بُيُوتَهُم».
-فيه استخلاف الإمام عند عروض شغل له، وإنما هم به بعد الإقامة؛ لأن ذلك الوقت تتحقق مخالفتهم وتخلفهم، فيتوجه اللوم عليهم.
-فيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر.
-تقديم الوعيد والتهديد على العقوبة، وهو من باب الدفع بالأخف. (ابن الملقن).

باب: الأَمْرُ بِإقامَةِ الصَّلاةِ وإتْمامِها والاعْتِدالِ فِيها


٥٢٠. (خ م) (٤٢٥) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قالَ: «أتِمُّوا الرُّكُوعَ والسُّجُودَ، فَواللهِ إنِّي لأَراكُم مِن بَعدِ ظَهرِي إذا ما رَكَعتُم وإذا ما سَجَدتُم».
ورَوى (م) عَنهُ قالَ: صَلّى بِنا رَسُولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يَومٍ، فَلَمّا قَضى الصَّلاةَ أقبَلَ عَلَينا بِوَجهِهِ فَقالَ: «أيُّها النّاسُ؛ إنِّي إمامُكُم، فَلا تَسبِقُونِي بِالرُّكُوعِ ولا بِالسُّجُود ولا بِالقِيامِ ولا بِالانصِرافِ، فَإنِّي أراكُم أمامِي ومِن خَلفِي»، ثُمَّ قالَ: «والَّذِي نَفسُ مُحمَّدٍ بِيَدِهِ لَو رَأيتُم ما رَأَيتُ لَضَحِكتُم قَلِيلًا ولَبَكيتُم كَثِيرًا». قالُوا: وما رَأَيتَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: «رَأَيتُ الجَنَّةَ والنّارَ».
قال العلماء: معناه أن الله تعالى خلق له ﷺإدراكا في قفاه يبصر به من ورائه، وقد انخرقت العادة له ﷺ بأكثر من هذا وليس يمنع من هذا عقل ولا شرع بل ورد الشرع بظاهره فوجب القول به. (النووي).

٥٢١. (خ م) (٤٧١) عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ ﵁ قالَ: رَمَقتُ الصَّلاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ ﷺ فَوَجَدتُ (قِيامَهُ)، فَرَكعَتَه، فاعتِدالَهُ بَعدَ رُكُوعِهِ، فَسَجدَتَهُ، فَجَلسَتَهُ بَينَ السَّجدَتَين، فَسَجدَتَهُ، (فَجَلسَتَهُ ما بَينَ التَّسلِيمِ والانصِرافِ) قَرِيبًا مِن السَّواءِ. زادَ (خ): ما خَلا القِيامَ والقُعُودَ.
٥٢٢. (خ م) (٤٧٢) عَنْ ثابِتٍ؛ عَن أنَسٍ ﵁ قالَ: إنِّي لا آلُو أن أُصَلِّيَ بِكُم كَما رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُصَلِّي بِنا. قالَ: فَكانَ أنَسٌ يَصنَعُ شَيئًا لا أراكُم تَصنَعُونَهُ، كانَ إذا رَفَعَ رَأسَهُ مِن الرُّكُوعِ انتَصَبَ قائِمًا حَتّى يَقُولَ القائِلُ: قَد نَسِيَ، وإذا رَفَعَ رَأسَهُ مِن السَّجدَةِ مَكَثَ حَتّى يَقُولَ القائِلُ: قَد نَسِيَ.
٥٢٣. (م) (٤٢٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ قالَ: صَلّى رَسُولُ اللهِ ﷺ يَومًا، ثُمَّ انصَرَفَ فَقالَ: «يا فُلانُ؛ ألا تُحسِنُ صَلاتَكَ؟ ألا يَنظُرُ المُصَلِّي إذا صَلّى كَيفَ يُصَلِّي؟ فَإنَّما يُصَلِّي لِنَفسِهِ، إنِّي واللهِ لَأُبصِرُ مِن ورائِي كَما أُبصرُ مِن بَينِ يَدَيَّ».
٥٢٤. (خ) (٣٨٩) عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁؛ رَأى رَجُلًا لا يُتِمُّ رُكُوعَهُ ولا سُجُودَهُ، فَلَمّا قَضى صَلاتَهُ قالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: ما صَلَّيتَ -قالَ: وأَحسِبُهُ قالَ:- لَو مُتَّ مُتَّ عَلى غَيرِ سُنَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ.

باب: رَدُّ السَّلامِ بِالإشارَةِ، والنَّهْيُ عَنِ الكَلامِ فِـي الصَّلاةِ


٥٢٥. (خ م) (٥٤٠) عَنْ جابِرٍ ﵄ قالَ: كُنّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَبَعَثَنِي فِي حاجَةٍ، فَرَجَعتُ وهُوَ يُصَلِّي عَلى راحِلَتِهِ، ووَجهُهُ عَلى غَيرِ القِبلَةِ، فَسَلَّمتُ عَلَيهِ فَلَم يَرُدَّ عَلَيَّ، فَلَمّا انصَرَفَ قالَ: «إنَّهُ لَم يَمنَعنِي أن أرُدَّ عَلَيكَ إلا أنِّي كُنتُ أُصَلِّي».
وفي رواية (م): ثُمَّ أدرَكتُهُ وهُو يَسِيرُ، فَسَلَّمتُ عَلَيهِ فَأَشارَ إلَيَّ. لَفظُ (خ): قال: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ فَوَقَعَ فِي قَلْبِي ما اللَّهُ أعْلَمُ بِهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَعَلَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ وجَدَ عَلَيَّ أنِّي أبْطَأْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِي أشَدُّ مِن المَرَّةِ الأُولى، ثُمَّ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَي ...
ورَوى (خ) عَنهُ قالَ: رَأَيتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي غَزوَةِ أنْمارٍ يُصَلِّي عَلى راحِلَتِهِ مُتَوَجِّهًا قِبَل المَشرِقِ مُتَطوِّعًا. وروى (م) عنه قالَ: وهو مُنْطَلِقٌ إلى بَنِي المصطَلق ... وفيها: وأَنا أسْمَعُهُ يَقْرَأ يُومئُ بِرَأْسِهِ ...
-أن المصلي إذا سلم عليه في الصلاة، لم يرد السلام بقوله، وهذا قول جمهور أهل العلم.(ابن رجب)
-فيه وجواز صلاة النفل على الراحلة إلى غير القبلة (العيني)
- فيه أن الكبير إذا وقع منه تصرف يوجب حزن غيره فالأولى أن يظهر سببه؛ ليندفع ذلك الحزن وُيفهم حقيقة الأمر. (العيني)

٥٢٦. (خ م) (٥٣٨) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: كُنّا نُسَلِّمُ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ وهُوَ فِي الصَّلاةِ فَيَرُدُّ عَلَينا، فَلَمّا رَجَعنا مِن عِندِ النَّجاشِيِّ سَلَّمنا عَلَيهِ فَلَم يَرُدَّ عَلَينا، فَقُلنا: يا رَسُولَ اللهِ؛ كُنّا نُسَلِّمُ عَلَيكَ فِي الصَّلاةِ فَتَرُدُّ عَلَينا. فَقالَ: «إنَّ فِي الصَّلاةِ شُغلًا».
٥٢٧. (خ م) (٥٣٩) عَنْ زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ ﵁ قالَ: كُنّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صاحِبَهُ وهُوَ إلى جَنبِهِ فِي الصَّلاةِ، حَتّى نَزَلَت: ﴿وقُومُواْ لِلّهِ قانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨]، فَأُمِرنا بِالسُّكُوتِ، (ونُهِينا عَنِ الكَلامِ).
٥٢٨. (م) (٥٣٧) عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ الحَكَمِ السُّلَمِيِّ ﵁ قالَ: بَينا أنا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إذ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ فَقُلتُ: يَرحَمُكَ اللهُ، فَرَمانِي القَومُ بِأَبصارِهِم، فَقُلتُ: وا ثُكلَ أُمِّياه؛ ما شَأنُكُم تَنظُرُونَ إلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضرِبُونَ بِأَيدِيهِم عَلى أفخاذِهِم، فَلَمّا رَأَيتُهُم يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمّا صَلّى رَسُولُ اللهِ ﷺ فَبِأبِي هُوَ وأُمِّي؛ ما رَأَيتُ مُعَلِّمًا قَبلَهُ ولا بَعدَهُ أحسَنَ تَعلِيمًا مِنهُ، فَواللهِ ما كَهَرَنِي ولا ضَرَبَنِي، ولا شَتَمَنِي، قالَ: «إنَّ هَذِهِ الصَّلاةَ لا يَصلُحُ فِيها شَيءٌ مِن كَلامِ النّاسِ، إنَّما هُوَ التَّسبِيحُ والتَّكبِيرُ وقِراءَةُ القُرآنِ». أو كَما قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ. قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنِّي حَدِيثُ عَهدٍ بِجاهِلِيَّةٍ وقَد جاءَ اللهُ بِالإسلامِ، وإنَّ مِنّا رِجالًا يَأتُونَ الكُهّانَ، قالَ: «فَلا تَأتِهِم». قالَ: ومِنّا رِجالٌ يَتَطَيَّرُونَ، قالَ: «ذَلكَ شَيءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِم، فَلا يَصُدَّنَّهُم». قالَ: قُلتُ: ومِنّا رِجالٌ يَخُطُّونَ، قالَ: «كانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنبِياءِ يَخُطُّ، فَمَن وافَقَ خَطَّهُ فَذاكَ». قالَ: وكانَت لِي جارِيَةٌ تَرعى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ والجَوّانِيّةِ، فاطَّلَعتُ ذاتَ يَومٍ فَإذا الذِّيبُ قَد ذَهَبَ بِشاةٍ مِن غَنَمِها، وأَنا رَجُلٌ مِن بَنِي آدَمَ آسَفُ كَما يَأسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكتُها صَكَّةً، فَأَتَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَعَظَّمَ ذَلكَ عَلَيَّ، قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أفَلا أُعتِقُها؟ قالَ: «ائتِنِي بِها». فَأَتَيتُهُ بِها، فَقالَ لَها: «أينَ اللهُ؟» قالَت: فِي السَّماءِ. قالَ: «مَن أنا؟» قالَت: أنتَ رَسُولُ اللهِ. قالَ: «أعتِقها فَإنَّها مُؤمِنَةٌ».
-في هذا الحديث من الفقه أن الكلام ناسيا في الصلاة لا يفسد الصلاة، وذلك أن النبي ﷺ علمه أحكام الصلاة وتحريم الكلام فيها، ثم لم يأمره بإعادة الصلاة التي صلاها معه. (الخطابي).
-وفيه دليل على أن المصلي إذا عطس فشمته رجل فإنه لا يجيبه (الخطابي).
-فيه بيان ما كان عليه رسول الله ﷺ من عظيم الخلق الذي شهد الله تعالى له به ورفقه بالجاهل ورأفته بأمته وشفقته عليهم, وفيه التخلق بخلقه ﷺ في الرفق بالجاهل وحسن تعليمه واللطف به، وتقريب الصواب إلى فهمه. (النووي).
-فيه النهي عن تشميت العاطس في الصلاة. (النووي).
-اتفق أهل العلم على تحريم حلوان الكاهن وهو ما أخذه المتكهن على كهانته, لأن فعل الكهانة باطل محرم , وعليه الوعيد الشديد. أخذ الأجرة عليه (البغوي).
- وقوله "خط ": إنما قال صلى الله عليه وسلم: "من وافق خطه فذاك"، علي سبيل الزجر، ومعناه لا يوافق خط أحد خط ذلك النبي؛ لأن خط ذلك النبي كان معجزة له، فيعرف بالقرينة ويعرف بالفراسة بتوسط تلك الخطوط، "فمن وافق خطه"، في الصورة والحالة وهي قوة الخطاط في الفراسة، وكماله في العلم والعمل الموجبين لها- "فذاك"، أي فذاك مصيب. (الطيبي)
- واختلف العلماء في معنى " وافق خطه " :فالصحيح أن معناه من وافق خطه – ذلك النبي -فهو مباح له, ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة، فلا يباح، والمقصود أنه حرام؛ لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة, وليس لنا يقين بها ( النووي).
-فيه دليل على أن الكافر لا يصير مؤمنا إلا بالإقرار بالله تعالى وبرسالة رسول الله ﷺ وفيه دليل على أن من أقر بالشهادتين واعتقد ذلك جزما كفاه ذلك في صحة إيمانه وكونه من أهل القبلة، ولا يكلف مع هذا إقامة الدليل والبرهان على ذلك (النووي).

١ (...) أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إسائتهم.

٥/٠