باب: الـتَّسْبِيحُ لِلْحاجَةِ فِـي الصَّلاةِ


٥٢٩. (خ م) (٤٢٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «التَّسبِيحُ لِلرِّجالِ، والتَّصفِيقُ لِلنِّساءِ».

باب: الـنَّهْيُ عَنْ رَفْعِ البَصَرِ إلى السَّماءِ فِـي الصَّلاةِ


٥٣٠. (م) (٤٢٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لَيَنتَهِيَنَّ أقوامٌ عَن رَفعِهِم أبصارَهُم عِنْدَ الدُّعاءِ فِي الصَّلاةِ إلى السَّماءِ، أو لَتُخطَفَنَّ أبصارُهُم». رَواهُ (خ) عَن أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁.
-دلّ الحديث على التحذير من رفع البصر إلى السماء حال الصلاة, والحث على الخشوع فيها. (السبكي).
-إن رفع المصلي بصره إلى السماء سوء أدب منه فإنه ممثلا نفسه قائما بين يدي خالقه, وليس من الأدب عند الوقوف بين يدي الملك برفع البصر إلى السماء. (ابن هبيرة).

باب: سُتْرَةُ الـمُصَلِّي وما يَقْطَعُ الصَّلاةَ


٥٣١. (م) (٤٩٩) عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا وضَعَ أحَدُكُم بَينَ يَدَيهِ مِثلَ مُؤخِرَةِ الرَّحلِ فَليُصَلِّ، ولا يُبالِ مَن مَرَّ وراءَ ذَلكَ».
-في هذا الحديث الندب إلى السترة بين يدي المصلي وبيان أن أقل السترة مؤخرة الرحل, وهي قدر عظم الذراع هو نحو ثلثي ذراع ؛ والحكمة في السترة كف البصر عما وراءه ومنع من يجتاز بقربه. (النووي).

٥٣٢. (م) (٥١٠) عَنْ أبِي ذَرٍّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا قامَ أحَدُكُم يُصَلِّي فَإنَّهُ يَستُرُهُ إذا كانَ بَينَ يَدَيهِ مِثلُ آخِرَةِ الرَّحلِ، فَإذا لَم يَكُن بَينَ يَدَيهِ مِثلُ آخِرَةِ الرَّحلِ فَإنَّهُ يَقطَعُ صَلاتَهُ الحِمارُ والمَرأَةُ والكَلبُ الأَسوَدُ». قُلتُ: يا أبا ذَرٍّ؛ ما بالُ الكَلبِ الأَسوَدِ مِنَ الكَلبِ الأَحمَرِ مِنَ الكَلبِ الأَصفَرِ؟ قالَ: يا ابنَ أخِي؛ سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَما سَأَلتَنِي فَقالَ: «الكَلبُ الأَسوَدُ شَيطانٌ».
-هذا مبالغة في الخوف على قطعها بالشغل بهذه المذكورات, فإن المرأة تفتن, والحمار ينهق, والكلب يروع؛ فيتشوش المتفكر في ذلك حتى تنقطع عليه الصلاة, فلما كانت هذه الأمور آيلة إلى القطع جعلها قاطعة. (القرطبي).

باب: مَنعُ الـمارِّ مِنَ الـمُرُورِ بَيْـنَ يَدَيِ الـمُصَلِّي والتَّغلِيظُ فِـي ذَلِكَ


٥٣٣. (خ م) (٥٠٧) عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ؛ أنَّ زَيدَ بنَ خالِدٍ الجُهَنِيَّ أرسَلَهُ إلى أبِي جُهَيمٍ يَسأَلُهُ: ماذا سَمِعَ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي المارِّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي؟ قالَ أبُو جُهَيمٍ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَو يَعلَمُ المارُّ بَينَ يَدَي المُصَلِّي ماذا عَلَيهِ، لَكانَ أن يَقِفَ أربَعِينَ خَيرًا لَهُ مِن أن يَمُرَّ بَينَ يَدَيهِ». قالَ أبُو النَّضرِ: لا أدرِي؛ قالَ: أربَعِين يَومًا أو شَهرًا أو سَنَةً.
-إنما كُره الممر بين يدي المصلي؛ لأن المار كالحائل بينه وبين مقصوده، ويصير كأنه في حال ممره مقصود بالتعبد، ويفرق اجتماع هم المصلي، فكره لهذه الأشياء. (ابن الجوزي).
-أن الأولى للمصلي أن لا يصلي في طرق الناس، وفي الأمكنة التي لابُدَّ لهم من المرور بها؛ لئلا يُعَرِّض صلاته للنقص، ويُعَرض المارَّة للحرج.

٥٣٤. (خ م) (٥٠٥) عَنْ أبِي صالِحٍ السَّمّانِ قالَ: بَينَما أنا مَعَ أبِي سَعِيدٍ يُصَلِّي يَومَ الجُمُعَةِ إلى شَيءٍ يَستُرُهُ مِن النّاسِ؛ إذ جاءَ رَجُلٌ شابٌّ مِن بَنِي أبِي مُعَيطٍ أرادَ أن يَجتازَ بَينَ يَدَيهِ، فَدَفَعَ فِي نَحرِهِ، فَنَظَرَ فَلَم يَجِد مَساغًا إلا بَينَ يَدَي أبِي سَعِيدٍ، فَعادَ فَدَفَعَ فِي نَحرِهِ أشَدَّ مِن الدَّفعَةِ الأُولى، فَمَثَلَ قائِمًا، فَنالَ مِن أبِي سَعِيدٍ، ثُمَّ زاحَمَ النّاسَ فَخَرَجَ، فَدَخَلَ عَلى مَروانَ، فَشَكا إلَيهِ ما لَقِيَ، قالَ: ودَخَلَ أبُو سَعِيدٍ عَلى مَروانَ، فَقالَ لَهُ مَروانُ: ما لَكَ ولابنِ أخِيكَ؟ جاءَ يَشكُوكَ. فَقالَ أبُو سَعِيدٍ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إذا صَلّى أحَدُكُم إلى شَيءٍ يَستُرُهُ مِن النّاسِ، فَأَرادَ أحَدٌ أن يَجتازَ بَينَ يَدَيهِ فَليَدفَع فِي نَحرِهِ، فَإن أبى فَليُقاتِلهُ، فَإنَّما هُوَ شَيطانٌ».
ورَوى (م) عَن ابْنِ عُمرَ نحوَهُ، وفِي آخِرِهِ: «فَإنَّ مَعَهُ القَرِينَ». وفي رِوايَةِ (م): «ولْيَدْرَأْهُ ما استَطاع». وفي رواية (خ): «فَليَمنَعهُ، فَإن أبى فَليَمنَعهُ، فَإن أبى فَليُقاتِلهُ».
-فيه أن العمل القليل في الصلاة لا يضرها مثل المشي إلى الفرج, والتقدم اليسير, والتأخر إذا كان ذلك مما ينبغي عمله في الصلاة. (ابن عبد البر).
-قوله : "فإنما هو شيطان"، يريد أنه فَعَل فِعْلَ الشيطان في أنه شغل قلب المصلي عن مناجاة ربه والإخلاص له، كما يخطر الشيطان بين المرء ونفسه في الصلاة، فيذكره ما لم يذكر ليشغله عن مناجاة ربه، ويخلط عليه صلاته. (ابن بطال).
-فيه: أنه تشبيه الرجل إذا فتن في الدين بـ"الشيطان". (ابن بطال).

باب: الـصَّلاةُ إلى الحَرْبَةِ والرّاحِلَةِ


٥٣٥. (خ م) (٥٠١) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا خَرَجَ يَومَ العِيدِ أمَرَ بِالحَربَةِ فَتُوضَعُ بَينَ يَدَيهِ، فَيُصَلِّي إلَيها والنّاسُ وراءَهُ، وكانَ يَفعَلُ ذَلكَ فِي السَّفَرِ، فَمِن ثَمَّ اتَّخَذَها الأُمَراءُ.
-سترة الإمام سترة لمن خلفه (ابن الملقن).
-في الحديث: الاحتياط وأخذ آلة دفع الأعداءِ سيما بالسفر، وجواز الاستخدام، وأمر الخادم بالخدمة. (زكريا الأنصاري).

٥٣٦. (خ م) (٥٠٢) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَعرِضُ راحِلَتَهُ وهُوَ يُصَلِّي إلَيها.
-فيه دليل على جواز الصلاة إلى الحيوان, وجواز الصلاة بقرب البعير, بخلاف الصلاة في عطان الإبل فإنها مكروهة؛ للأحاديث الصحيحة في النهي عن ذلك (النووي).

باب: سُتْرَةُ الإمامِ سُتْرَةٌ لِـمَن خَلْفَهُ


٥٣٧. (خ م) (٥٠٤) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: أقبَلتُ راكِبًا عَلى أتانٍ، وأَنا يَومَئِذٍ قَد ناهَزتُ الاحتِلامَ، ورسُولُ الله ﷺ يُصَلِّي بِالنّاسِ بِمِنًى، فَمَرَرتُ بَينَ يَدَي الصَّفِّ، فَنَزَلتُ فَأَرسَلتُ الأَتانَ تَرتَعُ، ودَخَلتُ فِي الصَّفِّ، فَلَم يُنكِر ذَلكَ عَلَيَّ أحَدٌ. زادَ (خ): يُصَلِّي بمنىً إلى غَيرِ جِدارٍ.
-فيه جواز سماع الصغير، وضبطه السنن والتحمل لا يشترط فيه كمال الأهلية، وإنما يشترط عند الأداء. (العيني).
-فيه احتمال بعض المفاسد لمصلحة أرجح منها، فإن المرور أمام المصلين مفسدة، والدخول في الصلاة وفي الصف مصلحة راجحة، فاغتفرت المفسدة للمصلحة الراجحة من غير إنكار (العيني).
-فيه أنه إذا فعل بين يدي النبي ﷺ شيء ولم ينكره فهو حجة. (العيني).
-فيه جواز الركوب إلى صلاة الجماعة (العيني).

باب: الـمُرُورُ بَيْـنَ يَدَيِ الـمُصَلي مِن وراءِ السُّتْرَةِ


٥٣٨. (خ م) (٥٠٣) عَنْ عَوْنِ بْنِ أبِي جُحَيْفَةَ؛ أنَّ أباهُ رَأى رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي قُبَّةٍ حَمراءَ مِن أدَمٍ، ورَأَيتُ بِلالًا أخرَجَ وضُوءًا، فَرَأَيتُ النّاسَ يَبتَدِرُونَ ذَلكَ الوَضُوءَ، فَمَن أصابَ مِنهُ شَيئًا تَمَسَّحَ بِهِ، ومَن لَم يُصِب مِنهُ أخَذَ مِن بَلَلِ يَدِ صاحِبِهِ، ثُمَّ رَأَيتُ بِلالًا أخرَجَ عَنَزَةً فَرَكَزَها، وخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي حُلَّةٍ حَمراءَ مُشَمِّرًا، فَصَلّى إلى العَنَزَةِ بِالنّاسِ رَكْعَتَيْنِ، ورَأَيتُ النّاسَ والدَّوابَّ يَمُرُّونَ بَينَ يَدَي العَنَزَةِ.
وفي رواية: عَن عَونِ بْنِ أبي جُحَيفَةَ عَن أبِيه قالَ: فَتَوَضَّأَ وأذَّنَ بلالٌ، قالَ: فَجَعلتُ أتَتَبَّعُ فاهُ هَهُنا وهَهُنا (يَقُولُ: يَمِينًا وشِمالًا، يَقُولُ: حَيَّ عَلى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلى الفَلاحِ.) قالَ: ثُمَّ رُكِزَت لَهُ عَنَزَةٌ، فَتَقَدَّمَ فَصَلّى الظُّهرَ رَكْعَتَيْنِ، يَمُرُّ بَينَ يَدَيهِ الحِمارُ والكلبُ لا يُمنعُ، ثُمَّ صَلّى العَصرَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ لَم يَزَل يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حَتّى رَجَعَ إلى المَدِينةِ. وفي رواية: وهو بالأبطح. زادَ (خ): فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُها عَلى وجْهِي، فَإذا هِيَ أبْرَدُ مِن الثَّلْجِ، وأَطْيَبُ رائِحَةً مِن المِسْكِ.
-فيه دليل على استدارة المؤذن للاستماع عند الدعاء إلى الصلاة. (ابن دقيق العيد).
-فيه وضع السّترة للمصلي حيث يخشى المرور بين يديه، والاكتفاء فيها بمثل غلظ العنزة. (ابن حجر )
-فيه أنّ قصر الصّلاة في السّفر أفضل من الإتمام لِمَا يشعر به الخبر من مواظبة النّبيّ ﷺ عليه، وأنّ ابتداء القصر من حين مفارقة البلد الذي يخرج منه. ( ابن حجر )
-وفيه تعظيم الصّحابة للنّبيّ ﷺ. ( ابن حجر ).
-وفيه استحباب استصحاب العنزة ونحوها. (ابن حجر).
-مشروعيّة الأذان في السّفر. ( ابن حجر).

باب: إذا صَلّى النّافِلَةَ فِـي الـمَكانِ الَّذِي صَلّى فِيهِ الفَرِيضَةَ


٥٣٩. (خ) (٨٤٨) عَنْ نافِعٍ؛ قالَ: كانَ ابنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي مَكانِهِ الَّذِي صَلّى فِيهِ الفَرِيضَةَ.

باب: الـنَّهْيُ عَنِ الاخْتِصارِ فِـي الصَّلاةِ


٥٤٠. (خ م) (٥٤٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنَّهُ نَهى أن يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُختَصِرًا.
ورَوى (خ) عَن عائِشَةَ؛ كانَت تَكرَهُ أن يَجعَلَ يَدَهُ فِي خاصِرَتِهِ، وتَقُولُ: إنَّ اليَهُودَ تَفعَلُهُ.
-إنما كره الخصر في الصلاة، لأنه يشبه المختالين، والخصر أن يضع الرجل يديه على خاصرتيه، وفيه معنى الكبرياء، فلا يحل القليل منه، فكيف في الصلاة التي هي موضوعة للخشوع، والخيلاءُ والكبرُ ينافيان الخشوع (المهلب).
-الحكمة في النهي عنه بينها قوله: في البخاري عن عائشة: "أن ذلك فعل اليهود في صلاتهم"، وقد نهينا عن التشبه بهم في جميع أحوالهم، فهذا وجه حكمة النهي (ابن حجر).

باب: الـنَّهْيُ عَنِ الالتِفاتِ فِـي الصَّلاةِ


٥٤١. (خ) (٧٥١) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ الالتِفاتِ فِي الصَّلاةِ، فَقالَ: «هُوَ اختِلاسٌ يَختَلِسُهُ الشَّيطانُ مِن صَلاةِ العَبدِ».
-قوله: (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) ، هو حض على إحضار المصلي ذهنه, ونيته لمناجاة ربه، ولا يشتغل بأمر دنياه، وذلك أن العبد لا يستطيع أن يخلص صلاته من الفكر فى أمور دنياه؛ لأن الرسول قد أخبر أن الشيطان يأتي إليه في صلاته، فيقول له: اذكر كذا اذكر كذا؛ لأن موكل به في ذلك، وقد قال عليه السلام: "من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له" ، وهذا لمغالبته الإنسان، فمن جاهد شيطانه ونفسه وجبت له الجنة (المهلب).
-الشيطان يسترق من العبد فِي صلاته التفاته فيها, ويختطفه مِنْهُ اختطافاً حَتَّى يدخل عَلِيهِ بذلك نقص في صلاته وخلل ولم يأمره بالإعادة لذلك، فدل على أنه نقص لا يوجب الإعادة. (ابن رجب).
-الالتفات نوعان:
أحدهما: التفات القلب إلى غير الصلاة ومتعلقاتها.
والثاني: التفات الوجه بالنظر إلى غير ما فيه مصلحة الصلاة، والكلام هاهنا في ذلك (ابن رجب).

باب: الـنَّهْيُ عَنْ عَقْصِ الرَّأْسِ فِـي الصَّلاةِ


٥٤٢. (م) (٤٩٢) عَنِِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّهُ رَأى عَبدَ اللهِ بنَ الحارِثِ يُصَلِّي ورَأسُهُ مَعقُوصٌ مِن ورائِهِ، فَقامَ فَجَعَلَ يَحُلُّهُ، فَلَمّا انصَرَفَ أقبَلَ إلى ابْنِ عَبّاسٍ فَقالَ: ما لَكَ ورَأسِي؟ فَقالَ: إنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّما مَثَلُ هَذا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وهُوَ مَكتُوفٌ».
-الحكمة في النهي عنه أن الشعر يسجد معه ولهذا مثله بالذي يصلي وهو مكتوف.
-أن خبر الواحد مقبول (النووي).
-اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر، أو كمه، أو رأسه معقوص مربوط الشعر في الوسط أو مردود شعره تحت عمامته، أو نحو ذلك، فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء، وهو كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك فقد أساء، وصحت صلاته. (النووي).

باب: الـنَّهْيُ أنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ أمامَه أوْ عَنْ يَمِينِهِ فِـي الصَّلاةِ


٥٤٣. (خ م) (٥٥١) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا كانَ أحَدُكُم فِي الصَّلاةِ فَإنَّهُ يُناجِي رَبَّهُ فَلا يَبزُقَنَّ بَينَ يَدَيهِ، ولا عَن يَمِينِهِ، ولَكِن عَن شِمالِهِ تَحتَ قَدَمِهِ». وفي رواية (خ): «يُناجِي رَبَّه أو إنَّ رَبَّهُ بَينَهُ وبَينَ القِبلَةِ ...».
ورَوى (خ) عَن أبِي هُريرة نحوه، وفِيه: «... ولا عَن يَمِينِهِ، فِإنَّ عَن يَمِينِهِ مَلَكًا».
ورَوى (م) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ؛ وفِيهِ: «ما بالُ أحَدِكُم يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ، فَيَتَنَخَّعُ أمامَه؟! أيُحِبُّ أحَدُكُم أن يُسْتَقْبل فَيُتَنَخَّعَ فِي وجههِ؟».
-فيه دليل على أن المصلي لا يكون عن يساره ملك؛ لأنه لا يجد مما يكتب لكونه في طاعة؛ لأنه علل منع البصاق على اليمين لكون الملك هناك, وأباحه على اليسار (القاضي عياض).
-فإنه يناجي ربه: إشارة إلى إخلاص القلب وحضوره وتفريغه لذكر الله تعالى وتمجيده وتلاوة كتابه وتدبره (النووي).

٥٤٤. (خ م) (٥٤٧) عَنِ ابْنِ عُمرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَأى بُصاقًا فِي جِدار القِبلَةِ فحكَّهُ، ثُمَّ أقبَلَ عَلى النّاسِ فَقالَ: «إذا كانَ أحَدُكُم يُصَلِّي فَلا يَبصُق قِبَلَ وجهِهِ، فِإنَّ اللهَ قِبَلَ وجهِهِ إذا صَلّى».
-أما حكه ﷺ البصاق من القبلة ففيه دليل على تنزيه المساجد من كل ما يستقذر ويستسمج وإن كان طاهرا ؛ لأن البصاق طاهر ولو كان نجسا لأمر بغسل أثره. (ابن عبد البر).
-وفي هذا دليل على أن للمصلي أن يبصق وهو في الصلاة إذا لم يبصق قبل وجهه ولا عن يمينه, ولا يقطع ذلك صلاته ولا يعيدها (ابن عبد البر).
-البيان بالفعل بعد القول، وهو أوقع في نفس السامع (د. موسى شاهين).
-الحث على الاستكثار من الحسنات وإن كان صاحبها مليًا، لكونه ﷺ باشر الحك بنفسه وهو دال على عظم تواضعه، زاده الله تشريفًا وتعظيمًا ﷺ (د. موسى شاهين).

باب: ما يَجُوزُ مِنَ العَمَلِ فِـي الصَّلاةِ


٥٤٥. (خ م) (٥٤١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ عِفرِيتًا مِن الجِنِّ جَعَلَ يَفتِكُ عَلَيَّ البارِحَةَ لِيَقطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ، وإنَّ اللهَ أمكَنَنِي مِنهُ فَذَعَتُّهُ، فَلَقَد هَمَمتُ أن أربِطَهُ إلى جَنبِ سارِيَةٍ مِن سَوارِي المَسْجِدِ حَتّى تُصبِحُوا تَنظُرُونَ إلَيهِ أجمَعُونَ أو كُلُّكُم، ثُمَّ ذَكَرتُ قَولَ أخِي سُلَيمانَ: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وهَبْ لِي مُلْكًا لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي﴾، فَرَدَّهُ اللهُ خاسِئًا».
وفي رواية (خ): «تَفَلَّتَ عَلَيَّ البارِحَةَ». وفي رواية (خ): «إنَّ الشَّيطانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عليَّ ..».
-في خنق النبي ﷺ له في الصلاة دليل على جواز العمل الخفيف فيها لا سيما لإصلاحها، وهو مثل مدافعة من يقطع عليه الصلاة (النووي).

٥٤٦. (خ م) (٥٤٣) عَنْ أبِي قَتادَةَ الأَنْصارِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يُصَلِّي وهُوَ حامِلٌ أُمامَةَ بِنتَ زَينَبَ بِنتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ولِأَبِي العاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَإذا قامَ حَمَلَها وإذا سَجَدَ وضَعَها. وفي رواية (م): رَأَيتُ النَّبِيَّ ﷺ يَؤُمُّ النّاسَ ...، وفِي رِوايَةِ (م): بَيْنا نَحْنُ فِي المَسْجِدِ... نَحْوُهُ.
-في الحديث دليل واضح على حسن معاملة الإسلام للإناث (د. موسى شاهين).
-وكأن السر في حمله ﷺ أمامة في الصلاة أن يدفع ما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن، فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم. (الفكهاني).
-استدل به على جواز إدخال الصبيان في المساجد (د.موسى شاهين)
-وأن الصلاة لا تبطل بحمل آدمي (د.موسى شاهين).
-فيه تواضعه ﷺ وشفقته على الأطفال وإكرامه لهم جبرًا لهم ولوالديهم (د.موسى شاهين).

٥٤٧. (خ م) (٥٤٦) عَنْ مُعَيْقِيبٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرابَ حَيثُ يَسجُدُ؛ قالَ: «إن كُنتَ فاعِلًا فَواحِدَةً».
-هذا من باب العمل في الصلاة، وقليل ذلك معفو عنه. (المهلب).

٥٤٨. (خ م) (٦٢٠) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: كُنّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي شِدَّةِ الحَرِّ، فَإذا لَم يَستَطِع أحَدُنا أن يُمَكِّنَ جَبهَتَهُ مِن الأَرضِ بَسَطَ ثَوبَهُ فَسَجَدَ عَلَيهِ.
-فيه دليل على جواز استعمال الثياب وغيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض لاتقائه بذلك حر الأرض وبردها (ابن دقيق العيد).
-فيه دليل على أن مباشرة ما باشر الأرض بالجبهة واليدين هو الأصل، فإنه علق بسط الثوب بعدم الاستطاعة (ابن دقيق العيد)
-جواز العمل القليل في الصلاة ومراعاة الخشوع فيها لأن الظاهر أن صنيعهم ذلك لإزالة التشويش العارض من حرارة الأرض (العظيم آبادي).

٥٤٩. (م) (٥٤٢) عَنْ أبِي الدَّرْداءِ ﵁ قالَ: قامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَسَمعناه يَقُولُ: «أعُوذُ بِاللهِ مِنكَ»، ثُمَّ قالَ: «ألعَنُكَ بِلَعنَةِ اللهِ»، ثَلاثًا، وبَسَطَ يَدَهُ كَأَنَّهُ يَتَناوَلُ شَيئًا، فَلَمّا فَرَغَ مِنَ الصَّلاةِ قُلنا: يا رَسُولَ اللهِ؛ قَد سَمِعناكَ تَقُولُ فِي الصَّلاةِ شَيئًا لَم نَسمَعكَ تَقُولُهُ قَبلَ ذَلكَ، ورَأَيناكَ بَسَطتَ يَدَكَ. قالَ: «إنَّ عَدُوَّ اللهِ إبلِيسَ جاءَ بِشِهابٍ مِن نارٍ لِيَجعَلَهُ فِي وجهِي، فَقُلتُ: أعُوذُ بِاللهِ مِنكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ، ثُمَّ قُلتُ: ألعَنُكَ بِلَعنَةِ اللهِ التّامَّةِ، فَلَم يَستَأخِر ثَلاثَ مَرّاتٍ، ثُمَّ أرَدتُ أخذَهُ، واللهِ لَولا دَعوَةُ أخِينا سُلَيمانَ لأَصبَحَ مُوثَقًا يَلعَبُ بِهِ وِلدانُ أهلِ المَدِينَةِ».
-فسمعناه يقول أعوذ بالله منك: إظهار الغاية الخوف والافتقار إلى الله تعالى والاحتياج إلى دوام فضله وعصمته (المباركفوري).
-دليل جواز الدعاء لغيره وعلى غيره بصيغة المخاطبة (النووي).
- امتنع ﷺ من إمساكه من أجل دعوة سليمان - عليه السلام - وهذا فيه عظيم أدب الرسول ﷺ , وتوقيره لإخوانه من الأنبياء عليهم السلام.

٥٥٠. (م) (٢٢٠٣) عَنْ عُثْمانَ بْنِ أبِي العاصِ ﵁؛ أنَّهُ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ الشَّيطانَ قَد حالَ بَينِي وبَينَ صَلاتِي وقِراءَتِي يَلبِسُها عَلَيَّ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ذاكَ شَيطانٌ يُقالُ لَهُ: خِنزَبٌ، فَإذا أحسَستَهُ فَتَعَوَّذ بِاللهِ مِنهُ، واتفُل عَلى يَسارِكَ ثَلاثًا». قالَ: فَفَعَلتُ ذَلكَ فَأَذهَبَهُ اللهُ عَنِّي.
-استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته مع التفل عن اليسار ثلاثا (النووي).

٥٥١. (خ) (١٢١١) عَنِ الأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ قالَ: كُنّا بِالأهوازِ نُقاتِلُ الحَرُورِيَّةَ، فَبَينا أنا عَلى جُرُفِ نَهَرٍ إذا رَجُلٌ يُصَلِّي، وإذا لِجامُ دابَّتِهِ بِيَدِهِ، فَجَعَلَت الدّابَّةُ تُنازِعُهُ وجَعَلَ يَتبَعُها قالَ شُعبَةُ: هُوَ أبُو بَرزَةَ الأسلَمِيُّ فَجَعَلَ رَجُلٌ مِن الخَوارِجِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ افعَل بِهَذا الشَّيخِ. فَلَمّا انصَرَفَ الشَّيخُ قالَ: إنِّي سَمِعتُ قَولَكُم، وإنِّي غَزَوتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ سِتَّ غَزَواتٍ أو سَبعَ غَزَواتٍ أوَثَمانِيَ، وشَهِدتُ تَيسِيرَهُ، وإنِّي أن كُنتُ أن أُراجِــعَ مَعَ دابَّتِي أحَبُّ إلَيَّ مِن أن أدَعَها تَرجِعُ إلى مَألَفِها فَيَشُقُّ عَلَيَّ. وفي رواية: قال: إنَّ مَنزِلِي مُتَراخٍ، فَلَو صَلَّيتُ وتَرَكتُهُ لَم آتِ أهلِي إلى اللَّيلِ.
-والحديث دلّ على جواز قطع الصلاة إذا عرض فيها عارض يشق على الإنسان تداركه إذا مضى في صلاته (الكوراني).

باب: مَن حَدَّثَ نَفْسَهُ فِـي الصَّلاةِ


٥٥٢. (خ) (١٢٢١) عَنْ عُقبَةَ بْنِ الحارِثِ ﵁ قالَ: صَلَّيتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ العَصرَ، فَلَمّا سَلَّمَ قامَ سَرِيعًا، دَخَلَ عَلى بَعضِ نِسائِهِ، ثُمَّ خَرَجَ، ورَأى ما فِي وُجُوهِ القَومِ مِن تَعَجُّبِهِم لِسُرعَتِهِ، فَقالَ: «ذَكَرتُ وأَنا فِي الصَّلاةِ تِبرًا عِندَنا، فَكَرِهتُ أن يُمسِيَ أو يَبِيتَ عِندَنا، فَأَمَرتُ بِقِسمَتِهِ». وفي رواية: «تِبرًا مِن الصَّدَقَةِ ...»
-فإن مال الصدقة تشرع المبادرة بقسمته بين أهله ومستحقيه، فكان من شدة اهتمام النَّبيّ ﷺ بذلك يتذكره في صلاته، فيقوم عقب ذَلِكَ مسرعا حتَّى يقسمه بين أهله.
-هذا كله من اجتماع العبادات وتداخلها، وليس هو من باب حديث النفس المذموم (ابن رجب).
-في الحديث: المسارعة للخير، والمبادرة بالطاعات, والحذر من التراخي والتأجيل فيها ؛ فهو مما يوهن النفس, وقد ينشغل المسلم بعمل غيره فيتثاقل ما كان مقبلاً عليه, ويكسل عما كان نشيطاً له من الخير.

باب: لا صَلاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعامِ


٥٥٣. (خ م) (٥٥٧) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا قُرِّبَ العَشاءُ وحَضَرَت الصَّلاةُ فابدَؤُوا بِهِ قَبلَ أن تُصَلُّوا صَلاةَ المَغرِبِ، ولا تَعجَلُوا عَن عَشائِكُم».
ولَهما عَن ابْنِ عُمرَ نَحوُهُ، وفِيهِ: «ولا يَعجَلنَّ حتّى يَفرُغَ منه». وفي رواية (خ): «إذا وُضِعَ العَشاءُ وأُقِيمَتْ الصَّلاةُ فابْدَءُوا بِالعَشاءِ». وفي رواية (خ): «حَتى يَقضِيَ حاجَتَهُ مِنهُ». زادَ (خ): وكانَ ابنُ عُمَرَ يُوضَعُ لَهُ الطَّعامُ، وتُقامُ الصَّلاةُ، فَلا يَأتِيها حَتّى يَفرُغَ، وإنَّهُ لَيَسمَعُ قِراءَةَ الإمامِ.
-في هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله؛ لما فيه من اشتغال القلب به, وذهاب كمال الخشوع, ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع. (النووي).
-أنه يستحب تقديم الطعام على الصلاة ليليةً كانت أو نهارية؛ لأنّ النبي ﷺ أمر بذلك, وأمره ﷺ بذلك يقتضي الاستحباب عند الجمهور (ابن رجب).

٥٥٤. (م) (٥٦٠) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّها سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لا صَلاةَ بِحَضرَةِ الطَّعامِ، ولا هُوَ يُدافِعُهُ الأَخبَثانِ».
-الصلاة مناجاة من العبد للرب، والتلذذ بالمناجاة يقتضي التفرغ لها من كل الشواغل النفسية المقدور عليها، وكلما صفت المناجاة من هذه الشوائب كان القلب أخشع, والجزاء أجزل (موسى شاهين).
-استدل بالحديث على تقديم فضيلة الخشوع في الصلاة على فضيلة أول الوقت. (موسى شاهين).

باب: السَّهْوُ فِـي الصَّلاةِ والأَمْرُ بِالسُّجُودِ فِيهِ


٥٥٥. (خ م) (٥٧٠) عَنْ عَبْدِ اللهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ ﵁ قالَ: صَلّى لَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ مِن بَعضِ الصَّلَواتِ، ثُمَّ قامَ فَلَم يَجلِس فَقامَ النّاسُ مَعَهُ، فَلَمّا قَضى صَلاتَهُ ونَظَرنا تَسلِيمَهُ كَبَّرَ فَسَجَدَ سَجدَتَينِ وهُوَ جالِسٌ قَبلَ التَّسلِيمِ، ثُمَّ سَلَّمَ.
-بحسب الإنسان أن يقبل على صلاته بقلبه ونيته، يريد بذلك وجه الله تعالى، ولا طاقة له بما اعترضه من الخواطر (ابن بطال).
-التفكير أمر غالب لا يمكن الاحتراز عنه في الصلاة ولا في غيرها، لما جعل الله للشيطان من السبيل على الإنسان، ولكن إن كان في أمر أخروي ديني فهو أخف مما يكون في أمر دنيوي (المهلب).
-استدل بقيام الناس معه ﷺ تاركين التشهد الوسط على أن متابعة الإمام عند القيام من هذا الجلوس واجبة (موسى شاهين).
-في هذا الحديث بيان أن أحدا لا يسلم من الوهم والنسيان؛ لأنه إذا اعترى ذلك الأنبياء فغيرهم بذلك أحرى، وقد يكون ذلك منه عليه السلام ليشرع لأمته كما جاء عنه "إني لأنسى, أو أنسي؛ لأسُنّ". (ابن عبد البر).

٥٥٦. (خ م) (٥٧٢) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: صَلّى رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَلَمّا سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أحَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيءٌ؟ قالَ: «وما ذاكَ؟» قالُوا: صَلَّيتَ كَذا وكَذا. قالَ: فَثَنى رِجلَيهِ، واستَقبَلَ القِبلَةَ، فَسَجَدَ سَجدَتَينِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أقبَلَ عَلَينا بِوَجهِهِ فَقالَ: «إنَّه لَو حَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيءٌ أنبَأتُكُم بِهِ، ولَكِن إنَّما أنا بَشَرٌ أنسى كَما تَنسَونَ، فَإذا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وإذا شَكَّ أحَدُكُم فِي صَلاتِهِ فَليَتَحَرَّ الصَّوابَ فَليُتِمَّ عَلَيهِ، ثُمَّ لِيَسجُد سَجدَتَينِ». لَفظُ (خ): «... فليُتِمَّ عَلَيهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّم، ثم يَسجُدُ سَجدَتَينِ».
وفي رواية: صَلّى الظُّهرَ خَمسًا. وفي رواية: «إذا زادَ الرَّجُلُ أو نَقَصَ فَليَسجُد سَجدَتَينِ».
وفي رواية (م): عَنهُ؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَجَدَ سَجدَتَي السَّهوَ بَعدَ السَّلامِ والكَلامِ. وفِي رِوايَةِ (م): فَلَمّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ القَوْمُ بَيْنَهُمْ.
-في هذا الحديث: إخبار منه ﷺ أنه بشر، ينسى كما ينسى البشر، وذلك من لطف الله عز وجل بعباده، ليكون لهم قدوة في كل شيء حتى في ذلك.
-دليل على التحري في عدد الركعات. (ابن هبيرة).
فوائد سلوكية :
- لا يمنع القائد مكانته من الاستماع لمن تحته وأن يستجيب لنصحهم وتذكيرهم له إذا نَسِي.

٥٥٧. (خ م) (٥٧٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: صَلّى بِنا رَسُولُ اللهِ ﷺ إحدى صَلاتَي العَشِيِّ، إمّا الظُّهرَ وإمّا العَصرَ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أتى جِذعًا فِي قِبلَةِ المَسْجِدِ فاستَنَدَ إلَيها مُغضَبًا، وفِي القَومِ أبُو بَكرٍ وعُمَرَ، فَهابا أن يَتَكَلَّما، وخَرَجَ سَرَعانُ النّاسِ: قُصِرَت الصَّلاةُ. فَقامَ ذُو اليَدَينِ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أقُصِرَت الصَّلاةُ أم نَسِيتَ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ يَمِينًا وشِمالًا فَقالَ: «ما يَقُولُ ذُو اليَدَينِ؟» قالُوا: صَدَقَ، لَم تُصَلِّ إلا رَكْعَتَيْنِ. فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ وسَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ وسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ ورَفَعَ، قالَ: وأُخبِرتُ عَن عِمرانَ بْنِ حُصَينٍ أنَّهُ قالَ: وسَلَّمَ. زادَ (خ): فَقامَ إلى خَشَبَةٍ مَعْرُوضَةٍ فِي المَسْجِدِ، فاتَّكَأَ عَلَيْها كَأَنَّه غَضْبانُ، ووَضَعَ يَدَهُ اليُمْنى عَلى اليُسْرى، وشَبَّكَ بَيْنَ أصابِعِهِ، ووَضَعَ خَدَّهُ الأَيْمَنَ عَلى ظَهْرِ كَفِّهِ اليُسْرى.
ورَوى (م) عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ صلى العَصرَ، فَسَلَّمَ فِي ثَلاثِ رَكَعاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ مَنزِلَهُ، فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ يُقالُ لَـه: الخِرْباقُ، وكانَ فِي يَدِهِ طُولٌ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ فَذَكَرَ لَـه صَنِيعَهُ، وخَرَجَ غَضبانَ يَجُرُّ رِداءَهُ حَتى انتَهى إلى النّاسِ فَقالَ: «أصَدَقَ هَذا؟» قالُوا: نَعَم. فَصَلّى رَكَعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجدَتَينِ، ثُمَّ سَلَّمَ.
-فيه من الفقه: أن من سلم وقد بقي عليه من صلاته أتى بما بقي وسلم، ثم سجد للسهو بعد السلام (ابن هبيرة).
-وفيه إقبال الإمام على الجماعة بعد الصلاة.
-فيه ما كان عليه الصحابة من عظيم الأدب مع رسول الله ﷺ.
-ومن قوله "فهابا أن يكلماه" زيادة التوقير والاحترام والتقدير والهيبة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لمقام رسول الله ﷺ.
-أن السلام ونية الخروج من الصلاة سهوًا لا يقطع الصلاة.
-"أقصرت الصلاة أم نسيت" دليل على ورع الصحابة، إذ لم يجزموا بوقوع شيء بغير علم.
- وفيه جواز التعريف باللقب "ذي اليدين".
- وحاصله أن اللقب إن كان مما يعجب الملقّب ولا إطراء فيه مما يدخل في نهي الشرع فهو جائز أو مستحب, وإن كان مما لا يعجبه فهو حرام أو مكروه, إلا إن تعيّن طريقا إلى التعريف به حيث يشتهر به ولا يتميز عن غيره إلا بذكره, ومن ثم أكثر الرواة من ذكر الأعمش والأعرج ونحوهما, وعارم وغندر وغيرهم, والأصل فيه "حديث ذي اليدين". ( ابن حجر ).
-وفيه العمل بالاستصحاب، وأن الأصل بقاء الأحكام على ما قررت عليه، لأن ذا اليدين استصحب حكم الإتمام، فسأل، مع كون أفعال النبي ﷺ للتشريع، والأصل عدم السهو، والوقت قابل للنسخ، وبقية الصحابة ترددوا بين الاستصحاب وتجويز النسخ فسكتوا. (موسى شاهين).

٥٥٨. (م) (٥٧١) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا شَكَّ أحَدُكُم فِي صَلاتِهِ فَلَم يَدرِ كَم صَلّى؛ ثَلاثًا أم أربَعًا؟ فَليَطرَحِ الشَّكَّ، وليَبنِ عَلى ما استَيقَنَ، ثُمَّ يَسجُدُ سَجدَتَينِ قَبلَ أن يُسَلِّمَ، فَإن كانَ صَلّى خَمسًا شَفَعنَ لَهُ صَلاتَهُ، وإن كانَ صَلّى إتمامًا لأَربَعٍ كانَتا تَرغِيمًا لِلشَّيطانِ».
-وقد دلت هذه الأحاديث على أن من شك في عدد صلاته، فإنه ليس عليه إعادتها، ولا تبطل صلاته بمجرد شكه، بل يسجد سجدتي السهو بعد بنائه على يقينه أو تحريه، وهو قول جمهور العلماء (ابن رجب).

باب: صَلاةُ القاعِدِ


٥٥٩. (م) (٧٣٥) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄ قالَ: حُدِّثتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «صَلاةُ الرَّجُلِ قاعِدًا نِصفُ الصَّلاةِ». قالَ: فَأَتَيتُهُ، فَوَجَدتُهُ يُصَلِّي جالِسًا، فَوَضَعت يَدِي عَلى رَأسِهِ، فَقالَ: «ما لَكَ يا عَبدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو؟» قُلتُ: حُدِّثتُ يا رَسُولَ اللهِ أنَّكَ قُلتَ: «صَلاةُ الرَّجُلِ قاعِدًا عَلى نِصفِ الصَّلاةِ». وأَنتَ تُصَلِّي قاعِدًا. قالَ: «أجَل، ولَكِنِّي لَستُ كَأَحَدٍ مِنكُم».
-هذا الحديث محمول على صلاة النفل قاعداً مع القدرة على القيام، فهذا له نصف ثواب القائم.
-(ولكني لست كأحد منكم) : هذا من خصائصه - ﷺ - فجعلت نافلته قاعداً مع القدرة على القيام كنافلته قائماً تشريفاً له، كما خُصّ بأشياء معروفة (النووي).

٥٦٠. (م) (٧٣٣) عَنْ حَفْصَةَ ﵂ قالَت: ما رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ صَلّى فِي سُبحَتِهِ قاعِدًا، حَتّى كانَ قَبلَ وفاتِه بِعامٍ، فَكانَ يُصَلِّي فِي سُبحَتِهِ قاعِدًا، وكانَ يَقرَأُ بِالسُّورةِ فَيُرَتِّلُها حَتّى تَكُونَ أطوَلَ مِن أطوَلَ مِنها.
-في هذا الحديث أن رسول الله ﷺ كان يعمل النافلة قائما ؛ لأنه أعظم أجرا , فلما شق عليه القيام الطويل دخل فيما أباح الله له
-دليل على أن السبحة اسم لصلاة النافلة .
-دليل على أن قراءة رسول الله ﷺ كانت ترتيلا لا هذّا . (ابن عبد البر).

٥٦١. (خ) (١١١٦) عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ قالَ: سَأَلَتُ رَسُولَ اللهَ ﷺ عَن صَلاةِ الرَّجُلِ وهُو قاعِدٌ، فَقالَ: «مَن صلّى قائِمًا فَهُو أفضَلُ، ومَن صَلّى قاعِدًا فَلَه نِصفُ أجرِ القائِمِ، ومَن صَلّى نائمًا فَلَهُ نِصفُ أجرِ القاعِدِ».
-الحديث وارد في صلاة التطوع، لأن أداء الفرائض قاعداً مع القدرة على القيام لا يجوز، فإن صلى القادر صلاة التطوع قاعداً، فله نصف أجر القائم. قال سفيان الثوري: أما من له عذر من مرض أو غيره، فصلى جالساً، فله مثل أجر القائم. (الطيبي).

باب: صَـلاةُ الـمَـرِيـضِ


٥٦٢. (خ) (١١١٧) عَنْ عِمْرانَ قالَ: كانَت بِي بَواسِيرُ، فَسَألَتُ النَّبيَّ ﷺ عَنِ الصَّلاةِ، فَقالَ: «صَلِّ قائمًا، فِإن لَم تَستَطِع فَقاعِدًا، فَإن لَم تَستَطِع فَعَلى جَنبٍ».
-هذا الحديث في صلاة الفريضة، والعلماء مجمعون أنه يصليها كما يقدر حتى ينتهى به الأمر إلى الإيماء على ظهره, أو على جنبه كيفما تيسر عليه، فإن صلى على جنبه كان وجهه إلى القبلة على حسب دفن الميت، وإن صلى على ظهره كانت رجلاه في قبلته ويومئ برأسه إيماء (ابن بطال).
-الحديث دليل على صفة قعود المصلي إذا كان له عذر عن القيام. (ابن حجر).

٥٦٣. (خ) (٢٩٩٦) عَنْ أبِي بُرْدَةَ؛ واصطَحَبَ هُوَ ويَزِيدُ بنُ أبِي كَبشَةَ فِي سَفَرٍ، فَكانَ يَزِيدُ يَصُومُ فِي السَّفَرِ، فَقالَ لَهُ أبُو بُردَةَ: سَمِعتُ أبا مُوسى مِرارًا يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا مَرِضَ العَبدُ أو سافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثلُ ما كانَ يَعمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا».
-ما كان عليه سلف هذه الأمة من إتباع السنة وإرشاد الناس إليها.
-المذاكرة في العلم والعناية بالأدلة.
-إثبات كتابة أعمال العباد.
-أن العبد المسلم إذا كان يعمل عملا في حال صحته فمنعه المرض كتب له مثل عمله في حال الصحة.
-أن المسافر يكتب له مثل ما كان يعمل في حال الإقامة كذلك.
-تفضل الله على عباده وإنعامه عليهم بإثابتهم على ما فعلوه من الخير وما لم يتمكنوا من فعله.
-بيان ضعف المخلوق وأنه لا يخرج عن كونه عبداً لله, وأحد هذه مظاهر ضعف العبد طروء المرض عليه.
-الترغيب في المداومة على الطاعة في الصحة والإقامة ليحظي العبد في ثواب فيهما وفي حال المرض والسفر(عبدالمحسن العباد).

باب: سُجُودُ القُرْآنِ


٥٦٤. (خ م) (٥٧٧) عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ ﵁ قالَ: (لا قِراءَةَ مَعَ الإمامِ فِي شَيءٍ.) وزَعَمَ أنَّهُ قَرَأَ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ: ﴿والنَّجْمِ إذا هَوى، فَلَم يَسجُد.
-الجمهور على إثبات سجدة النجم، وقالوا في حديث زيد بن ثابت: إنه محمول على بيان جواز ترك السجود، وأنه سنة ليس بواجب. (موسى شاهين).

٥٦٥. (خ م) (٥٧٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَقرَأُ القُرآنَ، فَيَقرَأُ سُورَةً فِيها سَجدَةٌ، فَيَسجُدُ ونَسجُدُ مَعَهُ، حَتّى ما يَجِدُ بَعضُنا مَوضِعًا لِمَكانِ جَبهَتِهِ.
-فيه إثبات سجود التلاوة وقد أجمع العلماء عليه وهو عندنا وعند الجمهور سنة ليس بواجب. (النووي).

٥٦٦. (خ م) (٥٧٨) عَنْ أبِي رافِعٍ ﵁ قالَ: صَلَّيتُ مَعَ أبِي هُرَيْرَةَ صَلاةَ العَتَمَةِ فَقَرَأَ: ﴿إذا السَّماءُ انشَقَّتْ﴾، فَسَجَدَ فِيها، فَقُلتُ لَهُ: ما هَذِهِ السَّجدَةُ؟ فَقالَ: سَجَدتُ بِها خَلفَ أبِي القاسِمِ ﷺ، فَلا أزالُ أسجُدُ بِها حَتّى ألقاهُ.
وفِي رِوايةِ (م): سَجَدنا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي: ﴿إذا السَّماءُ انشَقَّتْ﴾ و﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾.
-في هذا الحديث ما يدل على أن هذه السجدة من سجدات القرآن، فالحديث حجة على من لا يرى أن في المُفصّل سجدة. (ابن هبيرة).

٥٦٧. (خ م) (٥٧٦) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قَرَأَ: ﴿والنَّجْمِ﴾ فَسَجَدَ فِيها، وسَجَدَ مَن كانَ مَعَهُ، غَيرَ أنَّ شَيخًا أخَذَ كَفًّا مِن حَصًى أو تُرابٍ، فَرَفَعَهُ إلى جَبهَتِهِ وقالَ: يَكفِينِي هَذا. قالَ عَبدُ اللهِ: لَقَد رَأَيتُهُ بَعدُ قُتِلَ كافِرًا.
وفي رواية (خ): عَنْهُ قالَ: أوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَت فِيها سَجدَةٌ ﴿والنَّجْمِ﴾ ... وفِيها: وهُوَ أُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ.
ورَوى (خ) عَن ابْنِ عَبّاسٍ؛ أنَّ النَّبيَّ ﷺ سَجَدَ بِالنَّجمِ، وسَجَدَ مَعَهُ المُسلِمُونَ والمُشرِكُونَ، والجِنُّ والإنسُ.
-تكبر ذلك الكافر، ورفعه الحصى إلى جبهته، لجهله وعمهه، فأذله الله في الدنيا بأن قتل كافرًا، واتصل ذلك الإذلال إلى الآخرة.
-كان سبب سجودهم - فيما قال ابن مسعود - أنها كانت أول سورة نزلت فيها سجدة (القاضي عياض).
-واستدل به على جواز السجود بلا وضوء (المباركفوري).

٥٦٨. (خ) (١٠٦٩) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: ﴿ص﴾ لَيسَ مِن عَزائِم السُّجُودِ، وقَد رَأَيتُ النَّبِي ﷺ يَسجُدُ فِيها.
-ليس من عزائم السجود يعني ليس من السجدات المأمور بها، والعزيمة في الأصل عقد القلب على الشيء، ثم استعمل لكل أمر محتوم (الكرماني).
-وإنما أتى بها ﷺ موافقة لأخيه داود عليه السلام وشكراً لقبول توبته، فإنه روى عنه أنه قال: "سجدها أخي داود توبة، ونحن نسجدها شكراً " (الطيبي).

٥٦٩. (خ) (١٠٧٧) عَن رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ؛ عَمّا حَضَرَ رَبِيعَةُ مِن عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ ﵁: قَرَأَ يَومَ الجُمُعَةِ عَلى المِنبَرِ بِسُورَةِ النَّحلِ، حَتّى إذا جاءَ السَّجدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وسَجَدَ النّاسُ، حَتّى إذا كانَت الجُمُعَةُ القابِلَةُ قَرَأَ بِها، حَتّى إذا جاءَ السَّجدَةَ قالَ: يا أيُّها النّاسُ؛ إنّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَن سَجَدَ فَقَد أصابَ، ومَن لَم يَسجُد فَلا إثمَ عَلَيهِ. ولَم يَسجُد عُمَرُ ﵁.
-فيه أنه يستحب للعالم أن يترك الأفضل في وقت ليعلم الناس أن ذلك ليس بواجب. (ابن هبيرة).

باب: القُنُوتُ فِـي صَلاةِ الصُّبْحِ


٥٧٠. (خ م) (٦٧٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُولُ حِينَ يَفرُغُ مِن صَلاةِ الفَجرِ مِن القِراءَةِ، ويُكَبِّرُ ويَرفَعُ رَأسَهُ: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ، رَبَّنا ولَكَ الحَمدُ»، ثُمَّ يَقُولُ وهُوَ قائِمٌ: «اللَّهُمَّ أنجِ الوَلِيدَ بنَ الوَلِيدِ وسَلَمَةَ بنَ هِشامٍ وعَيّاشَ بنَ أبِي رَبِيعَةَ والمُستَضعَفِينَ مِن المُؤمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشدُد وطأَتَكَ عَلى مُضَرَ، واجعَلها عَلَيهِم كَسِنِي يُوسُفَ، (اللَّهُمَّ العَن لِحيانَ ورِعلًا وذَكوانَ وعُصَيَّةَ عَصَت اللهَ ورَسُولَهُ». ثُمَّ بَلَغَنا) أنَّهُ تَرَكَ ذَلكَ لَمّا أُنزِلَ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإنَّهُمْ ظالِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٨].
وفي رواية (خ) أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «غِفارُ غَفَرَ اللَّهُ لَها وأَسلَمُ سالَمَها اللَّهُ». قالَ ابنُ أبِي الزِّنادِ عَن أبِيهِ: هَذا كُلُّهُ فِي الصُّبحِ.
وفي رواية (خ): فِي الرَّكعَةِ الآخِرَةِ مِن صَلاةِ العِشاءِ قَنَتَ: «اللَّهُمَّ أنجِ عَيّاشَ بنَ أبِي رَبِيعَةَ ...». وفي روايةَ (خ): أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا أرادَ أنْ يَدْعُوَ عَلى أحَدٍ أوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ.
-هذه الأحاديث تدل على مشروعية القنوت عند نزول النوازل (ابن عبد البر).
-فيه مشروعية الجهر بالقنوت للنازلة.
-فيه أن الدعاء لقوم بأسمائهم وأسماء آباءهم لا يقطع الصلاة (المباركفوري).
فوائد سلوكية :
- التفاؤل بالأسماء والكلمات هدي نبوي, فمن هديه ﷺ التفاؤل بالكلمة الحسنة, والاسم الحسن, كما في هذا الحديث استبشر بالأسماء, فقال : "غفار غفر الله لهم, وأسلم سالمها الله", وفي حديث صلح الحديبية : " لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَقَدْ " سَهُلَ لكمْ مِنْ أَمْرِكُمْ ", فالمسلم يستبشر بالاسم الطيب, ويأنس به.

٥٧١. (خ م) (٦٧٧) عَنْ عاصِمٍ؛ عَن أنَسٍ؛ قالَ: سَأَلتُهُ عَنِ القُنُوتِ؛ قَبلَ الرُّكُوعِ أو بَعدَ الرُّكُوعِ؟ فَقالَ: قَبلَ الرُّكُوعِ، قالَ: قُلتُ: فَإنَّ ناسًا يَزعُمُونَ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَنَتَ بَعدَ الرُّكُوعِ. فَقالَ: إنَّما قَنَتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ شَهرًا يَدعُو عَلى أُناسٍ قَتَلُوا أُناسًا مِن أصحابِهِ يُقالُ لَهُم: القُرّاءُ. وفي رواية: قالَ: نَعَم، بَعدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا. وفي رواية: قالَ أنَسٌ: ما رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ وجَدَ عَلى سَرِيَّةٍ ما وجَدَ عَلى السَّبْعِين الَّذِينَ أُصِيبُوا يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ.
-في هذا الحديث دليل على استحباب الدعاء وتكريره وإظهاره؛ لأنه دال على يقين العبد المسلم بربه.
-وفي الحديث جواز أن يجد المؤمن على فقدان أخيه المؤمن استيحاشًا لفقده، وإن كان المفقود من أهل الجنة.

٥٧٢. (خ م) (٦٧٧) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: دَعا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلى الَّذِينَ قَتَلُوا أصحابَ بِئرِ مَعُونَةَ ثَلاثِينَ صَباحًا، يَدعُو عَلى رِعلٍ وذَكوانَ ولِحيانَ وعُصَيَّةَ عَصَت اللهَ ورَسُولَهُ، قالَ أنَسٌ: أنزَلَ اللهُ ﷿ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئرِ مَعُونَةَ قُرآنًا قَرَأناهُ حَتّى نُسِخَ بَعدُ: «أن بَلِّغُوا قَومَنا أن قَد لَقِينا رَبَّنا فَرَضِيَ عَنّا ورَضِينا عَنهُ». زادَ (خ) فِي رِوايَةٍ: وذَلِكَ بَدءُ القُنُوتِ وما كُنّا نَقنُتُ.

باب: القُنُوتُ فِـي صَلاةِ الفَرِيضَةِ


٥٧٣. (خ م) (٦٧٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: واللهِ لأُقَرِّبَنَّ بِكُم صَلاةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ. فَكانَ أبُو هُرَيْرَةَ يَقنُتُ فِي الظُّهرِ، والعِشاءِ الآخِرَةِ، وصَلاةِ الصُّبحِ، ويَدعُو لِلمُؤمِنِينَ ويَلعَنُ الكُفّارَ.
٥٧٤. (م) (٦٧٨) عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَقنُتُ فِي الصُّبحِ والمَغرِبِ. رَواهُ (خ) عَن أنَسٍ ﵁.

١ رفع البصر إلى السماء في الصلاة

٥/٠