كِتابُ التَّطَوُّعِ


باب: فِـي فَضْلِ رَكْعَتَيِ الفَجْرِ


٥٧٥. (خ م) (٧٢٤) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَم يَكُن عَلى شَيءٍ مِن النَّوافِلِ أشَدَّ مُعاهَدَةً مِنهُ عَلى رَكْعَتَيْنِ قَبلَ الصُّبحِ.
-فيه دليل على عِظَم فضلهما، وأنهما سنّتان، ليستا واجبتين، وبه قال جمهور العلماء (النووي).

٥٧٦. (خ م) (٧٢٣) عَنْ حَفْصَةَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا طَلَعَ الفَجرُ لا يُصَلِّي إلا رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَينِ. وفي رواية: إذا سَكَتَ المُؤَذِّنُ مِنَ الأَذانِ لِصَلاةِ الصُّبحِ وبَدا الصُّبحُ ...
٥٧٧. (خ م) (٧٢٤) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي رَكعَتَي الفَجرِ فَيُخَفِّفُ؛ حَتّى إنِّي أقُولُ: هَل قَرَأَ فِيهِما بِأُمِّ القُرآنِ؟.
فيه أن سنة الصبح لا يدخل وقتها إلا بطلوع الفجر، واستحباب تقديمها في أول طلوع الفجر، وتخفيفها وهو مذهب مالك والشافعي والجمهور، وقال بعض السلف: لا بأس بإطالتهما، ولعله أراد أنها ليست محرمة ولم يخالف في استحباب التخفيف. (النووي)

٥٧٨. (خ م) (٧٤٣) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا صَلّى رَكعَتَي الفَجرِ فَإن كُنتُ مُستَيقِظَةً حَدَّثَنِي وإلا اضطَجَعَ.
-أن صلاة النافلة الأفضل تصلى في البيوت (ابن الملقن).
-وفي تحديثه ﷺ لعائشة ﵂ بعد ركعتي الفجر دليل على جواز الكلام بعدهما، وإليه ذهب الجمهور (الشوكاني).
فوائد سلوكية : حسن عشرته ﷺ لزوجاته، وقربه منهن، وتأنيسه لهن.

٥٧٩. (م) (٧٢٥) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «رَكعَتا الفَجرِ خَيرٌ مِنَ الدُّنيا وما فِيها». وفي رواية: «لَهُما أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الدُّنيا جَمِيعًا».
-أي أن ثوابهما خير من كل ما يتنعم به في الدنيا ومتاعها.
-قال عمر: "هما أحب إليّ من حمر النعم"، وقال أبو هريرة: "لا تدع ركعتي الفجر ولو طرقتك الخيل". ( ابن بطال ).
أن إهمال من أهملهما على سهولتهما وعظم أجرهما وحث الشارع عليهما يدل على حرمانه من الخير العظيم. (عبد الله البسام - شرح بلوغ المرام).

باب: القِراءَةُ فِـي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ


٥٨٠. (م) (٧٢٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَرَأَ فِي رَكعَتَيِ الفَجرِ: ﴿قُلْ ياأَيُّها الكافِرُونَ﴾ و﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ﴾.
٥٨١. (م) (٧٢٧) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَقرَأُ فِي رَكعَتَيِ الفَجرِ فِي الأُولى مِنهُما: ﴿قُولُواْ آمَنّا بِاللَّهِ وما أُنزِلَ إلَيْنا﴾ [البقرة: ١٣٦] الآيَةَ الَّتِي فِي البَقَرَة، وفِي الآخِرَةِ مِنهُما: ﴿آمَنّا بِاللَّهِ واشْهَدْ بِأَنّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ٥٢].
وفي رواية: ... والَّتِي فِي آلِ عِمرانَ: ﴿تَعالَوْاْ إلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وبَيْنَكُمْ﴾ [آل عمران: ٦٤] الآيَةَ.

باب: فِـي صَلاةِ الضُّحى والوَصِيَّةِ بِها


٥٨٢. (خ م) (٧١٨) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: ما رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُصَلِّي سُبحَةَ الضُّحى قَطُّ، وإنِّي لأُسَبِّحُها، وإن كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَيَدَعُ العَمَلَ وهُوَ يُحِبُّ أن يَعمَلَ بِهِ خَشيَةَ أن يَعمَلَ بِهِ النّاسُ فَيُفرَضَ عَلَيهِم.
ورَوى (م) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قالَ: قُلتُ لِعائشةَ: هَل كانَ النَّبيُ ﷺ يُصَلِّي الضُّحى؟ قالَت: لا، إلّا أن يَجِيءَ مِن مَغِيبِهِ.
-أما الجمع بين حديثي عائشة في نفي صلاته ﷺ الضحى وإثباتها، فهو أن النبي ﷺ كان يصليها بعض الأوقات لفضلها، ويتركها في بعضها خشية أن تفرض كما ذكرته عائشة، ويتأول قولها "ما كان يصليها إلا أن يجيء من مغيبه" على أن معناه: "ما رأيته" كما قالت في الرواية الثانية ما رأيت رسول الله ﷺ يصلي سبحة الضحى، وسببه: أن النبي ﷺ ما كان يكون عند عائشة في وقت الضحى إلا في نادر من الأوقات فإنه قد يكون في ذلك مسافرا، وقد يكون حاضرا ولكنه في المسجد أو في موضع آخر، أو عند نسائه فإنما كان لها يوم من تسعة، وتكون قد علمت بخبره أو خبر غيره أنه صلاها. (النووي).

٥٨٣. (خ م) (٣٣٦) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي لَيْلى قالَ: ما أخبَرَنِي أحَدٌ أنَّهُ رَأى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي الضُّحى إلا أُمُّ هانِئٍ، فَإنَّها حَدَّثَت أنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ بَيتَها يَومَ فَتحِ مَكَّةَ فَصَلّى ثَمانِي رَكَعاتٍ، ما رَأَيتُه صَلّى صَلاةً قَطُّ أخَفَّ مِنها، غَيرَ أنَّهُ كانَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ والسُّجُودَ.
ورَوى (م) عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ الحارِثِ نَحوَهُ، وفِيه: قالَت: لا أدري؛ أقِيامُهُ فِيها أطوَلُ أم رُكُوعُهُ أم سُجُودُهُ؟ كُلُّ ذَلكَ مِنهُ مُتَقارِبٌ، قالَت: فَلَم أرَهُ سبَّحَها قَبلُ ولا بَعدُ.
-وفيه إشعار بالاعتناء بشأن الطمأنينة في الركوع والسجود؛ لأنه ﷺ خفف سائر الأركان من القيام والقراءة والتشهد، ولم يخفف من الطمأنينة في الركوع والسجود. (الطيبي).
وفيه العمل بخبر الواحد لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الله بن الحارث بن نوفل ذكرا أنهما لم يخبرهما أحد بذلك إلا أم هانئ، وهذا مذهب أهل السنة فلا يعتد بخلاف من خالف ذلك. (العيني).

٥٨٤. (خ م) (٧٢١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: أوصانِي خَلِيلِي ﷺ بِثَلاثٍ: بِصِيامِ ثَلاثَةِ أيّامٍ مِن كُلِّ شَهرٍ، ورَكعَتَي الضُّحى، وأَن أُوتِرَ قَبلَ أن أرقُدَ.
ورَوى (م) عَن أبِي الدَّرْداءِ نَحوَهُ، وفِيهِ: لَن أدَعَهُنَّ ما عِشتُ.
-قوله: «أوصاني خليلي» لا يخالف قوله ﷺ: «لو كنت متخذًا خليلًا من أمتي، لاتخذت أبا بكر» لأن الممتنع أن يتخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم غيرهَ خليلًا، ولا يمتنع أن يتخذ الصحابي وغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم خليلًا (ابن الملقن).
-الحث على الوتر قبل النوم. وهو محمول على من لا يستيقظ آخر الليل، فإن أمن فالتأخير أفضل. (ابن الملقن)
وصيام ثلاثة أيام قد وردت علته في الحديث: وهو تحصيل أجر الشهر، باعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها. (ابن دقيق العيد).

٥٨٥. (م) (٧٢٠) عَنْ أبِي ذَرٍّ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «يُصبِحُ عَلى كُلِّ سُلامى مِن أحَدِكُم صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وكُلُّ تَحمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وكُلُّ تَهلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وكُلُّ تَكبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وأَمرٌ بِالمَعرُوفِ صَدَقَةٌ، ونَهيٌ عَنِ المُنكَرِ صَدَقَةٌ، ويُجزِئُ مِن ذَلكَ رَكعَتانِ يَركَعُهُما مِنَ الضُّحى».
قوله: «ويُجزئُ من ذلك ركعتان من الضحى» : أي يكفي من هذه الصدقات عن هذه الأعضاء، إذ الصلاة عملٌ لجميع أعضاء الجسد، ففيه بيان عظيم فضل صلاة الضحى، وجسيم أجرها. (القاضي عياض)

٥٨٦. (م) (٧٤٨) عَنِ القاسِمِ الشَّيْبانِيِّ؛ أنَّ زَيدَ بنَ أرقَمَ ﵁ رَأى قَومًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحى، فَقالَ: أما لَقَد عَلِمُوا أنَّ الصَّلاةَ فِي غَيرِ هَذِهِ السّاعَةِ أفضَلُ، إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «صَلاةُ الأَوّابِينَ حِينَ تَرمَضُ الفِصالُ».
وفي رواية: عَن زَيْدٍ قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلى أهلِ قُباءٍ وهُم يُصَلُّونَ، فَقالَ ...
-فيه فضيلة الصلاة هذا الوقت، وهو أفضل وقت صلاة الضحى، وإن كانت تجوز من طلوع الشمس إلى الزوال. (النووي)
المراد عند ارتفاع الشمس واشتداد الحر، واستدل به على فضل تأخير الضحى إلى هذا الوقت، وإنما أضاف الصلاة في هذا الوقت للأوابين؛ لأن النفوس تميل فيه إلى الدعة والسكون والاستراحة فصرفها إلى الطاعة والاشتغال فيه بالصلاة أدب من يرد النفس إلى مرضاة الرب. (ابن الأثير)

٥٨٧. (م) (٧١٩) عَنْ مُعاذَةَ؛ أنَّها سَأَلَت عائِشَةَ ﵂؛ كَم كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي صَلاةَ الضُّحى؟ قالَت: أربَعَ رَكَعاتٍ ويَزِيدُ ما شاءَ.
٥٨٨. (خ) (٦٧٠) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ يَقُولُ: قالَ رَجُلٌ مِن الأَنصارِ: إنِّي لا أستَطِيعُ الصَّلاةَ مَعَكَ وكانَ رَجُلًا ضَخمًا فَصَنَعَ لِلنَّبِيِّ ﷺ طَعامًا فَدَعاهُ إلى مَنزِلِهِ، فَبَسَطَ لَهُ حَصِيرًا ونَضَحَ طَرَفَ الحَصِيرِ، فَصَلّى عَلَيهِ رَكْعَتَيْنِ، فَقالَ رَجُلٌ مِن آلِ الجارُودِ لأَنَسِ بْنِ مالِكٍ: أكانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي الضُّحى؟ قالَ: ما رَأَيتُهُ صَلاَّها إلا يَومَئِذٍ.
٥٨٩. (خ) (١١٧٥) عَنْ مُوَرِّقٍ قالَ: قلت: لابنِ عُمَرَ ﵄: أتُصَلِّي الضُّحى؟ قالَ: لا. قلت: فَعُمَرُ؟ قالَ: لا. قلت: فَأَبُو بَكرٍ؟ قالَ: لا. قلت: فالنَّبِيُّ ﷺ؟ قالَ: لا إخالُهُ.
-يجمع بين الأحاديث المختلفة في صلاتها: أن أقل ما يكون ركعتين؛ إذ هي أقل أعداد النوافل والفرائض، ثم كان يزيد فيها أحياناً ما شاء الله كما قالت عائشة، فيصليها مرة أربعاً، ومرة ستاً، ومرة ثمانياً، كما جاء في الحديث الآخر، ثم بين فضيلة الزيادة فيها إلى اثنتا عشرة ركعة، كما جاء عن أبى ذر، وأن كل أحد أخبر بما رأى وشاهد من ذلك دون ما لم يشاهد. (القاضي عياض).
هذه الأحاديث كلها متفقة لا اختلاف بينها عند أهل التحقيق، وحاصلها: أن الضحى سنة مؤكدة وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وبينهما أربع أو ست كلاهما أكمل من ركعتين ودون ثمان. (النووي).

باب: صَلاةُ الاسْتِخارَةِ ودُعاؤُها


٥٩٠. (خ) (١١٦٢) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعَلِّمُنا الاستِخارَةَ فِي الأُمُورِ كَما يُعَلِّمُنا السُّورَةَ مِن القُرآنِ، يَقُولُ: «إذا هَمَّ أحَدُكُم بِالأَمرِ فَليَركَع رَكْعَتَيْنِ مِن غَيرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُل: اللَّهُم إنِّي أستَخِيرُكَ بِعِلمِكَ، وأَستَقدِرُكَ بِقُدرَتِكَ، وأَسأَلُكَ مِن فَضلِكَ العَظِيمِ، فَإنَّكَ تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أعلَمُ، وأَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إن كُنتَ تَعلَمُ أنَّ هَذا الأَمرَ خَيرٌ لِي فِي دِينِي ومَعاشِي وعاقِبَةِ أمرِي أو قالَ: عاجِلِ أمرِي وآجِلِهِ فاقدُرهُ لِي ويَسِّرهُ لِي ثُمَّ بارِك لِي فِيهِ، وإن كُنتَ تَعلَمُ أنَّ هَذا الأَمرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي ومَعاشِي وعاقِبَةِ أمرِي أو قالَ: فِي عاجِلِ أمرِي وآجِلِهِ فاصرِفهُ عَنِّي واصرِفنِي عَنهُ، واقدُر لِي الخَيرَ حَيثُ كانَ ثُمَّ أرضِنِي، قالَ: ويُسَمِّي حاجَتَهُ». وفي رواية: «اللَّهُمَّ فَإن كُنتَ تَعلَمُ هَذا الأَمرَ ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَينِهِ خَيرًا لِي ...».
يجب على المؤمن رد الأمور كلها إلى الله، وصرف أزمتها والتبرؤ من الحول والقوة إليه، وينبغي له ألا يروم شيئًا من دقيق الأمور وجليلها حتى يستخير الله تعالى فيه، ويسأله أن يحمله فيه على الخير ويصرف عنه الشر، إذعانًا بالافتقار إليه في كل أمر, والتزامًا بالذلة والعبودية له، وتبركًا باتباع سنة نبيه في الاستخارة، ولذلك كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن؛ لشدة حاجتهم إلى الاستخارة في الحاجات كلها, كشدة حاجتهم إلى القراءة في كل الصلوات. (ابن الملقن - التوضيح).
"إذا هم أحدكم بالأمر" : أي قصد أمرًا مما لا يعلم وجه الصواب فيه، أما ما هو معروف خيره : كالعبادات وصنائع المعروف، فلا. نعم، قد يفعل ذلك لأجل وقتها المخصوص، كالحج في هذه السنة لاحتمال عدو, أو فتنة, أو مرض, أو نحوهما. (القسطلاني).

باب: فِـي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الـمَغْرِبِ


٥٩١. (خ م) (٨٣٧) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: كُنّا بِالمَدِينَةِ؛ فَإذا أذَّنَ المُؤَذِّنُ لِصَلاةِ المَغرِبِ ابتَدَرُوا السَّوارِيَ فَيَركَعُونَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، (حَتّى إنَّ الرَّجُلَ الغَرِيبَ لَيَدخُلُ المَسْجِدَ فَيَحسِبُ أنَّ الصَّلاةَ قَد صُلِّيَت مِن كَثرَةِ مَن يُصَلِّيهِما). زادَ (خ): حَتّى يَخرُجَ النَّبِيُّ ﷺ وهُمْ كَذَلِكَ يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ المَغْرِبِ ولَمْ يَكُنْ بَيْنَ الأَذانِ والإقامَةِ شَيْءٌ.
وفي رواية (خ): رَأَيْتُ كِبارَ أصْحابِ النَّبِيِّ ﷺ يَبْتَدِرُونَ السَّوارِيَ عِنْدَ المَغْرِبِ.
ورَوى (م) عَنِ المُختارِ بْنِ فُلْفُل قالَ: سَأَلتُ أنَسَ بنَ مالكٍ عَنِ التَّطَوُّعِ بَعدَ العَصرِ؟ فَقالَ: كانَ عُمرُ يَضرِبُ الأَيدِي عَلى صَلاةٍ بَعدَ العَصرِ، وكُنّا نُصَلِّي عَلى عَهدِ النَّبِيِّ ﷺ رَكْعَتَيْنِ بَعدَ غُرُوبِ الشَّمسِ قَبلَ صَلاةِ المَغرِبِ. فَقُلتُ لَهُ: أكانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ صَلّاهما؟ قالَ: كانَ يَرانا نُصَلِّيهِما فَلَم يَأمُرُنا ولَم يَنهَنا.
تقريره ﷺ لمن رآه في ذلك الوقت يدل على عدم كراهة الصلاة فيه ولا سيما والفاعل لذلك عدد كثير من الصحابة. (الشوكاني)

٥٩٢. (خ) (١١٨٣) عَنْ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيِّ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «صَلُّوا قَبلَ صَلاةِ المَغرِبِ»، قالَ فِي الثّالِثَةِ: «لِمَن شاءَ». كَراهِيَةَ أن يَتَّخِذَها النّاسُ سُنَّةً.

باب: بَيْنَ كُلِّ أذانَيْنِ صَلاةٌ


٥٩٣. (خ م) (٨٣٨) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بَينَ كُلِّ أذانَينِ صَلاةٌ»، قالَها ثَلاثًا، قالَ فِي الثّالِثَةِ: «لِمَن شاءَ».
- إن قيل: فلم خصّ التطوّع بهذا الوقت وقد علم أنّه يجوز في غيره؟ فالجواب: أنه قد يجوز أن يتوهّم أن الأذان للصلاة يمنع أن يفعل سوى الصلاة التي أذّن لها فبيّن جواز التطوّع.(ابن الجوزي)

باب: النَّوافِلُ الرّاتِبَةُ وفَضْلُها


٥٩٤. (خ م) (٧٢٩) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَبلَ الظُّهرِ سَجدَتَينِ، وبَعدَها سَجدَتَينِ، وبَعدَ المَغرِبِ سَجدَتَينِ، وبَعدَ العِشاءِ سَجدَتَينِ، وبَعدَ الجُمُعَة سَجدَتَينِ، فَأَمّا المَغرِبُ والعِشاءُ والجُمُعَةُ فَصَلَّيتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَيتِهِ. وفي رواية (خ): حَفِظتُ مِن النَّبِيِّ ﷺ عَشرَ رَكعاتٍ ... فَذَكَرَها، دُونَ الجُمُعةِ. وزاد: ورَكْعَتَيْنِ قَبلَ صَلاةِ الصُّبحِ، وكانت ساعَةً لا يُدخَلُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ فِيها، فَحَدَّثَتنِي حَفصَةُ أنَّه كانَ إذا أذَّنَ المُؤذِّنُ وطَلَعَ الفَجرُ صَلّى رَكْعَتَيْنِ.
٥٩٥. (م) (٧٣٠) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قالَ: سَأَلتُ عائِشَةَ عَن صَلاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، عَن تَطَوُّعِهِ، فَقالَت: كانَ يُصَلِّي فِي بَيتِي قَبلَ الظُّهرِ أربَعًا، ثُمَّ يَخرُجُ فَيُصَلِّي بِالنّاسِ، ثُمَّ يَدخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وكانَ يُصَلِّي بِالنّاسِ المَغرِبَ، ثُمَّ يَدخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ويُصَلِّي بِالنّاسِ العِشاءَ ويَدخُلُ بَيتِي فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وكانَ يُصَلِّي مِن اللَّيلِ تِسعَ رَكَعاتٍ فِيهِنَّ الوِترُ، وكانَ يُصَلِّي لَيلًا طَوِيلًا قائِمًا ولَيلًا طَوِيلًا قاعِدًا، وكانَ إذا قَرَأَ وهُوَ قائِمٌ رَكَعَ وسَجَدَ وهُوَ قائِمٌ، وإذا قَرَأَ قاعِدًا رَكَعَ وسَجَدَ وهُوَ قاعِدٌ، وكانَ إذا طَلَعَ الفَجرُ صَلّى رَكْعَتَيْنِ.
وفي رواية (م): فَإذا افتَتَحَ الصَّلاةَ قائِمًا رَكَعَ قائِمًا ... نَحوَهُ.
رَواه (خ) مُختصَرًا: عَن مُحمدِ بْنِ المُنتشِر؛ عَنها قالَت: إنَّ النَّبيَّ ﷺ كانَ لا يَدَعُ أربَعًا قَبلَ الظُّهرِ ورَكْعَتَيْنِ قَبلَ الغَداةِ.
٥٩٦. (م) (٧٢٨) عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ ﵂ قالَتْ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن صَلّى اثنَتَي عَشرَةَ رَكعَةً فِي يَومٍ ولَيلَةٍ بُنِيَ لَهُ بِهِنَّ بَيتٌ فِي الجَنَّةِ». قالَت أُمُّ حَبِيبَةَ: فَما تَرَكتُهُنَّ مُنذُ سَمِعتُهُنَّ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ. وقالَ عَنبَسَةُ: فَما تَرَكتُهُنَّ مُنذُ سَمِعتُهُنَّ مِن أمِّ حبيبة. وقالَ عَمرُو بنُ أوسٍ: ما تَرَكتُهُنَّ مُنذُ سَمِعتُهُنَّ مِن عَنبَسَةَ. وقالَ النُّعْمانُ بنُ سالمٍ: ما تَرَكتُهُنَّ مُنذُ سَمِعتُهُنَّ مِن عَمْرِو بْنِ أوسٍ. وفي رواية: «ما مِن عَبدٍ مُسلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَومٍ ثِنتَي عَشرَةَ رَكعَةً تَطَوُّعًا غَيرَ فَرِيضَةِ إلاَّ بَنى اللهُ لَهُ بَيتًا فِي الجَنَّةِ، أو إلاَّ بُنِيَ لَهُ بَيتٌ فِي الجَنَّةِ». وفي رواية: «ما مِن عَبدٍ مُسلِمٍ تَوَضَّأَ فَأَسبغَ الوُضُوءَ ثُمَّ صَلّى للهِ كُلَّ يَوم» بِمِثلِهِ.
-فيه استحباب النوافل الراتبة في البيت كما يستحب فيه غيرها, سواء راتبة فرائض النهار, أو الليل. (النووي).
-قال العلماء والحكمة في شرعية النوافل تكميل الفرائض بها إن عرض فيها نقص, كما ثبت في الحديث في سنن أبي داود وغيره, ولترتاض نفسه بتقديم النافلة ويتنشط بها ويتفرغ قلبه أكمل فراغ للفريضة, ولهذا يستحب أن تفتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين (النووي).
-هذا يدل على أنه لم يكن يصلي بعد العصر شيئاً في بيتها؛ لأنه لو كان ذلك لذكرته كما ذكرت صلاته في بيتها بعد الظهر والمغرب والعشاء. (ابن رجب).
الفوائد السلوكية :
" بنى الله له بيتا في الجنة ": التحفيز من أهم الدوافع لرفع الهمم، وإقبال النفس على العمل، وجملة من الأعمال لا تنشط النفس للقيام بها إلا بحافز يحرك النفس ويشوقها للعمل وهكذا كان ﷺ يفعل.

باب: صَلاةُ النّافِلَةِ فِـي الـمَسْجِدِ وفِـي البُيُوتِ


٥٩٧. (خ م) (٧٧٧) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «اجعَلُوا مِن صَلاتِكُم فِي بُيُوتِكُم، ولا تَتَّخِذُوها قُبُورًا».
-هذا من التمثيل البديع حين شَبَّه البيت الذي لا يُصلى فيه بالقبر الذي لا يتأتى فيه من ساكنه عبادة، وشبه النائم ليله كله بالميت في قبره. (القاضي عياض).
- الحديث يدل على منع الصلاة إلى القبور. (الشوكاني).
إنما حثّ على النافلة في البيت، لكونه أخفى، وأبعد من الرياء، وأصون من المحبطات، وليتبرك البيت بذلك، وتنزل فيه الرحمة، والملائكة، وينفر منه الشيطان. (محمد الإثيوبي - ذخيرة العقبى).

٥٩٨. (م) (٧٧٨) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا قَضى أحَدُكُمُ الصَّلاةَ فِي مَسْجِدِهِ فَليَجعَل لِبَيتِهِ نَصِيبًا مِن صَلاتِهِ، فَإنَّ اللهَ جاعِلٌ فِي بَيتِهِ مِن صَلاتِهِ خَيرًا».
-فُسّر هذا الخبر في أحاديث أخر بأنها : تحضره الملائكة, وتنفر منه الشياطين، ويتسع على أهله.
الندب إلى ذكر الله تعالى في البيوت، وأنه لا يخلى من الذكر فيه. (القاضي عياض).

٥٩٩. (م) (٧٨٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا تَجعَلُوا بُيُوتَكُم مَقابِرَ، إنَّ الشَّيطانَ يَنفِرُ مِنَ البَيتِ الَّذِي تُقرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ».
-إذا كان من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة كفتاه، ومن قرأ آية الكرسي كان عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح، فما ظنك بمن قرأها كلها من كفاية الله تعالى له, وحرزه وحمايته من الشيطان وغيره، وعظم ما يدخر له من ثوابها. (ابن الملقن).
-الحثّ على قراءة "سورة البقرة" في البيت.
إنما سمى البيوت في حال عدم الصلاة فيها مقابر؛ لأن المقبرة محرم الصلاة فيها, فالمقبرة لا تصح فيها صلاة النافلة, ولا الفريضة, ولا سجدة التلاوة, ولا سجدة الشكر, ولا أي شيء من الصلوات إلا صلاة واحدة وهي صلاة الجنازة, إذا صلى على الجنازة في المقبرة فلا بأس سواء كان ذلك قبل الدفن أم بعده, لكن بعد الدفن لا يصلى عليها في أوقات النهي. (ابن عثيمين- شرح رياض الصالحين).

باب: لِيُصَلِّ أحَدُكُمْ نَشاطَهُ، فَإذا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ


٦٠٠. (خ م) (٧٨٤) عَنْ أنَسٍ ﵁ قالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَسْجِدَ وحَبلٌ مَمدُودٌ بَينَ سارِيَتَينِ، فَقالَ: «ما هَذا؟» قالُوا: لِزَينَبَ تُصَلِّي، فَإذا كَسِلَت أو فَتَرَت أمسَكَت بِهِ. فَقالَ: «حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أحَدُكُم نَشاطَهُ، فَإذا (كَسِلَ أو) فَتَرَ قَعَدَ».
-الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط.(ابن الملقن).
-كراهيته التكلفَ لما فيه المشقة من العبادة. (القاضي عياض).
-يستفاد منه جواز القعود في أثناء الصلاة بعد افتتاحها قائما.
-الحث على الاقتصاد في العبادة والنهي عن التكلف ما لا يطيق الإنسان, والأمر بالإقبال عليها بنشاطه.
-وفيه أنه إذا فتر في الصلاة يقعد حتى يذهب عنه التعب.
- وفيه جواز تنفل النساء في المسجد، فإن زينب كانت تصلي فيه فلم ينكر عليها.
- وفيه كراهة التعلق بالحبل في الصلاة.
وفيه دليل على أن الصلاة جميع الليل مكروهة - إلا في رمضان -، وهو مذهب الجمهور، وروي عن جماعة من السلف أنه لا بأس به، وهو رواية عن مالك، رحمه الله تعالى، إذا لم ينم عن الصبح. (العيني).

باب: إذا نَعَسَ فِـي الصَّلاةِ فَلْـيَرْقُدْ


٦٠١. (خ م) (٧٨٦) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إذا نَعَسَ أحَدُكُم فِي الصَّلاةِ فَليَرقُد حَتّى يَذهَبَ عَنهُ النَّومُ، فَإنَّ أحَدَكُم إذا صَلّى وهُوَ ناعِسٌ لَعَلَّهُ يَذهَبُ يَستَغفِرُ فَيَسُبُّ نَفسَهُ».
دليل على أنه لا يجب أن يقرَبَ الصلاة من لا يعقلها، ويؤديها على حقها، وأن يتفرغ من كل ما يشغل عن الخشوع فيها، والحديث عام فىي كل صلاة من الفرض والنفل (القاضي عياض).
-هذا دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يتعمق وأن يتنطع في العبادة، أن يكلف نفسه ما لا تطيق، بل يصلي ما دام نشيطاً، فإذا تعب فليرقد ولينم، لأنه إذا صلى مع التعب تشوش فكره وسئم ومل وربما كره العبادة، وربما ذهب ليدعو لنفسه فإذا به يدعو عليها. (ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين).
-هذا وإن ورد في الصلاة فإنه يشمل جميع الأعمال، فلا تكلف نفسك ما لا تطيق، بل عامل نفسك بالرفق واللين، ولا تتعجل الأمور، الأمور ربما تتأخر لحكمة يريدها الله عز وجل، لا تقل أنا أريد أن أتعب نفسي، بل انتظر - فانتظار الفرج عبادة - , وأعط نفسك حقها، ثم بعد ذلك يحصل لك المقصود. ( ابن عثيمين )
-ينبغي على الإنسان إذا أصابه النعاس وهو يراجع كتباً ـ سواء كتباً منهجية أو غير ذلك ـ ينبغي له أن يغلق الكتاب، وأن ينام ويستريح، وهذا يعم جميع الأوقات، حتى لو فرض أن الإنسان أصابه النعاس بعد صلاة العصر وأراد أن يرقد ويستريح فلا حرج، أو بعد صلاة الفجر وأراد أن يرقد ويستريح فلا حرج، كلما أتاك النوم فنم، وكلما صرت نشيطاً فاعمل (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)، كل الأمور اجعلها بالتيسير، إلا ما فرض الله عليك فلابد أن يكون في الوقت المحدد له، وأما الأمور التطوعية فالأمر فيها واسع. (ابن عثيمين، شرح رياض الصالحين).

باب: أحَبُّ العَمَلِ إلى اللهِ أدْوَمُهُ


٦٠٢. (خ م) (٧٨٣) عَنْ عَلْقَمَةَ قالَ: سَأَلتُ أُمَّ المُؤمِنِينَ عائِشَةَ، قالَ: قُلتُ: يا أُمَّ المُؤمِنِينَ؛ كَيفَ كانَ عَمَلُ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ هَل كانَ يَخُصُّ شَيئًا مِن الأَيّامِ؟ قالَت: لا، كانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وأَيُّكُم يَستَطِيعُ ما كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَستَطِيعُ؟.
-لما علم ﷺ أن أمته لا تطيق من ذلك ما يطيقه حضهم على أفضل الأوقات بالقول والعمل؛ لأنه كان أكثرهم محافظة عليها وأعلمهم بها. (الباجي).
-إنّ دوام العمل وإيصاله ربما حصل للعبد به في عمله الماضي ما لا يحصل له فيه عند قطعه؛ فإن الله يحب مواصلة العمل ومداومته، ويجزي على دوامه ما لا يجزي على المنقطع منه، وقد صح هذا المعنى في الدعاء وأن العبد يستجاب له ما لم يعجل فيقول: "قد دعوت فلم يستجب لي"، فيدع الدعاء، فدل هذا على أن العبد إذا أدام الدعاء وألح فيه فهو أقرب أن يستجاب له, وإن قطع الدعاء واستحسر حرم الإجابة. (ابن رجب).
-قولها: «وأيكم يستطيع... إلخ» أي في العبادة كمية كانت أو كيفية من خشوع وخضوع وإخبات وإخلاص والله أعلم. (ابن حجر).

٦٠٣. (خ م) (٧٨٢) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ سُئِلَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللهِ؟ قالَ: «أدوَمُهُ وإن قَلَّ». وفِي رِوايٍة (م): قالَ القاسِمُ بنُ مُحمدٍ: وكانَت عائِشَةَ إذا عَمِلَت العَمَلَ لَزِمَتْهُ.

باب: خُذُوا مِنَ العَمَلِ ما تُطِيقُونَ


٦٠٤. (خ م) (٧٨٥) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وعِندِي امرَأَةٌ فَقالَ: «مَن هَذِهِ؟» فَقُلتُ: امرَأَةٌ لا تَنامُ، تُصَلِّي. قالَ: «عَلَيكُم مِن العَمَلِ ما تُطِيقُونَ، فَوَ اللهِ لا يَمَلُّ اللهُ حَتّى تَمَلُّوا». وكانَ أحَبَّ الدِّينِ إلَيهِ ما داوَمَ عَلَيهِ صاحِبُهُ. وفي رواية (م): أنَّ الحَوْلاءَ بِنتَ تُوَيْت بْنِ حَبيبِ بْنِ أسَدِ بْنِ عَبْدِ العُزّى مَرَّتْ بِها وعِندَها رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقُلتُ ... نَحوَهُ.
مع القصد يحصل الدوام على الطاعة فيتصل الأجر ويكثر الثواب، ومع الغلو يأتي العجز والإعياء والملل فيقطع الجزاء. (القاضي عياض).

باب: صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنى مَثْنى والوِتْرُ رَكْعَةٌ مِن آخِرِ اللَّيْلِ


٦٠٥. (خ م) (٧٤٩) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَن صَلاةِ اللَّيلِ؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «صَلاةُ اللَّيلِ مَثنى مَثنى، فَإذا خَشِيَ أحَدُكُم الصُّبحَ صَلّى رَكعَةً واحِدَةً تُوتِرُ لَهُ ما قَد صَلّى».
وفي رواية (م): «مَن صَلّى فَليُصَلِّ مَثنى مَثنى». وفي رواية (م): قِيلَ لِابنِ عُمَرَ: ما مَثنى مَثنى؟ قالَ: أن تُسَلِّمَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ.
٦٠٦. (خ م) (٧٥١) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «اجعَلُوا آخِرَ صَلاتِكُم بِاللَّيلِ وِترًا».
ورَوى (م) عَن أبِي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ؛ أنَّهُم سَأَلُوا النَّبيَّ ﷺ عَنِ الوِترِ، فَقالَ: «أوتِرُوا قَبلَ الصُّبحِ». وفِي رِوايَةٍ (م): «الوِترُ رَكعَةٌ مِن آخِرِ اللِّيلِ».

باب: مَن أوْتَرَ بِرَكْعَةٍ


٦٠٧. (خ) (٦٣٥٦) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ؛ وكانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَد مَسَحَ عَنهُ؛ أنَّهُ رَأى سَعدَ بنَ أبِي وقّاصٍ يُوتِرُ بِرَكعَةٍ. وفِي نُسخَةٍ: مَسَحَ عَينَهُ.
-فيه لا يتنفل في الليل بوتر غير الوتر الذي يقطع عليه صلاة الليل، كما لا يتنفل في النهار بوتر -أيضا -، حتى تكون صلاة المغرب وتره. (ابن رجب).
قوله اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا محمولا على الاستحباب لا الوجوب وذلك أحب وأفضل. (السيوطي).

٦٠٨. (خ) (٣٧٦٥) عَنِ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ قال: أوتَرَ مُعاوِيَةُ بَعدَ العِشاءِ بِرَكعَةٍ، وعِندَهُ مَولًى لابنِ عَبّاسٍ، فَأَتى ابنَ عَبّاسٍ فَقال: دَعهُ، فَإنَّهُ قَد صَحِبَ رَسُولَ اللهِ ﷺ.
وفي رواية: قيل لابن عباس: هَل لَكَ فِي أمِيرِ المُؤمِنِينَ مُعاوِيَةَ؛ فَإنَّهُ ما أوتَرَ إلا بِواحِدَةٍ؟ قالَ: أصابَ، إنَّهُ فَقِيهٌ.
-في هذا الحديث جواز الإيتار بركعة منفصلة مما قبلها. (ابن هبيرة).
-وفيه أيضًا شهادة ابن عباس رضي الله عنه لمعاوية أنه فقيه، وشهادته حجة؛ لأن الفقيه إذا شهد لآخر بالفقه ثبت فقه المشهود له، خلاف ما لو شهد له بذلك غير فقيه, ولا سيما شهادة ابن عباس فإنه فقيه الأمة وحبرها، فإذا شهد لمعاوية بالفقه فناهيك بها شهادة.

باب: هَلْ يُنْقَضُ الوِتْرُ؟


٦٠٩. (خ) (٤١٧٦) عَنْ أبِي جَمْرَةَ قالَ: سَأَلتُ عائِذَ بنَ عَمْرٍو ﵁ وكانَ مِن أصحابِ النَّبِيِّ ﷺ مِن أصحابِ الشَّجَرَةِ: هَل يُنقَضُ الوِترُ؟ قالَ: إذا أوتَرتَ مِن أوَّلِهِ فَلا تُوتِر مِن آخِرِهِ.
-من له عادة بقيام الليل فالأفضل له أن يؤخر الوتر، فإن أوتر أول الليل ثم أراد التطوع بعد ذلك؟ فله التطوع مثنى بعد الوتر, وإن كان الأولى أن يجعل آخر صلاته وترا.

باب: صَلاةُ اللَّيْلِ قائِمًا وقاعِدًا


٦١٠. (خ م) (٧٣١) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: ما رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقرَأُ فِي شَيءٍ مِن صَلاةِ اللَّيلِ جالِسًا، حَتّى إذا كَبِرَ قَرَأَ جالِسًا، حَتّى إذا بَقِيَ عَلَيهِ مِن السُّورَةِ ثَلاثُونَ أو أربَعُونَ آيَةً قامَ فَقَرَأَهُنَّ ثُمَّ رَكَعَ. وفي رواية: لما بَدَّنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وثَقُل كانَ أكثرُ صَلاتِهِ جالِسًا.
-جواز الوقوف بعد القراءة قاعدًا، سواء أتم القراءة قائمًا، أو قام للركوع من قعود, وسواء في ذلك قام ثم قعد، أو قعد ثم قام. (موسى شاهين).

٦١١. (م) (٧٣٢) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قالَ: قُلتُ لِعائشةَ: هَل كانَ النَّبيُّ ﷺ يُصَلِّي وهُو قاعِدٌ؟ قالَت: نَعَم، بَعدَ ما حَطَمَهُ النّاسُ.

باب: كَراهِيَةُ أنْ يَنامَ الرَّجُلُ اللَّيْلَ كُلَّهُ لا يُصَلِّي فِيهِ


٦١٢. (خ م) (٧٧٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مِسْعُودٍ ﵁ قالَ: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجُلٌ نامَ لَيلَةً حَتّى أصبَحَ، قالَ: «ذاكَ رَجُلٌ بالَ الشَّيطانُ فِي أُذُنَيهِ»، أو قالَ: «فِي أُذُنِهِ». زادَ (خ) فِي رِوايَةٍ: ما قامَ إلى الصَّلاةِ.
٦١٣. (خ م) (١١٥٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يا عَبدَ اللهِ؛ لا تَكُن بِمِثلِ فُلانٍ كانَ يَقُومُ اللَّيلَ فَتَرَكَ قِيامَ اللَّيلِ».
-فيه استحباب الدوام على ما اعتاده المرءُ من الخير من غير تفريط، ويستنبط منه كراهة قطع العبادة وإن لم تكن واجبة.( الكوكب الوهاج)

باب: ما يَحُلُّ عُقَدَ الشَّيطانِ


٦١٤. (خ م) (٧٧٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ يَبلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ: «يَعقِدُ الشَّيطانُ عَلى قافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُم ثَلاثَ عُقَدٍ إذا نامَ، بِكُلِّ عُقدَةٍ يَضرِبُ عَلَيكَ لَيلًا طَوِيلًا، فَإذا استَيقَظَ فَذَكَرَ اللهَ انحَلَّت عُقدَةٌ، وإذا تَوَضَّأَ انحَلَّت عَنهُ عُقدَتانِ، فَإذا صَلّى انحَلَّت العُقَدُ، فَأَصبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفسِ، وإلا أصبَحَ خَبِيثَ النَّفسِ كَسلانَ».
-فيه الحث على ذكر الله تعالى عند الاستيقاظ, وجاءت فيه أذكار مخصوصة مشهورة في الصحيح.
ظاهر الحديث أن من لم يجمع بين الأمور الثلاثة, وهي : الذكر, والوضوء, والصلاة فهو داخل فيمن يصبح خبيث النفس كسلان.(أبي الطيب محمد صديق خان)

باب: الحَثُّ عَلى الصَّلاةِ والدُّعاءِ فِـي اللَّيْلِ


٦١٥. (خ م) (٧٧٥) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ طَرَقَهُ وفاطِمَةَ فَقالَ: «ألا تُصَلُّونَ؟» فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّما أنفُسُنا بِيَدِ اللهِ، فَإذا شاءَ أن يَبعَثَنا بَعَثَنا. فانصَرَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ قُلتُ لَهُ ذَلكَ، ثُمَّ سَمِعتُهُ وهُوَ مُدبِرٌ يَضرِبُ فَخِذَهُ ويَقُولُ: «﴿وكان الإنسان أكثر شيء جدلا» [الكهف: ٥٤]. وفي رواية (خ): فانْصَرَفَ حِينَ قُلْنا ذَلِكَ ولَمْ يَرْجِعْ إلَيَّ شَيْئًا ...
٦١٦. (خ) (١١٥٤) عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «مَن تَعارَّ مِن اللَّيلِ فَقالَ: لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمدُ، وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، الحَمدُ للهِ، وسُبحانَ اللهِ، ولا إلَهَ إلا اللهُ، واللهُ أكبَرُ، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بِاللهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اغفِر لِي، أو دَعا استُجِيبَ، فَإن تَوَضَّأَ وصَلّى قُبِلَت صَلاتُهُ».
فيه: أن السكوت يكون جوابا
-جواز ضرب الفخذ عند التأسف. ( ابن التين )
-وفيه منقبة لعلي رضي الله تعالى عنه حيث نقل ما فيه عليه أدنى غضاضة، فقدم مصلحة نشر العلم وتبليغه على كتمه.
-وفيه أن ليس للإمام أن يشدد في النوافل.
-وفيه الإشارة إلى أن نفس النائم ممسكة بيد الله تعالى. (العيني)

٦١٧. (خ) (١١٥٥) عَنْ أبَي هُرَيْرَةَ ﵁ وهُوَ يَقُصُّ فِي قَصَصِهِ وهُوَ يَذكُرُ رَسُولَ اللهِ ﷺ: إنَّ أخًا لَكُم لا يَقُولُ الرَّفَثَ. يَعنِي بِذَلكَ عَبدَ اللهِ بنَ رَواحَةَ:
وفِينا رَسُولُ اللهِ يَتْلُو كِتابَهُ *** إذا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الفَجْرِ ساطِعُ
أرانا الهُدى بَعْدَ العَمى فَقُلُوبُنا *** بِهِ مُوقِناتٌ أنَّ ما قالَ واقِعُ
يَبِيتُ يُجافِي جَنْبَهُ عَنْ فِراشِهِ *** إذا اسْتَثْقَلَتْ بِالمُشْرِكِينَ المَضاجِعُ
-أن الشعر إذا اشتمل على ذكر الله والأعمال الصالحة كان حسنا, ولم يدخل فيما ورد الذم من الشعر . ( ابن بطال ).
قال الكرماني : في البيت الأول إشارة إلى علمه، وفي الثالث إلى عمله، وفي الثاني إلى تكميله غيره صلى الله عليه وسلم فهو كامل مكمل.( الكرماني )

باب: صَلاةُ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ


٦١٨. (م) (٧٥٥) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن خافَ أن لا يَقُومَ مِن آخِرِ اللَّيلِ فَليُوتِر أوَّلَهُ، ومَن طَمِعَ أن يَقُومَ آخِرَهُ فَليُوتِر آخِرَ اللَّيلِ، فَإنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيلِ مَشهُودَةٌ، وذَلكَ أفضَلُ».
-دليل واضح على أن تأخير الوتر إلى أخر الليل ، أفضل لمن وثق بالاستيقاظ آخر الليل، وأن من لا يثق بذلك فليوتر أخر الليل.
-وكان أكثر أحواله صلى اللَّه عليه وسلم أن ينام أول الليل ويحيي آخره، لما في الثلث الأخير من الليل من فضل لما فيه من النزول الإلهي, ولبيان الجواز صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة الليل في أوقات الليل المختلفة، بما في ذلك الوتر، فأوتر في كل ساعة من ساعات الليل.
شرعت صلاة الليل وشرع الوتر في نهايتها، وكانت من أفضل الصلوات لخلوها من الرياء والسمعة، ولخلوص القلب في الليل من مشاغل الحياة.( فتح المنعم).

باب: الـتَّرْغِيبُ فِـي الدُّعاءِ فِـي آخِرِ اللَّيْلِ والإجابَةُ فِيهِ


٦١٩. (خ م) (٧٥٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «يَنزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالى كُلَّ لَيلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنيا حِينَ يَبقى ثُلُثُ اللَّيلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَن يَدعُونِي فَأَستَجِيبَ لَهُ؟ ومَن يَسأَلُنِي فَأُعطِيَهُ؟ ومَن يَستَغفِرُنِي فَأَغفِرَ لَهُ؟». وفي رواية (م): «ثُمَّ يَبسُطُ يَدَيهِ تَبارَكَ وتَعالى يَقُولُ: مَن يُقْرِضُ غيرَ عَدِيمٍ ولا ظَلُومٍ».
في الحديث تفضيل صلاة آخر الليل على أوله, وتفضيل تأخير الوتر لكن ذلك في حق من طمع أن ينتبه, وأن آخر الليل أفضل للدعاء والاستغفار, ويشهد له قوله تعالى {والمستغفرين بالأسحار}, وأن الدعاء في ذلك الوقت مجاب ولا يعترض على ذلك بتخلفه عن بعض الداعين؛ لأن سبب التخلف وقوع الخلل في شرط من شروط الدعاء, كالاحتراز في المطعم والمشرب والملبس, أو بأن يكون الدعاء بإثم أو قطيعة رحم, أو تحصل الإجابة ويتأخر وجود المطلوب لمصلحة العبد, أو لأمر يريده الله سبحانه. (ابن حجر ).

٦٢٠. (م) (٧٥٧) عَنْ جابِرٍ ﵁ قالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ فِي اللَّيلِ لَساعَةً لا يُوافِقُها رَجُلٌ مُسلِمٌ يَسأَلُ اللهَ خَيرًا مِن أمرِ الدُّنيا والآخِرَةِ إلا أعطاهُ إيّاهُ، وذَلكَ كُلَّ لَيلَةٍ».

باب: جامِعُ صَلاةِ النَّبيِّ ﷺ فِـي اللَّيْلِ ودُعائِهِ


٦٢١. (خ م) (٧٦٣) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: بِتُّ لَيلَةً عِنْدَ خالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقامَ النَّبِيُّ ﷺ مِن اللَّيلِ، فَأَتى حاجَتَهُ ثُمَّ غَسَلَ وجهَهُ ويَدَيهِ، ثُمَّ نامَ، ثُمَّ قامَ، فَأَتى القِربَةَ فَأَطلَقَ شِناقَها، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَينَ الوُضُوءَينِ، ولَم يُكثِر وقَد أبلَغَ، ثُمَّ قامَ فَصَلّى، فَقُمتُ فَتَمَطَّيتُ كَراهِيَةَ أن يَرى أنِّي كُنتُ أنتَبِهُ لَهُ، فَتَوَضَّأتُ، فَقامَ فَصَلّى، فَقُمتُ عَن يَسارِهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَأَدارَنِي عَن يَمِينِهِ، فَتَتامَّت صَلاةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِن اللَّيلِ ثَلاثَ عَشرَةَ رَكعَةً، ثُمَّ اضطَجَعَ فَنامَ حَتّى نَفَخَ، وكانَ إذا نامَ نَفَخَ، فَأَتاهُ بِلالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلاةِ، فَقامَ فَصَلّى ولَم يَتَوَضَّأ، وكانَ فِي دُعائِهِ: «اللَّهُمَّ اجعَل فِي قَلبِي نُورًا، وفِي بَصَرِي نُورًا، وفِي سَمعِي نُورًا، وعَن يَمِينِي نُورًا، وعَن يَسارِي نُورًا، وفَوقِي نُورًا، وتَحتِي نُورًا، وأَمامِي نُورًا، وخَلفِي نُورًا، (وعَظِّم لِي نُورًا)». قالَ كُرَيبٌ: وسَبعًا فِي التّابُوتِ، فَلَقِيتُ بَعضَ ولَدِ العَبّاسِ فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ، فَذَكَرَ: «عَصَبِي ولَحمِي ودَمِي وشَعرِي وبَشَرِي»، وذَكَرَ خَصلَتَينِ.
وفي رواية: رَقَدْتُ فِي بَيتِ مَيْمُونَةَ لَيلةَ كانَ النَّبيُّ ﷺ عِندَها، لِأَنظُرَ كَيفَ صَلاةُ النَّبِيِّ ﷺ بِاللَّيلِ ... وفِيها: فَتَحَدَّثَ النَّبِيُّ ﷺ مَعَ أهْلِهِ ساعَةً ثُمَّ رَقَدَ. وفي رواية: فاضطَجَعتُ فِي عَرْض الوِسادَة واضطَجَعَ رَسُولُ الله ﷺ وأَهلُهُ فِي طُولِها، فَنامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتّى انتَصَفَ اللَّيلُ أو قَبلَه بِقَلِيلٍ أو بَعدَهُ بِقَلِيلٍ استَيقَظَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَجَعَلَ يَمسَحُ النَّومَ عَن وجهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ العَشرَ الخَواتِمَ مِن سُورَةِ آلَ عِمرانَ ... وفِيها: فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدَهُ اليُمنى عَلى رَأسِي وأَخَذَ بِأُذُني اليُمنى يَفْتِلُها ... وفِيها: حَتّى جاءَ المُؤذِّنُ، فَقامَ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَينِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلّى الصُّبحَ. وفي رواية: فَأَخَذَ بِيَدِي مِن وراءِ (ظَهرِهِ) يَعدِلُنِي ... وفي رواية (م): فَجَعَلتُ إذا أغْفَيْتُ يَأخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي، قالَ: فَصَلّى إحدى عَشرَةَ رَكعَةً، ثُمَّ احتَبى حَتّى إني لَأسمَعُ نَفَسَهُ راقِدًا. وفي رواية (م): ثُمَّ حَرَّكَني فَقُمتُ. وفي رواية: فَتَسَوَّكَ وتَوَضَّأ وهُو يَقُولُ: ﴿إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَواتِ والأَرْضِ واخْتِلافِ اللَّيْلِ والنَّهارِ لآياتٍ لِّأُولِي الألْبابِ﴾، فَقَرَأَ هَؤُلاءِ الآياتِ حَتى خَتَمَ السُّورَةَ.
وفي رواية (خ): فَلَمّا كانَ ثُلُثُ اللَّيلِ الآخَرُ قَعَدَ فَنَظَرَ إلى السَّماءِ.
وفي رواية (خ): فَصَلّى النَّبِيُّ ﷺ العِشاءَ، ثُمَّ جاءَ إلى مَنزِلِهِ، فَصَلّى أرْبَعَ رَكَعاتٍ، ثُمَّ نامَ ثُمَّ قامَ ثُمَّ قالَ: «نامَ الغُلَيِّمُ؟» أوْ كَلِمَةً تُشْبِهُها، ثُمَّ قامَ فَقُمْتُ عَنْ يَسارِهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلّى خَمْسَ رَكَعاتٍ، ثُمَّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نامَ حَتّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أوْ خَطِيطَهُ ...
وفيها عند (م): ثُمَّ قامَ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ فَأَطالَ فِيهِما القِيامَ والرُّكُوعَ والسُّجُودَ، ثُمَّ انصَرَفَ فَنامَ حَتّى نَفَخَ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلكَ ثَلاثَ مَرّاتٍ، سِتَّ رَكَعاتٍ، كُلُّ ذَلكَ يَسْتاكُ ويَتَوَضَّأُ ويَقرَأُ هَؤُلاءِ الآياتِ، ثُمَّ أوتَرَ بِثَلاثٍ، فَأَذَّنَ المؤذِّنُ، فَخَرَجَ إلى الصَّلاةِ وهُو يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجعَل ...». وزادَ فِيها: «اللَّهُمَّ أعطِني نُورًا». وفي رواية: ثُمَّ خَرَجَ إلى الصَّلاةِ فَصَلّى، فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلاتِهِ أو فِي سُجُودِهِ: «اللَّهُمَّ ...». وفي رواية: «واجعَل لِي نُورًا». أوْ قالَ: «واجعَلنِي نُورًا». وفي رواية: ودَعا رَسُول اللهِ ﷺ لَيلَتَئِذ تِسْعَ عَشرَةَ كَلِمَةً .. وفِيها: «واجعَل فِي نَفْسِي نُورًا، وأَعْظِمْ لِي نُورًا».
وطلب النور للأعضاء عضوا عضوا بأن يتحلى كل عضو بأنوار المعرفة والطاعة، ويتعرى عن ظلمة الجهالة والضلالة، فإن ظلمات الجملة محيطة بالإنسان من قرنه إلى قدمه، والشيطان يأتيه من الجهات الست بالوساوس والشبهات، أي: المشبهات بالظلمات فرفع كل ظلمة بنور، قال: ولا مخلص عن ذلك إلا بأنوار تستأصل شأفة تلك الظلمات، وفيه إرشاد للأمة.( المباركفوري)
- وفيه استحباب قراءة هذه الآيات عند القيام من النوم في الليل.

٦٢٢. (خ م) (٧٦٩) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَقُولُ إذا قامَ (إلى الصَّلاةِ مِن جَوفِ) اللَّيلِ: «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمدُ أنتَ نُورُ السَّمَواتِ والأَرضِ، ولَكَ الحَمدُ أنتَ قَيّامُ السَّمَواتِ والأَرضِ، ولَكَ الحَمدُ أنتَ رَبُّ السَّمَواتِ والأَرضِ ومَن فِيهِنَّ، أنتَ الحَقُّ، ووَعدُكَ الحَقُّ، وقَولُكَ الحَقُّ، ولِقاؤُكَ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنّارُ حَقٌّ، والسّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أسلَمتُ، وبِكَ آمَنتُ، وعَلَيكَ تَوَكَّلتُ، وإلَيكَ أنَبتُ، وبِكَ خاصَمتُ، وإلَيكَ حاكَمتُ، فاغفِر لِي ما قَدَّمتُ وأَخَّرتُ، وأَسرَرتُ وأَعلَنتُ، أنتَ إلَهِي لا إلَهَ إلا أنتَ».
وفي رواية: «أنتَ قَيِّمُ السَّمَواتِ والأَرضِ». وفي رواية (خ): «والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، ومُحَمَّدٌ ﷺ حقٌّ ...»، وفِيها: «أنتَ المقدِّمُ، وأَنتَ المؤخِّرُ، لا إلَهَ إلا أنتَ أو لا إلهَ غَيرُكَ».
_ والحديث يدل على مشروعية الاستفتاح بما ورد في الحديث.
_ وتكرير الحمد للاهتمام بشأنه وليناط به كل مرة معنى آخر

٦٢٣. (خ م) (٧٣٨) عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أنَّهُ سَأَلَ عائِشَةَ: كَيفَ كانَت صَلاةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي رَمَضانَ؟ قالَت: ما كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَزِيدُ فِي رَمَضانَ ولا فِي غَيرِهِ عَلى إحدى عَشرَةَ رَكعَةً، يُصَلِّي أربَعًا فَلا تَسأَل عَن حُسنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أربَعًا فَلا تَسأَل عَن حُسنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا. فَقالَت عائِشَةُ: فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أتَنامُ قَبلَ أن تُوتِرَ؟ فَقالَ: «يا عائِشَةُ؛ إنَّ عَينَيَّ تَنامانِ ولا يَنامُ قَلبِي».
-وفي هذا الحديث البيان بأن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان وغيره كانت سواء.
لا خلاف بين المسلمين أن صلاة الليل ليس فيها حد محدود، وأنها نافلة وفعل الخير وعمل بر فمن شاء استقل ومن شاء استكثر. ( ابن عبدالبر).

٦٢٤. (خ م) (٧٣٦) عَنْ عُرْوَةَ؛ عَن عائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي (فِيما بَينَ أن يَفرُغَ مِن صَلاةِ العِشاءِ وهِيَ الَّتِي يَدعُو النّاسُ العَتَمَةَ إلى الفَجرِ) إحدى عَشرَةَ رَكعَةً، (يُسَلِّمُ بَينَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، ويُوتِرُ بِواحِدَةٍ)، فَإذا سَكَتَ المُؤَذِّنُ مِن صَلاةِ الفَجرِ، وتَبَيَّنَ لَهُ الفَجرُ (وجاءَهُ المُؤَذِّنُ) قامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَينِ، ثُمَّ اضطَجَعَ عَلى شِقِّهِ الأَيمَنِ حَتّى يَأتِيَهُ المُؤَذِّنُ لِلإقامَةِ. زادَ (خ): فَيَسجُدُ السَّجدَةَ مِن ذَلكَ قَدرَ ما يَقرأُ أحدُكُم خَمسينَ آيةً قَبلَ أن يَرفَعَ رَأسَهُ.
-وفيه إعلام المؤذن الإمام بحضور الصلاة وإقامتها واستدعائه له. ( النووي).
قولها : ( اضطجع على شقه الأيمن ) فيه دليل على استحباب الاضطجاع والنوم على الشق الأيمن. قال العلماء وحكمته أنه لا يستغرق في النوم ، لأن القلب في جنبه اليسار فيعلق حينئذ فلا يستغرق ، وإذا نام على اليسار كان في دعة واستراحة فيستغرق. (النووي).

٦٢٥. (خ م) (٧٣٧) عَنْ عُرْوَةَ؛ أنَّ عائِشَةَ أخبَرَتهُ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يُصَلِّي ثَلاثَ عَشرَةَ رَكعَةً بِرَكعَتَي الفَجرِ. وفي رواية (م): يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ ثَلاثَ عَشرَةَ رَكعةً، يُوتِر مِن ذَلكَ بِخَمسٍ، لا يجلِسُ فِي شيءٍ إلّا فِي آخِرِها.
-فيه دليل على أن الوتر ليس مختصا بركعة، ولا بإحدى عشرة، ولا بثلاث عشرة، بل يجوز ذلك وما بينه، وأنه يجوز جمع ركعات بتسليمة واحدة، وهذا لبيان الجواز، وإلا فالأفضل التسليم من كل ركعتين، وهو المشهور من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمره بصلاة الليل مثنى مثنى.

٦٢٦. (خ م) (٧٣٨) عَنْ أبِي سَلَمَةَ قالَ: سَأَلتُ عائِشَةَ عَن صَلاةِ رَسُول اللهِ ﷺ، فَقالَت: كانَ يُصَلِّي ثَلاثَ عَشرَةَ رَكعَةً، يُصَلِّي ثَمانَ رَكَعاتٍ، (ثُمَّ يُوتِرُ)، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وهُوَ جالِسٌ، (فَإذا أرادَ أن يَركَعَ قامَ فَرَكَعَ)، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَينَ النِّداءِ والإقامَةِ مِن صَلاةِ الصُّبحِ.
قولها" "كان" لا يلزم منها الدوام ولا التكرار، وإنما هي فعل ماض يدل على وقوعه مرة، فإن دل دليل على التكرار عمل به.

٦٢٧. (خ م) (٧٤١) عَنْ مَسْرُوقٍ قالَ: سَأَلتُ عائِشَةَ عَن عَمَلِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَقالَت: كانَ يُحِبُّ الدّائِمَ. قالَ: قُلتُ: أيَّ حِينٍ كانَ يُصَلِّي؟ فَقالَت: كانَ إذا سَمِعَ الصّارِخَ قامَ فَصَلّى.
ورَوى (خ) عَنهُ قالَ: سَأَلتُ عائشةَ عَن صَلاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِاللَّيلِ؟ فَقالَت: سَبعٌ، وتِسعٌ، وإحدى عَشرَة، سِوى رَكعَتَي الفَجرِ.
-كان يحب الدائم: تتمة قولها في أخرى : وإن قل.
- وسبب محبة الدائم : أن فاعله لا ينقطع عن عمل الخير ، ولا ينقطع عنه الثواب والأجر، ويجتمع منه الكثير وإن قل في الزمان الطويل، ولا تزال صحائفه مكتوبة بالخير، ومصعد عمله معمورا بالبر، ويحصل به مشابهة الملائكة في الدوام، والله تعالى أعلم. ( القرطبي).
-قولها " كان يحب العمل الدائم" فيه الحث على القصد في العبادة ، وأنه ينغي للإنسان ألا يحتمل من العبادة إلا ما يطيق الدوام عليه ثم يحافظ عليه. ( النووي).
قولها: "كان إذا سمع الصارخ قام فصلى" قال النووي: الصارخ هنا هو الديك, باتفاق العلماء قالوا: وسمي بذلك لكثرة صياحه

٦٢٨. (خ م) (٧٣٩) عَنْ أبِي إسْحاقَ قالَ: سَأَلتُ الأَسوَدَ بنَ يَزِيدَ عَمّا حَدَّثَتهُ عائِشَةُ عَن صَلاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قالَت: كانَ يَنامُ أوَّلَ اللَّيلِ، ويُحيِي آخِرَهُ، (ثُمَّ إن كانَت لَهُ حاجَةٌ إلى أهلِهِ قَضى حاجَتَهُ)، ثُمَّ يَنامُ، فَإذا كانَ عِنْدَ النِّداءِ الأَوَّلِ قالَت: وثَبَ. (ولا واللهِ ما قالَت: قامَ) فَأَفاضَ عَلَيهِ الماءَ. (ولا واللهِ ما قالَت: اغتَسَلَ. وأَنا أعلَمُ ما تُرِيدُ)، وإن لَم يَكُن جُنُبًا تَوَضَّأَ وُضُوءَ الرَّجُلِ لِلصَّلاةِ، (ثُمَّ صَلّى الرَّكعَتَينِ). لَفظُ (خ): فِإن كان بِهِ حاجَةٌ اغتَسَلَ وإلّا تَوضَّأ وخَرَجَ.
-تعني به : أن هذا كان اٌخر فعله ، أو أغلبه حاله، وإلا فقد قالت: "من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ من أول، وأوسطه، واًخره، فانتهى وتره إلى السحر".
-قولها: "إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته، ثم نام": يفهم منه جواز نوم الجنب من غير أن يتوضأ؛ فإنما لم تذكر وضوءا عند النوم.
قولها: "وثب" قال النووي: أي قام بسرعة، ففيه الاهتمام بالعبادة والإقبال عليها بنشاط.

٦٢٩. (خ م) (٧٧٣) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: صَلَّيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَطالَ حَتّى هَمَمتُ بِأَمرِ سَوءٍ. قالَ: قِيلَ: وما هَمَمتَ بِهِ؟ قالَ: هَمَمتُ أن أجلِسَ وأَدَعَه.
-فيه الأدب مع الأئمة والكبار، وألا يخالفوا بفعل ولا قول مالم يكن حراما، واتفق العلماء على أنه إذا شق على المأموم في فريضة أو نافلة القيام وعجز عنه جاز له القعود، وإنما لم يقعد ابن مسعود للتأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه استحباب تطويل صلاة الليل.(النووي)

٦٣٠. (خ م) (٧٤٥) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: مِن كُلِّ اللَّيلِ قَد أوتَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ؛ (مِن أوَّلِ اللَّيلِ وأَوسَطِهِ وآخِرِهِ)، فانتَهى وِترُهُ إلى السَّحَرِ.
-فيه دليل على سعة وقت الوتر، وأنه من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر.
وفيه التوسيع على الأمة فيما يدخله التوسيع.

٦٣١. (خ م) (٧٤٢) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: ما ألفى رَسُولَ اللهِ ﷺ السَّحَرُ (الأَعلى) فِي بَيتِي أو عِندِي إلا نائِمًا.
قيل إن النوم الذي قصدته عائشة رضي الله عنها هو النوم الذي كان داود عليه الصلاة والسلام ينامه، وهو أنه كان ينام أول الليلة، ثم يقوم وقت تنزل الله تعالى، ثم يستدرك من النوم ما يستريح به من نصب القيام في الليل، وهذا هو النوم عند السحر.

٦٣٢. (خ م) (٧٤٩) عَنْ أنَسِ بْنِ سِيرِينَ قالَ: سَأَلتُ ابنَ عُمَرَ قُلتُ: أرَأَيتَ الرَّكعَتَينِ قَبلَ صَلاةِ الغَداةِ أأُطِيلُ فِيهِما القِراءَةَ؟ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي مِن اللَّيلِ مَثنى مَثنى، ويُوتِرُ بِرَكعَةٍ. (قالَ: قُلتُ: إنِّي لَستُ عَن هَذا أسأَلُكَ. قالَ: إنَّكَ لَضَخمٌ، ألا تَدَعُنِي أستَقرِئُ لَكَ) الحَدِيثَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي مِن اللَّيلِ مَثنى مَثنى، ويُوتِرُ بِرَكعَةٍ، ويُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبلَ الغَداةِ كَأَنَّ الأَذانَ بِأُذُنَيهِ.
-استدل به على فضل الفصل لكونه أمر صلى الله عليه وسلم بذلك وفعله، أما الوصل فورد من فعله صلى الله عليه وسلم فقط.
قال : " إنك لضخم ألا تدعني أستقرئ لك" فيه جواب السائل بأكثر مما سأل عنه إذا كان مما يحتاج إليه, وهو مما كان صلى الله عليه وسلم يعمله مع أصحابه.

٦٣٣. (م) (٧٤٦) عَنْ زُرارَةَ بْنِ أوْفى؛ أنَّ سَعدَ بنَ هِشامِ بْنِ عامِرٍ أرادَ أن يَغزُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَدِمَ المَدِينَةَ، فَأَرادَ أن يَبِيعَ عَقارًا لَهُ بِها فَيَجعَلَهُ فِي السِّلاحِ والكُراعِ ويُجاهِدَ الرُّومَ حَتّى يَمُوتَ، فَلَمّا قَدِمَ المَدِينَةَ لَقِيَ أُناسًا مِن أهلِ المَدِينَةِ، فَنَهَوهُ عَن ذَلكَ، وأَخبَرُوهُ أنَّ رَهطًا سِتَّةً أرادُوا ذَلكَ فِي حَياةِ نَبِيِّ اللهِ ﷺ، فَنَهاهُم نَبِيُّ اللهِ ﷺ، وقالَ: «ألَيسَ لَكُم فِيَّ أُسوَةٌ؟» فَلَمّا حَدَّثُوهُ بِذَلكَ راجَعَ امرَأَتَهُ، وقَد كانَ طَلَّقَها، وأَشهَدَ عَلى رَجعَتِها، فَأَتى ابنَ عَباسٍ فَسَأَلَهُ عَن وِترِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ: ألا أدُلُّكَ عَلى أعلَمِ أهلِ الأَرضِ بِوِترِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قالَ: مَن؟ قالَ: عائشةُ، فَأتِها فاسأَلها، ثُمَّ ائتِنِي فَأَخبِرنِي بِرَدِّها عَلَيكَ. فانطَلَقتُ إلَيها، فَأَتَيتُ عَلى حَكِيمِ بْنِ أفلَحَ فاستَلحَقتُهُ إلَيها، فَقالَ: ما أنا بِقارِبِها، لأَنِّي نَهَيتُها أن تَقُولَ فِي هاتَينِ الشِّيعَتَينِ شَيئًا، فَأَبَت فِيهِما إلا مُضِيًّا. قالَ: فَأَقسَمتُ عَلَيهِ فَجاءَ، فانطَلَقنا إلى عائشةَ، فاستَأذَنّا عَلَيها فَأَذِنَت لَنا، فَدَخَلنا عَلَيها، فَقالَت: أحَكِيمٌ؟ فَعَرَفَتهُ، فَقالَ: نَعَم. فَقالَت: مَن مَعَكَ؟ قالَ: سَعدُ بنُ هِشامٍ. قالَت: مَن هِشامٌ؟ قالَ: ابنُ عامِرٍ. فَتَرَحَّمَت عَلَيهِ، وقالَت خَيرًا قالَ قَتادَةُ: وكانَ أُصِيبَ يَومَ أُحُدٍ، فَقُلتُ: يا أُمَّ المُؤمِنِينَ؛ أنبِئِينِي عَن خُلُقِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قالَت: ألَستَ تَقرَأُ القُرآنَ؟ قُلتُ: بَلى. قالَت: فَإنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ ﷺ كانَ القُرآنَ. قالَ: فَهَمَمتُ أن أقُومَ، ولا أسأَلَ أحَدًا عَن شَيءٍ حَتّى أمُوتَ، ثُمَّ بَدا لِي فَقُلتُ: أنبِئِينِي عَن قِيامِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَقالَت: ألَستَ تَقرَأُ ﴿ياأيها المزمل﴾؟ قُلتُ: بَلى، قالَت: فَإنَّ اللهَ ﷿ افتَرَضَ قِيامَ اللَّيلِ فِي أوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقامَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ وأَصحابُهُ حَولًا، وأَمسَكَ اللهُ خاتِمَتَها اثنَي عَشَرَ شَهرًا فِي السَّماءِ، حَتّى أنزَلَ اللهُ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ التَّخفِيفَ، فَصارَ قِيامُ اللَّيلِ تَطَوُّعًا بَعدَ فَرِيضَةٍ. قالَ: قُلتُ: يا أُمَّ المُؤمِنِينَ؛ أنبِئِينِي عَن وِترِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ فَقالَت: كُنّا نُعِدُّ لَهُ سِواكَهُ وطَهُورَهُ، فَيَبعَثُهُ اللهُ ما شاءَ أن يَبعَثَهُ مِنَ اللَّيلِ، فَيَتَسَوَّكُ ويَتَوَضَّأُ، ويُصَلِّي تِسعَ رَكَعاتٍ لا يَجلِسُ فِيها إلا فِي الثّامِنَةِ، فَيَذكُرُ اللهَ ويَحمَدُهُ ويَدعُوهُ، ثُمَّ يَنهَضُ ولا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي التّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقعُدُ فَيَذكُرُ اللهَ ويَحمَدُهُ ويَدعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسلِيمًا يُسمِعُنا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعدَ ما يُسَلِّمُ وهُوَ قاعِدٌ، فَتِلكَ إحدى عَشرَةَ رَكعَةً يا بُنَيَّ، فَلَمّا سَنَّ نَبِيُّ اللهِ ﷺ وأَخَذَهُ اللَّحمُ أوتَرَ بِسَبعٍ، وصَنَعَ فِي الرَّكعَتَينِ مِثلَ صَنِيعِهِ الأَوَّلِ، فَتِلكَ تِسعٌ يا بُنَيَّ، وكانَ نَبِيُّ الله ﷺ إذا صَلّى صَلاةً أحَبَّ أن يُداوِمَ عَلَيها، وكانَ إذا غَلَبَهُ نَومٌ أو وجَعٌ عَن قِيامِ اللَّيلِ صَلّى مِنَ النَّهارِ ثِنتَي عَشرَةَ رَكعَةً، ولا أعلَمُ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قَرَأَ القُرآنَ كُلَّهُ فِي لَيلَةٍ، ولا صَلّى لَيلَةً إلى الصُّبحِ، ولا صامَ شَهرًا كامِلًا غَيرَ رَمَضانَ. قالَ: فانطَلَقتُ إلى ابْنِ عبّاسٍ فَحَدَّثتُهُ بِحَدِيثِها، فَقالَ: صَدَقَت، لَو كُنتُ أقرَبُها أو أدخُلُ عَلَيها لأَتَيتُها حَتّى تُشافِهَنِي بِهِ. قالَ: قُلتُ: لَو عَلِمتُ أنَّكَ لا تَدخُلُ عَلَيها ما حَدَّثتُكَ حَدِيثَها.
-وقول عائشة: " إن الله فرض قيام الليل.." ظاهر قولها هذا يدل على أنه كان فرضا عليه وعلى الناس.
-وقولها: "ثم يصلى ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد" تعني انه كان يسلم من وتره وهو قاعد، مخبرة بمشروعية محل السلام، ولم يرد عنه أنه صلى ركعتين الفجر قاعدا،والله أعلم.
-قولها : فإن خلق نبي الله ﷺ – كان القران" معناه: العمل به, والوقف عند حدوده, والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه, وتدبره. ( النووي ).
-فيه استحباب ذلك, والتأهب بأسباب العبادة قبل وقتها والاعتناء بها. ( النووي)
-فيه أن الاستعداد للعبادة بالتنظف والتطيب من أدعى الأسباب للخشوع والتلذذ فيها, كما قال الله { خذوا زينتكم عند كل مسجد}
-استحباب السواك عند القيام من النوم.
قولها: " وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة " هذا دليل على استحباب المحافظة على الأوراد، وأنها إذا فاتت تقضى. (النووي)

٦٣٤. (م) (٧٦٥) عَنْ زَيْدِ بْنِ خالِدٍ الجُهَنِيِّ ﵁ أنّهُ قالَ: لأَرمُقَنَّ صَلاةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ اللَّيلَةَ، فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَينِ، ثُمَّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَينِ طَوِيلَتَينِ طَوِيلَتَينِ، ثُمَّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ وهُما دُونَ اللَّتَينِ قَبلَهُما، ثُمَّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ وهُما دُونَ اللَّتَينِ قَبلَهُما، ثُمَّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ وهُما دُونَ اللَّتَينِ قَبلَهُما، ثُمَّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ وهُما دُونَ اللَّتَينِ قَبلَهُما، ثُمَّ أوتَرَ، فَذَلكَ ثَلاثَ عَشرَةَ رَكعَةً.
-كرر طويلتين ثلاث مرات إرادة لغاية الطول وانتهائه، ولا طول بعد ذلك عرفا، ثم تنزل شيئا فشيئا. (الطيبي)
-وإنما بولغ في تطويلهما؛ لأن النشاط في أول الصلاة يكون اقوى ، والخشوع يكون أتم، ومن ثم سُن التطويل الركعة الأولى على الثانية من الفريضة. (المباركفوري)

٦٣٥. (م) (٧٦٧) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا قامَ مِنَ اللَّيلِ لِيُصَلِّيَ افتَتَحَ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَينِ.
هذا دليل على استحباب الركعتين الخفيفتين؛ لينشط بهما لما بعدهما. (النووي)

٦٣٦. (م) (٧٦٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إذا قامَ أحَدُكُم مِنَ اللَّيلِ فَليَفتَتِح صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَينِ».
-قال القرطبي : هذا أمر على جهة الإرشاد إلى ما يدفع به بقايا النوم، وينشط إلى الصلاة.

٦٣٧. (م) (٧٧٠) عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ: سَأَلتُ عائشةَ أُمَّ المُؤمِنِينَ: بِأَيِّ شَيءٍ كانَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ يَفتَتِحُ صَلاتَهُ إذا قامَ مِنَ اللَّيلِ؟ قالَت: كانَ إذا قامَ مِنَ اللَّيلِ افتَتَحَ صَلاتَهُ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جَبرائِيلَ ومِيكائِيلَ وإسرافِيلَ، فاطِرَ السَّماواتِ والأَرضِ، عالِمَ الغَيبِ والشَّهادَةِ، أنتَ تَحكُمُ بَينَ عِبادِكَ فِيما كانُوا فِيهِ يَختَلِفُونَ، اهدِنِي لِما اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإذنِكَ، إنَّكَ تَهدِي مَن تَشاءُ إلى صِراطٍ مُستَقِيمٍ».
-استحباب قول هذا الدعاء في افتتاح الصلاة, وبخاصة قيام الليل.
ذكر هؤلاء الثلاثة من الملائكة لكمال اختصاصهم واصطفائهم وقربهم من الله.

٦٣٨. (م) (٧٧١) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ ﵁؛ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ أنَّهُ كانَ إذا قامَ إلى الصَّلاةِ قالَ: «وجَّهتُ وجهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ والأَرضَ حَنِيفًا وما أنا مِنَ المُشرِكِينَ، إنَّ صَلاتِي ونُسُكِي ومَحيايَ ومَماتِي للهِ رَبِّ العالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وبِذَلكَ أُمِرتُ وأَنا من المُسلِمِينَ، اللَّهُمَّ أنتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلا أنتَ، أنتَ رَبِّي وأَنا عَبدُكَ، ظَلَمتُ نَفسِي واعتَرَفتُ بِذَنبِي، فاغفِر لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إنَّهُ لا يَغفِرُ الذُّنُوبَ إلا أنتَ، واهدِنِي لأَحسَنِ الأَخلاقِ لا يَهدِي لأَحسَنِها إلا أنتَ، واصرِف عَنِّي سَيِّئَها لا يَصرِفُ عَنِّي سَيِّئَها إلا أنتَ، لَبَّيكَ وسَعدَيكَ، والخَيرُ كُلُّهُ فِي يَدَيكَ، والشَّرُّ لَيسَ إلَيكَ، أنا بِكَ وإلَيكَ، تَبارَكتَ وتَعالَيتَ، أستَغفِرُكَ وأَتُوبُ إلَيكَ». وإذا رَكَعَ قالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعتُ، وبِكَ آمَنتُ، ولَكَ أسلَمتُ، خَشَعَ لَكَ سَمعِي وبَصَرِي ومُخِّي وعَظمِي وعَصَبِي». وإذا رَفَعَ قالَ: «اللَّهمَّ رَبَّنا لَكَ الحَمدُ مِلءَ السَّماواتِ ومِلءَ الأَرضِ ومِلءَ ما بَينَهُما، ومِلءَ ما شِئتَ مِن شَيءٍ بَعدُ». وإذا سَجَدَ قالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدتُ، وبِكَ آمَنتُ، ولَكَ أسلَمتُ، سَجَدَ وجهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وصَوَّرَهُ، وشَقَّ سَمعَهُ وبَصَرَهُ، تَبارَكَ اللهُ أحسَنُ الخالِقِينَ». ثُمَّ يَكُونُ مِن آخِرِ ما يَقُولُ بَينَ التَّشَهُّدِ والتَّسلِيمِ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِي ما قَدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسرَرتُ وما أعلَنتُ وما أسرَفتُ، وما أنتَ أعلَمُ بِهِ مِنِّي، أنتَ المُقَدِّمُ وأَنتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلا أنتَ».
-مشروعية استفتاح الصلاة بهذا الدعاء واستحباب دعاء الافتتاح بما في هذا الحديث إلا أن يكون إماما لقوم لا يؤثرون التطويل.
فيه استحباب الذكر في الركوع والسجود والاعتدال, والدعاء قبل السلام.( النووي)

٦٣٩. (م) (٧٧٢) عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ قالَ: صَلَّيتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ذاتَ لَيلَةٍ، فافتَتَحَ البَقَرَةَ فَقُلتُ: يَركَعُ عِنْدَ المِائَةِ، ثُمَّ مَضى، فَقُلتُ: يُصَلِّي بِها فِي رَكعَةٍ، فَمَضى فَقُلتُ: يَركَعُ بِها، ثُمَّ افتَتَحَ النِّساءَ فَقَرَأَها، ثُمَّ افتَتَحَ آلَ عِمرانَ فَقَرَأَها، يَقرَأُ مُتَرَسِّلًا، إذا مَرَّ بِآيَةٍ فِيها تَسبِيحٌ سَبَّحَ، وإذا مَرَّ بِسُؤالٍ سَأَلَ، وإذا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبحانَ رَبِّيَ العَظِيمِ»، فَكانَ رُكُوعُهُ نَحوًا مِن قِيامِهِ، ثُمَّ قالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ»، ثُمَّ قامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَقالَ: «سُبحانَ رَبِّيَ الأَعلى»، فَكانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِن قِيامِهِ.
[قَولُهُ: يُصَلِّي بِها فِي رَكعة، قالَ عَبدُ الحَقِّ: كَذا وقَعَ، وإنَّما هُوَ: فِي رَكْعَتَيْنِ].
فيه استحباب تكرير" سبحان ربي العظيم" في الركوع, و" سبحان ربي الأعلى" في السجود. (النووي).

١ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أشَدَّ تَعَاهُدًا مِنهُ عَلَى

٥/٠