باب: أفْضَلُ الصَّلاةِ طُولُ القُنُوتِ


٦٤٠. (م) (٧٥٦) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أفضَلُ الصَّلاةِ طُولُ القُنُوتِ».
المراد بطول القنوت هو طول القيام وهو باتفاق العلماء.

باب: فِيمَن فاتَهُ حِزْبُهُ مِنَ اللَّيْلِ


٦٤١. (م) (٧٤٧) عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن نامَ عَن حِزبِهِ أو عَن شَيءٍ مِنهُ فَقَرَأَهُ فِيما بَينَ صَلاةِ الفَجرِ وصَلاةِ الظُّهرِ كُتِبَ لَهُ كَأَنَّما قَرَأَهُ مِنَ اللَّيلِ».
الحديث يدل على مشروعية اتخاذ ورد في الليل, وعلى مشروعية قضائه إذا فات، وأن من نام عنه ثم قضاه من بعد ارتفاع الشمس إلى صلاة الظهر كان كمن فعله في الليل. (الأحوذي).

باب: فِـي النَّظائِرِ الَّتِي تُقرَأُ سُورَتَينِ فِـي كُلِّ رَكعَةٍ


٦٤٢. (خ م) (٨٢٢) عَنْ أبِي وائِلٍ قالَ: غَدَونا عَلى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَومًا (بَعدَ ما صَلَّينا الغَداةَ، فَسَلَّمنا بِالبابِ فَأَذِنَ لَنا، قالَ: فَمَكَثنا بِالبابِ هُنَيَّةً، قالَ: فَخَرَجَت الجارِيَةُ فَقالَت: ألا تَدخُلُونَ. فَدَخَلنا فَإذا هُوَ جالِسٌ يُسَبِّحُ، فَقالَ: ما مَنَعَكُم أن تَدخُلُوا وقَد أُذِنَ لَكُم. فَقُلنا: لا، إلا أنّا ظَنَنّا أنَّ بَعضَ أهلِ البَيتِ نائِمٌ. قالَ: ظَنَنتُم بِآلِ ابْنِ أُمِّ عَبدٍ غَفلَةً. قالَ: ثُمَّ أقبَلَ يُسَبِّحُ حَتّى ظَنَّ أنَّ الشَّمسَ قَد طَلَعَت، فَقالَ: يا جارِيَةُ؛ انظُرِي هَل طَلَعَت؟ قالَ: فَنَظَرَت فَإذا هِيَ لَم تَطلُع، فَأَقبَلَ يُسَبِّحُ حَتّى إذا ظَنَّ أنَّ الشَّمسَ قَد طَلَعَت، قالَ: يا جارِيَةُ؛ انظُرِي هَل طَلَعَت؟ فَنَظَرَت فَإذا هِيَ قَد طَلَعَت، فَقالَ: الحَمدُ للهِ الَّذِي أقالَنا يَومَنا هَذا، قالَ: ولَم يُهلِكنا بِذُنُوبِنا). قالَ: فَقالَ رَجُلٌ مِن القَومِ: قَرَأتُ المُفَصَّلَ البارِحَةَ كُلَّهُ. قالَ: فَقالَ عَبدُ اللهِ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعرِ، إنّا لَقَد سَمِعنا القَرائِنَ، وإنِّي لأَحفَظُ القَرائِنَ الَّتِي كانَ يَقرَأُهُنَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ثَمانِيَةَ عَشَرَ مِن المُفَصَّلِ، وسُورَتَينِ مِن آلِ حم.
وفي رواية: قال: إنِّي لأقرَأُ المُفَصَّلَ فِي رَكعَةٍ. فَقالَ عَبدُ اللهِ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعرِ؟ (إنَّ أقوامًا يَقرَؤُونَ القُرآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُم، ولكِن إذا وقَعَ فِي القَلبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ، إنَّ أفضَلَ الصَّلاةِ الرُّكوعُ والسُّجودُ)، إنِّي لِأعلَمُ النَّظائرَ الَّتِي كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقرُنُ بَينَهنَّ، سُورَتَينِ فِي كُلِّ رَكعَةٍ.
وفِي روايةٍ (خ) زادَ: فَقالَ: عِشرُونَ سُورَةً مِن أوَّلِ المُفَصَّلِ عَلى تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، آخِرُهُنَّ الحَوامِيمُ: حم الدُّخانِ وعَمَّ يَتَساءَلُونَ. وفي رواية (م): عِشرِينَ سُورةً فِي عَشرِ رَكَعاتٍ.
 قوله "سورتين في كل ركعة " فيه جواز الجمع بين السور في ركعة واحدة، ويدل على أن هذا القدر كان قدر قراءته صلى الله عليه وسلم غالباً، وأما تطويله وقراءته البقرة والنساء وآل عمران في ركعة كما سبق قريباً فكان نادرا, وهذا كله في قيام الليل.

باب: صَلاةُ اللَّيْلِ فِـي رَمَضانَ


٦٤٣. (خ م) (٧٦١) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَرَجَ مِن جَوفِ اللَّيلِ، فَصَلّى فِي المَسْجِدِ، فَصَلّى رِجالٌ بِصَلاتِهِ، فَأَصبَحَ النّاسُ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلكَ، فاجتَمَعَ أكثَرُ مِنهُم، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي اللَّيلَةِ الثّانِيَةِ، فَصَلَّوا بِصَلاتِهِ، فَأَصبَحَ النّاسُ يَذكُرُونَ ذَلكَ، فَكَثُرَ أهلُ المَسْجِدِ مِن اللَّيلَةِ الثّالِثَةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّوا بِصَلاتِهِ، فَلَمّا كانَت اللَّيلَةُ الرّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عَن أهلِهِ، فَلَم يَخرُج إلَيهِم رَسُولُ اللهِ ﷺ، (فَطَفِقَ رِجالٌ مِنهُم يَقُولُونَ: الصَّلاةَ). فَلَم يَخرُج إلَيهِم رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتّى خَرَجَ لِصَلاةِ الفَجرِ، فَلَمّا قَضى الفَجرَ أقبَلَ عَلى النّاسِ، ثُمَّ تَشَهَّدَ فَقالَ: «أمّا بَعدُ؛ فَإنَّهُ لَم يَخفَ عَلَيَّ شَأنُكُم اللَّيلَةَ، ولَكِنِّي خَشِيتُ أن تُفرَضَ عَلَيكُم صَلاةُ اللَّيلِ فَتَعجِزُوا عَنها». وفي رواية: وذَلكَ فِي رَمَضانَ.
وفي رواية: فَقالَ: «يا أيُّها النّاسُ؛ عَلَيكُم مِنَ الأَعمالِ ما تُطِيقُونَ، فَإنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتّى تَمَلُّوا، وإنَّ أحَبَّ الأَعمالِ إلى اللهِ ما دُووِم عَلَيهِ وإن قَلَّ». (وكانَ آلُ مُحَمَّدٍ ﷺ إذا عَمِلُوا عَمَلًا أثبَتُوهُ.)
جرى من عادته ﷺ تركه لبعض العمل خشية أن يفرض على أمته، كما في حديث عائشة ﵂ : وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ.

٦٤٤. (خ م) (٧٨١) عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ ﵁ قالَ: احتَجَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حُجَيرَةً بِخَصَفَةٍ أو حَصِيرٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي فِيها، قالَ: فَتَتَبَّعَ إلَيهِ رِجالٌ وجاؤوا يُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ، قالَ: ثُمَّ جاؤوا لَيلَةً فَحَضَرُوا وأَبطَأَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنهُم، قالَ: فَلَم يَخرُج إلَيهِم، فَرَفَعُوا أصواتَهُم وحَصَبُوا البابَ، فَخَرَجَ إلَيهِم رَسُولُ اللهِ ﷺ مُغضَبًا، فَقالَ لَهُم رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما زالَ بِكُم صَنِيعُكُم حَتّى ظَنَنتُ أنَّهُ سَيُكتَبُ عَلَيكُم، فَعَلَيكُم بِالصَّلاةِ فِي بُيُوتِكُم، فَإنَّ خَيرَ صَلاةِ المَرءِ فِي بَيتِهِ إلا الصَّلاةَ المَكتُوبَةَ».
وفي رواية (خ): «حَتّى خَشِيتُ أن يُكتَبَ عَلَيكُم ولَو كُتِبَ عَلَيكُم ما قُمتُم بِهِ».
وفي رواية (خ): فِي رَمَضانَ.

باب: صَلاةُ التَّراوِيحِ


٦٤٥. (خ) (٢٠١٠) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القارِيِّ قالَ: خَرَجتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ ﵁ لَيلَةً فِي رَمَضانَ إلى المَسْجِدِ، فَإذا النّاسُ أوزاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاتِهِ الرَّهطُ، فَقالَ عُمَرُ: إنِّي أرى لَو جَمَعتُ هَؤُلاءِ عَلى قارِئٍ واحِدٍ لَكانَ أمثَلَ. ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُم عَلى أُبَيِّ بْنِ كَعبٍ، ثُمَّ خَرَجتُ مَعَهُ لَيلَةً أُخرى والنّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ قارِئِهِم، قالَ عُمَرُ: نِعمَ البِدعَةُ هَذِهِ، والَّتِي يَنامُونَ عَنها أفضَلُ مِن الَّتِي يَقُومُونَ. يُرِيدُ آخِرَ اللَّيلِ، وكانَ النّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ.
-سن ّ عمر رضي الله عنه ما رضيه صلى الله عليه وسلم ، ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمته، وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما ، فلما عَلِمَ عمر ذلك مِنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلم بأن الفرائض لا يُزاد فيها ولا يُنقص منها بعد موته صلى الله عليه وسلم أقامها للناس وأحياها. (ابن عبدالبر)

باب: فِـي قِيامِ رَمَضانَ والتَّرْغِيبِ فِيهِ


٦٤٦. (خ م) (٧٥٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ (يُرَغِّبُ فِي قِيامِ رَمَضانَ مِن غَيرِ أن يَأمُرَهُم فِيهِ بِعَزِيمَةٍ)؛ فَيَقُولُ: «مَن قامَ رَمَضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ». فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ والأَمرُ عَلى ذَلكَ، ثُمَّ كانَ الأَمرُ عَلى ذَلكَ فِي خِلافَةِ أبِي بَكرٍ، وصَدرًا مِن خِلافَةِ عُمَرَ عَلى ذَلكَ.
٦٤٧. (خ م) (٧٦٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، ومَن قامَ لَيلَةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ». وفي رواية (م): «مَن يَقُمْ لَيلةَ القَدرِ فَيُوافِقُها».
هذا الحديث دليل بين أن الأعمال الصالحة لا تزكو ولا تتقبل إلا مع الاحتساب وصدق النيات، كما قال ﷺ : "الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى". (ابن بطال)
- "احتسابا " أي عزيمة وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه طيبة نفسه بذلك، غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه. ( الخطابي)

كِتابُ الجُمُعَةِ - 6:58


باب: فَضْلُ يَوْمِ الجُمُعَةِ وهِدايَةُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ لَهُ


٦٤٨. (خ م) (٨٥٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَحنُ الآخِرُونَ الأَوَّلُونَ يَومَ القِيامَةِ، (ونَحنُ أوَّلُ مَن يَدخُلُ الجَنَّةَ)، بَيدَ أنَّهُم أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِنا وأُوتِيناهُ مِن بَعدِهِم، فاختَلَفُوا، فَهَدانا اللهُ لِما اختَلَفُوا فِيهِ مِن الحَقِّ، فَهَذا يَومُهُم الَّذِي اختَلَفُوا فِيهِ هَدانا اللهُ لَهُ، قالَ: يَومُ الجُمُعَةِ، فاليَومَ لَنا، وغَدًا لِليَهُودِ، وبَعدَ غَدٍ لِلنَّصارى».
وفي رواية (م): «والأوَّلُونَ يومَ القِيامَةِ، المَقضِيُّ لهَم قَبلَ الخَلائِقِ».
- قوله صلى الله عليه وسلم " فهذا يومهم أي الذي اختلفوا فيه هدانا الله له" الظاهر أنه فرض عليهم تعظيم يوم الجمعة بغير تعيين, ووكل إلى اجتهادهم لإقامة شرائعهم فيه، فاختلف اجتهادهم في تعيينه ولم يهدهم الله له، وفرضه على هذه الأمة مبينا ولم يكله إلى اجتهادهم ففازوا بتفضيله. (النووي).
- قوله صلى الله عليه وسلم "نحن الآخرون ونحن الأولون يوم القيامة" قال العلماء : معناه الآخرون في الزمان والوجود, السابقون بالفضل ودخول الجنة فتدخل هذه الأمة الجنة قبل سائر الأمم. (النووي).

٦٤٩. (م) (٨٥٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خَيرُ يَومٍ طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ يَومُ الجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وفِيهِ أُدخِلَ الجَنَّةَ، وفِيهِ أُخرِجَ مِنها، ولا تَقُومُ السّاعَةُ إلا فِي يَومِ الجُمُعَةِ».
-الظاهر أن هذه الفضائل المعدودة ليست لذكر فضيلته؛ لأن إخراج آدم وقيام الساعة لا يعد فضيلة وإنما هو بيان لما وقع فيه من الأمور العظام وما سيقع , ليتأهب العبد فيه بالأعمال الصالحة لنيل رحمة الله ودفع نقمته (القاضي عياض).
-فضيلة يوم الجمعة ومزيته على سائر الأيام وما اختصه الله به على سائر الأيام.

باب: الـتَّغْلِيظُ فِـي تَرْكِ الجُمُعَةِ


٦٥٠. (م) (٨٦٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ وأَبِي هُرَيْرَةَ ﵃؛ أنَّهُما سَمِعا رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ عَلى أعوادِ مِنبَرِهِ: «لَيَنتَهِيَنَّ أقوامٌ عَن ودعِهِمُ الجُمُعاتِ، أو لَيَختِمَنَّ اللهُ عَلى قُلُوبِهِم، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الغافِلِينَ».
- فيه استحباب اتخاذ المنبر وهو سنة مجمع عليها.
-وفيه أن الجمعة فرض عين على كل رجل مسلم بالغ عاقل. (النووي)

باب: فِـي السّاعَةِ الَّتِي فِـي يَوْمِ الجُمُعَةِ


٦٥١. (خ م) (٨٥٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ أبُو القاسِمِ ﷺ: «إنَّ فِي الجُمُعَةِ لَساعَةً لا يُوافِقُها مُسلِمٌ قائِمٌ يُصَلِّي يَسأَلُ اللهَ خَيرًا إلا أعطاهُ إيّاهُ». وقالَ بِيَدِهِ؛ يُقَلِّلُها يُزَهِّدُها.
-اختلف العلماء في ساعة الإجابة المذكورة على أقوال, أشهرها :
الأول : أنها بعد العصر إلى الغروب
الثاني : أنها بعد الزوال ما بين أن يجلس الإمام على المنبر إلى الفراغ من الصلاة، حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وحكاه ابن عبد البر عن الشعبي.

٦٥٢. (م) (٨٥٣) عَنْ أبِي بُرْدَةَ بْنِ أبِي مُوسى الأَشْعَرِيِّ ﵁ قالَ: قالَ لِي عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ ﵁: أسَمِعتَ أباكَ يُحَدِّثُ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي شَأنِ ساعَةِ الجُمُعَةِ؟ قالَ: قُلتُ: نَعَم، سَمِعتُهُ يَقُولُ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «هِيَ ما بَينَ أن يَجلِسَ الإمامُ إلى أن تُقضى الصَّلاةُ».
- هذا الحديث دليل على القول الثاني بأنها الساعة التي تصلى فيها الجمعة. (ابن رجب).

باب: ما يُقْرَأُ فِـي صَلاةِ الفَجْرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ وما يُقْرَأُ فِـي صَلاةِ الجُمُعَةِ


٦٥٣. (خ م) (٨٨٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَقرَأُ فِي الصُّبحِ يَومَ الجُمُعَةِ بِـ: ﴿الم (١) تَنزِيلُ﴾ فِي الرَّكعَةِ الأُولى، وفِي الثّانِيَةِ: ﴿هَلْ أتى عَلى الإنسانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا﴾.
ورَوى (م) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ نَحْوَهُ، وزادَ: وأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَقرَأُ فِي صَلاةِ الجُمُعَةِ: سُورةَ الجُمُعَةِ والمُنافِقِينَ.
٦٥٤. (م) (٨٧٧) عَنِ ابْنِ أبِي رافِعٍ قالَ: استَخلَفَ مَروانُ أبا هُرَيرَة ﵁ عَلى المَدِينَةِ وخَرَجَ إلى مَكَّةَ، فَصَلّى لَنا أبُو هُرَيْرَةَ ﵁ الجُمُعَةَ، فَقَرَأَ بَعدَ سُورَةِ الجُمُعَةِ فِي الرَّكعَةِ الآخِرَةِ: ﴿إذا جاءَكَ المُنافِقُونَ﴾، قالَ: فَأَدرَكتُ أبا هُرَيْرَةَ ﵁ حِينَ انصَرَفَ، فَقُلتُ لَهُ: إنَّكَ قَرَأتَ بِسُورَتينِ كانَ عَلِيُّ بنُ أبِي طالِبٍ ﵁ يَقرَأُ بِهِما بالكُوفَةِ، فَقالَ أبُو هُرَيْرَةَ: إنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقرَأُ بِهِما يَومَ الجُمُعَةِ.
٦٥٥. (م) (٨٧٨) عَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ ﵄ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقرَأُ فِي العِيدَينِ وفِي الجُمُعَةِ بِـ: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلى﴾ و﴿هَلْ أتاكَ حَدِيثُ الغاشِيَةِ﴾، قالَ: وإذا اجتَمَعَ العِيدُ والجُمُعَةُ فِي يَومٍ واحِدٍ يَقرَأُ بِهِما أيضًا فِي الصَّلاتَين.
٦٥٦. (م) (٨٧٨) عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قالَ: كَتَبَ الضَّحّاكُ بنُ قَيسٍ إلى النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ يَسأَلُهُ: أيَّ شَيءٍ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَومَ الجُمُعَةِ سِوى سُورَةِ الجُمُعَةِ؟ فَقالَ: كانَ يَقرَأُ ﴿هَلْ أتاكَ﴾.

باب: فِـي غُسْلِ الجُمُعَةِ والطِّيبِ والسِّواكِ


٦٥٧. (خ م) (٨٤٥) عَنْ أبي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: بَينَما عُمَرُ بنُ الخَطّابِ يَخطُبُ النّاسَ يَومَ الجُمُعَةِ، إذ دَخَلَ (عُثمانُ بنُ عَفّانَ)، فَعَرَّضَ بِهِ عُمَرُ فَقالَ: ما بالُ رِجالٍ يَتَأَخَّرُون بَعدَ النِّداءِ. فَقالَ (عُثمانُ): يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ؛ ما زِدتُ حِينَ سَمِعتُ النِّداءَ أن تَوَضَّأتُ ثُمَّ أقبَلتُ. فَقالَ عُمَرُ: والوُضُوءَ أيضًا! ألَم تَسمَعُوا رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إذا جاءَ أحَدُكُم إلى الجُمُعَةِ فَليَغتَسِل». لَفظُ (خ): إذ دَخَلَ رَجَلٌ ...
ولم أقف في شيء من الروايات على جواب عثمان عن ذلك، والظاهر أنه سكت عنه اكتفاء بالاعتذار الأول؛ لأنه قد أشار إلى أنه كان ذاهلا عن الوقت، وأنه بادر عند سماع النداء، وإنما ترك الغسل لأنه تعارض عنده إدراك سماع الخطبة والاشتغال بالغسل، وكل منهما مرغب فيه، فآثر سماع الخطبة. (ابن حجر)

٦٥٨. (خ م) (٨٤٧) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ النّاسُ يَنتابُون الجُمُعَةَ مِن مَنازِلِهِم مِن العَوالِي، فَيَأتُونَ فِي العَباءِ، ويُصِيبُهُم الغُبارُ، فَتَخرُجُ مِنهُم الرِّيحُ، فَأَتى رَسُولَ اللهِ ﷺ إنسانٌ مِنهُم وهُوَ عِندِي، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَو أنَّكُم تَطَهَّرتُم لِيَومِكُم هَذا» وفي رواية: فَقِيلَ لهم: «لَو اغتَسَلتُم يومَ الجُمُعَةِ».
٦٥٩. (خ م) (٨٤٦) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «غُسلُ يَومِ الجُمُعَةِ عَلى كُلِّ مُحتَلِم، وسِواكٌ، ويَمَسُّ مِن الطِّيبِ ما قَدَرَ عَلَيهِ». وفي رواية: «واجِبٌ عَلى كُلِّ مُحتَلِمٍ». وفي رواية (م): «ولَو مِن طِيبِ المَرأةِ».
- قوله "ويمس من الطيب ما قدر عليه" يحتمل أن يراد منه التكثير، وأن يراد منه التأكيد، أي يفعله ما أمكنه ذلك ولو من طيب امرأته. (النووي).

٦٦٠. (خ م) (٨٤٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «حَقٌّ للهِ عَلى كُلِّ مُسلِمٍ أن يَغتَسِلَ فِي كُلِّ سَبعَةِ أيّامٍ، يَغسِلُ رَأسَهُ وجَسَدَهُ».
٦٦١. (خ م) (٨٤٨) عَنْ طاوُسٍ؛ عَن ابْنِ عَبّاسٍ؛ أنَّهُ ذَكَرَ قَولَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الغُسلِ يَومَ الجُمُعَةِ، قالَ طاوُسٌ: فَقُلتُ لابنِ عَبّاسٍ: ويَمَسُّ طِيبًا أو دُهنًا إن كانَ عِنْدَ أهلِهِ؟ قالَ: لا أعلَمُهُ.

باب: فَضْلُ التَّهْجِيرِ يَوْمَ الجُمُعَةِ


٦٦٢. (خ م) (٨٥٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن اغتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسلَ الجَنابَةِ ثُمَّ راحَ فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن راحَ فِي السّاعَةِ الثّانِيَةِ فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن راحَ فِي السّاعَةِ الثّالِثَةِ فَكَأَنَّما قَرَّبَ كَبشًا أقرَنَ، ومَن راحَ فِي السّاعَةِ الرّابِعَةِ فَكَأَنَّما قَرَّبَ دَجاجَةً، ومَن راحَ فِي السّاعَةِ الخامِسَةِ فَكَأَنَّما قَرَّبَ بَيضَةً، فَإذا خَرَجَ الإمامُ حَضَرَت المَلائِكَةُ يَستَمِعُونَ الذِّكرَ».
وفي رواية: «إذا كانَ يَومُ الجُمُعَةِ كانَ عَلى كُلِّ بابٍ مِن أبوابِ المسجِدِ مَلائكَةٌ يَكتُبُونَ الأوَّلَ فالأوَّلَ، فَإذا جَلَسَ الإمامُ طَوَوا الصُّحُفَ، وجاؤُوا يَستَمِعُونَ الذِّكرَ، ومَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهدِي البَدَنَة ...».

باب: مَن رَكِبَ بَعْدَ أنْ تَعالى النَّهارُ وتَرَكَ الجُمُعَةَ لِعُذْرٍ


٦٦٣. (خ) (٣٩٩٠) عَنْ نافِعٍ؛ أنَّ ابنَ عُمَرَ ﵄ ذُكِرَ لَهُ أنَّ سَعِيدَ بنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيلٍ وكانَ بَدرِيًّا مَرِضَ فِي يَومِ جُمُعَةٍ، فَرَكِبَ إلَيهِ بَعدَ أن تَعالى النَّهارُ واقتَرَبَت الجُمُعَةُ، وتَرَكَ الجُمُعَةَ.

باب: فِـي اتِّخاذِ الـمِنبَرِ


٦٦٤. (خ م) (٥٤٤) عَنْ أبِي حازِمٍ؛ أنَّ نَفَرًا جاؤوا إلى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَد تَمارَوا فِي المِنبَرِ؛ مِن أيِّ عُودٍ هُوَ؟ فَقالَ: أما واللهِ إنِّي لأَعرِفُ مِن أيِّ عُودٍ هُوَ؟ ومَن عَمِلَهُ؟ ورَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ أوَّلَ يَومٍ جَلَسَ عَلَيهِ، قالَ: فَقُلتُ لَهُ: يا أبا عَبّاسٍ؛ فَحَدِّثنا. قالَ: أرسَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إلى امرَأَةٍ قالَ أبُو حازِمٍ: إنَّهُ لَيُسَمِّها يَومَئِذٍ: «انظُرِي غُلامَكِ النَّجّارَ يَعمَل لِي أعوادًا أُكَلِّمُ النّاسَ عَلَيها». (فَعَمِلَ هَذِهِ الثَّلاثَ دَرَجاتٍ)، ثُمَّ أمَرَ بِها رَسُولُ اللهِ ﷺ فَوُضِعَت هَذا المَوضِعَ، فَهِيَ مِن طَرفاءِ الغابَةِ، ولَقَد رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ قامَ عَلَيهِ فَكَبَّرَ، وكَبَّرَ النّاسُ وراءَهُ، وهُوَ عَلى المِنبَرِ، ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ القَهقَرى حَتّى سَجَدَ فِي أصلِ المِنبَرِ، ثُمَّ عادَ حَتّى فَرَغَ مِن آخِرِ صَلاتِهِ، ثُمَّ أقبَلَ عَلى النّاسِ فَقالَ: «يا أيُّها النّاسُ؛ إنِّي صَنَعتُ هَذا لِتَأتَمُّوا بِي، ولِتَعَلَّمُوا صَلاتِي».
٦٦٥. (خ) (٢٠٩٥) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄؛ أنَّ امرَأَةً مِن الأَنصارِ قالَت لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ألا أجعَلُ لَكَ شَيئًا تَقعُدُ عَلَيهِ؟ فَإنَّ لِي غُلامًا نَجّارًا. قالَ: «إن شِئتِ». قالَ: فَعَمِلَت لَهُ المِنبَرَ، فَلَمّا كانَ يَومُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبِيُّ ﷺ عَلى المِنبَرِ الَّذِي صُنِعَ؛ فَصاحَت النَّخلَةُ الَّتِي كانَ يَخطُبُ عِندَها حَتّى كادَت أن تَنشَقَّ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ ﷺ حَتّى أخَذَها فَضَمَّها إلَيهِ، فَجَعَلَت تَئِنُّ أنِينَ الصَّبِيِّ الَّذِي يُسَكَّتُ حَتّى استَقَرَّت، قالَ: بَكَت عَلى ما كانَت تَسمَعُ مِن الذِّكرِ.
وروى(خ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵁؛ كانَ النَّبِيُّ ﷺ يَخطُبُ إلى جِذعٍ، فَلَمّا اتَّخَذَ المِنبَرَ تَحَوَّلَ إلَيهِ، فَحَنَّ الجِذعُ، فَأَتاهُ فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَيهِ.

باب: فِـي أوَّلِ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ فِـي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ


٦٦٦. (خ) (٨٩٢) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ أنَّهُ قالَ: إنَّ أوَّلَ جُمُعَةٍ جُمِّعَت بَعدَ جُمُعَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي مَسْجِدِ عَبْدِ القَيسِ بِجُواثى مِن البَحرَينِ.
- استدل بهذا الحديث من أجاز الجمعة في القرى. ( ابن الملقن ).

باب: الـتَّأْذِينُ يَوْمَ الجُمُعَةِ


٦٦٧. (خ) (٩١٦) عَنِ السّائِبِ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ: إنَّ الأَذانَ يَومَ الجُمُعَةِ كانَ أوَّلُهُ حِينَ يَجلِسُ الإمامُ يَومَ الجُمُعَةِ عَلى المِنبَرِ فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وأَبِي بَكرٍ وعُمَرَ ﵄، فَلَمّا كانَ فِي خِلافَةِ عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ ﵁ وكَثُرُوا أمَرَ عُثْمانُ يَومَ الجُمُعَةِ بِالأَذانِ الثّالِثِ، فَأُذِّنَ بِهِ عَلى الزَّوراءِ، فَثَبَتَ الأَمرُ عَلى ذَلكَ.
-أول من أمر بالأذان الأول يوم الجمعة عثمان رضي الله عنه.
- أمر عثمان بالأذان الأول، وإنما سمي ثالثاً باعتبار كونه مزيدا على أذان الجمعة وإقامة الصلاة :
فالأول : ليجتمع الناس.
والثاني : عند دخول وقت الظهر
والثالث : وهي الإقامة عند نزول الإمام من المنبر.
والذي عليه العمل الآن الاقتصار على آذانين فقط.

باب: وقْتُ صَلاةِ الجُمُعَةِ


٦٦٨. (خ م) (٨٥٩) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ﵁ قالَ: ما كُنّا نَقِيلُ ولا نَتَغَدّى إلا بَعدَ الجُمُعَةِ. وفي رواية زادَ: فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ.
٦٦٩. (خ م) (٨٦٠) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ ﵁ قالَ: كُنّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ الجُمُعَةَ، فَنَرجِعُ وما نَجِدُ لِلحِيطانِ فَيئًا نَستَظِلُّ بِهِ.
وفِي رِوايَةٍ (م): كُنّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إذا زالَت الشَّمسُ، ثُمَّ نَرجِــعُ نَتَتَبَّعُ الفَيءَ. رَوى (خ) نَحوَها عَن أنَسٍ ﵁.
نفى ما يستظل به، وهذا مع قصر الحيطان ظاهر في أنّ الصلاة كانت بعد الزوال متصلة به.

٦٧٠. (م) (٨٥٨) عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ؛ عَن أبِيهِ؛ أنَّهُ سَأَلَ جابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ: مَتى كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي الجُمُعَةَ؟ قالَ: كانَ يُصَلِّي، ثُمَّ نَذهَبُ إلى جِمالِنا فَنُرِيحُها حِينَ تَزُولُ الشَّمسُ، يَعنِي النَّواضِحَ.
٦٧١. (خ) (٩٠٦) عَنْ أنَسٍ قالَ: كانَ النَّبيُّ ﷺ إذا اشتَدَّ البَردُ بكَّرَ بِالصَّلاةِ، وإذا اشتَدَّ الحَرُّ أبرَدَ بِالصَّلاةِ؛ يَعنِي الجُمُعَةَ.
اسْتَدَلَّ بِهِ اِبْن بَطَّال عَلَى أَنَّ وَقْت الْجُمُعَة وَقْت الظُّهْر؛ لأنَّ أَنَسًا سَوَّى بَيْنهمَا فِي جَوَابه، خِلافًا لِمَنْ أَجَازَ الْجُمُعَة قَبْل الزَّوَال.
- وَفِي الحديث: إِزَالَة التَّشْوِيش عَنْ الْمُصَلِّي بِكُلِّ طَرِيق مُحَافَظَة عَلَى الْخُشُوع؛ لأنَّ ذَلِكَ هُوَ السَّبَب فِي مُرَاعَاة الإبْرَاد فِي الْحَرّ دُون الْبَرْد.

باب: الخُطْبَةُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وما يَقُولُ فِيها


٦٧٢. (خ م) (٨٧١) عَنْ يَعْلى بْنِ أُمَيَّةَ ﵁؛ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقرَأُ عَلى المِنبَرِ: ﴿ونادَوْا يامالِكُ﴾ [الزخرف: ٧٧].
زادَ (خ) فِي رِوايَةٍ: قالَ سُفيانُ: فِي قِراءَةِ عَبْدِ اللهِ: «ونادَوْا يا مالِ».
فيه قراءة بعض آيات القرآن في الخطبة وهي مشروعة بلا خلاف, واستحبها مالك, وخص بعض السور لما فيها من المواعظ ( القرطبي).
-قال الأُبّي : وفيه استحباب التحذير.

٦٧٣. (م) (٨٦٦) عَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ﵁ قالَ: كُنتُ أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الصَّلَواتِ، فَكانَت صَلاتُهُ قَصدًا، وخُطبَتُهُ قَصدًا.
٦٧٤. (م) (٨٦٧) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا خَطَبَ احمَرَّت عَيناهُ وعَلا صَوتُهُ واشتَدَّ غَضَبُهُ، حَتّى كَأَنَّهُ مُنذِرُ جَيشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُم ومَسّاكُم. ويَقُولُ: «بُعِثتُ أنا والسّاعَةُ كَهاتَينِ». ويَقرُنُ بَينَ إصبَعَيهِ السَّبّابَةِ والوُسطى، ويَقُولُ: «أمّا بَعدُ؛ فَإنَّ خَيرَ الحَدِيثِ كِتابُ اللهِ، وخَيرُ الهُدى هُدى مُحَمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحدَثاتُها، وكُلُّ بِدعَةٍ ضَلالَةٌ». ثُمَّ يَقُولُ: «أنا أولى بِكُلِّ مُؤمِنٍ مِن نَفسِهِ، مَن تَرَكَ مالًا فَلأَهلِهِ، ومَن تَرَكَ دَينًا أو ضَياعًا فَإلَيَّ وعَلَيَّ».
وفي رواية: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَخطُبُ النّاسَ؛ يَحمَدُ اللهَ ويُثنِي عَلَيهِ بِما هُوَ أهلُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: «مَن يَهدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومَن يُضلِل فَلا هادِيَ لَهُ، وخَيرُ الحَدِيثِ كِتابُ اللهِ».
-سبب رفعِ صوتِه إبلاغُ صوتِه إلى آذانهم، وتعظيمُ ذلك الخبرِ في خواطرهم، وتأثيرُه فيهم. (المفاتيح في شرح المصابيح)
- يُسْتَحَبُّ لِلْخَطِيبِ أَنْ يُفَخِّمَ أَمْرَ الْخُطْبَةِ وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ وَيُجْزِلَ كَلَامَهُ وَيَكُونَ مُطَابِقًا لِلْفَصْلِ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِنْ تَرْغِيبٍ أَوْ تَرْهِيبٍ، وَلَعَلَّ اشْتِدَادَ غَضَبِهِ كَانَ عِنْدَ إِنْذَارِهِ أَمْرًا عَظِيمًا وَتَحْدِيدِهِ خَطْبًا جَسِيمًا.
- قَوْلُهُ " أَمَّا بَعْدُ " : فِيهِ اسْتِحْبَابُ قَوْلِ أَمَّا بَعْدُ فِي خُطَبِ الْوَعْظِ، وَالْجُمُعَةِ، وَالْعِيدِ، وَغَيْرِهَا وَكَذَا فِي خُطَبِ الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ.

٦٧٥. (م) (٨٦٩) عَنْ أبِي وائِلٍ؛ خَطَبَنا عَمّارٌ فَأَوجَزَ وأَبلَغَ، فَلَمّا نَزَلَ قُلنا: يا أبا اليَقْظانِ؛ لَقَد أبلَغتَ وأَوجَزتَ، فَلَو كُنتَ تَنَفَّستَ. فَقالَ: إنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ وقِصَرَ خُطبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِن فِقهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلاةَ واقصُرُوا الخُطبَةَ، وإنَّ مِن البَيانِ سِحرًا».
ورَوى (خ) عَن ابنِ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ: جاءَ رَجُلانِ مِن المَشرِقِ فَخَطَبا فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إنَّ مِن البَيانِ لَسِحرًا».
- في هذا الحديث ما يدل على فصاحة عمار رضي الله عنه من حيث وصف أنه أبلغ وأوجز، ومن حيث أنه تعهد ذلك فلم يقع منه اتفاقًا لاحتجاجه لذلك بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أمره بتقصير الخطبة وتطويل الصلاة. (ابن هبيرة)
-وتطويل الصلاة؛ ليدركها الغائب والبعيد عن الجامع، وأما قصر الخطبة فإنه يكون أدعى لحفظ ما يذكره فيها، فإن احتاج الخطيب إلى أن يطيل لذكر حادثة جرت أو نائبة أو إبانة عن صورة لا بد من إبانتها لم يكره ذلك إن شاء الله تعالى. (ابن هبيرة)

٦٧٦. (م) (٨٦٨) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ ضِمادًا قَدِمَ مَكَّةَ، وكانَ مِن أزدِ شَنُوءَةَ، وكانَ يَرقِي مِن هَذِهِ الرِّيحِ، فَسَمِعَ سُفَهاءَ مِن أهلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إنَّ مُحَمَّدًا مَجنُونٌ. فَقالَ: لَو أنِّي رَأَيتُ هَذا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللهَ يَشفِيهِ عَلى يَدَيَّ. قالَ: فَلَقِيَهُ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ؛ إنِّي أرقِي مِن هَذِهِ الرِّيحِ، وإنَّ اللهَ يَشفِي عَلى يَدِي مَن شاءَ، فَهَل لَكَ؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ الحَمدَ للهِ نَحمَدُهُ ونَستَعِينُهُ، مَن يَهدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومَن يُضلِل فَلا هادِيَ لَهُ، وأَشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُهُ، أمّا بَعدُ». قالَ: فَقالَ: أعِد عَلَيَّ كَلِماتِكَ هَؤُلاءِ. فَأَعادَهُنَّ عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَلاثَ مَرّاتٍ. قالَ: فَقالَ: لَقَد سَمِعتُ قَولَ الكَهَنَةِ، وقَولَ السَّحَرَةِ، وقَولَ الشُّعَراءِ، فَما سَمِعتُ مِثلَ كَلِماتِكَ هَؤُلاءِ، ولَقَد بَلَغنَ ناعُوسَ البَحرِ، قالَ: فَقالَ: هاتِ يَدَكَ أُبايِعكَ عَلى الإسلامِ. قالَ: فَبايَعَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وعَلى قَومِكَ؟» قالَ: وعَلى قَومِي. قالَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَرِيَّةً فَمَرُّوا بِقَومِهِ، فَقالَ صاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلجَيشِ: هَل أصَبتُم مِن هَؤُلاءِ شَيئًا؟ فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَومِ: أصَبتُ مِنهُم مِطهَرَةً. فَقالَ: رُدُّوها فَإنَّ هَؤُلاءِ قَومُ ضِمادٍ.
-هذا الحديث دليل على فضل البيان، وحسن تقديم الكلام الواضح البليغ, وأنه يبلغ في استجلاب القلوب إلى ما يشبه السحر.
- أن العاقل إذا خاطب أهل جهل عاملهم بما يناسب عقولهم, ويدعهم إلى العلم الذي يرفع الجهل عنهم ولا يحمل عليهم, كما فعل رسول الله ﷺ مع ضماد فما كان منه إلا أن أسلم لحسن تعامل رسول الله ﷺ معه.

٦٧٧. (م) (٨٧٠) عَنْ عَدِيِّ بْنِ حاتِمٍ ﵁؛ أنَّ رَجُلًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِي ﷺ فَقالَ: مَن يُطِعِ اللهَ ورَسُولَهُ فَقَد رَشَدَ، ومَن يَعصِهِما فَقَد غَوى. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بِئسَ الخَطِيبُ أنتَ، قُل: ومَن يَعصِ اللهَ ورَسُولَهُ».
٦٧٨. (م) (٨٧٣) عَنْ أُمِّ هِشامٍ بِنْتِ حارِثَةَ بْنِ النُّعْمانِ ﵂ قالَت: لَقَد كانَ تَنُّورُنا وتَنُّورُ رَسُولِ اللهِ ﷺ واحِدًا سَنَتَينِ أو سَنَةً وبَعضَ سَنَةٍ، وما أخَذتُ: ﴿ق والقُرْآنِ المَجِيدِ﴾ إلا عَن لِسانِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ يَقرَؤُها كُلَّ يومِ جُمُعَةٍ عَلى المِنبَرِ إذا خَطَبَ النّاسَ.
٦٧٩. (م) (٨٧٤) عَنْ حُصَيْنٍ؛ عَن عُمارَةَ بْنِ رُؤَيبَةَ ﵁؛ رَأى بِشرَ بنَ مَروانَ عَلى المِنبَرِ رافِعًا يَدَيهِ فَقالَ: قَبَّحَ اللهُ هاتَينِ اليَدَينِ، لَقَد رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ ما يَزِيدُ عَلى أن يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذا، وأَشارَ بِإصبَعِهِ المُسَبِّحَةِ.

باب: الخُطْبَةُ قائِمًا


٦٨٠. (خ م) (٨٦٣) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ (كانَ يَخطُبُ قائِمًا) يَومَ الجُمُعَةِ، فَجاءَت عِيرٌ مِن الشّامِ فانفَتَلَ النّاسُ إلَيها، حَتّى لَم يَبقَ إلا اثنا عَشَرَ رَجُلًا، فَأُنزِلَت هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي الجُمُعَةِ: ﴿وإذا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْوًا انفَضُّوا إلَيْها وتَرَكُوكَ قائِمًا﴾ [الجمعة: ١١]. وفي رواية (م): إلا اثنا عَشَرَ رَجُلًا فِيهِم أبُو بَكرٍ وعُمَرُ. وفي رواية لَهُ: أنا فِيهِم.
- في هذا الحديث من الفقه أن البيع والشراء بعد النداء للجمعة غير جائز، فأما قبل ذلك فجائز، والمستحب للمسلم أن يوقر يوم الجمعة ويعظمه من صلاة الجمعة وغسلها وآدابها. (ابن هبيرة)
- استدل البخاري وخلقٌ من العلماء على أن الناس إذا نفروا عن الإمام وهو يخطب للجمعة، وصلى الجمعة بمن بقي، جاز ذلك، وصحت جمعتهم.

٦٨١. (م) (٨٦٤) عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ﵁؛ أنَّهُ دَخَلَ المَسْجِدَ وعَبدُ الرَّحْمَنِ ابنُ أُمِّ الحَكَمِ يَخطُبُ قاعِدًا، فَقالَ: انظُرُوا إلى هَذا الخَبِيثِ يَخطُبُ قاعِدًا، وقالَ اللهُ تَعالى: ﴿وإذا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْوًا انفَضُّوا إلَيْها وتَرَكُوكَ قائِمًا﴾ [الجمعة: ١١].

باب: فِـي الجَلْسَةِ بَيْنَ الخُطْبَتَيْنِ فِـي الجُمُعَةِ


٦٨٢. (خ م) (٨٦١) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَخطُبُ يَومَ الجُمُعَةِ قائِمًا، ثُمَّ يَجلِسُ، ثُمَّ يَقُومُ، قالَ: كَما يَفعَلُونَ اليَومَ.
-مشروعية القيام في الخطبة والقعود بين الخطبتين.
- مشروعية خطبة الجمعة قائماً، وهو السنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التي داوم عليها طوال حياته، كما دل عليه حديث.

٦٨٣. (م) (٨٦٢) عَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: كانَت لِلنَّبِيِّ ﷺ خُطبَتانِ يَجلِسُ بَينَهُما يَقرأُ القرآنَ ويُذَكِّرُ النّاسَ.
-فيه أن المشروع للجمعة خطبتين.

باب: إذا دَخَلَ والإمامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ صَلّى رَكْعَتَيْنِ


٦٨٤. (خ م) (٨٧٥) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: بَيْنا النَّبِيُّ ﷺ يَخطُبُ يَومَ الجُمُعَةِ إذ جاءَ رَجُلٌ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أصَلَّيتَ يا فُلانُ؟» قالَ: لا. قالَ: «قُم فاركَع». زادَ (م) فِي رِوايةٍ: «رَكْعَتَيْنِ وتَجَوَّز فِيهِما». وفي رواية (م): جاء سُلَيكٌ الغَطَفانِيُّ ...
-في هذا الحديث من الفقه أنه يستحب لمن دخل يوم الجمعة والإمام يخطب أن يصلي ركعتين، ويدل على أن الكلام في حال الخطبة لا يحرم على الخطيب. (ابن هبيرة)
-وقوله: (وتجوز فيهما) أي خففهما ولا تطل؛ لأجل استماع الخطبة.
-أن الداخل للمسجد والخطيب يخطب على المنبر يندب له صلاة تحية المسجد إلا في آخر الخطبة ويخففها وجوبًا ليسمع الخطبة. (الكوكب الوهاج)

باب: الإنْصاتُ لِلْخُطْبَةِ واجِبٌ


٦٨٥. (خ م) (٨٥١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا قُلتَ لِصاحِبِكَ أنصِت يَومَ الجُمُعَةِ والإمامُ يَخطُبُ فَقَد لَغَوتَ».
٦٨٦. (م) (٨٥٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «مَن اغتَسَلَ، ثُمَّ أتى الجُمُعَةَ، فَصَلّى ما قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أنصَتَ حَتّى يَفرُغَ مِن خُطبَتِهِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ ما بَينَهُ وبَينَ الجُمُعَةِ الأُخرى وفَضْلُ ثَلاثَةِ أيّامٍ». وفي رواية: «مَن تَوَضَّأ فأحسَنَ الوضُوءَ، ثُمَّ أتى الجُمُعَةَ ... وفِيها: ومَن مَسَّ الحَصى فَقَدَ لَغا».
-هذا الحديث يتضمن استعمال أدب الجمعة، ويدل على أن الغسل لها مستحب، ويأمر بالاستماع للخطبة، ويحث على القرب من الخطيب، ويحرص على الإنصات.
-فأما مس الحصا؛ فإنه يحدث صوتا يلفت بعض الحاضرين عن سماع الخطبة؛ فكأن فاعل ذلك قد تكلم.
-وأما قوله: (غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام) فلأن الحسنة بعشر أمثالها؛ فكانت الأيام الثلاثة متممة للعشر. (ابن هبيرة)

٦٨٧. (خ) (٩١٠) عَنْ سَلْمانَ الفارِسيِّ ﵁ قالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لا يَغتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما استَطاعَ مِن الطُّهرِ، ويدَّهِنُ مِن دُهنِهِ، أو يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيتِهِ، ثُمَّ يَخرُجُ فَلا يُفَرِّقُ بَينَ اثنَينِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِب لَهُ، ثُمَّ يَنصِتُ إذا تَكَلَّمَ الإمامُ إلا غُفِرَ لَهُ ما بَينَهُ وبَينَ الجُمُعَةِ الأُخرى».
- المراد به التنظيف بأخذ الشارب والظفر والعانة والإبط، أو المراد بالغسل غسل الجسد، وبالتطهير غسل الرأس وتنظيف الثياب. (المباركفوري).

باب: الـتَّعْلِيمُ أثْناءَ الخُطْبَةِ


٦٨٨. (م) (٨٧٦) عَنْ أبِي رِفاعَةَ العَدَوِيِّ ﵁ قالَ: انتَهَيتُ إلى النَّبِيِّ ﷺ وهُوَ يَخطُبُ، قالَ: فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ رَجُلٌ غَرِيبٌ جاءَ يَسأَلُ عَن دِينِهِ، لا يَدرِي ما دِينُهُ؟ قالَ: فَأَقبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وتَرَكَ خُطبَتَهُ حَتّى انتَهى إلَيَّ، فَأُتِيَ بِكُرسِيٍّ حَسِبتُ قَوائِمَهُ حَدِيدًا، قالَ: فَقَعَدَ عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ أتى خُطبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَها.
- استحباب تلطف السائل في عبارته وسؤاله العالم.
- وفيه: تواضعه - صلى الله عليه وسلم - ورفقه بالمسلمين، وشفقته عليهم، وخفض جناحه لهم.
- وفيه: المبادرة إلى جواب المستفتي، وتقديم أهم الأمور فأهمها.
فوائد سلوكية : تقديم الأولى وفعل الأنسب، ومراعاة المصلحة ضرورة من ضرورات عمل القائد، فالتعليم أثناء الخطبة أمرٌ قد لا يقبله الناس لكنه هنا لهدف مهم فكان تقديمه أفضل.

باب: الـصَّلاةُ بَعْدَ الجُمُعَةِ


٦٨٩. (م) (٨٨١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا صَلّى أحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَليُصَلِّ بَعدَها أربَعًا». وفي رواية: «إذا صَلَّيتُم بَعدَ الجُمُعَةِ فَصَلُّوا أربَعًا».
- فيه استحباب سنة الجمعة بعدها، والحث عليها، وأن أقلها ركعتان، وأكملها أربع، ونبه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "فليصل بعدها أربعاً" على الحث عليها بصيغة الأمر, وذكر الأربع لفضيلتها، وفعل الركعتين أحياناً بياناً لأقلها، وكان يصلي في أكثر الأوقات أربعاً.

٦٩٠. (م) (٨٨٣) عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطاءِ بْنِ أبِي الخُوارِ؛ أنَّ نافِعَ بنَ جُبَيرٍ أرسَلَهُ إلى السّائِبِ ابْنِ أُختِ نَمِرٍ يَسأَلُهُ عَن شَيءٍ رَآهُ مِنهُ مُعاوِيَةُ فِي الصَّلاةِ، فَقالَ: نَعَم، صَلَّيتُ مَعَهُ الجُمُعَةَ فِي المَقصُورَةِ، فَلَمّا سَلَّمَ الإمامُ قُمتُ فِي مَقامِي فَصَلَّيتُ، فَلَمّا دَخَلَ أرسَلَ إلَيَّ فَقالَ: لا تَعُد لِما فَعَلتَ، إذا صَلَّيتَ الجُمُعَةَ فَلا تَصِلها بِصَلاةٍ حَتّى تَكَلَّمَ أو تَخرُجَ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أمَرَنا بِذَلكَ؛ أن لا تُوصَلَ صَلاةٌ بِصَلاةٍ حَتّى نَتَكَلَّمَ أو نَخرُجَ.
- فيه دليل على أن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحول لها عن موضع الفريضة إلى موضع آخر، وأفضله التحول إلى بيته، وإلا فموضع آخر من المسجد, أو غيره ليكثر مواضع سجوده, ولتفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة، وقوله "حتى نتكلم" دليل على أن الفصل بينهما يحصل بالكلام أيضًا ولكن الانتقال أفضل.

١ أفضل الصلاة (...)

٥/٠