كِتابُ صَلاةِ الكُسُوفِ


باب: صِفَةُ صَلاةِ الكُسُوفِ


٧٢٧. (خ م) (٩٠١) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: خَسَفَت الشَّمسُ فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي فَأَطالَ القِيامَ جِدًّا، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطالَ الرُّكُوعَ جِدًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَأَطالَ القِيامَ جِدًّا، وهُوَ دُونَ القِيامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطالَ الرُّكُوعَ جِدًّا وهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قامَ فَأَطالَ القِيامَ وهُوَ دُونَ القِيامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطالَ الرُّكُوعَ وهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَقامَ فَأَطالَ القِيامَ وهُوَ دُونَ القِيامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطالَ الرُّكُوعَ وهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انصَرَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وقَد تَجَلَّت الشَّمسُ، فَخَطَبَ النّاسَ، فَحَمِدَ اللهَ وأَثنى عَلَيه، ثُمَّ قالَ: «إنَّ الشَّمسَ والقَمَرَ مِن آياتِ اللهِ، وإنَّهُما لا يَنخَسِفانِ لِمَوتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، فَإذا رَأَيتُمُوهُما فَكَبِّرُوا، وادعُوا اللهَ، وصَلُّوا، وتَصَدَّقُوا، يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ؛ إن مِن أحَدٍ أغيَرَ مِن اللهِ أن يَزنِيَ عَبدُهُ، أو تَزنِيَ أمَتُهُ، يا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ؛ واللهِ لَو تَعلَمُونَ ما أعلَمُ لَبَكَيتُم كَثِيرًا ولَضَحِكتُم قَلِيلًا، (ألا هَل بَلَّغتُ؟)».
وفي رواية: فَبَعَثَ مُنادِيًا: الصَّلاةُ جامِعَةٌ، فاجتَمَعُوا. وفي رواية (خ): ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ ثُمَّ استَفتَحَ بِسُورةٍ أُخرى. وفي رواية: جَهَرَ فِي صَلاةِ الخُسُوفِ بِقِراءتِهِ. وفي رواية: ثُمَّ رَفَعَ رَأسَه فَقالَ: «سَمِعَ اللهُ لمِن حَمِدَه، رَبَّنا ولَكَ الحَمدُ»، وفِيها: «فَإذا رَأَيتُمُوها فافزَعُوا لِلصَّلاِة». وقالَ أيضًا: «فَصَلُّوا حَتّى يُفَرِّجَ اللهُ عَنكُم». وقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «رَأَيتُ فِي مَقامِي هَذا كلَّ شيءٍ وُعِدتُم، حَتى لَقَد رأيتُنِي أُرِيدُ أن آخُذَ قِطفًا مِنَ الجنَّةِ حِينَ رَأَيتُمُونِي جَعَلتُ أتَقَدَّمُ، ولَقَد رَأَيتُ جَهَنَّمَ يَحطِمُ بَعضُها بَعضًا حِينَ رَأَيتُمُونِي تَأخَّرتُ، ورَأَيتُ فِيها ابنَ لُحَيٍّ، وهُوَ الَّذِي سيَّبَ السَّوائبَ».
ولَهُما عَن عَمْرَةَ؛ أنَّ يَهُودِيةً أتَت عائِشَةَ ﵂ تَسأَلُها فَقالَت: أعاذَكِ اللهِ مِن عَذابِ القَبر. قالَت عائِشَةُ: فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ يُعَذَّبُ النّاسُ فِي القُبُورِ؟ قالَت عَمْرَةُ: فَقالَت عائِشَةُ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عائِذًا بِاللهِ». ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ذاتَ غَداةٍ مَركَبًا فَخَسَفَت الشَّمسُ قالَت عائِشَةُ: فَخَرَجتُ فِي نِسوَةٍ بَينَ ظَهْرَي الحُجَرِ فِي المَسجدِ، فَأَتى رَسُولُ الله ﷺ مِن مَركَبِهِ حَتّى انتَهى إلى مُصَلاَّهُ الَّذِي كانَ يُصَلِّي فِيهِ فَقامَ وقامَ النّاسُ ... (وفِيها: فَقالَ: «إنِّي قَد رَأَيتُكُم تُفْتَنُونَ فِي القُبُور كَفِتنَةِ الدَّجّالِ». قالَت عَمْرَةُ: فَسَمِعتُ عائِشَةَ تَقُولُ: فَكُنتُ أسمَعُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعدَ ذَلكَ يَتَعَوَّذُ مِن عَذابِ النّارِ وعَذابِ القَبر). زادَ (خ): فَخَسَفَتْ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى فَمَرَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَيْنَ ظَهْرانَيْ الحُجَرِ ثُمَّ قامَ يُصَلِّي وقامَ النّاسُ وراءَهُ فَقامَ قِيامًا طَوِيلًا ... وانْصَرَفَ فَقالَ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَقُولَ ثُمَّ أمَرَهُمْ أنْ يَتَعَوَّذُوا مِن عَذابِ القَبْر.
-اخْتُصَّتْ صَلَاةُ الْكُسُوفِ بِزِيَادَةِ الرُّكُوعِ في كل ركعة، والتطويل الزائد على العادة في القيام وغيره.
- مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ لِلْكُسُوفِ، وفيه أَنَّ الِانْجِلَاءَ لَا يُسْقِطُ الْخُطْبَةَ ، بِخِلَافِ مَا لَوِ انْجَلَتْ قَبْلَ أَنْ يَشْرَعَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ .
- لَمَّا أُمِرُوا بِاسْتِدْفَاعِ الْبَلَاءِ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ نَاسَبَ رَدْعَهُمْ عَنِ الْمَعَاصِي الَّتِي هِيَ مِنْ أَسْبَابِ جَلْبِ الْبَلَاءِ ، وَخَصَّ مِنْهَا الزِّنَا لِأَنَّهُ أَعْظَمُهَا فِي ذَلِكَ .
-تَرْجِيحُ التَّخْوِيفِ فِي الْخُطْبَةِ عَلَى التَّوَسُّعِ فِي التَّرْخِيصِ لِمَا فِي ذِكْرِ الرُّخَصِ مِنْ مُلَاءَمَةِ النُّفُوسِ لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّهْوَةِ .
-الْمُبَادَرَةُ بِالصَّلَاةِ وَسَائِرُ مَا ذُكِرَ عِنْدَ الْكُسُوفِ .
-الزَّجْرُ عَنْ كَثْرَةِ الضَّحِكِ ، وَالْحَثُّ عَلَى كَثْرَةِ الْبُكَاءِ، والتحقق بما يصير إليه المرء بعد الموت والفناء، والاعتبار بالآيات.
-الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلْكَوَاكِبِ تَأْثِيرًا فِي الْأَرْضِ لِانْتِفَاءِ ذَلِكَ عَنِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَكَيْفَ بِمَا دُونَهُمَا .
-اهْتِمَامُ الصَّحَابَةِ بِنَقْلِ أَفْعَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُقْتَدَى بِهِ فِيهَا .
-التَّنْبِيهُ عَلَى سُلُوكِ طَرِيقِ الْخَوْفِ مَعَ الرَّجَاءِ لِوُقُوعِ الْكُسُوفِ بِالْكَوْكَبِ ثُمَّ كَشْفُ ذَلِكَ عَنْهُ لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ عَلَى خَوْفٍ وَرَجَاءٍ .
-مشروعية الجهر في صلاة الكسوف على الصحيح؛ وكذلك في خسوف القمر؛ لجمعه بينهما في الحكم.
-دليل على إثبات فتنة القبر، وهي سؤال الميت عن ربه ودينه ونبيه. (ابن حجر)

باب: الأَمْرُ بِذِكْرِ اللهِ عِنْدَ الكُسُوفِ وما رَآهُ النَّبِيُّ ﷺ فِـي صَلاتِهِ


٧٢٨. (خ م) (٩٠٧) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: انكَسَفَت الشَّمسُ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَصَلّى رَسُولُ اللهِ ﷺ والنّاسُ مَعَهُ، فَقامَ قِيامًا طَوِيلًا قَدرَ نَحوِ سُورَةِ البَقَرَةِ ... [وفيه]: «... فَإذا رَأَيتُم ذَلكَ فاذكُرُوا اللهَ». قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ رَأَيناكَ تَناوَلتَ شَيئًا فِي مَقامِك هَذا، ثُمَّ رَأَيناكَ كَفَفتَ؟ فَقالَ: «إنِّي رَأَيتُ الجَنَّةَ، فَتَناوَلتُ مِنها عُنقُودًا، ولَو أخَذتُهُ لأَكَلتُم مِنهُ ما بَقِيَت الدُّنيا، ورَأَيتُ النّارَ، فَلَم أرَ كاليَومِ مَنظَرًا قَطُّ، ورَأَيتُ أكثَرَ أهلِها النِّساءَ». قالُوا: بِمَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: «بِكُفرِهِنَّ». قِيلَ: أيَكفُرنَ بالله؟ قالَ: «بِكُفرِ العَشِيرِ، وبِكُفرِ الإحسانِ، لَو أحسَنتَ إلى إحداهُنَّ الدَّهرَ ثُمَّ رَأَت مِنكَ شَيئًا قالَت: ما رَأَيتُ مِنكَ خَيرًا قَطُّ». وفي رواية (م): صَلّى ثَمانَ رَكعاتٍ فِي أربَعِ سَجَداتٍ. وعَن عَلِيٍ ﵁ مِثلَ ذَلكَ.
ورَوى (م) عَنْ جابِرٍ قالَ: انكَسَفَت الشَّمسُ فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَومَ ماتَ إبراهيمُ ابنُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ النّاسُ: إنَّما انكَسَفَت لِموتِ إبراهِيمَ. رواه (خ) من حَدِيثِ المغيرَةِ بْنِ شُعبَةَ.
ورَوى (م) عَن جابِرٍ قالَ: كَسَفَتِ الشَّمسُ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ في يَومٍ شَدِيدِ الحَرِّ، فَصَلّى رَسُولُ اللهِ ﷺ بِأَصحابِهِ فَأَطالَ القِيامَ حَتّى جَعَلُوا يَخِرُّون، وفيها: فَكانَت أربَعَ رَكَعاتٍ وأَربَعَ سَجَداتٍ، ثُمَّ قالَ: «إنَّه عُرِضَ عَلَيَّ كُلُّ شَيءٍ تُولَجُونَهُ، فعُرِضَت عَلَيَّ الجَنةُ حَتّى لَو تَناوَلتُ مِنها قِطفًا أخَذتُهُ، أو قالَ: تَناوَلتُ مِنها قِطفًا فَقَصُرَت يَدِي عَنهُ، وعُرِضَت عَلَيَّ النارُ، فَرَأيتُ فِيها امرَأَةً مِن بَنِي إسرائِيلَ تُعذَّبُ فِي هِرَّةٍ لَها، رَبَطَتها فَلَم تُطعِمها ولَم تَدَعها تَأكُلُ مِن خَشاشِ الأَرضِ ..». وفي رواية: قالَ: «لَقَد جِيءَ بِالنّارِ، وذَلكُم حِينَ رَأيتُمُونِي تَأخَّرتُ مَخافَةَ أن يُصِيبَنِي مِن لَفحِها، وحَتّى رَأَيتُ فِيها صاحِبَ المِحجَنِ، يَجُرُّ قُصبَهُ فِي النّارِ، كانَ يَسرِقُ الحاجَّ بِمِحجَنِهِ، فَإن فُطِنَ لَهُ قالَ: إنَّما تَعَلَّقَ بِمِحجَنِي، وإن غُفِلَ عَنهُ ذَهَبَ بِهِ».
وفي رواية (م) عنه: فَقالَ النّاسُ: إنَّما انكَسَفَت لمَوتِ إبراهِيمَ، فَقامَ النَّبيُّ ﷺ فَصَلّى بِالنّاسِ سِتَّ رَكَعاتٍ بِأَربَعِ سَجَداتٍ ... وفِيها: ثُمَّ تَأَخَّرَ وتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ خَلْفَهُ حَتّى انْتَهَيْنا -وفي رواية: حَتّى انتَهى إلى النِّساءِ- ثُمَّ تَقَدَّمَ وتَقَدَّمَ النّاسُ مَعَهُ، حَتّى قامَ فِي مَقامِهِ، فانصَرَفَ حِينَ انصَرَفَ وقَد آضَتِ الشَّمسُ ...
ولَهُما عَن أبِي مُوسى ﵁ قالَ: خَسَفَت الشَّمسُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ فَقامَ فَزِعًا يَخشى أن تَكُونَ السّاعَةُ، وفيها: «فَإذا رَأَيتُم مِنها شَيئًا فافزَعُوا إلى ذِكرِهِ، ودُعائِهِ، واستِغفارِهِ».
ورَوى (خ): عَن أبي بَكْرَةَ قالَ: خَسَفَت الشَّمسُ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَخَرَجَ يَجُرُّ رِداءَهُ حتّى انتهى إلى المسجدِ ... ورَوى (م) عَن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَة، وفيه: فانتهيتُ إليهِ، وهو رافِعٌ يَدَيهِ يَدعُو ويُكبِّرُ ويَحمَدُ ويُهَلِّل، حتى جُلِّيَ عن الشمس.
-فيه بشاعة النار وبشاعة ما فيها وبعده عن المنظر المألوف، وفيه التنفير من النار والحث على النجاة منها باجتناب المعاصي والمسارعة للطاعات ولزوم التقوى.
-نصح النبي ﷺ لأمته وتعليمهم ما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم.
-فيه دليل أن الجنة والنار مخلوقتان الآن وأنهما لا تفنيان.
-فيه دليل على تعذيب أهل التوحيد بالمعاصي .
-فيه عظمة دين الإسلام وسبقه في التزام معاني الرحمة والشفقة، وحثه على الإحسان إلى الحيوان والرفق به.
-وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لِلنِّسَاءِ ، وَفِيهِ حُضُورُهُنَّ وَرَاءَ الرِّجَالِ . (ابن حجر)

٧٢٩. (خ م) (٩٠٥) عَنْ أسْماءَ ﵂ قالَت: خَسَفَت الشَّمسُ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَدَخَلتُ عَلى عائِشَةَ وهِيَ تُصَلِّي، فَقُلتُ: ما شَأنُ النّاسِ يُصَلُّونَ؟ فَأَشارَت بِرَأسِها إلى السَّماءِ، فَقُلتُ: آيَةٌ؟ قالَت: نَعَم. فَأَطالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ القِيامَ جِدًّا حَتّى تَجَلّانِي الغَشيُ، فَأَخَذتُ قِربَةً مِن ماءٍ إلى جَنبِي فَجَعَلتُ أصُبُّ عَلى رَأسِي أو عَلى وجهِي مِن الماءِ، قالَت: فانصَرَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وقَد تَجَلَّت الشَّمسُ، فَخَطَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ النّاسَ، فَحَمِدَ اللهَ وأَثنى عَلَيهِ، ثُمَّ قالَ: «أمّا بَعدُ؛ ما مِن شَيءٍ لَم أكُن رَأَيتُهُ إلا قَد رَأَيتُهُ فِي مَقامِي هَذا، حَتّى الجَنَّةَ والنّارَ، وإنَّهُ قَد أُوحِيَ إلَيَّ أنَّكُم تُفتَنُونَ فِي القُبُورِ قَرِيبًا أو مِثلَ فِتنَةِ المَسِيحِ الدَّجّالِ لا أدرِي أيَّ ذَلكَ قالَت أسماءُ فَيُؤتى أحَدُكُم فَيُقالُ: ما عِلمُكَ بِهَذا الرَّجُلِ؟ فَأَمّا المُؤمِنُ أو المُوقِنُ لا أدرِي أيَّ ذَلكَ قالَت أسماءُ فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ، هُوَ رَسُولُ اللهِ، جاءَنا بِالبَيِّناتِ والهُدى، فَأَجَبنا وأَطَعنا. ثَلاثَ مِرارٍ، فَيُقالُ لَهُ: نَم، قَد كُنّا نَعلَمُ إنَّكَ لَتُؤمِنُ بِهِ، فَنَم صالِحًا. وأَمّا المُنافِقُ أو المُرتابُ لا أدرِي أيَّ ذَلكَ قالَت أسماءُ فَيَقُولُ: لا أدرِي، سَمِعتُ النّاسَ يَقُولُونَ شَيئًا فَقُلتُ». وفي رواية (خ): فَأَشارَت بِيَدِها نَحوَ السَّماءِ، وقالَت: سُبحانَ اللهِ. فَقُلتُ: آيَةٌ؟ فَأَشارَت؛ أيْ نَعَم.
وفي رواية (خ): قامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خَطِيبًا، فَذَكَرَ فِتْنَةَ القَبْرِ الَّتِي يَفْتَتِنُ فِيها المَرْءُ، فَلَمّا ذَكَرَ ذَلِكَ ضَجَّ المُسْلِمُونَ ضَجَّةً ...
ورَوى (خ) عَنها: لَقَد أمَرَ النِّبِيُّ ﷺ بِالعَتاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمسِ.

باب: الـنِّداءُ لَها بِـ: الصَّلاةُ جامِعَةٌ


٧٣٠. (خ م) (٩١٠) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ ﵄؛ أنَّهُ قالَ: لَمّا انكَسَفَت الشَّمسُ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ نُودِيَ بِـ: الصَّلاةَ جامِعَةً، فَرَكَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجدَةٍ، ثُمَّ قامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجدَةٍ، ثُمَّ جُلِّيَ عَنِ الشَّمسِ، فَقالَت عائِشَةُ: (ما رَكَعتُ رُكُوعًا قَطُّ) ولا سَجَدتُ سُجُودًا قَطُّ كانَ أطوَلَ مِنهُ.

كِتابُ الاسْتِسْقاءِ


باب: الخُرُوجُ إلى الـمُصَلّى فِـي الاسْتِسْقاءِ


٧٣١. (خ م) (٨٩٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ الأَنْصاريِّ ﵁ قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَومًا يَستَسقِي، فَجَعَلَ إلى النّاسِ ظَهرَهُ يَدعُو اللهَ، واستَقبَلَ القِبلَةَ، وحَوَّلَ رِداءَهُ، ثُمَّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ. وفي رواية: إلى المُصَلّى فاستَسقى .. زادَ (خ): جَهَرَ فِيهِما بِالقِراءة. وزادَ عَن أبِي بَكرِ بْنِ مُحمدٍ قالَ: جَعَلَ اليَمِينَ عَلى الشِّمالِ.
٧٣٢. (خ م) (١٢٥٤) عَنْ أبِي إسْحاقَ؛ أنَّ عَبدَ اللهِ بنَ يَزِيدَ ﵁ خَرَجَ يَستَسقِي بِالنّاسِ، فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ استَسقى. لَفظُ (خ): فاستَسقى، فَقامَ بِهِم عَلى رِجلَيهِ عَلى غَيرِ مِنبَرٍ، فاستَغفَرَ، ثُمَّ صَلّى رَكْعَتَيْنِ يَجهَرُ بِالقِراءَةِ، ولَم يُؤذِّن ولَم يُقِم.

باب: رَفْعُ اليَدَيْنِ فِـي الاسْتِسْقاءِ


٧٣٣. (خ م) (٨٩٥) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ كانَ لا يَرفَعُ يَدَيهِ فِي شَيءٍ مِن دُعائِهِ إلا فِي الاستِسقاءِ، حَتّى يُرى بَياضُ إبطَيهِ. وفي رواية (م): استَسقى فَأشارَ بِظَهرِ كَفَّيهِ إلى السَّماءِ.

باب: الاسْتِسْقاءُ فِـي خُطْبَةِ الجُمُعَةِ وسُؤالُ النّاسِ الإمامَ ذَلِكَ


٧٣٤. (خ م) (٨٩٧) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ؛ أنَّ رَجُلًا دَخَلَ المَسْجِدَ يَومَ جُمُعَةٍ مِن بابٍ كانَ نَحوَ دارِ القَضاءِ، ورسُولُ الله ﷺ قائِمٌ يَخطُبُ، فاستَقبَلَ رَسُولَ اللهِ ﷺ قائِمًا، ثُمَّ قالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ هَلَكَت الأَموالُ، وانقَطَعَت السُّبُلُ، فادعُ اللهَ يُغِثنا. قالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدَيهِ ثُمَّ قالَ: «اللَّهُمَّ أغِثنا، اللَّهُم أغِثنا، اللَّهُمَّ أغِثنا». قالَ أنَسٌ: ولا واللهِ ما نَرى فِي السَّماءِ مِن سَحابٍ ولا قَزَعَةٍ، وما بَينَنا وبَينَ سَلعٍ مِن بَيتٍ ولا دارٍ، قالَ: فَطَلَعَت مِن ورائِهِ سَحابَةٌ مِثلُ التُّرسِ، فَلَمّا تَوَسَّطَت السَّماءَ انتَشَرَت ثُمَّ أمطَرَت، قالَ: فَلا واللهِ ما رَأَينا الشَّمسَ سَبتًا. قالَ: ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِن ذَلكَ البابِ فِي الجُمُعَةِ المُقبِلَةِ، ورسُولُ الله ﷺ قائِمٌ يَخطُبُ، فاستَقبَلَهُ قائِمًا فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ هَلَكَت الأَموالُ، وانقَطَعَت السُّبُلُ، فادعُ اللهَ يُمسِكها عَنّا. قالَ: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدَيهِ، ثُمَّ قالَ: «اللَّهُمَّ حَولَنا ولا عَلَينا، اللَّهُمَّ عَلى الآكامِ والظِّرابِ وبُطُونِ الأودِيَةِ ومَنابِتِ الشَّجَر». فانقَلَعَت وخَرَجنا نَمشِي فِي الشَّمسِ. قالَ شَرِيكٌ: فَسَأَلتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ: أهُوَ الرَّجُلُ الأَوَّلُ؟ قالَ: لا أدرِي.
وفي رواية (خ): فَقالَ: غَرِقنا؛ فادعُ رَبَّكَ يَحبِسها عَنّا. فَضَحِكَ ثُمَّ قالَ: «اللَّهُمَّ حَوالَينا ولا عَلَينا» مَرَّتَينِ أو ثَلاثًا، فَجَعَلَ السَّحابُ يَتَصَدَّعُ عَنِ المَدِينَةِ يَمِينًا وشِمالًا، يُمطَرُ ما حَوالَينا ولا يُمطِرُ مِنها شَيءٌ، يُرِيهِم اللّهُ كَرامَةَ نَبِيِّهِ ﷺ وإجابَةَ دَعوَتِهِ.
وفي رواية: أصابَت النّاسُ سَنَةٌ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وفِيها: وجاعَ العِيال، قالَ: فَما يُشِير بِيَدِهِ إلى ناحِيَةٍ إلا تَفَرَّجَت، حَتّى رَأَيتُ المَدِينةَ فِي مِثلِ الجَوْبَةِ، وسالَ وادِي قَناةَ شَهرًا، ولَم يَجئْ أحدٌ مِن ناحِيةٍ إلا أخبَرَ بِجَودٍ. وفي رواية: كانَ النَّبيُّ يَخطُبُ يَومَ الجُمُعَةِ، فَقامَ إلَيهِ النّاسُ فَصاحُوا، وقالُوا: ... وفِيها: واحْمَرَّ الشَّجَرُ وهَلَكَت البَهائمُ، وفِي آخِرِها: فَجَعَلَتْ تُمطِرُ حَوالَيها، وما تُمطِرُ بِالمَدِينَةِ قَطرَةً، فَنَظَرتُ إلى المَدِينةِ وإنَّها لَفِي مِثلِ الإكلِيلِ. وفي رواية (خ): قالَ: أتى رَجُلٌ أعْرابِيٌّ مِن أهْلِ البَدْوِ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ هَلَكَتْ الماشِيَةُ، هَلَكَ العِيالُ، هَلَكَ النّاسُ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّه ﷺ يَدَيْهِ يَدْعُو ورَفَعَ النّاسُ أيْدِيَهُمْ مَعَهُ يَدْعُونَ قالَ فَما خَرَجْنا مِن المَسْجِدِ حَتّى مُطِرْنا ... وفِيها: فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ بَشِقَ المُسافِرُ، ومُنِعَ الطريقُ. وفي رواية (خ): فَدَعا الله يَستَسقِي، ولَم يَذكُر أنَّه حَوَّلَ رِداءَهُ، ولا استَقبَلَ القِبلَةَ.
-فيه مشروعية صلاة الاستسقاء عند وجود سببها، واستحباب إقامتها في مصلى العيد في الصحراء؛ ليكون أبلغ في إظهار الافتقار إلى الله تعالى.
-استحباب قلب الرداء أو العباءة ونحوهما، وذلك تفاؤلا أن يحول الله الجدب إلى خصب، والشدة إلى رخاء، وذلك للإمام والمأمومين.
فيه أن الدعاء والخطبة قبل الصلاة. ( ابن حجر )
-فيه جواز تكليم الخطيب يوم الجمعة لحاجة.
-جواز طلب الدعاء ممن تُرجى إجابة له من أهل الخير والصلاح.
-مشروعية دعاء الاستصحاء : وهو طلب الصحو، ومنه حكمة النبي في الدعاء بإمساك المطر عما فيه ضرر دون ما لا ضرر فيه.
دليل أن النبي ﷺ مفتقر إلى الله في جلب المنافع ودفع المضار, ولا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرًا إلا ما شاء الله. (ابن حجر)

٧٣٥. (خ) (١٠١٠) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁؛ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ ﵁ كانَ إذا قَحَطُوا استَسقى بِالعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلبِ فَقالَ: اللَّهُمَّ إنّا كُنّا نَتَوَسَّلُ إلَيكَ بِنَبِيِّنا فَتَسقِينا، وإنّا نَتَوَسَّلُ إلَيكَ بِعَمِّ نَبِيِّنا فاسقِنا. قالَ: فَيُسقَونَ.
٧٣٦. (خ) (١٠٠٨) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينارٍ قالَ: سَمِعتُ ابنَ عُمَرَ ﵄ يَتَمَثَّلُ بِشِعرِ أبِي طالِبٍ:
وأَبْيَضَ يُسْتَسْقى الغَمامُ بِوَجْهِهِ *** ثِمالُ اليَتامى عِصْمَةٌ لِلْأَرامِلِ

باب: فِـي التَّعَوُّذِ عِنْدَ رُؤيَةِ الرِّيحِ والغَيْمِ، والفَرَحُ بِالـمَطَرِ


٧٣٧. (خ م) (٨٩٩) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّها قالَت: ما رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ مُستَجمِعًا ضاحِكًا حَتّى أرى مِنهُ لَهَواتِهِ، إنَّما كانَ يَتَبَسَّمُ، قالَت: وكانَ إذا رَأى غَيمًا أو رِيحًا عُرِفَ ذَلكَ فِي وجهِهِ، فَقالَت: يا رَسُولَ الله؛ أرى النّاسَ إذا رَأَوا الغَيمَ فَرِحُوا رَجاءَ أن يَكُونَ فِيهِ المَطَرُ وأَراكَ إذا رَأَيتَهُ عَرَفتُ فِي وجهِكَ الكَراهِيَةَ؟! قالَت: فَقالَ: «يا عائِشَةُ ما يُؤَمِّنُنِي أن يَكُونَ فِيهِ عَذابٌ، قَد عُذِّبَ قَومٌ بِالرِّيحِ، وقَد رَأى قَومٌ العَذابَ فَقالُوا: هَذا عارِضٌ مُمطِرُنا».
وفي رواية: قالَت: كانَ النَّبِيُّ ﷺ (إذا عَصَفَت الرِّيحُ قالَ: «اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُكَ خَيرَها وخَيرَ ما فِيها وخَيرَ ما أُرسِلَت بِهِ، وأَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّها وشَرِّ ما فِيها وشَرِّ ما أُرسِلَت بِهِ»). قالَت: وإذا تَخَيَّلَت السَّماءُ تَغَيَّرَ لَونُهُ، وخَرَجَ ودَخَلَ، وأَقبَلَ وأَدبَرَ، فَإذا مَطَرَت سُرِّيَ عَنهُ، فَعَرَفتُ ذَلكَ فِي وجهِهِ. قالَت عائِشَةُ: فَسَأَلتُهُ فَقالَ: «لَعَلَّهُ يا عائِشَةُ كَما قالَ قَومُ (عادٍ): ﴿فَلَمّا رَأَوْهُ عارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أوْدِيَتِهِمْ قالُوا هَذا عارِضٌ مُّمْطِرُنا [الأحقاف: ٢٤]». وفي رواية (م) زادَ: ويَقُولُ إذا رَأى المَطَرَ: «رَحمَةٌ».
-شفقة النبي ﷺ على أمته، وفيه تذكر ما وقع للأمم الخالية، والتحذير من السير في سبيلهم خشية وقوع مثل ما حل بهم.
-مشروعية هذا الدعاء عند العاصفة دون الريح الخفيفة، وفيه الالتجاء لله عند اختلاف الأحوال والتضرع إليه. (ابن حجر)

٧٣٨. (خ) (١٠٣٢) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا رَأى المَطَرَ قالَ: «صَيِّبًا نافِعًا».

باب: حَسْرُ الثَّوْبِ عَنِ الرَّأْسِ لِيُصِيبَهُ الـمَطَرُ


٧٣٩. (م) (٨٩٨) عَنْ أنَسٍ قالَ: أصابَنا ونَحنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ مَطَرٌ قالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَوبَهُ حَتّى أصابَهُ مِنَ المَطَرِ، فَقُلنا: يا رَسُولَ اللهِ؛ لِمَ صَنَعتَ هَذا؟ قالَ: «لأَنَّهُ حَدِيثُ عَهدٍ بِرَبِّهِ تعالى».
-وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِقَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ أَوَّلِ الْمَطَرِ أَنْ يَكْشِفَ بعض بدنه لِيَنَالَهُ الْمَطَرُ
- وَفِيهِ أَنَّ الْمَفْضُولَ إِذَا رَأَى مِنَ الْفَاضِلِ شَيْئًا لَا يَعْرِفُهُ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ لِيُعَلِّمَهُ فَيَعْمَلَ بِهِ وَيُعَلِّمَهُ غَيْرَهُ . (النووي)

باب: فِـي رِيحِ الصَّبا والدَّبُورِ


٧٤٠. (خ م) (٩٠٠) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «نُصِرتُ بِالصَّبا، وأُهلِكَت عادٌ بِالدَّبُورِ».
-جواز إخبار المرء بكرامة ربه له تحدثًا بنعمة الله تعالى. (ابن حجر)

كِتابُ الجَنائِزِ


باب: مَن أحَبَّ لِقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لِقاءَهُ


٧٤١. (خ م) (٢٦٨٤) عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ ﵁ أنّ نبِيَّ اللهِ ﷺ قال: «مَن أحَبَّ لِقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لِقاءَهُ، ومَن كَرِهَ لِقاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقاءَهُ».
ورَوى (م) عَن عائِشَةَ مِثلَه وزادَ: «والمَوتُ قَبلَ لِقاءِ اللهِ». وفي رِوايَةٍ لَهُ: قالَت: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن أحَبَّ لِقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لِقاءَهُ، ومَن كَرِهَ لِقاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقاءَهُ». فَقُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ؛ أكَراهِيَةُ المَوتِ؟ فَكُلُّنا نَكرَهُ المَوتَ. فَقالَ: «لَيسَ كَذَلكَ، ولَكِنَّ المُؤمِنَ إذا بُشِّرَ بِرَحمَةِ اللهِ ورِضوانِهِ وجَنَّتِهِ أحَبَّ لِقاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقاءَهُ، وإنَّ الكافِر إذا بُشِّرَ بِعَذابِ اللهِ وسَخَطِهِ كَرِهَ لِقاءَ اللهِ وكَرِهَ اللهُ لِقاءَهُ». وزادَ(خ): قالَت عائِشَةُ أو بَعضُ أزواجِهِ: إنّا لنَكرَهُ الموتَ ... نَحوَهُ. ولَهُما عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مِثلُهُ. وزادَ (م) عَن شُرَيحِ بْنِ هانيءٍ: فَأتَيتُ عائِشَةَ فَقُلتُ: يا أمَّ المؤمِنينَ؛ سَمعِتُ أبا هُرَيْرَةَ يَذكرُ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ حَدِيثًا، إن كانَ كَذلِكَ فَقَد هَلَكنا. فَقالَت: إنَّ الهالِكَ مَن هَلَكَ بِقَولِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وما ذاكَ؟ فَذَكَرَهُ ... فَقالَت: قَد قالَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، ولَيسَ بِالَّذِي تَذهَبُ إلَيهِ، ولَكِنْ إذا شَخَصَ البَصَرُ، وحَشْرَجَ الصَّدرُ، واقْشَعَرَّ الجلدُ، وتَشَنَّجَت الأصابِعُ، فَعِندَ ذَلِكَ مَن أحَبَّ لِقاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لِقاءَهُ، ومَن كَرِهَ لِقاءَ اللهِ كَرِه اللهُ لِقاءَهُ.
-إثبات لقاء الله على الحقيقة، وفيه البداءة بأهل الخير في الذكر لشرفهم, وفيه أن المجازاة من جنس العمل.
-فيه أن المحتضر إذا ظهرت عليه علامات السرور كان ذلك دليلا على أنه بُشر بالخير، وكذا بالعكس.
-فيه إثبات لقاء الله عز وجل على الحقيقة ويشمل الإيمان بكل ما ورد بعد الموت.
-فيه أن تمني الموت حال الاحتضار لا يدخل في النهي.
-فيه تذكرة للعبد بأن يستعد لما هو صائر إليه باغتنام عمره في طاعة الله واجتناب معصيته؛ ليكون ممن أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه. ( ابن حجر )

باب: ما جاءَ فِـي مُستَرِيحٍ ومُستَراحٍ مِنهُ


٧٤٢. (خ م) (٩٥٠) عَنْ أبِي قَتادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ مُرَّ عَلَيهِ بِجَنازَةٍ فَقالَ: «مُستَرِيحٌ ومُستَراحٌ مِنهُ». قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ ما المُستَرِيحُ، والمُستَراحُ مِنهُ؟ فَقالَ: «العَبدُ المُؤمِنُ يَستَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنيا، والعَبدُ الفاجِرُ يَستَرِيحُ مِنهُ العِبادُ والبِلادُ والشَّجَرُ والدَّوابُّ».

باب: فِـي الصَّبْرِ عَلى الـمُصِيبَةِ عِنْدَ أوَّلِ الصَّدْمَةِ


٧٤٣. (خ م) (٩٢٦) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أتى عَلى امرَأَةٍ تَبكِي عَلى صَبِيٍّ لَها، فَقالَ لَها: «اتَّقِي اللهَ واصبِرِي». (فَقالَت: وما تُبالِي بِمُصِيبَتِي). فَلَمّا ذَهَبَ قِيلَ لَها: إنَّهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ. (فَأَخَذَها مِثلُ المَوتِ)، فَأَتَت بابَهُ فَلَم تَجِد عَلى بابِهِ بَوّابِينَ، فَقالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ لَم أعرِفكَ. فَقالَ: «إنَّما الصَّبرُ عِنْدَ أوَّلِ صَدمَةٍ». (أو قالَ: «عِندَ أوَّلِ الصَّدمَةِ»). لَفظُ (خ): قالَتْ: إلَيْكَ عَنِّي فَإنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي. ولَمْ تَعْرِفْهُ. وفي رواية: مَرَّ النَّبيُّ ﷺ بِامرَأَةٍ عِنْدَ قَبرٍ.
-النهي عن الجزع عند المصيبة.
-فيه ما كان عليه النبي ﷺ من التواضع.
-الصبر الذي يُحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة. ( ابن حجر)

باب: ثَوابُ مَن يَمُوتُ لَهُ ولَدٌ


٧٤٤. (خ م) (٢٦٣٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لا يَمُوتُ لأَحَدٍ مِن المُسلِمِينَ ثَلاثَةٌ مِن الوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النّارُ إلا تَحِلَّةَ القَسَمِ».
٧٤٥. (خ م) (٢٦٣٣) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قالَ: جاءَت امرَأَةٌ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ ذَهَبَ الرِّجالُ بِحَدِيثِكَ، فاجعَل لَنا مِن نَفسِكَ يَومًا نَأتِيكَ فِيهِ، تُعَلِّمُنا مِمّا عَلَّمَكَ اللهُ. قالَ: «اجتَمِعنَ يَومَ كَذا وكَذا». فاجتَمَعنَ، فَأَتاهُنَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَعَلَّمَهُنَّ مِمّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ قالَ: «ما مِنكُنَّ مِن امرَأَةٍ تُقَدِّمُ بَينَ يَدَيها مِن ولَدِها ثَلاثَةً إلا كانُوا لَها حِجابًا مِن النّارِ». فَقالَت امرَأَةٌ: واثنَينِ، واثنَينِ، واثنَينِ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «واثنَينِ، واثنَينِ، واثنَينِ». ولَهُما عَن أبِي هُرَيْرَةَ نَحوُهُ، وزادَ فِيه: «ثلاثةً لم يَبلُغُوا الحِنثَ». ورَوى (م) عَن أبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبيِّ ﷺ قالَ: «لا يَمُوتُ لِإحداكُنَّ ثَلاثةٌ مِنَ الوَلَدِ فَتَحتَسِبَهُ إلّا دَخَلَت الجَنَّةَ». ورَوى (خ) عَنْ أنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «ما مِنَ النّاسِ مِن مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ...» نَحوَهُ، وزادَ: «بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إيّاهُمْ».
-فضل الصبر على فقد الأولاد وأن أولاد المسلمين في الجنة.
-سعة فضل الله ورحمته، وفضل رحمة الوالد لولده وأن الجزاء من جنس العمل.

٧٤٦. (م) (٢٦٣٥) عَنْ أبِي حَسّانَ قالَ: قُلتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ ﵁: إنَّهُ قَد ماتَ لِيَ ابنانِ، فَما أنتَ مُحَدِّثِي عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ بِحَدِيثٍ تُطَيِّبُ بِهِ أنفُسَنا عَن مَوتانا؟ قالَ: نَعَم؛ «صِغارُهُم دَعامِيصُ الجَنَّةِ، يَتَلَقّى أحَدُهُم أباهُ أو قالَ أبَوَيهِ، فَيَأخُذُ بِثَوبِهِ أو قالَ بِيَدِهِ كَما آخُذُ أنا بِصَنِفَةِ ثَوبِكَ هَذا، فَلا يَتَناهى أو قالَ فَلا يَنتَهِي حَتّى يُدخِلَهُ اللهُ وأَباهُ الجَنَّةَ».
٧٤٧. (م) (٢٦٣٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: أتَتِ امرَأَةٌ النَّبِيِّ ﷺ بِصَبِيٍّ لَها فَقالَت: يا نَبِيَّ اللهِ؛ ادعُ اللهَ لَهُ، فَلَقَد دَفَنتُ ثَلاثَةً. قالَ: «دَفَنتِ ثَلاثَةً؟» قالَت: نَعَم. قالَ: «لَقَدِ احتَظَرتِ بِحِظارٍ شَدِيدٍ مِنَ النّارِ».

باب: ما يُقالُ عِنْدَ الـمُصِيبَةِ


٧٤٨. (م) (٩١٨) عَنْ أُمِّ سَلَمةَ ﵂ قالَت: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «ما مِن مُسلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ ما أمَرَهُ اللهُ: ﴿إنّا لِلّهِ وإنّا إلَيْهِ راجِعونَ﴾ [البقرة: ١٥٦]، اللَّهُمَّ أجُرنِي فِي مُصِيبَتِي وأَخلِف لِي خَيرًا مِنها، إلا أخلَفَ اللهُ لَهُ خَيرًا مِنها». قالَت: فَلَمّا ماتَ أبُو سَلَمَةَ قُلتُ: أيُّ المُسلِمِينَ خَيرٌ مِن أبِي سَلَمَةَ؟ أوَّلُ بَيتٍ هاجَرَ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ إنِّي قُلتُها فَأَخلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ ﷺ، قالَت: أرسَلَ إلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ حاطِبَ بنَ أبِي بَلتَعَةَ يَخطُبُنِي لَهُ، فَقُلتُ: إنَّ لِي بِنتًا وأَنا غَيُورٌ، فَقالَ: «أمّا ابنَتُها فَنَدعُو اللهَ أن يُغنِيَها عَنها، وأَدعُو اللهَ أن يَذهَبَ بِالغَيرَةِ». وفي رواية: «إلا أجَرَهُ اللهُ فِي مُصِيبَتِهِ وأَخلَفَ لَهُ خَيرًا مِنها».

باب: ما يُقالُ عِنْدَ الـمَرِيضِ والـمَيِّتِ


٧٤٩. (م) (٩١٩) عَنْ أُمِّ سَلمةَ ﵂ قالَت: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا حَضَرتُمُ المَرِيضَ أوِ المَيِّتَ فَقُولُوا خَيرًا، فَإنَّ المَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلى ما تَقُولُونَ». قالَت: فَلَمّا ماتَ أبُو سَلَمَةَ أتَيتُ النَّبِيَّ ﷺ فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ أبا سَلَمَةَ قَد ماتَ، قالَ: «قُولِي: اللَّهُمّ اغفِر لِي ولَهُ، وأَعقِبنِي مِنهُ عُقبى حَسَنَةً». قالَت: فَقُلتُ، فَأَعقَبَنِيَ اللهُ مَن هُوَ خَيرٌ لِي مِنهُ مُحَمَّدًا ﷺ.
-فِيهِ النَّدْبُ إِلَى قَوْلِ الْخَيْرِ حِينَئِذٍ مِنَ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ لَهُ وَطَلَبِ اللُّطْفِ بِهِ وَالتَّخْفِيفِ عَنْهُ وَنَحْوِهِ ، وَفِيهِ حُضُورُ الْمَلَائِكَةِ حِينَئِذٍ وَتَأْمِينُهُمْ. (النووي)

٧٥٠. (م) (٩١٦) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَقِّنُوا مَوتاكُم لا إلَهَ إلا اللهُ».

باب: فِـي إغْماضِ الـمَيِّتِ والدُّعاءِ لَهُ إذا حُضِرَ


٧٥١. (م) (٩٢٠) عَنْ أُمِّ سَلَمةَ ﵂ قالَت: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلى أبِي سَلَمَةَ وقَد شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغمَضَهُ، ثُمَّ قالَ: «إنَّ الرُّوحَ إذا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ». فَضَجَّ ناسٌ مِن أهلِهِ، فَقالَ: «لا تَدعُوا عَلى أنفُسِكُم إلا بِخَيرٍ، فَإنَّ المَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلى ما تَقُولُونَ»، ثُمَّ قالَ: «اللَّهُمَّ اغفِر لأَبِي سَلَمَةَ، وارفَع دَرَجَتَهُ فِي المَهدِيِّينَ، واخلُفهُ فِي عَقِبِهِ فِي الغابِرِينَ، واغفِر لَنا ولَهُ يا رَبَّ العالَمِينَ، وافسَح لَهُ فِي قَبرِهِ ونَوِّر لَهُ فِيهِ».

١ قيل فيها: فإذا رأيتموها فافزعوا للصلاة:

٥/٠