باب: الـنَّهْيُ عَنِ الجُلُوسِ عَلى القَبْرِ والصَّلاةِ إلَيْهِ


٧٩٢. (م) (٩٧١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لأَن يَجلِسَ أحَدُكُم عَلى جَمرَةٍ فَتُحرِقَ ثِيابَه فَتَخلُصَ إلى جِلدِهِ خَيرٌ لَهُ مِن أن يَجلِسَ عَلى قَبرٍ».
٧٩٣. (م) (٩٧٢) عَنْ أبِي مَرْثَدٍ الغَنَوِيِّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا تَجلِسُوا عَلى القُبُورِ، ولا تُصَلُّوا إلَيها».

باب: فِـي قَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ


٧٩٤. (م) (٩٦٧) عَنِ ابْنِ عبّاسٍ ﵄ قالَ: جُعِلَ فِي قَبرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَطِيفَةٌ حَمراءُ.
٧٩٥. (خ) (١٣٩١) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّها أوصَت عَبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيرِ ﵄: لا تَدفِنِّي مَعَهُم، وادفِنِّي مَعَ صَواحِبي بِالبَقِيعِ، لا أُزَكّى بِهِ أبَدًا.
في هذا الحديث بيان فضل أبى بكر وعمر ﵄ بما لا يشركهما فيه أحد، وذلك أنهما كانا وزيري رسول الله ﷺ في حياته، فضيلة خصهما الله بها، وكرامة حباهما بها، لم تحصل لأحد، ألا ترى وصية عائشة رضي الله عنها إلى ابن الزبير أن لا يدفنها معهم خشية أن تزكى بذلك، وهذا من تواضعها وإقرارها بالحق لأهله وإيثارها به على نفسها من هو أفضل منها، ولم تر أن تُزَكَّى بدفنها مع الرسول ﷺ، ورأت عمر بن الخطاب لذلك أهلاً. وإنما استأذنها عمر في ذلك ورغب إليها فيه، لأن الموضع كان بيتها، وكان لها فيه حق، وكان لها أن تؤثر به نفسها لذلك، فآثرت به عمر. (ابن بطال)

٧٩٦. (خ) (١٣٩٠) عَنْ سُفْيانَ التَّمّارِ؛ أنَّهُ رَأى قَبرَ النَّبِيِّ ﷺ مُسَنَّمًا.
٧٩٧. (خ) (١٣٩٠) عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَن أبِيهِ؛ لَمّا سَقَطَ عَلَيهِم الحائِطُ فِي زَمانِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ أخَذُوا فِي بِنائِهِ، فَبَدَت لَهُم قَدَمٌ فَفَزِعُوا وظَنُّوا أنَّها قَدَمُ النَّبِيِّ ﷺ، فَما وجَدُوا أحَدًا يَعلَمُ ذَلِكَ حَتّى قال لَهُم عُروَةُ: لا واللهِ ما هِيَ قَدَمُ النَّبِيِّ ﷺ، ما هِيَ إلا قَدَمُ عُمَرَ ﵁.

باب: الـنَّهْيُ عَنْ سَبِّ الأَمْواتِ


٧٩٨. (خ) (١٣٩٣) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لا تَسُبُّوا الأمواتَ، فَإنَّهُم قَد أفضَوا إلى ما قَدَّمُوا».

باب: الـصَّلاةُ عَلى الجَنازَةِ فِـي الـمَسْجِدِ


٧٩٩. (م) (٩٧٣) عَنْ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ عَن عائشةَ ﵂؛ أنَّها لَمّا تُوُفِّيَ سَعدُ بنُ أبِي وقّاصٍ ﵁ أرسَلَ أزواجُ النَّبِيِّ ﷺ: أن يَمُرُّوا بِجَنازَتِهِ فِي المَسْجِدِ فَيُصَلِّينَ عَلَيهِ، فَفَعَلُوا، فَوُقِفَ بِهِ عَلى حُجَرِهُنَّ يُصَلِّينَ عَلَيهِ، أُخرِجَ بِهِ مِن بابِ الجَنائِزِ الَّذِي كانَ إلى المَقاعِدِ، فَبَلَغَهُنَّ أنَّ النّاسَ عابُوا ذَلكَ وقالُوا: ما كانَتِ الجَنائِزُ يُدخَلُ بِها المَسْجِدَ، فَبَلَغَ ذَلكَ عائِشَةَ ﵂ فَقالَت: ما أسرَعَ النّاسَ إلى أن يَعِيبُوا ما لا عِلمَ لَهُم بِهِ، عابُوا عَلَينا أن يُمَرَّ بِجَنازَةٍ فِي المَسْجِدِ، وما صَلّى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلى سُهَيلِ بْنِ بَيضاءَ إلا فِي جَوفِ المَسْجِدِ. قالَ مُسلِمٌ: سُهَيلُ بنُ دَعدٍ وهو ابن البيضاءِ، أُمُّهُ بَيضاءُ.

باب: ما يُقالُ عِنْدَ دُخُولِ الـمَقْبُرَةِ والدُّعاءُ لِأَهْلِها


٨٠٠. (م) (٩٧٤) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ كُلَّما كانَ لَيلَتُها مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ يَخرُجُ مِن آخِرِ اللَّيلِ إلى البَقِيعِ فَيَقُولُ: «السَّلامُ عَلَيكُم دارَ قَومٍ مُؤمِنِينَ، وأَتاكُم ما تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُون، وإنّا إن شاءَ اللهُ بِكُم لاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغفِر لأَهلِ بَقِيعِ الغَرقَدِ».
٨٠١. (م) (٩٧٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ المُطَّلِبِ؛ عَن مُحَمَّدِ بْنِ قَيسِ بْنِ مَخرَمَةَ بْنِ المُطَّلِبِ أنَّهُ قالَ يَومًا: ألا أُحَدِّثُكم عَنِّي وعَن أُمِّي؟ قالَ: فَظَنَنّا أنَّهُ يُرِيدُ أُمَّهُ الَّتِي ولَدَتهُ، قالَ: قالَت عائشةُ ﵂: ألا أُحَدِّثُكُم عَنِّي وعَن رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قُلنا: بَلى. قالَ: قالَت: لَمّا كانَت لَيلَتِي الَّتِي كانَ النَّبِيُّ ﷺ فِيها عِندِي انقَلَبَ فَوَضَعَ رِداءَهُ، وخَلَعَ نَعلَيهِ فَوَضَعَهُما عِنْدَ رِجلَيهِ، وبَسَطَ طَرَفَ إزارِهِ عَلى فِراشِهِ فاضطَجَعَ، فَلَم يَلبَث إلا رَيثَما ظَنَّ أن قَد رَقَدتُ، فَأَخَذَ رِداءَهُ رُوَيدًا وانتَعَلَ رُوَيدًا وفَتَحَ البابَ فَخَرَجَ، ثُمَّ أجافَهُ رُوَيدًا، فَجَعَلتُ دِرعِي فِي رَأسِي واختَمَرتُ وتَقَنَّعتُ إزارِي، ثُمَّ انطَلَقت عَلى إثرِهِ حَتّى جاءَ البَقِيعَ، فَقامَ فَأَطالَ القِيامَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيهِ ثَلاثَ مَرّاتٍ، ثُمَّ انحَرَفَ فانحَرَفتُ، فَأَسرَعَ فَأَسرَعتُ، فَهَروَلَ فَهَروَلتُ، فَأَحضَرَ فَأَحضَرتُ، فَسَبَقتُهُ فَدَخَلتُ، فَلَيسَ إلا أنِ اضطَجَعتُ فَدَخَلَ، فَقالَ: «ما لَكِ يا عائِشُ حَشيا رابِيَةً؟» قالَت: قُلتُ: لا شَيءَ. قالَ: «لَتُخبِرِينِي، أو لَيُخبِرَنِّي اللَّطِيفُ الخَبِيرُ». قالَت: قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ بِأبِي أنتَ وأُمِّي، فَأَخبَرتُهُ، قالَ: «فَأَنتِ السَّوادُ الَّذِي رَأَيتُ أمامِي؟» قُلتُ: نَعَم. فَلَهَدَنِي فِي صَدرِي لَهدَةً أوجَعَتنِي، ثُمَّ قالَ: «أظَنَنتِ أن يَحِيفَ اللهُ عَلَيكِ ورَسُولُهُ». قالَت: مَهما يَكتُمِ النّاسُ يَعلَمهُ اللهُ، نَعَم. قالَ: «فَإنَّ جِبرِيلَ أتانِي حِينَ رَأَيتِ فَنادانِي فَأَخفاهُ مِنكِ، فَأَجَبتُهُ فَأَخفَيتُهُ مِنكِ، ولَم يَكُن يَدخُلُ عَلَيكِ وقَد وضَعتِ ثِيابَكِ، وظَنَنتُ أن قَد رَقَدتِ، فَكَرِهتُ أن أُوقِظَكِ، وخَشِيتُ أن تَستَوحِشِي، فَقالَ: إنَّ رَبَّكَ يَأمُرُكَ أن تَأتِيَ أهلَ البَقِيعِ فَتَستَغفِرَ لَهُم». قالَت: قُلتُ: كَيفَ أقُولُ لَهُم يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: «قُولِي: السَّلامُ عَلى أهلِ الدِّيارِ مِنَ المُؤمِنِينَ والمُسلِمِينَ، ويَرحَمُ اللهُ المُستَقدِمِينَ مِنّا والمُستَأخِرِينَ، وإنّا إن شاءَ اللهُ بِكُم لَلاحِقُونَ».
-بيان ما يقال عند دخول المقبرة من السلام على الموتى وغيره.
-بيان ما جبلت عليه النساء من الغيرة.
-بيان أن رسول الله ﷺ لا يظلم أحدا لأن الله يكرمه بالوحي ويرشده إلى ما هو الصواب، فلا يقع في الحيف والظلم.
- في الحديث بيان مشروعية القسم بين الزوجات في المبيت وغيره.
-فيه بيان حسن أخلاق النبي ﷺم ورأفته بأهل بيته، حيث أنه لم يفعل ما يدخل على عائشة الوحشة، بل تلطف في الخروج.
-قوله (إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع) فيه بيان رحمة الله تعالى بأهل البقيع، حيث أمر النبي ﷺ أن يستغفر لهم.
-قوله: (يا عائش) فيه جواز ترخيم الاسم ّ إذا لم يكن فيه إيذاء للمرخّم.
- قوله: (السلام على أهل الديار) قال الخطابي: وفيه أن اسم الدار يقع على المقابر. فإن الدار في اللغة يقع على الربع المسكون وعلى الخراب غير المأهول.
- قوله: (وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) التقييد بالمشيئة امتثالًا لقول الله تعالى: (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله). (النووي)
- في هذا الحديث دليل لاستحباب زيارة القبور والسلام على أهلها والدعاء لهم والترحم عليهم. (النووي)
- قوله: (السلام على أهل الديار) قال الخطابي: فيه أن السلام على الأموات والأحياء سواء في تقديم (السلام) على (عليكم) بخلاف ما كانت عليه الجاهلية من قولهم:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما

٨٠٢. (م) (٩٧٥) عَن بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُعَلِّمُهُم إذا خَرَجُوا إلى المَقابِرِ، فَكانَ قائِلُهُم يَقُولُ: «السَّلامُ عَلَيكُم أهلَ الدِّيارِ مِنَ المُؤمِنِينَ والمُسلِمِينَ، وإنّا إن شاءَ اللهُ لَلاحِقُونَ، أسأَلُ اللهَ لَنا ولَكُمُ العافِيَةَ».

باب: زِيارَةُ القُبُورِ


٨٠٣. (م) (٩٧٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: زارَ النَّبِيُّ ﷺ قَبرَ أُمِّهِ فَبَكى وأَبكى مَن حَولَهُ، فَقالَ ﷺ: «استَأذَنتُ رَبِّي فِي أن أستَغفِرَ لَها فَلَم يُؤذَن لِي، واستَأذَنتُهُ فِي أن أزُورَ قَبرَها فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ فَإنَّها تُذَكِّرُ المَوتَ».
قوله: (فبكى وأبكى من حوله) قال القاضي عياض: بكاؤه ﷺ على ما فاتها من إدراك أيامه، والإيمان به. 
قال النووي: فيه جواز زيارة المشركين في الحياة، وقبورهم بعد الوفاة؛ لأنه إذا جازت زيارتهم بعد الوفاة ففي الحياة أولى، وقد قال الله تعالى: وصاحبهما في الدنيا معروفا. وفيه: النهي عن الاستغفار للكفار. 
قال القاضي عياض: سبب زيارته ﷺ قبرها أنه قصد قوة الموعظة والذكرى بمشاهدة قبرها، ويؤيده قوله ﷺ في آخر الحديث: (فزوروا القبور فإنها تذكركم الموت).
وفيه بيان تأكد بر الوالدين وأن إسلامهما ليس شرطاً في وجوب برهما .
وفيه بيان جواز البكاء عند حضور المقابر؛ لما في الراوية التالية من كونه ﷺ بكى، وأبكى من حوله .

٨٠٤. (م) (٩٧٧) عَنْ بُرَيْدَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَهَيتُكُم عَن زِيارَةِ القُبُورِ فَزُورُوها، ونَهَيتُكُم عَن لُحُومِ الأَضاحِيِّ فَوقَ ثَلاثٍ فَأَمسِكُوا ما بَدا لَكُم، ونَهَيتكُم عَنِ النَّبِيذِ إلا فِي سِقاءٍ فاشرَبُوا فِي الأَسقِيَةِ كُلِّها، ولا تَشرَبُوا مُسكِرًا». وفي رواية: «كُنتُ نَهَيتُكُم».

باب: تَرْكُ الصَّلاةِ عَلى قاتِلِ نَفْسِهِ


٨٠٥. (م) (٩٧٨) عَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ﵁ قالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفسَهُ بِمَشاقِصَ فَلَم يُصَلِّ عَلَيهِ.
قال القرطبي: ولعل هذا القاتل لنفسه كان مستحلا لقتل نفسه فمات كافرًا فلم يصل عليه لذلك، وأما المسلم القاتل لنفسه فيصلّى عليه عند كافة العلماء، وكذلك المقتول في حدٍّ أو قصاص، ومرتكب الكبائر... غير أن أهل الفضل يجتنبون الصلاة على المبتدعة والبغاة وأصحاب الكبائر ردّعًا لأمثالهم.

باب: فِيمَن يُثْنى عَلَيْهِ بِخَيْرٍ أوْ شَرٍّ مِنَ الـمَوْتى


٨٠٦. (خ م) (٩٤٩) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: مُرَّ بِجَنازَةٍ فَأُثنِيَ عَلَيها خَيرًا، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ: «وجَبَت (وجَبَت وجَبَت)». ومُرَّ بِجَنازَةٍ فَأُثنِيَ عَلَيها شَرًّا فَقالَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ: «وجَبَت (وجَبَت وجَبَت)». قالَ عُمَرُ: (فِدًى لَكَ أبِي وأُمِّي)؛ مُرَّ بِجَنازَةٍ فَأُثنِيَ عَلَيها خَيرٌ فَقُلتَ: «وجَبَت وجَبَت وجَبَت». ومُرَّ بِجَنازَةٍ فَأُثنِيَ عَلَيها شَرٌّ فَقُلتَ: «وجَبَت وجَبَت وجَبَت». فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن أثنَيتُم عَلَيهِ خَيرًا وجَبَت لَهُ الجَنَّةُ، ومَن أثنَيتُم عَلَيهِ شَرًّا وجَبَت لَهُ النّارُ، أنتُم شُهَداءُ اللهِ فِي الأَرضِ، (أنتُم شُهَداءُ اللهِ فِي الأَرضِ، أنتُم شُهَداءُ اللهِ فِي الأَرضِ)». وفي رواية (خ): «شَهادةُ القَومِ، المؤمِنُون شُهَداءُ اللهِ في الأرضِ». ورَوى (خ) عَن أبِي الَأسوَدِ قالَ: أتيتُ المدينةَ، وقد وقَعَ بها مَرَضٌ، وهُم يَمُوتُونَ موتًا ذَرِيعًا، فَجَلَستُ إلى عُمرَ ﵁، فمرَّت جَنازةٌ فأُثنِي خيرًا، فَقالَ عُمَرُ: وجَبَت ... وفيها: فقلت: وما وجَبَت يا أمِيرَ المؤمنينَ؟ قالَ: قُلتُ كَما قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أيُّما مُسلِمٍ شَهِدَ لَهُ أربَعَةٌ بخيرٍ أدخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ». قُلنا: وثَلاثةٌ؟ قالَ: «وثَلاثةٌ». قُلنا: واثنانِ؟ قالَ: «واثنانِ». ثُمَّ لَم نَسأَلهُ عَنِ الواحِدِ.

باب: إذا ماتَ الـمَرْءُ عُرِضَ عَلَيْهَ مَقْعَدُهُ بِالغَداةِ والعَشِيِّ


٨٠٧. (خ م) (٢٨٦٦) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إنَّ أحَدَكُم إذا ماتَ عُرِضَ عَلَيهِ مَقعَدُهُ بِالغَداةِ والعَشِيِّ، إن كانَ مِن أهلِ الجَنَّةِ فَمِن أهلِ الجَنَّةِ، وإن كانَ مِن أهلِ النّارِ فَمِن أهلِ النّارِ، يُقالُ: هَذا مَقعَدُك حَتّى يَبعَثَكَ اللهُ إلَيهِ يَومَ القِيامَةِ».

باب: سُؤالُ الـمَلَكَيْنِ لِلْعَبْدِ إذا وُضِعَ فِـي قَبْرِهِ


٨٠٨. (خ م) (٢٨٧٠) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: قالَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ: «إنَّ العَبدَ إذا وُضِعَ فِي قَبرِهِ وتَوَلّى عَنهُ أصحابُهُ إنَّهُ لَيَسمَعُ قَرعَ نِعالِهِم، قالَ: يَأتِيهِ مَلَكانِ فَيُقعِدانِهِ، فَيَقُولانِ لَهُ: ما كُنتَ تَقُولُ فِي هَذا الرَّجُلِ؟ قالَ: فَأَمّا المُؤمِنُ فَيَقُولُ: أشهَدُ أنَّهُ عَبدُ اللهِ ورَسُولُهُ. قالَ: فَيُقالُ لَهُ: انظُر إلى مَقعَدِكَ مِن النّارِ، قَد أبدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقعَدًا مِن الجَنَّةِ». قالَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ: «فَيَراهُما جَمِيعًا». قالَ قَتادَةُ: وذُكِرَ لَنا أنَّهُ يُفسَحُ لَهُ فِي قَبرِهِ (سَبعُونَ ذِراعًا، ويُملأُ عَلَيهِ خَضِرًا إلى يَومِ يُبعَثُونَ). زادَ (خ): «وأَمّا المُنافِقُ والكافرُ فَيُقالُ لَه: ما كُنتَ تَقُولُ فِي هَذا الرَّجُلِ؟ فَيَقُولُ: لا َأدري، كُنتُ أقُولُ ما يَقُولُ الناسُ. فَيُقالُ: لا دَرَيتَ ولا تَلَيتَ، ويُضْرَبُ بِمَطارِقَ مِن حَديدٍ ضَربَةً، فَيصِيحُ صَيحَةً يَسمَعُها مَن يَلِيهِ غَيرَ الثَّقَلَينِ». وفي رواية: «ضَربَةً بَينَ أُذُنَيهِ فَيَصِيحُ صَيحَةً».
٨٠٩. (خ م) (٢٨٧١) عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ ﵄؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالقَوْلِ الثّابِتِ﴾ [إبراهيم: ٢٧]، قالَ: نَزَلَت فِي عَذابِ القَبرِ؛ (فَيُقالُ لَهُ: مَن رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللهُ، ونَبِيِّي مُحَمَّدٌ ﷺ)، فَذَلكَ قَولُهُ ﷿: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالقَوْلِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنْيا وفِي الآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: ٢٧]). لَفظُ (خ): «إذا أُقعِد المؤمنُ في قَبرِهِ، أُتي ثُمَّ شَهِدَ أن لا ِإلهَ إلّا اللهُ وأَنَّ مُحمدًا رَسُولُ اللهِ، فذَلكَ قَولُه ...».

باب: فِـي عَذابِ القَبْرِ وفِتْنَتِهِ والتَّعَوُّذِ مِن ذَلِكَ


٨١٠. (خ م) (٥٨٦) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: دَخَلَت عَلَيَّ عَجُوزان مِن عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ فَقالَتا: إنَّ أهلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِم. قالَت: فَكَذَّبتُهُما، ولَم أُنعِم أن أُصَدِّقَهُما، فَخَرَجَتا ودَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقُلتُ لَهُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ عَجُوزَينِ مِن عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ دَخَلَتا عَلَيَّ، فَزَعَمَتا أنَّ أهلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِم، فَقالَ: «صَدَقَتا، إنَّهُم يُعَذَّبُونَ عَذابًا تَسمَعُهُ البَهائِمُ». قالَت: فَما رَأَيتُهُ بَعدُ فِي صَلاةٍ إلا يَتَعَوَّذُ مِن عَذابِ القَبرِ. وفي رواية (م): فارْتاعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وقالَ: «إنَّما تُفْتَنُ يَهُودُ». قالَت عائِشةُ: فَلَبِثنا لَيالِيَ، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَل شَعَرتِ أنَّهُ أُوحِيَ إليَّ أنَّكُم تُفتَنُونَ فِي القُبُورِ». قالَت عائِشَةُ: فَسَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعْدُ يَستَعِيذُ مِن عَذابِ القَبرِ. وفي رواية (خ): فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَم، عَذابُ القَبرِ حَقٌّ».
-جواز التحدث عن أهل الكتاب إذا وافق قول الرسول ﷺ.
-وفيه: التوقف عن خبرهم حتى يعرف أصدق هو أم كذب (العيني).
-أن عذاب القبر حق وأنه ليس بخاص بهذه الأمة. (العيني).
- عظيم موقع الدعاء، وفضله، وأن من مواطنه المرغب فيها إثر الصلوات (القاضي عياض).
-استحباب التعوذ من عذاب القبر عقيب الصلاة لأنه وقت إجابة الدعوة (العيني).
-جواز دخول اليهودية عند المسلمات (العيني).

٨١١. (خ م) (٢٨٦٩) عَنْ أبِي أيُّوبَ ﵁ قالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَعدَ ما غَرَبَت الشَّمسُ، فَسَمِعَ صَوتًا فَقالَ: «يَهُودُ تُعَذَّبُ فِي قُبُورِها».
٨١٢. (م) (٢٨٦٧) عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ ﵁ قالَ: بَينَما النَّبِيُّ ﷺ فِي حائِطٍ لِبَنِي النَّجّارِ عَلى بَغلَةٍ لَهُ ونَحنُ مَعَهُ إذ حادَت بِهِ فَكادَت تُلقِيهِ، وإذا أقبُرٌ سِتَّةٌ أو خَمسَةٌ أو أربَعَةٌ، فَقالَ: «مَن يَعرِفُ أصحابَ هَذِهِ الأَقبُرِ؟» فَقالَ رَجُلٌ: أنا. قالَ: «فَمَتى ماتَ هَؤُلاءِ؟» قالَ: ماتُوا فِي الإشراكِ. فَقالَ: «إنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبتَلى فِي قُبُورِها، فَلَولا أن لا تَدافَنُوا لَدَعَوتُ اللهَ أن يُسمِعَكُم مِن عَذابِ القَبرِ الَّذِي أسمَعُ مِنهُ». ثُمَّ أقبَلَ عَلَينا بِوَجهِهِ فَقالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِن عَذابِ النّارِ». قالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِن عَذابِ النّارِ. فَقالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِن عَذابِ القَبرِ». قالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِن عَذابِ القَبرِ. قالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ». قالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الفِتَنِ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ. قالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِن فِتنَةِ الدَّجّالِ». قالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِن فِتنَةِ الدَّجّالِ.
-(لدعوت الله ...)؛ ليزول عنكم استعظامه واستبعاده، والغرض من ذلك إثبات عذاب القبر وأنه واقع لا شك فيه. (أحمد الساعاتي).
-فيه أن الكشف بحسب الطاقة ومن كوشف بما لا يسعه يطيح ويهلك. (القاري).
-لعل تقديم عذاب النار في الذكر مع كون عذاب القبر مقدم في الوجود؛ لكونه أشد وأقوى وأعظم وأبقى (القاري).
-«قَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» خُصَّ؛ لأنه من أكبر الفتن حيث يجر إلى الكفر المفضي إلى العذاب المخلد.

٨١٣. (م) (٢٨٧٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: «إذا خَرَجَت رُوحُ المُؤمِنِ تَلَقّاها مَلَكانِ يُصعِدانِها -قالَ حَمّادٌ: فَذَكَرَ مِن طِيبِ رِيحِها وذَكَرَ المِسكَ- قالَ: ويَقُولُ أهلُ السَّماءِ: رُوحٌ طَيِّبَةٌ جاءَت مِن قِبَلِ الأَرضِ؛ صَلّى اللهُ عَلَيكِ وعَلى جَسَدٍ كُنتِ تَعمُرِينَهُ. فَيُنطَلَقُ بِهِ إلى رَبِّهِ ﷿، ثُمَّ يَقُولُ: انطَلِقُوا بِهِ إلى آخِرِ الأَجَلِ. قالَ: وإنَّ الكافِرَ إذا خَرَجَت رُوحُهُ -قالَ حَمّادٌ: وذَكَرَ مِن نَتنِها وذَكَرَ لَعنًا- ويَقُولُ أهلُ السَّماءِ: رُوحٌ خَبِيثَةٌ جاءَت مِن قِبَلِ الأَرضِ. قالَ: فَيُقالُ: انطَلِقُوا بِهِ إلى آخِرِ الأَجَلِ». قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَيطَةً كانَت عَلَيهِ عَلى أنفِهِ هَكَذا.
- ((تعمرينه)) استعارة، شبه تدبيرها الجسد بالعمل الصالح عمارة من يتولى المدينة ويعمرها بالعدل والصلاح. (شرح المشكاة للطيبي).
-"إلى آخر الأجل": أي إلى عليين الذي هو مأوى أرواح المؤمنين إلى يوم القيامة وإلى سجين حيث تحبس أرواح الكفار .
"الريطة " بفتح فسكون: الثوب الرقيق، وقيل: هي الملاءة، وردها على الأنف بيانًا لنتن ريح الكافر، كأنه يجد نتنها الآن. (المباركفوري).

كِتابُ الزَّكاةِ


باب: وُجُـوبُ الـزَّكَـاةِ


٨١٤. (خ م) (١٩) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ مُعاذًا قالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ قالَ: «إنَّكَ تَأتِي قَومًا مِن أهلِ الكِتابِ، فادعُهُم إلى شَهادَةِ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإن هُم أطاعُوا لِذَلكَ فَأَعلِمهُم أنَّ اللهَ افتَرَضَ عَلَيهِم خَمسَ صَلَواتٍ فِي كُلِّ يَومٍ ولَيلَةٍ، فَإن هُم أطاعُوا لِذَلكَ فَأَعلِمهُم أنَّ اللهَ افتَرَضَ عَلَيهِم صَدَقَةً تُؤخَذُ مِن أغنِيائِهِم فَتُرَدُّ فِي فُقَرائِهِم، فَإن هُم أطاعُوا لِذَلكَ فَإيّاكَ وكَرائِمَ أموالِهِم، واتَّقِ دَعوَةَ المَظلُومِ، فَإنَّهُ لَيسَ بَينَها وبَينَ اللهِ حِجابٌ». وفي رواية: «فَليَكُن أوَّلَ ما تَدعُوهُم إلَيه عِبادةُ اللهِ، فَإذا عَرَفُوا اللهَ فَأَخبِرهُم ...». وفي رواية (خ): «إلى أن يُوحِّدُوا اللهَ».
-في هذا الحديث قبول خبر الواحد ووجوب العمل به (النووي).
-فيه بعث الدعاة إلى الله، وهذا من خصائص ولي الأمر (ابن عثيمين )
-أنه ينبغي أن يُذكر للمبعوث حال المبعوث إليه، حتى يتأهب لهم، وينزلهم منازلهم (ابن عثيمين).
-أصلِ الأصل أولاً، ثم فرع الفروع، فأول ما تدعو: أن تدعوا إلى التوحيد والرسالة؛ أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم بعد ذلك عليك ببقية أركان الدين الأهم فالأهم (ابن عثيمين).
-الزكاة سميت صدقة؛ لأن بذل المال دليلٌ على صدق باذله، فإن المال محبوب إلى النفوس(ابن عثيمين)
-أن الزكاة تصرف في فقراء البلد؛ لقوله: "فتردّ في فقرائهم" ولا تُخرج عن البلد إلا لسبب، أما ما دام في البلد مستحقون فإنهم أولى من غيرهم؛ ولأن الأقربين يعرفون المال الذي عندك، ويعرفون أنك غني، فإذا لم ينتفعوا بمالك فإنه سيقع في قلوبهم من العداوة والبغضاء، ما تكون أنت السبب فيه، ربما إذا رأوا أنك تخرج صدقة إلى بلاد بعيدة وهم محتاجون، ربما يعتدون عليك، ويفسدون أموالك، ولهذا كان من الحكمة أنه ما دام في أهل بلدك من هو في حاجة أن لا تصرف صدقتك إلى غيره. (ابن عثيمين).
-أن الوتر ليس بواجب لأن بعث معاذ إلى اليمن كان قبل وفاة النبي ﷺ بقليل بعد الأمر بالوتر والعمل به (النووي).
-أنه لا يحكم بإسلام أحد إلا بالنطق بالشهادتين وهذا مذهب أهل السنة(النووي).
-بيان عظم تحريم الظلم (النووي).
-أنه يحرم على الساعي أخذ كرائم المال في أداء الزكاة بل يأخذ الوسط (النووي).
-يحرم على رب المال إخراج شر المال(النووي).
-أن الزكاة لا تدفع إلى كافر ولا تدفع أيضا إلى غني من نصيب الفقراء(النووي).

باب: ما فِيهِ الزَّكاةُ مِنَ الأَمْوالِ وقَدْرُها


٨١٥. (خ) (٩٧٩) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لَيسَ فِيما دُونَ خَمسَةِ أوسُقٍ صَدَقَةٌ، ولا فِيما دُونَ خَمسِ ذَودٍ صَدَقَةٌ، ولا فِيما دُونَ خَمسِ أواقٍ صَدَقَةٌ». وفي رواية (م): «لَيس فِي حَبٍّ ولا تَمرٍ صَدَقَةٌ حَتّى يَبلُغَ خَمسَةَ أوسُقٍ ...».
نفى الزكاة عما دون خمس و إيجابها في ذلك المقدار، وما زاد عليه بحسابه؛ لئلا يجحف بأرباب الأموال ولا يبخس الفقراء حقوقهم (ابن بطال).

٨١٦. (م) (٩٨١) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄؛ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «فِيما سَقَت الأَنهارُ والغَيمُ العُشُورُ، وفِيما سُقِيَ بِالسّانِيَةِ نِصفُ العُشرِ». رَوى (خ) نَحوَه عَن ابْنِ عُمَرَ ﵃؛ ولَفظُهُ: عَن ابْنِ عُمَرَ؛ عَنِ النَّبيِّ ﷺ قالَ: «فِيما سَقِت السَّماءُ والعُيُونُ أو كانَ عَثَرِيًّا العُشرُ، وما سَقِي بِالنَّضحِ نِصفُ العُشرِ».
-بيان فريضة زكاة الحبوب والثمار. (منار القاري)
-جعل فيما كثرت مؤنته نصف العشر رفقا بأهل الأموال (العيني).
دل الحديث بمفهومه على أنّ ما سقي نصف العام بآلة ونصفه بغيرها فيه ثلاثة أرباع العشر، قال ابن قدامة: ولا نعلم فيه خلافاً (منار القاري).

٨١٧. (خ م) (٩٨٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لَيسَ عَلى المُسلِمِ فِي عَبدِهِ ولا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ». زادَ (م) فِي روايةٍ: «إلاَّ صَدَقَةُ الفِطرِ».
-لا خلاف أنه ليس في رقاب العبيد صدقة (أبو الوليد الباجي).
-اتفق جمهور العلماء على أنه لا زكاة في الخيل (ابن بطال).
-ممن رأى الزكاة في الخيل والرقيق وسائر العروض كلها إذا أريد بها التجارة عمر وابن عمر ﵄، ولا مخالف لهما من الصحابة. (ابن عبد البر).

٨١٨. (خ) (١٤٥٤) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ أبا بَكرٍ كَتَبَ لَهُ هَذا الكِتابَ لَمّا وجَّهَهُ إلى البَحرَينِ: بِسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلى المُسلِمِينَ، والَّتِي أمَرَ اللهُ بِها رَسُولَهُ، فَمَن سُئِلَها مِن المُسلِمِينَ عَلى وجهِها فَليُعطِها، ومَن سُئِلَ فَوقَها فَلا يُعطِ: «فِي أربَعٍ وعِشرِينَ مِن الإبِلِ فَما دُونَها مِن الغَنَمِ، مِن كُلِّ خَمسٍ شاةٌ، إذا بَلَغَت خَمسًا وعِشرِينَ إلى خَمسٍ وثَلاثِينَ فَفِيها بِنتُ مَخاضٍ أُنثى، فَإذا بَلَغَت سِتًّا وثَلاثِينَ إلى خَمسٍ وأَربَعِينَ فَفِيها بِنتُ لَبُونٍ أُنثى، فَإذا بَلَغَت سِتًّا وأَربَعِينَ إلى سِتِّينَ فَفِيها حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الجَمَلِ، فَإذا بَلَغَت واحِدَةً وسِتِّينَ إلى خَمسٍ وسَبعِينَ فَفِيها جَذَعَةٌ، فَإذا بَلَغَت يَعنِي سِتًّا وسَبعِينَ إلى تِسعِينَ فَفِيها بِنتا لَبُونٍ، فَإذا بَلَغَت إحدى وتِسعِينَ إلى عِشرِينَ ومِائَةٍ فَفِيها حِقَّتانِ طَرُوقَتا الجَمَلِ، فَإذا زادَت عَلى عِشرِينَ ومِائَةٍ فَفِي كُلِّ أربَعِينَ بِنتُ لَبُونٍ وفِي كُلِّ خَمسِينَ حِقَّةٌ، ومَن لَم يَكُن مَعَهُ إلا أربَعٌ مِن الإبِلِ فَلَيسَ فِيها صَدَقَةٌ إلا أن يَشاءَ رَبُّها، فَإذا بَلَغَت خَمسًا مِن الإبِلِ فَفِيها شاةٌ، وفِي صَدَقَةِ الغَنَمِ فِي سائِمَتِها إذا كانَت أربَعِينَ إلى عِشرِينَ ومِائَةٍ شاةٌ، فَإذا زادَت عَلى عِشرِينَ ومِائَةٍ إلى مِائَتَينِ شاتانِ، فَإذا زادَت عَلى مِائَتَينِ إلى ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِيها ثَلاث، فَإذا زادَت عَلى ثَلاثِ مِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شاةٌ، فَإذا كانَت سائِمَةُ الرَّجُلِ ناقِصَةً مِن أربَعِينَ شاةً واحِدَةً فَلَيسَ فِيها صَدَقَةٌ إلا أن يَشاءَ رَبُّها، وفِي الرِّقَّةِ رُبعُ العُشرِ، فَإن لَم تَكُن إلا تِسعِينَ ومِائَةً فَلَيسَ فِيها شَيءٌ إلا أن يَشاءَ رَبُّها».
ورَوى عَنه؛ أنَّ أبا بَكرٍ ﵁ كَتَبَ لَهُ الصَّدَقَةَ الَّتِي أمَرَ اللهُ رَسُولَهُ ﷺ: «ولا يُخرَجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ ولا ذاتُ عَوارٍ ولا تَيسٌ إلا ما شاءَ المُصَدِّقُ».
ورَوى عَنه؛ أنَّ أبا بَكرٍ ﵁ كَتَبَ لَهُ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ولا يُجمَعُ بَينَ مُتَفَرِّقٍ، ولا يُفَرَّقُ بَينَ مُجتَمِعٍ خَشيَةَ الصَّدَقَةِ». ورَوى عَنه؛ أنَّ أبا بَكرٍ ﵁ كَتَبَ لَهُ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وما كانَ مِن خَلِيطَينِ فَإنَّهُما يَتَراجَعانِ بَينَهُما بِالسَّوِيَّةِ».
-دليل على ان الزكاة إنما تجب في الغنم إذا كانت سائمة، أما المعلوفة فلا زكاة فيها. (مرقاة المفاتيح).
-لو أسيمت أي الإبل للحمل والركوب لم تكن السائمة المستلزمة شرعا لحكم وجوب الزكاة، بل لا زكاة فيها، ولو أسامها للتجارة كان فيها زكاة التجارة، لا زكاة السائمة. (مرقاة المفاتيح).
حق الفقراء إنما هو في النمط الأوسط من المال لا يأخذ المصدق خياره فيجحف بأرباب الأموال ولا شراره فيزري بحقوق الفقراء(ابن بطال).

٨١٩. (خ) (١٤٤٨) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ أبا بَكرٍ ﵁ كَتَبَ لَهُ الَّتِي أمَرَ اللهُ رَسُولَهُ ﷺ: «ومَن بَلَغَت صَدَقَتُهُ بِنتَ مَخاضٍ ولَيسَت عِندَهُ وعِندَهُ بِنتُ لَبُونٍ فَإنَّها تُقبَلُ مِنهُ، ويُعطِيهِ المُصَدِّقُ عِشرِينَ دِرهَمًا أو شاتَينِ، فَإن لَمْ يَكُن عِندَهُ بِنتُ مَخاضٍ عَلى وجهِها وعِندَهُ ابنُ لَبُونٍ فَإنَّهُ يُقبَلُ مِنهُ ولَيسَ مَعَهُ شَيءٌ».
-المفقود إذا وجد الأكمل منه، أو الأنقص شرع الجبران. (ابن حجر).
-المعطي مخير بين الدراهم والشاتين (مرقاة المفاتيح).

٨٢٠. (خ) (١٤٥٣) عَنْ أنَسٍ؛ أنَّ أبا بَكرٍ ﵁ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي أمَرَ اللهُ رَسُولَهُ ﷺ: «مَن بَلَغَت عِندَهُ مِن الإبِلِ صَدَقَةُ الجَذَعَةِ ولَيسَت عِندَهُ جَذَعَةٌ وعِندَهُ حِقَّةٌ فَإنَّها تُقبَلُ مِنهُ الحِقَّةُ، ويَجعَلُ مَعَها شاتَينِ إن استَيسَرَتا لَهُ أو عِشرِينَ دِرهَمًا، ومَن بَلَغَت عِندَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ ولَيسَت عِندَهُ الحِقَّةُ وعِندَهُ الجَذَعَةُ فَإنَّها تُقبَلُ مِنهُ الجَذَعَةُ ويُعطِيهِ المُصَدِّقُ عِشرِينَ دِرهَمًا أو شاتَينِ، ومَن بَلَغَت عِندَهُ صَدَقَةُ الحِقَّةِ ولَيسَت عِندَهُ إلا بِنتُ لَبُونٍ فَإنَّها تُقبَلُ مِنهُ بِنتُ لَبُونٍ ويُعطِي شاتَينِ أو عِشرِينَ دِرهَمًا، ومَن بَلَغَت صَدَقَتُهُ بِنتَ لَبُونٍ وعِندَهُ حِقَّةٌ فَإنَّها تُقبَلُ مِنهُ الحِقَّةُ ويُعطِيهِ المُصَدِّقُ عِشرِينَ دِرهَمًا أو شاتَينِ، ومَن بَلَغَت صَدَقَتُهُ بِنتَ لَبُونٍ ولَيسَت عِندَهُ وعِندَهُ بِنتُ مَخاضٍ فَإنَّها تُقبَلُ مِنهُ بِنتُ مَخاضٍ ويُعطِي مَعَها عِشرِينَ دِرهَمًا أو شاتَينِ».
جواز النزول والصعود من السن الواجب عند فقده إلى سن آخر يليه (مرقاة المفاتيح)

باب: فِـي تَقْدِيمِ الزَّكاةِ


٨٢١. (خ م) (٩٨٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ (عُمَرَ) عَلى الصَّدَقَةِ، فَقِيلَ: مَنَعَ ابنُ جَمِيلٍ، وخالِدُ بنُ الوَلِيدِ، والعَبّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللهِ ﷺ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما يَنقِمُ ابنُ جَمِيلٍ إلا أنَّهُ كانَ فَقِيرًا فَأَغناهُ اللهُ، وأَمّا خالِدٌ؛ فَإنَّكُم تَظلِمُونَ خالِدًا، قَد احتَبَسَ أدراعَهُ وأَعتادَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وأَمّا العَبّاسُ فَهِيَ (عَلَيَّ) ومِثلُها مَعَها». (ثُمَّ قالَ: «يا عُمَرُ؛ أما شَعَرتَ أنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنوُ أبِيهِ»). لَفظُ (خ): «فَهِيَ عَلَيه صَدَقَةٌ ومِثلُها مَعَها».
-فيه دليل على أن مانع الصدقة إذا لم يكن ممتنعا بقتال وقوة وسلاح فإنها تستخرج منه ولا يعاقب عليه. وإنما كان قتال أبي بكر مانعي الزكاة لأنهم امتنعوا من أدائها واعترضوا دونها بالسلاح (ابن بطال).
-فيه دليل على أن الوقف والحبس قد يصح، من غير إخراج من يد الواقف والمحبس، وذلك أن الشيء لو لم يكن في يده لم يكن لمطالبته بالزكاة عنه معنى (ابن بطال).
-دليل على جواز إحباس آلات الحروب من الدروع والسيوف والحجف. وقد يدخل فيها الخيل والإبل لأنها كلها عتاد للجهاد (ابن بطال).
-دليل على وجوب الزكاة في الأموال التي ترصد للتجارة وهو كالإجماع من أهل العلم (معالم).
قوله: (عم الرجل صنو أبيه) قال النووي: أي مثل أبيه، وفيه تعظيم حق العم

باب: فِـي إرْضاءِ السُّعاةِ


٨٢٢. (م) (٩٨٩) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵁ قالَ: جاءَ ناسٌ مِنَ الأَعرابِ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالُوا: إنَّ ناسًا مِنَ المُصَدِّقِينَ يَأتُونَنا فَيَظلِمُونَنا. قالَ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أرضُوا مُصَدِّقِيكُم». قالَ جَرِيرٌ: ما صَدَرَ عَنِّي مُصَدِّقٌ مُنذُ سَمِعتُ هَذا مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ إلا وهُوَ عَنِّي راضٍ.
-"أرضوا مصدقيكم": ببذل الواجب وملاطفتهم وترك مشاقهم، وهذا محمول على ظلم لا يفسق به الساعي، إذ لو فسق لا نعزل ولم يجب الدفع إليه بل لا يجزي، والظلم قد يكون بغير معصية فإنه مجاوزة الحد ويدخل في ذلك المكروهات(النووي).
وأجاب الطيبي: بأن أولئك المصدقين من الصحابة، وهم لم يكونوا ظالمين، وكأن نسبة الظلم إليهم على زعم المزكي أو جريان على سبيل المبالغة.

باب: الوَعِيدُ عَلى مَن لا يُؤَدِّي الزَّكاةَ


٨٢٣. (خ م) (٩٩٠) عَنْ أبِي ذَرٍّ ﵁ قالَ: انتَهَيتُ إلى النَّبِيِّ ﷺ وهُوَ جالِسٌ فِي ظِلِّ الكَعبَةِ، فَلَمّا رَآنِي قالَ: «هُم الأَخسَرُونَ ورَبِّ الكَعبَةِ». قالَ: فَجِئتُ حَتّى جَلَستُ، (فَلَم أتَقارَّ أن قُمتُ)، فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ فِداكَ أبِي وأُمِّي مَن هُم؟ قالَ: «هُم الأَكثَرُونَ أموالًا، إلا مَن قالَ هَكَذا وهَكَذا وهَكَذا مِن بَينِ يَدَيهِ ومِن خَلفِهِ وعَن يَمِينِهِ وعَن شِمالِهِ (وقَلِيلٌ ما هُمْ)، ما مِن صاحِبِ إبِلٍ ولا بَقَرٍ ولا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي زَكاتَها إلا جاءَت يَومَ القِيامَةِ أعظَمَ ما كانَت وأَسمَنَهُ، تَنطَحُهُ بِقُرُونِها، وتَطَؤُهُ بِأَظلافِها، كُلَّما نَفِدَت أُخراها عادَت عَلَيهِ أُولاها، حَتّى يُقضى بَينَ النّاسِ».
-فيه جواز الحلف بغير تحليف، بل هو مستحب إذا كان فيه مصلحة كتوكيد أمر وتحقيقه (النووي).
-الحث على الصدقة في وجوه الخير، وأنه لا يقتصر على نوع من وجوه البر بل ينفق في كل وجه (النووي).

٨٢٤. (خ م) (٩٩٢) عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قالَ: قَدِمتُ المَدِينَةَ، فَبَينا أنا فِي حَلقَةٍ فِيها مَلأٌ مِن قُرَيشٍ، إذ جاءَ رَجُلٌ أخشَنُ الثِّيابِ، (أخشَنُ الجَسَدِ، أخشَنُ الوَجهِ)، فَقامَ عَلَيهِم فَقالَ: بَشِّر الكانِزِينَ بِرَضفٍ يُحمى عَلَيهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ، فَيُوضَعُ عَلى حَلَمَةِ ثَديِ أحَدِهِم حَتّى يَخرُجَ مِن نُغضِ كَتِفَيهِ، ويُوضَعُ عَلى نُغضِ كَتِفَيهِ حَتّى يَخرُجَ مِن حَلَمَةِ ثَديَيهِ، يَتَزَلزَلُ. (قالَ: فَوَضَعَ القَومُ رُؤوسَهُم، فَما رَأَيتُ أحَدًا مِنهُم رَجَعَ إلَيهِ شَيئًا)، قالَ: فَأَدبَرَ واتَّبَعتُهُ، حَتّى جَلَسَ إلى سارِيَة، فَقُلتُ: ما رَأَيتُ هَؤُلاءِ إلا كَرِهُوا ما قُلتَ لَهُم. قالَ: إنَّ هَؤُلاءِ لا يَعقِلُونَ شَيئًا، إنَّ خَلِيلِي أبا القاسِمِ ﷺ دَعانِي فَأَجَبتُهُ، فَقالَ: «أتَرى أُحُدًا؟» فَنَظَرتُ ما عَلَيَّ مِن الشَّمسِ، وأَنا أظُنُّ أنَّهُ يَبعَثُنِي فِي حاجَةٍ لَهُ، فَقُلتُ: أراهُ. فَقالَ: «ما يَسُرُّنِي أنَّ لِي مِثلَهُ ذَهَبًا، أُنفِقُهُ كُلَّهُ إلا ثَلاثَةَ دَنانِيرَ». ثُمَّ هَؤُلاءِ يَجمَعُونَ الدُّنيا لا يَعقِلُونَ شَيئًا. (قالَ: قُلتُ: ما لَكَ ولإخوَتِكَ مِن قُرَيشٍ، لا تَعتَرِيهِم وتُصِيبُ مِنهُم). قالَ: لا ورَبِّكَ لا أسأَلُهُم عَن دُنيا، ولا أستَفتِيهِم عَن دِينٍ حَتّى ألحَقَ باللهِ (ورَسُولِهِ). وفي رواية (م): قُلتُ [الأحنفُ]: ما تَقُولُ فِي هَذا العَطاءِ؟ قالَ: خُذهُ، فإنَّ فِيهِ اليومَ مَعُونةً، فإذا كان ثَمَنًا لِدِينِكَ فَدَعهُ.
-فيه: ما يشعر أنه ﷺ كان يرسل أفاضل أصحابه في حاجته يفضلهم بذلك، لأنه يصير رسول رسول الله ﷺ. (العيني).
-زهد أبي ذر، ﵁.
-أن أبا ذر ذهب إلى ما يقتضيه ظاهر لفظ: {والذين يكنزون الذهب والفضة} (التوبة: 43). إذ الكنز في اللغة: المال المدفون، وكان من مذهبه أنه يحرم على الإنسان إدخار ما زاد على حاجته. (العيني).
-ذهب جمع من الصحابة والعلماء إلى أن الكنز: هو كل مال وجبت فيه الزكاة فلم تؤد زكاته، فالكثير من المال، وإن بلغ ألوفًا إذا أديت زكاته فليس بكنز، ولا يحرم على صاحبه اكتنازه، لأنه لم يتوعد الله عليه بالعقاب، وإنما توعد الله بالعقاب على كل مال لم تؤد زكاته، وقال بعض السلف: إنه اسم للمال الذي لم تؤد زكاته، ولا الحقوق المنتشرة فيه.
يؤخذ منه أن نفي محبة المال مقيدة بعدم الإنفاق فيلزم محبة وجوده مع الإنفاق فما دام الإنفاق مستمرا لا يكره وجود المال، وإذا انتفى الإنفاق ثبتت كراهية وجود المال (ابن حجر).

٨٢٥. (خ م) (٩٨٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: («ما مِن صاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنها حَقَّها إلا إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ صُفِّحَت لَهُ صَفائِحُ مِن نارٍ، فَأُحمِيَ عَلَيها فِي نارِ جَهَنَّمَ، فَيُكوى بِها جَنبُهُ وجَبِينُهُ وظَهرُهُ، كُلَّما بَرَدَت أُعِيدَت لَهُ، فِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خَمسِينَ ألفَ سَنَةٍ، حَتّى يُقضى بَينَ العِبادِ، فَيَرى سَبِيلَهُ إمّا إلى الجَنَّةِ وإمّا إلى النّارِ». قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ فالإبِلُ؟ قالَ: «ولا صاحِبُ إبِلٍ لا يُؤَدِّي مِنها حَقَّها، ومِن حَقِّها حَلَبُها يَومَ وِردِها، إلا إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ بُطِحَ لَها بِقاعٍ قَرقَرٍ، أوفَرَ ما كانَت، لا يَفقِدُ مِنها فَصِيلًا واحِدًا، تَطَؤُهُ بِأَخفافِها، وتَعَضُّهُ بِأَفواهِها، كُلَّما مَرَّ عَلَيهِ أُولاها رُدَّ عَلَيهِ أُخراها، فِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خَمسِينَ ألفَ سَنَةٍ، حَتّى يُقضى بَينَ العِبادِ، فَيَرى سَبِيلَهُ إمّا إلى الجَنَّةِ وإمّا إلى النّارِ». قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ فالبَقَرُ والغَنَمُ؟ قالَ: «ولا صاحِبُ بَقَرٍ ولا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي مِنها حَقَّها إلا إذا كانَ يَومُ القِيامَةِ بُطِحَ لَها بِقاعٍ قَرقَرٍ، لا يَفقِدُ مِنها شَيئًا، لَيسَ فِيها عَقصاءُ ولا جَلحاءُ ولا عَضباءُ، تَنطَحُهُ بِقُرُونِها، وتَطَؤُهُ بِأَظلافِها، كُلَّما مَرَّ عَلَيهِ أُولاها رُدَّ عَلَيهِ أُخراها، فِي يَومٍ كانَ مِقدارُهُ خَمسِينَ ألفَ سَنَةٍ، حَتّى يُقضى بَينَ العِبادِ، فَيَرى سَبِيلَهُ إمّا إلى الجَنَّةِ وإمّا إلى النّارِ». قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ فالخَيلُ؟) قالَ: «الخَيلُ ثَلاثَةٌ؛ هِيَ لِرَجُلٍ وِزرٌ، وهِيَ لِرَجُلٍ سِترٌ، وهِيَ لِرَجُلٍ أجرٌ، فَأَمّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَها رِياءً وفَخرًا ونِواءً عَلى أهلِ الإسلامِ، فَهِيَ لَهُ وِزرٌ، وأَمّا الَّتِي هِيَ لَهُ سِترٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَها (فِي سَبِيلِ اللهِ)، ثُمَّ لَم يَنسَ حَقَّ اللهِ فِي ظُهُورِها ولا رِقابِها، فَهِيَ لَهُ سِترٌ، وأَمّا الَّتِي هِيَ لَهُ أجرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَها فِي سَبِيلِ اللهِ، لأَهلِ الإسلامِ، فِي مَرجٍ ورَوضَةٍ، فَما أكَلَت مِن ذَلكَ المَرجِ أو الرَّوضَةِ مِن شَيءٍ إلا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ ما أكَلَت حَسَناتٌ، وكُتِبَ لَهُ عَدَدَ أرواثِها وأَبوالِها حَسَناتٌ، ولا تَقطَعُ طِوَلَها فاستَنَّت شَرَفًا أو شَرَفَينِ إلا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ آثارِها وأَرواثِها حَسَناتٍ، ولا مَرَّ بِها صاحِبُها عَلى نَهرٍ فَشَرِبَت مِنهُ ولا يُرِيدُ أن يَسقِيَها إلا كَتَبَ اللهُ لَهُ عَدَدَ ما شَرِبَت حَسَناتٍ». قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ فالحُمُرُ؟ قالَ: «ما أُنزِلَ عَلَيَّ فِي الحُمُرِ شَيءٌ إلا هَذِهِ الآيَةَ الفاذَّة الجامِعَةُ: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: ٧، ٨]». لَفظُ (خ): «ورَجَلٌ رَبَطَها تَغَنِّيًا وسِترًا وتَعَفُّفًا ... فهي لَهُ سِترٌ».
وفي رواية (م): «وأَمّا الَّتي هِيَ لَهُ سِترٌ؛ فالرُّجُلُ يَتَّخِذُها تَكَرُّمًا وتَجمُّلًا، ولا نَسِيَ حَقَّ ظُهُورِها وبُطُونِها فِي عُسْرِها ويُسْرِها ...»، وفِيها: «وأَمّا الَّذِي عَلَيهِ وِزْرٌ فالَّذِي يَتَّخِذَها أشَرًا وبَطَرًا وبَذَخًا ورِياءَ النّاسِ».
ورَوى (خ) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ؛ عَنِ النَّبيِّ ﷺ قالَ: «مَنِ احتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ إيمانًا باللهِ وتَصدِيقًا بِوَعدِهِ، فَإنَّ شِبَعَهُ ورِيَّهُ ورَوثَهُ وبَولَهُ فِي مِيزانهِ يَومَ القِيامَةِ».
-كان ﷺ يبين للناس بيانا شافيا كافيا (ابن عثيمين).
-تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها (ابن عثيمين ).
-إذا لم يؤد صاحب الذهب والفضة حقها يجعل له صفائح من نار، أو جعل الذهب والفضة صفائح من نار. وهذا التأويل يوافق ما في التنزيل حيث قال تعالي: {يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى} الآية فجعل عين الذهب والفضة هي المحمى عليها في نار جهنم (شرح المشكاة للطيبي).
-يحتمل اختصاص ما ذكر من أعضائه فيه، من جبينه وجنبه وظهره بالكي عقابًا؛ لتقطيبه وجهه في وجه السائل، وليّه بصفحة جنبه عنه، وإعراضه بظهره عنه. (القاضي عياض).
-من حق الإبل حلبها يوم وردها، فإذا وردت الماء درت وإذا درت صار فيها فضل كبير من اللبن، فإذا جاء الفقراء يوزع عليهم (ابن عثيمين).
-إما إلى الجنة إن كان مؤمنا لم يستحل ترك الزكاة، وإما إلى النار إن كان كافرا بأن استحل تركها (مرقاة المفاتيح).
-أن الأعمال بالنيات؛ لأن هذه الخيل من حيث صورها؛ فإنها في الملكة والاقتناء سواء، ومن حيث النيات في اقتنائها متفاوتة، فمن اقتناها لله، وحبسها في سبيل الله، فإنها له أجر كما قال رسول الله - ﷺ- والنية الأولى كافية؛ لأنه لما وردت على نهر فشربت منه، ولم يرد أن يسقيها كان له حسنات (ابن هبيرة).
-أن الكسب ستر؛ وذلك أن الكاسب قد ستر بكسبه فقره؛ بخلاف من لا كسب له، فنفس ترك الإنسان الكسب يكون سائلًا للناس بلسان حاله، وبنفس الكسب يتغانى عن سؤال الناس بلسان حاله (ابن هبيرة).
-الذي ربط الخيل فخرًا ورياء ونواء، فالمراد بالفخر: أن يفخر بها على من لا خيل عنده، ورياء: ليرى الناس قوته بها، ونواء: معادة للإسلام، وهذه هي شرهن، فصارت عليه وزرًا (ابن هبيرة).
إن استعملت الحمير في خير فهو خير وإن استعملتها في شر فهي شر(ابن عثيمين)

٨٢٦. (م) (٩٨٨) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «ما مِن صاحِبِ إبِلٍ ولا بَقَرٍ ولا غَنَمٍ لا يُؤَدِّي حَقَّها إلا أُقعِدَ لَها يَومَ القِيامَةِ بِقاعٍ قَرقَرٍ، تَطَؤُهُ ذاتُ الظِّلفِ بِظِلفِها، وتَنطَحُهُ ذاتُ القَرنِ بِقَرنِها، (لَيسَ فِيها يَومَئِذٍ جَمّاءُ ولا مَكسُورَةُ القَرنِ». قُلنا: يا رَسُولَ اللهِ؛ وما حَقُّها؟ قالَ: «إطراقُ فَحلِها، وإعارَةُ دَلوِها، ومَنِيحَتُها)، وحَلَبُها عَلى الماءِ، (وحَملٌ عَلَيها فِي سَبِيلِ اللهِ)، ولا مِن صاحِبِ مالٍ لا يُؤَدِّي زَكاتَهُ إلا تَحَوَّلَ يَومَ القِيامَةِ شُجاعًا أقرَعَ، يَتبَعُ صاحِبَهُ حَيثُما ذَهَبَ، وهُوَ يَفِرُّ مِنهُ، ويُقالُ: هَذا مالُكَ الَّذِي كُنتَ تَبخَلُ بِهِ، فَإذا رَأى أنَّهُ لا بُدَّ مِنهُ أدخَلَ يَدَهُ فِي فِيهِ، فَجَعَلَ يَقضَمُها كَما يَقضَمُ الفَحْلُ». رَوى (خ) مَعناهُ عَن أبِي هُرَيْرَةَ ﵁. وفي رواية (خ): «مَن آتاهُ اللهُ مالًا فَلَم يُؤدِّ زَكاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مالُهُ شُجاعًا أقرَعَ لَهُ زَبِيبَتانِ، يُطَوَّقُهُ يَومَ القِيامَةِ، يَأخُذُ بِلِهزِمَتَيهِ -يَعنِي بِشِدقَيهِ- يَقُولُ: أنا مالُكَ، أنا كَنزُكَ»، ثَمَّ تَلا هَذهِ الآيةَ: ﴿ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ [آل عمران: ١٨٠] إلى آخِرِ الآيَةِ. ورَوى (خ) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «إذا ما ربُّ النَّعَمِ لم يُعطِ حقَّها تُسَلَّطُ عَلَيهِ يَومَ القِيامَةِ فَتَخبِطُ وجهَهُ بِأَخفافِها».
-يحصل لهم العذاب الجسدي والعذاب القلبي بالتوبيخ والتأنيب فكيف يكون قلبه في تلك الساعة وهو يقال له هذا ما كنزت لنفسك؟ (ابن عثيمين).
حلبها على الماء؛ لنفع من يحضر من المساكين (الشوكاني ).

١ لأن يجلس أحدكم أعلى جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على

٥/٠