باب: صَوْمُ النَّبِيِّ ﷺ


٩٧٠. (م) (١١٦٠) عَنْ مُعاذَةَ العَدَوِيَّةَ؛ أنَّها سَأَلَت عائشةَ ﵂ زَوجَ النَّبِي ﷺ؛ أكانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَصُومُ مِن كُلِّ شَهرٍ ثَلاثَةَ أيّامٍ؟ قالَت: نَعَم. فَقُلتُ لَها: مِن أيِّ أيّامِ الشَّهرِ كانَ يَصُومُ؟ قالَت: لَم يَكُن يُبالِي مِن أيِّ أيّامِ الشَّهرِ يَصُومُ.
٩٧١. (م) (١١٦٢) عَنْ أبِي قَتادَةَ ﵁ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ كَيفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَلَمّا رَأى عُمَرُ غَضَبَهُ قالَ: رَضِينا بِاللهِ رَبًّا، وبِالإسلامِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللهِ مِن غَضَبِ اللهِ وغَضَبِ رَسُولِهِ. فَجَعَلَ عُمَرُ يُرَدِّدُ هَذا الكَلامَ حَتّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقالَ عُمَرُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ كَيفَ بِمَن يَصُومُ الدَّهرَ كُلَّهُ؟ قالَ: «لا صامَ ولا أفطَرَ»، أو قالَ: «لَم يَصُم ولَم يُفطِر». قالَ: كَيفَ مَن يَصُومُ يَومَينِ ويُفطِرُ يَومًا؟ قالَ: «ويُطِيقُ ذَلكَ أحَدٌ؟» قالَ: كَيفَ مَن يَصُومُ يَومًا ويُفطِرُ يَومًا؟ قالَ: «ذَلكَ صَومُ داوُدَ ﵇». قالَ: كَيفَ مَن يَصُومُ يَومًا ويُفطِرُ يَومَينِ؟ قالَ: «ودِدتُ أنِّي طُوِّقتُ ذَلكَ»، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ثَلاثٌ مِن كُلِّ شَهرٍ، ورَمَضانُ إلى رَمَضانَ، فَهَذا صِيامُ الدَّهرِ كُلِّهِ، صِيامُ يَومِ عَرَفَةَ أحتَسِبُ عَلى اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ والسَّنَةَ الَّتِي بَعدَهُ، وصِيامُ يَومِ عاشُوراءَ أحتَسِبُ عَلى اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبلَهُ».
وفي رواية: وبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وبِبَيعَتِنا بَيعَةً. وفيها: فَسُئِلَ عَن صِيامِ الدَّهرِ؟ وفيها: قال: «ذاكَ صَومُ أخِي داوُدَ»، وفيها: وسُئِلَ عَن صَومِ يَومِ الاثنَينِ؟ قالَ: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فِيهِ، ويَومٌ بُعِثتُ أو أُنزِلَ عَلَيَّ فِيهِ».
-قال العلماء سبب غضبه ﷺ أنه كره مسألته؛ لأنه يحتاج إلى أن يجيبه ويخشى من جوابه مفسدة، وهي: أنه ربما اعتقد السائل وجوبه أو استقله، أو اقتصر عليه وكان يقتضي حاله أكثر منه، وإنما اقتصر عليه النبي ﷺ؛ لشغله بمصالح المسلمين وحقوقهم، وحقوق أزواجه، وأضيافه والوافدين إليه لئلا يقتدي به كل أحد فيؤدي إلى الضرر في حق بعضهم، وكان حق السائل أن يقول كم أصوم، أو كيف أصوم، فيخص السؤال بنفسه ليجيبه بما تقتضيه حاله كما أجاب غيره بمقتضى أحوالهم، والله أعلم. (النووي)
-قوله (كيف من يصوم يوما ويفطر يومين قال وددت أني طوقت ذاك) قال القاضي: قيل معناه وددت أن أمتي تطوقه لأنه ﷺ كان يطيقه وأكثر منه، وكان يواصل ويقول: "إني لست كأحدكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني"، ويؤيد هذا التأويل قوله ﷺ في الرواية الثانية "ليت أن الله قوانا لذلك"، أو يقال إنما قاله لحقوق نسائه، وغيرهن من المسلمين المتعلقين به والقاصدين إلى قوله ﷺ. (النووي)

٩٧٢. (م) (١١٦٢) عَنْ أبِي قَتادَةَ الأَنْصارِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ سُئِلَ عَن صَومِ الاثنَينِ، فَقالَ: «فِيهِ وُلِدتُ، وفِيهِ أُنزِلَ عَلَيَّ».
٩٧٣. (م) (١١٧٦) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: ما رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ صائِمًا فِي العَشرِ قَطُّ.
-قال العلماء: هذا الحديث مما يوهم كراهة صوم العشر، وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة بل هي مستحبة استحبابا شديدا لاسيما التاسع منها، وهو يوم عرفة وقد سبقت الأحاديث في فضله، وثبت في صحيح البخاري إن رسول الله ﷺ قال: (ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه) يعني العشر الأوائل من ذي الحجة فيتأول قولها (لم يصم العشر) أنه لم يصمه لعارض مرض، أو سفر أو غيرهما، أو أنها لم تره صائما فيه، ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر، ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي ﷺ قالت: "كان رسول الله ﷺ يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر الاثنين من الشهر، والخميس" ورواه أبو داود، وهذا لفظه، وأحمد، والنسائي. والله أعلم (النووي)

باب: فَضْلُ صَوْمِ شَهْرِ الـمُحَرَّمِ


٩٧٤. (م) (١١٦٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أفضَلُ الصِّيامِ بَعدَ رَمَضانَ شَهرُ اللهِ المُحَرّمُ، وأَفضَلُ الصَّلاةِ بَعدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيلِ».
وفي رواية: قالَ: سُئِلَ؛ أيُّ الصَّلاةِ أفضَلُ بَعدَ المَكتُوبَةِ؟ وأَيُّ الصِّيامِ أفضَلُ بَعدَ شَهرِ رَمَضانَ؟ ... وفيها: «الصَّلاةُ فِي جَوفِ اللَّيلِ».
-(أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم، وإكثار النبي ﷺ من صوم شعبان دون المحرم ذكرنا فيه جوابين:
أحدهما: لعله إنما علم فضله في آخر حياته.
والثاني: لعله كان يعرض فيه أعذار من سفر، أو مرض أو غيرهما. (النووي)
- سُئلت لم خص المحرم بقولهم "شهر الله " دون سائر الشهور مع أن فيها ما يساويه في الفضل أو يزيد عليه كرمضان؟ ووجدت ما يجاب به أن هذا الاسم إسلامي دون سائر الشهور، فإن أسماءها كلها على ما كانت عليه في الجاهلية، وكان اسم المحرم في الجاهلية صفر الأول، والذي بعده صفر الثاني فلما جاء الإسلام سماه الله المحرم فأضيف إلى الله بهذا الاعتبار، وهذه الفائدة لطيفة رأيتها في الجمهرة. (السيوطي)
-"وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل" فيه دليل لما اتفق العلماء عليه أن تطوع الليل أفضل من تطوع النهار، وفيه حجة لأبي إسحاق المروزي من أصحابنا، ومن وافقه أن صلاة الليل أفضل من السنن الراتبة، وقال أكثر أصحابنا الرواتب أفضل؛ لأنها تشبه الفرائض. والأول أقوى وأوفق للحديث. والله أعلم. (النووي)

باب: اسْتِحْبابُ صَوْمِ سِتَّةِ أيّامٍ مِن شَوّالٍ


٩٧٥. (م) (١١٦٤) عَنْ أبِي أيُّوبَ الأَنْصارِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن صامَ رَمَضانَ، ثُمَّ أتبَعَهُ سِتًّا مِن شَوّالٍ كانَ كَصِيامِ الدَّهرِ».
-فيه دلالة صريحة باستحباب صوم هذه الستة. (النووي)
- قال أصحابنا: والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر، فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال. (النووي)
- قال العلماء وإنما كان ذلك كصيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان بعشرة أشهر والستة بشهرين. (النووي)

باب: صِيامُ شَعْبانَ


٩٧٦. (خ م) (١١٥٦) عَنْ عائِشَةَ أُمِّ المُؤمِنِينَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَصُومُ حَتّى نَقُولَ: لا يُفطِرُ، ويُفطِرُ حَتّى نَقُولَ: لا يَصُومُ. وما رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ استَكمَلَ صِيامَ شَهرٍ قَطُّ إلا رَمَضانَ، وما رَأَيتُهُ فِي شَهرٍ أكثَرَ مِنهُ صِيامًا فِي شَعبانَ. وفي رواية: كانَ يَصُومُ شَعبانَ كلَّه، (كان يَصُومُ شَعبانَ إلا قَليلًا).
ورَوى (خ) عَن أنَسٍ قالَ: ما كُنتُ أُحِبُّ أن أراهُ مِن الشَّهرِ صائِمًا إلّا رَأَيتُهُ، ولا مُفطِرًا إلّا رَأَيتُهُ، ولا مِن اللَّيلِ قائِمًا إلّا رَأَيتُهُ، ولا نائِمًا إلّا رَأَيتُهُ.
-واختلف في الحكمة في إكثاره ﷺ من صوم شعبان، فقيل: كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان، وقيل: ما جاء في حديث أصح مما مضى أخرجه النسائي، وأبو داود، وصححه ابن خزيمة عن أسامة بن زيد قال: قلت يا رسول الله: "لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان؟" قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب، ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم". (ابن حجر)
-في الحديث دليل على فضل الصوم في شعبان، وأجاب النووي عن كونه لم يكثر من الصوم في المحرم مع قوله إن أفضل الصيام ما يقع فيه بأنه يحتمل أن يكون ما علم ذلك إلا في آخر عمره فلم يتمكن من كثرة الصوم في المحرم، أو اتفق له فيه من الأعذار بالسفر والمرض مثلا ما منعه من كثرة الصوم فيه. (ابن حجر)
-وصيامه ﷺ لا ينبغي أن يتأسى به فيه إلا من أطاق ما كان يطيق، وأن من أجهد نفسه في شيء من العبادة خشي عليه أن يمل فيفضي إلى تركه والمداومة على العبادة، وإن قلت أولى من جهد النفس في كثرتها إذا انقطعت، فالقليل الدائم أفضل من الكثير المنقطع غالبا. (ابن حجر)

٩٧٧. (خ م) (١١٦١) عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ لَهُ أو لآخَرَ: «أصُمتَ مِن سَرَرِ شَعبانَ؟» قالَ: لا. قالَ: «فَإذا أفطَرتَ فَصُم يَومَينِ».

باب: تَرْكُ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِلْحاجِّ


٩٧٨. (خ م) (١١٢٣) عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحارِثِ ﵂؛ أنَّ ناسًا تَمارَوا عِندَها يَومَ عَرَفَةَ فِي صِيامِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ بَعضُهُم: هُوَ صائِمٌ. وقالَ بَعضُهُم: لَيسَ بِصائِمٍ. فَأَرسَلتُ إلَيهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وهُوَ واقِفٌ عَلى بَعِيرِهِ بِعَرَفَةَ فَشَرِبَهُ.

باب: الـنَّهْيُ عَنْ صِيامِ يَوْمِ الأَضْحى والفِطْرِ


٩٧٩. (خ م) (١١٣٧) عَنْ أبِي عُبَيْدٍ مَوْلى ابْنِ أزْهَرَ قالَ: شَهِدتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ ﵁، فَجاءَ فَصَلّى، ثُمَّ انصَرَفَ، فَخَطَبَ النّاسَ فَقالَ: إنَّ هَذَينِ يَومانِ نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن صِيامِهِما: يَومُ فِطرِكُم مِن صِيامِكُم، والآخَرُ يَومٌ تَأكُلُونَ فِيهِ مِن نُسُكِكُم. وفي رواية (خ) زادَ: قالَ أبُو عُبيدٍ: ثُم شَهِدتُ مع عُثمانَ بْنِ عَفّانَ، فَكان ذَلكَ يَومُ الجُمُعَةِ، فصلى قبل الخُطبةِ ثُم خَطَبَ، فَقالَ: يا أيها النّاسُ؛ إنَّ هَذا يَومٌ قَد اجتَمَعَ لَكُم فِيهِ عِيدانِ، فَمَن أحَبَّ أن يَنتَظِرَ الجُمُعةَ مِن أهلِ العَوالي فَليَنتظِر، ومَن أحَبَّ أن يَرجِعَ فَقَد أذِنتُ لَهُ.
٩٨٠. (خ م) (١١٣٩) عَنْ زِيادِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى ابْنِ عُمَرَ فَقالَ: إنِّي نَذَرتُ أن أصُومَ يَومًا، فَوافَقَ يَومَ أضحى أو فِطرٍ. فَقالَ ابنُ عُمَرَ: أمَرَ اللهُ تَعالى بِوَفاءِ النَّذرِ، ونَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن صَومِ هَذا اليَومِ.

باب: ما يُنْهى عَنْ صِيامِهِ مِنَ الأَيّامِ


٩٨١. (م) (١١٤١) عَنْ نُبَيْشَةَ الهُذَلِيِّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أيّامُ التَّشرِيقِ أيّامُ أكلٍ وشُربٍ». وفي رواية زادَ: «وذِكرٍ للهِ».
٩٨٢. (م) (١١٤٢) عَنْ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَهُ وأَوسَ ابنَ الحَدَثانِ أيّامَ التَّشرِيقِ، فَنادى أنَّهُ: «لا يَدخُلُ الجَنَّةَ إلا مُؤمِنٌ، وأَيّامُ مِنًى أيّامُ أكلٍ وشُربٍ».
٩٨٣. (م) (١١٤٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لا تَختَصُّوا لَيلَةَ الجُمُعَةِ بِقِيامٍ مِن بَينِ اللَّيالِي، ولا تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بِصِيامٍ مِن بَينِ الأَيّامِ إلا أن يَكُونَ فِي صَومٍ يَصُومُهُ أحَدُكُم».
- الحكمة في النهي عنه: أن يوم الجمعة يوم دعاء، وذكر، وعبادة من الغسل، والتبكير إلى الصلاة، وانتظارها واستماع الخطبة، وإكثار الذكر بعدها لقول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا}، وغير ذلك من العبادات في يومها فاستحب الفطر فيه فيكون أعون له على هذه الوظائف، وأدائها بنشاط، وانشراح لها، والتذاذ بها من غير ملل، ولا سآمة، وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة فإن السنة له الفطر لهذه الحكمة.
فإن قيل: لو كان كذلك لم يزل النهي والكراهة بصوم قبله أو بعده لبقاء المعنى، فالجواب: أنه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه، فهذا هو المعتمد في الحكمة في النهي عن إفراد صوم الجمعة، والله أعلم. (النووي)
- وفي هذا الحديث النهي الصريح عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة من بين الليالي ويومها بصوم وهذا متفق على كراهيته. (النووي)

٩٨٤. (خ) (١٩٩٨) عَنْ عائِشَةَ وابنِ عُمَرَ ﵄ قالا: لَم يُرَخَّص فِي أيّامِ التَّشرِيقِ أن يُصَمنَ إلا لِمَن لَم يَجِد الهَديَ. وفي رواية: قالا: الصِّيامُ لِمَن تَمَتَّعَ بِالعُمرَةِ إلى الحَجِّ إلى يَومِ عَرَفَةَ، فَإن لَم يَجِد هَديًا ولَم يَصُم صامَ أيّامَ مِنًى.
٩٨٥. (خ) (١٩٩٦) عَنْ عُرْوَةَ؛ كانَت عائِشَةُ ﵂ تَصُومُ أيّامَ مِنًى، وكانَ أبُوها يَصُومُها.

باب: كَراهِيَةُ صِيامِ يَوْمِ الجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا


٩٨٦. (خ م) (١١٤٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا يَصُم أحَدُكُم يَومَ الجُمُعَةِ، إلا أن يَصُومَ قَبلَهُ أو يَصُومَ بَعدَهُ».
ورَوى (خ) عَن جُوَيرِيَةَ بنتِ الحارِثِ ﵂؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيها يَومَ الجُمُعَةِ وهيَ صائِمَةٌ، فَقالَ: «أصُمتِ أمسِ؟» قالَت: لا، قالَ: «تُرِيدِينَ أن تَصُومِي غَدًا؟» قالَت: لا، قالَ: «فَأَفطِرِي».
٩٨٧. (خ م) (١١٤٣) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِِ عَبّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قالَ: سَأَلتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ وهُوَ يَطُوفُ بِالبَيتِ: أنَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن صِيامِ يَومِ الجُمُعَةِ؟ فَقالَ: نَعَم، ورَبِّ هَذا البَيتِ.

باب: أفْضَلُ الصِّيامِ صِيامُ داوُدَ ﵇


٩٨٨. (خ م) (١١٥٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ أحَبَّ الصِّيامِ إلى اللهِ صِيامُ داوُدَ، وأَحَبَّ الصَّلاةِ إلى اللهِ صَلاةُ داوُدَ ﵇، كانَ يَنامُ نِصفَ اللَّيلِ، ويَقُومُ ثُلُثَهُ، ويَنامُ سُدُسَهُ، وكانَ يَصُومُ يَومًا ويُفطِرُ يَومًا». وفي رواية: «كانَ يَصُومُ نِصفَ الدَّهرِ».

باب: يَصُومُ ويُفْطِرُ ويُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ


٩٨٩. (خ م) (١١٥٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ ﵄ قالَ: بَلَغَ النَّبِيَّ ﷺ أنِّي أصُومُ أسرُدُ، وأُصَلِّي اللَّيلَ، فَإمّا أرسَلَ إلَيَّ وإمّا لَقِيتُهُ، فَقالَ: «ألَم أُخبَر أنَّكَ تَصُومُ ولا تُفطِرُ، وتُصَلِّي اللَّيلَ؟ فَلا تَفعَل، فَإنَّ لِعَينِكَ حَظًّا، ولِنَفسِكَ حَظًّا، ولأَهلِكَ حَظًا، فَصُم وأَفطِر، وصَلِّ ونَم، وصُم مِن كُلِّ عَشرَةِ أيّامٍ يَومًا، ولَكَ أجرُ تِسعَةٍ». قالَ: إنِّي أجِدُنِي أقوى مِن ذَلكَ يا نَبِيَّ اللهِ. قالَ: «فَصُم صِيامَ داوُدَ ﵇». قالَ: وكَيفَ كانَ داوُدُ يَصُومُ يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ: «كانَ يَصُومُ يَومًا، ويُفطِرُ يَومًا، ولا يَفِرُّ إذا لاقى». قالَ: مَن لِي بِهَذِه؛ يا نَبِيَّ اللهِ؟ قالَ عَطاءٌ: فَلا أدرِي كَيفَ ذَكَرَ صِيامَ الأَبَدِ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لا صامَ مَن صامَ الأَبَدَ، لا صامَ مَن صامَ الأَبَدَ، لا صامَ مَن صامَ الأَبَدَ». وفي رواية: قالَ: «فإنَّكَ لا تَستَطِيعُ ذَلِكَ، فَصُمْ وأفطِر، ونَمْ وقُمْ، وصُم مِن الشَّهرِ ثَلاثَةَ أيامٍ، فإنَّ الحَسَنَةَ بِعَشرِ أمثالِها، وذلكَ مِثلُ صِيامِ الدَّهرِ». قالَ: قلتُ: فَإنِّي أُطِيقُ أفضَلَ مِن ذَلكَ. قالَ: «صُم يومًا، وأفطِر يومَينِ». قالَ: قلتُ: فَإنَّي أُطِيقُ أفضَلَ مِن ذلكَ يا رسولَ اللهِ. قالَ: «صُم يَومًا وأفطِر يَومًا، وذلكَ صِيامُ داودَ وهو أعدَلُ الصِّيامِ». قالَ: قلتُ: فإنِّي أُطِيقُ أفضَلَ مِن ذلكَ. قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا أفضَلَ مِن ذلكَ». (قالَ عبدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو: لَأَن أكُونَ قَبِلتُ الثَّلاثَةَ أيّامٍ التي قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أحَبُّ إليَّ مِن أهلي ومالِي). وفي رواية: كُنتُ أصُومُ الدَّهرَ وأَقرأُ القرآنَ كلَّ ليلةٍ ... (ولم أُرِد بذَلكَ إلا الخيرَ) ... وفِيها: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «فِإنَّ لِزَوجِكَ عَليكَ حقًا، ولِزَورِكَ عَليك حَقًا، ولِجَسَدِكَ عَليكَ حقًا». قالَ: «فصُم صَومَ داودَ نَبِيِّ اللهِ، (فِإنَّه كانَ أعبَدَ النّاسِ)». وفي رواية: «فِإنَّكَ إذا فَعَلتَ ذَلكَ هَجَمَت عَيناكَ، ونَفِهَت نَفسُكَ». وفي رواية: قالَ: فَشَدَّدتُ فَشُدِّدَ عليَّ. قالَ: وقالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «إنَّكَ لا تَدرِي، لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمُرٌ». قالَ: فَصِرتُ إلى الَّذِي قالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ، فَلَمّا كَبِرتُ ودِدتُ أنِّي قَبِلتُ رُخصَةَ نَبِيِّ اللهِ ﷺ.
وروى (خ) عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قالَ: أنْكَحَنِي أبِي امْرَأَةً ذاتَ حَسَبٍ، فَكانَ يَتَعاهَدُ كَنَّتَهُ فَيَسْأَلُها عَنْ بَعْلِها، فَتَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِن رَجُلٍ، لَمْ يَطَأْ لَنا فِراشًا، ولَمْ يُفَتِّشْ لَنا كَنَفًا مُنْذُ أتَيْناهُ. فَلَمّا طالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: «القَنِي بِهِ»، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ، فَقالَ: «كَيْفَ تَصُومُ؟» قالَ: كُلَّ يَوْمٍ، قالَ: «وكَيْفَ تَخْتِمُ؟» قالَ: كُلَّ لَيْلَةٍ. قالَ: «صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةً، واقْرَأ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ». قالَ: قُلْتُ: أُطِيقُ أكْثَرَ مِن ذَلِكَ، قالَ: «صُمْ ثَلاثَةَ أيّامٍ فِي الجُمُعَةِ»، قُلْتُ: أُطِيقُ أكْثَرَ مِن ذَلِكَ، قالَ: «أفْطِرْ يَوْمَيْنِ وصُمْ يَوْمًا». قالَ: قُلْتُ: أُطِيقُ أكْثَرَ مِن ذَلِكَ. قالَ: «صُمْ أفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ داوُدَ؛ صِيامَ يَوْمٍ وإفْطارَ يَوْمٍ، واقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيالٍ مَرَّةً». فَلَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وذاكَ أنِّي كَبِرْتُ وضَعُفْتُ. فَكانَ يَقْرَأُ عَلى بَعْضِ أهْلِهِ السُّبْعَ مِن القُرْآنِ بِالنَّهارِ، والَّذِي يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِن النَّهارِ لِيَكُونَ أخَفَّ عَلَيْهِ بِاللَّيْل، وإذا أرادَ أنْ يَتَقَوّى أفْطَرَ أيّامًا وأَحْصى وصامَ مِثْلَهُنَّ، كَراهِيَةَ أنْ يَتْرُكَ شَيْئًا فارَقَ النَّبِيَّ ﷺ عَلَيْهِ.
٩٩٠. (خ م) (١١٥٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اقرَأ القُرآنَ فِي كُلِّ شَهرٍ». قالَ: قُلتُ: إنِّي أجِدُ قُوَّةً. (قالَ: «فاقرَأهُ فِي عِشرِينَ لَيلَةً». قالَ: قُلتُ: إنِّي أجِدُ قُوَّةً). قالَ: «فاقرَأهُ فِي سَبعٍ، ولا تَزِد عَلى ذَلكَ». وفي رواية (خ) زادَ: فَما زالَ حَتى قالَ: «فِي ثَلاثٍ».
٩٩١. (خ) (١٩٦٨) عَنْ عَوْنِ بْنِ أبِي جُحَيْفَةَ؛ عَن أبِيهِ قالَ: آخى النَّبِيُّ ﷺ بَينَ سَلمانَ وأَبِي الدَّرْداءِ، فَزارَ سَلمانُ أبا الدَّرْداءِ، فَرَأى أُمَّ الدَّرْداءِ مُتَبَذِّلَةً فَقالَ لَها: ما شَأنُكِ؟ قالَت: أخُوكَ أبُو الدَّرْداءِ لَيسَ لَهُ حاجَةٌ فِي الدُّنيا. فَجاءَ أبُو الدَّرْداءِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعامًا، فَقالَ: كُل. قالَ: فَإنِّي صائِمٌ. قالَ: ما أنا بِآكِلٍ حَتّى تَأكُلَ. قالَ: فَأَكَلَ، فَلَمّا كانَ اللَّيلُ ذَهَبَ أبُو الدَّرْداءِ يَقُومُ، قالَ: نَم. فَنامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقالَ: نَم. فَلَمّا كانَ مِن آخِرِ اللَّيلِ قالَ سَلمانُ: قُم الآنَ. فَصَلَّيا، فَقالَ لَهُ سَلمانُ: إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيكَ حَقًّا، ولِنَفسِكَ عَلَيكَ حَقًّا، ولأهلِكَ عَلَيكَ حَقًّا، فَأَعطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ. فَأَتى النَّبِيَّ ﷺ، فَذَكَرَ ذَلكَ لَهُ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «صَدَقَ سَلمانُ».

كِتابُ الاعْتِكافِ


باب: الاعْتِكافُ فِـي الـمَسْجِدِ واعْتِكافُ النِّساءِ


٩٩٢. (خ م) (١١٧٣) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا أرادَ أن يَعتَكِفَ صَلّى الفَجرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعتَكَفَهُ، وإنَّهُ أمَرَ بِخِبائِهِ فَضُرِبَ، أرادَ الاعتِكافَ فِي العَشرِ الأَواخِرِ مِن رَمَضانَ، فَأَمَرَت زَينَبُ بِخِبائِها فَضُرِبَ، وأَمَرَ غَيرُها مِن أزواجِ النَّبِيِّ ﷺ بِخِبائِهِ فَضُرِبَ، فَلَمّا صَلّى رَسُولُ اللهِ ﷺ الفَجرَ نَظَرَ فَإذا الأَخبِيَةُ، فَقالَ: «آلبِرَّ تُرِدنَ؟!» فَأَمَرَ بِخِبائِهِ فَقُوِّضَ، وتَرَكَ الاعتِكافَ فِي شَهرِ رَمَضانَ، حَتّى اعتَكَفَ فِي العَشرِ (الأَوَّلِ) مِن شَوّالٍ.
وفي رواية: «ألبِرَّ تَرَونَ بِهِنَّ؟» وفي رواية (خ): فَلَمّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِن الغَداةِ أبصَرَ أربَعَ قِبابٍ ... وفِيها: «انزِعُوها فَلا أراها». وِفِيها: حَتّى اعتَكَفَ فِي آخِرِ العَشرِ مِن شَوّالٍ.
- قال الإسماعيلي: فيه دليل على جواز الاعتكاف بغير صوم لأن أول شوال هو يوم الفطر وصومه حرام. (ابن حجر)
- وفي اعتكافه في شوال دليل على أن النوافل المعتادة إذا فاتت تقضى استحبابا (ابن حجر)
-وقال ابن المنذر وغيره في الحديث أن المرأة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها وأنها إذا اعتكفت بغير إذنه كان له أن يخرجها وإن كان بإذنه فله أن يرجع فيمنعها. (ابن حجر)
-فيه جواز ضرب الأخبية في المسجد وأن الأفضل للنساء أن لا يعتكفن في المسجد. (ابن حجر)
-فيه جواز الخروج من الاعتكاف بعد الدخول فيه. (ابن حجر)
-فيه أن المسجد شرط للاعتكاف؛ لأن النساء شرع لهن الاحتجاب في البيوت فلو لم يكن المسجد شرطا ما وقع ما ذكر من الإذن والمنع ولاكتفي لهن بالاعتكاف في مساجد بيوتهن.. (ابن حجر)
-وفيه ترك الأفضل إذا كان فيه مصلحة، وأن من خشي على عمله الرياء جاز له تركه وقطعه. (ابن حجر)
-وفيه أن الاعتكاف لا يجب بالنية وأما قضاؤه ﷺ له فعلى طريق الاستحباب لأنه كان إذا عمل عملا أثبته، ولهذا لم ينقل أن نساءه اعتكفن معه في شوال. (ابن حجر)
-وفيه أن المرأة إذا اعتكفت في المسجد استحب لها أن تجعل لها ما يسترها ويشترط أن تكون إقامتها في موضع لا يضيق على المصلين. (ابن حجر)
-وفي الحديث بيان مرتبة عائشة في كون حفصة لم تستأذن إلا بواسطتها ويحتمل أن يكون سبب ذلك كونه كان تلك الليلة في بيت عائشة. (ابن حجر)

باب: مَنِ اعْتَكَفَ يَطْلُبُ لَيْلَةَ القَدْرِ


٩٩٣. (خ م) (١١٦٧) عَنْ أبِي سَلَمَةَ قالَ: تَذاكَرنا لَيلَةَ القَدرِ، فَأَتَيتُ أبا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ، وكانَ لِي صَدِيقًا، فَقُلتُ: ألا تَخرُجُ بِنا إلى النَّخلِ؟ فَخَرَجَ وعَلَيهِ خَمِيصَةٌ، فَقُلتُ لَهُ: سَمِعتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَذكُرُ لَيلَةَ القَدرِ؟ فَقالَ: نَعَم، اعتَكَفنا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ العَشرَ الوُسطى مِن رَمَضانَ، فَخَرَجنا صَبِيحَةَ عِشرِينَ، فَخَطَبَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقالَ: «إنِّي أُرِيتُ لَيلَةَ القَدرِ، وإنِّي نَسِيتُها أو أُنسِيتُها، فالتَمِسُوها فِي العَشرِ الأَواخِرِ، مِن كُلِّ وِترٍ، وإنِّي أُرِيتُ أنِّي أسجُدُ فِي ماءٍ وطِينٍ، فَمَن كانَ اعتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَليَرجِع». قالَ: فَرَجَعنا وما نَرى فِي السَّماءِ قَزَعَةً، قالَ: وجاءَت سَحابَةٌ فَمُطِرنا، حَتّى سالَ سَقفُ المَسْجِدِ، وكانَ مِن جَرِيدِ النَّخلِ، وأُقِيمَت الصَّلاةُ، فَرَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَسجُدُ فِي الماءِ والطِّينِ، قالَ: حَتّى رَأَيتُ أثَرَ الطِّينِ فِي جَبهَتِه.
وفي رواية: فَإذا كانَ مِن حِينِ تَمضِي عِشرُونَ لَيلَةً، ويَستَقبِلُ إحدى وعِشرِينَ يَرجِعُ إلى مَسكَنِهِ، ورَجَعَ مَن كانَ يُجاوِرُ مَعَهُ ... وفِيها: فَخَطَبَ النّاسَ فَأَمَرَهُم بِما شاءَ اللهُ ... وفِيها: «... فَمَن اعتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مَعتَكَفِهِ» ... وفِيها: قالَ: مُطِرنا لَيلَةَ إحدى وعِشرِينَ فَوَكَفَ المَسْجِدُ ... وقَد انصَرَفَ مِن صَلاةِ الصُّبحِ وجَبِينُهُ مُمتَلِئًا طِينًا وماءً.
ورَوى (م) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أنيْسٍ ﵁ يَقُولُ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ ثُمَّ أُنْسِيتُها، وأُرانِي صُبْحَها أسْجُدُ فِي ماءٍ وطِينٍ». قالَ: فَمُطِرْنا لَيْلَةَ ثَلاثٍ وعِشْرِينَ، وإنَّ أثَرَ الماءِ والطِّينِ عَلى جَبْهَتِهِ وأَنْفِهِ.

باب: اعْتِكافُ العَشْرِ الأَواخِرِ مِن رَمَضانَ


٩٩٤. (خ م) (١١٧٢) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَعتَكِفُ العَشرَ الأَواخِرَ مِن رَمَضانَ حَتّى تَوَفّاهُ اللهُ ﷿، ثُمَّ اعتَكَفَ أزواجُهُ مِن بَعدِهِ.
٩٩٥. (خ) (٤٩٩٧) عن أبي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: كانَ يَعرِضُ عَلى النَّبِيِّ ﷺ القُرآنَ كُلَّ عامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيهِ مَرَّتَين فِي العامِ الذي قُبِضَ فِيهِ، وكانَ يَعتَكِفُ كُلَّ عامٍ عَشرًا، فاعتَكَفَ عِشرِينَ فِي العامَ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ.

باب: الاجْتِهادُ فِـي العَشْرِ الأَواخِرِ


٩٩٦. (خ م) (١١٧٤) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا دَخَلَ العَشرُ أحيا اللَّيلَ، وأَيقَظَ أهلَهُ، (وجَدَّ)، وشَدَّ المِئزَرَ.
ورَوى (م) عَنها قالَت: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَجتهِدُ فِي العَشرِ الأَواخِرِ ما لا َيجتهِدُ في غَيرِهِ.

باب: تَحَرَّي لَيْلَةَ القَدْرِ فِـي العَشْرِ الأَواخِرِ مِن رَمَضانَ


٩٩٧. (خ م) (١١٦٩) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَحَرَّوا لَيلَةَ القَدرِ فِي العَشرِ الأَواخِرِ مِن رَمَضانَ». زادَ (خ) فِي رِوايَةٍ: «فِي الوِترِ مِنَ العَشرِ».
٩٩٨. (خ م) (١١٦٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رِجالًا مِن أصحابِ النَّبِيِّ ﷺ أُرُوا لَيلَةَ القَدرِ فِي المَنامِ فِي السَّبعِ الأَواخِرِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أرى رُؤياكُم قَد تَواطَأَت فِي السَّبعِ الأَواخِرِ، فَمَن كانَ مُتَحَرِّيَها فَليَتَحَرَّها فِي السَّبعِ الأَواخِرِ».
ورَوى (م) عَنهُ قالَ: رَأى رَجُلٌ أنَّ لَيلَةَ القَدرِ لَيلَةُ سَبعٍ وعِشرِينَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أرى رُؤياكُم فِي العَشرِ الأَواخِرِ، فاطلُبُوها فِي الوِترِ مِنها». ورَوى (خ) عَنهُ: وكانُوا لا يَزالُونَ يَقُصُّونَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ الرُّؤيا أنَّها فِي اللَّيلَةِ السّابِعَةِ مِن العَشرِ الأَواخِرِ، فَقالَ: «أرى رُؤياكُم قَد تَواطَتْ فِي العَشرِ الأَواخِرِ، فَمَن كانَ مُتَحرِّيها فَليَتَحَرَّها مِن العَشرِ الأَواخِرِ».
وفي رواية: «التَمِسُوها فِي العَشرِ الأَواخِرِ -يَعنِي لَيلَةَ القَدرِ- (فَإن ضَعُفَ أحَدُكُم أو عَجَزَ، فَلا يُغَلَبَنَّ عَلى السَّبعِ البَواقِي)».
وفي رواية (م): «إنَّ ناسًا مِنكُم قَد أُرُوا أنَّها فِي السَّبعِ الأُوَلِ، وأُرِي ناسٌ مِنكُم أنَّها فِي السَّبعِ الغَوابِرِ، فالتَمِسُوها فِي العَشرِ الغَوابِر».
٩٩٩. (م) (١١٦٧) عَنْ (أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قالَ: اعتَكَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ العَشرَ الأَوسَطَ مِن رَمَضانَ، يَلتَمِسُ لَيلَةَ القَدرِ قَبلَ أن تُبانَ لَهُ، فَلَمّا انقَضَينَ أمَرَ بِالبِناءِ فَقُوِّضَ، ثُمَّ أُبِينَت لَهُ أنَّها فِي العَشرِ الأَواخِرِ، فَأَمَرَ بِالبِناءِ فَأُعِيدَ)، ثُمَّ خَرَجَ عَلى النّاسِ فَقالَ: «يا أيُّها النّاسُ؛ إنَّها كانَت أُبِينَت لِي لَيلَةُ القَدرِ، وإنِّي خَرَجتُ لأُخبِرَكُم بِها، فَجاءَ رَجُلانِ يَحتَقّانِ مَعَهُما الشَّيطانُ، فَنُسِّيتُها، فالتَمِسُوها فِي العَشرِ الأَواخِرِ مِن رَمَضانَ، التَمِسُوها فِي التّاسِعَةِ، والسّابِعَةِ، والخامِسَةِ». (قالَ: قُلتُ: يا أبا سَعِيدٍ؛ إنَّكُم أعلَمُ بِالعَدَدِ مِنّا. قالَ: أجَل، نَحنُ أحَقُّ بِذَلكَ مِنكُم. قالَ: قُلتُ: ما التّاسِعَةُ والسّابِعَةُ والخامِسَةُ؟ قالَ: إذا مَضَت واحِدَةٌ وعِشرُونَ فالَّتِي تَلِيها ثِنتَينِ وعِشرِينَ، وهِيَ التّاسِعَةُ، فَإذا مَضَت ثَلاثٌ وعِشرُونَ فالَّتِي تَلِيها السّابِعَةُ، فَإذا مَضى خَمسٌ وعِشرُونَ فالَّتِي تَلِيها الخامِسَةُ). رَواهُ (خ): عَن عُبادةَ بْنِ الصّامِتِ ﵁ ... نَحوَهُ، وفِيهِ: «فَتَلاحى فُلانٌ وفُلانٌ فَرُفِعَت، وعَسى أن يَكُونَ خَيرًا لَكُم، فالتَمِسُوها ...».
ورَوى (م) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «أُرِيتُ لَيلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أيقَظَني بَعضُ أهلِي، فَنُسِّيتُها، فالتَمِسُوها فِي العَشرِ الغَوابِرِ».
ورَوى (خ) عَن ابْنِ عَباسٍ؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «التَمِسُوها فِي العَشرِ الأَواخِرِ مِن رَمضانَ لَيلةَ القَدرِ، فِي تاسِعَةٍ تَبقى، في سابِعَةٍ تَبقى، فِي خامِسَةٍ تَبقى».

باب: فِـي عَلامَةِ لَيْلَةِ القَدْرِ


١٠٠٠. (م) (٧٦٢) عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ ﵁ قالَ: سَأَلتُ أُبَيَّ بنَ كَعبٍ فَقُلتُ: إنَّ أخاكَ ابنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَن يَقُمِ الحَولَ يُصِب لَيلَةَ القَدرِ، فَقالَ: ﵀، أرادَ أن لا يَتَّكِلَ النّاسُ، أما إنَّهُ قَد عَلِمَ أنَّها فِي رَمَضانَ، وأَنَّها فِي العَشرِ الأَواخِرِ، وأَنَّها لَيلَةُ سَبعٍ وعِشرِينَ. ثُمَّ حَلَفَ لا يَستَثنِي أنَّها لَيلَةُ سَبعٍ وعِشرِينَ، فَقُلتُ: بِأَيِّ شَيءٍ تَقُولُ ذاكَ يا أبا المُنذِرِ؟ قالَ: بِالعَلامَةِ أو بِالآيَةِ الَّتِي أخبَرَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أنَّها تَطلُعُ يَومَئِذٍ لا شُعاعَ لَها». وفي رواية: وأَمارَتُها أن تَطلُعَ الشَّمسُ فِي صَبِيحَةِ يَومِها بَيضاءَ لا شُعاعَ لَها.
١٠٠١. (م) (١١٧٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: تَذاكَرنا لَيلَةَ القَدرِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ: «أيُّكُم يَذكُرُ حِينَ طَلَعَ القَمَرُ وهُوَ مِثلُ شِقِّ جَفنَةٍ؟».

١ سئل رسول الله ﷺ عن يوم (...) فقال:(فيه ولدت ، وفيه أنزل علي)

٥/٠