كِتابُ الحَجِّ


باب: فَرْضُ الحَجِّ مَرَّةً فِـي العُمُرِ


١٠٠٢. (خ م) (١٣٣٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: (خَطَبَنا) رَسُولُ اللهِ ﷺ (فَقالَ: «أيُّها النّاسُ؛ قَد فَرَضَ اللهُ عَلَيكُم الحَجَّ فَحُجُّوا». فَقالَ رَجُلٌ: أكُلَّ عامٍ يا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتّى قالَها ثَلاثًا، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَو قُلتُ نَعَم لَوَجَبَت، ولَما استَطَعتُم»). ثُمَّ قالَ: «ذَرُونِي ما تَرَكتُكُم، فَإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبلَكُم بِكَثرَةِ سُؤالِهِم واختِلافِهِم عَلى أنبِيائِهِم، فَإذا أمَرتُكُم بِشَيءٍ فَأتُوا مِنهُ ما استَطَعتُم، وإذا نَهَيتُكُم عَن شَيءٍ فَدَعُوهُ».
-هذا الحديث قد يستدل به من يقول بالتوقف؛ لأنه سأل فقال أكل عام؟ ولو كان مطلقة يقتضي التكرار أو عدمه لم يسأل ولقال له النبي ﷺ: لا حاجة إلى السؤال، بل مطلقة محمول على كذا، وقد يجيب الآخرون عنه بأنه سأل استظهارا واحتياطا. وقوله: "ذروني ما تركتكم" ظاهر في أنه لا يقتضي التكرار، قال الماوردي: ويحتمل أنه إنما احتمل التكرار عنده من وجه آخر، لأن الحج في اللغة قُصد فيه تكرر، فاحتمل عنده التكرار من جهة الاشتقاق لا من مطلق الأمر، قال: وقد تعلق بما ذكرناه عن أهل اللغة ها هنا من قال بإيجاب العمرة، وقال: لما كان قوله تعالى: ﴿ولله على الناس حج البيت﴾ يقتضي تكرار قصد البيت بحكم اللغة والاشتقاق، وقد أجمعوا على أن الحج لا يجب إلا مرة كانت العودة الأخرى إلى البيت تقتضي كونها عمرة؛ لأنه لا يجب قصده لغير حج وعمرة بأصل الشرع، وأما قوله ﷺ لو قلت نعم لوجبت.
- قوله ﷺ "ذروني ما تركتكم": دليل على أن الأصل عدم الوجوب، وأنه لا حكم قبل ورود الشرع، وهذا هو الصحيح عند محققي الأصوليين لقوله تعالى: ﴿وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا﴾. قوله ﷺ: ( فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ) هذا من قواعد الإسلام المهمة، ومن جوامع الكلم التي أعطيها ﷺ، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام كالصلاة بأنواعها، فإذا عجز عن بعض أركانها أو بعض شروطها أتى بالباقي، وإذا عجز عن بعض أعضاء الوضوء أو الغسل غسل الممكن، وإذا وجد بعض ما يكفيه من الماء لطهارته أو لغسل النجاسة فعل الممكن، وإذا وجبت إزالة منكرات أو فطرة جماعة ممن تلزمه نفقتهم أو نحو ذلك، وأمكنه البعض فعل الممكن، وإذا وجد ما يستر بعض عورته أو حفظ بعض الفاتحة أتى بالممكن؛ وأشباه هذا غير منحصرة، وهي مشهورة في كتب الفقه، والمقصود التنبيه على أصل ذلك.
-وأجمعت الأمة على أن الحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة بأصل الشرع، وقد تجب زيادة بالنذر. والله أعلم. (النووي )

باب: ثَوابُ الحَجِّ والعُمْرَةِ


١٠٠٣. (خ م) (١٣٤٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «العُمرَةُ إلى العُمرَةِ كَفّارَةٌ لِما بَينَهُما، والحَجُّ المَبرُورُ لَيسَ لَهُ جَزاءٌ إلا الجَنَّةُ».
- قوله ﷺ: (والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)، الأصح الأشهر: أن المبرور هو الذي لا يخالطه إثم، مأخوذ من البر وهو الطاعة، وقيل: هو المقبول، ومن علامة القبول أن يرجع خيرا مما كان، ولا يعاود المعاصي، وقيل: هو الذي لا رياء فيه، وقيل: الذي لا يعقبه معصية، وهما داخلان فيما قبلهما، ومعنى (ليس له جزاء إلا الجنة): أنه لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه، بل لا بد أن يدخل الجنة. والله أعلم. (النووي)

١٠٠٤. (خ م) (١٣٥٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن حَجَّ فَلَم يَرفُث ولَم يَفسُق، رَجَعَ كَما ولَدَتهُ أُمُّه». وفي رواية (م): «مَن أتى هَذا البَيتَ ...». وفي رواية (خ): «مَن حَجَّ للهِ فَلَمْ يَرْفُثْ ولَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَومِ ولَدَتهُ أُمُّهُ».
- قوله ﷺ: (من أتى هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كما ولدته أمه ) قال القاضي: هذا من قوله تعالى: ﴿فلا رفث ولا فسوق﴾ والرفث: اسم للفحش من القول، وقيل: هو الجماع، وهذا قول الجمهور في الآية، قال الله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} يقال: رفث ورفث بفتح الفاء وكسرها، يرفث ويرفث ويرفث بضم الفاء وكسرها وفتحها، ويقال أيضا: أرفث بالألف، وقيل: الرفث: التصريح بذكر الجماع.
- قال: ومعنى ( كيوم ولدته أمه ): أي بغير ذنب. وأما الفسوق فالمعصية. والله أعلم.( النووي )

باب: يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ


١٠٠٥. (خ م) (١٣٤٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: بَعَثَنِي أبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ ﵁ فِي الحَجَّةِ الَّتِي أمَّرَهُ عَلَيها رَسُولُ اللهِ ﷺ قَبلَ حَجَّةِ الوَداعِ؛ فِي رَهطٍ يُؤَذِّنُونَ فِي النّاسِ يَومَ النَّحرِ: لا يَحُجُّ بَعدَ العامِ مُشرِكٌ، ولا يَطُوفُ بِالبَيتِ عُريانٌ. قالَ ابنُ شِهابٍ: فَكانَ حُمَيدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ: يَومُ النَّحرِ يَومُ الحَجِّ الأكبَرِ؛ مِن أجلِ حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ.
- قوله ﷺ: (لا يحج بعد العام مشرك) موافق لقول الله تعالى: ﴿ إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ﴾ والمراد بالمسجد الحرام ها هنا الحرم كله، فلا يمكن مشرك من دخول الحرم بحال، حتى لو جاء في رسالة أو أمر مهم لا يمكن من الدخول، بل يخرج إليه من يقضي الأمر المتعلق به، ولو دخل خفية ومرض ومات نبش وأخرج من الحرم.
- قوله ﷺ: "ولا يطوف بالبيت عريان " هذا إبطال لما كانت الجاهلية عليه من الطواف بالبيت عراة. واستدل به أصحابنا وغيرهم على أن الطواف يشترط له ستر العورة. والله أعلم. (النووي )

باب: الزّادُ والرًّاحِلَةُ فِـي الحَجِّ


١٠٠٦. (خ) (١٥١٧) عَنْ ثُمامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أنَسٍ قالَ: حَجَّ أنَسٌ عَلى رَحلٍ ولَم يَكُن شَحِيحًا، وحَدَّثَ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ حَجَّ عَلى رَحلٍ وكانَت زامِلَتَهُ.
١٠٠٧. (خ) (١٥٢٣) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كانَ أهلُ اليَمَنِ يَحُجُّونَ ولا يَتَزَوَّدُونَ، ويَقُولُونَ: نَحنُ المُتَوَكِّلُونَ. فَإذا قَدِمُوا مَكَّةَ سَأَلُوا النّاسَ، فَأَنزَلَ اللهُ تَعالى: ﴿وتَزَوَّدُواْ فَإنَّ خَيْرَ الزّادِ التَّقْوى﴾ [البقرة: ١٩٧]».
- قال المهلب: في هذا الحديث من الفقه أن ترك السؤال من التقوى، ويؤيده أن الله مدح من لم يسأل الناس إلحافا، فإن قوله: ﴿فإن خير الزاد التقوى﴾ أي تزودوا واتقوا أذى الناس بسؤالكم إياهم والإثم في ذلك.
- وفيه أن التوكل لا يكون مع السؤال، وإنما التوكل المحمود أن لا يستعين بأحد في شيء، وقيل: هو قطع النظر عن الأسباب بعد تهيئة الأسباب، كما قال عليه السلام: " اعقلها وتوكل ". (ابن حجر)

باب: الـنَّهْيُ عَنْ سَفَرِ الـمَرْأَةِ إلّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ


١٠٠٨. (خ م) (٨٢٧) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لا تُسافِر المَرأَةُ يَومَينِ (مِن الدَّهرِ) إلا ومَعَها ذُو مَحرَمٍ مِنها أو زَوجُها».
ورَوى (م) عَنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا يَحِلُّ لامرَأَةٍ تُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ أن تُسافِرَ سَفَرًا يَكُونُ ثَلاثةَ أيّامٍ فَصاعِدًا، إلّا ومَعَها أبُوها، أو ابنُها، أو زَوجُها، أو أخُوها، أو ذُو مَحْرَمٍ مِنها».
١٠٠٩. (خ م) (١٣٣٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يَحِلُّ لامرَأَةٍ تُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ تُسافِرُ مَسِيرَةَ يَومٍ ولَيلَةٍ إلا مَعَ ذِي مَحرَمٍ عَلَيها».
١٠١٠. (خ م) (١٣٤١) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ ﷺ يَخطُبُ يَقُولُ: «لا يَخلُوَنَّ رَجُلٌ بِامرَأَةٍ إلا ومَعَها ذُو مَحرَمٍ، ولا تُسافِرُ المَرأَةُ إلا مَعَ ذِي مَحرَمٍ». فَقامَ رَجُلٌ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ امرَأَتِي خَرَجَت حاجَّةً، وإنِّي اكتُتِبتُ فِي غَزوَةِ كَذا وكَذا. قالَ: «انطَلِق فَحُجَّ مَعَ امرَأَتِكَ». وفي رواية (خ): «ارجِع فَحُجَّ ...». وفي رواية (خ): «ولا يَدخُلُ عَلَيها رَجُلٌ إلّا ومَعَها مَحرَمٌ».

باب: حَـجُّ الـمَرْأَةِ


١٠١١. (خ) (١٨٦٠) عَنْ إبْراهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قالَ: أذِنَ عُمَرُ ﵁ لأزواجِ النَّبِيِّ ﷺ فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّها، فَبَعَثَ مَعَهُنَّ عُثْمانَ بنَ عَفّانَ وعَبدَ الرَّحْمَنِ.
١٠١٢. (خ) (١٥٢٠) عَنْ عائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ ﵂ قالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ نَرى الجِهادَ أفضَلَ العَمَلِ؛ أفَلا نُجاهِدُ؟ قالَ: «لا، لَكِنَّ أفضَلَ الجِهادِ حَجٌّ مَبرُورٌ». وفي رواية: فَقالَ: «جِهادُكُنَّ الحَجُّ».
- قوله: (نرى الجهاد أفضل العمل) وهو بفتح النون، أي نعتقد ونعلم، وذلك لكثرة ما يسمع من فضائله في الكتاب والسنة.
- قوله: (لكن أفضل الجهاد) وسماه جهادا لما فيه من مجاهدة النفس. (ابن حجر)

باب: الحَجُّ عَمَّنْ لا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوبَ


١٠١٣. (خ م) (١٣٣٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كانَ الفَضْلُ بنُ عَبّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَجاءَتهُ امرَأَةٌ مِن خَثعَمَ تَستَفتِيهِ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنظُرُ إلَيها وتَنظُرُ إلَيهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَصرِفُ وجهَ الفَضلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ، قالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلى عِبادِهِ فِي الحَجِّ أدرَكَت أبِي شَيخًا كَبِيرًا لا يَستَطِيعُ أن يَثبُتَ عَلى الرّاحِلَةِ؛ أفَأَحُجُّ عَنهُ؟ قالَ: «نَعَم». وذَلكَ فِي حَجَّةِ الوَداعِ.
- جواز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقة.
- وجواز سماع صوت الأجنبية عند الحاجة في الاستفتاء والمعاملة وغير ذلك.
- ومنها: تحريم النظر إلى الأجنبية، ومنها: جواز النيابة في الحج عن المأيوس منه بهرم أو زمانة أو موت.
- ومنها: جواز حج المرأة عن الرجل.
- ومنها: بر الوالدين بالقيام بمصالحهما من قضاء دين، وخدمة، ونفقة، وحج عنهما وغير ذلك.
- ومنها: وجوب الحج على من هو عاجز بنفسه مستطيع بغيره كولده، وهذا مذهبنا لأنها قالت: أدركته فريضة الحج شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة.
- ومنها: جواز قول: حجة الوداع، وأنه لا يكره ذلك.
- ومنها: جواز حج المرأة بلا محرم إذا أمنت على نفسها، وهو مذهبنا، ومذهب الجمهور جواز الحج عن العاجز بموت أو عضب وهو الزمانة والهرم ونحوهما. (النووي)

باب: صِحَةُ حَجِّ الصَّبِيِّ


١٠١٤. (م) (١٣٣٦) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ لَقِيَ رَكبًا بِالرَّوحاءِ فَقالَ: «مَنِ القَومُ؟» قالُوا: المُسلِمُونَ. فَقالُوا: مَن أنتَ؟ قالَ: «رَسُولُ اللهِ». فَرَفَعَت إلَيهِ امرَأَةٌ صَبِيًّا فَقالَت: ألِهَذا حَجٌّ؟ قالَ: «نَعَم، ولَكِ أجرٌ».
- قوله: (فرفعت امرأة صبيا لها فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر) فيه حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه، وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام، بل يقع تطوعا، وهذا الحديث صريح فيه.(النووي)

١٠١٥. (خ) (١٨٥٨) عَنِ السّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قالَ: حُجَّ بِي مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ وأَنا ابنُ سَبعِ سِنِينَ.

باب: فِـي الـمَواقِيتِ الـمَكانِيَّةِ


١٠١٦. (خ م) (١١٨١) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: وقَّتَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لأهلِ المَدِينَةِ ذا الحُلَيفَةِ، ولأهلِ الشّامِ الجُحفَةَ، ولأهلِ نَجدٍ قَرنَ المَنازِلِ، ولأهلِ اليَمَنِ يَلَملَمَ، قالَ: «فَهُنَّ لَهُنَّ ولِمَن أتى عَلَيهِنَّ مِن غَيرِ أهلِهِنَّ مِمَّن أرادَ الحَجَّ والعُمرَةَ، فَمَن كانَ دُونَهُنَّ فَمِن أهلِهِ، وكَذا فَكَذَلكَ حَتّى أهلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنها». وفي رواية: «ومَن كان دُون ذَلكَ فَمِن حَيثُ أنشَأَ».
ولَهُما عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: «يُهِلُّ أهْلُ المَدِينَةِ ...»، نحو حديث ابن عباس بذكر المواقيت فقط، وفي رواية: «ومُهَلُّ أهلُ الشّامِ مَهْيَعَةُ، وهِيَ الجُحْفَةُ ...».
١٠١٧. (خ) (١٥٣١) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: لَمّا فُتِحَ هَذانِ المِصرانِ أتَوا عُمَرَ فَقالُوا: يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ؛ إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ حَدَّ لأهلِ نَجدٍ قَرنًا، وهُوَ جَورٌ عَن طَرِيقِنا، وإنّا إن أرَدنا قَرنًا شَقَّ عَلَينا. قالَ: فانظُرُوا حَذوَها مِن طَرِيقِكُم. فَحَدَّ لَهُم ذاتَ عِرقٍ.

باب: الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ قَبْلَ أنْ يُحْرِمَ


١٠١٨. (خ م) (١١٨٩) عَنْ عائِشَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قالَت: طَيَّبتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِيَدِي لِحُرمِهِ حِينَ أحرَمَ، ولِحِلِّهِ حِينَ أحَلَّ قَبلَ أن يَطُوفَ بِالبَيتِ.
- وفيه دلالة على استحباب الطيب عند إرادة الإحرام، وأنه لا بأس باستدامته بعد الإحرام، وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام.
-قولها: (ولحله قبل أن يطوف) فالمراد به طواف الإفاضة، ففيه دلالة لاستباحة الطيب بعد رمي جمرة العقبة والحلق، وقبل الطواف.
- وقولها: (لحله) دليل على أنه حصل له تحلل، وفي الحج تحللان يحصلان بثلاثة أشياء: رمي جمرة العقبة، والحلق، وطواف الإفاضة مع سعيه إن لم يكن سعى عقب طواف القدوم، فإذا فعل الثلاثة، حصل التحللان، وإذا فعل اثنين منهما حصل التحلل الأول أي اثنين كانا، ويحل بالتحلل الأول جميع المحرمات إلا الاستمتاع بالنساء؛ فإنه لا يحل إلا بالثاني، والله أعلم. (النووي)

١٠١٩. (خ م) (١١٩٠) عَنْ عائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قالَت: كَأَنِّي أنظُرُ إلى وبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفرِقِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وهُوَ مُحرِمٌ. وفي رواية: ثُمَّ أرى وبِيصَ (الدُّهنِ) فِي رَأسِهِ ولِحْيَتِهِ (بَعدَ ذَلكَ).
١٠٢٠. (خ م) (١١٩٢) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْتَشِرِ قالَ: سَأَلتُ عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ ﵄ عَنِ الرَّجُلِ يَتَطَيَّبُ ثُمَّ يُصبِحُ مُحرِمًا، فَقالَ: ما أُحِبُّ أن أُصبِحَ مُحرِمًا أنضَخُ طِيبًا، (لأن أطَّلِيَ بِقَطِرانٍ أحَبُّ إلَيَّ مِن أن أفعَلَ ذَلكَ). فَدَخَلتُ عَلى عائِشَةَ ﵂، فَأَخبَرتُها أنَّ ابنَ عُمَرَ قالَ ذَلكَ. فَقالَت عائِشَةُ: أنا طَيَّبتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عِنْدَ إحرامِهِ، ثُمَّ طافَ فِي نِسائِهِ، ثُمَّ أصبَحَ مُحرِمًا.
ورَوى (خ) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: كانَ ابنُ عُمَرَ يَدَّهِنُ بِالزَّيتِ، فَذَكَرتُهُ لِإبراهِيمَ، قالَ: ما تَصنَعُ بِقَولِهِ؟ حَدَّثِنِي الأَسوَدُ عَن عائِشَةَ ...

باب: الإحْرامُ مِن عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الحُلَيْفَةِ


١٠٢١. (خ م) (١١٨٦) عَنْ سالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أنَّهُ سَمِعَ أباهُ يَقُولُ: (بَيداؤُكُم هَذِهِ الَّتِي تَكذِبُونَ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فِيها)، ما أهَلَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ إلا مِن عِندِ المَسْجِدِ. يَعنِي ذا الحُلَيفَةِ. وفي رواية: قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا وضَعَ رِجلَه فِي الغَرْزِ، وانبَعَثَت بِهِ راحِلتُهُ قائِمَةً أهَلَّ مِن ذِي الحُلَيفَةِ ... ورَوى (خ) عَن نافِعٍ قالَ: كانَ ابنُ عُمَرَ إذا أرادَ الخُرُوجَ إلى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهنٍ لَيسَ لَهُ رائِحَةٌ طَيِّبةٌ، ثُمَّ يَأتِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيفةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَركَبُ، وإذا استَوَت بِهِ راحِلَتُهُ قائِمَةً أحرَمَ، ثُمَّ قالَ: هَكَذا رَأَيتُ النَّبِيَّ ﷺ يَفعَلُ.
وفي رواية (خ): كانَ ابنُ عُمَرَ إذا صَلّى بِالغَداةِ بِذِي الحُلَيفَةِ أمَرَ بِراحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ ثُمَّ رَكِبَ، فَإذا استَوَت بِهِ استَقبَلَ القِبلَةَ قائِمًا، ثُمَّ يُلَبِّي حَتّى يَبلُغَ الَحَرمَ، ثُمَّ يُمسِكُ، حَتى إذا جاءَ ذا طُوى باتَ بِهِ حَتى يُصبِحَ، فَإذا صَلّى الغَداةَ اغتَسَلَ، وزَعَمَ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَعَلَ ذَلِكَ.
- قال المهلب: استقبال القبلة بالتلبية هو المناسب؛ لأنها إجابة لدعوة إبراهيم؛ ولأن المجيب لا يصلح له أن يولي المجاب ظهره، بل يستقبله.(النووي )

باب: الـتَّعْرِيسُ والصَّلاةُ بِذِي الحُلَيْفَةِ


١٠٢٢. (خ م) (١٢٥٧) عَنْ نافِعٍ؛ عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أناخَ بِالبَطحاءِ الَّتِي بِذِي الحُلَيفَةِ فَصَلّى بِها، وكانَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ يَفعَلُ ذَلكَ.
ورَوى (خ) عَنه؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا خَرَجَ إلى مَكَّةَ يُصلِّي فِي مَسْجِدِ الشَّجَرَةِ، وإذا رَجَعَ صَلّى بِذِي الحُلَيفة بِبَطن الوادِي، وباتَ حَتّى يُصبِــحَ.
- الاغتسال لدخول مكة، وأنه يكون بذي طوى لمن كان في طريقه، ويكون بقدر بعدها لمن لم تكن في طريقه، قال أصحابنا: وهذا الغسل سنة، فإن عجز عنه تيمم.
- ومنها: المبيت بذي طوى، وهو مستحب لمن هو على طريقه، وهو موضع معروف بقرب مكة.
- ‏ومنها استحباب دخول مكة نهارا، وهذا هو الصحيح الذي عليه الأكثرون من أصحابنا وغيرهم أن دخولها نهارا أفضل من الليل، وقال بعض أصحابنا وجماعة من السلف: الليل والنهار في ذلك سواء، ولا فضيلة لأحدهما على الآخر، وقد ثبت أن النبي ﷺ دخلها محرما بعمرة الجعرانة ليلا، ومن قال بالأول حمله على بيان الجواز. والله أعلم. (النووي)

١٠٢٣. (خ م) (١٣٤٦) عَنْ مُوسى بْنِ عُقْبَةَ؛ عَن سالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ عَن أبِيهِ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ (أُتِيَ) وهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ مِن ذِي الحُلَيفَةِ فِي بَطنِ الوادِي، فَقِيلَ: «إنَّكَ بِبَطحاءَ مُبارَكَةٍ». قالَ مُوسى: وقَد أناخَ بِنا سالِمٌ بِالمُناخِ مِن المَسْجِدِ الَّذِي كانَ عَبدُ اللهِ يُنِيخُ بِهِ؛ يَتَحَرّى مُعَرَّسَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وهُوَ أسفَلُ مِن المَسْجِدِ الَّذِي بِبَطنِ الوادِي، بَينَهُ وبَينَ (القِبلَةِ) وسَطًا مِن ذَلكَ. لَفظُ (خ): رُئِيَ وهُو فِي مُعَرَّسِهِ.
- - قال القاضي : والنزول بالبطحاء التي بذي الحليفة بعد الرجوع من الحج ليس من مناسك الحج ، وإنما فعله من فعله من أهل المدينة تأسياً بفعل رسول الله ، ولأنها بطحاء مباركة كما ورد في الحديث. قال : واستحب مالك النزول والصلاة فيه، وألا يجاوز حتى يصلي فيه، وإن كان في غير وقت صلاة مكث حتى يدخل وقت الصلاة فيصلي، قال : وقيل : إنما نزل به صلى الله عليه وسلم في رجوعه حتى يصبح؛ لئلا يفجأ الناس أهاليهم ليلاً كما نهى عنه صريحا في الأحاديث المشهورة، والله أعلم. (النووي )

باب: الإهْلالُ حِينَ تَنْبَعِثُ الرّاحِلَةُ


١٠٢٤. (خ م) (١١٨٧) عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ؛ أنَّهُ قالَ لِعَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: يا أبا عَبدِ الرَّحْمَنِ؛ رَأَيتُكَ تَصنَعُ أربَعًا لَم أرَ أحَدًا مِن أصحابِكَ يَصنَعُها. قالَ: ما هُنَّ يا ابنَ جُرَيجٍ؟ قالَ: رَأَيتُكَ لا تَمَسُّ مِن الأركانِ إلا اليَمانِيَّينِ، ورَأَيتُكَ تَلبَسُ النِّعالَ السِّبتِيَّةَ، ورَأَيتُكَ تَصبُغُ بِالصُّفرَةِ، ورَأَيتُكَ إذا كُنتَ بِمَكَّةَ أهَلَّ النّاسُ إذا رَأَوا الهِلالَ ولَم تُهلِل أنتَ حَتّى يَكُونَ يَومُ التَّروِيَةِ. فَقالَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ ﵁: أمّا الأركانُ؛ فَإنِّي لَم أرَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَمَسُّ إلا اليَمانِيَينِ، وأَمّا النِّعالُ السِّبتِيةُ؛ فَإنِّي رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَلبَسُ النِّعالَ الَّتِي لَيسَ فِيها شَعَرٌ، ويَتَوَضَّأُ فِيها، فَأَنا أُحِبُّ أن ألبَسَها، وأَمّا الصُّفرَةُ؛ فَإنِّي رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَصبُغُ بِها، فَأَنا أُحِبُّ أن أصبُغَ بِها، وأَمّا الإهلالُ؛ فَإنِّي لَم أرَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُهِلُّ حَتّى تَنبَعِثَ بِهِ راحِلَتُهُ.

باب: فِـي التَّلْبِيَةِ


١٠٢٥. (خ م) (١١٨٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُهِلُّ مُلَبِّدًا، يَقُولُ: «لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيكَ، إنَّ الحَمدَ والنِّعمَةَ لَكَ والمُلكَ لا شَرِيكَ لَكَ». لا يَزِيدُ عَلى هَؤُلاءِ الكَلِماتِ، وإنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ ﵄ كانَ يَقُولُ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَركَعُ بِذِي الحُلَيفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ إذا استَوَت بِهِ النّاقَةُ قائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الحُلَيفَةِ أهَلَّ بِهَؤُلاءِ الكَلِماتِ، (وكانَ عَبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ: كانَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ ﵁ يُهِلُّ بِإهلالِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِن هَؤُلاءِ الكَلِماتِ، ويَقُولُ لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ، لَبَّيكَ وسَعدَيكَ، والخَيرُ فِي يَدَيكَ، لَبَّيكَ والرَّغباءُ إلَيكَ والعَمَلُ).
١٠٢٦. (م) (١١٨٥) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كانَ المُشرِكُونَ يَقُولُونَ: لَبَّيكَ لا شَرِيكَ لَكَ. قالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ويلَكُم؛ قَدٍ قَدٍ». فَيَقُولُونَ: إلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَملِكُهُ وما مَلَكَ. يَقُولُونَ هَذا وهُم يَطُوفُونَ بِالبَيت.

باب: بَيانُ وُجُوهِ الإحْرامِ وإدْخالُ الحَـجِّ عَلى العُمْرَةِ والتَّحَلُّلُ لِـمَن لَمْ يَسُقِ الهَدْيَ


١٠٢٧. (خ م) (١٢١١) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: خَرَجنا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ مُهِلِّينَ بِالحَجِّ فِي أشهُرِ الحَجِّ، وفِي حُرُمِ الحَجِّ، ولَيالِي الحَجِّ، حَتّى نَزَلنا بِسَرِفَ، فَخَرَجَ إلى أصحابِهِ فَقالَ: «مَن لَم يَكُن مَعَهُ مِنكُم هَديٌ فَأَحَبَّ أن يَجعَلَها عُمرَةً فَليَفعَل، ومَن كانَ مَعَهُ هَديٌ فَلا». فَمِنهُم الآخِذُ بِها والتّارِكُ لَها مِمَّن لَم يَكُن مَعَهُ هَديٌ، فَأَمّا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَكانَ مَعَهُ الهَديُ، ومَعَ رِجالٍ مِن أصحابِهِ لَهُم قُوَّةٌ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وأَنا أبكِي، فَقالَ: «ما يُبكِيكِ؟» قُلتُ: سَمِعتُ كَلامَكَ مَعَ أصحابِكَ، (فَسَمِعتُ بِالعُمرَةِ). قالَ: «وما لَكِ؟» قُلتُ: لا أُصَلِّي. قالَ: «فَلا يَضُرُّكِ، فَكُونِي فِي حَجِّكِ، فَعَسى اللهُ أن يَرزُقَكِيها، وإنَّما أنتِ مِن بَناتِ آدَمَ، كَتَبَ اللهُ عَلَيكِ ما كَتَبَ عَلَيهِنَّ». قالَت: فَخَرَجتُ فِي حَجَّتِي حَتّى نَزَلنا مِنًى، فَتَطَهَّرتُ، ثُمَّ طُفنا بِالبَيتِ، ونَزَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المُحَصَّبَ، فَدَعا عَبدَ الرَّحْمَنِ بنَ أبِي بَكرٍ، فَقالَ: «اخرُج بِأُختِكَ مِن الحَرَمِ فَلتُهِلَّ بِعُمرَةٍ، ثُمَّ لِتَطُف بِالبَيتِ، فَإنِّي أنتَظِرُكُما ها هُنا». قالَت: فَخَرَجنا، فَأَهلَلتُ، ثُمَّ طُفتُ بِالبَيتِ وبِالصَّفا والمَروَةِ، فَجِئنا رَسُولَ اللهِ ﷺ وهُوَ فِي مَنزِلِهِ مِن جَوفِ اللَّيلِ، فَقالَ: «هَل فَرَغتِ؟» قُلتُ: نَعَم، فَآذَنَ فِي أصحابِهِ بِالرَّحِيلِ، فَخَرَجَ (فَمَرَّ بِالبَيتِ فَطافَ بِهِ قَبلَ صَلاةِ الصُّبحِ، ثُمَّ خَرَجَ) إلى المَدِينَةِ. لَفظُ (خ): فَمُنِعتُ العُمرةَ، مكان: فَسَمِعتُ بِالعُمرَةِ. وزادَ (خ): فَقالَ: «... ثُمَّ افْرُغا مِن طَوافِكُما، أنتَظِرُكُما ها هُنا». ولَفظُهُ فِيهِ: فارتَحَلَ النّاسُ ومَن طافَ بِالبَيتِ قَبلَ صَلاةِ الصُّبحِ. ثُمَّ خَرَجَ مُوَجِّهًا إلى المَدِينَةِ. وفي رواية (خ): فَخَرَجنا حَتى إذا فَرَغْتُ، وفَرَغْتُ مِنَ الطَّوافِ، ثُمَّ جِئتُهُ بِسَحَرٍ ...
وفي رواية: قالَت: خَرَجنا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لانَذكُرُ إلا الحَجَّ، حَتى جِئنا سَرِفَ. وزاد (خ): فيها قال: «هَذا شَيءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلى بَناتِ آدَمَ، افعَلِي ما يَفعَلُ الحاجُّ غَيرَ أن لا تَطُوفِي بِالبَيتِ حَتّى تَطهُرِي». قالَت: فَلَمّا قَدِمتُ مَكَّةَ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَصحابِهِ: «اجعَلُوها عُمرَةً». فَأَحَلَّ النّاسُ إلّا مِن كانَ مَعَهُ الهَديُ، قالَت: فَكانَ الهَديُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ (وأَبِي بَكرٍ وعُمَرَ) وذَوِي اليَسارَةِ، ثُمَّ أهَلُّوا حِينَ راحُوا، قالَت: فَلَمّا كانَ يَومَ النَّحرِ طَهَرتُ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ فَأفَضتُ. قالَت: فَأُتِينا بِلَحمِ بَقَرٍ، فَقُلتُ: ما هَذا؟ فَقالُوا: أهدى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن نِسائِهِ البَقَرَ. فَلَمّا كانَت لَيلَةُ الحَصْبَةِ قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ يَرجِعُ النّاسُ بِحَجَّةٍ وعُمرَةٍ وأَرجِعُ بِحَجَّةٍ؟ قالَت: فَأَمَرَ عَبدَ الرَّحمنِ بْنَ أبِي بَكرٍ فَأَردَفَنِي عَلى جَمَلِهِ، (قالَت: فَإني لَأَذْكُرُ وأَنا جارِيَةٌ حَدِيثةُ السِّنِّ أنْعُسُ فَيُصِيبُ وجهِي مُؤخِّرَةَ الرَّحْلِ، حَتى جِئنا إلى التَّنعِيمِ ...).
وفي رواية: قالَت: خَرَجنا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لِخَمسٍ بَقِينَ مِن ذِي القَعْدَةِ ولا نَرى إلّا أنَّهُ الحَجُّ ... (وفي رواية: نُلَبِّي، لا نَذكُرُ حَجًا ولا عُمرَةً).
وفي رواية: قالَ: «غَيرَ أنَّ لا تَطُوفِي بِالبَيتِ حَتى (تَغتَسِلِي)». قالَت: وضَحّى رَسُولُ اللهِ عَن نِسائِهِ بِالبَقَرِ.
وفي رواية: قالَت: فَحَلَّ مَن لَم يَكُن ساقَ الهَديَ، ونِساؤُه لَم يَسُقْنَ الهَديَ فَأَحلَلنَ ... وفِيها: قالَت صَفِيَّةُ: ما أُراني إلّا حابِسَتَكُم. قالَ: «عَقْرى، حَلْقى، أو ما كُنتِ طُفْتِ يَومَ النَّحرِ؟» قالَت: بَلى. قالَ: «لا بَأسَ، انفِرِي». قالَت عائِشَةَ: فَلَقِينَي رَسُولُ اللهِ ﷺ وهُو مُصعِدٌ مِن مَكَّةَ وأَنا مُنْهَبِطَةٌ عَلَيها، أو أنا مُصْعِدةٌ وهُو مُنهَبِطٌ مِنها. وفي رواية: إذا صَفِيةُ عَلى بابِ خِبائها كَئيبةً حزينةً ...
وفي رواية: فَأَرادَ النَّبِيُّ ﷺ مِنها ما يُرِيدُ الرَّجُلُ مِن أهلِهِ، فَقالُوا: إنَّها حائِضٌ ...
وفي رواية (م): عَنها قالَت: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَربعٍ مَضَينَ مِن ذِي الحِجَّةِ أو خَمسٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وهُو غَضبانَ، فَقُلتُ: مَن أغضَبَكَ يا رَسُولَ اللهِ؛ أدخَلَهُ اللهُ النّارَ. قالَ: «أوَما شَعَرْتِ أني أمَرْتُ الناسَ بِأَمرٍ فَإذا هُم يَتَرَدَّدُون؟ ولَو أنِّي استَقبَلتُ مِن أمرِي ما استَدبَرتُ ما سُقتُ الهَديَ مَعِي حَتّى أشتَرِيَه، ثُمَّ أحِلُّ كَما حَلُّوا».
وفي رواية: قالَت عائِشَةُ ﵂: يا رَسُولَ اللهِ؛ أيَرجِعُ النّاسُ بِأَجرَينِ وأَرجِعُ بِأَجرٍ؟ فَأَمَرَ عَبدَ الرحمنِ بْنَ أبِي بَكرٍ أن يَنطَلِقَ بِها إلى التَّنعِيمِ، قالَت: فَأَردَفَنِي خَلفَهُ عَلى جَمَلٍ لَهُ، (قالَت: فَجَعَلتُ أرْفَعُ خِماري أحْسُرُهُ عَن عُنُقِي فَيَضرِبُ رِجلي بِعِلَّةِ الرّاحِلَةِ، قُلتُ لَـهُ: وهَل تَرى مِن أحَدٍ؟!) قالَت: فَأَهلَلتُ بِعُمرَةٍ، ثُمَّ أقبَلنا حَتّى انتَهَينا إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ وهُوَ بِالحَصْبَةِ.
وفي رواية (م): فَقالَ لَها النَّبيُّ ﷺ يومَ النَّفرِ: «يَسَعُكِ طَوافُكِ لِحَجَّكِ وعُمرَتِكِ». فَأَبَتْ .... ورَوى (م) عَن مُجاهِدٍ عَنها؛ أنَّها حاضَت بِسَرِفَ، فَتَطهَّرَت بِعَرَفَةَ، فَقالَ لَها رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يُجزِئُ عَنكِ طَوافُكِ بِالصَّفا والمَروَةِ عَن حَجِّكِ وعُمرَتِكِ».
ورَوى (م) عَن جابِرٍ قالَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن عائِشَةَ بَقَرَةً يَومَ النَّحرِ ...
١٠٢٨. (خ م) (١٢١١) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: خَرَجنا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الوَداعِ مُوافِينَ لِهِلالِ ذِي الحِجَّةِ، قالَت: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن أرادَ مِنكُم أن يُهِلَّ بِعُمرَةٍ فَليُهِلَّ، فَلَولا أنِّي أهدَيتُ لأهلَلتُ بِعُمرَةٍ». قالَت: فَكانَ مِن القَومِ مَن أهَلَّ بِعُمرَةٍ، ومِنهُم مَن أهَلَّ بِالحَجِّ، قالَت: فَكُنتُ أنا مِمَّن أهَلَّ بِعُمرَةٍ، فَخَرَجنا حَتّى قَدِمنا مَكَّةَ، فَأَدرَكَنِي يَومُ عَرَفَةَ وأَنا حائِضٌ لَم أحِلَّ مِن عُمرَتِي، فَشَكَوتُ ذَلكَ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: «دَعِي عُمرَتَكِ، وانقُضِي رَأسَكِ، وامتَشِطِي، وأَهِلِّي بِالحَجِّ». قالَت: فَفَعَلتُ، فَلَمّا كانَت لَيلَةُ الحَصبَةِ وقَد قَضى اللهُ حَجَّنا أرسَلَ مَعِي عَبدَ الرَّحْمَنِ بنَ أبِي بَكرٍ، فَأَردَفَنِي وخَرَجَ بِي إلى التَّنعِيمِ، فَأَهلَلتُ بِعُمرَةٍ، فَقَضى اللهُ حَجَّنا وعُمرَتَنا، ولَم يَكُن فِي ذَلكَ هَديٌ، ولا صَدَقَةٌ، ولا صَومٌ.
وفي رواية: «(مَن أرادَ مِنكُم أن يُهِلَّ بِحَجٍّ وعُمرَةٍ فَليَفعَل)، ومَن أرادَ أن يُهِلَّ بِحَجٍّ فَليُهِلَّ، ومِن أرادَ أن يُهِلَّ بِعُمرَةٍ فَليُهِلَّ». وفي رواية: «مَن كانَ مَعَهُ هَديٌ فَليُهِلَّ بِالحَجِّ مَعَ العُمرةِ، ثُمَّ لا يَحِلُّ حَتّى يَحِلَّ مِنهُما جَمِيعًا»، وفِيها: فاعتَمَرتُ، فَقالَ: «هَذِهِ مَكانُ عُمرَتِكِ». فَطافَ الَّذينَ أهَلُّوا بِالعُمرَةِ بِالبَيتِ وبِالصَّفا والمَروَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طافُوا طَوافًا آخَرَ بَعدَ أن رَجَعُوا مِن مِنًى لِحَجِّهِم، وأَمّا الَّذينَ كانُوا جَمَعُوا الحَجَّ والعُمرَةَ فَإنَّما طافُوا طَوافًا واحِدًا. وفي رواية (خ): فَكُنتُ مِمَّن تمتَّع ولَم يَسُقِ الهَديَ.
وفي رواية (خ): «ارفُضي عُمرَتَكِ وانقَضِي رَأسَكِ ...».
وفي رواية (م): قالَت: مِنّا مَن أهَلَّ بِالحَجِّ مُفرِدًا، ومِنّا مَن قَرَنَ، ومِنّا مَن تَمَتَّعَ.
وفي رواية: أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أفْرَدَ الحَجَّ.
١٠٢٩. (خ م) (١٢١١) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ يَصدُرُ النّاسُ بِنُسُكَينِ، وأَصدُرُ بِنُسُكٍ واحِدٍ. قالَ: «انتَظِرِي، فَإذا طَهَرتِ فاخرُجِي إلى التَّنعِيمِ، فَأَهِلِّي مِنهُ، ثُمَّ القَينا عِنْدَ كَذا وكَذا قالَ: أظُنُّهُ قالَ: غَدًا، ولَكِنَّها عَلى قَدرِ نَصَبِكِ أو قالَ: نَفَقَتِكِ».
١٠٣٠. (خ م) (١٢١٦) عَنْ عَطاءٍ قالَ: سَمِعتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ ﵄ فِي ناسٍ مَعِي قالَ: أهلَلنا أصحابَ مُحَمَّدٍ ﷺ بِالحَجِّ خالِصًا وحدَهُ، قالَ عَطاءٌ: قالَ جابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ صُبحَ رابِعَةٍ مَضَت مِن ذِي الحِجَّةِ، فَأَمَرَنا أن نَحِلَّ، قالَ عَطاءٌ: قالَ: «حِلُّوا وأَصِيبُوا النِّساءَ». قالَ عَطاءٌ: ولَم يَعزِم عَلَيهِم، ولَكِن أحَلَّهُنَّ لَهُم. فَقُلنا: لَمّا لَم يَكُن بَينَنا وبَينَ عَرَفَةَ إلا خَمسٌ أمَرَنا أن نُفضِيَ إلى نِسائِنا، فَنَأتِيَ عرَفَةَ تَقطُرُ مَذاكِيرُنا المَنِيَّ. قالَ: يَقُولُ جابِرٌ بِيَدِهِ؛ كَأَنِّي أنظُرُ إلى قَولِهِ بِيَدِهِ يُحَرِّكُها. قالَ: فَقامَ النَّبِيُّ ﷺ فِينا فَقالَ: «قَد عَلِمتُم أنِّي أتقاكُم للهِ، وأَصدَقُكُم، وأَبَرُّكُم، ولَولا هَديِي لَحَلَلتُ كَما تَحِلُّونَ، ولَو استَقبَلتُ مِن أمرِي ما استَدبَرتُ لَم أسُق الهَديَ، فَحِلُّوا». فَحَلَلنا، وسَمِعنا وأَطَعنا. قالَ عَطاءٌ: قالَ جابِرٌ: فَقَدِمَ عَلِيٌّ (مِن سِعايَتِهِ)، فَقالَ: «بِمَ أهلَلتَ؟» قالَ: بِما أهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ. فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَأَهدِ، وامكُث حَرامًا». قالَ: وأَهدى لَهُ عَلِيٌّ هَديًا، فَقالَ سُراقَةُ بنُ مالِكِ بْنِ جُعشُمٍ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ألِعامِنا هَذا أم لِأبَدٍ؟ فَقالَ: «لِأبَدٍ».
وفي رواية: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أحِلُّوا مِن إحرامِكُم، فَطُوفُوا بِالبَيتِ وبَينَ الصَّفا والمَروَةِ، وقَصِّرُوا، وأَقِيمُوا حَلالًا، حَتّى إذا كانَ يَومُ التَّروِيَةِ فَأَهِلُّوا بِالحَجِّ، واجعَلُوا الَّتِي قَدِمتُم بِها مُتعَةً». قالُوا: كَيفَ نَجعَلُها مُتعَةً وقَد سَمَّينا الحَجَّ؟ قالَ: «افعَلُوا ما آمُرُكُم بِهِ، فَإنِّي لَولا أنِّي سُقتُ الهَديَ لَفَعَلتُ مِثلَ الَّذِي أمَرتُكُم بِهِ، ولَكِن لا يَحِلُّ مِنِّي حَرامٌ حَتّى يَبلُغَ الهَديُ مَحِلَّهُ». فَفَعَلُوا.
ورَوى (م) عَن أبِي الزُّبَيرِ؛ أنَّه سَمِعَ جابرَ بنَ عَبْدِ اللهِ ﵄ يَقُولُ: لَم يَطُف النَّبِيُّ ﷺ ولا أصحابُهُ بَينَ الصَّفا والمَروةِ إلّا طَوافًا واحِدًا. زاد في رواية: طَوافَهُ الأَوَّلَ.
ورَوى (م) عَن أبِي الزُّبَيرِ عَنْهُ، وفِيهِ: ثُمَّ أهلَلَنا يَومَ التَّرْوِيَةِ، ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللِه ﷺ عَلى عائِشَةَ ﵂ فَوَجَدَها تَبكِي، فَقالَ: «ما شَأنُكِ؟» قالَت: شَأنِي أنِّي قَد حِضْتُ وقَد حَلَّ النّاسُ ولَم أحْلِل، ولَم أطُف بِالبَيتِ، والنّاسُ يَذهَبُونَ إلى الحَجِّ الآنَ. فَقالَ: «إنَّ هَذا أمرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلى بَناتِ آدَمَ، فاغتَسِلِي ثُمَّ أهِلِّي بِالحَجِّ». فَفَعَلَتْ، ووَقَفَتِ المَواقِفَ، حَتّى إذا طَهَرَتْ طافَت بِالكَعْبَةِ والصَّفا والمروَةِ، ثُمَّ قالَ: «قَد حَلَلْتِ مِن حَجِّكِ وعُمرَتِكِ جَميعًا».
ولَفظُ (خ) في حديث الباب: وأَنَّ سُراقةَ بنَ مالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ لَقِيَ النَّبِيَّ ﷺ بِالعَقَبَةِ، وهُو يَرمِيها؛ فَقالَ: ألَكُم هَذِهِ خاصَّةً يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: «لا بَل لِلأَبَدِ». وفي رواية (خ): قالَ: هِيَ لَنا أو لِلأَبَدِ؟ وزادَ (خ) فِي رِوايةٍ: لَيسَ مَعَ أحَدٍ مِنهُم هَديٌ غيرَ النبيِّ ﷺ وطَلْحَةَ ﵁، وقَدِمَ عَليٌّ مِن اليَمَنِ ومَعَهُ هَديٌ، وفي رواية لَهُ: فَأَمَرَهُ رَسُول اللهِ ﷺ أن يُقِيمَ عَلى إحرامِهِ، وأَشْرَكَهُ فِي الهَديِ.
ورَوى (خ) عَنْ عَطاءٍ عَنْ جابِرٍ؛ وفِيهِ: وأَنَّ عائِشَةَ حاضَت، فَنَسَكَتِ المَناسِكَ كُلَّها، غَيرَ أنَّها لَم تَطُفْ بِالبَيتِ قالَ: فَلَمّا طَهَرَتْ وطافَت قالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ أتَنطَلِقُون بِحَجٍّ وعُمرَةٍ، وأَنطَلِقُ بِالحَجِّ؟ فَأَمَرَ عَبدَ الرحمن ...
وفي رواية (م): وكانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَجُلًا سَهلًا إذا هَوِيَتِ الشَّيءَ تابَعَها عَلَيهِ، وفِيها: قالَ مَطَرٌ: قالَ أبُو الزُّبَيرِ: فَكانَت عائِشَةُ إذا حَجَّت صَنَعَت كَما صَنَعَت مَعَ نَبيِّ اللهِ ﷺ.
وفي رواية (م): عَن جابِرٍ قالَ: مُهِلِّينَ بِالحَجِّ، مَعَنا النِّساءُ والوِلدانُ ... وفِيها: فَلَمّا كانَ يَومَ التَّروِيَةِ أهلَلنا بِالحَجِّ، وكَفانا الطَّوافُ الأَوَّلُ بَينَ الصَّفا والمَروَةِ، فَأَمَرَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ أن نَشْتَرِكَ فِي الإبِلِ والبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ منّا في بَدَنَةٍ.
وفي رواية (م): قالَ: أمَرَنا النَّبِيُّ ﷺ لمّا أحْلَلْنا أن نُحْرِمَ إذا تَوَجَّهنا إلى مِنىً، قالَ: فَأَهلَلنا مِن الأبْطَحِ.
وفِي رِوايَةِ (م): قالَ جابِرٌ: فَلَمّا قَدِمنا مَكَّةَ أمَرَنا أن نَحِلَّ ونَجعَلَها عُمرَةً، فَكَبُرَ ذَلكَ عَلَينا، وضاقَت بِهِ صُدُورُنا، فَبَلَغَ ذَلكَ النَّبِيَّ ﷺ، فَما نَدرِي أشَيءٌ بَلَغَهُ مِنَ السَّماءِ، أم شَيءٌ مِن قِبَلِ النّاسِ؟ وفِيها: حَتّى إذا كانَ يَوم التَّروِيةِ وجَعَلنا مَكَّةَ بِظَهْرٍ أهْلَلْنا بِالحَجِّ.
ورَوى (خ) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ وجابِرٍ ﵃ نَحوَ حَدِيثِ البابِ مُختصَرًا، وفِيهِ: فَبَلَغَ ذَلكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقامَ خَطِيبًا فَقالَ: «بَلَغَنِي أنَّ أقوامًا يَقُولُونَ كَذا وكَذا، واللهِ لَأَنا أبَرُّ وأَتقى للهِ مِنهُم، ولَو أنِّي استَقبَلتُ ...». وفِيهِ: وجاءَ عَلِيُّ بنُ أبِي طالِبٍ؛ فَقالَ أحَدُهُما: يَقُولُ: لَبَّيكَ بِما أهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وقالَ الآخَرُ: لَبَّيكَ بِحَجَّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ ...
١٠٣١. (خ) (١٥٧٢) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ؛ أنَّه سُئلَ عَن مُتعَةِ الحَجِّ، وفِيهِ: ثُمَّ أمَرَنا عَشيَّةَ التَّروِيَةِ أن نُهِلَّ بِالحَجِّ، فَإذا فَرَغنا مِن المَناسِكِ جِئنا فَطُفنا بِالبَيتِ وبِالصَّفا والمَروَةِ، فَقَد تَمَّ حَجُّنا وعَلَينا الهَديُ، كَما قالَ اللهُ تَعالى: ﴿فَما اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أيّامٍ فِي الحَجِّ وسَبْعَةٍ إذا رَجَعْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦] إلى أمصارِكم، الشّاةُ تَجزِي، فَجَمَعُوا نُسُكَينِ فِي عامٍ بَينَ الحَجِّ والعُمرَةِ، فَإنَّ اللهَ أنزَلَهُ فِي كِتابِهِ وسَنَّهُ نبيُّهُ ﷺ، وأَباحَهُ لِلنّاسِ غَيرَ أهلِ مَكَّةَ، قالَ اللهُ: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أهْلُهُ حاضِرِي المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ [البقرة: ١٩٦]. وأَشهُرُ الحَجِّ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ تَعالى فِي كِتابِهِ: شَوالٌ وذُو القَعدةَ وذُو الحِجَّةَ، فَمَن تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ الأَشهُرِ فَعَلَيه دَمٌ أو صَومٌ، والرَّفَثُ الجِماعُ، والفُسُوقُ المَعاصِي، والجِدالُ المِراءُ.

١ جزاء الحج المبرور

٦/٠