باب: الوُقُوفُ بِعَرَفَةَ


١٠٨٧. (خ م) (١٢١٩) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ قُرَيشٌ ومَن دانَ دِينَها يَقِفُونَ بِالمُزدَلِفَةِ، وكانُوا يُسَمَّونَ الحُمسَ، وكانَ سائِرُ العَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَةَ، فَلَمّا جاءَ الإسلامُ أمَرَ اللهُ ﷿ نَبِيَّهُ ﷺ أن يَأتِيَ عَرَفاتٍ، فَيَقِفَ بِها، ثُمَّ يُفِيضَ مِنها، فَذَلكَ قَولُهُ ﷿: ﴿ثُمَّ أفِيضُواْ مِن حَيْثُ أفاضَ النّاسُ﴾. وفي رواية (م): عَن عُروَةَ بْنِ الزُّبَيرِ قالَ: كانت العربُ تَطُوفُ بالبيتِ عُراةً، إلا الحُمسَ، والحُمسُ قُريشٌ وما ولَدَت، كانُوا يَطُوفُونَ عُراةً إلّا أن تُعطِيَهُم الحُمسُ ثِيابًا، فيُعطِي الرِّجالُ الرِّجالَ والنِّساءُ النِّساءَ ... وفِيها عَن عائِشَةَ قالَت: الحُمْسُ هُمُ الَّذِينَ أنزَلَ اللهُ ﷿ فِيهِم: ﴿ثُمَّ أفِيضُواْ مِن حَيْثُ أفاضَ النّاسُ﴾ ... وفِيها: فَلَمّا نَزَلَت ... رَجَعُوا إلى عَرَفات.
-الحمس هم قريش ومن ولدته قريش وكنانة وجديلة قيس. (العيني)
-وكانوا يسمون الحمس؛ لأنهم تحمسوا في دينهم وتصلبوا، والحماسة الشدة؛ لأنهم كانوا لا يستظلون أيام منى، ولا يدخلون البيوت من أبوابها، ولا يساؤون السمن ولا يلقطون الجُلَّة،ويقولون: نحن أهل الله، فلا نخرج من حرم الله (القاضي عياض).
-وكان الشيطان قد استهواهم فقال لهم: إنكم إن عظمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم، فكانوا لا يخرجون منه (سفيان بن عيينة)
-قال الخطابي: تضمن قوله تعالى ({ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] الأمر بالوقوف بعرفة؛ لأن الإفاضة إنما تكون عند اجتماعٍ قبلَهُ. ( الخطابي)
-بين الشارع مبتدأ الوقوف بعرفه ومنتهاه.
-القبائل التي كانت تدين مع قريش هم بنو عامر بن صعصعة، وثقيف وخزاعة. (الخطابي)
-المعنى: أن الإفاضة من عرفة شرع قديم فلا تغيّروه. (القسطلاني).
-المراد بالناس: سائر العرب غير قريش ومن دان دينهم، وقيل: إبراهيم وقيل: آدم عليهما الصلاة والسلام. (القسطلاني)
فيه إيماء إلى خروج المتكبرين عن كونهم ناسا فمن تواضع لله رفعه، ومن تكبر على الله وضعه. (مرقاة المقاتيح).

١٠٨٨. (م) (١٢١٨) عَنْ جابِرِ بن عَبْدِ اللهِ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «نَحَرتُ هاهُنا، ومِنًى كُلُّها مَنحَرٌ، فانحَرُوا فِي رِحالِكُم، ووَقَفتُ هاهُنا، وعَرَفَةُ كُلُّها مَوقِفٌ، ووَقَفتُ هاهُنا وجَمعٌ كُلُّها مَوقِفٌ».
-بيان رفق النَّبِيَّ -ﷺ - بأمّته، وشفقته عليهم " فإنه ذكر لهم الأكمل والجائز، فالأكمل موضع نحره ووقوفه، والجائز كل جزء من أجزاء منى للنحر، وكل جزء من أجزاء عرفات ومزدلفة للوقوف، قال الشافعي وأصحابه: أفضل موضع للحاج موضع نحر النبي - صلى ﷺ – بمنى. ( حمزة قاسم - منار القاري).

١٠٨٩. (خ) (١٦٦٠) عَنْ سالِمٍ قالَ: كَتَبَ عَبدُ المَلِكِ إلى الحَجّاجِ: أن لا يُخالِفَ ابنَ عُمَرَ فِي الحَجِّ، فَجاءَ ابنُ عُمَرَ ﵁ وأَنا مَعَهُ يَومَ عَرَفَةَ حِينَ زالَت الشَّمسُ، فَصاحَ عِنْدَ سُرادِقِ الحَجّاجِ، فَخَرَجَ وعَلَيهِ مِلحَفَةٌ مُعَصفَرَةٌ، فَقالَ: ما لَكَ يا أبا عَبدِ الرَّحْمَنِ؟ فَقالَ: الرَّواحَ إن كُنتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ. قالَ: هَذِهِ السّاعَةَ؟ قالَ: نَعَم. قالَ: فَأَنظِرنِي حَتّى أُفِيضَ عَلى رَأسِي ثُمَّ أخرُجُ. فَنَزَلَ حَتّى خَرَجَ الحَجّاجُ، فَسارَ بَينِي وبَينَ أبِي، فَقلت: إن كُنتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فاقصُر الخُطبَةَ وعَجِّل الوُقُوفَ، فَجَعَلَ يَنظُرُ إلى عَبْدِ اللهِ، فَلَمّا رَأى ذَلكَ عَبدُ اللهِ قالَ: صَدَقَ.
-جواز تأمير الأدنى على الأفضل والأعلم. (العيني).
- أن الرجل الفاضل لا يؤاخذ عليه في مشيه إلى السلطان الجائر فيما يحتاج إليه. (العيني)
-أن تعجيل الرواح للإمام للجمع بين الظهر والعصر بعرفة في أول وقت الظهر سنة. (العيني)
- ابتداء العالم بالفتيا قبل أن يسأل عنه. (العيني)
-الفهم بالإشارة والنظر. (العيني)
-فتوى التلميذ بحضرة أستاذه عند السلطان وغيره. (العيني)
-جواز الذهاب من العالم إلى السلطان، سواء كان جائرا أو غير جائر، لأجل إرشاده إياه إلى الخير. (العيني)
-من السنة أن يصلي الإِمام الظهر والعصر قصراً وجمعاً في مسجد نمرة، ويقع هذا المسجد ببطن وادي عُرنَة.
فيه أن يخفف الخطبة والصلاة ويسارع بالذهاب إلى الموقف فيقف هناك في الهاجرة كما فعل النبي - ﷺ.

باب: فَضْلُ يَوْمِ عَرَفَةَ


١٠٩٠. (م) (١٣٤٨) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «ما مِن يَومٍ أكثَرَ مِن أن يُعتِقَ اللهُ فِيهِ عَبدًا مِنَ النّارِ مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّهُ لَيَدنُو ثُمَّ يُباهِي بِهِمُ المَلائِكَةَ فَيَقُولُ: ما أرادَ هَؤُلاءِ؟»
-فضل يوم عرفة، وأنه يرجى فيه استجابة الدعاء، وغفران الذنوب.

باب: الإفاضَةُ مِن عَرَفاتٍ والصَّلاةُ بِالـمُزْدَلِفَةِ


١٠٩١. (خ م) (١٢٨٠) عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ ﵄ قالَ: دَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِن عَرَفَةَ، حَتّى إذا كانَ بِالشِّعبِ نَزَلَ فَبالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ ولَم يُسبِغ الوُضُوءَ، فَقُلتُ لَهُ: الصَّلاةَ. قالَ: «الصَّلاةُ أمامَكَ». فَرَكِبَ، فَلَمّا جاءَ المُزدَلِفةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أُقِيمَت الصَّلاةُ، فَصَلّى المَغرِبَ، ثُمَّ أناخَ كُلُّ إنسانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنزِلِهِ، ثُمَّ أُقِيمَت العِشاءُ فَصَلاها، ولَم يُصَلِّ بَينَهُما شَيئًا. وفي رواية: فَلَمّا بَلَغَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الشِّعْبَ الأَيسَرِ الَّذِي دُونَ المُزدَلَفَةِ أناخَ فَبالَ ... وفِيها: فَتَوَضَّأ وُضُوءًا خَفِيفًا .. وفِيها: ثُمَّ رَدِفَ الفَضْلُ رَسُولَ الله ﷺ غَداةَ جَمْعٍ.
وفي رواية (م): فَأَقامَ المَغرِبَ، ثُمَّ أناخَ النّاسُ فِي مَنازِلِهِم ولَم يَحُلُّوا حَتّى أقامَ العِشاءَ الآخِرَةَ فَصَلّى، ثُمَّ حَلُّوا، قُلتُ: فَكَيفَ فَعَلتُم حِينَ أصبَحتُم؟ قالَ: رَدِفَهُ الفَضْلُ بنُ عَبّاسٍ، وانطَلَقَتُ أنا فِي سُبّاقِ قُرَيشٍ عَلى رِجلَيَّ.
-استحباب اسباغ الوضوء، لأنه - ﷺ - فعل ذلك في المزدلفة، وهو سنته في أغلب أحيانه، ويجوز تخفيف الوضوء، لأنه قد فعله النبي - ﷺ – بالشِّعْب.
-سنة الصلاة لمن دفع عن عرفة أن يصلى المغرب والعشاء بالمزدلفة. (ابن بطال).
-توضأ ولم يسبغ لذكر الله تعالى، لأنهم يكثرون ذكر الله عند الدفع من عرفة. (ابن بطال).
-فيه من الفقه أن الأدون قد يُذَكِّر الأعلى، وإنما خشى أسامة أن ينسى الصلاة لما كان فيه من الشغل. (ابن بطال).

باب: صِفَةُ السَّيْرِ فِـي الدَّفْعِ مِن عَرَفَةَ


١٠٩٢. (خ م) (١٢٨٦) عَنْ عُرْوَةَ قالَ: سُئِلَ أُسامَةُ (وأَنا شاهِدٌ، أو قالَ: سَأَلتُ أُسامَةَ بنَ زَيْدٍ)، وكانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أردَفَهُ مِن عَرَفاتٍ، قُلتُ: كَيفَ كانَ يَسِيرُ رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ أفاضَ مِن عَرَفَةَ؟ قالَ: كانَ يَسِيرُ العَنَقَ، فَإذا وجَدَ فَجوَةً نَصَّ. وفي رواية: قالَ هِشامٌ: والنَّصُّ فَوقَ العَنَقِ.
-بيان كيفية السير في الدفع من عرفات إلى مزدلفة لأجل الاستعجال للصلاة؛لأن المغرب لا تصلى إلا مع العشاء بالمزدلفه فيجمع بين المصلحتين من الوقار والسكينة عند الازدحام، ومن الإسراع عند وجود السعة. (القاضي عياض).

١٠٩٣. (م) (١٢٨٢) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ عَنِ الفَضلِ بْنِ عَبّاسٍ، وكانَ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ أنَّهُ قالَ فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وغَداةِ جَمعٍ لِلنّاسِ حِينَ دَفَعُوا: «عَلَيكُم بِالسَّكِينَةِ». وهُوَ كافٌّ ناقَتَهُ، حَتّى دَخَلَ مُحَسِّرًا، وهُوَ مِن مِنىً، قالَ: «عَلَيكُم بِحَصى الخَذفِ الَّذِي يُرمى بِهِ الجَمرَةُ». وقالَ: لَم يَزَل رَسُولُ اللهِ ﷺ يُلَبِّي حَتّى رَمى الجَمرَةَ. رَواهُ (خ): عَن ابْنِ عَبّاسٍ؛ أنَّهُ دَفَعَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ يَومَ عَرَفَةَ، فَسَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ وراءَهُ زَجرًا شديدًا وضَربًا لِلإبلِ، فَأَشارَ بِسَوطِهِ إلَيهِم، وقالَ: «أيُّها الناسُ؛ عَلَيكُم بِالسَّكِينَةِ، فَإنَّ البِرَّ لَيسَ بِالإيضاعِ».
ورَوى (خ) عَن ابْنِ عَبّاسٍ؛ عَن أُسامَةَ والفَضلِ كِلاهُما قالا: لَم يَزَلِ النَّبيُّ ﷺ يُلبِّي حَتّى رَمى جَمرَةَ العَقَبَةَ.
- إرشاد إلى الأدب والسنة في السير تلك الليلة، ويلحق بها سائر مواضع الزحام(النووي).
-وفيه أنه ليس السابق من سبق بعيره وفرسه، ولكن السابق من غفر له. (ابن بطال)
-قال المهلب: إنما نهاهم عن الإسراع إبقاء عليهم لئلا يجحفوا بأنفسهم مع بعد المسافة. (العيني)

باب: فِـي صَلاةِ الـمَغْرِبِ والعِشاءِ بِالـمُزْدَلِفَةِ


١٠٩٤. (خ م) (١٢٨٨) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَينَ المَغرِبِ والعِشاءِ بِجَمعٍ، لَيسَ بَينَهُما سَجدَةٌ، (وصَلّى المَغرِبَ ثَلاثَ رَكَعاتٍ، وصَلّى العِشاءَ رَكْعَتَيْنِ، فَكانَ عَبدُ اللهِ يُصَلِّي بِجَمعٍ كَذَلكَ حَتّى لَحِقَ باللهِ تَعالى). زادَ (خ): كُلُّ واحِدَةٍ مِنهُما بإقامةٍ، ولم يُسَبِّحْ بَينَهُما، ولا عَلى إثرِ كلِّ واحدةٍ منهما، ورَوى (م) عَن ابْنِ عُمَرَ قالَ: صَلّاهُما بِإقامَةٍ واحِدَةٍ.
-يستحب الأذان للأولى منهما، ويقيم لكل واحدة إقامة فيصليهما بأذان وإقامتين، ويتأول حديث " إقامة واحدة" أن كل صلاة لها إقامة ولا بد من هذا الجمع بينه وبين الرواية الأولى يعني: من حديث ابن عمر، وبينه أيضا وبين رواية جابر. ( النووي)

١٠٩٥. (خ م) (١٢٨٧) عَنْ أبِي أيُّوبَ ﵁؛ أنَّهُ صَلّى مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الوَداعِ المَغرِبَ والعِشاءَ بِالمُزدلِفَةِ. زادَ (خ): جَمِيعًا.
قال الطبري: فيه البيان أن السنة فى إمام الحاج ألا يصلى ليلة يوم النحر المغرب والعشاء إلا بالمزدلفة( ابن بطال ).

باب: الـتَّغْلِيسُ بِصَلاةِ الصُّبْحِ بِالـمُزْدَلِفَةِ


١٠٩٦. (خ م) (١٢٨٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: ما رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ صَلّى صَلاةً إلا لِمِيقاتِها إلا صَلاتَينِ؛ صَلاةَ المَغرِبِ والعِشاءِ بِجَمعٍ، وصَلّى الفَجرَ يَومَئِذٍ قَبلَ مِيقاتِها.
المهلب: يريد أنه بادر الفجر أول طلوعه فى الوقت الذى لا يتبينه كل أحد، ولم يَتَأَنَّ حتى يتبّين طلوعه لكل أحد، كما كانت عادته أن يصلى قبل ذلك، ولا يجوز أن يتأول عليه غير هذا التأويل. (ابن بطال ).

١٠٩٧. (خ) (١٦٨٣) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قالَ: خَرَجنا مَعَ عَبْدِ اللهِ إلى مَكَّةَ، ثُم قَدِمنا جَمعًا، فَصلّى الصَّلاتَينِ كُلَّ صَلاةٍ وحدَها بِأَذانٍ وإقامَةٍ، والعَشاءُ بَينهُما، ثُم صَلّى الفَجرَ حِينَ طَلَعَ الفَجرُ، قائلٌ يقولُ: طَلَع الفَجرُ، وقائلٌ يَقُولُ: لَم يَطلُع الفَجرُ، ثُمَّ قالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إنَّ هاتَينِ الصَّلاتَينِ حُوِّلَتا عَن وقتِهِما فِي هَذا المَكانِ؛ المَغرِبَ والعِشاءَ، فَلا يَقدَمُ النّاسُ جَمعًا حَتّى يُعتِمُوا، وصَلاةَ الفَجرِ هَذِهِ السّاعَةَ». ثُمَّ وقَفَ حتّى أسفَرَ، ثم قالَ: لَو أنَّ أميرَ المُؤمنينَ أفاضَ الآنَ أصابَ السُّنَّةَ. فَما أدرِي؛ أقَولُهُ كانَ أسرَعَ أم دَفعُ عُثمانَ ﵁؟ فَلَم يَزَل يُلبِّي حَتّى رَمى جَمرَةَ العَقَبَةِ يَومَ النَّحرِ.
-السنة الدفع من المشعر الحرام عند الإسفار قبل طلوع الشمس خلافا لما كان عليه أهل الجاهلية. (العيني)
المراد إذن أنه صلى الفجر قبل ميقاتها المعتاد أي: إنه غلس تغليسا شديدا يخالف التغليس المعتاد إلى حد أن بعضهم كان يشك بطلوع الفجر.

باب: الإفاضَةُ مِن جَمْعٍ بِلَيْلٍ لِلضَّعَفَةِ


١٠٩٨. (خ م) (١٢٩٠) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: استَأذَنَت سَودَةُ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَيلَةَ المُزدَلِفَةِ تَدفَعُ قَبلَهُ وقَبلَ حَطمَةِ النّاسِ، وكانَت امرَأَةً ثَبِطَةً (يَقُولُ القاسِمُ: والثَّبِطَةُ) الثَّقِيلَةُ قالَ: فَأَذِنَ لَها، فَخَرَجَت قَبلَ دَفعِهِ، (وحَبَسَنا) حَتّى أصبَحنا، فَدَفَعنا بِدَفعِهِ، ولأن أكُونَ استَأذَنت رَسُولَ اللهِ ﷺ كَما استَأذَنَتهُ سَودَةُ فَأَكُونَ أدفَعُ بِإذنِهِ أحَبُّ إلَيَّ مِن مَفرُوحٍ بِهِ.
دليل على جواز الدفع من مزدلفة قبل الفجر ولكن للعذر، وجمهور العلماء أنه يجب المبيت بمزدلفة ويلزم من تركه دم، والذي فعله - ﷺ - المبيت بها إلى أن صلى الفجر، وقد قال «خذوا عني مناسككم» (الصنعاني)

١٠٩٩. (خ م) (١٢٩١) عَنْ عَبْدِ اللهِ مَوْلى أسْماءَ قالَ: قالَت لِي أسماءُ ﵂ وهِيَ عِنْدَ دارِ المُزدَلِفَةِ: هَل غابَ القَمَرُ؟ قُلتُ: لا، فَصَلَّت ساعَةً، ثُمَّ قالَت: يا بُنَيَّ؛ هَل غابَ القَمَرُ؟ قُلتُ: نَعَم. قالَت: ارحَل بِي. فارتَحَلنا حَتّى رَمَت الجَمرَةَ، ثُمَّ صَلَّت فِي مَنزِلِها، فَقُلتُ لَها: أي هَنتاه؛ لَقَد غَلَّسنا. قالَت: كَلاَّ أي بُنَيَّ؛ إنَّ النَّبِيَّ ﷺ أذِنَ لِلظُّعُنِ.
-أذن للظعن " أي رخص لضعفه النساء مثلي في النزول من مزدلفة في آخر الليل قبل الفجر.
-مغيب القمر في تلك الليلة كان عند أوائل الثلث الأخير من الليل.

١١٠٠. (خ م) (١٢٩٣) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الثَّقَلِ، أو قالَ: فِي الضَّعَفَةِ مِن جَمعٍ بِلَيلٍ. وفي رواية (م): عَن ابْنِ جُرَيجٍ؛ عَن عَطاءٍ؛ أنَّ ابنَ عَبّاسٍ قالَ: بَعَثَ بِي رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَحَرٍ مِن جَمْعٍ ...
-سبب بعثهم بالليل هو خوف الزحام عليهم، وما يلحقهم من مشقة فيه.

١١٠١. (خ م) (١٢٩٥) عَنْ سالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ كانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أهلِهِ، فَيَقِفُونَ عِنْدَ المَشعَرِ الحَرامِ بِالمُزدَلِفَةِ بِاللَّيلِ، فَيَذكُرُونَ اللهَ ما بَدا لَهُم، ثُمَّ يَدفَعُونَ قَبلَ أن يَقِفَ الإمامُ وقَبلَ أن يَدفَعَ، فَمِنهُم مَن يَقدَمُ مِنىً لِصَلاةِ الفَجرِ، ومِنهُم مَن يَقدَمُ بَعدَ ذَلكَ، فَإذا قَدِمُوا رَمَوا الجَمرَةَ، وكانَ ابنُ عُمَرَ يَقُولُ: أرخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
احتج ابن المنذر بهذا الحديث لقول من أوجب المبيت بمزدلفة على غير الضعفة؛ لأنَّ حكم من لم يرخص له ليس كحكم من رخص له.

باب: الإفاضَةُ يَوْمَ النَّحْرِ


١١٠٢. (م) (١٣٠٨) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أفاضَ يَومَ النَّحرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلّى الظُّهرَ بِمِنًى. قالَ نافِعٌ: فَكانَ ابنُ عُمَرَ يُفِيضُ يَومَ النَّحرِ، ثُمَّ يَرجِعُ فَيُصَلِّي الظُّهرَ بِمِنًى، ويَذكُرُ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ فَعَلَهُ.
نزل من منى إلى مكة بعد رميه وذبحه فطاف طواف الفرض وقت الضحى ثم رجع فصلى الظهر بمنى.

١١٠٣. (خ) (١٧٣٢) عَنْ نافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أنَّهُ طافَ طَوافًا واحِدًا، ثُمَّ يَقِيلُ، ثُمَّ يَأتِي مِنًى، يَعنِي يَومَ النَّحر.
طاف طوافًا واحدًا للإفاضة ثم يقيل - من القيلولة - بمكة ثم يأتي منى، يحتمل أن يكون في وقت الظهر لأن النهار كان طويلاً، وقد ثبت أنه صلّى الظهر بمنى يوم النحر). (القسطلاني).

١١٠٤. (خ) (١٦٨٤) عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قالَ: شَهِدتُ عُمَرَ ﵁ صَلّى بِجَمعٍ الصُّبحَ، ثُمَّ وقَفَ فَقالَ: إنَّ المُشرِكِينَ كانُوا لا يُفِيضُونَ حَتّى تَطلُعَ الشَّمسُ، ويَقُولُونَ: أشرِق ثَبِيرُ. وأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خالَفَهُم، ثُمَّ أفاضَ قَبلَ أن تَطلُعَ الشَّمسُ.
-قال الطبري: فيه من الفقه بيان وقت الوقوف الذى أوجبه الله تعالى على حجاج بيته بالمشعر الحرام، وذلك حين صلاة الفجر بعد طلوع الفجر الثانى إلى أن يدفع الإمام منه قبل طلوع الشمس يوم النحر، ومن لم يدرك ذلك حتى تطلع الشمس فقد فاته الوقوف فيه بإجماع (ابن بطال)
-قال المهلب: فإنما عجل النبى عليه السلام الصلاة وزاحم بها أول وقتها ليدفع قبل إشراق الشمس على جبل ثبير ليخالف أمر المشركين، فكلما بَعُدَ دفعُه من طلوع الشمس كان أفضل. (ابن بطال)

١١٠٥. (خ) (١٧١١) عَنْ نافِعٍ؛ أنَّ ابنَ عُمَرَ ﵄ كانَ يَبعَثُ بِهَديِهِ مِن جَمعٍ مِن آخِرِ اللَّيلِ حَتّى يُدخَلَ بِهِ مَنحَرُ النَّبِيِّ ﷺ مَعَ حُجّاجٍ فِيهِم الحُرُّ والمَملُوكُ.
-بالمنحر فى الحج بمنى إجماع من العلماء. (ابن بطال)
أفاد هذا الحديث أن وقت بعث الهدي إلى المنحر من المزدلفة من آخر الليل. (العيني)

باب: يُلَبِّي الحاجُّ حَتّى يَرْمِيَ جَمْرَةَ العَقَبَةِ


١١٠٦. (م) (١٢٨٣) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ؛ أنَّ عَبدَ اللهِ بْنِ مسعود ﵁ لَبّى حِينَ أفاضَ مِن جَمعٍ، فَقِيلَ: أعرابِيٌّ هَذا؟ فَقالَ عَبدُ اللهِ: أنَسِيَ النّاسُ أم ضَلُّوا؟ سَمِعتُ الَّذِي أُنزِلَت عَلَيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ يَقُولُ فِي هَذا المَكانِ: «لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ».
-خص البقرة لأن معظم أحكام المناسك فيها، فكأنه قال هذا مقام من أنزلت عليه المناسك وأخذ عنه الشرع وبين الأحكام فاعتمدوه. (النووي)
مشروعية الاستمرار على التلبية في المزدلفة. وفيه رد على من يقول بقطع التلبية بعد الفجر يوم عرفة أو بعد الزوال يوم عرفة.

باب: رَمْيُ جَمْرَةِ العَقَبَةِ مِن بَطْنِ الوادِي والتَّكْبِيرُ مَعَ كُلِّ حَصاةٍ


١١٠٧. (خ م) (١٢٩٦) عَنِ الأَعْمَشِ قالَ: سَمِعتُ الحَجّاجَ بنَ يُوسُفَ يَقُولُ وهُوَ يَخطُبُ عَلى المِنبَرِ: (ألِّفُوا القُرآنَ كَما ألَّفَهُ جِبرِيلُ)؛ السُّورَةُ الَّتِي يُذكَرُ فِيها البَقَرَةُ، والسُّورَةُ الَّتِي يُذكَرُ فِيها النِّساءُ، والسُّورَةُ الَّتِي يُذكَرُ فِيها آلُ عِمرانَ. قالَ: فَلَقِيتُ إبراهِيمَ فَأَخبَرتُهُ بِقَولِهِ، (فَسَبَّهُ) وقالَ: حَدَّثَنِي عَبدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيدَ؛ أنَّهُ كانَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَأَتى جَمرَةَ العَقَبَةِ، فاستَبطَنَ الوادِي فاستَعرَضَها، فَرَماها مِن بَطنِ الوادِي بِسَبعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصاةٍ، قالَ: فَقُلتُ: يا أبا عَبدِ الرَّحْمَنِ؛ إنَّ النّاسَ يَرمُونَها مِن فَوقِها. فَقالَ: هَذا والَّذِي لا إلَهَ غَيرُهُ مَقامُ الَّذِي أُنزِلَت عَلَيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ. وفي رواية: وجَعَلَ البيتَ عَن يَسارِهِ، ومِنىً عَن يَمِينِهِ.
-هذا اختلاف كان معروفًا في الأوائل، يعني هل يصح أن يقال "سورة البقرة" مثلًا أو لا يصح إلا أن يقال "السورة التي يذكر فيها البقرة" وقد رد على هذا الأخير الإمام البخاري رحمه الله أيضًا. وقد انقرض هذا الاختلاف، وحصل الإجماع على صحة قول سورة البقرة. (المباركفوري)
-كان أي الحجاج لا يرى إضافة السورة إلى الاسم فرد عليه إبراهيم النخعي بما رواه عن ابن مسعود من الجواز. (المباركفوري)
-اتفقوا على أنَّه من حيث رمى جمرة العقبة جاز سواء استقبلها، أو جعلها عن يمينه، أو يساره، أو من فوقها، أو من أسفلها، أو وسطها، وإنما الخلاف في الأفضل.
استحباب التكبير مع كل حصاة. (المباركفوري)

١١٠٨. (م) (١٢٩٧) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَرمِي عَلى راحِلَتِهِ يَومَ النَّحرِ، ويَقُولُ: «لِتِأَخُذُوا مَناسِكَكُم، فَإنِّي لا أدرِي لَعَلِّي لا أحُجُّ بَعدَ حَجَّتِي هَذِهِ».
فيه إشارة إلى توديعهم وإعلامهم بقرب وفاته ﷺ وحثهم على الاعتناء بالأخذ عنه، وانتهاز الفرصة من ملازمته، وتعلم أمور الدين وبهذا سميت حجة الوداع. (النووي).

١١٠٩. (م) (١٢٩٨) عَنْ يَحْيى بْنِ حُصَيْنٍ، عَن جَدَّتِهِ أُمِّ الحُصَينِ ﵂ قالَت: حَجَجتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ حَجَّةَ الوَداعِ، فَرَأَيتُهُ حِينَ رَمى جَمرَةَ العَقَبَةِ وانصَرَفَ وهُوَ عَلى راحِلَتِهِ ومَعَهُ بِلالٌ وأُسامَةُ؛ أحَدُهُما يَقُودُ بِهِ راحِلَتَهُ، والآخَرُ رافِعٌ ثَوبَهُ عَلى رَأسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مِنَ الشَّمسِ، قالَت: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَولًا كَثِيرًا، ثُمَّ سَمِعتُهُ يَقُولُ: «إن أُمِّرَ عَلَيكُم عَبدٌ مُجَدَّعٌ حَسِبتُها قالَت: أسوَدُ يَقُودُكُم بِكِتابِ اللهِ تَعالى فاسمَعُوا لَهُ وأَطِيعُوا». وفي رواية: والآخَرُ رافِعٌ ثَوبَهُ يَستُرُهُ مِنَ الحَرِّ، حَتّى رَمى جَمرَةَ العَقَبَةِ.
أمر ﷺ-بطاعة ولي الأمر ولو كان بهذه الصفات ما دام يقودنا بكتاب الله عز وجل.

باب: رَمْيُ الجِمارِ


١١١٠. (م) (١٢٩٩) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَمى الجَمرَةَ بِمِثلِ حَصى الخَذفِ.
١١١١. (م) (١٣٠٠) عَنْ جابِرٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الاستِجمارُ تَوٌّ، ورَميُ الجِمارِ تَوٌّ، والسَّعيُ بَينَ الصَّفا والمَروَةِ تَوٌّ، والطَّوافُ تَوٌّ، وإذا استَجمَرَ أحَدُكُم فَليَستَجمِر بِتَوٍّ».
-تكرار الاستجمار في الحديث إما أن يكون المراد أولاً الفعل والثانى عدد الأحجار. (القاضي عياض).
الفرض في الاستنجاء ثلاث فإن لم يحصل الإنقاء بثلاث وجبت الزيادة حتى ينقى. (النووي)

١١١٢. (خ) (١٧٥٢) عَنْ سالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ ﵁ كانَ يَرمِي الجَمرَةَ الدُّنيا بِسَبعِ حَصَياتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ عَلى إثرِ كُلِّ حَصاةٍ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيُسهِلُ، فَيَقُومُ مُستَقبِلَ القِبلَةِ قِيامًا طَوِيلًا، فَيَدعُو ويَرفَعُ يَدَيهِ، ثُمَّ يَرمِي الجَمرَةَ الوُسطى كَذَلكَ، فَيَأخُذُ ذاتَ الشِّمالِ فَيُسهِلُ، ويَقُومُ مُستَقبِلَ القِبلَةِ قِيامًا طَوِيلًا، فَيَدعُو ويَرفَعُ يَدَيهِ، ثُمَّ يَرمِي الجَمرَةَ ذاتَ العَقَبَةِ مِن بَطنِ الوادِي، ولا يَقِفُ عِندَها، ويَقُولُ هَكَذا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَفعَلُ.
-قوله: " ويرفع يديه " أي في الدعاء، وهذا يدل على مشروعية رفع اليدين عند الدعاء. (القرطبي)
-رمي الجمار واجب يجبر بدم. (ابن حجر)
-ابتداء مشروعية الرمي بعد الزوال. (ابن حجر)
-رمي الجمار بسبع حصيات. (ابن حجر)
-استحباب الدعاء عند الرمي. (ابن حجر)

باب: فِـي وقْتِ الرَّمْيِ


١١١٣. (م) (١٢٩٩) عَنْ جابِرٍ ﵁ قالَ: رَمى رَسُولُ اللهِ ﷺ الجَمرَةَ يَومَ النَّحرِ ضُحًى، وأَمّا بَعدُ فَإذا زالَت الشَّمسُ. علَّقَه (خ) عَن جابِرٍ، ورَوى (خ) عَن وبَرَةَ قالَ: سَألَتُ ابنَ عَمرَ: مَتى أرمِي الجِمارَ؟ قالَ: إذا رَمى إمامُكَ فارمِه. فَأَعَدتُ عَلَيهِ المَسأَلَةَ، قالَ: كُنّا نَتَحَيَّنُ، فَإذا زالَت الشَّمسُ رَمَينا.
-دليل على أن أفضل وقت لرمي جمرة العقبة هو بعد طلوع الشمس يوم النحر.
-فيه أنه لو كان الرمي قبل الزوال جائزًا لفعله النبي ﷺ، لما فيه من المبادرة بالعبادة في أول وقتها، ولما فيه من تطويل وقت الرمي، والتيسير على الناس، والقول بأن الرمي في أيام التشريق بعد الزوال هو قول الجمهور.
-(إذا رمى إمامك فارمه) كأن ابن عمر رضي الله عنهما خاف عليه أن يخالف الأمير فيحصل منه ضرر، فلما أعاد عليه المسألة لم يسعه الكتمان فأعلمه بما كانوا يفعلونه، في زمن النبي ﷺ.
-رمي الجمار عبادة جليلة فيها معنى الخضوع لله، وامتثال أوامره، والاقتداء بإبراهيم عليه الصلاة والسلام.
-بيان شدة اهتمام السلف رحمهم الله في السؤال عن سنن رسول الله ﷺ حتى يعملوا بها، كما حثّ الله عز وجل بذلك بقوله { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا } سورة الأحزاب.

باب: فِـي الحَلْقِ والتَّقْصِيرِ


١١١٤. (خ م) (١٣٠٤) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ حَلَقَ رَأسَهُ فِي حَجَّةِ الوَداعِ. وفِي رِوايَةٍ زادَ: وحَلَقَ طائفةٌ مِن أصحابِهِ، وقصَّرَ بعضُهُم.
١١١٥. (خ م) (١٣٠٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِلمُحَلِّقِينَ». قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ ولِلمُقَصِّرِينَ. قالَ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِلمُحَلِّقِينَ». قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ ولِلمُقَصِّرِينَ. قالَ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِلمُحَلِّقِينَ». قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ ولِلمُقَصِّرِينَ. قالَ: «ولِلمُقَصِّرِينَ».
-دليل على أن الحلق والتقصير من مناسك الحج والعمرة، وليسا لاستباحة المحظور فقط، وإلا لما فضل أحدهما على الآخر.
-فيه أن الحلق أفضل من التقصير، لأن النبي ﷺ كرر الدعاء للمحلقين؛ ولأن التعبد لله بالحلق أكمل وأظهر، ويستثنى من ذلك المتمتع الذي يضيق به الوقت، بحيث لا ينبت شعره قبل حلق الحج، فحينئذ يكون التقصير أولى.
-فيه دليل على كمال نصح النبي ﷺ ورحمته بأمته، حيث دعا لمن قام بالعبادة، حثًا له على الخير، وزيادة في أجره وثوابه.
فيه مشروعية الدعاء لمن فعل ما يُشرع له، وتكرير الدعاء لمن فعل الراجح من الأمر وطلب الدعاء لمن فعل الجائز وإن كان مرجوحًا.

باب: الـتَّقْصِيرُ فِـي العُمْرَةِ


١١١٦. (خ م) (١٢٤٦) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ مُعاوِيَةَ بنَ أبِي سُفيانَ ﵁ أخبَرَهُ قالَ: قَصَّرتُ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ بِمِشقَصٍ وهُوَ عَلى المَروَةِ، أو رَأَيتُهُ يُقَصَّرُ عَنهُ بِمِشقَصٍ وهُوَ عَلى المَروَةِ. وفي رواية (م): فَقُلتُ لَه: لا أعلَمُ هَذا إلاَّ حُجَّةً عَليكَ.
-(قصّرت) أي أخذت من شعر رأسه، وهو يشعر بأن ذلك كان في نسك إما في حج أو في عمرة، وقد ثبت أنه حلق في حجته، فتعين أن يكون ذلك في عمرة، ورجّح النووي أن ذلك كان في عمرة الجعرانة.
-فعل النبي ﷺ للأمرين؛ لإثبات المشروعية والإجزاء. (ابن حجر)

باب: الرَّمْيُ ثُمَّ النَّحْرُ ثُمَّ الحَلْقُ


١١١٧. (م) (١٣٠٥) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: لَمّا رَمى رَسُولُ اللهِ ﷺ الجَمرَةَ، ونَحَرَ نُسُكَهُ، وحَلَقَ، ناوَلَ الحالِقَ شِقَّهُ الأيمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعا أبا طَلْحَةَ الأنصارِيَّ فَأَعطاهُ إيّاهُ، ثُمَّ ناوَلَهُ الشِّقَّ الأيسَرَ، فَقالَ: «احلِق». فَحَلَقَهُ، فَأَعطاهُ أبا طَلْحَةَ، فَقالَ: «اقسِمهُ بَينَ النّاسِ». لَفظُ (خ): عَنهُ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لمّا حَلَقَ رَأسَهُ كانَ أبُو طَلْحَةَ أوَّلَ مَن أخَذَ مِن شَعَرِهِ. وفي رواية (م): أنّ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَمى جَمرةَ العَقَبَةِ، ثُمَّ انصَرَفَ إلى البُدْنِ فَنَحَرَها، والحَجّامُ جالِسٌ، وقالَ بِيَدِهِ عَن رَأسِهِ فَحَلَقَ ... وفي رواية (م): قالَ: لَقَد رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ والحَلاَّقُ يَحلِقُهُ، وأَطافَ بِهِ أصحابُهُ، فَما يُرِيدُونَ أن تَقَعَ شَعرَةٌ إلا فِي يَدِ رَجُلٍ.
-الحلق نسك وأنه أفضل من التقصير، وأنه يستحب فيه البداءة بالجانب الأيمن من رأس المحلوق. ( النووي)
-طهرة شعر الآدمي.
-التبرك بشعر الرسول ﷺ، وجواز اقتنائه للتبرك.
-فيه مساوة الإمام والكبير بين أصحابه وأتباعه فيما يفرقه عليهم من عطاء وهدية ونحوها والله أعلم. ( النووي)

باب: فِيمَن قَدَّمَ شَيْئًا مِن نُسُكِهِ أوْ أخَّرَهُ


١١١٨. (خ م) (١٣٠٦) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ ﵄ قالَ: وقَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الوَداعِ بِمِنىً لِلنّاسِ يَسأَلُونَهُ، فَجاءَ رَجُلٌ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ لَم أشعُر فَحَلَقتُ قَبلَ أن أنحَرَ. فَقالَ: «اذبَح ولا حَرَجَ». ثُمَّ جاءَهُ رَجُلٌ آخَرُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ لَم أشعُر فَنَحَرتُ قَبلَ أن أرمِيَ. فَقالَ: «ارمِ ولا حَرَجَ». قالَ: فَما سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن شَيءٍ قُدِّمَ ولا أُخِّرَ إلا قالَ: «افعَل ولا حَرَجَ». وفي رواية (م): إنِّي حَلَقتُ قَبلَ أن أرمِي. فَقالَ: «ارمِ ولا حَرَجَ». وفِيها: وأَتاهُ آخَرُ فَقالَ: إنِّي أفَضتُ إلى البَيتِ قَبلَ أن أرمِي. قالَ: «ارمِ ولا حَرَجَ».
١١١٩. (خ م) (١٣٠٧) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قِيلَ لَهُ فِي الذَّبحِ والحَلقِ والرَّميِ والتَّقدِيمِ والتَّأخِيرِ، فَقالَ: «لا حَرَجَ». وفي رواية (خ): رَمَيتُ بَعدَما أمسَيتُ. فَقالَ: «لا حَرَجَ».
-قوله (وَقَفَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمِنىً لِلنَّاسِ يَسأَلُونَهُ) هذا دليل جواز القعود على الراحلة.
-أنه ينبغي للمسلم أن يتعلم أحكام دينه بسؤال أهل العلم، ولا يعمل عملا إلا وهو على بصيرة من حكمه.
-يسر الشريعة وسهولة أحكامها، حيث سامحت في التقديم والتأخير، لما ينالهم في ذلك اليوم من شدة الزحام، وصعوبة المقام.
-أن أفعال يوم النحر أربعة: رمي جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة، وأن السنة ترتيبها هكذا، فلو خالف وقدم بعضها على بعض جاز، ولا فدية عليه لهذه الأحاديث. ( النووي)

باب: تَقْلِيدُ الهَدْيِ وإشْعارُهُ عِنْدَ الإحْرامِ


١١٢٠. (خ م) (١٢٤٣) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: (صَلّى رَسُولُ اللهِ ﷺ الظُّهرَ) بِذِي الحُلَيفَةِ، ثُمَّ دَعا بِناقَتِهِ (فَأَشعَرَها فِي صَفحَةِ سَنامِها الأيمَنِ، وسَلَتَ الدَّمَ)، وقَلَّدَها (نَعلَينِ)، ثُمَّ رَكِبَ راحِلَتَهُ، فَلَمّا استَوَت بِهِ عَلى البَيداءِ أهَلَّ بِالحَجِّ. رَوى (خ) مَعناهُ فِي سِياقٍ أطوَلَ.
-أما الإشعار فهو أن يجرحها في صفحة سنامها اليمنى بحربة، أو سكين، أو حديدة أو نحوها، ثم يسلت الدم عنها، وأصل الإشعار والشعور الإعلام والعلامة، وإشعار الهدي لكونه علامة له، وهو مستحب ليعلم أنه هدي. ( النووي)
-فيه استحباب تقليد الإبل بنعلين. ( النووي)
-فيه استحباب الإحرام عند استواء الراحلة لا قبله ولا بعده. ( النووي)

باب: الاشْتِراكُ فِـي الهَدْيِ


١١٢١. (م) (١٣١٨) عَنْ جابِرٍ ﵁ قالَ: نَحَرنا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عامَ الحُدَيبِيَةِ البَدَنَةَ عَن سَبعَةٍ، والبَقَرَةَ عَن سَبعَةٍ.
وفي رواية: قالَ: اشتَرَكنا مَعَ النبيِّ ﷺ فِي الحَجِّ والعُمرَةِ كُلُّ سَبعَةٍ فِي بَدَنَةٍ، فَقالَ رَجُلٌ لِجابِرٍ: أيُشتَرَكُ فِي البَدَنَةِ ما يُشتَرَكُ فِي الجَزُورِ؟ قالَ: ما هِيَ إلاَّ مِنَ البُدنِ. وحَضَرَ جابِرٌ الحُدَيبِيَةَ قالَ: نَحَرنا يَومَئِذٍ سَبعِينَ بَدَنَةً اشتَرَكنا كُلُّ سَبعَةٍ فِي بَدَنَةٍ.
-في الحديث بيان أن البدنة تجزئ عن سبعة.
-فيه بيان جواز الاشتراك في الهدي.

باب: ما يُصْنَعُ بِالهَدْيِ إذا عَطِبَ


١١٢٢. (م) (١٣٢٦) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ ذُؤَيبًا أبا قَبِيصَةَ حَدَّثَهُ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَبعَثُ مَعَهُ بِالبُدنِ، ثُمَّ يَقُولُ: «إن عَطِبَ مِنها شَيءٌ فَخَشِيتَ عَلَيهِ مَوتًا فانحَرها، ثُمَّ اغمِس نَعلَها فِي دَمِها، ثُمَّ اضرِب بِهِ صَفحَتَها، ولا تَطعَمها أنتَ ولا أحَدٌ مِن أهلِ رُفقَتِكَ».
-فيه أنه إذا عطب الهدي وجب ذبحه وتخليته للمساكين، ويحرم الأكل منها عليه على رفقته الذين معه في الركب، سواء كان الرفيق مخالطا له، أو في جملة الناس من غير مخالطة؛ والسبب في نهيهم قطع الذريعة لئلا يتوصل بعض الناس إلى نحره أو تعييبه قبل أوانه. ( النووي)
-إنما أمره أن يصبغ نعله في دمه ليعلم المار به أنه هدي فيجتنبه إذا لم يكن محتاجًا ولم يكن مضطرًا إلى أكله.
-فيه دلالة على أنه لا يحرم على أحد أن يأكل منه إذا احتاج إليه. (أبو الطيب آبادي)

باب: البَعْثُ بِالهَدْيِ وتَقْلِيدُها وهُوَ حَلالٌ


١١٢٣. (خ م) (١٣٢١) عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أنَّ (ابنَ) زِيادٍ كَتَبَ إلى عائِشَةَ ﵂: أنَّ عَبدَ اللهِ بنَ عَبّاسٍ قالَ: مَن أهدى هَديًا حَرُمَ عَلَيهِ ما يَحرُمُ عَلى الحاجِّ حَتّى يُنحَرَ الهَديُ، (وقَد بَعَثتُ بِهَديِي فاكتُبِي إلَيَّ بِأَمرِكِ). قالَت عَمْرَةُ: قالَت عائِشَةُ: لَيسَ كَما قالَ ابنُ عَبّاسٍ، أنا فَتَلتُ قَلائِدَ هَديِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَها رَسُولُ اللهِ ﷺ بِيَدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِها مَعَ أبِي، فَلَم يَحرُم عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ شَيءٌ أحَلَّهُ اللهُ لَهُ حَتّى نُحِرَ الهَديُ. لَفظُ (خ): أنَّ زِيادَ بنَ أبِي سُفيانَ ...
١١٢٤. (خ م) (١٣٢١) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: أهدى رَسُولُ اللهِ ﷺ مَرَّةً إلى البَيتِ غَنَمًا فَقَلَّدَها.
-قال الزهري رحمه الله أول من كشف العمى عن الناس وبيّن لهم السنة في ذلك عائشة رضي الله عنها، وذكر الحديث، ثم قال: فلما بلغ الناس قول عائشة أخذوا به، وبه قال جمهور العلماء: لا يصير بتقليد الهدي محرمًا ولا يجب عليه شيء مما يجب على المحرم.
- فيه دليل على استحباب الهدي إلى الحرم، وأن من لم يذهب إليه يستحب له بعثه مع غيره، واستحباب تقليده وإشعاره. (النووي)
-تناول الكبير الشيء بنفسه وإن كان له من يكفيه إذا كان مما يهتمّ به ولا سيما ما كان من إقامة الشرائع وأمور الدّيانة. (ابن حجر)
-وفيه تعقّب بعض العلماء على بعض، وردّ الاجتهاد بالنص، وأن الأصل في أفعاله ﷺ التأسي به حتى تثبت الخصوصية. (ابن حجر)
-فيه كمال كرم النبي ﷺ وتعظيمه لشعائر الله.
-جواز استخدام الرجل زوجته بما ترضاه أو تجري به العادة.
-جواز التوكيل على الهدي في رعايته، وذبحه وتقسيمه.
-فيه استحباب مشروعية فتل القلائد.

باب: رُكُوبُ البَدَنَةِ


١١٢٥. (خ م) (١٣٢٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَأى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقالَ: «اركَبها». قالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّها بَدَنَةٌ. فَقالَ: «اركَبها ويلَكَ»، فِي الثّانِيَةِ أو فِي الثّالِثَةِ.
- قوله (ويلك! في الثانية، أو في الثالثة) ويحتمل أن يكون فَهِم عنه أنه يترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها فزجره عن ذلك. ( القرطبي )
- مشروعية ركوب الهدي في الحج.( ابن حجر)
- التحذير من مخالفة النبي ﷺ. (ابن حجر)
- تكرار الفتوى، والندب إلى المبادرة في امتثال الأمر، وزجر من لم يبادر إلى ذلك، وإرشاد الكبير للصغير، وجواز مسايرة الكبير في السفر.
- جواز ركوب الهدي سواء كان واجبًا أم متطوعًا به، لكونه ﷺ لم يستفصل من صاحب الهدي عن ذلك.

١١٢٦. (م) (١٣٢٤) عَنْ أبِي الزُّبَيْرِ قالَ: سَمعتُ جابرَ بنَ عَبْدِ اللهِ سُئلَ عَن رُكُوبِ الهَديِ، فَقالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «اركَبها بِالمَعرُوفِ إذا أُلجِئتَ إلَيها، حَتّى تَجِدَ ظَهرًا».
-هذا دليل على ركوب البدنة المهداة. ( النووي)
-جواز انتفاع الواقف بوقفه، وهو موافق لقول الجمهور في الوقف العام.
-مشروعية الأخذ بالرخصة وترك إجهاد النفس.

باب: نَحْرُ البُدْنِ قِيامًا مُقَيَّدَةً


١١٢٧. (خ م) (١٣٢٠) عَنْ زِيادِ بْنِ جُبَيْرٍ؛ أنَّ ابنَ عُمَرَ ﵄ أتى عَلى رَجُلٍ وهُوَ يَنحَرُ بَدَنَتَهُ بارِكَةً فَقالَ: ابعَثها قِيامًا مُقَيَّدَةً سُنَّةَ نَبِيِّكُم ﷺ.
-قوله: ( ابعثها قياما مقيّدة سنة نبيكم ﷺ ) أي المقيّدة المعقولة، فيستحب نحر الإبل وهي قائمة معقولة اليد اليسرى، صح في سنن أبي داود عن جابر - رضي اللّه عنه - أن النبي ﷺ وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى، قائمة على ما بقي من قوائمها. ( النووي)
-وفيه تعليم الجاهل وعدم السكوت على مخالفة السنة، وإن كان مباحا.(ابن حجر)
-وفيه أن قول الصحابي من السنة كذا مرفوع عند الشيخين، لاحتجاجهما بهذا الحديث في صحيحيهما. (ابن حجر)
-فيه من محاسن هذه الشريعة الرفق بالحيوان ورحمته حتى في حال ذبحه، لأن نحر الإبل قائمة أرفق بها وأسرع في إزهاق روحها.

باب: الـصَّدَقَةُ بِلُحُومِ الهَدْيِ وجِلالِها وجُلُودِها


١١٢٨. (خ م) (١٣١٧) عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قالَ: أمَرَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ أن أقُومَ عَلى بُدنِهِ، وأَن أتَصَدَّقَ بِلَحمِها وجُلُودِها وأَجِلَّتِها، وأَن لا أُعطِيَ الجَزّارَ مِنها، (قالَ: «نَحنُ نُعطِيهِ مِن عِندِنا»).
-قال أهل اللغة: سميت البدنة لعظمها، ويطلق على الذكر والأنثى، ويطلق على الإبل والبقر والغنم، هذا قول أكثر أهل اللغة، ولكن معظم استعمالها في الأحاديث وكتب الفقه، في الإبل خاصة. (النووي)
-استحباب سوق الهدي، وجواز النّيابة في نحره، والقيام عليه وتفرقته، وأنه يتصدق بلحومها وجلودها وجلالها، وأنها تجلل، واستحبوا أن يكون جلا حسنا. (النووي)
- وفيه أن لا يعطى الجزّار منها؛ لأن عطيته عوض عن عمله، فيكون في معنى بيع جزء منها، وذلك لا يجوز. (النووي)
-فيه جواز الاستئجار على النحر ونحوه. (النووي)
-لا يجوز بيع جلد الهدي ولا الأضحية ولا شيء من أجزائهما؛ لأنها لا ينتفع بها في البيت ولا بغيره، سواء كانا تطوّعا أو واجبتين، لكن إن كانا تطوعا فله الانتفاع بالجلد وغيره باللبس وغيره. ( النووي)

باب: نُزُولُ الـمُحَصَّبِ يَوْمَ النَّفْرِ والصَّلاةُ فِيهِ


١١٢٩. (خ م) (١٣١٠) عَنْ نافِعٍ؛ أنَّ ابنَ عُمَرَ ﵄ (كانَ يَرى التَّحصِيبَ سُنَّةً)، وكانَ يُصَلِّي الظُّهرَ يَومَ النَّفرِ بِالحَصبةِ، قالَ نافِعٌ: قَد حَصَّبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ والخُلَفاء بَعدَهُ.
١١٣٠. (خ م) (١٣٠٩) عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قالَ: سَأَلتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ ﵁ قُلتُ: أخبِرنِي عَن شَيءٍ عَقَلتَهُ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ، أينَ صَلّى الظُّهرَ يَومَ التَّروِيَةِ؟ قالَ: بِمِنىً. قُلتُ: فَأَينَ صَلّى العَصرَ يَومَ النَّفرِ؟ قالَ: بِالأبطَحِ، ثُمَّ قالَ: افعَل ما يَفعَلُ أُمَراؤُكَ.
ورَوى (خ) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ صلّى الظُّهرَ والعَصرَ والمَغرِبَ والعِشاءَ، ثُمَّ رَقَدَ رَقْدَةً بِالمُحَصَّب، ثُمَّ رَكِبَ إلى البَيتِ فَطافَ بِهِ.
-( افعل كما يفعل أمراؤك ) أي لا تخالفهم، فإن نزلوا به فانزل به، فإن تركوه فاتركه حذرًا مما يتولد على المخالفة من المفاسد، فيفيد أن تركه لعذر لا بأس به.(الأحوذي)
-طواف الوداع هو آخر ما يفعله الحاج قبل رحيله إلى بلده. (ابن حجر)
-ليس النزول بالمحصب من السنة. (ابن حجر)
-التقيّد بأفعال النبي ﷺ التعبدية والتشريعية. (ابن حجر)
-بيان شدة اهتمام السلف في السؤال عن سنن رسول الله ﷺ حتى يعملوا بها، كما حث الله عز وجل بذلك بقوله {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا} سورة الأحزاب 21

١١٣١. (خ م) (١٣١١) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: نُزُولُ الأبطَحِ لَيسَ بِسُنَّةٍ، إنَّما نَزَلَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ لأنّهُ كانَ أسمَحَ لِخُرُوجِهِ إذا خَرَجَ. زادَ (م) في رِوايةٍ: أنَّها لَم تَكُن تَفعَلُ ذَلكَ.
- (ليكون أسمح لخروجه) أي أسهل حال خروجه المدينة ليستوي في ذلك البطيء والمعتدل، ويكون مبيتهم وقيامهم في السحر ورحيلهم بأجمعهم إلى المدينة.
-وفيه بيان لقول عائشة رضي الله عنها في التحصيب، وهو: أنه منزل اتفاقي لا مقصود منه.

١١٣٢. (خ م) (١٣١٢) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: لَيسَ التَّحصِيبُ بِشَيءٍ، إنَّما هُوَ مَنزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ. ورَوى (م) عَن أبِي رافعٍ قالَ: لَم يَأمُرنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ أن أنزِلَ الأَبطَحَ حِينَ خَرَجَ مِن مِنىً، ولَكِنِّي جِئتُ فَضَرَبتُ فِيهِ قبَّتَهُ فَجاءَ فَنَزَلَ.
-قوله ( بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر) وهو الشعب الذي حصرت قريش فيه بني هاشم وبني عبدالمطلب، وتحالفوا ألا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا لهم رسول الله ﷺ.
-فيه إظهار الشكر لله تعالى في المحل الذي كان معدًا للشر، والشرك والضلال، قال القرطبي: "نزوله ﷺ بخيف بني كنانة إنما كان شكرا لله تعالى على ما أظهره على عدوه المناكد له في ذلك الموضع، وإظهارًا لما صدقه الله من وعده في قوله (لتدخلن المسجد الحرام).
-ينبغي إذا أراد أن يفعل شيئا في المستقبل أن يقول إن شاء الله؛ امتثالا لأمر الله عز وجل نبيه ﷺ بذلك حيث قال (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا – إلا أن يشاء الله) سورة الكهف 23-24. (شرح عليكم بسنتي)

١١٣٣. (خ م) (١٣١٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ لَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ ونَحنُ بِمِنى: «نَحنُ نازِلُونَ غَدًا بِخَيفِ بَنِي كِنانَةَ حَيثُ تَقاسَمُوا عَلى الكُفرِ». وذَلكَ: إنَّ قُرَيشًا وبَنِي كِنانَةَ تَحالَفَت عَلى بَنِي هاشِمٍ وبَنِي المُطَّلِبِ؛ أن لا يُناكِحُوهُم ولا يُبايِعُوهُم حَتّى يُسلِمُوا إلَيهِم رَسُولَ اللهِ ﷺ. يَعنِي بِذَلكَ المُحَصَّبَ. وفي رواية: «مَنزِلُنا إن شاءَ الله إذا فَتَحَ اللهُ الخِيفُ ...». زادَ (خ) فِي رِوايةٍ: يَومُ النَّحرِ وهُو بِمِنًى ... وفي رواية (خ): قالَ رَسُولُ الله ﷺ حِينَ أرادَ حُنَينًا ...

باب: الإذْنُ فِـي البَيْتُوتَةِ لَيالِيَ مِنًى بِمَكَّةَ لِأَهْلِ السِّقايَةِ


١١٣٤. (خ م) (١٣١٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ العَبّاسَ بنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ استَأذَنَ رَسُولَ اللهِ ﷺ أن يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيالِي مِنىً، مِن أجلِ سِقايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ. وفي رواية (خ): رَخَّصَ النَّبِيُّ ﷺ.
-في الحديث الرخصة في ترك البيتوتة بمنى لأهل السقاية، ويُلحق بهم غيرهم من أهل الأعذار.
-فيه بيان أن المبيت بمنى ليالي التشريق مأمور به.
-فيه استئذان الأمراء والكبراء فيما يطرأ من المصالح والأحكام، وأنه ينبغي لمن استؤمر أن يبادر إلى الإذن عند ظهور المصلحة.
-أن مشروعية هذه السقاية من باب إكرام الضيف، واصطناع المعروف.

١ (ما من يوم أكثر من أن يعتق فيه عبدا من النار أكثر من يوم …)

٥/٠