كِتابُ الـنِّـكَـاحِ


باب: الـتَّرْغِيبُ فِـي النِّكاحِ والنَّهْيُ عَنِ التَّبَتُّلِ


١١٧٩. (خ م) (١٤٠٠) عَنْ عَلْقَمَةَ قالَ: كُنتُ أمشِي مَعَ عَبْدِ اللهِ بِمِنىً، فَلَقِيَهُ عُثْمانُ، فَقامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ، فَقالَ لَهُ عُثْمانُ: يا أبا عَبدِ الرَّحْمَنِ؛ ألا نُزَوِّجُكَ جارِيَةً شابَّةً لَعَلَّها تُذَكِّرُكَ بَعضَ ما مَضى مِن زَمانِكَ؟ قالَ: فَقالَ عَبدُ اللهِ: لَئِن قُلتَ ذاكَ لَقَد قالَ لَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يا مَعشَرَ الشَّبابِ؛ مَن استَطاعَ مِنكُم الباءَةَ فَليَتَزَوَّج، فَإنَّهُ أغَضُّ لِلبَصَرِ وأَحصَنُ لِلفَرجِ، ومَن لَم يَستَطِع فَعَلَيهِ بِالصَّومِ، فَإنَّهُ لَهُ وِجاءٌ».
ورَوى (م) عَن عَبْدِ الرَّحمنِ بْنِ يَزِيدَ قالَ: دَخَلتُ أنا وعَمِّي عَلقَمَةُ والأَسوَدُ عَلى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قالَ: وأَنا شابٌّ يَومَئِذٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا رُئيْتُ أنَّه حَدَّثَ بِهِ مِن أجلِي ... فَذَكَرَهُ، قالَ: فَلَم ألبَث حَتّى تَزَوَّجتُ.
-قوله (إن عثمان بن عفان قال لعبد الله بن مسعود ألا نزوجك جارية شابة لعلها تذكرك بعض ما مضى من زمانك) فيه استحباب عرض الصاحب هذا على صاحبه الذي ليست له زوجة بهذه الصفة وهو صالح لزواجها. (النووي)
قوله (أن عثمان دعا ابن مسعود واستخلاه فقال له) هذا الكلام دليل على استحباب الإسرار بمثل هذا فإنه مما يستحى من ذكره بين الناس.

١١٨٠. (خ م) (١٤٠١) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ نَفَرًا مِن أصحابِ النَّبِيِّ ﷺ سَأَلُوا أزواجَ النَّبِيِّ ﷺ عَن عَمَلِهِ (فِي السِّرِّ)، فَقالَ بَعضُهُم: لا أتَزَوَّجُ النِّساءَ. وقالَ بَعضُهُم: (لا آكُلُ اللَّحمَ). وقالَ بَعضُهُم: لا أنامُ عَلى فِراشٍ. فَحَمِدَ اللهَ وأَثنى عَلَيهِ، فَقالَ: «ما بالُ أقوامٍ قالُوا كَذا وكَذا، لَكِنِّي أُصَلِّي وأَنامُ، وأَصُومُ وأُفطِرُ، وأَتَزَوَّجُ النِّساءَ، فَمَن رَغِبَ عَن سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّي». لَفظُ (خ): جاءَ ثَلاثةُ رَهطٍ إلى بُيُوتِ أزواجِ النَّبِيِّ ﷺ يَسأَلُونَ عَن عِبادَةِ النَّبِيِّ ﷺ، فَلَمّا أُخبِرُوا كَأَنَّهُم تَقالُّوها، فَقالُوا: وأَينَ نَحنُ مِن النَّبِيِّ ﷺ؟ قَد غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ أحَدُهُم: أمّا أنا فَإنِّي أُصَلِّي اللَّيلَ أبَدًا، وقالَ آخَرُ: أنا أصُومُ الدَّهرَ ولا أُفطِرُ، وقالَ آخَرُ: أنا أعتَزِلُ النِّساءَ، فَلا أتَزَوَّجُ أبَدًا. فَجاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقالَ: «أنتُم الَّذِينَ قُلتُم كَذا وكَذا، أما واللهِ إنِّي لَأخشاكُم للهِ، وأَتقاكُم لَه، لِكِنِّي أصُومُ وأفطِرُ ..»، نَحوَهُ.
-في الحديث دليل على أن من ترك النكاح رغبة عنه لا لعدم الشهوة، ولكن تعبداً ورهبانية فإن ليس من النبي ﷺ في شيء، وهذا يدل دلالة واضحة على تحريم ترك النكاح تعبداً ورهبانية؛ لأن أقل ما في هذا التبرؤ منه، وعليه فيكون من كبائر الذنوب، وهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم كانوا مجتهدين... اجتهدوا فأخطأوا. (ابن عثيمين)
-قوله: ( إن النبي ﷺ حمد الله تعالى وأثنى عليه فقال: ما بال أقوام قالوا كذا وكذا ): هو موافق للمعروف من خطبه ﷺ في مثل هذا أنه إذا كره شيئا فخطب له ذكر كراهيته، ولا يعين فاعله، وهذا من عظم خلقه ﷺ، فإن المقصود من ذلك الشخص وجميع الحاضرين وغيرهم ممن يبلغه ذلك، ولا يحصل توبيخ صاحبه في الملأ.(النووي)

١١٨١. (خ م) (١٤٠٢) عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ ﵁ قالَ: رَدَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلى عُثْمانَ بْنِ مَظعُونٍ التَّبَتُّلَ، ولَو أذِنَ لَهُ لاختَصَينا.
-" التبتل " المردود: ما انضم إليه مع ذلك - من الغلو في الدين، وتجنب النكاح وغيره، مما يدخل في باب التشديد على النفس بالإجحاف بها ويؤخذ من هذا: منع ما هو داخل في هذا الباب وشبهه، مما قد يفعله جماعة من المتزهدين. (ابن دقيق)
-وأما الاختصاء فلا يحل أصلا. (عياض)
-مقتضى القواعد الشرعية أنه لا يجوز -أي الاختصاء- لأن قطع أي عضو من أعضائك أو جلد من جلدك لم يؤذن لك فيه فإنه حرام؛ إذ بدن الإنسان أمانة عنده. (ابن عثيمين)

١١٨٢. (خ) (٥٠٦٩) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: قالَ لِي ابنُ عَبّاسٍ ﵄: هَل تَزَوَّجتَ؟ قلت: لا، قالَ: فَتَزَوَّج، فَإنَّ خَيرَ هَذِهِ الأمَّةِ أكثَرُها نِساءً.
- قال المهلب: لم يرد ابن عباس أنه من كثر نساؤه من المسلمين أنه خيرهم، وإنما قاله على معنى الحض والندب إلى النكاح، وترك الرهبانية في الإسلام، وأن النبي عليه السلام، الذى يجب علينا الاقتداء به واتباع سنته كان أكثر أمته نساء؛ لأن الله تعالى أحل له منهن تسعًا بالنكاح، ولم يحل لأحد من أمته غير أربع. (ابن بطال)

١١٨٣. (خ) (٥٠٧٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قلت: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنِّي رَجُلٌ شابٌّ، وأَنا أخافُ عَلى نَفسِي العَنَتَ، ولا أجِدُ ما أتَزَوَّجُ بِهِ النِّساءَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قلت مِثلَ ذَلكَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قلت مِثلَ ذَلكَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قلت مِثلَ ذَلكَ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يا أبا هُرَيْرَةَ؛ جَفَّ القَلَمُ بِما أنتَ لاقٍ، فاختَصِ عَلى ذَلكَ أو ذَر».
-ينبغي أن يعلم أن الله تعالى وضع هذا الأمر لحكمة هي إيجاد النسل، فمن تسبب في قطع النسل فقد ضاد الحكمة، فإن قطع الآلة لا تزيل ما في القلب من الشهوة، فالشهوة في القلب على حالها والفكر في ذلك لا ينقطع، والعجب من ذلك المتزهد الأحمق الذي استحيا من الله عز وجل مما وضعه الله تعالى، فلو شاء الله تعالى لم يضع هذا في النفس، فنعوذ بالله من الجهل، فإنه ظلمات بعضها فوق بعض. (ابن الجوزي)
-وأن القدر إذا نفذ لا تنفع الحيل. (ابن حجر)
-وفيه مشروعية شكوى الشخص ما يقع له للكبير؛ ولو كان مما يستهجن ويستقبح. (ابن حجر)
-وفيه إشارة إلى أن من لم يجد الصداق لا يتعرض للتزويج. (ابن حجر)
-وفيه جواز تكرار الشكوى إلى ثلاث، والجواب لمن لا يقنع بالسكوت، وجواز السكوت عن الجواب لمن يظن به أنه يفهم المراد من مجرد السكوت. (ابن حجر)
-وفيه استحباب أن يقدم طالب الحاجة بين يدي حاجته عذره في السؤال. (ابن حجر)
-قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة -نفع الله به- ويؤخذ منه: أن مهما أمكن المكلف فعل شيء من الأسباب المشروعة لا يتوكل إلا بعد عملها؛ لئلا يخالف الحكمة، فإذا لم يقدر عليه وطّن نفسه على الرضا بما قدره عليه مولاه، ولا يتكلف من الأسباب ما لا طاقة به له. (ابن حجر)
-فإن قيل: لم لم يؤمر أبو هريرة بالصيام لكسر شهوته كما أمر غيره؟ فالجواب: أن أبا هريرة كان الغالب من حاله ملازمة الصيام، لأنه كان من أهل الصفة، قلت: ويحتمل أن يكون أبو هريرة سمع يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج الحديث، لكنه إنما سأل عن ذلك في حال الغزو، كما وقع لابن مسعود، وكانوا في حال الغزو يؤثرون الفطر على الصيام للتقوي على القتال، فأداه اجتهاده إلى حسم مادة الشهوة بالاختصاء، فمنعه ﷺ من ذلك. (ابن حجر)

باب: فِـي نِكاحِ ذاتِ الدِّينِ


١١٨٤. (خ م) (١٤٦٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «تُنكَحُ المَرأَةُ لأربَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، ولِجَمالِها، ولِدِينِها، فاظفَر بِذاتِ الدِّينِ تَرِبَت يَداكَ».
-ظاهر كلامه إباحة النبي ﷺ النكاح للمال والحسب وبقية الأوصاف، وهو كما قال، لكنه آثر - عليه السلام - مقصد الدين، وحض عليه وأغرى به، وقيل: إنما أخبر - عليه السلام - بما يفعله الناس، ليس أنه أمر بذلك. (عياض)
-فيه من الفقه مراعاة الكفاءة في المناكح، وأن الدين أولى ما اعتبر فيها. (الخطابي)
-وفي هذا الحديث الحث على مصاحبة أهل الدين في كل شيء؛ لأن صاحبهم يستفيد من أخلاقهم وبركتهم وحسن طرائقهم ويأمن المفسدة من جهتهم. (النووي)
-الحث على تنشئة البنات على الدين والفضيلة. (موسى لاشين)
-الحث على حسن اختيار الزوجة، وأن يهتم بالصلاح أولا. (موسى لاشين)

باب: فِـي نِكاحِ البِكْرِ


١١٨٥. (خ م) (٧١٥) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄؛ أنَّ عَبدَ اللهِ هَلَكَ وتَرَكَ تِسعَ بَناتٍ أو قالَ: سَبعَ فَتَزَوَّجتُ امرَأَةً ثَيِّبًا، فَقالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يا جابِرُ؛ تَزَوَّجتَ؟» قالَ: قُلتُ: نَعَم. قالَ: «فَبِكرٌ أم ثَيِّبٌ؟» قالَ: قُلتُ: بَل ثَيِّبٌ يا رَسُولَ اللهِ. قالَ: «فَهَلاَّ جارِيَةً تُلاعِبُها وتُلاعِبُكَ، أو قالَ: تُضاحِكُها وتُضاحِكُكَ». قالَ: قُلتُ لَهُ: إنَّ عَبدَ اللهِ هَلَكَ وتَرَكَ تِسعَ بَناتٍ أو سَبعَ، وإنِّي كَرِهتُ أن آتِيَهُنَّ أو أجِيئَهُنَّ بِمِثلِهِنَّ، فَأَحبَبتُ أن أجِيءَ بِامرَأَةٍ تَقُومُ عَلَيهِنَّ وتُصلِحُهُنَّ. قالَ: «فَبارَكَ اللهُ لَكَ»، أو قالَ لِي خَيرًا. وفي رواية (خ): «فَبارَكَ اللهُ عَلَيْكَ».
وفي رواية: «فَأَينَ أنتَ مِن العَذارى ولِعابِها؟!» وفي رواية: ولِي أخَواتٌ صِغارٌ ... وفي رواية: تَجمَعُهُنَّ وتَمشُطُهُنَّ. زادَ (خ): تُعَلِّمهنَّ .. وفي رواية: قالَ: «أصَبْتَ». وفي رواية (خ): فَكَرِهتُ أن أجْمَعَ لَهُنَّ جارِيَةً خَرْقاءَ مثلَهُنَّ ...
-فيه ملاعبة الرجل امرأته وملاطفته لها ومضاحكتها وحسن العشرة. (النووي)
- وفيه سؤال الإمام والكبير أصحابه عن أمورهم وتفقد أحوالهم وإرشادهم إلى مصالحهم وتنبيههم على وجه المصلحة فيها. (النووي)
- قوله (فأحببت أن أجيء بامرأة تقوم عليهن وتصلحهن قال فبارك الله لك أو قال لي خيرا) فيه فضيلة لجابر وإيثاره مصلحة أخوانه على حظ نفسه. (النووي)
- وفيه الدعاء لمن فعل خيرا وطاعة سواء تعلقت بالداعي أم لا. (النووي)

١١٨٦. (خ م) (٧١٥) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: كُنّا مَعَ رَسُول اللهِ ﷺ فِي غَزاةٍ، فَلَمّا أقبَلنا تَعَجَّلتُ عَلى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي راكِبٌ خَلفِي فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنَزَةٍ كانَت مَعَهُ، فانطَلَقَ بَعِيرِي كَأَجوَدِ ما أنتَ راءٍ مِن الإبِلِ، فالتَفَتُّ فَإذا أنا بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ: «ما يُعجِلُكَ يا جابِرُ؟» قُلتُ: يا رَسُولَ الله؛ إنِّي حَدِيثُ عَهدٍ بِعُرسٍ، فَقالَ: «أبِكرًا تَزَوَّجتَها أم ثَيِّبًا؟» قالَ: قُلتُ: بَل ثَيِّبًا، قالَ: «هَلّا جارِيَةً تُلاعِبُها وتُلاعبُكَ؟» قالَ فَلَمّا قَدِمنا المَدِينَةَ ذَهَبنا لِنَدخُلَ فَقالَ: «أمهِلُوا حَتّى نَدخُلَ لَيلًا أي عِشاءً، كَي تَمتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وتَستَحِدَّ المُغِيبَةُ»، قالَ: وقالَ: «إذا قَدِمتَ فالكَيسَ الكَيسَ». زادَ (خ) فِي رِوايَةٍ: يَعنِي الوَلَدَ.
-قوله (فانطلق بعيري كأجود ما أنت راء من الإبل) هذا فيه معجزة ظاهرة لرسول الله ﷺ وأثر بركته (النووي)
-وفي هذا الحديث استعمال مكارم الأخلاق، والشفقة على المسلمين، والاحتراز من تتبع العورات واجتلاب ما يقتضي دوام الصحبة، وليس في هذا الحديث معارضة للأحاديث الصحيحة في النهي عن الطروق ليلا؛ لأن ذلك فيمن جاء بغتة، وأما هنا فقد تقدم خبر مجيئهم وعلم الناس وصولهم وأنهم سيدخلون عشاء فتستعد لذلك المغيبة والشعثة وتصلح حالها وتتأهب للقاء زوجها. (النووي)

١١٨٧. (خ) (٥٠٨١) عَنْ عُرْوَةَ؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَطَبَ عائِشَةَ إلى أبِي بَكرٍ ﵁، فَقالَ لَهُ أبُو بَكرٍ: إنَّما أنا أخُوكَ. فَقالَ: «أنتَ أخِي فِي دِينِ اللهِ وكِتابِهِ، وهِيَ لِي حَلالٌ».
-أن الأخوة المانعة من الزواج أخوة النسب والرضاع لا أخوة الدين، وقوله ﷺ في الجواب "أنت أخي في دين الله وكتابه" إشارة إلى قوله تعالى {إنما المؤمنون إخوة} (ابن حجر)
-لا يجوز للأزواج البناء بالزوجات إلا إذا صلحن للوطء واحتملن الرجال، وأحوالهن تختلف في ذلك على قدر خلقهن وطاقتهن. (ابن بطال)
هذا لا يؤخذ على العموم، لاسيما في وقتنا الحاضر، وعلى هذا فنقول: لا يجوز أن يزوّج الإنسان ابنته الصغيرة مطلقا؛ لأن الصغيرة ليس لها إذن ولا تدري شيئا، وعلى هذا لا يزوجها إلا بعد رشدها وإذنها وموافقتها، هذا ما تقتضيه الأدلة الشرعية، ولاسيما في وقتنا الحاضر وفقدان الأمانة واتباع الهوى. (ابن عثيمين)

١١٨٨. (خ) (٥٠٧٧) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: قلت: يا رَسُولَ اللهِ؛ أرَأَيتَ لَو نَزَلتَ وادِيًا وفِيهِ شَجَرَةٌ قَد أُكِلَ مِنها، ووَجَدتَ شَجَرًا لَم يُؤكَل مِنها، فِي أيِّها كُنتَ تُرتِعُ بَعِيرَكَ؟ قالَ: «فِي التي لَم يُرتَع مِنها». تَعنِي: أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَم يَتَزَوَّج بِكرًا غَيرَها.
-في هذا الحديث مشروعية ضرب المثل وتشبيه شيء موصوف بصفة بمثله مسلوب الصفة (ابن حجر)
-وفيه بلاغة عائشة وحسن تأتيها في الأمور(ابن حجر)

باب: لا يَخْطُبُ عَلى خِطْبَةِ أخِيهِ


١١٨٩. (خ م) (١٤١٢) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لا يَبِــع الرَّجُلُ عَلى بَيعِ أخِيهِ، ولا يَخطُب عَلى خِطبَةِ أخِيهِ إلا أن يَأذَنَ لَهُ». لَفظُ (خ): حَتّى يَترُكَ الخاطِبُ قَبلَهُ، أو يَأذَنَ لَهُ الخاطِبُ.
-قوله: ((لا يبع الرجل على بيع أخيه)) هذا النهي يتعلق بالحالة التي يعلم فيها سكون البائع إلى المشتري، وذلك يكون قبيل التواجب، فأما في حالة السوم قبل ظهور موجب الرضا فجائز. (ابن الجوزي)
-( على خطبة أخيه) والمعنى فيه عند أهل العلم بالحديث أن الخاطب إذا ركن إليه، وقرب أمره، ومالت النفوس بعضها إلى بعض في ذلك وذكر الصداق ونحو ذلك لم يجز لأحد حينئذ الخطبة على رجل قد تناهت حاله وبلغت ما وصفنا. (ابن عبدالبر)
-هذه الأحاديث ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه وأجمعوا على تحريمها إذا كان قد صرح للخاطب بالإجابة ولم يأذن ولم يترك. (النووي)
-أن فيه فضيلة الإسلام، وأنه تشريع ربانيّ جاء لإصلاح الفرد والمجتمع، فهو دائمًا يحثّ على الأُلفة والمودّة، ويُبعد كل ما من شأنه إحداث التباغض، والتعادي بين المسلمين، فلذلك نهى عن خِطبة المسلم على خطبة أخيه؛ لئلا يحصل بينهما شقاق، وتنافر، فواجب المسلم نحو أخيه التودّد إليه بكلّ ما يستطيع، والقيام بنصرته، قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. (الثجاج)

١١٩٠. (خ م) (١٤٠٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لا يَخطُبُ الرَّجُلُ عَلى خِطبَةِ أخِيهِ، ولا يَسُومُ عَلى سَومِ أخِيهِ، ولا تُنكَحُ المَرأَةُ عَلى عَمَّتِها، ولا عَلى خالَتِها، ولا تَسأَلُ المَرأَةُ طَلاقَ أُختِها لِتَكتَفِئَ صَحفَتَها، ولتَنكِح فَإنَّما لَها ما كَتَبَ اللهُ لَها». لَفظُ (خ): «فَإنَّ لَها ما قُدِّرَ لها».
وفي رواية (م): «فإنَّ اللهَ رازِقُها». وفي رواية (خ): «لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَها».
ورَوى (خ) عَنهُ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ ... وفِيهِ: وأَن تَشتَرِطَ المَرأَةُ طَلاقَ أُختِها.
-بيان تحريم خطبة الرجل على خطبة أخيه.
-بيان تحريم سوم الرجل على سوم أخيه، ويشمل البيع والشراء.
-منع الجمع بين من ذكرناه -المرأة وعمتها وخالتها-؛ لما يُفضِي إليه الجمع من قطع الأرحام القريبة؛ بما يقع بين الضرائر من الشَّنَآن والشرور بسبب الغيرة. (القرطبي)
-بيان تحريم سؤال المرأة طلاق الأخرى حتى يتزوجها، أو تنفرد به دون الأخرى.
-معنى هذا الحديث نهي المرأة الأجنبية أن تسأل الزوج طلاق زوجته وأن ينكحها ويصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ونحوها ما كان للمطلقة. (النووي)
-لو اشترطت الزوجة الثانية على زوجها أن يُطلّق زوجته الأولى فهذا الشرط لا يقبل ولا يوفى به لهذا الحديث، فهذا الشرط محرم؛ لأنه عدوان على الغير فيكون باطلاً ولا يجب الوفاء به، بل لا يجب الالتزام به أصلاً لأنه شرط فاسد. (ابن عثيمين)
-وفي هذا الحديث بيان عناية الشريعة بحقوق الإنسان، وحمايتها حماية ظاهرة، وأن الإسلام أوفى ما يكون بحقوق الإنسان، وأنه إذا حصل ظلم من أحد من المسلمين؛ فلا يجوز أبدا أن ينسب هذا إلى الإسلام، لأن الإسلام دين كامل من جميع الوجوه، وإذا أخطأ أحد من أهل الإسلام فالخطأ عليه. (ابن عثيمين)

باب: الـنَّظَرُ إلى الـمَخْطُوبَةِ


١١٩١. (م) (١٤٢٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَ: إنِّي تَزَوَّجتُ امرَأَةً مِنَ الأَنصارِ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «هَل نَظَرتَ إلَيها؟ فَإنَّ فِي عُيُونِ الأَنصارِ شَيئًا». قالَ: قَد نَظَرتُ إلَيها. قالَ: «عَلى كَم تَزَوَّجتَها؟» قالَ: عَلى أربَعِ أواقٍ. فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «عَلى أربَعِ أواقٍ؟ كَأَنَّما تَنحِتُونَ الفِضَّةَ مِن عُرضِ هَذا الجَبَلِ، ما عِندَنا ما نُعطِيكَ، ولَكِن عَسى أن نَبعَثَكَ فِي بَعثٍ تُصِيبُ مِنهُ». قالَ: فَبَعَثَ بَعثًا إلى بَنِي عَبسٍ، بَعَثَ ذَلكَ الرَّجُلَ فِيهِم. وفي رواية: قالَ: «فاذهَب فانظُر إلَيها، فَإنَّ فِي أعيُنِ الأَنصارِ شَيئًا».
-وقوله: " فإن في أعين الأنصار شيئا ": وقوله على الجملة دون تعيين ليس بغيبة، فهو للنصيحة والتعريف خارج عن باب الغيبة، وأدخل في باب ما أمر به المسلمون من النصيحة لهم. (القاضي عياض)
-وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها. (النووي)
-قوله: ( كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل ) ومعنى هذا الكلام كراهة إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج. (النووي)

باب: اسْتِئْمارُ الأَيِّمِ والبِكْرِ فِـي النِّكاحِ


١١٩٢. (خ م) (١٤١٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا تُنكَحُ الأَيِّمُ حَتّى تُستَأمَرَ، ولا تُنكَحُ البِكرُ حَتّى تُستَأذَنَ». قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ وكَيفَ إذنُها؟ قالَ: «أن تَسكُتَ».
ورَوى (م) عَن ابْنِ عَبّاسٍ؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «الأَيِّمُ أحَقُّ بِنَفسِها مِن ولِيِّها، والبِكر تُستَأَذنُ فِي نَفسِها، وإذنُها صُماتُها».
-دل هذا الحديث على أن البكر التي أمر باستئذانها البالغ، إذ لا معنى لاستئذان من لا إذن لها، ومن سكوتها وسخطها سواء. (ابن بطال)
-ظاهر الحديث " لا تنكح الأيم " أنه يشمل الأب وغير الأب، وأنه لا يجوز للأب أن يزوج ابنته البكر إلا بعد إذنها فإن رفضت حَرُم عليه أن يزوجها.(ابن عثيمين)
-هذا الحديث حجة للجمهور في اشتراط الوليِّ؛ بدليل صحة ما وقعت فيه المفاضلة. وبيان ذلك: أنَّ (أَفعَلَ مِن كذا) لا بدَّ فيها من اشتراك في شيء مما وقع فيه التفاضل؛ فإنك إذا قلت: فلان أعلم من فلان. اقتضى ذلك اشتراكهما في أصل العلم، وانفرد أحدهما بمزية فيه؛ وكذلك قوله: (أحق) لا بدَّ فيه أنّ يشاركها الوليُّ في حَقِّيَّةٍ ما، فإذًا: له مدخل. ثم وجدنا في الشريعة مواضع كثيرة تدلّ على أن ذلك المدخل هو شرط في صحة النكاح. (القرطبي)

١١٩٣. (خ م) (١٤٢٠) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ (عَن الجارِيَةِ يُنكِحُها أهلُها؛ أتُستَأمَرُ أم لا؟) فَقالَ لَها رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَم، تُستَأمَرُ». فَقالَت عائِشَةُ: فَقُلتُ لَهُ: فَإنَّها تَستَحيِي، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَذَلكَ إذنُها إذا هِيَ سَكَتَت». لَفظُ (خ): قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ يُستَأمرُ النِّساءُ فِي أبضاعِهِنَّ؟ وفي رواية (م): ورُبَّما قالَ: «وصَمتُها إقرارُها».
-هذه الأحاديث كما سبق تدل على أنه لا يجوز أن تزوج المرأة إلا بإذنها صغيرة كانت أم كبيرة بكرا أو ثيبا، لكن تختلف البكر عن الثيب بأن الثيب لابد أن تنطق فتقول نعم أرضى بهذا الزوج، وأما البكر فيكفي سكوتها. (ابن عثيمين)
-فإن قيل: ما الفرق بين الاستئمار والاستئذان؟ فقد فرق الخطابي فقال: الاستئمار: طلب الأمر من قبلها، وأمرها لا يكون إلا بنطق. فأما الاستئذان فهو طلب الإذن، وإذنها قد يعلم بسكوتها؛ لأنها إذا سكتت استدل به على رضاها. (ابن الجوزي)

١١٩٤. (خ) (٥١٣٨) عَنْ خَنْساءَ بِنْتِ خِذامٍ الأَنْصارِيَّةِ؛ أنَّ أباها زَوَّجَها وهِيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَت ذَلكَ، فَأَتَت النَّبِيَّ ﷺ فَرَدَّ نِكاحَها. ورَوى عَنِ القاسِمِ؛ أنَّ امرَأَةً مِن ولَدِ جَعفَرٍ تَخَوَّفَت أن يُزَوِّجَها ولِيُّها وهِيَ كارِهَةٌ، فَأَرسَلَت إلى شَيخَينِ مِن الأَنصارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ومُجَمِّعٍ ابنَي جارِيَةَ، قالا: فَلا تَخشَينَ، فَإنَّ خَنساءَ بِنتَ خِذامٍ أنكَحَها أبُوها وهِيَ كارِهَةٌ، فَرَدَّ النَّبِيُّ ﷺ ذَلِكَ.
-اتفق أئمة الفتوى بالأمصار على أن الأب إذا زوج ابنته الثيب بغير رضاها أنه لا يجوز ويرد، واحتجوا بهذا الحديث. (ابن بطال)

باب: عَرْضُ الإنْسانِ ابْنَتَهُ أوْ أُخْتَهُ عَلى أهْلِ الخَيْرِ لِيَتَزَوَّجَها


١١٩٥. (خ) (٥١٢٢) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ حِينَ تَأَيَّمَت حَفصَةُ بِنتُ عُمَرَ مِن خُنَيسِ بْنِ حُذافَة السَّهمِيِّ وكانَ مِن أصحابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَتُوُفّيَ بِالمَدِينَةِ، فَقالَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ: أتَيتُ عُثْمانَ بنَ عَفّانَ فَعَرَضتُ عَلَيهِ حَفصَةَ، فَقالَ: سَأَنظُرُ فِي أمرِي. فَلَبِثتُ لَيالِيَ، ثُمَّ لَقِيَنِي فَقالَ: قَد بَدا لِي أن لا أتَزَوَّجَ يَومِي هَذا. قالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ، فَقلت: إن شِئتَ زَوَّجتُكَ حَفصَةَ بِنتَ عُمَرَ، فَصَمَتَ أبُو بَكرٍ فَلَم يَرجِع إلَيَّ شَيئًا، وكُنتُ أوجَدَ عَلَيهِ مِنِّي عَلى عُثْمانَ، فَلَبِثتُ لَيالِيَ، ثُمَّ خَطَبَها رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَأَنكَحتُها إيّاهُ، فَلَقِيَنِي أبُو بَكرٍ فَقالَ: لَعَلَّكَ وجَدتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضتَ عَلَيَّ حَفصَةَ فَلَم أرجِع إلَيكَ شَيئًا. قالَ عُمَرُ: قلت: نَعَم. قالَ أبُو بَكرٍ: فَإنَّهُ لَم يَمنَعنِي أن أرجِعَ إلَيكَ فِيما عَرَضتَ عَلَيَّ إلاَّ أنِّي كُنتُ عَلِمتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَد ذَكَرَها، فَلَم أكُن لأُفشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ ﷺ، ولَو تَرَكَها رَسُولُ اللهِ ﷺ قَبِلتُها، وفي رواية: وكانَ مِن أصْحابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا.
-وفى حديث عمر من الفقه الرخصة في أن يعرض الرجل ابنته على الرجل الصالح رغبة فيه، ولا نقيصة عليه في ذلك. (ابن بطال)
-وفيه: أن من عرض عليه ما فيه الرغبة فله النظر والاختيار، وعليه أن يخبر بعد ذلك بما عنده؛ لئلا يمنعها من غيره؛ لقول عثمان بعد ليال: "قد بدا لي ألا أتزوج يومي هذا". (ابن بطال)
-وفيه: الرخصة أن يجد الرجل على صديقه في الشيء يسأله، فلا يجيبه إليه ولا يعتذر بما يعذره به؛ لأن النفوس جبلت على ذلك، لاسيما إذا عرض عليه ما فيه مصلحة ظاهرة له. (ابن بطال)
- وقوله" وكان وجدي على أبى بكر أشد من وجدى على عثمان" لمعنيين: أحدهما: أن أبا بكر لم يرد عليه الجواب. والثاني: أن أبا بكر أخص بعمر منه بعثمان؛ لأن النبي ﷺ آخى بين أبى بكر وعمر، فكانت موجدته عليه أكثر؛ لثقته به وإخلاصه له. (ابن بطال)
-وفيه: كتمان السر، فإن أظهره الله أو أظهره صاحبه جاز للذي أسر إليه إظهاره، ألا ترى أن النبي، عليه السلام، لما أظهر تزويجها أعلم أبو بكر عمر بما كان أسر إليه منه. (ابن بطال)
- وفي قول أبى بكر لعمر بعد تزويج رسول الله ﷺ بها "لعلك وجدت علي" دليل على أن الرجل إذا أتى إلى أخيه ما لا يصلح أن يؤتى إليه من سوء المعاشرة أن يعتذر ويعترف، وأن الرجل إذا وجب عليه الاعتذار من شيء وطمع بشيء تقوى به حجته أن يؤخر ذلك حتى يظفر ببغيته ليكون أبرأ له عند من يعتذر إليه. (ابن بطال)
-وفى قول عمر لأبى بكر " نعم ": دليل على أن على الإنسان أن يخبر بالحق عن نفسه وإن كان عليه فيه شيء. (ابن بطال)
- قال المهلب: والمعنى الذى أسر أبو بكر، عن عمر، ما أخبره به النبي عليه السلام، هو أنه خشى أبو بكر أن يذكر ذلك لعمر، ثم يبدو للنبي الإعراض عن نكاحها فيقع في قلب عمر للنبي ﷺ مثل ما وقع في قلبه لأبى بكر. (ابن بطال)
- وفى قول أبى بكر لعمر: "كنت علمت أن النبي عليه السلام ذكرها"، فيه دليل أنه جائز للرجل أن يذكر لأصحابه ولمن يثق برأيه أنه يخطب امرأة قبل أن يظهر خطبتها. (ابن بطال)
-وفيه: الرخصة في تزويج من عرض النبي عليه السلام، فيها بخطبة أو أراد أن يتزوجها، ألا ترى قول أبى بكر: لو تركها تزوجتها. (ابن بطال)
-وفيه: أن الأب تخطب إليه بنته الثيب كما تخطب إليه البكر، ولا تخطب إلى نفسها، وأنه يزوجها. (ابن بطال)
-وفيه: فساد قول من قال: أن للمرأة البالغة المالكة أمرها تزويج نفسها وعقد النكاح عليها دون وليها، وإبطال قول من قال: للبالغ الثيب إنكاح من أحبت دون وليها. (ابن بطال)

باب: تَزْوِيجُ الصَّغِيرَةِ


١١٩٦. (خ م) (١٤٢٢) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ لِسِتِّ سِنِينَ، وبَنى بِي وأَنا بِنتُ تِسعِ سِنِينَ، قالَت: فَقَدِمنا المَدِينَةَ، فَوُعِكتُ (شَهرًا)، فَوَفى شَعرِي جُمَيمَةً، فَأَتَتنِي أُمُّ رُومانَ وأَنا عَلى أُرجُوحَةٍ ومَعِي صَواحِبِي، فَصَرَخَت بِي، فَأَتَيتُها وما أدرِي ما تُرِيدُ بِي، فَأَخَذَت بِيَدِي فَأَوقَفَتنِي عَلى البابِ، فَقُلتُ: هَه هَه حَتّى ذَهَبَ نَفَسِي، فَأَدخَلَتنِي بَيتًا، فَإذا نِسوَةٌ مِن الأنصارِ، فَقُلنَ: عَلى الخَيرِ والبَرَكَةِ، وعَلى خَيرِ طائِرٍ. فَأَسلَمَتنِي إلَيهِنَّ، فَغَسَلنَ رَأسِي، وأَصلَحنَنِي، فَلَم يَرُعَني إلا ورسُولُ الله ﷺ ضُحىً، فَأَسلَمنَنِي إلَيهِ. وفِي رِوايَةِ (خ): فَقَدِمنا المَدِينَةَ، فَنَزَلنا فِي بَنِي الحارِثِ بْنِ خَزرَجٍ ... وفِيها: فَوُعِكت فَتَمَرَّقَ شَعرِي ... وفِيها: حَتّى سَكَنَ بَعضُ نَفَسِي، ثُمَّ أخَذَتْ شَيئًا مِن ماءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وجهِي ورَأسِي ... ورَوى (خ) عَن هِشامٍ؛ عَن أبِيهِ عُروَةَ قالَ: تُوفِّيت خَدِيجَةُ قَبلَ مَخرَجِ النَّبِيِّ ﷺ إلى المَدِينَةِ بِثَلاثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَينِ أو قَرِيبًا مِن ذَلكَ ونَكَحَ عائشَةَ ... قالَ هِشامٌ: وأُنبِئتُ أنَّها كانَت عِندَهُ تِسعَ سِنِينَ.
ورَوى (م)عَنها؛ وفِيهِ: وزُفَّت إلَيهِ وهِي بِنتُ تِسعِ سِنِينَ، ولُعَبُها مَعَها، وماتَ عَنها وهِيَ بِنتُ ثَمانَ عَشْرَةَ.
-فيه استحباب الدعاء بالخير والبركة لكل واحد من الزوجين. (النووي)
-فيه استحباب تنظيف العروس وتزيينها لزوجها، واستحباب اجتماع النساء لذلك، ولأنه يتضمن إعلان النكاح، ولأنهن يؤانسنها ويؤدبنها ويعلمنها آدابها حال الزفاف وحال لقائها الزوج. (النووي)
-قولها: ( فلم يرعني إلا ورسول الله ﷺ ضحى فأسلمنني إليه ) أي لم يفجأني ويأتني بغتة إلا هذا. وفيه جواز الزفاف والدخول بالعروس نهارا، وهو جائز ليلا ونهارا. (النووي)

باب: فِـي نِكاحِ الـمُحْرِمِ


١١٩٧. (خ م) (١٤١٠) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مَيْمُونَةَ وهُوَ مُحرِمٌ. زادَ (خ): وبَنى بِها وهُوَ حَلالٌ، وماتَت بِسَرِفَ. وزادَ فِي رِوايةٍ مُعلَّقَةٍ: فِي عُمرَةِ القَضاءِ.
١١٩٨. (م) (١٤١١) عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ قالَ: حَدَّثَتنِي مَيمُونةُ بِنتُ الحارِثِ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَزَوَّجَها وهُو حَلالٌ. قالَ: وكانَت خالَتِي وخالَةَ ابنِ عَبّاسٍ.
- (تزوجها وهو حلال) رواية من روى أنه حلال هي الأصل، وتحمل الرواية الأخرى على أن قوله: " فينكحها وهو محرم ": أي حال في الحرم لا عاقد الإحرام على نفسه، ومن حل في الحرم قيل له: محرم وإن كان حلالا، فتبنى القولتان على هذا. (القاضي عياض)

١١٩٩. (م) (١٤٠٩) عَنْ نُبَيْهِ بْنِ وهْبٍ؛ أنَّ عُمَرَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ أرادَ أن يُزَوِّجَ طَلْحَةَ بنَ عُمَرَ بِنتَ شَيبَةَ بْنِ جُبَيرٍ، فَأَرسَلَ إلى أبانَ بْنِ عُثْمانَ يَحضُرُ ذَلكَ، وهُوَ أمِيرُ الحَجِّ، فَقالَ أبانٌ: سَمِعتُ عُثْمانَ بنَ عَفّانَ يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا يَنكِحُ المُحرِمُ، ولا يُنكحُ، ولا يَخطُبُ».
-هذا دليل على أنه لا يصح أن يعقد المحرم عقد نكاح لنفسه ولا لغيره. (ابن الجوزي)
-ولا يخطب: يعني لا يخطب امرأة، وذلك من أجل حماية هذا المحظور من محظورات الإحرام. (ابن عثيمين)

باب: ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ ومِنَ الصِّهْرِ


١٢٠٠. (خ) (٥١٠٥) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبعٌ، ومِنَ الصِّهرِ سَبعٌ، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] الآيَةَ.
-الرواية ثابتة عن ابن عباس رضي الله عنه أن السبع المحرمات بالنسب الأمهات، والبنات، والأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت، والسبع المحرمات بالصهر والرضاع الأمهات من الرضاعة، والأخوات من الرضاعة، وأمهات النساء، والربائب، وحلائل الأبناء، والجمع بين الأختين، والسابعة: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء) [النساء: 22] (ابن بطال)
-في هذا الحديث دليل على أن التحريم من جهتين: من جهة النسب، ومن جهة السبب، وأن هذا سبع وهذا سبع. (ابن هبيرة)

باب: تَحْرِيمُ الجَمْعِ بَيْنَ الـمَرْأَةِ وعَمَّتِها أوْ خالَتِها


١٢٠١. (خ) (١٤٠٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَن أربَعِ نِسوَةٍ أن يُجمَعَ بَينَهُنَّ؛ المَرأَةِ وعَمَّتِها، والمَرأَةِ وخالَتِها.
-هذا دليل لمذاهب العلماء كافة أنه يحرم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها سواء كانت عمة وخالة حقيقة وهي أخت الأب وأخت الأم، أو مجازية وهي أخت أبي الأب وأبي الجد وإن علا، أو أخت أم الأم وأم الجدة من جهتي الأم والأب وإن علت، فكلهن بإجماع العلماء يحرم الجمع بينهما. (النووي)
-الجمع بين الأختين، وبين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، قال ابن المنذر: لست أعلم في ذلك خلافا اليوم، واتفق أهل العلم على القول به، ونقل ابن عبد البر وابن حزم والقرطبي والنووي الإجماع. قال ابن دقيق العيد: وهو مما أخذ من السنة، وإن كان إطلاق الكتاب يقتضي الإباحة لقوله تعالى. {وأحل لكم ما وراء ذلكم} إلا أن الأئمة من علماء الأمصار خصصوا ذلك العموم بهذا الحديث، وهو دليل على جواز تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد، وهو مذهب الأئمة الأربعة. (الشيخ البسام)

باب: فِـي نِكاحِ النَّصْرانِيَّةِ واليَهُودِيَّةِ


١٢٠٢. (خ) (٥٢٨٥) عَنْ نافِعٍ؛ أنَّ ابنَ عُمَرَ ﵄ كانَ إذا سُئِلَ عَن نِكاحِ النَّصرانِيَّةِ واليَهُودِيَّةِ قالَ: إنَّ اللهَ حَرَّمَ المُشرِكاتِ عَلى المُؤمِنِينَ، ولا أعلَمُ مِن الإشراكِ شَيئًا أكبَرَ مِن أن تَقُولَ المَرأَةُ: رَبُّها عِيسى. وهُوَ عَبدٌ مِن عِبادِ اللهِ.

باب: فِـي نِكاحِ مَن أسْلَمَ مِنَ الـمُشْرِكِينَ


١٢٠٣. (خ) (٥٢٨٦) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كانَ المُشرِكُونَ عَلى مَنزِلَتَينِ مِن النَّبِيِّ ﷺ والمُؤمِنِينَ: كانُوا مُشرِكِي أهلِ حَربٍ يُقاتِلُهُم ويُقاتِلُونَهُ، ومُشرِكِي أهلِ عَهدٍ لا يُقاتِلُهُم ولا يُقاتِلُونَهُ، وكانَ إذا هاجَرَت امرَأَةٌ مِن أهلِ الحَربِ لَم تُخطَب حَتّى تَحِيضَ وتَطهُرَ، فَإذا طَهُرَت حَلَّ لَها النِّكاحُ، فَإن هاجَرَ زَوجُها قَبلَ أن تَنكِحَ رُدَّت إلَيهِ، وإن هاجَرَ عَبدٌ مِنهُم أو أمَةٌ فَهُما حُرّانِ، ولَهُما ما لِلمُهاجِرِينَ ثُمَّ ذَكَرَ مِن أهلِ العَهدِ مِثلَ حَدِيثِ مُجاهِدٍ، وإن هاجَرَ عَبدٌ أو أمَةٌ لِلمُشرِكِينَ أهلِ العَهدِ لَم يُرَدُّوا ورُدَّت أثمانُهُم، وقالَ ابنُ عَبّاسٍ: كانَت قَرِيبَةُ بِنتُ أبِي أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، فَطَلَّقَها فَتَزَوَّجَها مُعاوِيَة بنُ أبِي سُفيانَ، وكانَت أُمُّ الحَكَمِ بِنتُ أبِي سُفيانَ تَحتَ عِياضِ بْنِ غَنمٍ الفِهرِيِّ، فَطَلَّقَها فَتَزَوَّجَها عَبدُ اللهِ بنُ عُثمانَ الثَّقَفِيُّ.

باب: الشُّرُوطُ فِـي النِّكاحِ


١٢٠٤. (خ م) (١٤١٨) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ أحَقَّ الشُّرُوطِ أن يُوفى بِهِ ما استَحلَلتُم بِهِ الفُرُوجَ».
-وجوب الوفاء بالشروط التي التزم بها أحد الزوجين لصاحبه، أن وجوب الوفاء، شامل للشروط التي هي من مقتضى العقد، والتي من مصلحة أحد الزوجين. (الشيخ البسام)
- أن الوفاء بشروط النكاح آكد من الوفاء بغيرها، لأن عوضها استحلال الفروج. (الشيخ البسام)
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والصحيح الذي عليه أكثر نصوص أحمد وعليه أكثر السلف أن ما يوجب العقد لكل واحد من الزوجين على الآخر كالنفقة والاستمتاع والمبيت للمرأة وكالاستمتاع للزوج ليس بمقدر، بل المرجع في ذلك إلى العرف، كما دل عليه الكتاب في مثل قوله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف}، والسنة في مثل قوله ﷺ لهند: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" وإذا تنازع الزوجان فرضه الحاكم باجتهاده. (الشيخ البسام)

باب: فِـي نِكاحِ الشِّغارِ


١٢٠٥. (خ م) (١٤١٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَنِ الشِّغارِ. والشِّغارُ: أن يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابنَتَهُ عَلى أن يُزَوِّجَهُ ابنَتَهُ، ولَيسَ بَينَهُما صَداقٌ. ورَوى (م) عَن ابْنِ عُمَرَ؛ عَنِ النَّبيِّ ﷺ قالَ: «لا شِغارَ فِي الإسْلامِ». وزادَ (م) مِن حَدِيثِ أبِي هُرَيْرَةَ: والشِّغارُ أن يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: زَوِّجنِي ابنَتَكَ وأُزَوِّجُكَ ابنَتِي، أو زَوِّجنِي أُختُكَ وأُزَوِّجُكَ أُختِي.
-لعلَّ الإِشارة إنَّما وقعت فيه إلى ما كانت الأعراب تفعله من المعاوضة بالبنات والأخوات، يعطي الرجل أخته، أو ابنته، على أن يعطيه الآخر أخته أو ابنته وقد هدم الله تعالى نكاح الجاهلية. (ابن العربي)
- فيه النهى عن نكاح الشغار، والنهى يقتضي الفساد، فهو غير صحيح. (الشيخ البسام)
- أن العلة في تحريمه وفساده، هو خلوه من الصداق المسمى، ومن صداق المثل، وأشار إليه بقوله: [وليس بينهما صداق]. (الشيخ البسام)
-وجوب النصح للمولية. فلا يجوز تزويجها بغير كفء، لغرض الوَلي ومقصده. (الشيخ البسام)
- أجمع العلماء على تحريم هذا النكاح، واختلفوا في بطلانه. فعند أبي حنيفة أن النكاح يصح ويفرض لها مهر مثلها، وعند الشافعي وأحمد. أن النكاح غير صحيح، لأن النهيَ يقتضي الفساد، واختار هذا القول العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله في رسالة له في الأنكحة الباطلة. والله أعلم. (الشيخ البسام)

باب: الرُّخْصَةُ فِـي نِكاحِ الـمُتْعَةِ


١٢٠٦. (خ م) (١٤٠٤) عَنْ قَيْسٍ قالَ: سَمِعتُ عَبدَ اللهِ بنَ مسعودٍ ﵁ يَقُولُ: كُنّا نَغزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ لَيسَ لَنا نِساءٌ، فَقُلنا: ألا نَستَخصِي، فَنَهانا عَن ذَلكَ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنا أن نَنكِحَ المَرأَةَ بِالثَّوبِ إلى أجَلٍ، ثُمَّ قَرَأَ (عَبدُ اللهِ): ﴿ياأَيُّها الَّذِينَ آمَنُواْ لا تُحَرِّمُواْ طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ ولا تَعْتَدُواْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: ٨٧].
-فيه ما تقدم من النهى عن الخصاء والتبتل والانقطاع عن النكاح، وترك النسل الذى حض ﷺ على تكثيره. (القاضي عياض)
-إنما نهى عليه السلام عن التبتل والترهب من أجل أنه يكاثر بأمته الأمم يوم القيامة، وأنه في الدنيا مقاتل بهم طوائف الكفار، وفى آخر الزمان يقاتلون الدجال، فأراد عليه السلام أن يكثر النسل. (المهلب)

١٢٠٧. (خ م) (١٤٠٥) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ ﵃ قالا: خَرَجَ عَلَينا مُنادِي رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَد أذِنَ لَكُم أن تَستَمتِعُوا. (يَعنِي مُتعَةَ النِّساءِ). لَفظُ (خ): قالا: كُنّا فِي جَيشٍ، فَأَتانا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالَ: «إنَّهُ قَد أُذِنَ لَكُم أن تَسْتَمْتِعُوا، فاستَمتِعُوا».
١٢٠٨. (م) (١٤٠٥) عَنْ عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ قالَ: قَدِمَ جابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ ﵁ مُعتَمِرًا، فَجِئناهُ فِي مَنزِلِهِ، فَسَأَلَهُ القَومُ عَن أشياءَ، ثُمَّ ذَكَرُوا المُتعَةَ، فَقالَ: نعم، استَمتَعنا عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وأَبِي بَكرٍ وعُمَرَ.
وفي رواية: عَن جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قالَ: كُنّا نَستَمتِعُ بِالقَبضَةِ مِنَ التَّمرِ والدَّقِيقِ الأَيّامَ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وأَبِي بَكرٍ، حَتّى نَهى عَنهُ عُمَرُ فِي شَأنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيثٍ.
-هذا محمول على أن الذي استمتع في عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ وقوله (حتى نهانا عنه عمر) يعني حين بلغه النسخ (النووي)

١٢٠٩. (خ) (٥١١٦) عَنْ أبِي جَمْرَةَ قالَ: سَمِعتُ ابنَ عَبّاسٍ؛ سُئِلَ عَن مُتعَةِ النِّساءِ؟ فَرَخَّصَ، فَقالَ لَهُ مَولًى لَهُ: إنَّما ذَلِكَ فِي الحالِ الشَّدِيدِ وفِي النِّساءِ قِلَّةٌ أو نَحوَهُ. فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ: نَعَم.

باب: تَحْرِيمُ نِكاحِ الـمُتْعَةِ ونَسْخُ جَوازِهِ


١٢١٠. (خ م) (١٤٠٧) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَن مُتعَةِ النِّساءِ يَومَ خَيبَرَ، وعَن أكلِ لُحُومِ الحُمُرِ الإنسِيَّةِ.
-نكاح المتعة حرم تحريما مؤبداً يوم الفتح (ابن العربي)

١٢١١. (م) (١٤٠٧) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ؛ عَنْ عَلِيٍّ ﵁، أنَّهُ سَمِعَ ابنَ عَبّاسٍ ﵄ يُلَيِّنُ فِي مُتعَةِ النِّساءِ، فَقالَ: مَهلًا يا ابنَ عَبّاسٍ؛ فَإنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَنْها يَوْمَ خَيْبَرَ وعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الإنْسِيَّةِ.
وفي رواية: سَمِعَ عَلِيَّ بْنِ أبِي طالِبٍ يَقُولُ لِفُلانٍ: إنَّكَ رَجَلٌ تائِهٌ، نَهانا رَسُولُ اللهِ ﷺ ... فَذَكَرَهُ.
١٢١٢. (م) (١٤٠٥) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ ﵁ قالَ: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عامَ أوطاسٍ فِي المُتعَةِ ثَلاثًا، ثُمَّ نَهى عَنها.
١٢١٣. (م) (١٤٠٦) عَنْ سَبُرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ ﵁؛ أنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ عامَ فَتحِ مَكَّةَ أمَرَ أصحابَهُ بِالتَّمَتُّعِ مِنَ النِّساءِ، قالَ: فَخَرَجتُ أنا وصاحِبٌ لِي مِن بَنِي سُلَيمٍ، حَتّى وجَدنا جارِيَةً مِن بَنِي عامِرٍ كَأَنَّها بَكرَةٌ عَيطاءُ، فَخَطَبناها إلى نَفسِها وعَرَضنا عَلَيها بُردَينا، فَجَعَلَت تَنظُرُ فَتَرانِي أجمَلَ مِن صاحِبِي، وتَرى بُردَ صاحِبِي أحسَنَ مِن بُردِي، فَآمَرَت نَفسَها ساعَةً ثُمَّ اختارَتنِي عَلى صاحِبِي، فَكُنَّ مَعَنا ثَلاثًا، ثُمَّ أمَرَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِفِراقِهِنَّ. ورَوى عَنه قالَ: أمَرَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالمُتعَةِ عامَ الفَتحِ حِينَ دَخَلنا مَكَّةَ، ثُمَّ لَم نَخرُج مِنها حَتّى نَهانا عَنها.
-في هذا الحديث التصريح بالمنسوخ والناسخ في حديث واحد من كلام رسول الله ﷺ، كحديث كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها (النووي)

١٢١٤. (م) (١٤٠٦) عَنْ سَبُرَةَ ﵁؛ أنَّهُ كانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالَ: «يا أيُّها النّاسُ؛ إنِّي قَد كُنتُ أذِنتُ لَكُم فِي الاستِمتاعِ مِنَ النِّساءِ، وإنَّ اللهَ قَد حَرَّمَ ذَلكَ إلى يَومِ القِيامَةِ، فَمَن كانَ عِندَهُ مِنهُنَّ شَيءٌ فَليُخَلِّ سَبِيلَهُ، ولا تَأخُذُوا مِمّا آتَيتُمُوهُنَّ شَيئًا». وفي رواية: قالَ: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ قائِمًا بَينَ الرُّكنِ والبابِ وهُوَ يَقُولُ .. بِمِثلِه.
١٢١٥. (م) (١٤٠٦) عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أنَّ عَبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيرِ قامَ بِمَكَّةَ فَقالَ: إنَّ ناسًا أعمى اللهُ قُلُوبَهُم كَما أعمى أبصارَهُم يُفتُونَ بِالمُتعَةِ. يُعَرِّضُ بِرَجُلٍ، فَناداهُ فَقالَ: إنَّكَ لَجِلفٌ جافٍ، فَلَعَمرِي لَقَد كانَتِ المُتعَةُ تُفعَلُ عَلى عَهدِ إمامِ المُتَّقِينَ. يُرِيدُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقالَ له ابنُ الزُّبَيرِ: فَجَرِّب بِنَفسِكَ، فَوَ اللهِ لَئِن فَعَلتَها لأَرجُمَنَّكَ بِأَحجارِكَ. قالَ ابنُ شِهابٍ: فَأَخبَرَنِي خالِدُ بنُ المُهاجِرِ بْنِ سَيفِ اللهِ؛ أنَّهُ بَينا هُوَ جالِسٌ عِنْدَ رَجُلٍ جاءَهُ رَجُلٌ فاستَفتاهُ في المتعةِ، فَأَمَرَهُ بِها، فَقالَ لَهُ ابنُ أبِي عَمْرَةَ الأَنْصارِيُّ: مَهلًا. قالَ: ما هِيَ؟ واللهِ لَقَد فُعِلَت فِي عَهدِ إمامِ المُتَّقِينَ. قالَ ابنُ أبِي عَمْرَةَ: إنَّها كانَت رُخصَةً فِي أوَّلِ الإسلامِ لِمَنِ اضطُرَّ إلَيها كالمَيتَةِ والدَّمِ ولَحمِ الخِنزِيرِ، ثُمَّ أحكَمَ اللهُ الدِّينَ ونَهى عَنها. قالَ ابنُ شِهابٍ: فَأَخبَرَنِي رَبِيعُ بنُ سَبرَةَ الجُهَنِيُّ؛ أنَّ أباهُ قالَ: قَد كُنتُ استَمتَعتُ فِي عَهدِ النَّبِيِّ ﷺ امرَأَةً مِن بَنِي عامِرٍ بِبُردَينِ أحمَرَينِ، ثُمَّ نَهانا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ المُتعَةِ. قالَ ابنُ شِهابٍ: وسَمِعتُ رَبِيعَ بنَ سَبرَةَ يُحَدِّثُ ذَلكَ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ، وأَنا جالِسٌ.

باب: عِتْقُ الأَمَةِ وتَزْوِيجُها


١٢١٦. (خ م) (١٣٦٥) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ غَزا خَيبَرَ، قالَ: فَصَلَّينا عِندَها صَلاةَ الغَداةِ بِغَلَسٍ، فَرَكِبَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ ورَكِبَ أبُو طَلْحَةَ، وأَنا رَدِيفُ أبِي طَلْحَةَ، فَأَجرى نَبِيُّ اللهِ ﷺ فِي زُقاقِ خَيبَرَ، وإنَّ رُكبَتِي لَتَمَسُّ فَخِذَ نَبِيِّ اللهِ ﷺ، وانحَسَرَ الإزارُ عَن فَخِذِ نَبِيِّ اللهِ ﷺ، فَإنِّي لأرى بَياضَ فَخِذِ نَبِيِّ اللهِ ﷺ، فَلَمّا دَخَلَ القَريَةَ قالَ: «اللهُ أكبَرُ، خَرِبَت خَيبَرُ، إنّا إذا نَزَلنا بِساحَةِ قَومٍ فَساءَ صَباحُ المُنذَرِينَ». قالَها ثَلاثَ مَرّاتٍ، قالَ: وقَد خَرَجَ القَومُ إلى أعمالِهِم، فَقالُوا: مُحَمَّدٌ واللهِ قالَ عَبدُ العَزِيزِ: وقالَ بَعضُ أصحابِنا: مُحَمَّد والخَمِيسُ. قالَ: وأَصَبناها عَنوَةً، وجُمِعَ السَّبيُ، فَجاءَهُ دِحيَةُ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أعطِنِي جارِيَةً مِن السَّبيِ. فَقالَ: «اذهَب فَخُذ جارِيَةً». فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنتَ حُيَيٍّ، فَجاءَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ ﷺ فَقالَ: يا نَبِيَّ اللهِ؛ أعطَيتَ دِحيَةَ صَفِيَّةَ بِنتَ حُيَيٍّ سَيِّدِ قُرَيظَةَ والنَّضِيرِ، ما تَصلُحُ إلا لَكَ. قالَ: «ادعُوهُ بِها». قالَ: فَجاءَ بِها، فَلَمّا نَظَرَ إلَيها النَّبِيُّ ﷺ قالَ: «خُذ جارِيَةً مِن السَّبيِ غَيرَها». قالَ: وأَعتَقَها وتَزَوَّجَها. فَقالَ لَهُ ثابِتٌ: يا أبا حَمزَةَ؛ ما أصدَقَها؟ قالَ: نَفسَها، أعتَقَها وتَزَوَّجَها، حَتّى إذا كانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتها لَهُ أُمُّ سُلَيمٍ، فَأَهدَتها لَهُ مِن اللَّيلِ، فَأَصبَحَ النَّبِيُّ ﷺ عَرُوسًا، فَقالَ: «مَن كانَ عِندَهُ شَيءٌ فَليَجِئ بِهِ». قالَ: وبَسَطَ نِطَعًا، قالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالأقِطِ، وجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالتَّمرِ، وجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِالسَّمنِ، فَحاسُوا حَيسًا، فَكانَت ولِيمَةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ. لَفظُ (خ): ثُمَّ حَسَرَ الإزارَ عَن فَخِذِهِ. وفي رواية: وجَعَلَ عِتقَها صَداقَها ... وفي رواية (خ): فَرَفَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَيهِ، وقالَ: «اللهُ أكبرُ ...».
وفي رواية (خ): فَقَتَلَ المُقاتِلَةَ وسَبى الذَّرارِيَ. وفي رواية (م): قالَ: ووقَعَت في سَهمِ دِحيَةَ جارِيةٌ جَميلةٌ، فاشتَراها رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَبعَةِ أرؤسٍ، ثُمَّ دَفَعَها إلى أمِّ سُلَيمٍ ... قالَ: وأحسِبُهُ قالَ: وتَعتَدُّ في بَيتِها.
وفِي رِوايَةٍ: فَقالَ النّاسُ: لا نَدرِي؛ أتَزَوَّجَها أم اتَّخَذَها أُمَّ ولَدٍ؟ قالُوا: إن حَجَبَها فَهِي امرَأَتُهُ، وإن لَم يَحجُبها فَهِي أُمُّ ولَدٍ، فَلَمّا أرادَ أن يَركَبَ حَجَبَها، فَقَعَدَت عَلى عَجُزِ البَعِيرِ، فَعَرَفُوا أنَّه قَد تَزَوَّجَها، فَلَمّا دَنَوا مِن المَدِينَةِ (دَفَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ودَفعنا)، قالَ: فَعَثَرتِ النّاقةُ (العَضباءُ)، ونَدَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ونَدَرَت، (فَقامَ فَسَتَرَها، وقَد أشرَفَت النِّساءُ، فَقُلنَ: أبعَدَ اللهُ اليَهُوديَّةَ). وفي رواية (خ): فاقتَحَمَ أبُو طَلحةَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ جَعَلَنِي اللهُ فِداءَكَ. قالَ: «عَلَيكَ المَرأةَ». فَقَلَبَ ثَوبًا عَلى وجهِهِ وأَتاها فَألقاهُ عَلَيها، وأَصلَحَ لَهُما مَركَبَهُما ... وفي رواية (خ): فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّها أُمُّكُم». وفي رواية (م): قالَ: فَدَخَلنا المَدِينَةَ، فَخَرَجَ جَوارِي نِسائِهِ يَتَراءَينَها ويَشْمَتْنَ بِصَرْعَتِها.
وفي رواية (خ): أقامَ النَّبِيُّ ﷺ بَينَ خَيبَرَ والمَدِينَةِ ثَلاثَ لَيالٍ يُبْنى عَلَيهِ بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوتُ المُسلِمِينَ إلى ولِيمَتِهِ ...
وفي رواية (خ): ثُمَّ خَرَجنا إلى المَدِينَةِ قالَ: فَرَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُحَوِّي لَها وراءَهُ بِعَباءةٍ، ثُمَّ يَجلِسُ عِنْدَ بَعِيره فَيَضَعُ رُكبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجلَها عَلى رُكبتِهِ حَتّى تَركَبَ.
ورَوى (خ) عَنْ أنَسٍ؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ إذا قَدِمَ مِن سَفَرٍ فَنَظَرَ إلى جُدُراتِ المَدِينَةِ أوْضَعَ راحِلَتَهُ، وإن كانَ عَلى دابَّةٍ حَرَّكَها، مِن حُبِّها. وفي رواية: دَرَجاتِ المَدِينَةِ.
-فيه سنة التكبير عند الظهور، والفتوحات، ورؤية الهلال والإشراف على المدن؛ لأنه إعلام وثناء على الله، واعتراف بجلاله، وشكر له بجميل ذكره على ما أولاه من فضله. (القاضي عياض)
-قوله: " دفعها إلى أم سليم تصنعها له وتهيئها ": أي تزينها وتصلحها. فيه جواز مثل هذا ما لم يكن بالوجه المنهى عنه؛ من الوصل والوشم وشبهه. (القاضي عياض)
-وقوله ﷺ: " من كان عنده شيء فليجيء به ": فيه انبساط الرجل مع أصدقائه وحاشيته وآله، واستدعاء مثل هذا ممن يعرف سروره به وصحبته فيه. (القاضي عياض)
-يحتمل ما جرى مع دحية وجهين أحدهما أن يكون رد الجارية برضاه وأذن له في غيرها، والثاني أنه إنما أذن له في جارية له من حشو السبي لا أفضلهن فلما رأى النبي ﷺ أنه أخذ أنفسهن وأجودهن نسباً وشرفاً في قومها وجمالاً استرجعها؛ بأن رأى في إبقائها لدحية مفسدة لتميزه بمثلها على باقي الجيش، ولما فيه من انتهاكها مع مرتبتها، وكونها بنت سيدهم، ولما يخاف من استعلائها على دحية بسبب مرتبتها، وربما ترتب على ذلك شقاق أو غيره. (المازري)
-فيه دليل لوليمة العرس وأنها بعد الدخول، وتجوز قبله (النووي)
-وفيه أنه يستحب لأصحاب الزوج وجيرانه مساعدته في وليمته بطعام من عندهم. (النووي)

باب: فِـي صَداقِ رَسُولِ اللهِ ﷺ


١٢١٧. (م) (١٤٢٦) عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قالَ: سَأَلتُ عائشةَ ﵂ زَوجَ النَّبِيِّ ﷺ؛ كَم كانَ صَداقُ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قالَت: كانَ صَداقُهُ لأَزواجِهِ ثِنتَي عَشرَةَ أُوقِيَّةً ونَشًّا. قالَت: أتَدرِي ما النَّشُّ؟ قالَ: قُلتُ: لا، قالَت: نِصفُ أُوقِيَّةٍ، فَتِلكَ خَمسُ مِائَةِ دِرهَمٍ، فَهَذا صَداقُ رَسُولِ اللهِ ﷺ لأَزواجِهِ.
-هذا القول من عائشة، إنما هو إخبار عن غالب أزواج النبي ﷺ؛ لأن صفيه من جملة أزواجه، وأصدقها نفسها على ما تقدم من الخلاف. وزينب بنت جحش لم يذكر لها صداق، وأم حبيبة بنت أبي سفيان أصدقها النجاشي أربعة آلاف درهم، فقد خرج هؤلاء من عموم قول عائشة رضي الله عنها. (القرطبي)

١ قال ﷺ : "من رغب عن سنتي (...)"

٥/٠