كِتابُ العِدَّةِ


باب: فِـي الحامِلِ تَضَعُ بَعْدَ وفاةِ زَوْجِها


١٢٧٢. (خ م) (١٤٨٥) عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ يَسارٍ؛ أنَّ أبا سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وابنَ عَبّاسٍ اجتَمَعا عِنْدَ أبِي هُرَيْرَةَ، (وهُما يَذكُرانِ المَرأَةَ تُنفَسُ بَعدَ وفاةِ زَوجِها بِلَيالٍ)، فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ: عِدَّتُها آخِرُ الأجَلَينِ. وقالَ أبُو سَلَمَةَ: قَد حَلَّت. فَجَعَلا يَتَنازَعانِ ذَلكَ، قالَ: فَقالَ أبُو هُرَيْرَةَ: أنا مَعَ ابْنِ أخِي يَعنِي أبا سَلَمَةَ، فَبَعَثُوا كُرَيبًا مَولى ابْنِ عَبّاسٍ إلى أُمِّ سَلَمَةَ يَسأَلُها عَن ذَلكَ، فَجاءَهُم فَأَخبَرَهُم أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قالَت: إنَّ سُبَيعَةَ الأسلَمِيَّةَ نُفِسَت بَعدَ وفاةِ زَوجِها (بِلَيالٍ)، وإنَّها ذَكَرَت ذَلكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَمَرَها أن تَتَزَوَّجَ. لَفظُ (خ): فَوَضَعَت بَعدَ مَوتِهِ بِأَربَعينَ لَيلَةً.
-فيه أن المرأة قد تكون أعلم بالسنة من فحول الرجال؛ لأنه تنازع الآن ابن عباس ومن معه، وأرسلوا إلى أم سلمة ﵂ والعلم ليس محصورًا على أحد، يكون في الرجال ويكون في النساء. (ابن عثيمين)

١٢٧٣. (م) (١٤٨٤) عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ؛ أنَّ أباهُ كَتَبَ إلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأرقَمِ الزُّهرِيِّ؛ يَأمُرُهُ أن يَدخُلَ عَلى سُبَيعَةَ بِنتِ الحارِثِ الأسلَمِيَّةِ، فَيَسأَلها عَن حَدِيثِها، وعَمّا قالَ لَها رَسُولُ اللهِ ﷺ حِينَ استَفتَتهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ إلى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتبَةَ يُخبِرُهُ؛ أنَّ سُبَيعَةَ أخبَرَتهُ؛ أنَّها كانَت تَحتَ سَعدِ بْنِ خَولَةَ وهُوَ فِي بَنِي عامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وكانَ مِمَّن شَهِدَ بَدرًا، فَتُوُفِّيَ عَنها فِي حَجَّةِ الوَداعِ وهِيَ حامِلٌ، فَلَم تَنشَب أن وضَعَت حَملَها بَعدَ وفاتِهِ، فَلَمّا تَعَلَّت مِن نِفاسِها تَجَمَّلَت لِلخُطّابِ، فَدَخَلَ عَلَيها أبُو السَّنابِلِ بنُ بَعكَكٍ رَجُلٌ مِن بَنِي عَبدِ الدّارِ فَقالَ لَها: ما لِي أراكِ مُتَجَمِّلَةً؟! لَعَلَّكِ تَرجِينَ النِّكاحَ، إنَّكِ واللهِ ما أنتِ بِناكِحٍ حَتّى تَمُرَّ عَلَيكِ أربَعَةُ أشهُرٍ وعَشرٌ. قالَت سُبَيعَةُ: فَلَمّا قالَ لِي ذَلكَ جَمَعتُ عَلَيَّ ثِيابِي حِينَ أمسَيتُ، فَأَتَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَسَأَلتُهُ عَن ذَلكَ، فَأَفتانِي بِأَنِّي قَد حَلَلتُ حِينَ وضَعتُ حَملِي، وأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إن بَدا لِي. قالَ ابنُ شِهابٍ: فَلا أرى بَأسًا أن تَتَزَوَّجَ حِينَ وضَعَت، وإن كانَت فِي دَمِها، غَيرَ أن لا يَقرَبُها زَوجُها حَتّى تَطهُرَ. رَواهُ (خ) مُعَلَّقًا بِهَذا اللَّفظِ دُونَ قَوْلِ ابْنِ شِهابٍ. ورَوى (خ) عَن أُمِّ سَلَمَةَ نَحوَه مُختَصرًا، وفِيهِ: فَخَطَبَها أبُو السَّنابِلِ بنُ بَعكَكٍ، فَأَبَت أن تَنكِحَهُ، فَقالَ: واللهِ ما يَصلُحُ أن تَنكِحِيهِ حَتّى تَعتَدِّي آخِرَ الأَجَلَينِ. فَمَكَثَت قَرِيبًا مِن عَشرِ لَيالٍ، ثُمَّ جاءَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: «انكِحِي». ورَوى (خ) عَن ابْنِ الأَرقَمِ؛ عَنها قالَت: أفتانِي ِإذا وضَعتُ أن أنكِحَ.
١٢٧٤. (خ) (٤٩٧٠) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: أتَجعَلُونَ عَلَيها التَّغلِيظَ، ولا تَجعَلُونَ عَلَيها الرُّخصَةَ؟ لَنَزَلت سُورةُ النِّساءِ القُصرى بَعدَ الطُّولى: ﴿وأُولاتُ الأَحْمالِ أجَلُهُنَّ أن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤].
- أن المتوفى عنها زوجها إذا وضعت ولو في أيام يسيرة تنتهي عدتها، كذلك إحدادها، حتى لو وضعت قبل أن يدفن.(ابن عثيمين)
- فيه جواز المكاتبة في رواية الحديث. (ابن عثيمين)
- يجوز للمرأة إذا انتهت عدتها من الوفاة أن تتجمل أي تعود إلى لباسها العادي، ليعرفها الناس ويخطبوها، وليس المعنى أن تخرج إلى الأسواق متجملة حتى يخطبها الرجال، ومن المعلوم أن الذي يعرف المرأة في البيوت إنما هن النساء. (ابن عثيمين)
- وجوب الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله -- عند النزاع؛ لأن سبيعة استفتت النبي -- حين حصل بينها وبين أبي السنابل. (ابن عثيمين)
- أنه لا مانع شرعا من أن تقوم المرأة باستفتاء أهل العلم، ولو كان مما يستحيى النساء من مثله. (عبد القادر شيبة الحمد)
- يجوز عقد الزواج على المرأة التي انتهت عدتها بوضع الحمل، ولو لم تطهر من نفاسها. (عبد القادر شيبة الحمد)
- أن رغبة المرأة في الزواج ليست بمعيبة. (عبد القادر شيبة الحمد)
- حرص الإِسلام على صيانة الأنساب. (عبد القادر شيبة الحمد)

باب: فِـي الإحْدادِ عَلى الـمَيِّتِ


١٢٧٥. (خ م) (١٤٨٦) عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نافِعٍ؛ عَن زَينَبَ بِنتِ أبِي سَلَمَةَ قالَت: دَخَلتُ عَلى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ حِينَ تُوُفِّيَ أبُوها أبُو سُفيانَ، فَدَعَت أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفرَةٌ، خَلُوقٌ أو غَيرُهُ، فَدَهَنَت مِنهُ جارِيَةً، ثُمَّ مَسَّت بِعارِضَيها، ثُمَّ قالَت: واللهِ ما لِي بِالطِّيبِ مِن حاجَةٍ، غَيرَ أنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ عَلى المِنبَرِ: «لا يَحِلُّ لامرَأَةٍ تُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلى مَيِّتٍ فَوقَ ثَلاثٍ، إلا عَلى زَوجٍ أربَعَةَ أشهُرٍ وعَشرًا». قالَت زَينَبُ: ثُمَّ دَخَلتُ عَلى زَينَبَ بِنتِ جَحشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أخُوها، فَدَعَت بِطِيبٍ فَمَسَّت مِنهُ، ثُمَّ قالَت: واللهِ ما لِي بِالطِّيبِ مِن حاجَةٍ، غَيرَ أنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ عَلى المِنبَرِ: «لا يَحِلُّ لامرَأَةٍ تُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ تُحِدُّ عَلى مَيِّتٍ فَوقَ ثَلاثٍ، إلا عَلى زَوجٍ أربَعَةَ أشهُرٍ وعَشرًا». قالَت زَينَبُ: سَمِعتُ أُمِّي أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جاءَت امرَأَةٌ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ ابنَتِي تُوُفِّيَ عَنها زَوجُها، وقَد اشتَكَت عَينُها؛ أفَنَكحُلُها؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا»، مَرَّتَينِ أو ثَلاثًا، كُلَّ ذَلكَ يَقُولُ: «لا». ثُمَّ قالَ: «إنَّما هِيَ أربَعَةُ أشهُرٍ وعَشرٌ، وقَد كانَت إحداكُنَّ فِي الجاهِلِيَّةِ تَرمِي بِالبَعرَةِ عَلى رَأسِ الحَولِ». قالَ حُمَيدٌ: قُلتُ لِزَينَبَ: وما تَرمِي بِالبَعرَةِ عَلى رَأسِ الحَولِ؟ فَقالَت زَينَبُ: كانَت المَرأَةُ إذا تُوُفِّيَ عَنها زَوجُها دَخَلَت حِفشًا، ولَبِسَت شَرَّ ثِيابِها، ولَم تَمَسَّ طِيبًا (ولا شَيئًا)، حَتّى تَمُرَّ بِها سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤتى بِدابَّةٍ حِمارٍ أو شاةٍ أو طَيرٍ فَتَفتَضُّ بِهِ، فَقَلَّما تَفتَضُّ بِشَيءٍ إلا ماتَ، ثُمَّ تَخرُجُ فَتُعطى بَعرَةً فَتَرمِي بِها، ثُمَّ تُراجِعُ بَعدُ ما شاءَت مِن طِيبٍ أو غَيرِهِ. وفي رواية (خ): سُئِلَ مالِكٌ: ما تَفتَضُّ بِهِ؟ قالَ: تَمسَحُ بِهِ جِلْدَها.
- أنه ينبغي تطبيق الحكم الشرعي بالفعل؛ لأنه أقنع للنفوس، مسحت عارضيها بالطيب وهي لا تريد أن تتطيب لكن تريد تبين الحكم الشرعي، ولهذا كان العلماء أهل القدوة إذا أرادوا أن يقتنع الناس بفتواهم فعلوها هم أولا حتى يقتدي الناس بهم. (ابن عثيمين)
- تخصيص المرأة بالحداد دون الرجال.
- تحديد مدة إحداد المرأة على أقاربها بثلاثة أيام فقط فلا تزيد على الثلاث؛ لأن الحداد فيه ترك التزين والتطيب وهو حق للزوج وتركه مدعاة لنفوره منها، وحدادها مباح لها لا واجب عليها. (علي القاري).
- تحديد مدة إحدادها على زوجها أربعة أشهر وعشرا، فيه حفظ للأنساب، قال القرطبي: إنما خص الله تعالى عدة الوفاة بأربعة أشهر وعشر؛ لأن غالب الحمل يبين تحركه في تلك المدة.
وقال ابن عثيمين: الحمل قد يعلم بما دون ذلك الذي يظهر -والله أعلم- أنه لما كانوا في الجاهلية تعتد بحول كامل، جعل النبي -- العدة بثلث الحول، وقد يقال هذا من الأمور التعبدية وليس لنا أن نتكلم فيه بل نقول سمعنا وأطعنا.
- امتثال زوجات النبي -- لأمر الله تعالى وأمر نبيه-- وهم قدوة لكل مؤمنة.
- تعبد الله عز وجل المرأة المسلمة بالحداد، وعليها أن تتقبل ما فُرض عليها بخضوع واستسلام وانقياد ورضا؛ فما قدر الله شيء إلا وفيه خير وصلاح لعباده ظهر الحكمة من فرضه أم لم يظهر.

باب: تَرْكُ الطِّيبِ والكُحْلِ والصِّباغِ لِلْمَرْأَةِ الحادِّ


١٢٧٦. (خ م) (٩٣٨) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا تُحِدُّ امرَأَةٌ عَلى مَيِّتٍ فَوقَ ثَلاثٍ إلا عَلى زَوجٍ أربَعَةَ أشهُرٍ وعَشرًا، ولا تَلبَسُ ثَوبًا مَصبُوغًا إلا ثَوبَ عَصبٍ، ولا تَكتَحِلُ، ولا تَمَسُّ طِيبًا إلا إذا طَهُرَت؛ نُبذَةً مِن قُسطٍ (أو) أظفارٍ».
- تمتنع المرأة في الإحداد عن الطيب بجميع أنواعه إلا إذا طهرت من حيض فإنها تأخذ فرصة من قطن أو شبهه وتمسح مكان الحيض من أجل ذهاب الرائحة. (ابن عثيمين)
- ولها أن تستعمل الأدهان غير المطيبة.
- تجنب الكحل؛ لأنه تجميل للعين، وأما القطرة التي تحتاج إليها لوجع في عينها ولا يكون فيها تجميل العين فلا بأس بها... (ابن عثيمين)
- أن تجتنب الحلي بجميع أنواعه. (ابن عثيمين).
- ثياب الزينة؛ التي تلبس للتجمل، أما العادية فهي جائزة للمحادة بأي لون كانت. (ابن عثيمين).

باب: جَوازُ خُرُوجِ الـمُعْتَدَّةِ البائِنِ مِن بَيْتِها


١٢٧٧. (م) (١٤٨٣) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: طُلِّقَت خالَتِي، فَأَرادَت أن تَجُدَّ نَخلَها فَزَجَرَها رَجُلٌ أن تَخرُجَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: «بَلى؛ فَجُدِّي نَخلَكِ، فَإنَّكِ عَسى أن تَصَدَّقِي أو تَفعَلِي مَعرُوفًا».
استدل العلماء في هذا الحديث على جواز خروج المعتدة عدة وفاة من بيتها:
- تخرج المعتدة للضرورة ليلاً ونهارًا إذا كان هناك سبب لخروجها وعودتها بمجرد ذهاب السبب.
وتخرج للحاجة نهارًا لا ليلاً مثل شراء الطعام وللتدريس، وللدراسة، وإذا ضاق صدرها تخرج إلى جارتها لتستأنس نهارًا؛ لأن أزمة ضيق الصدر قد تتطور إلى مرض نفسي، ولزيارة أبيها وأمها أو أحد من أقاربها إن مرض نهارًا لا ليلاً، ولا تخرج لغير ضرورة مثل النزهة والعمرة. (ابن عثيمين).
وتخرج ليلاً إذا كانت مثلاً موظفة ومضطرة لعملها ويخاف فصلها من عملها. (ابن باز)

كِتابُ اللِّعانِ


باب: فِـي الَّذِي يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا


١٢٧٨. (خ م) (١٤٩٩) عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ﵁ قالَ: قالَ سَعدُ بنُ عُبادَةَ ﵁: لَو رَأَيتُ رَجُلًا مَعَ امرَأَتِي لَضَرَبتهُ بِالسَّيفِ غَيرُ مُصفِحٍ عَنهُ، فَبَلَغَ ذَلكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقالَ: «أتَعجَبُونَ مِن غَيرَةِ سَعدٍ، فَوَ اللهِ لأَنا أغيَرُ مِنهُ، واللهُ أغيَرُ مِنِّي، مِن أجلِ غَيرَةِ اللهِ حَرَّمَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ، (ولا شَخصَ) أغيَرُ مِن اللهِ، (ولا شَخصَ) أحَبُّ إلَيهِ العُذرُ مِن اللهِ، مِن أجلِ ذَلكَ بَعَثَ اللهُ المُرسَلِينَ مُبَشِّرِينَ ومُنذِرِينَ، (ولا شَخصَ) أحَبُّ إلَيهِ المِدحَةُ مِن اللهِ، مِن أجلِ ذَلكَ وعَدَ اللهُ الجَنَّةَ». لَفظُ (خ): «لا أحَدَ».
ورَوى (م) عَن أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ سَعدُ بنُ عُبادَةَ ﵁: يا رَسُولَ اللهِ؛ لَو وجَدتُ مَعَ أهلِي رَجُلًا لَم أمَسَّهُ حَتّى آتي بِأربَعَةِ شُهداءَ؟! قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَم». قالَ: كَلاَّ والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ؛ إن كُنتُ لَأُعاجِلُهُ بِالسَّيفِ قَبلَ ذَلكَ. قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اسمَعُوا إلى ما يَقُولُ سَيِّدُكُم، إنَّهُ لَغَيُورٌ، وأنا أغيَرُ مِنهُ، واللهُ أغيَرُ مِنِّي». وفي رواية (م): قالَ سَعدٌ: بَلى، والَّذِي أكرَمَكَ بِالحَقِّ ....
ولَهُما عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لا أحَدٌ أغيَرَ مِن اللهِ، ولِذَلكَ حَرَّمَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ، ولا أحَدٌ أحَبَّ إلَيهِ المَدْحُ مِن اللهِ، ولِذَلكَ مَدَحَ نَفْسَهُ». زادَ (م) فِي رِوايةٍ: «... ولَيسَ أحَدٌ أحَبَّ إلَيهِ العُذْرُ مِن اللهِ، مِن أجلِ ذَلكَ أنزَلَ الكِتابَ وأَرسَلَ الرُّسُلَ».
- الغيرة من أحمد الأشياء ومن لم تكن فيه فليس على خلق محمود.
- هو دال على وجوب القود فيمن قتل رجلا وجده مع امرأته؛ لأن الله وإن كان أغير من عباده فإنه أوجب الشهود في الحدود، فلا يجوز لأحد أن يتعدى حدود الله ولا يسقط دما بدعوى. (المهلب)

١٢٧٩. (خ م) (١٤٩٢) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السّاعِدِيِّ ﵁؛ أنَّ عُوَيمِرًا العَجلانِيَّ جاءَ إلى عاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأنصارِيِّ فَقالَ لَهُ: أرَأَيتَ يا عاصِمُ؛ لَو أنَّ رَجُلًا وجَدَ مَعَ امرَأَتِهِ رَجُلًا؛ أيَقتُلُهُ فَتَقتُلُونَهُ؟ أم كَيفَ يَفعَلُ؟ فَسَل لِي عَن ذَلكَ يا عاصِمُ رَسُولَ اللهِ ﷺ. فَسَأَلَ عاصِمٌ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَسائِلَ وعابَها، حَتّى كَبُرَ عَلى عاصِمٍ ما سَمِعَ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَلَمّا رَجَعَ عاصِمٌ إلى أهلِهِ جاءَهُ عُوَيمِرٌ، فَقالَ: يا عاصِمُ؛ ماذا قالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ؟ قالَ عاصِمٌ لِعُوَيمِرٍ: لَم تَأتِنِي بِخَيرٍ، قَد كَرِهَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَسأَلَةَ الَّتِي سَأَلتُهُ عَنها. قالَ عُوَيمِرٌ: واللهِ لا أنتَهِي حَتّى أسأَلَهُ عَنها. فَأَقبَلَ عُوَيمِرٌ حَتّى أتى رَسُولَ اللهِ ﷺ وسَطَ النّاسِ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أرَأَيتَ رَجُلًا وجَدَ مَعَ امرَأَتِهِ رَجُلًا؛ أيَقتُلُهُ فَتَقتُلونَهُ؟ أم كَيفَ يَفعَلُ؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قَد نَزَلَ فِيكَ وفِي صاحِبَتِكَ، فاذهَب فَأتِ بِها». قالَ سَهلٌ: فَتَلاعَنا وأَنا مَعَ النّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَلَمّا فَرَغا قالَ عُوَيمِرٌ: كَذَبتُ عَلَيها يا رَسُولَ اللهِ إن أمسَكتُها، فَطَلَّقَها ثَلاثًا قَبلَ أن يَأمُرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، قالَ ابنُ شِهابٍ: فَكانَت سُنَّةَ المُتَلاعِنَينِ. وفِي رِوايَةٍ زادَ: فَتَلاعَنا فِي المَسْجِدِ وأَنا شاهِدٌ. وفي رواية زادَ: قالَ سَهلٌ: فَكانَت حامِلًا، فَكانَ ابنُها يُدعى إلى أُمِّهِ، ثُمَّ جَرَت السُّنَّةُ أنَّه يَرِثُها وتَرِثُ مِنهُ ما فَرَضَ اللهُ لَها. وفي رواية (خ): وكانت حاملًا فأنكر حَمْلَها ...
وفي رواية (خ): قالَ سَهلٌ: شَهِدتُ المُتَلاعِنَينِ وأَنا ابنُ خَمْسَ عَشرَةَ سَنَةً ...
وفي رواية (خ): ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «انظُرُوا؛ فَإنَّ جاءَت بِهِ أسْحَمَ، أدْعَجَ العَينَينِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَينِ، خَدَلَّجَ السّاقَينِ، فَلا أحسِبُ عُويْمِرًا إلا قَد صَدَقَ عَلَيها، وإن جاءَت بِهِ أُحَيمِرَ، كَأنّهُ وحَرَةٌ، فَلا أحسِبُ عُويمرًا إلا قَد كَذَبَ عَلَيها». فَجاءَت بِهِ عَلى النَّعتِ الَّذِي نَعَتَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِن تَصدِيقِ عُوَيْمرٍ ...
ورَوى (م) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: إنّا لَيلَةَ الجُمُعَةِ فِي المَسْجِدِ، إذ جاءَ رَجُلٌ مِن الأَنصارِ ... وفِيهِ: فَقالَ: لَو أنَّ رَجُلًا وجَدَ مَعَ امرَأَتِهِ رَجُلًا فَتَكَلَّمَ جَلَدتُمُوهُ، أو قَتَلَ قَتَلتُمُوهُ، أو سَكَتَ سَكَتَ عَلى غَيْظٍ، فَقالَ: «اللَّهُمَّ افْتَحْ»، وجَعَلَ يَدعُو، فَنَزَلَت آيَةُ اللِّعانِ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهُمْ ولَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَداءُ إلاَّ أنفُسُهُمْ﴾ [النور: ٦] هَذِهِ الآياتُ ... الحَدِيثُ.
١٢٨٠. (خ م) (١٤٩٧) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: ذُكِرَ التَّلاعُنِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ عاصِمُ بنُ عَدِيٍّ فِي ذَلكَ قَولًا، ثُمَّ انصَرَفَ، فَأَتاهُ رَجُلٌ مِن قَومِهِ يَشكُو إلَيهِ أنَّهُ وجَدَ مَعَ أهلِهِ رَجُلًا، فَقالَ عاصِمٌ: ما ابتُلِيتُ بِهَذا إلا لِقَولِي. فَذَهَبَ بِهِ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَخبَرَهُ بِالَّذِي وجَدَ عَلَيهِ امرَأَتَهُ، وكانَ ذَلكَ الرَّجُلُ مُصفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحمِ، سَبِطَ الشَّعَرِ، وكانَ الَّذِي ادَّعى عَلَيهِ أنَّهُ وجَدَ عِنْدَ أهلِهِ خَدلًا، آدَمَ، كَثِيرَ اللَّحمِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ بَيِّن». فَوَضَعَت شَبِيهًا بِالرَّجُل الَّذِي ذَكَرَ زَوجُها أنَّهُ وجَدَهُ عِندَها، فَلاعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَينَهُما، فَقالَ رَجُلٌ لابنِ عَبّاسٍ فِي المَجلِسِ: أهِيَ الَّتِي قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَو رَجَمتُ أحَدًا بِغَيرِ بَيِّنَةٍ رَجَمتُ هَذِهِ» فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ: لا، تِلكَ امرَأَةٌ كانَت تُظهِرُ فِي الإسلامِ السُّوءَ.
- أن النبي -- يتوقف في الأمر الذي يشكل عليه إذا سئل عنه، وهو الذي ينزل عليه الوحي، فيتوقف فيما لا يعلم، فكيف بنا نحن، ولهذا أحذر نفسي وإياكم من التسرع في الفتيا، فالإنسان إذا أفتى لا يستطيع أن يرد ما قال. (ابن عثيمين).
- أن البلاء موكل بالمنطق.
- ارتكاب أخف المفسدتين بترك أثقلهما؛ لأن مفسدة الصبر على خلاف ما توجبه الغيرة مع قبحه وشدته أسهل من الاقدام على القتل الذي يؤدي إلى الاقتصاص من القاتل، وقد انتهج له الشارع سبيلا إلى الراحة منها، إما بالطلاق وإما باللعان.
- أن المحتاج إلى معرفة الحكم لا يرده كراهة العالم لما سأل عنه، ولا غضبه عليه، ولا جفاؤه له، بل يعاود ملاطفته إلى أن يقضى حاجته.
- أن السؤال عما يلزم من أمور الدين مشروع سرا وجهرا، وأن لا عيب في ذلك على السائل، ولو كان مما يستقبح.
- أن الحامل تلاعن قبل الوضع.
- جواز ذكر الأوصاف المذمومة عند الضرورة الداعية إلى ذلك، ولا يكون ذلك من الغيبة المحرمة.
- أن الحكم يتعلق بالظاهر، وأمر السرائر موكول إلى الله عز وجل.
- (اللهم بين)؛ ظاهرة أنه دعاء في أن يبين له ممن الولد، فأجيب بأنه للذي رمي به، وتبين ذلك بأن الله تعالى خلقه يشبه الذي رميت به، وعلى الصفة التي قال النبي --.( القرطبي)
- قوله: (فكره رسول الله ﷺ المسائل وعابها) المراد كراهة المسائل التي لا يحتاج إليها لا سيما ما كان فيه هتك ستر مسلم أو مسلمة، أو إشاعة فاحشة أو شناعة على مسلم أو مسلمة، قال العلماء: أما إذا كانت المسائل مما يحتاج إليه في أمور الدين وقد وقع فلا كراهة فيها وليس هو المراد في الحديث.
- وفيه التفريق بين المتلاعنين، تفريقًا مؤبدًا (ابن عثيمين).

١٢٨١. (م) (١٤٩٦) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قالَ: سَأَلتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ ﵁، وأَنا أُرى أنَّ عِندَهُ مِنهُ عِلمًا، فَقالَ: إنَّ هِلالَ بنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحماءَ، وكانَ أخا البَراءِ بْنِ مالِكٍ لأمِّهِ، وكانَ أوَّلَ رَجُلٍ لاعَنَ فِي الإسلامِ، قالَ: فَلاعَنَها، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أبصِرُوها، فَإن جاءَت بِهِ أبيَضَ، سَبِطًا، قَضِيءَ العَينَينِ، فَهُوَ لِهِلالِ بْنِ أُمَيَّةَ، وإن جاءَت بِهِ أكحَلَ، جَعدًا، حَمشَ السّاقَينِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحماءَ». قالَ: فَأُنبِئتُ أنَّها جاءَت بِهِ أكحَلَ، جَعدًا، حَمشَ السّاقَينِ.
١٢٨٢. (خ) (٤٧٤٧) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ هِلالَ بنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ بشَرِيكِ ابْنِ سَحماءَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «البَيِّنَةَ أو حَدٌّ فِي ظَهرِكَ». فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إذا رَأى أحَدُنا عَلى امرَأَتِهِ رَجُلًا يَنطَلِقُ يَلتَمِسُ البَيِّنَةَ. فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «البَيِّنَةَ وإلّا حَدٌّ فِي ظَهرِكَ». فَقالَ هِلالٌ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ؛ إنِّي لَصادِقٌ، فَليُنزِلَنَّ اللهُ ما يُبرِئُ ظَهرِي مِنَ الحَدِّ. فَنَزَلَ جِبريلُ وأَنزلَ عَلَيهِ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهُمْ [النور: ٦] فَقَرَأَ حَتى بَلَغَ ﴿إن كانَ مِنَ الصّادِقِينَ﴾ [النور: ٩]. فانصَرَفَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَرسَلَ إلَيها، فَجاءَ هِلالٌ فَشَهِدَ، والنَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ اللهَ يَعلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ؛ فَهَل مِنكُما تائِبٌ؟». ثُمَّ قامَت فَشَهِدَت، فَلَمّا كانَت عِنْدَ الخامِسَةِ وقَّفُوها، وقالُوا: إنَّها مُوجِبَةٌ. قالَ ابنُ عَباسٍ: فَتَلَكَّأَت ونكَصَت حَتى ظَنَّنا أنَّها ترجِعُ، ثُمَّ قالَت: لا أفضَحُ قَومِي سائرَ اليَومِ. فَمَضَت، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أبصِرُوها؛ فَإن جاءَت بِهِ أكحَلَ العَينَينِ، سابِغَ الأَليَتَين، خَدَلَّجَ السّاقَينِ، فَهُو لِشَرِيكِ ابْنِ سَحماءَ». فَجاءَت بِهِ كَذَلكَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَولا ما مَضى مِن كِتابِ اللهِ لَكانَ لِي ولَها شَأنٌ».
- قال العلماء: وجوز اللعان لحفظ الأنساب ودفع المضرة عن الأزواج. (النووي)
- (وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ) فيه أن يختار الإنسان في القسم ما يناسب المقام، يريد أن يقسم على أن ما قاله حق فكان أنسب. (ابن عثيمين)
- أن النبي -- بعث بالحق؛ لأن النبي -- أقره على هذا المعنى يحتمل أن بعثه حق أو أن ما بعث به حق--. (ابن عثيمين).
- مشروعية الاستعداد للوقائع قبل وقوعها ليعلم أحكامها إذا وقعت.
- إجراء الأمر على الظواهر، والله تعالى يتولى السرائر.
- أن اللعان يكون بحضرة الإمام أو القاضي ويجمع من الناس.
- أن اللعان لا يكون إلا بين الزوجين، لأن الله تعالى خصه بالأزواج سقوط الحد به عن الرجل.
- أن شرط مشروعية اللعان عدم إقامة البينة لقوله تعالى: (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء)، فلو أقام الزوج الشهداء لا يجوز اللعان بل يقام عليها الحد.
- أن شرط وجوب اللعان إنكار المرأة وجود الزنا منها، فلو أقرت به لا يجوز اللعان، بل يقام عليها الحد المذكور.
- أن فيه التحريض على التوبة والعمل بالستر، وانحصار الحق في أحد الجانبين عند تعذر الواسطة، لقوله: "إن أحدكما كاذب"؛ وأن الخصمين المتكاذبين لا يعاقب واحد منهما، وإن أحاط العلم بكذب أحدهما لا بعينه. (محمد بن علي الإتيوبي).

باب: الـتَّفْرِيقُ بَيْنَ الـمُتَلاعِنَيْنِ وإلْحاقُ الوَلَدِ بِأُمِّهِ


١٢٨٣. (خ م) (١٤٩٣) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِلمُتَلاعِنَينِ: «حِسابُكُما عَلى اللهِ، أحَدُكُما كاذِبٌ، لا سَبِيلَ لَكَ عَلَيها». قالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ مالِي؟ قالَ: «لا مالَ لَكَ، إن كُنتَ صَدَقتَ عَلَيها فَهُوَ بِما استَحلَلتَ مِن فَرجِها، وإن كُنتَ كَذَبتَ عَلَيها فَذاكَ أبعَدُ لَكَ مِنها». وفي رواية (خ): «إن كُنتَ صادِقًا فَقَد دَخَلت بِها ...».
- قوله ﷺ: للمتلاعنين: " حسابكما على الله أحدكما كاذب " ‏‏قال القاضي: ظاهره أنه قال هذا الكلام بعد فراغهما من اللعان. والمراد بيان أنه يلزم الكاذب التوبة. (النووي)
- وفي هذا الحديث أن الخصمين المتكاذبين لا يعاقب واحد منهما، وإن علمنا كذب أحدهما على الإبهام. (النووي)
- ‏قوله: "يا رسول الله مالي؟ قال: لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها " ‏‏في هذا دليل على استقرار المهر بالدخول، وعلى ثبوت مهر الملاعنة المدخول بها، والمسألتان مجمع عليهما، وفيه أنها لو صدقته وأقرت بالزنا لم يسقط مهرها. (النووي)

١٢٨٤. (خ م) (١٤٩٣) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: فَرَّقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بَينَ أخَوَي بَنِي العَجلانِ، وقالَ: «اللهُ يَعلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ؛ فَهَل مِنكُما تائِبٌ؟». ورَوى (م) عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيرٍ، وفيه: قالَ ابنُ عُمَرَ: إنَّ أوَّلَ مَن سَأَلَ عَن ذَلكَ فُلانُ بنُ فُلانٍ، قالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أرَأَيتَ أن لَو وجَدَ أحَدُنا امرَأتَهُ عَلى فاحِشَةٍ؛ كَيفَ يَصنَعُ؟ إن تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمرٍ عَظِيمٍ، وإن سَكَتَ سَكَتَ عَلى مِثلِ ذَلكَ. قالَ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ ﷺ فَلَم يُجِبهُ، فَلَمّا كانَ بَعدَ ذَلكَ أتاهُ فَقالَ: إنَّ الَّذي سَألتُكَ عَنهُ قَد ابتُلِيتُ بِهِ، فَأَنزَلَ اللهُ ﷿ هَؤُلاءِ الآياتِ فِي سُورَةِ النُّورِ: ﴿والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهُمْ﴾ [النور: ٦] فَتَلاهُنَّ عَلَيهِ، ووَعَظَهُ، وذَكَّرَهُ، وأَخبَرَهُ أنَّ عَذابَ الدُّنيا أهوَنُ مِن عَذابِ الآخِرَةِ، قالَ: لا والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ؛ ما كَذَبتُ عَلَيها. ثُمَّ دَعاها فَوَعَظَها، وذَكَّرَها، وأَخبَرَها أنَّ عَذابَ الدُّنيا أهوَنُ مِن عَذابِ الآخِرَةِ، قالَت: لا، والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إنَّه لَكاذِبٌ. فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ فَشَهِدَ أربَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إنَّه لمَن الصّادِقِينَ، والخامِسَةُ أنَّ لَعنَةَ اللهِ عَلَيهِ إن كانَ مِن الكاذِبِينَ، ثُمَّ ثَنّى بِالمَرأَةِ فَشَهِدَت أربَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إنَّه لمَن الكاذِبِينَ، والخامِسَةَ أنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيها إن كانَ مِنَ الصّادِقِينَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَينَهُما.
- قوله: "ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة "‏، وفعل بالمرأة مثل ذلك. فيه أن الإمام يعظ المتلاعنين ويخوفهما من وبال اليمين الكاذبة وأن الصبر على عذاب الدنيا وهو الحد أهون من عذاب الآخرة. (النووي)
- ‏‏قوله: "فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات إلى آخره" ‏فيه أن الابتداء في اللعان يكون بالزوج، لأن الله تعالى بدأ به، ولأنه يسقط عن نفسه حد قذفها، وينفي النسب إن كان. ونقل القاضي وغيره إجماع المسلمين على الابتداء بالزوج. (النووي)
- قوله: "فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين" هذه ألفاظ اللعان وهي مجمع عليها.(النووي)

١٢٨٥. (خ م) (١٤٩٤) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَجُلًا لاعَنَ امرَأَتَهُ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَفَرَّقَ رَسُولُ الله ﷺ بَينَهُما، وأَلحَقَ الوَلَدَ بِأمِّهِ. زادَ (خ) فِي رِوايَةٍ: أنَّ رَجُلًا رَمى امرَأَتَهُ فانتَفى مِن ولَدِها ...

باب: فِـي إنْكارِ الوَلَدِ


١٢٨٦. (خ م) (١٥٠٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ أعرابِيًّا أتى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ امرَأَتِي ولَدَت غُلامًا أسوَدَ، وإنِّي أنكَرتُهُ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «هَل لَكَ مِن إبِلٍ؟» قالَ: نَعَم. قالَ: «ما ألوانُها؟» قالَ: حُمرٌ. قالَ: «فَهَل فِيها مِن أورَقَ؟» قالَ: نَعَم. قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَأَنّى هُوَ؟» قالَ: لَعَلَّهُ يا رَسُولَ اللهِ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرقٌ لَهُ. فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «وهَذا لَعَلَّهُ يَكُونُ نَزَعَهُ عِرقٌ لَهُ». وفي رواية: (وهُو حِينَئِذٍ يُعَرِّضُ بِأَن يَنفِيَهُ)، وزادَ: ولَم يُرَخِّص لَه فِي الانتِفاءِ مِنهُ.
-في هذا الحديث أن الولد يلحق الزوج وإن خالف لونه لونه، حتى لو كان الأب أبيض والولد أسود أو عكسه لحقه، ولا يحل له نفيه بمجرد المخالفة في اللون؛ وكذا لو كان الزوجان أبيضين فجاء الولد أسود أو عكسه لاحتمال أنه نزعه عرق من أسلافه. ‏(النووي)
‏- وفي هذا الحديث أن التعريض بنفي الولد ليس نفيا، وأن التعريض بالقذف ليس قذفا. ‏(النووي)
‏-وفيه إثبات القياس والاعتبار بالأشباه، وضرب الأمثال. ‏(النووي)
‏-وفيه: الاحتياط للأنساب، وإلحاقها بمجرد الإمكان. (النووي)

باب: الوَلَدُ لِلْفِراشِ


١٢٨٧. (خ م) (١٤٥٧) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: اختَصَمَ سَعدُ بنُ أبِي وقّاصٍ وعَبدُ بنُ زَمعَةَ فِي غُلامٍ، فَقالَ سَعدٌ: هَذا يا رَسُولَ اللهِ ابنُ أخِي عُتبَةَ بْنِ أبِي وقّاصٍ، عَهِدَ إلَيَّ أنَّهُ ابنُهُ، انظُر إلى شَبَهِهِ. وقالَ عَبدُ بنُ زَمعَةَ: هَذا أخِي يا رَسُولَ اللهِ، وُلِدَ عَلى فِراشِ أبِي مِن ولِيدَتِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إلى شَبَهِهِ، فَرَأى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتبَةَ، فَقالَ: «هُوَ لَكَ يا عَبدُ، الوَلَدُ لِلفِراشِ، ولِلعاهِرِ الحَجَرُ، واحتَجِبِي مِنهُ يا سَودَةُ بِنتَ زَمعَةَ». قالَت: فَلَم يَرَ سَودَةَ قَطُّ. وفي رواية (خ): قالَت: فَلَمّا كانَ عامَ الفَتحِ أخَذَهُ سَعدُ بنُ أبِي وقّاصٍ وقالَ: ابنُ أخِي ... وفِيها: فَتَساوقا إلى النَّبِيِّ ﷺ ...
ولَهُما عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ نَحوَهُ، وفي رواية (خ): «الوَلَدُ لِصاحِبِ الفَراشِ».
-الولد يلحق بالفراش إذا لم ينفه صاحب النسب.
-لا تصير الأمه فراشا إلا إذا ولدت ولدًا واستلحقه.
-استدل به أن القائف إنما يعتمد على الشبه إذ لم يعارضه ما هو أقوى منه.
-استدل به على أن الوصي يجوز له أن يستلحق ولد موصيه، إذا أوصى إليه أن يستلحقه، ويكون كالوكيل عنه في ذلك.

باب: العَمَلُ بِقَوْلِ القائِفِ


١٢٨٨. (خ م) (١٤٥٩) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ ذاتَ يَومٍ مَسرُورًا فَقالَ: «يا عائِشَةُ؛ ألَم تَرَي أنَّ مُجَزِّزًا المُدلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ، فَرَأى أُسامَةَ وزَيدًا وعَلَيهِما قَطِيفَةٌ قَد غَطَّيا رُؤوسَهُما وبَدَت أقدامُهُما، فَقالَ: إنَّ هَذِهِ الأَقدامَ بَعضُها مِن بَعضٍ».

كِتابُ الرَّضاعِ


باب: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ الوِلادَةِ


١٢٨٩. (خ م) (١٤٤٤) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ عِندَها، وإنَّها سَمِعَت صَوتَ رَجُلٍ يَستَأذِنُ فِي بَيتِ حَفصَةَ، قالَت عائِشَةُ: فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ هَذا رَجُلٌ يَستَأذِنُ فِي بَيتِكَ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أُراهُ فُلانًا». لِعَمِّ حَفصَةَ مِن الرَّضاعَةِ، فَقالَت عائِشَةُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ لَو كانَ فُلانٌ حَيًّا لِعَمِّها مِن الرَّضاعَةِ دَخَلَ عَلَيَّ؟ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَم، إنَّ الرَّضاعَةَ تُحَرِّمُ ما تُحَرِّمُ الوِلادَةُ».
-أن تحريم الرضاع لا يتعدى إلى أحد من قرابة الرضيع غير أبنائه. فليست أخته من الرضاعة أختًا لأخيه، ولا بنتًا لأبيه، إذ لا إرضاع بينهم، وحكمه التحريم ما ينفصل من أجزاء المرأة وهو اللبن فإذا اغتذي به الرضيع صار جزءًا من أجزائها فانتشر التحريم بين الرضيع وبين المرأة التي صارت أمه، بخلاف قرابات الرضيع إخوته وأخواته وأبوه أو عمه وعماته؛ لأنهم ليس بينهم وبين المرضعة ولا زوجها نسب ولا سبب.
- وفيه أن من شك في حكم يتوقف عن العمل حتى يسأل العلماء.
- وأن من اشتبه عليه شيء طالب المدعي ببيانه يرجع إليه أحدهما.
- وفيه وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب.
- ومشروعيته استئذان المحرم على محرمه.
- وأن المرأة لا تأذن في بيت الرجل إلا بإذنه.

١٢٩٠. (خ م) (١٤٤٥) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: جاءَ عَمِّي مِن الرَّضاعَةِ يَستَأذِنُ عَلَيَّ، فَأَبَيتُ أن آذَنَ لَهُ حَتّى أستَأمِرَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَلَمّا جاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قُلتُ: إنَّ عَمِّي مِن الرَّضاعَةِ استَأذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيتُ أن آذَنَ لَهُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَليَلِج عَلَيكِ عَمُّكِ». قُلتُ: إنَّما أرضَعَتنِي المَرأَةُ، ولَم يُرضِعنِي الرَّجُلُ. قالَ: «إنَّهُ عَمُّكِ، فَليَلِج عَلَيكِ». وفي رواية: جاءَ أفلَحُ أخُو أبِي القُعَيسِ يَستَأذِنُ علِيها بَعدَما نَزَلَ الحِجابُ، وكانَ أبو القُعَيسِ أبا عائِشَةَ مِن الرَّضاعَةِ ... وفي رواية (خ): فَقالَ: أتَحتَجِبِينَ مِنِّي وأَنا عَمُّكَ؟! فَقُلتُ: وكَيفَ ذَلكَ؟ قالَ: أرضَعَتْكِ امرَأَةُ أخِي بِلَبَنِ أخِي ...
-أجمعت الأمة لهذا الحديث أن ما يحرم من قرابات النسب يحرم أمثالها في الرضاع، فيحرم من الرضاع الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات والأعمام والأخوال، وجميع الأصول والفروع.

١٢٩١. (خ م) (١٤٤٦) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُرِيدَ عَلى ابنَةِ حَمزَةَ، فَقالَ: «إنَّها لا تَحِلُّ لِي، إنَّها ابنَةُ أخِي مِن الرَّضاعَةِ، ويَحرُمُ مِن الرَّضاعَةِ ما يَحرُمُ مِن النَّسَبِ». وفي رواية (م): «.. مِن الرَّحِمِ».
ورَوى (م) عَن عَلِيٍّ ﵁ قالَ: قُلتُ: يا رَسُولَ الله؛ مالَكَ تَنَوَّقُ فِي قُرَيشٍ وتَدَعُنا، فَقالَ: «وعِندَكُم شَيءٌ؟» قُلتُ: نَعَم، بِنتُ حَمزَةَ، فَقالَ ... نَحوَهُ.
-في هذا الحديث دلالة على أن لمن هو أدنى رتبة أن يشير على من هو أعلى منه على النكاح، وعلى أنه لا بأس للرجل أن يعرض بنتاً من بنات أسرته أو قبيلته على أهل الدين.

باب: تَحْرِيمُ الرَّبِيبَةِ وأُخْتِ الـمَرْأَةِ


١٢٩٢. (خ م) (١٤٤٩) عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أبِي سُفْيانَ ﵂ قالَت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقُلتُ لَهُ: هَل لَكَ فِي أُختِي بِنتِ أبِي سُفيانَ؟ فَقالَ: «أفعَلُ ماذا؟» قُلتُ: تَنكِحُها. قالَ: «أوَ تُحِبِّينَ ذَلكَ؟» قُلتُ: لَستُ لَكَ بِمُخلِيَةٍ، وأَحَبُّ مَن شَرِكَنِي فِي الخَيرِ أُختِي. قالَ: «فَإنَّها لا تَحِلُّ لِي». قُلتُ: فَإنِّي أُخبِرتُ أنَّكَ تَخطُبُ دُرَّةَ بِنتَ أبِي سَلَمَةَ. قالَ: «بِنتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟!» قُلتُ: نَعَم. قالَ: «لَو أنَّها لَم تَكُن رَبِيبَتِي فِي حِجرِي ما حَلَّت لِي، إنَّها ابنَةُ أخِي مِن الرَّضاعَةِ، أرضَعَتنِي وأَباها ثُوَيبَةُ، فَلا تَعرِضنَ عَلَيَّ بَناتِكُنَّ ولا أخَواتِكُنَّ».
وفي رواية (خ) زادَ: قالَ عُروَةُ: وثَوَيبَةُ مَوْلاةٌ لِأَبِي لَهَبٍ، كانَ أبُو لَهَبٍ أعتَقَها، فَأَرضَعَتِ النَّبِيَّ ﷺ، فَلَمّا ماتَ أبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعضُ أهلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ. قالَ لَـهُ: ماذا لَقِيتَ؟ قالَ أبُو لَهَبٍ: لَم ألْقَ بَعدَكُم غَيرَ أنِّي سُقيتُ فِي هَذِهِ بِعَتاقَتِي ثُوَيبةَ.
وفي رواية (م): قالَت: انْكِحْ أُختِي عَزَّة.
- قوله: " لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حِجْرِي، مَا حَلَّتْ لِي" فيه تعليل الحكم بعلتين، فإنه علل تحريمها بكونها ربيبة، وبنت أخ من الرضاعة. (القرطبي)
- وفي الحديث إشارة إلى أن التحريم بالربيبة أشد من التحريم بالرضاع.

باب: إنَّما الرَّضاعَةُ مِنَ الـمَجاعَةِ 23:21


١٢٩٣. (خ م) (١٤٥٥) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وعِندِي رَجُلٌ قاعِدٌ، فاشتَدَّ ذَلكَ عَلَيهِ ورَأَيتُ الغَضَبَ فِي وجهِهِ، قالَت: فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّهُ أخِي مِن الرَّضاعَةِ. قالَت: فَقالَ: «انظُرنَ إخوَتَكُنَّ مِن الرَّضاعةِ، فَإنَّما الرَّضاعَةُ مِن المَجاعَةِ».

باب: خَمْسُ رَضَعاتٍ مَعْلُوماتٍ يُحَرِّمْنَ


١٢٩٤. (م) (١٤٥٠) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قالَ: «لا تُحَرِّمُ المَصَّةُ والمَصَّتانِ». ورَوى (م) عَن أُمِّ الفَضلِ قالَت: دَخَلَ أعرابِيٌّ عَلى نَبِيِّ اللهِ ﷺ وهُوَ فِي بَيتِي فَقالَ: يا نَبِيَّ اللهِ؛ إنِّي كانَت لِي امرَأَةٌ فَتَزَوَّجتُ عَلَيها أُخرى، فَزَعَمَتِ امرَأَتِي الأُولى أنَّها أرضَعَتِ امرَأَتِي الحُدثى رَضعَةً أو رَضعَتَينِ، فَقالَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ: «لا تُحَرِّمُ الإملاجَةُ والإملاجَتانِ». وفي رواية: «لا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أوِ الرَّضْعَتانِ أوِ المَصَّةُ أوِ المَصَّتانِ».
١٢٩٥. (م) (١٤٥٢) عَنْ عائِشَةَ ﵂ أنَّها قالَت: كانَ فِيما أُنزِلَ مِنَ القُرآنِ: عَشرُ رَضَعاتٍ مَعلُوماتٍ يُحَرِّمنَ. ثُمَّ نُسِخنَ بِخَمسٍ مَعلُوماتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وهُنَّ فِيما يُقرَأُ مِنَ القُرآنِ.

باب: فِـي رَضاعِ الكَبِيرِ


١٢٩٦. (م) (١٤٥٣) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: جاءَت سَهلَةُ بِنتُ سُهَيلٍ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنِّي أرى فِي وجهِ أبِي حُذَيْفَةَ مِن دُخُولِ سالِمٍ وهُوَ حَلِيفُهُ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أرضِعِيهِ». قالَت: وكَيفَ أُرضِعُهُ وهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ؟ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وقالَ: «قَد عَلِمتُ أنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ».
ورَوى (خ) (٥٠٨٨) عَنْ عائِشَةَ ﵂: أنَّ أبا حُذَيْفَةَ بنَ عُتبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمسٍ وكانَ مِمَّن شَهِدَ بَدرًا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ تَبَنّى سالِمًا، وأَنكَحَهُ بِنتَ أخِيهِ هِندًا بِنتَ الوَلِيد بْنِ عُتبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وهُوَ مَولًى لاِمرَأَةٍ مِن الأَنصارِ، كَما تَبَنّى النَّبِيُّ ﷺ زَيدًا، وكانَ مَن تَبَنّى رَجُلًا فِي الجاهِلِيَّةِ دَعاهُ النّاسُ إلَيهِ ووَرِثَ مِن مِيراثِهِ، حَتّى أنزَلَ اللهُ: ﴿ادْعُوهُمْ لآبائِهِمْ﴾ إلى قَولِهِ: ﴿ومَوالِيكُمْ﴾ فَرُدُّوا إلى آبائِهِم، فَمَن لَم يُعلَم لَهُ أبٌ كانَ مَولًى وأَخًا فِي الدِّينِ، فَجاءَت سَهلَةُ بِنتُ سُهَيلِ بْنِ عَمْرٍو القُرَشِيِّ ثُمَّ العامِرِيِّ وهِيَ امرَأَةُ أبي حُذَيْفَةَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنّا كُنّا نَرى سالِمًا ولَدًا وقَد أنزَلَ اللهُ فِيهِ ما قَد عَلِمتَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ. [لَم يَذكُر (خ) تَتِمَّتَهُ وإنما قال: فذكر الحديث].
١٢٩٧. (م) (١٤٥٤) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂؛ أنَّها كانَت تَقُولُ: أبى سائِرُ أزواجِ النَّبِيِّ ﷺ أن يُدخِلنَ عَلَيهِنَّ أحَدًا بِتِلكَ الرَّضاعَةِ، وقُلنَ لِعائشة ﵂: واللهِ ما نَرى هَذِهِ إلاَّ رُخصَةً أرخَصَها رَسُولُ اللهِ ﷺ لِسالِمٍ خاصَّةً، فَما هُوَ بِداخِلٍ عَلَينا أحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضاعَة ولا رائِينا.

١ لا يحل للمرأة الحداد على ميت فوق (...) إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا

٦/٠