كِتابُ البُيُوعِ


باب: ما جاءَ فِـي فَضْلِ كَسْبِ الرَّجُلِ مِن عَمَلِ يَدِهِ


١٣٢٤. (خ) (٢٠٧٢) عَنِ المِقْدامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ﵁؛ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «ما أكَلَ أحَدٌ طَعامًا قَطُّ خَيرًا مِن أن يَأكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وإنَّ نَبِيَّ اللهِ داوُدَ ﵇ كانَ يَأكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ».
-وفي الحديث فضل العمل باليد وتقديم ما يباشره الشخص بنفسه على ما يباشره بغيره. (ابن حجر)
-الحكمة في تخصيص داود بالذكر أن اقتصاره في أكله على ما يعمله بيده لم يكن من الحاجة لأنه كان خليفة في الأرض كما قال الله تعالى وإنما ابتغى الأكل من طريق الأفضل ولهذا أورد النبي صلى الله عليه وسلم قصته في مقام الاحتجاج بها على ما قدمه من أن خير الكسب عمل اليد وهذا بعد تقرير أن شرع من قبلنا شرع لنا ولا سيما إذا ورد في شرعنا مدحه وتحسينه مع عموم قوله تعالى فبهداهم اقتده وفي الحديث أن التكسب لا يقدح في التوكل وأن ذكر الشيء بدليله أوقع في نفس سامعه. (ابن حجر)

باب: السَّماحَةُ فِـي البَيْعِ والشِّراءِ


١٣٢٥. (خ) (٢٠٧٦) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا سَمحًا إذا باعَ وإذا اشتَرى وإذا اقتَضى».
- وفيه الحض على السماحة في المعاملة واستعمال معالي الأخلاق وترك المشاحة والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة وأخذ العفو منهم. (ابن حجر)

باب: الـتَّحْذِيرُ مِنَ التَّساهُلِ فِـي الـمالِ الحَرامِ


١٣٢٦. (خ) (٢٠٨٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لَيَأتِيَنَّ عَلى النّاسِ زَمانٌ لا يُبالِي المَرءُ بِما أخَذَ المالَ؛ أمِن حَلالٍ أم مِن حَرامٍ».
- أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا تحذيرا من فتنة المال وهو من بعض دلائل نبوته لإخباره بالأمور التي لم تكن في زمنه ووجه الذم من جهة التسوية بين الأمرين وإلا فأخذ المال من الحلال ليس مذموما من حيث هو والله أعلم. (ابن التين)

باب: الـنَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الطَّعامِ حَتّى َيُقْبَضَ


١٣٢٧. (خ م) (١٥٢٥) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن ابتاعَ طَعامًا فَلا يَبِعهُ حَتّى يَستَوفِيَهُ». قالَ ابنُ عَبّاسٍ: وأَحسِبُ كُلَّ شَيءٍ مِثلَهُ. وفي رواية: «حَتّى يَقبِضَهُ». وفي رواية (م): «حَتّى يَكتالَهُ». وفيها: قال طاوُسُ: قلتُ لابنِ عَبّاسٍ: لِمَ؟ فقال: ألا تَراهُم يَتَبايَعُونَ بالذَّهبِ، والطَّعامُ مُرجَأٌ. لَفظُ (خ): قالَ: ذاكَ دَراهِمَ بِدَراهِمَ والطَّعامُ مُرجَأٌ.
ورَوى (م) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ؛ أنَّهُ قالَ لِمروانَ: أحْلَلْتَ بَيع الرِّبا؟ فَقالَ مَروانُ: ما فَعَلتُ؟ فَقالَ أبُو هُرَيْرَةَ: أحْلَلْتَ بَيْعَ الصِّكاكِ، وقَد نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن بَيعِ الطَّعامِ حَتّى يُستَوفى. قالَ: فَخَطَبَ مَروانُ النّاسَ، فَنَهى عَن بَيعِها، قالَ سُلَيمانُ بنُ يَسارٍ: فَنَظَرتُ إلى حَرَسٍ يَأخُذُونَها مِن أيدِي النّاسِ.
١٣٢٨. (خ م) (١٥٢٦) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن اشتَرى طَعامًا فَلا يَبِعهُ حَتّى يَستَوفِيَهُ». قالَ: وكُنّا نَشتَرِي الطَّعامَ مِن الرُّكبانِ جِزافًا، فَنَهانا رَسُولُ اللهِ ﷺ أن نَبِيعَهُ حَتّى نَنقُلَهُ مِن مَكانِهِ.
وفي رواية: قالَ: قَد رَأَيتُ النّاسَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إذا ابتاعُوا الطَّعامَ جِزافًا يُضْرَبُون فِي أن يَبِيعُوهُ فِي مَكانِهِم، وذَلكَ حَتّى يُؤوُوهُ إلى رِحالِهِم.
ورَوى (خ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: كُنّا نَتَلَقّى الرُّكبانَ فَنَشتِرِي مِنهُم الطَّعامَ، فَنَهانا النَّبِيُّ ﷺ أن نَبِيعَهُ حَتّى يُبْلَغَ بِهِ سُوقُ الطَّعامِ. قالَ البُخارِي: هَذا فِي أعلى السُّوقِ، ويُبَيِّنُهُ حَدِيثِ عُبِيدِ اللهِ: قالَ ابنُ عُمَرَ: كانُوا يَبتاعُونَ الطَّعامَ فِي أعلى السُّوقِ فَيَبِيعُونَه فِي مَكانِهِ، فَنَهاهُم أن يَبِيعُوهُ فِي مَكانِهِ حَتّى يَنقُلُوهُ.

باب: التَّصَرُّفُ فِي المَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِهِبَةٍ ونَحْوِها


١٣٢٩. (خ) (٢١١٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵁ قالَ: كُنّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَكُنتُ عَلى بَكرٍ صَعبٍ لِعُمَرَ، فَكانَ يَغلِبُنِي، فَيَتَقَدَّمُ أمامَ القَومِ، فَيَزجُرُهُ عُمَرُ ويَرُدُّهُ ثُمَّ يَتَقَدَّمُ فَيَزجُرُهُ عُمَرُ ويَرُدُّهُ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ لِعُمَرَ: «بِعنِيهِ». قالَ: هُوَ لَكَ يا رَسُولَ اللهِ. قالَ: «بِعنِيهِ». فَباعَهُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هُوَ لَكَ يا عَبدَ اللهِ بنَ عُمَرَ تَصنَعُ بِهِ ما شِئتَ».

باب: فِـي كَيْلِ الطَّعامِ


١٣٣٠. (خ) (٢١٢٨) عَنِ المِقْدامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «كِيلُوا طَعامَكُم يُبارَك لَكُم».
دل هذا الحديث على ما يأتي:
أولاً: استحباب الكيل في بيع المواد التموينية وشرائها لقوله صلى الله عليه وسلم: " كيلو طعامكم " فإن هذا أمرٌ وأقل مقتضيات الأمر الاستحباب والندب. ثانياً: أن البركة تحل في الطعام المكيل سيما بالمدينة المنورة، فينمو ويتكاثر ويعظم نفعه الغذائي، فيكفي القليل منه العدد الكثير من الناس، وتقوى به الأجسام، وتصح الأبدان، وتخلو من الأمراض والأسقام وتهنأ، به النفوس لقوله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق: " كيلو طعامكم يبارك لكم " ولا شك أن الطعام المبارك غذاء وشفاء وقوة وصحة وهناء. والمطابقة: في قوله: " كيلو طعامكم ". (منار القاري)

باب: لا يُباعُ الثَّمَرُ حَتّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ


١٣٣١. (خ م) (١٥٣٧) عَنْ أبِي البَخْتَرِيِّ قالَ: سَأَلتُ ابنَ عَبّاسٍ (عَن بَيعِ النَّخلِ)، فَقالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن بَيعِ النَّخلِ حَتّى يَأكُلَ مِنهُ أو يُؤكَلَ، وحَتّى يُوزَنَ. قالَ: فَقُلتُ: ما يُوزَنُ؟ فَقالَ رَجُلٌ عِندَهُ: حَتّى يُحزَرَ. لَفظُ (خ): عَنِ السَّلَمِ في النَّخلِ ... وزادَ عَنهُ: سَألتُ ابنَ عُمرَ ﵄ عَنِ السَّلَم فِي النَّخلِ، فَقالَ: نَهى النَّبِيُّ ﷺ عَن بَيعِ الثَّمَر حَتّى يَصلُحَ، ونَهى عَنِ الوَرِقِ بِالذَّهَبِ نَساءً بِناجِزٍ.
١٣٣٢. (خ م) (١٥٣٤) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتّى يَبدُوَ صَلاحُهُ». فَقِيلَ (لابنِ عُمَر): ما صَلاحُهُ؟ قالَ: تَذهَبُ عاهَتُهُ. وفي رواية (م): «... حَتّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ وتَذهَبُ عَنهُ الآفَةُ». قالَ: يَبدُو صَلاحُهُ: حُمْرَتُهُ وصُفْرَتُهُ.
وفي رواية: أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَن بَيْعِ النَّخلِ حَتّى يَزهُوَ، وعَن السُّنبُلِ حَتّى يَبْيَضَّ ويَأمَنَ العاهَةَ.
- الحكمة من نهي البائع لئلا يأكل مال أخيه بالباطل، وأما المشتري فلئلا يضيع ماله، ويساعد البائع على الباطل، وفيه أيضًا قطع النزاع والتخاصم. (المباركفوري)

١٣٣٣. (خ م) (١٥٥٥) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهى عَن بَيعِ ثَمَرِ النَّخلِ حَتّى تَزهُوَ، فَقُلنا لأنَسٍ: ما زَهوُها؟ قالَ: تَحمَرُّ وتَصفَرُّ، أرَأَيتَكَ إن مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ؛ بِمَ تَستَحِلُّ مالَ أخِيكَ؟ وفي رواية: أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إن لم يُثمِرها اللهُ؛ فَبِمَ يَستَحِلُّ أحدُكُم مالَ أخِيهِ؟».
- استدل به على وضع الجوائح في الثمر، يشترى بعد بدو صلاحه، ثم تصيبه جائحة. (الإتيوبي)
- أن هذا دليل على أن الحكم يجري على الغالب؛ لأن تطرق التلف إلى ما بدا صلاحه ممكن، وعدم التطرق إلى ما لم يبد صلاحه ممكن، فأنيط الحكم بالغالب في الحالتين. (الإتيوبي)

١٣٣٤. (خ م) (١٥٣٦) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: نَهى أو نَهانا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن بَيعِ الثَّمَرِ حَتّى يَطِيبَ.

باب: الأَمْرُ بِوَضْعِ الجَوائِحِ


١٣٣٥. (م) (١٥٥٤) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أمَرَ بِوَضعِ الجَوائِحِ. ورَوى (م) عَنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَو بِعتَ مِن أخِيكَ ثَمَرًا فَأَصابَتهُ جائِحَةٌ فَلا يَحِلُّ لَكَ أن تَأخُذَ مِنهُ شَيئًا؛ بِمَ تَأخُذُ مالَ أخِيكَ بِغَيرِ حَقٍّ؟»
ورَوى (خ): عَن سَهْلِ بْنِ أبِي حَثْمَةَ؛ عَن زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ ﵁ قالَ: كانَ النّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَبتاعُونَ الثِّمارَ، فَإذا جَدَّ النّاسُ وحَضَرَ تَقاضِيهِم، قالَ المُبتاعُ: إنَّهُ أصابَ الثَّمَرَ الدُّمانُ، أصابَهُ مُراضٌ، أصابَهُ قُشامٌ، عاهاتٌ يَحتَجُّونَ بِها، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لَمّا كَثُرَتْ عِندَهُ الخُصُومَةُ فِي ذَلكَ: «فَإمّا لا، فَلا تَتَبايَعُوا حَتّى يَبدُوَ صَلاحُ الثَّمَرِ». كالمَشُورةِ يُشِيرُ بِها، لِكَثرَةِ خُصُومَتِهِم. وأَخبَرَنِي خارِجةُ بنُ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ؛ أنَّ زَيدَ بنَ ثابِتٍ لَم يَكُن يَبِيعُ ثِمارَ أرضِهِ حَتّى تَطلُعَ الثُّرَيّا، فَيَتَبَيَّنَ الأَصفَرُ مِن الأَحمَرِ. عَلَّقَهُ (خ)، ثُمَّ قالَ: رَواهُ علِيُّ بنُ بَحْرٍ ... [أسنَدَهُ إلى زَيْدٍ].
- دليل واضح على وجوب إسقاط ما أجيح من الثمرة عن المشتري. (القرطبي)
- بيان النهي عن أخذ شيء في مقابل ما أصابه من الجوائح. (الإتيوبي)
- تحريم أخذ مال المسلم بغير حق. (الإتيوبي)

باب: الـنَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الـمُحاقَلَةِ والـمُخابَرَةِ


١٣٣٦. (خ م) (١٥٣٦) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ المُحاقَلَةِ، والمُزابَنَةِ، والمُخابَرَةِ، وعَن بَيعِ الثَّمَرِ حَتّى يَبدُوَ صَلاحُهُ، ولا يُباعُ إلا بِالدِّينارِ والدِّرهَمِ، إلا العَرايا. وفي رواية (م): والمُعاوَمَةِ، وعَن الثُّنيا.
وفي رواية: وأَن تُشتَرى النَّخلُ حَتّى تُشْقِهَ، والإشْقاهُ أن يَحْمَرَّ أو يَصفَرَّ أو يُؤكَلَ مِنهُ شَيءٌ. وفي رواية هِيَ لَفظَ (خ): حَتّى تُشْقِحَ.
وفي رواية: وعَن بَيعِ الثَّمَرَةِ حَتّى تُطْعِم ... وفِيها: قالَ عَطاءٌ: فَسَّرَ لَنا جابِرٌ قالَ: أمّا المُخابَرَةُ؛ فالأَرضُ البَيضاءُ يَدفَعُهُا الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ فَيَنفِقُ فِيها، ثُمَّ يَأخُذُ مِن الثَّمَرِ، وزَعَمَ أنَّ المُزابَنَةَ بَيعُ الرُّطَبِ فِي النَّخلِ بِالتَّمرِ كَيلًا، والمُحاقَلَةُ فِي الزَّرعِ عَلى نَحوِ ذَلكَ؛ يَبِيعُ الزَّرعَ القائِمَ بِالحَبِّ كَيلًا.
وفي رواية: والمُحاقَلَةُ ... فَذَكَرَ نَحوَهُ، وفِيها: والمُخابَرةُ: الثُّلُثُ والرُّبُعُ وأَشباهُ ذَلكَ.
وفي رواية (م): قالَ جابِرٌ: المُزابَنَةُ: الثَّمَرُ بِالتَّمْرِ، والحُقُولُ: كِراءُ الأَرضِ.
ورَوى (م) عَن سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ: والمُحاقَلَةُ أن يُباعَ الزَّرعُ بِالقَمْحِ، واسْتِكْراءِ الأَرضِ بِالقَمْحِ.
١٣٣٧. (خ م) (١٥٤٦) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ المُزابَنَةِ، والمُحاقَلَةِ، والمُزابَنَةُ: اشتِراءُ الثَّمَرِ فِي رُؤوسِ النَّخلِ، (والمُحاقَلَةُ: كِراءُ الأرضِ). ورَوى (خ) عَن أنَسٍ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ المُحاقَلَةِ والمُخاضَرَةِ والمُلامَسَةِ والمنابَذَةِ والمُزابَنَةِ.

باب: مَن باعَ نَخْلًا فِيها ثَمَرٌ


١٣٣٨. (خ م) (١٥٤٣) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن ابتاعَ نَخلًا بَعدَ أن تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُها لِلَّذِي باعَها إلا أن يَشتَرِطَ المُبتاعُ، ومَن ابتاعَ عَبدًا فَمالُهُ لِلَّذِي باعَهُ إلا أن يَشتَرِطَ المُبتاعُ».

باب: إذا حَرَّمَ اللَّهُ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ


١٣٣٩. (خ م) (١٥٨٢) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: بَلَغَ عُمَرَ أنَّ (سَمُرَةَ) باعَ خَمرًا، فَقالَ: قاتَلَ اللهُ (سَمُرَةَ)، ألَم يَعلَم أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ حُرِّمَت عَلَيهِم الشُّحُومُ فَجَمَلُوها فَباعُوها». وفي رواية (خ): «قاتَلَ اللهُ اليَهُودَ ...».

باب: تَحْرِيمُ بَيْعِ الخَمْرِ والـمَيْتَةِ والخِنْزِيرِ والأَصْنامِ


١٣٤٠. (خ م) (١٥٨٠) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: لَمّا نَزَلَت الآياتُ مِن آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فاقتَرَأَهُنَّ عَلى النّاسِ، ثُمَّ نَهى عَنِ التِّجارَةِ فِي الخَمرِ.
١٣٤١. (خ م) (١٥٨١) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄؛ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ عامَ الفَتحِ وهُوَ بِمَكَّةَ: «إنَّ اللهَ ورَسُولَهُ حَرَّمَ بَيعَ الخَمرِ والمَيتَةِ والخِنزِيرِ والأصنامِ». فَقِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أرَأَيتَ شُحُومَ المَيتَةِ فَإنَّهُ يُطلى بِها السُّفُنُ، ويُدهَنُ بِها الجُلُودُ، ويَستَصبِحُ بِها النّاسُ؟ فَقالَ: «لا، هُوَ حَرامٌ». ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عِنْدَ ذَلكَ: «قاتَلَ اللهُ اليَهُودَ، إنَّ اللهَ لَمّا حَرَّمَ عَلَيهِم شُحُومَها أجمَلُوهُ ثُمَّ باعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ».
- تضمن هذا الحديث أن ما لا يحل أكله والانتفاع به لا يجوز بيعه، ولا يحل أكل ثمنه. (القاضي عياض)
- فيه إبطال كل حيلة، يتوصل بها إلى تحليل محرم، وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته، وتبدل اسمه، فإن اليهود أذابوا الشحوم، حتى صارت ودكا، وزال عنها اسم الشحم، ومع ذلك لعنوا.
- أن من احتال في استعمال الأشياء المحرمة، كان ملعونًا؛ لكونه سلك مسلك اليهود الذين لعنهم الله تعالى؛ لانتهاكهم ما حرم الله تعالى بالاحتيال.

١٣٤٢. (م) (١٥٧٨) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَخطُبُ بِالمَدِينَةِ قالَ: «يا أيُّها النّاسُ؛ إنَّ اللهَ تعالى يُعَرِّضُ بِالخَمرِ، ولَعَلَّ اللهَ سَيُنزِلُ فِيها أمرًا، فَمَن كانَ عِندَهُ مِنها شَيءٌ فَليَبِعهُ وليَنتَفِع بِهِ». قالَ: فَما لَبِثنا إلاَّ يَسِيرًا حَتّى قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «إنَّ اللهَ تعالى حَرَّمَ الخَمرَ، فَمَن أدرَكَتهُ هَذِهِ الآيَةُ وعِندَهُ مِنها شَيءٌ فَلا يَشرَب ولا يَبِع». قالَ: فاستَقبَلَ النّاسُ بِما كانَ عِندَهُم مِنها فِي طَرِيقِ المَدِينَةِ فَسَفَكُوها.
- في هذا الحديث بذل النصيحة للمسلمين في دينهم ودنياهم. (النووي)

١٣٤٣. (م) (١٥٧٩) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وعْلَةَ السَّبَئِّيِّ مِن أهلِ مِصرَ أنَّهُ سَأَلَ عَبدَ اللهِ بنَ عَبّاسٍ ﵄ عَمّا يُعصَرُ مِنَ العِنَبِ؟ فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ: إنَّ رَجُلًا أهدى لِرَسُولِ اللهِ ﷺ راوِيَةَ خَمرٍ، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَل عَلِمتَ أنَّ اللهَ قَد حَرَّمَها؟» قالَ: لا. فَسارَّ إنسانًا، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بِمَ سارَرتَهُ؟» فَقالَ: أمَرتُهُ بِبَيعِها. فَقالَ: «إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُربَها حَرَّمَ بَيعَها». قالَ: فَفَتَحَ المَزادَةَ حَتّى ذَهَبَ ما فِيها.
قوله: (فسار إنسانا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بم ساررته؟ فقال: أمرته ببيعها). قال القاضي عياض: فيه دليل لجواز سؤال الإنسان عن بعض أسرار الإنسان فإن كان مما يجب كتمانه كتمه وإلا فيذكره.

باب: الـنَّهْيُ عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ ومَهْرِ البَغِيِّ وحُلْوانِ الكاهِنِ


١٣٤٤. (خ م) (١٥٦٧) عَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأَنْصارِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَن ثَمَنِ الكَلبِ، ومَهرِ البَغِيِّ، وحُلوانِ الكاهِنِ. ورَوى (م) عَن رافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ: «ثَمَنُ الكَلبِ خَبِيثٌ، ومَهرُ البَغِيِّ خَبِيثٌ، وكَسبُ الحَجّامِ خَبِيثٌ». وفي رواية: «شَرُّ الكَسْبِ مَهْرُ البَغِيِّ ...» الحديث.
ورَوى (خ) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: نَهى النَّبِيُّ ﷺ عَن كَسْبِ الإماءِ.
- قوله: (وكسب الحجام خبيث) قال النووي: وحملوا هذا النهي على التنزيه والارتفاع عن دنيء الأكساب، والحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور.

١٣٤٥. (١٥٦٩) عَن أبِي الزُّبَيرِ قالَ: سَأَلتُ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ عَن ثَمَنِ الكَلبِ والسِّنَّورِ؟ قالَ: زَجَرَ النَّبِيُّ ﷺ عَن ذَلكَ.

باب: ما حَرُمَ أخْذُهُ حَرُمَ إعْطاؤُهُ


١٣٤٦. (خ م) (١٢٠٢) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: حَجَمَ النَّبِيَّ ﷺ (عَبدٌ لِبَنِي بَياضَةَ)، فَأَعطاهُ النَّبِيُّ ﷺ أجرَهُ، (وكَلَّمَ سَيِّدَهُ فَخَفَّفَ عَنهُ مِن ضَرِيبَتِهِ)، ولَو كانَ سُحتًا لَم يُعطِهِ النَّبِيُّ ﷺ.
١٣٤٧. (خ م) (١٥٧٧) عَنْ حُمَيْدٍ قالَ: سُئِلَ أنَسُ بنُ مالِكٍ ﵁ عَن كَسبِ الحَجّامِ. فَقالَ: احتَجَمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، حَجَمَهُ أبُو طَيبَةَ، فَأَمَرَ لَهُ بِصاعَينِ مِن طَعامٍ، وكَلَّمَ أهلَهُ فَوَضَعُوا عَنهُ مِن خَراجِهِ، وقالَ: «إنَّ أفضَلَ ما تَداوَيتُم بِهِ الحِجامَةُ، أو هُوَ مِن أمثَلِ دَوائِكُم». وفي رواية زادَ: «والقُسطُ البَحرِيُّ، ولا تُعَذِّبُوا صِبيانَكُم بِالغَمزِ». وفي رواية زادَ: «... والقُسْطُ البَحرِيُّ، ولا تُعَذِّبُوا صِبيانَكُم بِالغَمْزِ». زادَ (خ): «بِالغَمزِ مِن العُذْرَةِ».
وفي رواية: فَأَمَرَ لَهُ بِصاعٍ أو مُدٍّ أو مُدَّينِ. وفي رواية: وكانَ لا يَظلِمُ أحَدًا أجرَهُ. وفي رواية (خ): فَخَفَّفَ عَن غَلَّتِهِ أو ضَرِيبتِهِ.
- إباحة التداوي، قال ابن عبد البر رحمه الله: وفيه إباحة الحجامة، والتداوي بها.
-إباحة التداوي بكل ما يرجى نفعه، مما يؤلم، ومما لا يؤلم، وحسبك بلذعة النار، والكي، وقد قطع عروة ساقه معالجة وتداويا، وخوفا أن يسري الداء إلى أكثر مما سرى.
- في الحديث إباحة الحجامة، وأنها من أفضل الأدوية. (النووي)
- وفيها إباحة التداوي، وإباحة الأجرة على المعالجة بالتطبب. (النووي)
- وفيها الشفاعة إلى أصحاب الحقوق والديون في أن يخففوا منها. (النووي)

باب: الـنَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الغَرَرِ


١٣٤٨. (خ م) (١٥١٢) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ﵁ قالَ: نَهانا رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن بَيعَتَينِ ولِبسَتَينِ، نَهى عَنِ المُلامَسَةِ والمُنابَذَةِ فِي البَيعِ، والمُلامَسَةُ: لَمسُ الرَّجُلِ ثَوبَ الآخَرِ بِيَدِهِ بِاللَّيلِ أو بِالنَّهارِ، ولا يَقلِبُهُ إلا بِذَلكَ، والمُنابَذَةُ: أن يَنبِذَ الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ بِثَوبِهِ، ويَنبِذَ الآخَرُ إلَيهِ ثَوبَهُ، ويَكُونُ ذَلكَ بَيعَهُما مِن غَيرِ نَظَرٍ ولا تَراضٍ. زادَ (خ) فِي رِوايَةٍ: واللِّبسَتَين: اشتِمالُ الصَّمّاءِ، والصَّمّاءُ: أن يَجعَلَ ثَوبَهُ عَلى أحَدِ عاتِقَيهِ، فَيَبدُو أحَدُ شِقَّيهِ لَيسَ عَلَيهِ ثَوبٌ، واللِّبسَةُ الأُخرى: احتِباؤهُ بِثَوبهِ وهُو جالِسٌ، لَيسَ عَلى فَرجِهِ مِنهُ شَيءٌ.
ولَهُما عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مِثلَ حَدِيثِ البابِ (وفِيهِ: يَلمَسُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما ثَوبَ صاحِبهِ بِغَيرِ تَأَمُّلٍ ... وِفِيهِ: ولَم يَنظُر واحِدٌ مِنهُما إلى ثَوبِ صاحِبِهِ). [ولَم يَذكُر (خ) تَفِسيرَ البَيعَتَينِ فِيهِ، وزادَ فِيهِ ما زادَ عَن أبِي سَعِيدٍ].
وفي رواية (خ): وعَن الاحْتِباءِ فِي ثَوبٍ واحِدٍ؛ يُفْضِي بِفَرْجِهِ إلى السَّماءِ.
ورَوى (م) عَن جابِرٍ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَن اشتِمالِ الصَّمّاءِ، والاحْتِباءِ فِي ثَوبٍ واحِدٍ ... وفي رواية: كاشِفًا عَن فَرجِهِ.
قوله: (ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض) يعني: أنه كان يجب البيع بنفس اللمس والنبذ، ولا يبقى لواحد منهما خيرة في حلّه. وبهذا تحصل المفسدة العظيمة؛ إذ لا يدري أحدهما ما حصل له، فيعم الخطر، ويكثر القمار والضرر. (القرطبي)

١٣٤٩. (م) (١٥١٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن بَيعِ الحَصاةِ، وعَن بَيعِ الغَرَرِ.
وهذه البيوع كانت بيوعًا في الجاهلية نهى الرسول ﷺ عنها؛ لما فيها من الجهل والغرر، والقمار والخطر، وكلها تؤدي إلى أكل المال بالباطل، فمتى وقع شيء منها فهو فاسد، لا يصح بوجه، ولا خلاف أعلمه في ذلك. (القرطبي)

باب: الـنَّهْيُ عَنْ بَيْعِ ضِرابِ الجَمَلِ وحَبَلِ الحَبَلَةِ


١٣٥٠. (خ م) (١٥١٤) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: كانَ أهلُ الجاهِلِيةِ يَتَبايَعُونَ لَحمَ الجَزُورِ إلى حَبَلِ الحَبَلَةِ، وحَبَلُ الحَبَلَةِ أن تُنتَجَ النّاقَةُ ثُمَّ تَحمِلَ الَّتِي نُتِجَت، فَنَهاهُم رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن ذَلكَ. وفي رواية: نَهى عَن بَيعِ حَبَلِ الحَبَلةِ. وفي رواية (خ): فَسَّرَهُ نافِعٌ: إلى أن تُنْتَجَ النّاقَةُ ما فِي بَطنِها.
١٣٥١. (م) (١٥٦٥) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن بَيعِ ضِرابِ الجَمَلِ، (وعَن بَيعِ الماءِ)، والأرضِ لِتُحرَثَ. رَوى (خ) معناه عَن ابْنِ عُمرَ ﵄ قالَ: نَهى النَّبيُّ ﷺ عَن عَسبِ الفَحلِ.
- بيان تحريم بيع فضل الماء.
- وجوب بذل الماء مجانًا، من غير طلب عوض، وبه قال الجمهور.
- ما قاله ولي الدين رحمه الله: إن لوجوب بذل الماء شروطا مأخوذة من الحديث:
أحدها: أن يكون ذلك الماء فاضلً عن حاجته، وهو صريح الحديث، فإن المنهي عنه منع الفضل، لا منع الأصل، ولذلك بوب عليه البخاري في "صحيحه"، فقال: من قال: إن صاحب الماء أحق بالماء حتى يروى؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يمنع فضل الماء).
الثاني: أن يكون البذل للماشية، وسائر البهائم، ولا يجب عليه بذل الفاضل عن حاجته لزرع غيره على الصحيح عند الشافعية.
الثالث: أن لا يجد صاحب الماشية ماء مباحا، ويدل لهذا قوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه:) ليمنع به الكلأ)، فإنه متى وجد ذلك لا يلزم من منع الماء منع الكلأ للاستغناء عنه بذلك الماء المباح.
الرابع: أن يكون هناك كلأ يرعى، فلو خلت تلك الأرض عن الكلأ فله المنع؛ لانتفاء العلة المعتبرة في الحديث.

باب: الـنَّهْيُ عَنِ النَّجْشِ


١٣٥٢. (خ م) (١٥١٦) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَنِ النَّجْشِ. ورَوى (خ) عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي أوفى ﵁ قالَ: النّاجِشُ آكِلُ رِبًا، خائنٌ.

باب: الـنَّهْيُ عَن بَيْعِ الـمُصَرّاةِ


١٣٥٣. (خ م) (١٥٢٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن ابتاعَ شاةً مُصَرّاةً فَهُوَ فِيها بِالخِيارِ (ثَلاثَةَ أيّامٍ)، إن شاءَ أمسَكَها وإن شاءَ رَدَّها ورَدَّ مَعَها صاعًا مِن تَمرٍ». قَولُهُ: «ثَلاثَةَ أيّامٍ»، عَلَّقَهُ (خ).
وفي رواية (م): «اشتَرى لِقْحَةً مُصَرّاةً ...». وفي رواية: «وإن شاءَ رَدَّها وصاعًا مِن تَمرٍ لا سَمْراءَ». وفي رواية: «مِن طَعامٍ لا سَمْراءَ».
وفي رواية (خ): «فَفِي حَلْبَتِها صاعٌ مِن تَمْرٍ».
ورَوى (خ) عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - مَوقُوفًا - قالَ: مَن اشتَرى شاةً مُحَفَّلَةً فَرَدَّها فَليَرُدَّ مَعَها صاعًا.
قال الخطابي: اختلف العلماء، وأهل اللغة في تفسير المصرّاة، وفي اشتقاقها، فقال الشافعي: التصرية: أن يربط أخلاف الناقة، أو الشاة، ويترك حلبها اليومين والثلاثة، حتى يجتمع لبنها، فيزيد مشتريها في ثمنها بسبب ذلك؛ لظنه أنه عادة لها.
التصرية حرام، سواء تصرية الناقة، والبقرة، والشاة، والجارية، والفرس، والأتان، وغيرها؛ لأنه غش، وخِداع، وبيعها صحيح مع أنه حرام، وللمشتري الخيار في إمساكها، وردّها.

باب: الـنَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الرَّجُلِ عَلى بَيْعِ أخِيهِ، وتَلَقِّي الرُّكْبانِ


١٣٥٤. (خ م) (١٥١٧) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى أن تُتَلَقّى السِّلَعُ حَتّى تَبلُغَ الأسواقَ. لَفظُ (خ): «.. ولا تَلَقَّوا السِّلعَ حَتّى يُهْبَطَ بِها إلى السُّوقِ».
١٣٥٥. (خ م) (١٥١٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يُتَلَقّى الرُّكبانُ لِبَيعٍ، ولا يَبِــع بَعضُكُم عَلى بَيعِ بَعضٍ، ولا تَناجَشُوا، ولا يَبِــع حاضِرٌ لِبادٍ، ولا تُصَرُّوا الإبِلَ والغَنَمَ، فَمَن ابتاعَها بَعدَ ذَلكَ فَهُوَ بِخَيرِ النَّظَرَينِ بَعدَ أن يَحلُبَها، فَإن رَضِيَها أمسَكَها، وإن سَخِطَها رَدَّها وصاعًا مِن تَمرٍ». وفي رواية: نَهى عَنِ التَّلَقي لِلركُّبان ... وأَن يَسْتامَ الرَّجُلُ عَلى سَوْمِ أخِيهِ. وفي رواية (م): عَلى سِمَةِ أخِيهِ.
وفي رواية: ولا يَزِدِ الرَّجُلُ عَلى بَيعِ أخِيهِ.
وفي رواية (خ): وأَن يَبتاعَ المُهاجِرُ لِلأَعرابيِّ.
١٣٥٦. (م) (١٥١٩) عَنْ أبِي ُهرَيْرَةَ قالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا تَلَقَّوا الجَلَبَ، فَمَن تَلَقّاهُ فاشتَرى مِنهُ فَإذا أتى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُو بِالخِيارِ».

باب: لا يَبِــعْ حاضِرٌ لِبادٍ


١٣٥٧. (خ م) (١٥٢١) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ أن تُتَلَقّى الرُّكبانُ، وأَن يَبِيعَ حاضِرٌ لِبادٍ، قالَ [طاوس]: فَقُلتُ لابنِ عَبّاسٍ: ما قَولُهُ: حاضِرٌ لِبادٍ؟ قالَ: لا يَكُن لَهُ سِمسارًا.
١٣٥٨. (خ م) (١٥٢٣) عَن أنسٍ قالَ: نُهينا أن يَبِيعَ حاضِرٌ لِبادٍ، (وإن كان أخاهُ أو أباهُ). ورَوى (م) عَن جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا يَبِــع حاضِرٌ لِبادٍ، دَعُوا النّاسَ يَرزُقُ اللهُ بَعضَهُم مِن بَعضٍ».
- بيع الحاضر للباد : فهو أن يأتي إنسان قادم من البادية بغنمه أو إبله أو سمنه أو لبنه أو أقطه ليبيعه في السوق فيأتي الإنسان إليه وهو من أهل البلد, ويقول يا فلان " أنا أبيع لك هذا "، لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض"، دع البدوي يبيع ربما يريد أن يبيع برخص؛ لأنه يريد أن يرجع إلى أهله، وأيضا إذا باع البدوي فالعادة أن الحضري ينقده الثمن ولا يؤخره ؛ لأنه يعرف أنه صاحب بادية يريد أن يرجع فيكون بذلك فائدة للبائع وهو البدوي ينقد له الثمن، وفائدة للمشتري وهو أن الغالب أن البدوي يبيع برخص؛ لأنه عجل لا ينتظر الزيادة، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد. ( ابن عثيمين )
- فإذا تولى الحضري البيع للبدوي رفع في أثمان السلعة، بخلاف تولي البدوي ذلك بنفسه، فربما سأل أقل من سؤال الحضري وينتفع بذلك أهل الحضر، ولم يزل - عليه السلام - ينظر للعامة على الخاصة، فيريد البخاري على هذا التأويل أن ترك السمسرة على هذا التأويل، وترك بيع الحاضر للبادي من النصيحة للمسلمين. ( ابن الملقن )

باب: بَيْعُ الخِيارِ


١٣٥٩. (خ م) (١٥٣١) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا تَبايَعَ الرَّجُلانِ فَكُلُّ واحِدٍ مِنهُما بِالخِيارِ ما لَم يَتَفَرَّقا وكانا جَمِيعًا، أو يُخَيِّرُ أحَدُهُما الآخَرَ، فَإن خَيَّرَ أحَدُهُما الآخَرَ فَتَبايَعا عَلى ذَلكَ فَقَد وجَبَ البَيعُ، وإن تَفَرَّقا بَعدَ أن تَبايَعا ولَم يَترُك واحِدٌ مِنهُما البَيعَ فَقَد وجَبَ البَيعُ». وفي رواية: «ما لَم يَتفرَّقا، إلا بَيعَ الخِيارِ». وفي رواية زادَ: قالَ نافِعٌ: فَكانَ إذا بايَعَ رَجُلًا فَأرادَ أن لا يُقِيلَهُ: قامَ فَمشى هُنَيَّةً ثَمَّ رَجَعَ إليهِ. لفظ (خ) قال: وكانَ ابنُ عُمرَ إذا اشتَرى شَيئًا يُعجِبُهُ فارَقَ صاحِبَهُ.
- هذا الحديث دليل لثبوت خيار المجلس لكل واحد من المتبايعين بعد انعقاد البيع حتى يتفرقا من ذلك المجلس بأبدانهما، وبهذا قال جماهير العلماء من الصحابة، والتابعين ومن بعدهم. ( النووي )
- الحكمة في جعل الخيار للمتبايعين إلى أن يتفرقا أنه قد تستزل البادرة من كل واحد منهما لأجل تطلعه إلى ما في يد صاحبه استزلالاً لا يؤمن أن يندم على أثره، فجعل الشرع له مهلة ما داما في مجلسهما لينظر كل واحد منهما ما حصل في يده، ويتمكن من تقليبه، فإذا نهض من مجلسه وجب البيع؛ لأن ذلك المقدار من الزمان كاف في ترويه، والتفرق في اللغة لا يحمل إلا على التفرق بالأبدان. ( ابن هبيرة ).

باب: الـصِّدْقُ فِـي البَيْعِ والبَيانِ


١٣٦٠. (خ م) (١٥٣٢) عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزامٍ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «البَيِّعانِ بِالخِيارِ ما لَم يَتَفَرَّقا، فَإن صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لَهُما فِي بَيعِهِما، وإن كَذَبا وكَتَما مُحِقَ بَرَكَةُ بَيعِهِما». قالَ مُسلِمُ بنُ الحَجّاجِ: وُلِدَ حَكِيمُ بنُ حِزامٍ فِي جَوفِ الكَعبَةِ، وعاشَ مِائةَ وعِشرِينَ سَنةً.
- قوله : "فإن صدقا وبينا " يعني فإن صدق البائع في صفة المبيع، وبين ما فيه من عيب ونقص، وكذا المشتري فيما يعطي في عوض المبيع " بورك " : أي كثر نفع البائع من الثمن، ونفع المشتري في المبيع. ( الطيبي ).
- فعلى كل من المتبايعين نصح صاحبه من بيان العيب، وعدم حصول الغرض منه، فإن كتم ذلك ولم يبين خانه. ( الطيبي )
- حرم بهذا غش المؤمن وخديعته، فكتمان العيب في السلع حرام، ومن فعل هذا فهو متوعد بمحق بركة بيعه في الدنيا، والعقاب الأليم في الآخرة. ( ابن الملقن)
- أصل الباب: أن نصيحة المسلم للمسلم واجبة، وقد كان سيد الأمة يأخذها في البيعة على الناس كما يأخذ عليهم الفرائض. (ابن الملقن ).
الفوائد السلوكية :
بركة الصدق عظيمة، " ذهب الصدق بالخير كله". د. خالد الدريس
في الحديث أن من مقاصد الشريعة "حفظ المال"، فجعلت التعامل الصادق في المعاملات سبباً للبركة، وبسط الأرزاق، وفتحاً لأبواب التوفيق والفلاح في الدنيا والآخرة.

باب: مَن يُخْدَعُ فِـي البُيُوعِ


١٣٦١. (خ م) (١٥٣٣) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: ذَكَرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ أنَّهُ يُخدَعُ فِي البُيُوعِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن بايَعتَ فَقُل: لا خِلابَةَ». فَكانَ إذا بايَعَ يَقُولُ (لا خِيابَةَ). لَفظُ (خ): فَكانَ الرَّجُلُ يَقُولُهُ.

باب: لَعْنُ آكِلِ الرِّبا ومُؤْكِلِهِ


١٣٦٢. (م) (١٥٩٧) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ ﷺ آكِلَ الرِّبا ومُؤكِلَهُ. رَوى (خ) مَعناهُ عَن عَونِ بْنِ أبِي جُحَيفَةَ قالَ: رَأَيتُ أبِي اشتَرى حَجّامًا فَأَمَرَ بِمَحاجِمِهِ فَكُسِرَت، فَسَأَلتُهُ عَن ذَلكَ، قالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَن ثَمَنِ الدَّمِ، وثَمَنِ الكَلبِ، وكَسبِ الأَمَةِ، ولَعَنَ الواشِمَةَ والمستَوشِمَةَ، وآكلَ الرِّبا ومُوكِلَهُ، ولَعَنَ المُصَوِّرَ. ورَوى (م) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ مِثلَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وزادَ: وكاتِبَهُ وشاهِدَيهِ، وقالَ: «هُم سَواءٌ».
سوى النبى - عليه السلام - بين آكل الربا وموكله في النهى، تعظيمًا لإثمه كما سوى بين الراشي والمرشي في الإثم، وموكل الربا هو معطيه، وآكله هو آخذه، وأمر الله عباده بتركه والتوبة منه بقوله: {اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله }، وتوعد تعالى من لم يتب منه بمحاربة الله ورسوله، وليس في جميع المعاصي ما عقوبتها محاربة الله ورسوله غير الربا، فحق على كل مؤمن أن يجتنبه، ولا يتعرض لما لا طاقة له به من محاربة الله ورسوله. ( ابن بطال ).

باب: فِـي الصَّرْفِ


١٣٦٣. (خ م) (١٥٨٤) مالك عن نافع عَن أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلا مِثلًا بِمِثلٍ، ولا تُشِفُّوا بَعضَها عَلى بَعضٍ، ولا تَبِيعُوا الوَرِقَ بِالوَرِقِ إلا مِثلًا بِمِثلٍ، ولا تُشِفُّوا بَعضَها عَلى بَعضٍ، ولا تَبِيعُوا مِنها غائِبًا بِناجِزٍ».
ولَهُما مِن حَدِيثِ اللَّيثِ عَن نافِعٍ: قالَ نافِعٌ: فَذَهَبَ عَبدُ اللهِ وأَنا مَعَهُ (واللَّيثيُّ) حَتّى دَخَلَ عَلى أبِي سَعِيدٍ ... (وفِيها: فَأَشارَ أبُو سَعِيدٍ بِإصبَعَيهِ إلى عَينَيهِ وأُذُنَيهِ فَقالَ: أبصَرَتْ عَينايَ وسَمِعَتْ أُذُنايَ) رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ ... فَذَكَرَهُ، وفي آخِرِهِ: «إلا يَدًا بَيَدٍ».
ورَوى (م) مِن حَدِيثِ سُهَيلٍ عَن أبِيهِ عَن أبِي سَعِيدٍ وفِيهِ: «إلا وزنًا بِوَزنٍ ... سَواءً بِسَواءٍ».
ورَوى (م) مِن حَدِيثِ إسماعِيلِ بْنِ مُسلِمٍ عَن أبِي المُتَوكِّلِ النّاجِي عَن أبِي سَعِيدٍ مَرفُوعًا: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، والفِضَّةُ بِالفَضَّةِ، والبُرُّ بِالبُرِّ، والشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، والتَّمرُ بِالتَّمرِ، والمِلحُ بِالمِلحِ، مِثلًا بِمِثلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَن زادَ أو استَزادَ فَقَد أرْبى، الآخِذُ والمُعطِي فِيهِ سَواءٌ». ورَوى مِن حَدِيثِ سُفيانَ عَن خالِدٍ الحَذّاءِ عَن أبِي قِلابَةَ عَن أبِي الأَشعَثِ عَن عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ مرفوعًا: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ... وفِيهِ: «مِثْلًا بِمِثْلٍ سَواءً بِسَواءٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإذا اختَلَفَت هَذِهِ الأَصنافُ فَبِيعُوا كَيفَ شِئتُم إذا كانَ يَدًا بِيَدٍ».
ورَوى (م) مِن حَدِيثِ مُسلِمِ بْنِ يَسارٍ عَن أبِي الأَشعَثِ قالَ: غَزَونا غَزاةً، وعَلى النّاسِ مُعاوِيَةُ، فَغَنِمنا غَنائِمَ كَثِيرةً، فَكانَ فِيما غَنِمْنا آنِيَةٌ مِن فِضَّةٍ، فَأَمَرَ مُعاوِيَةُ رَجُلًا أن يَبِيعَها فِي أعْطياتِ النّاسِ، فَتَسارَعَ النّاسُ فِي ذَلكَ، فَبَلَغَ عُبادَةَ بنَ الصّامِتِ فَقامَ فَقالَ: إني سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَنهى عَن بِيعِ ... فَذَكَرَهُ وفِيهِ: إلاَّ سَواءً بِسَواءٍ، عَينًا بِعَينٍ، فَمَن زادَ أو ازْدادَ فَقَد أرْبى. فَرَدَّ النّاسُ ما أخَذُوا، فَبَلغَ ذَلكَ مُعاوِيَةَ فَقامَ خَطِيبًا فَقالَ: ألا ما بالُ رِجالٍ يَتَحَدَّثُونَ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ أحادِيثَ، قَد كُنّا نَشْهَدُهُ ونَصْحَبُهُ فَلَم نَسمَعْها مِنهُ، فَقامَ عُبادَةُ بنُ الصّامِتِ فَأَعادَ القِصَّةَ، ثُمَّ قالَ: لَنُحدِّثنَّ بِما سَمِعنا مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ وإن كَرِهَ مُعاوِيةُ، أو قالَ: وإن رَغِمَ، ما أُبالِي أن لا أصْحَبَهُ فِي جُنْدِهِ لَيلَةً سَوداءَ.
ورَوى (م) مِن حَدِيثِ أبِي زُرعَةَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ نَحوَ حَدِيثِ أبِي سَعِيدٍ وعُبادَةَ، وفِيهِ: «والحِنطَةُ بِالحِنطَةِ»، وقالَ فِي آخِرِهِ: «فَقَد أرْبى إلا ما اختَلَفَت ألوانُهُ». ومِن حَدِيثِ ابْنِ أبِي نُعْمٍ عَنْهُ مَرْفُوعًا: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وزنًا بِوَزنٍ، مِثلًا بِمِثلٍ ..». ومِن حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ يَسارٍ عَنهُ مَرفُوعا: «الدِّينارُ بِالدِّينارِ لا فَضْلَ بَينَهُما، والدِّرهَمُ بِالدِّرهَمِ لا فَضلَ بَينَهُما».
ورَوى (م) مِن حَدِيثِ سُلَيمانِ بْنِ يَسارٍ سَمِعَ مالِكَ بنَ أبِي عامِرٍ يُحَدِّثُ عَن عُثْمانَ مَرفُوعا: «لا تَبِيعُوا الدِّينارَ بِالدِّينارَينِ، ولا الدِّرهَمَ بِالدِّرهَمَينِ».
تحريم التفاضل في الأموال الربوية عند اتحاد الجنس. ( ابن دقيق العيد )
أجمع العلماء على تحريم بيع الذهب بالذهب أو بالفضة مؤجلا، وكذلك الحنطة بالحنطة، أو بالشعير. ( النووي )
التفاضل جائز في كل ما اختلف أجناسه من الطعام؛ لأنه إذا اختلفت أجناسه اختلفت أغراض الناس فيه؛ لاختلاف منافعه، فلذلك جاز بيعه متفاضلًا. ( ابن الملقن )

١٣٦٤. (خ م) (١٥٨٦) عَنْ مالِكِ بْنِ أوْسِ بْنِ الحَدَثانِ قالَ: أقبَلتُ أقُولُ: مَن يَصطَرِفُ الدَّراهِمَ؟ فَقالَ طَلحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ وهُوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ: أرِنا ذَهَبَكَ، ثُمَّ ائتِنا إذا جاءَ خادِمُنا نُعطِكَ ورِقَكَ. فَقالَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ: كَلاَّ، واللهِ لَتُعطِيَنَّهُ ورِقَهُ، أو لَتَرُدَّنَّ إلَيهِ ذَهَبَهُ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «(الوَرِقُ) بِالذَّهَبِ رِبًا إلا هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بِالبُرِّ رِبًا إلا هاءَ وهاءَ، والشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إلا هاءَ وهاءَ، والتَّمرُ بِالتَّمرِ رِبًا إلا هاءَ وهاءَ». لَفظُ (خ): «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ». وفي رواية (خ): حَتى يَأتيَ خازِني مِن الغابةِ، وعُمَرُ يَسمَعُ ذِلكَ..
١٣٦٥. (خ م) (١٥٨٩) عَنْ أبِي المِنهالِ قالَ: باعَ شَرِيكٌ لِي ورِقًا بِنَسِيئَةٍ إلى المَوسِمِ، أو إلى الحَجِّ، فَجاءَ إلَيَّ فَأَخبَرَنِي، فَقُلتُ: هَذا أمرٌ لا يَصلُحُ. قالَ: قَد بِعتُهُ فِي السُّوقِ، فَلَم يُنكِر ذَلكَ عَلَيَّ أحَدٌ، فَأَتَيتُ البَراءَ بنَ عازِبٍ فَسَأَلتُهُ، فَقالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المَدِينَةَ ونَحنُ نَبِيعُ هَذا البَيعَ، فَقالَ: «ما كانَ يَدًا بِيَدٍ فَلا بَأسَ بِهِ، وما كانَ نَسِيئَةً (فَهُوَ رِبًا)». وائتِ زَيدَ بنَ أرقَمَ، فَإنَّهُ أعظَمُ تِجارَةً مِنِّي، فَأَتَيتُهُ فَسَأَلتُهُ، فَقالَ مِثلَ ذَلكَ. لَفظُ (خ): «وإن كانَ نَساءً فَلا يَصلُحُ». وفي رواية: ثُمَّ قالا: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن بَيعِ الوَرِقِ بِالذَّهَبِ دَيْنًا.
وفي رواية (خ): عَن أبِي المِنهالِ قالَ: كُنتُ أتَّجِرُ فِي الصَّرفِ، وفِيها: قالا: كُنّا تاجِرَين عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَسَأَلْنا رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ الصَّرْفِ ... فَذَكَرَهُ.
وفي رواية (خ): «ما كانَ يَدًا بِيَدٍ فَخُذُوهُ، وما كانَ نَسِيئةً فَذَرُوهُ».
وفي رواية (خ): فَكُلُّ واحِدٍ مِنهُمُا يَقُولُ: هَذا خَيرٌ مِنِّي.
١٣٦٦. (خ م) (١٥٩٦) عَنْ (عَطاءِ بْنِ أبِي رَباحٍ)؛ أنَّ أبا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ﵁ لَقِيَ ابنَ عَبّاسٍ ﵁ فَقالَ لَهُ: أرَأَيتَ قَولَكَ فِي الصَّرفِ؛ أشَيئًا سَمِعتَهُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ أم شَيئًا وجَدتَهُ فِي كِتابِ اللهِ ﷿؟ فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ: كَلاَّ، لا أقُولُ، أمّا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَأَنتُم أعلَمُ بِهِ، (وأَمّا كِتابُ اللهِ فَلا أعلَمُهُ)، ولَكِن حَدَّثَنِي أُسامَةُ بنُ زَيْدٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «ألا إنَّما الرِّبا فِي النَّسِيئَةِ».
لَفْظُ (خ): «لا رِبا إلا فِي النَّسِيئَةِ».
وفي رواية (م): «الرِّبا فِي النَّسِيئَةِ». وفي رواية (م): «لا رِبا فِيما كانَ يَدًا بِيَدٍ».
١٣٦٧. (م) (١٥٩١) عَنْ فَضالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الأَنْصارِيِّ ﵁ قالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ وهُوَ بِخَيبَرَ بِقِلادَةٍ فِيها خَرَزٌ وذَهَبٌ، وهِيَ مِنَ المَغانِمِ تُباعُ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي القِلادَةِ فَنُزِعَ وحدَهُ، ثُمَّ قالَ لَهُم رَسُولُ اللهِ ﷺ: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وزنًا بِوَزنٍ».
ورَوى (م) عَن حَنَشٍ الصَّنعاني عَن فَضالَةَ بْنِ عُبَيدٍ قالَ: كُنّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَومَ خَيبَرٍ نُبايِعُ اليَهُودَ الوُقِيَّةَ الذَّهَبَ بِالدِّينارَينِ والثَّلاثةَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا تبيعوا الذهبَ بالذهبِ إلاَّ وزنًا بوزنٍ». ورَوى عَن حَنَشٍ قالَ: كُنّا مَعَ فَضالَةَ بْنِ عُبَيدٍ فِي غَزوَةٍ، فَطارَت لِي ولأَصحابِي قِلادَةٌ فِيها ذَهَبٌ ووَرِقٌ وجَوهَرٌ، فَأَرَدتُ أن أشتَرِيَها، فَسَأَلتُ فَضالَةَ بنَ عُبَيدٍ فَقالَ: انزِع ذَهَبَها فاجعَلهُ فِي كِفَّةٍ، واجعَل ذَهَبَكَ فِي كِفَّةٍ، ثُمَّ لا تَأخُذَنَّ إلاَّ مِثلًا بِمِثلٍ، فَإنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن كانَ يُؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فَلا يَأخُذَنَّ إلاَّ مِثلًا بِمِثلٍ».

١ نبي كان يأكل من عمل يده

٥/٠