كِتابُ الفَرائِضِ


باب: لا يَرِثُ الـمُسْلِمُ الكافِرَ ولا الكافِرُ الـمُسْلِمَ


١٤٤٣. (خ م) (١٦١٤) عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ ﵄؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «لا يَرِثُ المُسلِمُ الكافِرَ، ولا يَرِثُ الكافِرُ المُسلِمَ».
-في هذا الحديث يبين النبي ﷺ حكما عاما بين المسلم والكافر؛ لأن الإرث مبناه على الصلة والقربى والنفع، وهي منقطعة مادام الدين مختلفا؛ لأنه الصلة المتينة والعروة الوثقى، فإذا فقدت هذه الصلة، فقد معها كل شيء حتى القرابة، وانقطعت علاقة التوريث بين الطرفين. (عبد الله البسام).

باب: ألْحِقُوا الفَرائِضَ بِأَهْلِها


١٤٤٤. (خ م) (١٦١٥) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ألحِقُوا الفَرائِضَ بِأَهلِها، فَما بَقِيَ فَهُوَ لأولى رَجُلٍ ذَكَرٍ». وفي رواية (م): «اقسِمُوا المالَ بَينَ أهلِ الفَرائِضِ عَلى كِتابِ اللهِ، فَما تَرَكَت ...» الحديث.
-فيه تقديم ورث الفرائض على العصبات. (ابن هبيرة).
-قوله: (فلأولى رجل ذكر) قال العلماء: المراد بأولى رجل: أقرب رجل، مأخوذ من الولي وهو القرب، وليس المراد بأولى هنا أحق؛ لأنه لو حمل هنا على (أحق) لخلا عن الفائدة، لأنا لا ندري من هو الأحق. (النووي).
-قوله: (رجل ذكر) وصف الرجل بأنه ذكر تنبيها على سبب استحقاقه وهو الذكورة التي هي سبب العصوبة وسبب الترجيح في الإرث، ولهذا جعل الذكر مثل حظ الأنثيين، وحكمته أن الرجال تلحقهم مؤن كثيرة بالقيام بالعيال والضيفان، والأرقاء والقاصدين، ومواساة السائلين وتحمل الغرامات وغير ذلك. (النووي).

باب: مِيراثُ الكَلالَةِ


١٤٤٥. (خ م) (١٦١٦) عَنْ شُعْبَةَ؛ أخبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ المُنكَدِرِ قالَ: سَمِعتُ جابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وأَنا مَرِيضٌ لا أعقِلُ، فَتَوَضَّأَ، فَصَبُّوا عَلَيَّ مِن وضُوئِهِ فَعَقَلتُ، فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّما يَرِثُنِي كَلالَةٌ، فَنَزَلَت آيَةُ المِيراثِ. (فَقُلتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ المُنكَدِرِ: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلالَةِ﴾ [النساء: ١٧٦]؟ قالَ: هَكَذا أُنزِلَت). وفي رواية: ثُمَّ رَشَّ عَلَيَّ مِنهُ فَأَفَقتُ، فَقُلتُ: كَيفَ أصنَعُ فِي مالِي يا رَسُولَ اللهِ؟ فَنَزَلَت: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١]. وفي رواية (خ): فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّما لِي أخَواتٌ. فَنَزَلَت آيَةُ الفَرائِضِ.
١٤٤٦. (خ م) (١٦١٨) عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ ﵄؛ أنَّ آخِرَ سُورَةٍ أُنزِلَت تامَّةً سُورَةُ التَّوبَةِ، وأَنَّ آخِرَ آيَةٍ أُنزِلَت آيَةُ الكَلالَةِ. ورَوى (خ) عَن ابنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَت عَلى النَّبِيِّ ﷺ آيَةُ الرِّبا.
-فيه فضيلة عيادة الأكابر الأصاغر. (العيني).
-فيه رحمة النبيﷺ وحبه لأصحابه.
-فيه فضيلة جابر رضي الله عنه في حرصه على كيفية التصرف في ماله قبل موته.
-وفيه فضيلة عيادة المريض واستحباب المشي فيها. (النووي).
-وفيه ظهور آثار بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم. (النووي).
-هذا الحديث بوب عليه الإمام البخاري في صحيحة: باب عيادة المغمى عليه، فائدة الترجمة أن لا يعتقد أن عيادة المغمى عليه ساقطة لكونه لا يعلم بعائده. (ابن المنيّر).
-ومجرد علم المريض بعائده لا تتوقف مشروعية العيادة عليه؛ لأن وراء ذلك جبر خاطر أهله وما يرجى من بركة دعاء العائد، ووضع يده على المريض والمسح على جسده والنفث عليه عند التعويذ إلى غير ذلك. (ابن حجر).
- فيه جواز وصية المريض وإن كان يذهب عقله في بعض أوقاته بشرط أن تكون الوصية في حال إفاقته وحضور عقله. (النووي).

باب: مَن تَرَكَ مالًا فَلِوَرَثَتِهِ


١٤٤٧. (خ م) (١٦١٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يُؤتى بِالرَّجُلِ المَيِّتِ عَلَيهِ الدَّينُ، فَيَسأَلُ؛ هَل تَرَكَ لِدَينِهِ مِن قَضاءٍ؟ فَإن حُدِّثَ أنَّهُ تَرَكَ وفاءً صَلّى عَلَيهِ، وإلا قالَ: «صَلُّوا عَلى صاحِبِكُم». فَلَمّا فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ الفُتُوحَ قالَ: «أنا أولى بِالمُؤمِنِينَ مِن أنفُسِهِم، فَمَن تُوُفِّيَ وعَلَيهِ دَينٌ فَعَلَيَّ قَضاؤُهُ، ومَن تَرَكَ مالًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ». زادَ (خ): «أولى النّاسِ بِهِ فِي الدُّنيا والآخِرَةِ اقرَؤُوا إن شِئتُم: ﴿النَّبِيُّ أوْلى بِالمُؤْمِنِينَ مِن أنفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٦]». وفي رواية: قالَ: «(والَّذِي نَفسُ مُحمدٍ بِيَدِهِ إنْ عَلى الأَرضِ) مِن مُؤمِنٍ إلا أنا أولى النّاسِ بِهِ، فَأَيُّكُم ما تَرَكَ دَيْنًا أو ضَياعًا فَأَنا مَولاهُ، وأَيُّكُم تَرَكَ مالًا فَإلى العَصَبَةِ مَن كانَ».
- إنما كان يترك الصلاة عليه ليحرض الناس على قضاء الدين في حياتهم والتوصل إلى البراءة منها لئلا تفوتهم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما فتح الله عليه عاد يصلي عليهم ويقضي دين من لم يخلف وفاء. (النووي)
-قوله صلى الله عليه وسلم (صلوا على صاحبكم) فيه الأمر بصلاة الجنازة، وهي فرض كفاية. (النووي).

باب: مِيراثُ البِنْتِ مَعَ الأُخْتِ


١٤٤٨. (خ) (٦٧٣٤) عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ قالَ: أتانا مُعاذُ بنُ جَبَلٍ بِاليَمَنِ مُعَلِّمًا وأَمِيرًا، فَسَأَلناهُ عَن رَجُلٍ تُوُفِّيَ وتَرَكَ ابنَتَهُ وأُختَهُ؛ فَأَعطى الابنَةَ النِّصفَ، والأختَ النِّصفَ.
- أجمع العلماء على أن ميراث البنت الواحدة النصف؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} [النساء: 11]، وأجمعوا أيضا على أن للأخت النصف، لنفس الآية، فجعلها كالابنة. (ابن الملقن).

باب: مِيراثُ ابْنَةٍ وابْنَةِ ابْنٍ وأُخْتٍ


١٤٤٩. (خ) (٦٧٣٦) عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قالَ: سُئِلَ أبُو مُوسى عَن: ابنَةٍ وابنَةِ ابنٍ وأُختٍ، فَقالَ: للابنَةِ النِّصفُ، ولِلأختِ النِّصفُ، وأتِ ابنَ مَسْعُودٍ فَسَيُتابِعُنِي. فَسُئِلَ ابنُ مَسْعُودٍ وأُخبِرَ بِقَولِ أبِي مُوسى، فَقالَ: لَقَد ضَلَلتُ إذًا وما أنا مِن المُهتَدِينَ، أقضِي فِيها بِما قَضى النَّبِيُّ ﷺ: لِلابنَةِ النِّصفُ، ولابنَةِ ابنٍ السُّدُسُ تَكمِلَةَ الثُّلُثَينِ، وما بَقِيَ فَلِلأختِ. فَأَتَينا أبا مُوسى فَأَخبَرناهُ بِقَولِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقالَ: لا تَسأَلُونِي ما دامَ هَذا الحَبرُ فِيكُم.
-وفيه: أن الحجة عند التنازع إلى سنة النبي ﷺ، وأنه ينبغي للعالم الانقياد إليها. (ابن بطال).
-وفيه: ما كانوا عليه من الإنصاف والاعتراف بالحق لأهله، وشهادة بعضهم لبعض بالعلم والفضل. (ابن بطال).
- أن الأخوات مع البنات عصبة. (عبد القادر شيبة الحمد).
- أنه إذا اجتمع بنت وبنت ابن وأخت يكون النصف للبنت، والسدس لبنت الابن والباقى للأخت. (عبد القادر شيبة الحمد).

كِتابُ الوَقفِ - 3:46


١٤٥٠. (خ م) (١٦٣٢) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: أصابَ عُمَرُ ﵁ أرضًا بِخَيبَرَ، فَأَتى النَّبِيَّ ﷺ يَستَأمِرُهُ فِيها، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنِّي أصَبتُ أرضًا بِخَيبَرَ، لَم أُصِب مالًا قَطُّ هُوَ أنفَسُ عِندِي مِنهُ؛ فَما تَأمُرُنِي بِهِ؟ قالَ: «إن شِئتَ حَبَستَ أصلَها وتَصَدَّقتَ بِها». قالَ: فَتَصَدَّقَ بِها عُمَرُ؛ أنَّهُ لا يُباعُ أصلُها، (ولا يُبتاعُ)، ولا يُورَثُ، ولا يُوهَبُ، قالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الفُقَراءِ، وفِي القُربى، وفِي الرِّقابِ، وفِي سَبِيلِ اللهِ، وابنِ السَّبِيلِ، والضَّيفِ، لا جُناحَ عَلى مَن ولِيَها أن يَأكُلَ مِنها بِالمَعرُوفِ، أو يُطعِمَ صَدِيقًا، غَيرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ.
وفي رواية (خ): وكانَ يُقالُ لَهُ: ثَمْغٌ، وكانَ نَخلًا ... وفِيها: فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «تَصَدَّق بِأَصلِهِ، لا يُباعُ، ولا يُوهَبُ، ولا يُورَثُ، ولَكِن يُنْفَقُ ثمرُهُ». فَتَصَدَّقَ بِهِ عُمَرُ. زادَ (خ): عَن سُفيانَ عَن عَمْرٍو قالَ فِي صَدَقَةِ عُمَرَ ﵁: لَيسَ عَلى الوَلِيِّ جُناحٌ أن يَأكُلَ ويُؤكِلَ صَدِيقًا لَهُ غَيرَ مُتَأَثِّلٍ مالًا. فَكانَ ابنُ عُمَرَ هُوَ يَلِي صَدَقَةَ عُمَرَ يُهدِي لِناسٍ مِن أهلِ مَكَّةَ كانَ يَنزِلُ عَلَيهِم.
- في الحديث فضيلة الوقف، وهي الصدقة الجارية. (النووي).
- وفيه فضيلة الإنفاق مما يحب. (النووي).
-وفيه فضيلة ظاهرة لعمر رضي الله عنه. (النووي).
- -فيه نص من النبى ﷺفى الحبس والأمر به، وفيه جواز التحبيس على الأغنياء لقوله: "أو يطعم صديقاً". (القاضي عياض).
- يؤخذ من قوله: "إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها" معنى الوقف الذي هو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة. (عبد الله البسام).
- يؤخذ من قوله: "غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث" حكم التصرف في الوقفة، فإنه لا يجوز نقل الملك فيه، ولا التصرف الذي يسبب نقل الملك، بل يظل باقيا لازما، يعمل به حسب شرط الواقف الذي لا حيف فيه ولا جنف. (عبد الله البسام).
- مكان الوقف، وأنه العين التي تبقى بعد الانتفاع بها. فأما ما يذهب بالانتفاع به، فهو صدقة، وليس له موضوع الوقف ولا حكمه. (عبد الله البسام).
-يؤخذ من قوله: "فتصدق بها عمر في الفقراء.. الخ" مصرف الوقف الشرعي، وأنه الذي يكون في وجوه البر والإحسان العام أو الخاص، كقرابة الإنسان. وفك الرقاب، والجهاد في سبيل الله، والضيف، والفقراء، والمساكين وبناء المدارس والملاجئ والمستشفيات ونحو ذلك. (عبد الله البسام).
- يؤخذ من قوله: "لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف" صحة شرط الواقف الشروط التي لا تنافى مقتضى الوقف وغايته، والتي ليس فيها إثم ولا ظلم. (عبد الله البسام).
-فمثل هذه الشروط لا بأس بها لأن للواقف فيها منفعة بلا جور على أحد، فإذا شرطت مثل هذه الشروط نفذت، ولولا أنها تنفذ، لم يكن في اشتراط عمر فائدة. (عبد الله البسام).
- في قوله: "لا جناح على من وليها.. الخ" جواز أكل ناظر الوقف منه بالمعروف بحيث يأكل قدر كفايته وحاجته، غير متخذ منه مالا، وكذلك له أن يطعم منه الصديق بالمعروف. (عبد الله البسام).
- فيه فضيلة الوقف، وأنه من الصدقات الجارية والإحسان المستمر. (عبد الله البسام).
- وفيه أن الأفضل أن يكون من أطيب المال وأنفسه، طمعاً في بر الله وإحسانه الذي جعله للذين ينفقون مما يحبون. (عبد الله البسام).
- وفيه مشاورة ذوي الفضل. وهم أهل الدين والعلم، وكل عمل له أرباب يعلمونه. (عبد الله البسام).
- وفيه أن الواجب على المستشار أن ينصح بما يراه الأفضل والأحسن، فالدين النصيحة. (عبد الله البسام).
- وفيه فضيلة الإحسان والبر بذوي الأرحام، فإن الصدقة عليهم، صدقة وصلة. (عبد الله البسام).
- يؤخذ من الحديث أن الشروط في الوقف لابد أن تكون صحيحة على مقتضى الشرع؛ فلا تكون مما يخالف مقتضى الوقف من البر والإحسان، ومن العدل والبعد عن الجور والجنف والظلم. (عبد الله البسام).

كِتابُ النُّذُورِ - 4:55


باب: الـنَّهْيُ عَنِ النَّذْرِ


١٤٥١. (خ م) (١٦٣٩) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «النَّذرُ لا يُقَدِّمُ شَيئًا ولا يُؤَخِّرُهُ، وإنَّما يُستَخرَجُ بِهِ مِن البَخِيلِ». وفي رواية: نَهى عَنِ النَّذرِ، وقالَ: «إنَّهُ لا يَأتِي بِخَيرٍ ...». وفي رواية: «إنَّهُ لا يَرُدُّ شَيئًا، وإنَّما يُستَخرَجُ بِهِ مِن (الشَّحيحِ)».
١٤٥٢. (خ م) (١٦٤٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إنَّ النَّذرَ لا يُقَرِّبُ مِن ابْنِ آدَمَ شَيئًا لَم يَكُن اللهُ قَدَّرَهُ لَهُ، ولَكِن النَّذرُ يُوافِقُ القَدَرَ، فَيُخرَج بِذَلكَ مِن البَخِيلِ ما لَم يَكُن البَخِيلُ يُرِيدُ أن يُخرِجَ». رَواهُ (خ) بِمَعناهُ، وفِيهِ: «ولَكِن يُلقِيهِ النَّذرُ إلى القَدَرِ قَد قُدِّرَ لَهُ، فَيَستَخرِجُ اللَّهُ بِهِ مِن البَخِيلِ، فَيُؤتِي عَلَيهِ ما لَم يَكُن يُؤتِي عَلَيهِ مِن قَبلُ».
وفي رواية (م): قالَ: «لا تَنْذُرُوا، فَإنَّ النَّذرَ لا يُغنِي مِن القَدَرِ شَيئًا، وإنَّما ...» الحديث.
-يحتمل أن يكون سبب النهي كون الناذر يصير ملتزما له، فيأتي به تكلفا بغير نشاط، ويحتمل أن يكون سببه كونه يأتي بالقربة التي التزمها في نذره على صورة المعاوضة للأمر الذي طلبه فينقص أجره، وشأن العبادة أن تكون متمحضة لله تعالى. ( المازري).
-قوله: (فيخزج بذلك من البخيل) معناه: أنه لا يأتي بهذه القربة تطوعا محضا مبتدئا وإنما يأتي بها في مقابلة شفاء المريض وغيره مما تعلق النذر عليه) النووي).
- وجوب الوفاء بالنذر إذا كان فى طاعة اللَّه. (عبد القادر شيبة الحمد).
- التحذير من إشغال الذمة بالنذر ثم تضعيه أو اعتقاد أنه يرد القضاء والقدر. (عبد القادر شيبة الحمد).
- كراهية الإسلام للشح والبخل. (عبد القادر شيبة الحمد).
- وجوب الإِيمان بقضاء اللَّه وقدره. (عبد القادر شيبة الحمد).

باب: الوَفاءُ بِالنَّذْرِ إذا كانَ فِـي طاعَةِ اللهِ


١٤٥٣. (خ م) (١٦٥٦) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ ﵁ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ ﷺ وهُوَ بِالجِعرانَةِ بَعدَ أن رَجَعَ مِن الطّائِفِ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنِّي نَذَرتُ فِي الجاهِلِيَّةِ أن أعتَكِفَ يَومًا فِي المَسْجِدِ الحَرام؛ فَكَيفَ تَرى؟ قالَ: «اذهَب فاعتَكِف يَومًا». قالَ: وكانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَد أعطاهُ جارِيَةً مِن الخُمُسِ، فَلَمّا أعتَقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَبايا النّاسِ سَمِعَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ أصواتَهُم يَقُولُونَ: أعتَقَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقالَ: ما هَذا؟ فَقالُوا: أعتَقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ سَبايا النّاسِ. فَقالَ عُمَرُ: يا عَبدَ اللهِ؛ اذهَب إلى تِلكَ الجارِيَةِ فَخَلِّ سَبِيلَها. وفي رواية: أن أعتَكِفَ لَيلَةً. وفي رواية: قالَ: «فَأَوفِ بِنَذرِكَ».
١٤٥٤. (خ) (٦٦٩٦) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «مَن نَذَرَ أن يُطِيعَ اللهَ فَليُطِعهُ، ومَن نَذَرَ أن يَعصِيَهُ فَلا يَعصِهِ».
- أن من نذر نذرًا خالصًا من الشرك قبل أن يسلم ثم أسلم ينبغى له الوفاء بنذره. (عبد القادر شيبة الحمد).
- مشروعية نذر الاعتكاف. (عبد القادر شيبة الحمد)

باب: قَضاءُ النَّذْرِ


١٤٥٥. (خ م) (١٦٣٨) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: استَفتى سَعدُ بنُ عُبادَةَ رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي نَذرٍ كانَ عَلى أُمِّهِ، تُوُفِّيَت قَبلَ أن تَقضِيَهُ، قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فاقضِهِ عَنها». وفي رواية (خ): فَكانَت سُنَّةً بَعدُ.
-وفي الحديث من الفقه استفتاء الأعلم ما أمكن. (القرطبي).
- فضل بر الوالدين بعد الوفاة، والحرص على براءة ما في ذممهم.
- قضاء النذر عن الميت ولم يبين فى هذه الرواية ما كان نذر أم سعد، وظاهر الحديث أنه كان معينًا عند سعد واللَّه أعلم حقيقته.

باب: نَذْرُ المُباحِ لا يَلْزَمُ الوَفاءُ بِهِ


١٤٥٦. (خ م) (١٦٤٤) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ ﵁ قالَ: نَذَرَت أُختِي أن تَمشِيَ إلى بَيتِ اللهِ (حافِيَةً)، فَأَمَرَتنِي أن أستَفتِيَ لَها رَسُولَ اللهِ ﷺ، فاستَفتَيتُهُ فَقالَ: «لِتَمشِ ولتَركَب».
-بيان حكم من نذر المشي إلى الكعبة، وذلك أنه يلزمه المشي، إن قدر، وإلا ركب، وكفّر، كما تدلّ عليه رواية: "ولتُهد"، وأما رواية "ولتصُم ثلاثة أيام"، فإنها ضعيفة، والصحيح أنه أمرها بالهدي. (محمد بن علي الإتيوبي).
- عدم انعقاد النذر في المعصية، فإنها لَمّا نذرت أن تحجّ حاسرة شعرها، أمرها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالاختمار؛ لأن تكشّف المرأة معصية. (محمد بن علي الإتيوبي).
- جواز النذر بالحجّ والعمرة. (محمد بن علي الإتيوبي).

١٤٥٧. (خ م) (١٦٤٢) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأى شَيخًا يُهادى بَينَ ابنَيهِ فَقالَ: «ما بالُ هَذا؟» قالُوا: نَذَرَ أن يَمشِيَ. قالَ: «إنَّ اللهَ عَن تَعذِيبِ هَذا نَفسَهُ لَغَنِيٌّ». وأَمَرَهُ أن يَركَبَ.
-بيان أن من عجز عن الوفاء بنذره لا يجب عليه الوفاء. (محمد بن علي الإتيوبي).
-يُسر الدين وسهولة أمره، حيث يراعي عجز العاجزين، فلا يأمرهم بما يشقّ عليهم، كما قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} الآية [الحج: 78]. (محمد بن علي الإتيوبي).
- إثبات صفة الغنى لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، فهو الغنيّ، والخلق مفتقرون إليه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، كما قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15]. ( محمد بن علي الإتيوبي).

١٤٥٨. (خ) (٦٧٠٤) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: بَيْنا النَّبِيُّ ﷺ يَخطُبُ، إذا هُوَ بِرَجُلٍ قائِمٍ، فَسَأَلَ عَنهُ فَقالُوا: أبُو إسرائِيلَ؛ نَذَرَ أن يَقُومَ ولا يَقعُدَ، ولا يَستَظِلّ، ولا يَتَكَلَّمَ، ويَصُومَ. فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مُرهُ فَليَتَكَلَّم، وليَستَظِلَّ، وليَقعُد، وليُتِمَّ صَومَهُ».
-في حديث أبي إسرائيل دليل أن السكوت عن المباح أو عن ذكر الله ليس من طاعة الله، وكذلك الجلوس في الشمس وفي معناه كل ما يتأذى به الإنسان مما لا طاعة لله ولا قربة بنص كتاب أو سنة، كالحفاء وغيره، وإنما الطاعة ما أمر الله ورسوله بالتقرب بعمله لله. ألا ترى أنه - عليه السلام - أمره بإتمام الصيام لما كان لله طاعة. (ابن بطال).

باب: لا وفاءَ لِنَذْرٍ فِيما لا يَمْلِكُ


١٤٥٩. (خ م) (١١٠) عَنْ ثابِتِ بْنِ الضَّحّاكِ ﵁؛ أنَّهُ بايَعَ رَسُولُ اللهِ ﷺ تَحتَ الشَّجَرَةِ، وأَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن حَلَفَ عَلى (يَمِينٍ) بِمِلَّةٍ غَيرِ الإسلامِ كاذِبًا فَهُوَ كَما قالَ، ومَن قَتَلَ نَفسَهُ بِشَيءٍ عُذِّبَ بِهِ يَومَ القِيامَةِ، ولَيسَ عَلى رَجُلٍ نَذرٌ فِي شَيءٍ لا يَملِكُهُ». وفي رواية زادَ: «ولَعنُ المُؤمِنِ كَقَتلِهِ». وزادَ (خ): «ومَن قَذَفَ مُؤمِنًا بِكُفرٍ فَهُو كَقَتلِهِ». وفي رواية (م) زادَ: «ومَن ادَّعى دَعوى كاذِبةً لِيَتَكثَّرَ بِها لَم يَزِدْهُ اللهُ إلا قِلَّةً، ومَن حَلَفَ عَلى يَمِينِ صَبْرٍ فاجِرَةٍ».
-بيان تحريم هذه الأشياء المذكورة في الحديث، وأنها من الكبائر التي تنافي كمال الإيمان. (محمد بن علي الإتيوبي).
-بيان الوعيد الشديد لمن حلف بملّةٍ سوى الإسلام. (محمد بن علي الإتيوبي).
- تحريم قتل الإنسان نفسه، وإثمه بذلك. (محمد بن علي الإتيوبي).
- بيان مجانسة الجزاء الأخرويّ للجناية الدنيويّة، وأن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم؛ لأن نفسه ليست ملكًا له يتصرّف فيها كيف شاء، بل هي لله تعالى، لا يجوز أن تُعَامَل إلا بما شرع الله تعالى أن تُعَامَل به، فلا يجوز إلحاق الضرر بها، من التجويع، والتعطيش، وغير ذلك من إلحاق الأذى. (محمد بن علي الإتيوبي).
-تحريم لعنِ المؤمن، وأن إثمه كإثم قتله. (محمد بن علي الإتيوبي).
- تحريم دعوى ما ليس له من حقوق الناس، فمن فعل ذلك؛ ليكثر بذلك ماله عاقبه الله تعالى بنقيض قصده، فيُتلف الله ماله، ويقلّله. (محمد بن علي الإتيوبي).
- تحريم الحَلِف على يمين صبرٍ فاجرة، وهي التي فيها الإلزام...فمن فعل ذلك لقي الله تعالى، وهو عليه غضبان. (محمد بن علي الإتيوبي).
الفوائد السلوكية:
-أن من أظهر نفسه بمظهر ليس فيه، كمن تفاخر بعمل لم يعمله سيقل مقداره عند الناس، أو ادعى مالاً لن يبارك له فيما عنده، أو ادعى علما أظهر الله جهله، فيعود عليه كذبه بخلاف مقصوده.

باب: لا وفاءَ لِنَذْرٍ فِـي مَعْصِيَةِ اللهِ


١٤٦٠. (م) (١٦٤١) عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ ﵁ قالَ: كانَت ثَقِيفُ حُلَفاءَ لِبَنِي عُقَيلٍ، فَأَسَرَت ثَقِيفُ رَجُلَينِ مِن أصحابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وأَسَرَ أصحابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجُلًا مِن بَنِي عُقَيلٍ، وأَصابُوا مَعَهُ العَضباءَ، فَأَتى عَلَيهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ وهُوَ فِي الوَثاقِ، قالَ: يا مُحَمَّدُ. فَأَتاهُ فَقالَ: «ما شَأنُكَ؟» فَقالَ: بِمَ أخَذتَنِي؟ وبِمَ أخَذتَ سابِقَةَ الحاجِّ؟ فَقالَ إعظامًا لِذَلكَ: «أخَذتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفائِكَ ثَقِيفَ». ثُمَّ انصَرَفَ عَنهُ، فَناداهُ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ؛ يا مُحَمَّدُ. وكانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ رَحِيمًا رَقِيقًا، فَرَجَعَ إلَيهِ، فَقالَ: «ما شَأنُكَ؟» قالَ: إنِّي مُسلِمٌ. قالَ: «لَو قُلتَها وأَنتَ تَملِكُ أمرَكَ أفلَحتَ كُلَّ الفَلاحِ». ثُمَّ انصَرَفَ، فَناداهُ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ؛ يا مُحَمَّدُ. فَأَتاهُ فَقالَ: «ما شَأنُكَ؟» قالَ: إنِّي جائِعٌ فَأَطعِمنِي، وظَمآنُ فَأَسقِنِي. قالَ: «هَذِهِ حاجَتُكَ». فَفُدِيَ بِالرَّجُلَينِ، قالَ: وأُسِرَتِ امرَأَةٌ مِنَ الأَنصارِ، وأُصِيبَتِ العَضباءُ، فَكانَتِ المَرأَةُ فِي الوَثاقِ، وكانَ القَومُ يُرِيحُونَ نَعَمَهُم بَينَ يَدَي بُيُوتِهِم، فانفَلَتَت ذاتَ لَيلَةٍ مِنَ الوَثاقِ فَأَتَتِ الإبِلَ، فَجَعَلَت إذا دَنَت مِنَ البَعِيرِ رَغا، فَتَترُكُهُ حَتّى تَنتَهِيَ إلى العَضباءِ فَلَم تَرغُ، قالَ: وناقَةٌ مُنَوَّقَةٌ، فَقَعَدَت فِي عَجُزِها ثُمَّ زَجَرَتها فانطَلَقَت، ونَذِرُوا بِها فَطَلَبُوها فَأَعجَزَتهُم، قالَ: ونَذَرَت للهِ إن نَجّاها اللهُ عَلَيها لَتَنحَرَنّها، فَلَمّا قَدِمَتِ المَدِينَةَ رَآها النّاسُ، فَقالُوا: العَضباءُ؛ ناقَةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ. فَقالَت: إنَّها نَذَرَت إن نَجّاها اللهُ عَلَيها لَتَنحَرَنَّها. فَأَتَوا رَسُولَ اللهِ ﷺ فَذَكَرُوا ذَلكَ لَهُ، فَقالَ: «سُبحانَ اللهِ؛ بِئسَما جَزَتها، نَذَرَت للهِ إن نَجّاها اللهُ عَلَيها لَتَنحَرَنَّها! لا وفاءَ لِنَذرٍ فِي مَعصِيَةٍ، ولا فِيما لا يَملِكُ العَبدُ». وفي رواية: «لا نَذرَ فِي مَعصِيَةِ اللهِ».

باب: كَفّارَةُ النَّذْرِ


١٤٦١. (م) (١٦٤٥) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ ﵁؛ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «كَفّارَةُ النَّذرِ كَفّارَةُ اليَمِينِ».

كِتابُ الأَيْمانِ - 10:48


باب: الـنَّهْيُ أنْ يَحْلِفَ بِأَبِيهِ


١٤٦٢. (خ م) (١٦٤٦) عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ اللهَ يَنهاكُم أن تَحلِفُوا بِآبائِكُم». قالَ عُمَرُ: فَوَ اللهِ ما حَلَفتُ بِها مُنذُ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَنها ذاكِرًا ولا آثِرًا.
ولَهُما عَن ابْنِ عُمَرَ؛ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ أنَّهُ أدْرَكَ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ فِي رَكْبٍ، وعُمَرُ يَحلِفُ بِأَبِيهِ، فَناداهُم رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ألا إنَّ اللهَ ﷿ يَنهاكُم أن تَحلِفُوا بِآبائِكُم، فَمَن كانَ حالِفًا فَلْيَحْلِف بِاللهِ أو لِيصْمُت».
ورَوى (م)عَن عَبْدِ الرَّحمنِ بْنِ سَمُرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا تَحلِفُوا بِالطَّواغِي ولا بِآبائِكُم».
١٤٦٣. (خ م) (١٦٤٦) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن كانَ حالِفًا فَلا يَحلِف إلا باللهِ». وكانَت قُرَيشٌ تَحلِفُ بِآبائِها، فَقالَ: «لا تَحلِفُوا بِآبائِكُم».

باب: مَن حَلَفَ بِاللّاتِ والعُزّى فَلْيَقُلْ: لا إلَهَ إلّا اللهُ


١٤٦٤. (خ م) (١٦٤٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن حَلَفَ مِنكُم فَقالَ فِي حَلِفِهِ: بِاللاتِ، فَليَقُل: لا إلَهَ إلا اللهُ، ومَن قالَ لِصاحِبِهِ: تَعالَ أُقامِركَ، فَليَتَصَدَّق».

باب: اسْتِحْبابُ الثُّنْيا فِـي اليَمِينِ


١٤٦٥. (خ م) (١٦٥٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «قالَ سُلَيمانُ بنُ داوُدَ نَبِيُّ اللهِ لأطُوفَنّ اللَّيلَةَ عَلى سَبعِينَ امرَأَةً، كُلُّهُنَّ تَأتِي بِغُلامٍ يُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقالَ لَهُ صاحِبُهُ أو المَلَكُ: قُل إن شاءَ اللهُ. فَلَم يَقُل ونَسِيَ، فَلَم تَأتِ واحِدَةٌ مِن نِسائِهِ إلا واحِدَةٌ جاءَت بِشِقِّ غُلامٍ»، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ولَو قالَ: إن شاءَ اللهُ، لَم يَحنَث، وكانَ دَرَكًا لَهُ فِي حاجَتِهِ». وفي رواية: «عَلى تِسعِينَ امرَأَةً كُلُّهُا تَأتِي بِفارِسٍ ...»، وفِيها: «وايْمُ الَّذِي نَفسُ مُحمدٍ بِيَدِهِ لَو قالَ: إن شاءَ اللهُ، لَجاهَدُوا فِي سَبِيل ِاللهِ فُرسانًا أجمَعُونَ». وفي رواية (خ): «لَو استَثنى».

باب: يَمِينُ الحالِفِ عَلى نِيَّةِ الـمُسْتَحْلِفِ


١٤٦٦. (م) (١٦٥٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَمِينُكَ عَلى ما يُصَدِّقُكَ عَلَيهِ صاحِبُكَ». وفي رواية: «اليَمِينُ عَلى نِيَّةِ المُستَحلِفِ».

باب: الوَعِيدُ عَلى مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ


١٤٦٧. (خ م) (١٣٨) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁؛ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن حَلَفَ عَلى يَمِينِ صَبرٍ، يَقتَطِعُ بِها مالَ امرِئٍ مُسلِمٍ هُوَ فِيها فاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وهُوَ عَلَيهِ غَضبانُ». قالَ: فَدَخَلَ الأشعَثُ بنُ قَيسٍ فَقالَ: ما يُحَدِّثُكُم أبُو عَبدِ الرَّحْمَنِ؟ قالُوا: كَذا وكَذا. قالَ: صَدَقَ أبُو عَبدِ الرَّحْمَنِ، فِيَّ نَزَلَت، كانَ بَينِي وبَينَ رَجُلٍ أرضٌ بِاليَمَنِ، فَخاصَمتُهُ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: «هَل لَكَ بَيِّنَةٌ؟» فَقُلتُ: لا. قالَ: «فَيَمِينُهُ». قُلتُ: إذَن يَحلِفُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عِنْدَ ذَلكَ: «مَن حَلَفَ عَلى يَمِينِ صَبرٍ يَقتَطِعُ بِها مالَ امرِئٍ مُسلِمٍ هُوَ فِيها فاجِرٌ لَقِيَ اللهَ وهُوَ عَلَيهِ غَضبانُ». فَنَزَلَت: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأَيْمانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا﴾ [آل عمران: ٧٧] إلى آخِرِ الآيَة.
وفي رواية: «شاهِداكَ أو يَمينُهُ». وفي رواية (خ): كانَت بَينِي وبَينَ رَجُلٍ مِن اليَهُودِ أرضٌ فَجَحَدني ... وفِيها: فَقالَ لِليَهُودِي: «احْلِفْ».
وفي رواية (خ): فَقُلتُ لَهُ: إذًا يَحلِفُ ولا يُبالي.
ورَوى (م) عَنْ وائِلِ بْنِ حُجْرٍ قالَ: جاءَ رَجُلٌ مِن حَضْرَمَوتَ ورَجُلٌ مِن كِنْدَةَ إلى النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ الحَضْرَميُّ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ هَذا قَد غَلَبَني عَلى أرضٍ لِي كانَت لِأَبِي. فَقالَ الكِنْدِيُّ: هِيَ أرضِي فِي يَدِي أزْرَعُها، لَيسَ لَهُ فِيها حَقٌّ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِلحَضرَميِّ: «ألَك بيِّنَةٌ؟» قالَ: لا. قالَ: «فَلَكَ َيِمينُهُ». قالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّ الرَّجُلَ فاجِرٌ، لا يُبالي عَلى ما حَلَفَ عَلَيهِ، ولَيسَ يَتَوَرَّعُ مِن شَيءٍ. فَقالَ: «لَيسَ لَكَ مِنهُ إلا ذَلِكَ». فانطَلَقَ لِيَحلِفَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لمّا أدبَرَ: «أما لَئِن حَلَفَ عَلى مالِهِ لِيَأكُلَهُ ظُلمًا لَيَلْقَينَّ اللهَ وهُو عَنهُ مُعْرِضٌ». وفي رواية لَهُ: وهُو امرُؤُ القَيسِ بنُ عابِسٍ الكِنْديُّ، وخَصمُهُ رَبِيعةُ بنُ عَيدانَ .. وفِيها: «مَن اقتَطَعَ أرضًا ظالِمًا، لَقِيَ اللهَ وهُوَ عَلَيهِ غَضبانَ».

باب: مَن حَلَفَ عَلى يَمِينٍ فَرَأى خَيْرًا مِنها


١٤٦٨. (خ م) (١٦٤٩) عَنْ أبِي مُوسى الأَشْعَرِيِّ ﵁ قالَ: أتَيتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي رَهطٍ مِن الأشعَرِيِّينَ نَستَحمِلُهُ، فَقالَ: «واللهِ لا أحمِلُكُم، وما عِندِي ما أحمِلُكُم عَلَيهِ». قالَ: فَلَبِثنا ما شاءَ اللهُ، ثُمَّ أُتِيَ بِإبِلٍ، فَأَمَرَ لَنا بِثَلاثِ ذَودٍ غُرِّ الذُّرى، فَلَمّا انطَلَقنا قُلنا أو قالَ بَعضُنا لِبَعضٍ: لا يُبارِكُ اللهُ لَنا، أتَينا رَسُولَ اللهِ ﷺ نَستَحمِلُهُ فَحَلَفَ أن لا يَحمِلَنا، ثُمَّ حَمَلَنا. فَأَتَوهُ فَأَخبَرُوهُ، فَقالَ: «ما أنا حَمَلتُكُم ولَكِنَّ اللهَ حَمَلَكُم، وإنِّي واللهِ إن شاءَ اللهُ لا أحلِفُ عَلى يَمِينٍ ثُمَّ أرى خَيرًا مِنها إلا كَفَّرتُ عَن يَمِينِي وأَتَيتُ الَّذِي هُوَ خَيرٌ». وفي رواية (خ): «إلا كَفَّرتُ عَن يَميني وأَتَيتُ الَّذِي هُو خَيرٌ، أوْ أتَيتُ الَّذِي هُو خَيرٌ وكَفَّرتُ عَن يَمِينِي». وفي رواية: قالَ: أرسَلَنِي أصحابِي إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ أسأَلُهُ لَهُم الحُمْلانَ إذْ هُم مَعَهُ فِي جَيشِ العُسْرَةِ، وهِيَ غَزوَةُ تَبُوكٍ، فَقُلتُ ... نَحوَهُ، وفِيها: ووافَقْتُهُ وهُو غَضبانُ ولا أشعُرُ، فَرَجَعتُ حَزِينًا مِن مَنعِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، ومِن مَخافَةِ أن يَكُونَ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَد وجَدَ فِي نَفسِهِ عَلَيَّ ... وفِيها: قالَ: «خُذْ هَذَينِ القَرْنَينِ، وهَذَين القَرنَينِ، وهَذَينِ القَرنَينِ، لِسِتَّةِ أبْعِرَةٍ، ابْتاعَهُنَّ حِينَئِذٍ مِن سَعْدٍ، فانطَلِقْ بِهِنَّ إلى أصحابِكَ، فَقُل: إنَّ اللهَ، أو قالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَحمِلُكُم عَلى هَؤُلاءِ فاركبُوهُنَّ». قالَ أبُو مُوسى: فانطَلَقتٌ إلى أصحابِي بِهِنَّ، فَقُلتُ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَحمِلُكُم عَلى هَؤُلاءِ، ولَكِن، واللهِ لا أدعُكُم حَتّى يَنطَلِقَ مَعِي بَعضُكُم إلى مَن سَمِعَ مَقالةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ حِينَ سَأَلتُهُ لَكُم، ومَنعَهُ فِي أوَّلِ مَرَّةٍ، ثُمَّ إعطاءَهُ إيّايَ بَعدَ ذَلكَ، لا تَظُنُّوا أني حَدَّثتُكُم شَيئًا لَم يَقُلْهُ، فَقالُوا لِي: واللهِ إنَّكَ عِندَنا لمُصَدَّق ... وفي رواية (خ) زادَ: وهُو غَضبانُ، وهُو يَقسِمُ نَعَمًا مِن نَعَمِ الصَّدَقَةِ ...
ولَهُما عَن زَهدَمٍ الجَرمِيِّ قالَ: كُنّا عِنْدَ أبِي مُوسى، فَدَعا بِمائِدَتِهِ وعَلَيها لَحمُ دَجاجٍ، فَدَخَلَ رَجُلٌ مِن بَنِي تَيمِ اللهِ، أحمَرُ شَبيهٌ بِالمَوالِي، فَقالَ لَهُ: هَلُمَّ. فَتَلَكَّأَ، فَقالَ: هَلُمَّ، فَإنِّي قَد رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَأكُلُ مِنهُ. فَقالَ الرَّجُلُ: إنِّي رَأَيتُهُ يَأكُلُ شَيئًا فَقَذِرتُهُ، فَحَلَفتُ أن لا أطعَمَهُ. فَقالَ: هَلُمَّ أُحَدِّثكَ عَن ذَلكَ: إنِّي أتَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي رَهطٍ مِن الأَشعَرِيينَ نَستَحمِلُهُ ... وفِيها: «فَأَرى غَيرَها خَيرًا مِنها إلّا أتَيتُ الَّذِي هُو خَيرٌ وتَحَلَّلتُها، فانطَلِقُوا ..». وفي رواية (م): «إني واللهِ ما نَسِيتُها».
١٤٦٩. (خ م) (١٦٥٢) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ ﵁ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يا عَبدَ الرَّحْمَنِ بنَ سَمُرَةَ؛ لا تَسأَل الإمارَةَ، فَإنَّكَ إن أُعطِيتَها عَن مَسأَلَةٍ وُكِلتَ إلَيها، وإن أُعطِيتَها عَن غَيرِ مَسأَلَةٍ أُعِنتَ عَلَيها، وإذا حَلَفتَ عَلى يَمِينٍ فَرَأَيتَ غَيرَها خَيرًا مِنها فَكَفِّر عَن يَمِينِكَ وائتِ الَّذِي هُوَ خَيرٌ». وفي رواية (خ): «... فَأتِ الَّذِي هُو خَيرٌ وكَفِّر عَن يَمِينِكَ».
ورَوى (م) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: أعتَمَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ رَجَعَ إلى أهلِهِ فَوَجَدَ الصَّبِيَةَ قَد نامُوا، فَأَتاُه أهلُهُ بِطَعامِهِ، فَحَلَفَ لا يَأكُلُ مِن أجلِ صِبْيَتِهِ، ثُمَّ بَدا لَهُ فَأَكَلَ، فَأَتى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن حَلَفَ عَلى يَمِينٍ، فَرَأى غَيرَها خَيرًا مِنها، فَليَأتِها وليُكَفِّر عَن يَمِينِهِ». وفي رواية: «... فَلْيُكَفِّرْ عَن يَمِينِهِ، ولْيَفْعَلْ».
ورَوى (م) عَن تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ قالَ: سَمِعتُ عَدِيَّ بْنَ حاتِمٍ، وأَتاهُ رَجُلٌ يَسأَلُهُ مِائَةَ دِرهَمٍ، فَقالَ: تَسأَلُني مائَةَ دِرهَمٍ وأَنا ابنُ حاتِمٍ؟! وِاللهِ لا أُعطِيكَ، ثُمَّ قالَ: لَولا أني سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن حَلَفَ عَلى يَمِينٍ ثُمَّ رَأى خَيرًا مِنها، فَليَأتِ الَّذِي هُو خَيرٌ».
وفي رواية (م) عَن تَمِيمٍ: جاءَ سائِلٌ إلى عَدِيِّ بْنِ حاتِمٍ فَسَأَلَهُ نَفَقَةً فِي ثَمَنِ خادِمٍ أو فِي بَعضِ ثَمَنِ خادِم، فَقالَ: لَيسَ عِندِي ما أُعطِيكَ إلا دِرعِي ومِغْفَرِي، فَأَكْتُبُ إلى أهلِي أن يُعْطُوكَها؟ قالَ: فَلَم يَرْضَ، فَغَضِبَ عَدِيٌّ، فَقالَ: أما واللهِ لا أُعطِيكَ شَيئًا. ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ رَضِيَ، فَقالَ: أما واللهِ لَولا أني سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن حَلَفَ عَلى يَمِينٍ ثُمَّ رَأى أتقى للهِ مِنها، فَليَأتِ التَّقْوى»، ما حَنَّثْتُ يَمِينِي. وفي رواية عَنهُ: «... فَليَأتِ الَّذِي هُوَ خَيرٌ، وليَترُكْ يَمِينَهُ». وفي رواية: «... فَليُكَفِّرها وليَأتِ الَّذِي هُو خَيرٌ».
ورَوى (خ) عَن عائِشَةَ؛ أنَّ أبا بَكرٍ ﵁ لَم يَكُن يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ قَطُّ، حَتّى أنزَلَ اللهُ كَفّارةَ اليَمِينِ، وقالَ: لا أحلِفُ عَلى يَمِينٍ فَرَأَيتُ غَيرَها خَيرًا مِنها إلا أتيتُ الَّذِي هُو خَيرٌ، وكَفَّرتُ عَن يَمِينِي. وفي رواية: إلا قَبِلتُ رُخصَةَ اللهِ، وفَعَلتُ الَّذِي هُو خَيرٌ.

باب: لا يُصِرُّ عَلى يَمِينٍ يَتَأَذّى بِها أهْلُهُ


١٤٧٠. (١٦٥٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «واللهِ لأن يَلَجَّ أحَدُكُم بِيَمِينِهِ فِي أهلِهِ آثَمُ لَهُ عِندَ اللهِ مِن أن يُعطِيَ كَفّارَتَهُ الَّتِي فَرَضَ اللهُ».
وفي رواية (خ): «مَن اسْتَلَجَّ في أهلِهِ بِيَمِينٍ فَهُو أعظَمُ إثْمًا، لِيَبَرَّ»؛ يَعنِي: الكَفّارَةَ.

١ قال ﷺ : "أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم (...)"

٥/٠