كِتابُ اللِّباسِ والزِّينَةِ


باب: الـنَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ عَلى الرِّجالِ وإباحَةُ الانْتِفاعِ بِهِ وبِثَمَنِهِ


١٩٢١. (خ م) (٢٠٦٨) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ ﵁ رَأى حُلَّةً سِيَراءَ عِنْدَ بابِ المَسْجِدِ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ لَو اشتَرَيتَ هَذِهِ فَلَبِستَها لِلنّاسِ يَومَ الجُمُعَةِ، ولِلوَفدِ إذا قَدِمُوا عَلَيكَ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّما يَلبَسُ هَذِهِ مَن لا خَلاقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ». ثُمَّ جاءَت رَسُولَ اللهِ ﷺ مِنها حُلَلٌ، فَأَعطى عُمَرَ مِنها حُلَّةً، فَقالَ عُمَرُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ كَسَوتَنِيها وقَد قُلتَ فِي حُلَّةِ عُطارِدٍ ما قُلتَ؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنِّي لَم أكسُكَها لِتَلبَسَها». فَكَساها عُمَرُ أخًا لَهُ مُشرِكًا بِمَكَّةَ.
وفي رواية: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَبِيعُها وتُصِيبُ بِها حاجَتَكَ». وفِي رِوايَةٍ (م): وبَعَثَ إلى أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ بِحُلَّةٍ ... وفِيها: وأَمّا أُسامَةُ فَراحَ فِي حُلَّتِهِ، فَنَظَر إلَيهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ نَظَرًا عَرَفَ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَد أنكَرَ ما صَنَعَ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ما تَنظُرُ إليَّ؟ فَأَنتَ بَعَثتَ إليَّ بِها. فقالَ: «إنِّي لَم أبعَث إلَيكَ لِتَلبَسَها، ولكِنِّي بَعَثتُ بِها إلَيكَ لِتُشَقِّقَها خُمُرًا بَينَ نِسائِكَ».
وفي رواية: ابْتَعْ هَذِهِ فَتَجَمَّلْ بِها لِلعِيدِ ولِلوَفْدِ ... وفِيها: ثُمَّ أرسَلَ إلَيهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِجُبَّةِ دِيباجٍ ... وفِيها: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَبِيعُها وتُصِيبُ بِها حاجَتَك». وفي رواية: «إنَّما بَعَثْتُ بِها إلَيكَ لِتَستَمتِعَ بِها». وفي رواية (خ): «ولَكِنْ تَبيعُها أو تَكْسُوها».
وفي رواية (م): رَأى عُمَرُ عُطارِدًا التَّمِيمِي يُقِيمُ بِالسُّوقِ حُلَّةً سِيَراءَ، وكانَ رَجُلًا يَغشى المُلُوكَ ويُصِيبُ مِنهُم ... وفِيها: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّما يَلبَسُ الحَرِيرَ فِي الدُّنيا مَن ...» الحديث.
وفي رواية: عَن يَحيى بْنِ أبِي إسحاقَ قالَ: قالَ لِي سالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ؛ فِي الإستَبرَقِ؟ قالَ: قُلتُ: ما غَلُظَ مِن الدِّيباجِ وخَشُنَ مِنهُ ... وذَكَرَ الحَدِيثَ، زادَ (خ) فِي آخِرِها: فَكانَ ابنُ عُمَرَ يَكرَهُ العَلَمَ فِي الثَّوبِ لِهَذا الحَدِيثِ.
ورَوى (م) عَن عَبْدِ اللهِ مَولى أسماءَ بِنتِ أبِي بَكرٍ قالَ: أرسَلَتنِي أسماءُ إلى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَقالَت: بَلَغَنِي أنَّكَ تُحَرِّم أشياءَ ثَلاثةً: العَلَمَ فِي الثَّوبِ، ومِيثَرَةَ الأُرجُوان، وصَومَ رَجَبٍ كُلِّهِ. فَقالَ لِي عَبدُ اللهِ: أمّا ما ذَكَرتَ مِن رَجَبٍ، فَكَيفَ بِمَن يَصُومُ الأَبَدَ؟ وأَمّا ما ذَكَرتَ مِن العَلَمِ فِي الثَّوبِ، فَإني سَمِعتُ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ يَقُولُ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّما يَلبَسُ الحَرِيرَ مَن لا خَلاقَ لَهُ». فَخِفْتُ أن يَكُونَ العَلَمُ مِنهُ، وأَمّا مِيثَرَةُ الأُرجُوانِ، فَهَذِهِ مَيثَرَةُ عَبْدِ اللهِ. فَإذا هِيَ أُرجُوانٌ، فَرَجَعتُ إلى أسماءَ فَخَبَّرتُها، فَقالَت: هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ. فَأَخرَجَت إليَّ جُبَّةَ طَيالِسَةٍ كِسْرَوانِيَّةٍ، لَها لِبْنَةُ دِيباجٍ، وفَرْجَيْها مَكْفُوفَين بِالدِّيباجِ، فَقالَت: هَذِهِ كانَت عِنْدَ عائِشَةَ حَتّى قُبِضَتْ، فَلَمّا قُبِضَتْ قَبَضتُها، وكانَ النَّبيُّ ﷺ يَلبَسُها، فَنَحنُ نَغْسِلُها لِلمَرضى، يُسْتَشْفى بِها.
ورَوى (م) عَن جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: لَبِسَ النَّبيُّ ﷺ يَومًا قَباءً مِن دِيباجٍ أُهدِيَ لَهُ، ثُمَّ أوشَكَ أن نَزَعَهُ، فَأَرسَلَ بِهِ إلى عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ، فَقِيلَ لَهُ: قَد أوْشَكَ ما نَزَعْتَهُ يا رَسُولَ اللهِ. فَقالَ: «نَهانِي عَنهُ جَبرِيلُ». فَجاءَهُ عُمَرُ يَبكِي، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ كَرِهتَ أمرًا وأَعطَيتَنِيهِ، فَمالِي؟ قالَ: «إني لَم أُعطِكَهُ لِتَلْبَسَهُ، إنَّما أعطَيتُكَهُ تَبِيعُهُ». فَباعَهُ بِأَلفَي دِرهَم.
-(فتلبسها للجمعة)، يدل أنه كان عندهم معهود أن يلبس الرجل أفضل ثيابه وأحسنها لشهود الجمعة. (ابن بطال)
-وقول عمر: (تجمل بها للوفد) يدل أن ذلك من عادتهم وفعلهم. (ابن بطال)
-وأما إخراج أسماء جبة النبي ﷺ المكفوفة بالحرير فقصدت بها بيان أن هذا ليس محرما، وهكذا الحكم عند الشافعي وغيره أن الثوب والجبة والعمامة ونحوها إذا كان مكفوف الطرف بالحرير جاز ما لم يزد على أربع أصابع، فإن زاد فهو حرام لحديث عمر رضي الله تعالى. (النووي)
-وفيه أن ذا الرحم الكافر يُوصَل ويُبَر دون الطاعة في أمر الدين، وفي الرأي والمشورة. (الخطابي)
-فيه أن من السنة المعروفة التجمل للوفد والعيد بحسن الثياب؛ لأن في ذلك جمالاً للإسلام وأهله، وإرهابًا على العدو، وتعظيمًا للمسلمين. (ابن بطال)
-نهى النبي (ﷺ) عن الحرير والذهب للرجال.
-أنه ينبغي السؤال عما يشكل. (ابن بطال)
-وفيه جواز البيع والشراء على باب المسجد. (القاضي عياض)
-و(قوله: فكساها عمر أخا له مشركا بمكة) وفيه ما يدل على جواز صلة القريب المشرك، وما يدل على أن عمر - رضي الله عنه - لم يكن من مذهبه: أن الكفار يخاطبون بالفروع؛ إذ لو اعتقد ذلك لما كساه إياها، وهي تحرم عليه. (القرطبي)
-وفي هذا جواز لباس الجبة ولباس ماله فرجان وأنه لا كراهة فيه. (النووي)
-والحديث يدل على تحريم لبس الحرير، ولبس النبي - ﷺ - لا يكون دليلا على الحل؛ لأنه محمول على أنه لبسه قبل التحريم بدليل قوله: "نهاني عنه جبريل" ولهذا حصر الغرض من الإعطاء في البيع. (الشوكاني)
-وفيه مباشرة الصالحين والفضلاء البيع والشراء. (ابن حجر)
بيان ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من حبّ النبيّ - ﷺ -، حيث يستشفون بآثاره، ويحتفظون بها حتى لا ينعدم خيرها، ولا تنقطع بركتها. (الإتيوبي)

١٩٢٢. (خ م) (٢٠٦٩) عَنْ خَلِيفَةَ بْنِ كَعْبٍ أبِي ذِبْيانَ قالَ: سَمِعتُ عَبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيرِ ﵄ يَخطُبُ يَقُولُ: (ألا لا تُلبِسُوا نِساءَكُم الحَرِيرَ)، فَإنِّي سَمِعتُ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا تَلبَسُوا الحَرِيرَ، فَإنَّهُ مَن لَبِسَهُ فِي الدُّنيا لَم يَلبَسهُ فِي الآخِرَةِ».
-قول ابن الزبير: لا تلبسوا نساءكم الحرير: فإنه قد حمل لفظ رسول الله في النهي على العموم في حق الرجال والنساء، وهذا مقتضى هذا اللفظ، غير أن هذا الإطلاق خص بقوله عليه السلام: " هذان حرام على ذكور أمتي، حل لإناثها". (ابن الجوزي)
-وهذا الحديث وشبهه يدل على تحريم لباسه مع النص، وفى بعضها بقوله: " حرام على ذكورها ". (القاضي عياض)

١٩٢٣. (خ م) (٢٠٧٥) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عامِرٍ ﵁ قالَ: أُهدِيَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَرُّوجُ حَرِيرٍ، فَلَبِسَهُ، ثُمَّ صَلّى فِيهِ، ثُمَّ انصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزعًا شَدِيدًا كالكارِهِ لَهُ، ثُمَّ قالَ: «لا يَنبَغِي هَذا لِلمُتَّقِينَ».
-وهذا اللبس المذكور في هذا الحديث كان قبل تحريم الحرير على الرجال، ولعل أول النهي والتحريم كان حين نزعه، ولهذا قال ﷺ في حديث جابر حين صلى في قباء ديباج ثم نزعه وقال "نهاني عنه جبريل" فيكون هذا أول التحريم. (النووي)
-وفيه بيان أن من صلى في ثوب حرير كانت صلاته جائزة وإن كرهناه له. (الخطابي)

باب: الـنَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الحَرِيرِ إلّا قَدْرَ أرْبَعَةِ أصابِعَ


١٩٢٤. (خ م) (٢٠٦٩) عَنْ أبِي عُثْمانَ قالَ: كَتَبَ إلَينا عُمَرُ، ونَحنُ بِأَذرَبِيجانَ: (يا عُتبَةُ بنَ فَرقَدٍ؛ إنَّهُ لَيسَ مِن كَدِّكَ، ولا مِن كَدِّ أبِيكَ، ولا مِن كَدِّ أُمِّكَ، فَأَشبِــع المُسلِمِينَ فِي رِحالِهِم مِمّا تَشبَعُ مِنهُ فِي رَحلِكَ، وإيّاكُم والتَّنَعُّمَ، وزِيَّ أهلِ الشِّركِ، ولَبُوسَ الحَرِيرَ)، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَن لَبُوسِ الحَرِيرِ، قالَ: «إلا هَكَذا»، ورَفَعَ لَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ إصبَعَيهِ الوُسطى والسَّبّابَةَ، وضَمَّهُما. وفي رواية: قالَ (أبو عثمان): فما عَتَّمنا أنه يَعنِي الأَعلامَ.
ورَوى (م) عَن سُوَيدِ بْنِ غَفَلَةَ؛ أنَّ عُمرَ بنَ الخَطّابِ خَطَبَ بِالجابِيَةِ فَقالَ: نَهى نَبيُّ اللهِ ﷺ عَن لُبسِ الحَرِيرِ إلّا مَوضِعَ إصبِعَينِ، أو ثَلاثٍ، أو أربَعٍ.
-في هذا الحديث من الفقه أن يستحب للإمام أن يديم التعهد لعماله بالتخويف من التنعم واحتجان مال المسلمين، وأن يغلظ لهم في القول إشعارًا لهم بأن ما في أيديهم ليس ملكًا لهم، إنما هو للمسلمين وفي أيديهم. وإن المناسبة بين ذكر الحرير وهذا الكلام أن الذين يخاف من لبسهم الحرير والأجدر والأخلق أن يكونوا الأمراء وأتباعهم. (ابن هبيرة)
-وفيه أيضًا ما يدل على أنه لا يجوز أن يستعمل من الحرير إلا من أصبعين إلى أربع. (ابن هبيرة)
-وفيه أنه يستحب للوالي أن يترك من المباح ما لا يتركه غيره كما ذكر من التنعم فإنه في مال هو فيه أجير وأمين، فلو تنعم من ماله وتوسع من حلاله لكان بعرضة أن يسيء الظن بنفسه فيظن أنه إنما فعل ذلك من مال المسلمين. (ابن هبيرة)
-وفيه حجة لمن أجاز لبس العلم من الحرير إذا كان في الثوب وخصه بالقدر المذكور وهو أربع أصابع وهذا هو الأصح عند الشافعية. (ابن حجر)
-واستدل به على جواز لبس الثوب المطرز بالحرير وهو ما جعل عليه طراز حرير مركب، وكذلك المطرف وهو ما سجفت أطرافه بسجف من حرير بالتقدير المذكور، وقد يكون التطريز في نفس الثوب بعد النسج. (ابن حجر)

باب: الرُّخْصَةُ فِـي لِباسِ الحَرِيرِ لِلْعِلَّةِ


١٩٢٥. (خ م) (٢٠٧٦) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَخَّصَ لِعَبدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوفٍ والزُّبَيرِ بْنِ العَوّامِ فِي القُمُصِ الحَرِيرِ (فِي السَّفَرِ)، مِن حِكَّةٍ كانَت بِهِما، أو وجَعٍ كانَ بِهِما. وفي رواية: شَكَوا إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ القَملَ، فَرَخَّصَ لَهُما فِي قُمُصِ الحَرِيرِ، فِي غَزاةٍ لَهُما. لَفظُ (خ): فَرَأَيتُهُ عَلَيهِما فِي غَزاةٍ.
-هذا الحديث صريح في الدلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أنه يجوز لبس الحرير للرجل إذا كانت به حكة؛ لما فيه من البرودة، وكذلك للقمل وما في معنى ذلك. (النووي)
-وفي هذا الحديث دليل لجواز لبس الحرير عند الضرورة؛ كمن فاجأته الحرب ولم يجد غيره. (النووي)
-وفي هذا الحديث ما يبيح التداوي. (ابن هبيرة)

باب: إباحَةُ الحَرِيرِ لِلنِّساءِ


١٩٢٦. (خ م) (٢٠٧١) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ ﵁ قالَ: كَسانِي رَسُولُ اللهِ ﷺ حُلَّةَ سِيَراءَ، فَخَرَجتُ فِيها، فَرَأَيتُ الغَضَبَ فِي وجهِهِ، قالَ: فَشَقَقتُها بَينَ نِسائِي. وفي رواية (م): أن أُكيدِرَ دُومَةَ أهدى إلى النَّبِيِّ ﷺ ثَوبَ حَرِيرٍ، فَأَعطاهُ عَلِيًّا، فَقالَ: «شَقِّقْهُ خُمُرًا بين الفَواطِمِ».
-الفواطم: قال ابن قتيبة: الفواطم ثلاث: إحداهن: فاطمة بنت النبي ﷺ، والثانية: فاطمة بنت أسد ابن هاشم أم علي، وهى أول هاشمية ولدت لهاشمي، قال: ولا أعرف الثالثة. قال الأزهري: هي فاطمة بنت حمزة الشهيد... قال القاضي: يشبه أن تكون الرابعة فاطمة امرأة عقيل بن أبى طالب لاختصاصها بعلي، وقربها بالمناسبة، وهى بنت شيبة بن ربيعة. (القاضي عياض)
-في هذا الحديث من الفقه جواز إعطاء الإمام الثوب الحرير من غير اشتراط عليه أن لا يلبسه، فإن هو لبسه أنكره عليه. (ابن هبيرة)
-وفيه أيضًا جواز تشقيق الثوب للخمر ونحوه، وليس هذا مما يعتمده الجهال من تشقيق الثياب حتى تعود عصائب لا تفيد طائلا، ألا تراه يقول: (شققه خمرًا بين الفواطم)؟ فلا ينبغي أن يتجاوز تشقيق الثياب حد الخمار أو ما ينتفع في الغالب. (ابن هبيرة)
-فيه قبول الخليفة هدية الملوك والمشركين. (عياض)
-يجوز إهداء الحرير للرجل للانتفاع بثمنه، أو إعطائه لنسائه. (عبدالقادر شيبة الحمد)
-وفيه صلة الإخوان والقرابة وإن كانوا على غير الإسلام. (القاضي عياض)
-واستدل بهذا الحديث على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب؛ لأن النبي ﷺ أرسل الحلة إلى علي فبنى علي على ظاهر الإرسال فانتفع بها في أشهر ما صنعت له وهو اللبس؛ فبين له النبي ﷺ أنه لم يبح له لبسها وإنما بعث بها إليه ليكسوها غيره ممن تباح له، وهذا كله إن كانت القصة وقعت بعد النهي عن لبس الرجال الحرير. (ابن حجر)

١٩٢٧. (خ) (٥٨٤٢) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁؛ أنَّهُ رَأى عَلى أُمِّ كُلثُومٍ بِنتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بُردَ حَرِيرٍ سِيَراءَ.

باب: فِـي الخَمِيصَةِ


١٩٢٨. (خ) (٥٨٢٣) عَنْ أُمِّ خالِدٍ بِنْتِ خالِدٍ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِثِيابٍ فِيها خَمِيصَةٌ سَوداءُ صَغِيرَةٌ، فَقالَ: «مَن تَرَونَ أن نَكسُوَ هَذِهِ؟» فَسَكَتَ القَومُ، قالَ: «ائتُونِي بِأُمِّ خالِدٍ». فَأُتِيَ بِها تُحمَلُ، فَأَخَذَ الخَمِيصَةَ بِيَدِهِ فَأَلبَسَها، وقالَ: «أبلِي، وأَخلِقِي». وكانَ فِيها عَلَمٌ أخضَرُ أو أصفَرُ، فَقالَ: «يا أُمَّ خالِدٍ؛ هَذا سَناه». وسَناه بِالحَبَشِيَّةِ حَسَنٌ.
-ولعل سبب تخصيص أم خالد بهذِه الخميصة أنها كانت صغيرة -وهي جارية- فكانت طولها، أو لما علم بحاجتها إليها فهي أشد حاجة إليها؛ لأنها قدمت من الهجرة، وإكرامًا لأبيها لسبقه في الإسلام. (ابن رسلان)
-فيه استشارة الكبير جماعته. (ابن رسلان)
-وفيه الدعاء بطول العمر. (ابن الملقن)
-وفيه: رد الأمر إلى الأعلم. (ابن الملقن)
-وإنما كان غرض رسول الله ﷺ من التكلم بهذه الكلمة الحبشية استمالة قلبها لأنها كانت ولدت بأرض الحبشة. (الكرماني)
-أبلي وأخلقي: وفيه دليل على أنه يستحب أن يقول لصاحبه إذا رأى عليه ثوبًا جديدًا.
-وفيه جواز التكلم باللغة العجمية. (الشوكاني)
-فيه تأمين المسلمين لأهل الحرب بلسانهم ولغتهم؛ أن ذلك أمان لهم؛ لأن الله تعالى يعلم الألسنة كلها. (ابن بطال)
-الفوائد السلوكية: إذا رأيت ملابس جميلة على أهلك أو صديقك أو زميلك فأظهر استحسانك مباركاً. د. خالد الدريس

باب: فِـي الطِّيبِ والرَّيْحانِ


١٩٢٩. (م) (٢٢٥٢) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «كانَتِ امرَأَةٌ مِن بَنِي إسرائِيلَ قَصِيرَةٌ تَمشِي مَعَ امرَأَتَينِ طَوِيلَتَينِ، فاتَّخَذَت رِجلَينِ مِن خَشَبٍ وخاتَمًا مِن ذَهَبٍ مُغلَقٍ مُطبَقٍ، ثُمَّ حَشَتهُ مِسكًا وهُوَ أطيَبُ الطِّيبِ، فَمَرَّت بَينَ المَرأَتَينِ فَلَم يَعرِفُوها، فَقالَت بِيَدِها هَكَذا». ونَفَضَ شُعبَةُ يَدَهُ.
-أما اتخاذها المسك: فمباح لها في بيتها، ويلحق بالمندوب إذا قصدت به حسن التبعل للزوج، وأما إذا خرجت: فإن قصدت أن يجد الرجال ريحها؛ فهي زانية؛ كما قاله النبي - ﷺ، ومعناه: أنها بمنزلة الزانية في الإثم، وأما إذا لم تقصد ذلك: فلا تسلم من الإثم. من الإثم؛ كيف لا وقد قال رسول الله - ﷺ -: (إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبا) وقال: (ليخرجن وهن تفلات) أي: غير متطيبات، وكل ذلك هو شرعنا. (القرطبي)

١٩٣٠. (م) (٢٢٥٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن عُرِضَ عَلَيهِ رَيحانٌ فَلا يَرُدُّهُ، فَإنَّهُ خَفِيفُ المَحمِلِ طَيِّبُ الرِّيحِ».
-وفيه من الفقه الترغيب في استعمال الطيب، وفي عرضه على من يستعمله. (القرطبي)
-في هذا الحديث من الفقه أن الريحان من أقوات الروح، وليس ذا قذر فيرد الكريم مثله. (ابن هبيرة)
-وفي هذا الحديث كراهة رد الريحان لمن عرض عليه إلا لعذر. (النووي)

باب: كَيْفَ كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَسْتَجْمِرُ بِالأَلُوَّةِ


١٩٣١. (م) (٢٢٥٤) عَنْ نافِعٍ قالَ: كانَ ابنُ عُمَرَ ﵄ إذا استَجمَرَ استَجمَرَ بِالأَلُوَّةِ غَيرَ مُطَرّاةٍ، وبِكافُورٍ يَطرَحُهُ مَعَ الأَلُوَّةِ، ثم قالَ: هَكَذا كانَ يَستَجمِرُ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
-فيه استعمال الأرايح الطيبة من جميع وجوهها وأنواع الطيب، وذلك مندوب إليه في الشريعة لمن قصد به مقاصده، من امتثال أمر نبيه - عليه السلام - بذلك ليوم الجمعة، والأعياد، ومجامع الناس، ليدفع عن نفسه ما يكره من الروائح، وليدخل على المؤمنين راحة ويدفع عنهم مضرة، وما يوافق الملائكة من ذلك في المساجد، ومظان حلق الذكر وغيرها، وليقوى دماغه، ويصلح خاطره، ويطيب نفسه؛ لتأثير الطيب في تقوية هذه الأعضاء، وليعينه على ما يحتاج إليه من أمور النساء، فله في ذلك من التأثير ما لا ينكر، ولتطيب رائحته عند أهله وإخوانه المؤمنين، وتظهر مروءته ونظافته؛ وقد بنى الإسلام على النظافة. ولا يفعل هذا فخرا أو رياء واختيالا بدنياه ومباهاة بوجده، فالله لا يحب كل مختال فخور. (القاضي عياض)

باب: فِـي النَّهْيِ عَنْ تَزَعْفُرِ الرَّجُلِ


١٩٣٢. (خ م) (٢١٠١) عَنْ أنَسٍ ﵁ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ ﷺ أن يَتَزَعفَرَ الرَّجُلُ.
-في هذا الحديث من الفقه أن الزعفران هو من طيب النساء؛ وليس من طيب الرجال. (ابن هبيرة)
-هذا دليل لمذهب الشافعي وموافقيه في تحريم لبس الثوب المزعفر على الرجل. (النووي)

باب: الـنَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الرَّجُلِ الثَّوْبَ الـمُعَصْفَرَ


١٩٣٣. (م) (٢٠٧٧) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄ قالَ: رَأى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَوبَينِ مُعَصفَرَينِ، فَقالَ: «إنَّ هَذِهِ مِن ثِيابِ الكُفّارِ فَلا تَلبَسها». وفي رواية: فَقالَ: «أأُمُّكَ أمَرَتكَ بِهَذا؟» قُلتُ: أغسِلُهُما؟ قالَ: «بَل أحرِقهُما».
-الثياب المعصفرة ليست من ملابس الرجال، وإنما تلبسها النساء، فإذا لبسها الرجل تشبه بالمرأة، وقد لعن رسول الله ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء، ولعلها قد كانت من ملابس الروم أو فارس، فلذلك قال: " من ثياب الكفار ". (ابن الجوزي)
-والحديث يدل على المنع من لبس الثياب المصبوغة بالعصفر. (الشوكاني)
-والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار..، وإن كان من أجل أنه زي النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبه بالنساء، فيكون النهي عنه لا لذاته، وإن كان من أجل الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك، وإلا فيقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين المحافل والبيوت. (ابن حجر)

١٩٣٤. (م) (٢٠٧٨) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهى عَن لُبسِ القَسِّيِّ والمُعَصفَرِ، وعَن تَخَتُّمِ الذَّهَبِ، وعَن قِراءَةِ القُرآنِ فِي الرُّكُوعِ.
-القراءة في الركوع؛ فإنما نهي من أجل أن الركوع محل التسبيح والذكر بالتعظيم، وإنما محل القراءة القيام فكره أن يجمع بينهما في محل واحد ليكون كل واحد منهما في موضعه الخاص به. (الخطابي)
-وقوله: ((المعصفر)) وظاهر الحديث: أن النهي عام للرجال والنساء، ولكن أكثر الفقهاء يقولون: إن هذا خاص بالرجال- المعصفر-؛ لأن النبي ﷺ لما رأى على عبد الله بن عمرو بن العاص ثوبين معصفرين قال له: ((أمك أمرتك بهذا؟ ))؛ لأن هذا من لباس النساء، فالمرأة يجوز لها أن تلبس الأحمر والمصبوغ بالعصفر، وأما الرجل فإنه ينهي عنه، هذا النهي يشمل ما إذا كان الثوب كله مصبوغًا بالعصفر، أما إذا كان بعضه مصبوغًا بالعصفر وبعضه ملونًا بلون آخر، فإنَّا إذا قسناه على مسألة الحرير نقول: إذا كان الأكثر ظهورًا هو الأحمر صار منهيًا عنه، وإذا كان الأكثر ظهورًا سواه، أو كانا مستويين كان ذلك جائزًا. (ابن عثيمين)

باب: فِـي مُخالَفَةِ اليَهُودِ والنَّصارى فِـي الصَّبْغِ


١٩٣٥. (خ م) (٢١٠٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إنَّ اليَهُودَ والنَّصارى لا يَصبُغُونَ، فَخالِفوهُم».
-في هذا الحديث من الفقه استحباب الصبغ، وهو تغيير الشيب، وكان أبو بكر رضي الله عنه يخضب بالحناء والكتم. فأما السواد فالخضاب به مكروه عند الأكثرين، وقد رخص فيه قوم. (ابن هبيرة)
-وفيه ندب مخالفة اليهود والنصارى مطلقا فإن العبرة بعموم اللفظ. (المناوي)
-يدل على أن العلة في شرعية الصباغ وتغيير الشيب هي مخالفة اليهود والنصارى. (الشوكاني)

باب: فِـي البُرْنُسِ


١٩٣٦. (خ) (٥٨٠٢) عَنْ مُعْتَمِرٍ؛ سَمِعتُ أبِي قالَ: رَأَيتُ عَلى أنَسٍ بُرنُسًا أصفَرَ مِن خَزٍّ.
-في هذا دليل على جواز لبس البرانس التي من خز؛ لأنه ليس بلباس كامل. (ابن هبيرة)

باب: فِـي لِباسِ الحِبَرَةِ


١٩٣٧. (خ م) (٢٠٧٩) عَنْ قَتادَةَ قالَ: قُلنا لأَنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁: أيُّ اللِّباسِ كانَ أحَبَّ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ (أو أعجَبَ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ)؟ قالَ: الحِبَرَةُ.
-فيه دليل لجواز لباس المخطط، وهو مجمع عليه. (النووي)

باب: فِـي لُبْسِ الإزارِ الغَلِيظِ والثَّوْبِ المُلَبَّدِ


١٩٣٨. (خ م) (٢٠٨٠) عَنْ أبِي بُرْدَةَ قالَ: دَخَلتُ عَلى عائِشَةَ ﵂، فَأَخرَجَت إلَينا إزارًا غَلِيظًا (مِمّا يُصنَعُ بِاليَمَنِ)، وكِساءً (مِن الَّتِي يُسَمُّونَها المُلَبَّدَةَ)، قالَ: فَأَقسَمَت باللهِ؛ إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قُبِضَ فِي هَذَينِ الثَّوبَينِ.
-فيه ما كان عليه النبي -ﷺ- من الزهادة في الدنيا، والإعراض عن متاعها النفيس وملاذها، والحث على الاقتداء به -ﷺ- في هذا وغيره. (ابن رسلان)
- وفيه استحباب الكفن في غير ما مات فيه. (ابن رسلان)
-بيان ما كانت عليه عائشة -رضي الله عنها- من الحرص على حثّ الأمة في الزهد، والاقتداء به -ﷺ- فيه، فإنها ما أخرجت لأبي بُردة ومن معه إزاره -ﷺ-، وكساءه المذكورين إلا لتحثّهم على الاقتداء به -ﷺ- في ذلك، والاجتزاء بمثله، وهذا من باب النُّصح لعامّة الناس. (الإثيوبي)

باب: فِـي الأَنْماطِ


١٩٣٩. (خ م) (٢٠٨٣) عَنْ جابِرٍ ﵁ قالَ: (لَمّا تَزَوَّجتُ) قالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أتَّخَذتَ أنماطًا؟» قُلتُ: وأَنّى لَنا أنماطٌ. قالَ: «أما إنَّها سَتَكُونُ». قالَ جابِرٌ: وعِندَ امرَأَتِي نَمَطٌ، فَأَنا أقُولُ نَحِّيهِ عَنِّي. وتَقُولُ: قَد قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّها سَتَكُونُ». زادَ فِي رِوايَةٍ فِي آخِرِها: فَأَدَعُها.
-فيه من علامات النبوة؛ لأنه عليه السلام أخبر بما يكون فكان. (ابن بطال)
-فيه جواز اتخاذ الأنماط فرشا إذ لم تكن حريرا، أو كان مما يجلس عليها النساء خاصة لقول النبي ﷺ: "إنها ستكون" ولم ينكر اتخاذه. (عياض)
-وفيه أن شورة البيوت للنساء. (ابن بطال)
- وفيه: دليل أن "الشورة: التجهيز للعرس" للمرأة دون الرجل، وأنها عليها في المعروف من أمر الناس القديم؛ لأن النبي عليه السلام، إنما قال ذلك لجابر؛ لأن أباه ترك سبع بنات، فقام عليهن جابر وشورهن بعد أبيه وزوجهن. (ابن بطال)
-التورعّ عن الترفّه بملاذّ الدنيا، حيث كان جابر -رضي الله عنه- يأمر امرأته بإبعاده عنه. (الأتيوبي)
-بيان فضل جابر -رضي الله عنه-، حيث كان يتورّع بإبعاد الأنماط من بيته؛ خوفًا أن يدخل تحت قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20]، فإن الآية، وإن سيقت لبيان حال الكفّار، إلا أن من صفات المؤمن الخوفَ من الله تعالى. (الأتيوبي)

باب: فِراشُ النَّبِيِّ ﷺ ونَعْلُهُ


١٩٤٠. (خ م) (٢٠٨٢) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: إنَّما كانَ فِراشُ رَسُولِ اللهِ ﷺ (الَّذِي يَنامُ عَلَيهِ) أدَمًا حَشوُهُ لِيفٌ.
-فيه جواز اتخاذ الفراش للنوم محشوا، واستعمال الأدم وهي الجلود فى ذلك. (القاضي عياض)
-بيان ما كان عليه النبيّ -ﷺ- من الزهادة، والإعراض عن ملاذّ الدنيا، مع أن الله -سبحانه وتعالى- مكّنه من ذلك لو شاء أن يستمتع بها. (الإتيوبي)

١٩٤١. (خ) (٥٨٥٨) عَنْ عِيسى بْنِ طَهْمانَ قالَ: خَرَجَ إلَينا أنَسُ بنُ مالِكٍ ﵁ بِنَعلَينِ لَهُما قِبالانِ، فَقالَ ثابِتٌ البُنانِي: هَذِهِ نَعْلُ النَّبِيِّ ﷺ. وفي رواية: نَعلَينِ جَرداوَتَينِ ...
-في هذا الحديث ما يدل على أن رسول الله - ﷺ - كان لنعليه قبالان، والقبال: هو زمام النعل، وهو أمكن للقدم، وأحفظ للنعل في الرجل، من أن يكون ذلك في قبال واحد. (ابن هبيرة)

باب: كَراهَةُ ما زادَ عَلى الحاجَةِ مِنَ الفِراشِ


١٩٤٢. (م) (٢٠٨٤) عَنْ جابِرٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ لَهُ: «فِراشٌ لِلرَّجُلِ، وفِراشٌ لامرَأَتِهِ، والثّالِثُ لِلضَّيفِ، والرّابِعُ لِلشَّيطانِ».
-والرابع للشيطان: يريد أن ما زاد على الحاجة فاتخاذه إنما هو للمباهاة والاختيال، لا من ضرورة الحياة الدنيا فهو من المكروه المذموم، وكل مذموم مضاف للشيطان. وقد يحتمل أن يكون على وجهه: أنه إذا كان هنا متخذا لغير حاجة كان للشيطان عليه مبيت ومقيل، كما له في البيت إذا لم يسم الله عند دخوله، وفى الطعام عشاء إذا لم يسم الله عليه، أو لم يغط بالليل. (القاضي عياض)
-دليل على جواز اتخاذ الإنسان من الفرش والآلة ما يحتاج إليه، وترك الإكثار من الآلات، وأن يقتصر على حاجته. (القرطبي)
-هذا الحديث قد نبه على حسن المعاشرة للزوجة باتخاذ فراش لها وفراش لزوجها. (ابن الجوزي)
-أما تعديد الفراش للزوج والزوجة فلا بأس به؛ لأنه قد يحتاج كل واحد منهما إلى فراش عند المرض ونحوه وغير ذلك... والصواب في النوم مع الزوجة أنه إذا لم يكن لواحد منهما عذر في الانفراد فاجتماعهما في فراش واحد أفضل، وهو ظاهر فعل رسول الله ﷺ الذي واظب عليه، مع مواظبته ﷺ على قيام الليل، فينام معها فإذا أراد القيام لوظيفته قام وتركها، فيجمع بين وظيفته وقضاء حقها المندوب وعشرتها بالمعروف، لاسيما إن عرف من حالها حرصها على هذا. (النووي)
-بيان تسلّط الشيطان على بني آدم، بحيث إنه لا يترك عملًا من أعماله إلا ويشاركه فيه، حتى يوقعه في المخالفة، فينبغي التنبّه لذلك، والحذر منه، والبعد عما يؤدّي إلى إرضائه، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. (الإتيوبي)

باب: لا يَنْظُرُ اللهُ إلى مَن يَجُرُّ إزارَهُ خُيَلاءَ


١٩٤٣. (خ م) (٢٠٨٧) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيادٍ قالَ: سَمِعتُ أبا هُرَيْرَةَ ﵁ (ورَأى رَجُلًا يَجُرُّ إزارَهُ، فَجَعَلَ يَضرِبُ الأَرضَ بِرِجلِهِ، وهُوَ أمِيرٌ عَلى البَحرَينِ، وهُوَ يَقُولُ: جاءَ الأَمِيرُ، جاءَ الأَمِيرُ)، قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ اللهَ لا يَنظُرُ إلى مَن يَجُرُّ إزارَهُ بَطَرًا».
بيان عقوبة من جر ثوبه خيلاء، وتغليظ الوعيد فيه.
- تحريم جر الإزار تحت الكعبين، ولو لم يكن بقصد الخيلاء، للأحاديث الدالة عليه، كحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: (ما تحت الكعبين ففي النار).
- أن فيه دلالة واضحة على عدم اختصاص الإسبال بالإزار، بل يكون في القميص، والعمامة، والطيلسان والرداء، والشملة، لأن لفظ الثوب يشمل الكل.

١٩٤٤. (خ م) (٢٠٨٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن جَرَّ ثَوبَهُ مِن الخُيَلاءِ لَم يَنظُر اللهُ إلَيهِ يَومَ القِيامَةِ». زادَ (خ): فَقالَ أبُو بَكرٍ: إن أحَدَ شِقَّي ثَوبِي يَستَرخِي، إلّا أن أتَعاهَدَ ذَلكَ مِنهُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّكَ لَستَ تَصنَعُ ذَلكَ خُيَلاءَ».
فيه اعتبار أحوال الأشخاص في الأحكام باختلافها، وهو أصل مطرد غالبا." ابن حجر ".
- فيه أن الجر إذا كان بسبب الإسراع لا يدخل في النهي، فيشعر بأن النهي يختص بما كان للخيلاء، لكن لا حجة فيه لمن قصر النهي على ما كان للخيلاء حتى أجاز لبس القميص الذي ينجز على الأرض لطوله. " ابن حجر "

١٩٤٥. (خ م) (٢٠٨٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «بَينَما رَجُلٌ (يَتَبَختَرُ) يَمشِي فِي بُردَيهِ، قَد أعجَبَتهُ نَفسُهُ، فَخَسَفَ اللهُ بِهِ الأَرضَ، فَهُوَ يَتَجَلجَلُ فِيها إلى يَومِ القِيامَةِ». ورَوى (خ) عَن ابْنِ عُمرَ؛ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: «بَينَما رَجُلٌ يَجُرُّ إزارَهُ مِن الخُيلاءِ خُسِفَ بِهِ، ...» مِثلَهُ.
- بيان أن الله سبحانه وتعالى يعاقب المختال بخسف الأرض به، فهو ينزل إلى قعرها إلى يوم القيامة، وهذا وعيد شديد.
- جواز الخسف في هذه الأمة، لأنه ﷺ ما ذكر ذلك إلا لتحذير أمته أن يصيبها ما أصاب الأمم السابقة.
- يفيد هذا الحديث ترك الأمن من تعجيل المؤاخذة على الذنوب، وأن عجب المرء بنفسه، وثوبه، وهيئته حرام، وكبيرة.
- فيه بيان الوعيد الشديد في الإعجاب بالنفس، والخيلاء في البردين ونحوهما.

باب: ما أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإزارِ فَفِي النّارِ


١٩٤٦. (م) (٢٠٨٦) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: مَرَرتُ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ وفِي إزارِي استِرخاءٌ، فَقالَ: «يا عَبدَ اللهِ؛ ارفَع إزارَكَ». فَرَفَعتُهُ، ثُمَّ قالَ: «زِد». فَزِدتُ، فَما زِلتُ أتَحَرّاها بَعدُ، فَقالَ بَعضُ القَومِ: إلى أينَ؟ فَقالَ: أنصافِ السّاقَينِ.
١٩٤٧. (خ) (٥٧٨٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «ما أسفَلَ مِن الكَعبَينِ مِن الإزارِ فَفِي النّارِ».
- في حديث أبي سعيد:" إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، "فالمستحب: نصف الساقين، والجائز بلا كراهة: ما تحته إلى الكعبين، فما نزل عن الكعبين فهو ممنوع، فإن كان للخيلاء فهو ممنوع منع تحريم، وإلا فمنع تنزيه. (النووي)

باب: نَقْضُ التَّصالِيبِ


١٩٤٨. (خ) (٥٩٥٢) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَم يَكُن يَترُكُ فِي بَيتِهِ شَيئًا فِيهِ تَصالِيبُ إلا نَقَضَهُ.
- يترجح من حيث المعنى أن النقض يزيل الصورة مع بقاء الثوب على حاله. (ابن حجر)

باب: لا تَدْخُلُ الـمَلائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ ولا صُورَةٌ


١٩٤٩. (م) (٢١٠٥) عَنْ مَيْمُونَةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ أصبَحَ يَومًا واجِمًا، فَقالَت مَيْمُونَةُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ لَقَد استَنكَرتُ هَيئَتَكَ مُنذُ اليَومِ. قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ جِبرِيلَ كانَ وعَدَنِي أن يَلقانِي اللَّيلَةَ، فَلَم يَلقَنِي، أما واللهِ ما أخلَفَنِي». قالَ: فَظَلَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَومَهُ ذَلكَ عَلى ذَلكَ، ثُمَّ وقَعَ فِي نَفسِهِ جِروُ كَلبٍ تَحتَ فُسطاطٍ لَنا، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخرِجَ، ثُمَّ أخَذَ بِيَدِهِ ماءً فَنَضَحَ مَكانَهُ، فَلَمّا أمسى لَقِيَهُ جِبرِيلُ، فَقالَ لَهُ: «قَد كُنتَ وعَدتَنِي أن تَلقانِي البارِحَةَ». قالَ: «أجَل، ولَكِنّا لا نَدخُلُ بَيتًا فِيهِ كَلبٌ ولا صُورَةٌ». (فَأَصبَحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَومَئِذٍ فَأَمَرَ بِقَتلِ الكِلابِ، حَتّى إنَّهُ يَأمُرُ بِقَتلِ كَلبِ الحائِطِ الصَّغِيرِ، ويَترُكُ كَلبَ الحائِطِ الكَبِيرِ). رَوى (خ) مَعناهُ مُختَصَرًا عَن ابْنِ عُمرَ.
ورَوى (م) عَن عائِشَةَ نَحوَ حَدِيثِ البابِ، وفِيهِ: فَجاءَت تِلكَ السّاعَةُ ولَم يَأتِهِ، وفِي يَدِهِ عَصا فَأَلقاها مِن يَدِهِ، وقالَ: «ما يُخْلِفُ اللهُ وعدَهُ ولا رُسُلُهُ». ثُمَّ التَفَتَ فَإذا جِرْوُ كَلبٍ تَحتَ سَرِيرِهِ ...
- أن الكلاب يجوز قتلها لأنها من السباع لكن لما كان في بعضها منفعة، وكانت من النوع المتأنس سومح فيما لا يضر منها.
- فيه دليل على جواز اتخاذ ما ينتفع به من الكلاب في حفظ الحوائط، وغيرها.
- احتج جماعة بقولها: (فنضح مكانه)، نجاسة عين الكلب، قالوا: والمراد بالنضح الغسل.
- أنه ينبغي للإنسان إذا تكدر عليه وقته، أو تنكدت وظيفته، ونحو ذلك أن يفكر في سببه، كما فعل النبي ﷺ حين استخرج الكلب.
- بيان امتناع الملائكة من دخول البيت الذي فيه كلب أو صورة.

١٩٥٠. (خ م) (٢١٠٦) عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ؛ عَن زَيْدِ بْنِ خالِدٍ؛ عَن أبِي طَلْحَةَ صاحِبِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ أنَّهُ قالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إنَّ المَلائِكَةَ لا تَدخُلُ بَيتًا فِيهِ صُورَةٌ». قالَ بُسرٌ: ثُمَّ اشتَكى زَيدٌ بَعدُ فَعُدناهُ، فَإذا عَلى بابِهِ سِترٌ فِيهِ صُورَةٌ، قالَ: فَقُلتُ لِعُبَيْدِ اللهِ الخَولانِيِّ رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ: ألَم يُخبِرنا زَيدٌ عَنِ الصُّوَرِ يَومَ الأَوَّلِ؟ فَقالَ عُبَيدُ اللهِ: ألَم تَسمَعهُ حِينَ قالَ: «إلا رَقمًا فِي ثَوبٍ». وفي رواية (م) زادَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خالِدٍ: قالَ: فَأَتَيتُ عائِشَةَ فَقُلتُ: إنَّ هَذا يُخبِرُنِي أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «لا تَدخُلُ المَلائِكَةُ بَيتًا فِيهِ كَلبٌ ولا تَماثِيلُ»؛ فَهَل سَمعتِ رَسُولَ اللهِ ﷺ ذَكَرَ ذَلكَ؟ فقالَت: لا، ولكِن سَأُحَدِّثُكُم ما رَأَيتُهُ فَعَلَ، رَأَيتُهُ خَرَجَ فِي غَزاتِهِ، فَأَخَذتُ نَمَطًا فَسَتَرتُهُ عَلى البابِ، فَلَمّا قَدِمَ فَرَأى النَّمَطَ عَرَفتُ الكَراهيَّةَ فِي وجهِهِ، فَجَذَبَهُ حَتّى هَتَكَهُ أو قَطَعَهُ، وقالَ: «إنَّ اللهَ لَم يَأمُرْنا أن نَكسُوَ الحِجارةَ والطِّينَ». قالَت: فَقَطَعنا مِنهُ وِسادَتَينِ، وحَشَوتُهُما لِيفًا، فَلَم يَعِب ذَلكَ عَلَيَّ.
- لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه التماثيل، لأن متخذها في بيته قد تشبه بالكفار الذين يتخذون الصور في بيوتهم، ويعظمونها، فكرهت الملائكة ذلك منه، فلم تدخل بيته هجرانا له، وغضبا عليه.
- قال الجامع في "البحر المحيط": أن الصور المحرمة هي ما كانت لذوات الأرواح، وكانت منصوبة، وأما إذا كانت توطأ وتمتهن، فلا بأس بها، وكذلك ما كان رقما في ثوب، إلا أن يكون منصوبا، وكذلك إذا قطع رأسها.
- ما كان عليه السلف رضوان الله عليهم من تتبع النصوص عند من يظنون أنه أعلم، وأجمع لها من غيره.
- ما كانت عليه عائشة رضي الله عنها من العلم، فقد كان الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم يأتونها ينهلون من علمها، وإذا اختلفوا في النصوص كانت المرجع لهم، لما حفظته رضي الله عنها من رسول الله ﷺ من النصوص الكثيرة.
- أنه يستدل بهذا الحديث لتغيير المنكر باليد، وهتك الصور المحرمة، والغضب عند رؤية المنكر.
- بيان جواز اتخاذ الوسائد، والاتكاء عليها.
- (إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين) يفهم منه: كراهية ستر الحيطان بالستر، لأن ذلك من السرف، وفضول زهرة الدنيا، التي نهى الله تعالى النبي ﷺ أن يمد عينيه إليها بقوله تعالى: " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا ".

باب: الأَمْرُ بِنَزْعِ التَّصاوِيرِ


١٩٥١. (خ م) (٢١٠٧) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِن سَفَرٍ، وقَد سَتَرتُ عَلى بابِي دُرنُوكًا (فِيهِ الخَيلُ ذَواتُ الأجنِحَةِ)، فَأَمَرَنِي فَنَزَعتُهُ. لفظ (خ): فيه تَماثِيل.
ورَوى (خ) عَن أنَسٍ قالَ: كان قِرامٌ لِعائِشَةَ سَتَرَت بِهِ جانِبَ بِيتِها، فَقالَ لَها النَّبِيُّ ﷺ: «أمِيطِي عَنِّي، فَإنَّهُ لا تَزالُ تَصاوِيرُهُ تَعرِضُ لِي فِي صَلاتِي». ورَوى (م) عَنها قالَت: كانَ لَنا سِترٌ فِيهِ تِمثالُ طائِرٍ، وكانَ الدّاخل إذا دَخَلَ استَقبَلَهُ، فَقالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «حَوِّلِي هَذا، فَإنِّي كُلَّما دَخَلتُ فَرَأَيتُهُ ذَكَرتُ الدُّنيا». قالَت: وكانَت لَنا قَطِيفَةٌ كُنّا نَقُولُ عَلَمُها حَرِيرٌ، فَكُنّا نَلبَسُها. وفي رواية لَهُ: فَلَمْ يَأْمُرْنا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِقَطْعِهِ. وروى (م) عنها أنَّهُ كانَ لَها ثَوْبٌ فِيهِ تَصاوِيرُ مَمْدُودٌ إلى سَهْوَةٍ، فَكانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي إلَيْهِ. فَقالَ: «أخِّرِيهِ عَنِّي». قالَت: فَأَخَّرتُهُ فَجَعَلتُهُ وسائدَ.
- البعد عن زخارف الدنيا، والزهد فيها.
- جواز لبس القطيفة، وهي كساء له خمل.

باب: عَذابُ الـمُصَوِّرِينَ


١٩٥٢. (خ م) (٢١٠٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ أشَدَّ النّاسِ عَذابًا يَومَ القِيامَةِ المُصَوِّرُونَ».
١٩٥٣. (خ م) (٢١٠٧) عَنْ عائِشَةَ ﵂ تَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وقَد سَتَرتُ سَهوَةً لِي بِقِرامٍ فِيهِ تَماثِيلُ، فَلَمّا رَآهُ هَتَكَهُ، وتَلَوَّنَ وجهُهُ، وقالَ: «يا عائِشَةُ؛ أشَدُّ النّاسِ عَذابًا عِندَ اللهِ يَومَ القِيامَةِ الَّذِينَ يُضاهُونَ بِخَلقِ اللهِ». قالَت عائِشَةُ: فَقَطَعناهُ، فَجَعَلنا مِنهُ وِسادَةً أو وِسادَتَينِ. وفي رواية: بِقِرامٍ فِيهِ صُورَةٌ ... وفِيها: قالَ: «إنَّ مِن أشدِّ النّاسِ عَذابًا يَومَ القِيامَةِ الَّذِينَ (يُشَبِّهون) بِخَلقِ اللهِ». وفي رواية (خ): «.. الَّذِينَ يُصَوِّرُونَ هَذِهِ الصُّورَ». وفي رواية (خ): فاتَّخذتُ مِنهُ نُمْرُقَتَينِ، فَكانَتا فِي البَيتِ يَجلِسُ عَلَيهِما.
- تحريم تصوير صورة الحيوان.
- إنما عظمت عقوبة المصور، لأن الصور كانت تعبد من دون الله، ولأن النظر إليها يفتن، وبعض النفوس إليها تميل، قال: والمراد بالصور هنا: التماثيل التي لها روح. (الخطابي)
- أن الناس الذين أضيف إليهم "أشد" لا يراد بهم كل الناس، بل بعضهم، وهم من يشارك في المعنى المتوعد عليه بالعذاب، ففرعون أشد الناس الذين ادعوا الإلهية عذابا، ومن يقتدي به في ضلاله كفره أشد عذابا ممن يقتدي به في ضلالة فسقه، ومن صور صورة ذات روح للعبادة أشد عذابا ممن يصورها لا للعبادة. (القرطبي)
- قال العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر، لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد، وسواء صنعه لما يمتهن أم لغيره فصنعه حرام بكل حال، وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها، فأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام. (النووي)

١٩٥٤. (خ م) (٢١٠٧) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّها اشتَرَت نُمرُقَةً فِيها تَصاوِيرُ، فَلَمّا رَآها رَسُولُ اللهِ ﷺ قامَ عَلى البابِ فَلَم يَدخُل، فَعَرَفتُ أو فَعُرِفَت فِي وجهِهِ الكَراهِيَةُ، فَقالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ أتُوبُ إلى اللهِ وإلى رَسُولِهِ؛ فَماذا أذنَبتُ؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما بالُ هَذِهِ النُّمرُقَةِ؟» فَقالَت: اشتَرَيتُها لَكَ، تَقعُدُ عَلَيها وتَوَسَّدُها، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ أصحابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ، ويُقالُ لَهُم: أحيُوا ما خَلَقتُم»، ثُمَّ قالَ: «إنَّ البَيتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لا تَدخُلُهُ المَلائِكَةُ». وفي رواية (م) زادَ: قالَت: فَأَخذَتُهُ فَجَعَلتُهُ مِرفَقَتينِ، فَكانَ يَرتَفِق بِهِما فِي البَيتِ. لَفظُ (خ): فاتَّخَذَت مِنهُ نُمرُقَتَينِ فَكانَتا فِي البَيتِ يَجلِسُ عَلَيهِما.
- بيان ما يعذب به أصحاب الصور من نفخ الروح يوم القيامة.
- في الحديث صفة تعذيب المصور، وهو أن يكلف نفخ الروح في الصورة التي صورها، وهو لا يقدر على ذلك فيستمر تعذيبه. (ابن حجر)
-الوعيد إذا حصل لصانعها فهو حاصل لمستعملها، لأنها لا تصنع إلا لتستعمل فالصانع متسبب والمستعمل مباشر فيكون أولى بالوعيد. " ابن حجر "

١٩٥٥. (خ م) (٢١١٠) عَنِ النَّضْرِ بْنِ أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: كُنتُ جالِسًا عِنْدَ ابْنِ عَبّاسٍ، فَجَعَلَ يُفتِي، ولا يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، حَتّى سَأَلَهُ رَجُلٌ فَقالَ: إنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ. (فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ: ادنُه. فَدَنا الرَّجُلُ)، فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «مَن صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنيا كُلِّفَ أن يَنفُخَ فِيها الرُّوحَ يَومَ القِيامَةِ ولَيسَ بِنافِخٍ». وفي رواية (خ): فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ: ويحَكَ، إن أبَيتَ إلّا أن تَصنَعَ فَعَلَيكَ بِهَذا الشَّجَرِ؛ كُلِّ شَيءٍ لَيسَ فِيهِ رُوحٌ.
- أنه استدل به على جواز تصوير ما لا روح له، من شجر أو شمس أو قمر." ابن حجر "
- ظاهره أنه من تكليف ما لا يطاق، وليس كذلك وإنما القصد طول تعذيبه وإظهار عجزه عما كان تعاطاه، ومبالغة في توبيخه، وبيان قبح فعله. " ابن حجر ".

١٩٥٦. (خ م) (٢١١١) عَنْ أبِي زُرْعَةَ قالَ: دَخَلتُ مَعَ أبِي هُرَيْرَةَ فِي دارِ (مَروانَ)، فَرَأى فِيها تَصاوِيرَ، فَقالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «قالَ اللهُ: ومَن أظلَمُ مِمَّن ذَهَبَ يَخلُقُ خَلقًا كَخَلقِي، فَليَخلُقُوا ذَرَّةً، أو لِيَخلُقُوا حَبَّةً، أو لِيَخلُقُوا شَعِيرَةً». لَفظُ (خ): دارًا بِالمَدِينَةِ، فَرَأى فِي أعلاها مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ ...
- قال ابن بطال: فهم أبو هريرة أن التصوير يتناول ما له ظل وما ليس له ظل، فلهذا أنكر ما ينقش في الحيطان. (ابن حجر)

باب: الـنَّهْيُ عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ ولُبْسِ الحَرِيرِ عَلى الرِّجالِ


١٩٥٧. (خ م) (٢٠٦٦) عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ ﵄ يَقُولُ: أمَرَنا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَبعٍ، ونَهانا عَن سَبعٍ، أمَرَنا بِعِيادَةِ المَرِيضِ، واتِّباعِ الجَنازَةِ، وتَشمِيتِ العاطِسِ، وإبرارِ القَسَمِ أو المُقسِمِ، ونَصرِ المَظلُومِ، وإجابَةِ الدّاعِي، وإفشاءِ السَّلامِ، ونَهانا عَن خَواتِيمَ أو عَن تَخَتُّمٍ بِالذَّهَب، وعَن شُربٍ بِالفِضَّةِ، وعَن المَياثِرِ، وعَن القَسِّيِّ، وعَن لُبسِ الحَرِيرِ والإستَبرَقِ والدِّيباجِ. وفي رواية (خ): أمَرَنا ... ونَصرِ الضَّعِيفِ، وعَونِ المَظلُومِ. وفي رواية (خ): ونَهانا ... والسُّندُسِ. وفي رواية (خ): والمَياثِرِ الحُمرِ.
وفي رواية (م): وإنشادِ الضّالِّ، مَكانَ: إبرار القَسَمِ.
ورَوى (م) عَنْ أبِي بُرْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁: ونَهانِي عَن لُبسِ القَسِّيِّ، وعَن جُلُوسٍ عَلى المَياثِرِ. قالَ: فَأَمّا القَسِّيُّ فَثِيابٌ مُضَلَّعَةٌ يُؤتى بِها مِن مِصرَ والشّامَ، فِيها شِبْهُ كَذا، وأَمّا المَياثِرُ فَشَيءٌ كانَت تَجعلُهُ النِّساءُ لِبُعُولتِهِنَّ عَلى الرَّحْلِ، كالقَطائِفِ الأُرجُوانِ.
- تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة على كل مكلف رجلا كان أو امرأة. (ابن حجر)

١٩٥٨. (خ م) (٢٠٩١) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ اصطَنَعَ خاتَمًا مِن ذَهَبٍ، فَكانَ يَجعَلُ فَصَّهُ فِي باطِنِ كَفِّهِ إذا لَبِسَهُ، فَصَنَعَ النّاسُ، ثُمَّ إنَّهُ جَلَسَ عَلى المِنبَرِ فَنَزَعَهُ، فَقالَ: «إنِّي كُنتُ ألبَسُ هَذا الخاتَمَ، وأَجعَلُ فَصَّهُ مِن داخِلٍ». فَرَمى بِهِ، ثُمَّ قالَ: «واللهِ لا ألبَسُهُ أبَدًا». فَنَبَذَ النّاسُ خَواتِيمَهُم. وفي رواية: وجَعَلَهُ فِي يَدِهِ اليُمنى.
- حرمة التختم بالذهب للرجال، وحليته للنساء.
- استدل به على تحريم الذهب على الرجال قليله وكثيره للنهي عن التختم وهو قليل. (ابن حجر)
- أن النبي ﷺ كان يعلِّم أصحابه بالقول وبالفعل، وذلك حين جلس على المنبر والناس حوله، فخلع خاتمه وطرحه." ابن عثيمين "
- فيه كمال تأس الصحابة رضي الله عنهم حيث طرحوا خَواتِيمَهُم. (ابن عثيمين)

١٩٥٩. (م) (٢٠٨٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النبيِّ ﷺ؛ أنَّهُ نَهى عَن خاتَمِ الذَّهَبِ.
١٩٦٠. (م) (٢٠٩٠) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ رَأى خاتَمًا مِن ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ فَنَزَعَهُ فَطَرَحَه، وقالَ: «يَعمِدُ أحَدُكُم إلى جَمرَةٍ مِن نارٍ فَيَجعَلُها فِي يَدِهِ». فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعدَ ما ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: خُذ خاتَمَكَ انتَفِع بِهِ. قالَ: لا، واللهِ لا آخُذُهُ أبَدًا وقَد طَرَحَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ.
- أن قوله ﷺ حين نزعه من يد الرجل: (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار، فيجعلها في يده)، تصريح بأن النهي عن خاتم الذهب للتحريم.
- قال النووي: وأما قول صاحب هذا الخاتم حين قالوا له: (خذه!)، ( لا آخذه وقد طرحه رسول الله ﷺ )، ففيه المبالغة في امتثال أمر رسول الله ﷺ، واجتناب نهيه، وعدم الترخيص فيه بالتأويلات الضعيفة.

باب: لُبْسُ النَّبِيِّ ﷺ خاتَمًا مِن ورِقٍ


١٩٦١. (خ م) (٢٠٩١) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: اتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خاتَمًا مِن ورِقٍ، فَكانَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ كانَ فِي يَدِ أبِي بَكرٍ، ثُمَّ كانَ فِي يَدِ عُمَرَ، ثُمَّ كانَ فِي يَدِ عُثْمانَ، حَتّى وقَعَ مِنهُ فِي بِئرِ أرِيسٍ، نَقشُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ.
١٩٦٢. (خ م) (٢٠٩٢) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: لَمّا أرادَ رَسُولُ اللهِ ﷺ أن يَكتُبَ إلى الرُّومِ قالَ: قالُوا: إنَّهُم لا يَقرؤونَ كِتابًا إلا مَختُومًا. قالَ: فاتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خاتَمًا مِن فِضَّةٍ، كَأَنِّي أنظُرُ إلى بَياضِهِ فِي يَدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، نَقشُهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ. وفي رواية: قالَ لِلنّاسِ: «إنِّي اتَّخَذتُ خاتَمًا مِن فِضَّةٍ، ونَقَشتُ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، فَلا يَنقُش أحَدٌ عَلى نَقشِهِ». وفي رواية (م): فِي يَمِينِهِ، فِيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ، كانَ يَجعَلُ فَصَّهُ مِمّا يِلِي كَفَّهُ. وفي رواية (م): فِي هَذِهِ، وأَشارَ إلى الخِنصِرِ مِن يَدِهِ اليُسرى.
١٩٦٣. (خ) (٣١٠٦) عَنْ أنَسٍ؛ أنَّ أبا بَكرٍ لمّا استُخلِفَ بَعَثَهُ إلى البَحرَينِ، وكَتَبَ لَهُ هَذا الكِتابَ، وخَتَمَهُ بِخاتَمِ النَّبِيِّ ﷺ، وكانَ نَقشُ الخاتَمِ ثَلاثَةَ أسطُرٍ: «مُحمد» سَطرٌ، و«رَسُول» سَطرٌ، و«الله» سَطرٌ.

باب: الـنَّهْيُ عَنِ التَّخَتُمِ فِـي الوُسْطى والَّتِي تَلِيها


١٩٦٤. (م) (٢٠٧٨) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ ﵁ قالَ: نَهانِي رَسُولُ اللهِ ﷺ أن أتَخَتَّمَ فِي إصبَعِي هَذِهِ أو هَذِهِ، فَأَومَأَ إلى الوُسطى والَّتِي تَلِيها.
- أجمع المسلمون على جواز خاتم الفضة للرجال. (النووي)
- جواز نقش الخاتم، ونقش اسم صاحب الخاتم، وجواز نقش اسم الله تعالى.
- أن فيه حفظ الخاتم الذي يختم به تحت يد أمين.
- (فلا ينقش أحد على نقشه): سبب النهي أنه ﷺ إنما اتخذ الخاتم، ونقش فيه ليختم به إلى ملوك العجم وغيرهم، فلو نقش غيره مثله لدخلت المفسدة، وحصل الخلل. (النووي)
- (وكان إذا لبسه جعل فصه مما يلي بطن كفه) قال العلماء: لم يأمر النبي ﷺ في ذلك بشيء، فيجوز جعل فصه في باطن كفه وفي ظاهرها، وقد عمل السلف بالوجهين، وممن اتخذه في ظاهره ابن عباس رضي الله عنهما، قالوا: ولكن الباطن أفضل اقتداء به ﷺ، ولأنه أصون لفصه وأسلم له، وأبعد من الزهو والإعجاب. (النووي)
- النهي عن تقليد الخواتم – الختم – وكذلك لا يجوز أن يقلد الإنسان التوقيعات، فلا يجوز أن يقلد الختم ولا التوقيع، لأن هذا يكون فيه كذب وتدليس على صاحب الختم. " ابن عثيمين "

باب: فِـي الانْتِعالِ وآدابِهِ


١٩٦٥. (خ م) (٢٠٩٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا انتَعَلَ أحَدُكُم فَليَبدَأ بِاليُمنى، وإذا خَلَعَ فَليَبدَأ بِالشِّمالِ، وليُنعِلهُما جَمِيعًا، أو لِيَخلَعهما جَمِيعًا».
ولَهُما عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يَمشِ أحَدُكُم فِي نَعلٍ واحِدَةٍ، لِيُنعِلهُما جَمِيعًا أو لِيَخلَعهُما جَمِيعًا».
ورَوى (م) عن أبي رَزِينٍ قال: خرج إلينا أبو هُرَيْرَةَ فَضَرب بيده على جبهتِهِ فقال: ألا إنكم تَحَدَّثُون أني أكذِبُ على رَسُولِ اللهِ ﷺ لِتَهتدوا وأضِلَّ، ألا وإني أشهَدُ لسمعتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقول: «إذا انقَطَعَ شِسعُ أحَدِكُم فَلا يَمشِ فِي الأُخرى حَتّى يُصلِحَها».
- قال ابن هبيرة: في الحديث كراهية أن يمشي الرجل في نعل واحدة، وذلك مناف لاستعمال العدل بين الرجلين، والعدل في ذلك أن ينعلهما معا أو يحفيهما معا.
- تفضيل اليمين على الشمال.
- فيه أنه يستحب البداءة باليمنى في كل ما كان من باب التكريم والزينة والنظافة ونحو ذلك كلبس النعل والخف والمداس، والسراويل والكم، وحلق الرأس وترجيله، وقص الشارب ونتف الإبط، والسواك والاكتحال، وتقليم الأظفار، والوضوء والغسل، والتيمم، ودخول المسجد، والخروج من الخلاء، ودفع الصدقة وغيرها من أنواع الدفع الحسنة، وتناول الأشياء الحسنة، ونحو ذلك. (النووي).
- وفيه أنه يستحب البداءة باليسار فمن ذلك خلع النعل والخف والمداس، والسراويل والكم، والخروج من المسجد، ودخول الخلاء والاستنجاء، وتناول أحجار الاستنجاء، ومس الذكر، والامتخاط والاستنثار، وتعاطي المستقذرات وأشباهها. (النووي)
- وفيه أنه يكره المشي في نعل واحدة أو خف واحدة أو مداس واحد لا لعذر، ودليله هذه الأحاديث، قال العلماء: وسببه أن ذلك تشويه ومثله، ومخالف للوقار، ولأن المنتعلة تصير أرفع من الأخرى، فيعسر مشيه، وربما كان سببا للعثار، وهذه الآداب الثلاثة التي في المسائل الثلاث مجمع على استحبابها، وأنها ليست واجبة، وإذا انقطع شسعه ونحوه، فليخلعهما، ولا يمش في الأخرى وحدها حتى يصلحها وينعلها كما هو نص في الحديث.

١٩٦٦. (م) (٢٠٩٦) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ فِي غَزوَةٍ غَزَوناها: «استَكثِرُوا مِنَ النِّعالِ، فَإنَّ الرَّجُلَ لا يَزالُ راكِبًا ما انتَعَلَ».
- قوله ﷺ حين كانوا في غزاة: (استكثروا من النعال............) معناه أنه شبيه بالراكب في خفة المشقة عليه، وقلة تعبه، وسلامة رجله مما يعرض في الطريق من خشونة وشوك وأذى ونحو ذلك. (النووي)
- وفيه استحباب الاستظهار في السفر بالنعال وغيرها مما يحتاج إليه المسافر، واستحباب وصية الأمير أصحابه بذلك. (النووي)

١ ١) ما حكم لبس الحرير للرجال؟

٥/٠