كِتابُ الطِّيَرَةِ والعَدْوى


باب: لا عَدْوى ولا طِيَرَةَ ولا هامَةَ ولا صَفَرَ


٢٠٧٧. (خ م) (٢٢٢٠) عَنْ أبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ حِينَ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا عَدوى، ولا صَفَرَ، ولا هامَةَ». فَقالَ أعرابِيٌّ: يا رَسُولَ اللهِ؛ فَما بالُ الإبِلِ تَكُونُ فِي الرَّملِ كَأَنَّها الظِّباءُ، فَيَجِيءُ البَعِير الأَجرَبُ فَيَدخُلُ فِيها، فَيُجرِبُها كُلَّها؟ قالَ: «فَمَن أعدى الأَوَّلَ؟» وفِي رِوايَةٍ زادَ: «ولا طِيَرَةَ». وفي رواية (م) زادَ: «ولا نَوءَ».
وفي رواية (خ) زادَ: «وفِرَّ مِن المَجذُومِ كَما تَفِرُّ مِن الأَسَدِ».
ورَوى (م) عَن جابِرِ بن ِعَبدِ اللهِ مَثلَهُ، وذَكَرَ: «ولا غُولَ»، مَكانَ «هامَةَ». وزادَ: وسَمِعتُ أبا الزُّبَيرِ يَذكُرُ أنَّ جابِرًا فَسَّرَ لَهُم قَولَهُ: «ولا صَفَرَ»، فَقالَ أبُو الزُّبَيرِ: الصَّفَرُ البَطْنُ. فَقِيلَ لِجابِرٍ: كَيفَ؟ قالَ: كانَ يُقال: دَوابُّ البَطْنِ. قالَ: ولَم يُفَسِّر الغُولَ، قالَ أبُو الزُّبَيرِ: هَذِهِ الغُولُ الَّتِي تَغَوَّلُ.
-(وَلا صَفَرَ) قال البخاري: هو داءٌ يأخذ البطن, قال ابن عثيمين: فالمعنى أن الصفر لايعدي؛ فهو نوع من المرض الذي لايعدي, وقيل : إن المراد بصفَر شهرُ صفَرَ, وكانوا يتشاءمون به فنفى الرسول --أن يكون في هذا الشهر شؤم.
-(وَلا هَامَةَ) قال النووي: فيه تأويلان: أحدهما أن العرب كانت تتشاءم باطامة وهي الطائر المعروف من طير الليل, وقيل هي البومة.
الثاني: أن العرب كانت تعتقد أن عظام الميت, وقيل روحه تنقلب هامة تطير, فإنهما جميعًا باطلان فبين النبي ﷺ إبطال ذلك وضلالة.
-(وَلَا طِيَرَةَ) قال ابن حجر: وأصل التطير أنهم كانوا في الجاهلية يعتمدون على الطير، فإذا خرج أحدهم لأمر، فإن رأى الطير طار يَمْنَةً تيمَّن به واستَمَرّ، وإن رآه طار يَسْرَةً تشاءم به ورجع، وربما كان أحدهم يُهَيِّج الطير ليطير فيعتمدها، فجاء الشرع بالنهي عن ذلك.
-(وَلَا نَوءَ) قال ابن حجر: وكانوا يقولون مطرنا بنوء كذا فأبطل ﷺ ذلك بأن المطر إنما يقع بإذن الله لا بفعل الكواكب.
-(وَلا غُوْلَ) قال النووي: قال جمهور العلماء: كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات, وهي جنس من الشياطين فتتراءى للناس وتتغول تغولا أي تتلون تلونا فتضلهم عن الطريق فتهلكهم فأبطل النبي ﷺ ذاك.
- وفي هذا الحديث ورد (لا عدوى), و(وفر من المجذوم كما تفر من الأسد) جمع النبي عليه السلام بين نفي العدوى وبين الأمر بالفرار من المجذوم, فأهل العلم -رحمهم الله- جمعوا بينهما وقالوا: إن مخالطة المجذوم سبب للمرض وليس حتميا ومتيقنا, فإذا قُدّرت العدوى من المجذوم أو غيره من الأمراض المعدية فإنما كانت بإذن الله فهو الذي جعل الشيء سببًا, خلافًا لما يزعمه العرب من أن العدوى تنتقل بالطبيعة إلى المعدي. ( ابن عثيمين )
- وفيه تشبيه الإبل بالظباء، وقوع تشبيه الشيء بالشيء، إذا جمعهما وصف خاص، ولو تبايناً في الصورة. (موسى شاهين).
- في جواب النبي ﷺ للأعرابي جواز مشافهة من وقعت له شبهة في اعتقاده، بذكر البرهان العقلي، إذا كان السائل أهلاً لفهمه، وأما من كان قاصراً فيخاطب بما يحتمله عقله من الإقناعات. ( القرطبي )

باب: لا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلى مُصِحٍّ


٢٠٧٨. (خ م) (٢٢٢١) عَنِ ابْنِ شِهابٍ؛ أنَّ أبا سَلَمَةَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوفٍ حَدَّثَهُ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا عَدوى». ويُحَدِّثُ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يُورِدُ مُمرِضٌ عَلى مُصِحٍّ». قالَ أبُو سَلَمَةَ: كانَ أبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُما كِلتَيهِما عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ صَمَتَ أبُو هُرَيْرَةَ بَعدَ ذَلكَ عَن قَولِهِ: «لا عَدوى»، وأَقامَ عَلى أن: «لا يُورِدُ مُمرِضٌ عَلى مُصِحٍّ». قالَ: (فَقالَ الحارِثُ بنُ أبِي ذُبابٍ وهُوَ ابنُ عَمِّ أبِي هُرَيْرَةَ): قَد كُنتُ أسمَعُكَ يا أبا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنا مَعَ هَذا الحَدِيثِ حَدِيثًا آخَرَ قَد سَكَتَّ عَنهُ، كُنتَ تَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا عَدوى». فَأَبى أبُو هُرَيْرَةَ أن يَعرِفَ ذَلكَ، وقالَ: «لا يُورِدُ مُمرِضٌ عَلى مُصِحٍّ». (فَماراهُ الحارِثُ فِي ذَلكَ حَتّى غَضِبَ أبُو هُرَيْرَةَ) فَرَطَنَ بِالحَبَشِيَّةِ، (فَقالَ لِلحارِثِ: أتَدرِي ماذا قُلتُ؟ قالَ: لا. قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: قُلتُ: أبَيتُ. قالَ أبُو سَلَمَةَ: ولَعَمرِي لَقَد كانَ أبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنا أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا عَدوى»، فَلا أدرِي؛ أنَسِيَ أبُو هُرَيْرَةَ، أو نَسَخَ أحَدُ القَولَينِ الآخَرَ؟).
- بيان سد الذريعة؛ لأنه وإن كانت الأمراض لا تعدي إلا أن الأحوط أن لا يورد الممرض على المصح, لئلا يتفق أن تمرض الصحاح بتقدير الله تعالى, فيقع في قلب صاحبها أنه بسبب الإيراد, فقطعه ﷺ بالنهي عن الإيراد لذلك, -والله أعلم-(محمد بن علي الأتيوبي)
- أن من المسلمات الكونية أن الله عزّ وجل أجرى العادة أن لكل شيء سبب باختلاف أنواع الأسباب منها ما هو معلوم, ومنها ما هو مجهول, وأن هذه الأسباب تفضي إلى مسبباتها يجري هذا القانون على كافة المخلوقين, وجاءت الأحاديث النبوية مصرحة أن أحد أسباب وقوع بعض الأمراض المقدّرة على الإنسان إنما هو بـ "العدوى", وأن بعض الأمراض معدية بطبعها جعلها الله بمشيئته سبباً للحدوث, فوجهنا ﷺ إلى سبل الوقاية, فقال : "لاَ يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ ", وقال لمن به الجذام "إِنَّا قَدْ بَايَعْنَاكَ, فَارْجِعْ", كما نهى عن القدوم إلى البلد الذي فيه الطاعون، فهذا هو حاصل مفهوم هذه الأحاديث.
- أن هذا لا يتعارض مع قوله ﷺ : " لاَ عَدْوَى", فهذا نفي منه ﷺ من اعتقاد أن للعدوى تأثيراً لها بذاتها؛ إذ أن تأثيرها ليس أمرًا حتميًا بحيث تكون علة فاعلة، لكنها سبباً ينفذ الله عز وجل به قدره على من قُدّر عليه, فالأسباب كلها لا تأثير لها إلا بمقتضى إرادة الله عز وجل وتقديره, كما قال سبحانه :{وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ} [البقرة:102], كما نبه ﷺ هذا الأعرابي أن العدوى تنتقل من المريض إلى الصحيح لكن انتقالها ليس ذاتياً بل هو خاضع لمشيئة الله تعالى, بقوله "فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ", فحاصل جوابه : من أين جاء المرض لأول من أصيب به؛ فكل ذلك بتقدير الله تعالى. ( اللجنة العلمية – عليكم بسنتي)
- وفي تفسير أبي هريرة للحارث، ما رطن به بالحبشية، شدة ورع أبي هريرة، لأنه مع كون الحارث أغضبه، خشي أن يظن الحارث أنه قال فيه شيئاً يكرهه ففسر له في الحال ما قال.(موسى شاهين).

باب: الشُّؤْمُ فِـي الدّارِ والـمَرْأَةِ والفَرَسِ


٢٠٧٩. (خ م) (٢٢٢٥) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا عَدوى ولا طِيَرَةَ، وإنَّما الشُّؤمُ فِي ثَلاثَةٍ: المَرأَةِ، والفَرَسِ، والدّارِ». وفي رواية: «إن كانَ الشُّؤمُ فِي شَيءٍ فَفِي ...». مِثلُهُ.
ورَوى (م) عَن جابِرٍ: «فَفِي الرَّبعِ والخادِمِ والفَرَسِ».
ورَوى (خ) عَن عَمرو بْنِ دِينارٍ قالَ: كانَ هاهُنا رَجُلٌ اسمُهُ نَوّاسٌ، وكانَت عِندَهُ إبِلٌ هِيمٌ، فَذَهَبَ ابنُ عُمَرَ فاشتَرى تِلكَ الِإبِلَ مِن شَرِيكٍ لَهُ، فَجاءَ إلَيهِ شَرِيكُهُ، فَقالَ: بِعنا تِلكَ الإبِلَ. فَقالَ: مِمَّن بِعتَها؟ قالَ: مِن شَيخٍ كَذا وكَذا. فَقالَ: ويحَكَ؛ ذاكَ واللهِ ابنُ عُمَرَ. فَجاءَهُ فَقالَ: إنَّ شَرِيكِي باعَكَ إبِلًا هِيمًا، ولَم يَعرِفكَ. قالَ: فاسْتَقْها. قالَ: فَلَمّا ذَهَبَ يَسْتاقُها، فَقالَ: دَعْها، رَضِينا بِقَضاءِ رَسُول اللهِ ﷺ: «لا عَدْوى».
- (وَإِنَّمَا الشُّؤمُ فِي ثَلاثَةٍ: المَرأَةِ، وَالفَرَسِ، وَالدَّارِ): قال ابن عثيمين: إنما ضرب الرسول -- مثلاً بالمرأة والدار والفرس؛ لأن هذه الأشياء ملازمة للإنسان فأحياناً يكون فيها شؤم؛ بمعنى أنها تتعب الإنسان وتنكد عليه حياته, فإن طلق فمشكل وإن أبقى فمشكل, وفي البيت كذلك فالبيت يكون فيه تعب كلما سددت شقاً انفتح شق آخر, وكلما جبرت خشبة انكسرت خشبة, والفرس فبعض الفرس يكون صعبًا على الإنسان فيتعبه, والسيارة كذلك فمن الممكن يكون فيها خراب فبعض السيارات تتعب, فمعنى الشؤم أي الإتعاب, وأما أن تكون شؤماً بمعنى أن يموت ولده بسببها, أويفقد ماله, أوصحته, فلا لم يرد النبي ﷺ ذلك
ولا يلزم أن يوجد الشؤم فبعض النساء تكون بركة على الزوج, وبعض السيارات تكون خيرا وبركة على الإنسان, وكذلك بعض البيوت تجدها تبقى سنوات لا يخرب منها شيء.
- (وَكَانَت عِندَهُ إِبِلٌ هِيْمٌ) قال أبو علي الهجري: الهيام: داء من أدواء الإبل يحدث عن شرب الماء النجل إذا كثر طحلبه, ومن علامة حدوثه إقبال البعير على الشمس حيث دارت واستمراره على أكله وشربه وبدنه ينقص كالذائب.
- وفي الحديث جواز بيع الشيء المعيب إذا بينه البائع ورضي به المشتري سواء بينه البائع قبل العقد أو بعده, لكن إذا أخر بيانه عن العقد ثبت الخيار للمشتري, وفيه اشتراء الكبير حاجته بنفسه, وتوقي ظلم الرجل الصالح. ( ابن حجر )

باب: اجْتِنابُ الـمَجْذُومِ ونَحْوِهُ


٢٠٨٠. (م) (٢٢٣١) عَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ ﵁ قالَ: كانَ فِي وفدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجذُومٌ فَأَرسَلَ إلَيهِ النَّبِيُّ ﷺ: «إنّا قَد بايَعناكَ، فارجِع».

باب: فِـي الفَأْلِ الصّالِحِ


٢٠٨١. (خ م) (٢٢٢٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «لا طِيَرَةَ، وخَيرُها الفَألُ». قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ وما الفَألُ؟ قالَ: «الكَلِمَةُ الصّالِحَةُ يَسمَعُها أحَدُكُم». وزادَ (خ) فِي رِوايَةِ: «وأُحِبُّ الفَألَ الصّالِحَ».
ولَهُما عَن أنَسِ بْنِ مالِكٍ؛ أنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ قالَ: «لا عَدوى ولا طِيَرَةَ، ويُعجِبُني الفَألُ؛ الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ، الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ». وفي رواية: «ويُعجِبُني الفَألُ الصّالحُ ...».
- قال ابن عثيمين: الفأل طيب؛ لأنه يسر النفس وينشطها ويرغبها في فعل الخير, فلهذا قال النبي-ﷺ- (خيرها الفأل), مثل أن يسمع الإنسان كلمة "سهل"" أو رابح".
- من هديه ﷺ التفاؤل بالكلمة الحسنة, والاسم الحسن, كما في صلح الحديبية : " لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَقَدْ " سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ ", فالمسلم يستبشر بالكلمة الطيبة يسمعها تناسب الحال الذي يتطلع إليه, قال الأصمعي : سألت ابن عون عن الفأل؟، قال : هو أن تكون مريضاً فتسمع يا "سالم", أو تكون "طالباً " فتسمع يا "واجد". قال ابن بطال : "جعل الله في فطر الناس محبة الكلمة الطيبة والأنس بها كما جعل فيهم الارتياح بالمنظر الأنيق والماء الصافي وإن كان لا يملكه ولا يشربه".
- يتأكد الفأل في أوقات الأزمات, وهذا هو منهج الأنبياء عليهم السلام, قال ابن عباس: سار موسى من مصر إلى مدين، ليس له طعام إلا البقل, وورق الشجر، وكان حافياً فما وصل مدين حتى سقطت نعل قدمه, وجلس في الظل وهو صفوة الله من خلقه، وإن بطنه لاصق بظهره من الجوع، وإنه لمحتاج إلى شق تمرة, فقال : {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} فما هو إلا قليل حتى بدأت الفتوحات, وتوالى عليه الفرج, فاستشعار العبد لمعية الله يجعله مطمئناً متفائلاً برحمة الله, متيقناً بأن قضاؤه لا ينفك من لطفه.
-أحب الرسول ﷺ الفأل؛ لأن من تفاءل أحسن ظنه بربه، ومن أحسن ظنه اطمأنت نفسه, واستعاد قوته, وحمى نفسه من الإحباط الذي قد يردي به في حال أسوأ مما كانت عليه, فالعبد إذا أمّل لطف الله تعالى وفضله, وأنه لا يريد لعباده المؤمنين إلا خيرا { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: 47] , صار بهذا أكثر قوة في مواجهة المواقف, وأصبر على الشدائد, وهو على خير عظيم.
نهى الرسول ﷺ عن " الطيرة " أي التشاؤم بسوء الظن, وتوقع البلاء؛ فالمتشائم قطع رجاؤه وأمله بالله سبحانه, وأوقع نفسه في الضعف الذي يؤول به إلى يأس, ووهن, وعجز, وهذا ينافي منهج النبوة بتقديم الفأل وحسن الظن بالله تعالى في كل حال.

كِتابُ الكَهانَةِ


باب: الـكُـهَّـانُ وكَذِبُهُمْ وأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ


٢٠٨٢. (خ م) (٢٢٢٨) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: سَأَلَ أُناسٌ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ الكُهّانِ، فَقالَ لَهُم رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَيسُوا بِشَيءٍ». قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ فَإنَّهُم يُحَدِّثُونَ أحيانًا الشَّيءَ يَكُونُ حَقًّا. قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تِلكَ الكَلِمَةُ مِن (الجِنِّ)، يَخطَفُها الجِنِّيُّ فَيَقُرُّها فِي أُذُنِ ولِيِّهِ قَرَّ الدَّجاجَةِ، فَيَخلِطُونَ فِيها أكثَرَ مِن مِائَةِ كَذبَةٍ». وفي رواية: «تِلكَ الكَلِمَةُ الحقُّ». وفي رواية (خ): «فَيُقَرْقِرُها فِي أُذُنِ وليِّهِ كَقَرْقَرَةِ الدَّجاجَةِ».
ورَوى (خ) عَنها؛ أنَّها سَمِعَت رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ المَلائِكَةَ تَنزِلُ فِي العَنانِ، وهُو السَّحابُ، فَتَذكُرُ الأَمرَ قُضِيَ فِي السَّماءِ، فَتستَرِقُ الشَّياطِينُ السَّمعَ فَتَسمَعُهُ، فَتُوحِيهِ إلى الكُهّانِ، فَيَكذِبُونَ مَعَها مِائَةَ كَذبَةٍ مِن عِندِ أنفُسِهِم».
- في الحديث النهي عن إتيان الكهان.(موسى شاهين).
- والنهي عن التكهن، كانوا في الجاهلية يترافعون إلى الكهان في الوقائع والأحكام، ويرجعون إلى أقوالهم، وقد انقطعت الكهانة بالبعثة المحمدية، لكن بقي في الوجود من يتشبه بهم، وثبت النهي عن إتيانهم، فلا يحل إتيانهم ولا تصديقهم. ( القرطبي )
- وفي الحديث جواز مناقشة الطالب أستاذه إذا وقعت له شبهة.(موسى شاهين).
- وفيه بيان كيفية استراق الجن للسمع.(موسى شاهين).
- قوله(لَيسُوا بِشَيءٍ) معناه بطلان قولهم، وأنه لا حقيقة له.
وفيه جواز إطلاق هذا اللفظ على ما كان باطلا. ( النووي )

باب: فِـي رَمْيِ الشَّياطِينِ بِالنُّجُومِ عِنْدَ اسْتِراقِ السَّمْعِ


٢٠٨٣. (م) (٢٢٢٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: أخبَرَنِي رَجُلٌ مِن أصحابِ النَّبِيِّ ﷺ مِن الأَنصارِ؛ أنَّهُم بَينَما هُم جُلُوسٌ لَيلَةً مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ رُمِيَ بِنَجمٍ فاستَنارَ، فَقالَ لَهُم رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ماذا كُنتُم تَقُولُونَ فِي الجاهِلِيَّةِ إذا رُمِيَ بِمِثلِ هَذا؟» قالُوا: اللهُ ورَسُولُهُ أعلَمُ، كُنّا نَقُولُ: وُلِدَ اللَّيلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وماتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فَإنَّها لا يُرمى بِها لِمَوتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، ولَكِن رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالى اسمُهُ إذا قَضى أمرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ العَرشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أهلُ السَّماءِ الَّذِينَ يَلُونَهُم، حَتّى يَبلُغَ التَّسبِيحُ أهلَ هَذِهِ السَّماءِ الدُّنيا، ثُمَّ قالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ العَرشِ لِحَمَلَةِ العَرشِ: ماذا قالَ رَبُّكُم؟ فَيُخبِرُونَهُم ماذا قالَ، قالَ: فَيَستَخبِرُ بَعضُ أهلِ السَّماواتِ بَعضًا، حَتّى يَبلُغَ الخَبَرُ هَذِهِ السَّماءَ الدُّنيا، فَتَخطَفُ الجِنُّ السَّمعَ، فَيَقذِفُون إلى أولِيائِهِم، ويُرمَونَ بِهِ، فَما جاءُوا بِهِ عَلى وجهِهِ فَهُوَ حَقٌّ، ولَكِنَّهُم يَقرِفُونَ فِيهِ ويَزِيدُونَ». وفي رواية زادَ: وقالَ اللهُ: ﴿حَتّى إذا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قالُوا ماذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الحَقَّ﴾ [سبأ: ٢٣].
٢٠٨٤. (خ) (٤٧٠١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ يَبلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إذا قَضى اللهُ الأَمرَ فِي السَّماِء ضَرَبَت المَلائِكَةُ بِأَجنِحَتِها خُضعانًا لِقَولِهِ، كالسِّلسِلَةِ عَلى صَفوانٍ» قالَ عَليٌّ: وقالَ غَيرُهُ: «صَفوانٍ يَنفُذُهُم ذَلكَ فَإذا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِم قالُوا: ماذا قالَ رَبُّكُم؟ قالُوا لِلَّذِي قالَ: الحَقَّ، وهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ. فَيَسمَعُها مُستَرِقُوا السَّمعِ، ومُستَرِقُوا السَّمعِ هَكَذا؛ واحِدٌ فَوقَ آخَرَ» -ووَصَفَ سُفيانُ بِيَدِهِ، وفَرَّجَ بَينَ أصابِعِ يَدِهِ اليُمنى، نَصَبَها بَعضَها فَوقَ بَعضٍ- «فَرُبَّما أدرَكَ الشِّهابُ المُستَمِعَ قَبلَ أن يَرميَ بِها إلى صاحِبِهِ فَيُحرِقَهُ، ورُبَّما لَم يُدرِكهُ حَتّى يَرميَ بِها إلى الَّذِي يَلِيهِ، إلى الَّذِي هُو أسفَلَ مِنهُ، حَتّى يُلقُوها إلى الأَرضِ» ورُبَّما قالَ سُفيانُ: «حَتّى تَنتَهِي إلى الأَرضِ، فَتُلقى عَلى فَمِ السّاحِرِ، فَيَكذِبُ مَعَها مِائةَ كَذبَةٍ، فَيُصَدَّقُ، فَيَقُولُونَ: ألَم يُخبِرنا يَومَ كَذا وكَذا يَكُونُ كَذا وكَذا، فَوَجدَناهُ حَقًّا؟ لِلكلِمَةِ الَّتِي سُمِعَت مِن السَّماءِ».
-(كَالسِّلسِلَةِ عَلى صَفوَانٍ) أي القول المسموع يشبه صوت وقع السلسلة.
- (صَفوَانٍ) بسكون الفاء وهو الحجر الأملس.
- يتبين من هذا الحديث كيف يتلقى الملائكة الوحي والأمر، وكيف يحدث بعضهم بعضاً.(موسى شاهين).
- وفيه ما يدل على أن علوم الملائكة بالكائنات يستفيده بعضهم من بعض إلا حملة العرش؛ فإنهم يستفيدون علومهم من الحق سبحانه وتعالى. (القرطبي).
- وفي هذا دليل على أن النجوم لا يعرف بها علم الغيب ولا القضاء، ولو كان كذلك لكانت الملائكة أعلم بذلك وأحق به، وكل ما يتعاطاه المنجمون من ذلك فليس شيء منه علمًا يقينًا، وإنَّما هو رجم بظن وتخمين بوهم، الإصابة فيه نادرة، والخطأ والكذب فيه غالب قولهم، وقد اتفقت الشرائع على أن القضاء بالنجوم محرَّم مذموم.(القرطبي).

باب: التَّشْدِيدُ فِـي النَّهْيِ عَنْ إتْيانِ العَرّافِينَ


٢٠٨٥. (م) (٢٢٣٠) عَن صَفِيَّةَ بِنْتِ أبِي عُبَيْدٍ، عَن بَعضِ أزواجِ النَّبِيِّ ﷺ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «مَن أتى عَرّافًا فَسَأَلَهُ عَن شَيءٍ لَم تُقبَل لَهُ صَلاةٌ أربَعِينَ لَيلَةً».
هذه الحديث دليل على أنه يحرم أن يأتي الإنسان الكهان فيصدقهم, كمن أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوما, مجرد سؤال العراف ومنه الكهان لا تقبل له صلاة أربعين يوما, فإن صدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ . ( ابن عثيمين )

كِتابُ الحَيّاتِ وغَيْرِها


باب: قَتْلُ الحَيّاتِ والنَّهْيُ عَنْ ذَواتِ البُيُوتِ


٢٠٨٦. (خ م) (٢٢٣٣) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «اقتُلُوا الحَيّاتِ وذا الطُّفيَتَينِ والأَبتَرَ، فَإنَّهُما يَستَسقِطانِ الحَبَلَ، ويَلتَمِسانِ البَصَرَ». قالَ: فَكانَ ابنُ عُمَرَ يَقتُلُ كُلَّ حَيَّةٍ وجَدَها، فَأَبصَرَهُ أبُو لُبابَةَ بنُ عَبْدِ المُنذِرِ أو زَيدُ بنُ الخَطّابِ وهُوَ يُطارِدُ حَيَّةً، فَقالَ: إنَّهُ قَد نُهِيَ عَن ذَواتِ البُيُوتِ. لَفظُ (خ): «يَطمِسان البَصَرَ». وفي رواية: نَهى عَن قَتلِ الجِنّانِ الَّتي فِي البُيُوتِ. وفِي رِوايَة (م): قالَ الزُّهرِيُّ: ونُرى ذَلكَ مِن سُمَّيهِمِا، واللهُ أعلَمُ.
ورَوى (خ) عَنِ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ: إنَّ ابْنَ عُمَرَ كانَ يَقْتُلُ الحَيّاتِ، ثُمَّ نَهى، قالَ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ هَدَمَ حائِطًا لَهُ، فَوَجَدَ سِلْخَ حَيَّةٍ، فَقالَ: «انظُرُوا أينَ هُوَ؟» فَنَظَرُوا، فَقالَ: «اقتُلُوهُ». فَكُنتُ أقتُلُها لِذَلكَ، فَلَقِيتُ أبا لُبابَةَ فَأَخبَرَنِي أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «لا تَقتُلُوا الجِنّانِ، إلا كُلَّ أبْتَرَ ذِي طُفْيَتَين فَإنَّهُ يُسقِطُ الوَلَدَ، ويُذهِبُ البَصَرَ، فاقتُلُوهُ». وفي رواية لَهُ: حَتّى حَدَّثَهُ أبُو لَبابَةَ البَدْرِيُّ.
٢٠٨٧. (خ م) (٢٢٣٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: كُنّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غارٍ، وقَد أُنزِلَت عَلَيهِ: ﴿والمُرْسَلاتِ عُرْفًا﴾، فَنَحنُ نَأخُذُها مِن فِيهِ رَطبَةً، إذ خَرَجَت عَلَينا حَيَّةٌ، فَقالَ: «اقتُلُوها». فابتَدَرناها لِنَقتُلَها فَسَبَقَتنا، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وقاها اللهُ شَرَّكُم، كَما وقاكُم شَرَّها». زادَ (خ): فِي غارٍ بِمِنًى.
٢٠٨٨. (م) (٢٢٣٦) عَنْ أبِي السّائِبِ مَوْلى هِشامِ بْنِ زُهْرَةَ؛ أنَّهُ دَخَلَ عَلى أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ فِي بَيتِهِ قالَ: فَوَجَدتُهُ يُصَلِّي، فَجَلَستُ أنتَظِرُهُ حَتّى يَقضِيَ صَلاتَهُ، فَسَمِعت تَحرِيكًا فِي عَراجِينَ فِي ناحِيَةِ البَيتِ، فالتَفَتُّ فَإذا حَيَّةٌ، فَوَثَبتُ لأَقتُلَها، فَأَشارَ إلَيَّ أنِ اجلِس فَجَلَستُ، فَلَمّا انصَرَفَ أشارَ إلى بَيتٍ فِي الدّارِ فَقالَ: أتَرى هَذا البَيتَ؟ فَقُلتُ: نَعَم، قالَ: كانَ فِيهِ فَتًى مِنّا حَدِيثُ عَهدٍ بِعُرسٍ، قالَ: فَخَرَجنا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إلى الخَندَقِ، فَكانَ ذَلكَ الفَتى يَستَأذِنُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِأَنصاف النَّهارِ فَيَرجِعُ إلى أهلِهِ، فاستَأذَنَهُ يَومًا فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خُذ عَلَيكَ سِلاحَكَ، فَإنِّي أخشى عَلَيكَ قُرَيظَةَ». فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلاحَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فَإذا امرَأَتُهُ بَينَ البابَينِ قائِمَةً، فَأَهوى إلَيها الرُّمحَ لِيَطعُنَها بِهِ وأَصابَتهُ غَيرَةٌ، فَقالَت لَهُ: اكفُف عَلَيكَ رُمحَكَ وادخُلِ البَيتَ حَتّى تَنظُرَ ما الَّذِي أخرَجَنِي. فَدَخَلَ فَإذا بِحَيَّةٍ عَظِيمَةٍ مُنطَوِيَةٍ عَلى الفِراشِ فَأَهوى إلَيها بِالرُّمحِ فانتَظَمَها بِهِ، ثُمَّ خَرَجَ فَرَكَزَهُ فِي الدّارِ، فاضطَرَبَت عَلَيهِ؛ فَما يُدرى أيُّهُما كانَ أسرَعَ مَوتًا الحَيَّةُ أمِ الفَتى؟ قالَ: فَجِئنا إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَذَكَرنا ذَلكَ لَهُ، وقُلنا: ادعُ اللهَ يُحيِيهِ لَنا، فَقالَ: «استَغفِرُوا لِصاحِبِكُم»، ثُمَّ قالَ: «إنَّ بِالمَدِينَةِ جِنًّا قَد أسلَمُوا، فَإذا رَأَيتُم مِنهُم شَيئًا فَآذِنُوهُ ثَلاثَةَ أيّامٍ، فَإن بَدا لَكُم بَعدَ ذَلكَ فاقتُلُوهُ، فَإنَّما هُوَ شَيطانٌ».
وفي رواية: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ لِهَذِهِ البُيُوتِ عَوامِرَ، فَإذا رَأَيتُم شَيئًا مِنها فَحَرِّجُوا عَلَيها ثَلاثًا، فَإن ذَهَبَ وإلا فاقتُلُوهُ فَإنَّهُ كافِرٌ». وقالَ لَهُمُ: «اذهَبُوا فادفِنُوا صاحِبَكُم».
-(يَستَسقِطَانِ الحَبَلَ) قال النووي: معناه أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت أسقطت الحمل غالبا, وقد ذكر مسلم في روايته عن الزهري أنه قال: يرى ذلك من سمهما.
- (وَيَلتَمِسَانِ البَصَرَ) ففيه تأويلان ذكرهما الخطابي وآخرون, أحدهما: معناه يخطفان البصر ويطمسانه بمجرد نظرهما إليه لخاصة جعلها الله تعالى في بصريهما إذا وقع على بصر الإنسان, والثاني: أنهما يقصدان البصر باللسع والنهش والأول أصح وأشهر. ( النووي )
- وفي الحديث من قتل ابن عمر لكل حية، تنفيذا لما سمع من النبي ﷺ، وكذلك إمساكه بناء على سماع أبي لبابة، مدى ما كان عليه من دقة الاستجابة لأوامر الرسول ﷺ.(موسى شاهين).
- ومن عمل أبي لبابة وزيد بن الخطاب حرص الصحابة على التبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو من غير الأعلم للأعلم.(موسى شاهين).
- في الحديث فائدة من تعليله ﷺ لقتل الأبتر وذي الطفيتين ما ينبغي للعالم إذا أفتى أن يسوق الدليل والتعليل لفتواه. (موسى شاهين).

باب: فِـي قَتْلِ الأَوْزاغِ


٢٠٨٩. (خ م) (٢٢٣٧) عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ ﵂؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أمَرَها بِقَتلِ الأَوزاغِ. زادَ (خ): وقالَ: «كانَ يَنفُخُ عَلى إبراهِيمَ».
ورَوى (م) عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ مِثْلَ حَدِيثِ أُمِّ شَرِيكٍ وزادَ: وسَمّاهُ فُوَيْسِقًا.
ولَهُما عَن عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ لِلوَزَغِ: الفُوَيسِقُ، ولَم أسمَعهُ أمَرَ بِقَتلِهِ، وزَعَمَ سَعدُ بنُ أبِي وقّاصٍ؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أمَرَ بِقَتلِهِ.
٢٠٩٠. (م) (٢٢٤٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن قَتَلَ وزَغَةً فِي أوَّلِ ضَربَةٍ فَلَهُ كَذا وكَذا حَسَنَةً، ومَن قَتَلَها فِي الضَّربَةِ الثّانِيَةِ فَلَهُ كَذا وكَذا حَسَنَةً لِدُونِ الأُولى، وإن قَتَلَها فِي الضَّربَةِ الثّالِثَة فَلَهُ كَذا وكَذا حَسَنَةً لِدُونِ الثّانِيَةِ». وفي رواية: «مَن قَتَلَ وزَغًا فِي أوَّلِ ضَربَةٍ كُتِبَت لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وفِي الثّانِيَةِ دُونَ ذَلكَ، وفِي الثّالِثَةِ دُونَ ذَلكَ».
-(كَانَ يَنفُخُ عَلى إِبرَاهِيمَ) أي: ناره؛ لخبثها وإفسادها، وأنها بلغت مبلغًا استعملها الشيطان، فحملها على نفخ النار الملقى فيها الخليل عليه السلام، وهي من ذوات السموم، ومن شغفها بإفساد الطعام - وخصوصًا الملح - وفي الحديث بيان أن جِبلَّتها على الإساءة.( محمد بن عز الدين المشهور بابن الملك).
- وقال أن قتلها في أوَّل ضربة فيه من الأجر أكثر مِمَّا في الثانية، وما في الثانية أكثر مما في الثالثة. وقد قيل: إنما كان ذلك للحض على المبادرة لقتلها، والجد فيه، وترك التواني لئلا تفوت سليمة.
- وقال ويظهر لي وجه آخر، وهو: أن قتلها وإن كان مأمورًا به لا تعذب بكثرة الضرب عليها، بل ينبغي أن يجهز عليها في أوَّل ضربة.

باب: فِـي الفَأْرِ وهَلْ هُوَ مِسخٌ


٢٠٩١. (خ م) (٢٩٩٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «فُقِدَت أُمَّةٌ مِن بَنِي إسرائِيلَ، لا يُدرى ما فَعَلَت، ولا أُراها إلا الفَأرَ، ألا تَرَونَها إذا وُضِعَ لَها ألبانُ الإبِلِ لَم تَشرَبهُ، وإذا وُضِعَ لَها ألبانُ الشّاءِ شَرِبَتهُ». قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: فَحَدَّثتُ هَذا الحَدِيثَ كَعبًا، فَقالَ: آنتَ سَمِعتَهُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قُلتُ: نَعَم، قالَ ذَلكَ مِرارًا، قُلتُ: أأَقرَأُ التَّوراةَ؟!
- قال النووي: معنى هذا أن لحوم الإبل وألبانها حرمت على بني إسرائيل دون لحوم الغنم وألبانها, فاستدل بامتناع الفأرة من لبن الإبل دون الغنم على أنها مسخ من بني إسرائيل.
- كان هذا منه - ﷺ - ظنًّا، وحدسًا قبل أن يوحى إليه: (إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ لِمَسْخٍ نَسْلًا), فلما أوحي إليه بذلك زال عنه ذلك التخوُّف، وعلم أن الضَّبَّ والفأر ليسا من نسل ما مُسِخ. ( القرطبي )
- وفيه إثبات المسخ, وأنه نتيجة لفعل السوء في الأمم السابقة, وفيه حث المؤمن على اتخاذ الحذر من الضرر والاستفادة من التجارب(موسى شاهين).

باب: فِـي قَتْلِ النَّمْلِ إذا آذى


٢٠٩٢. (خ م) (٢٢٤١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ: «أنَّ نَملَةً قَرَصَت نَبِيًّا مِن الأَنبِياءِ فَأَمَرَ بِقَريَةِ النَّملِ فَأُحرِقَت فَأَوحى اللهُ إلَيهِ: أفِي أن قَرَصَتكَ نَملَةٌ أهلَكتَ أُمَّةً مِن الأُمَمِ تُسَبِّحُ؟!»
- فيه النهي عن التعذيب بالنار، قال النووي: هذا الحديث محمول على أنه كان جائزا في شرع ذلك النبي قتل النمل، وجواز التعذيب بالنار، فإنه لم يقع عليه العتب في أصل القتل، ولا في الإحراق، بل في الزيادة على النملة الواحدة، وأما في شرعنا فلا يجوز إحراق الحيوان بالنار، إلا إذا أحرق إنسان إنسانا، فمات بالإحراق، فلوليه القصاص بإحراق الجاني، للحديث المشهور "لا يعذب بالنار إلا الله".

باب: الرِّفْقُ بِالبَهائِمِ


٢٠٩٣. (خ م) (٢٢٤٢) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «عُذِّبَت امرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ، سَجَنَتها حَتّى ماتَت، فَدَخَلَت فِيها النّارَ، لا هِيَ أطعَمَتها وسَقَتها إذ حَبَسَتها، ولا هِيَ تَرَكَتها تَأكُلُ مِن خَشاشِ الأَرضِ».
- هذا الحديث يتضمن التحري من صغار الذنوب، ويبين أن كل روح إذا عذبها الآدمي بغير إذن كان آثماً، وإذا رحمها ورفق بها متوخياً رضى الله تعالى كان له أجر. ( ابن هبيرة )
- فيه النهي عن تعذيب الحيوان, وكذلك الولد والوالد ومن لك ولاية عليه, فإنه يحرم عليك أن تعذبه بضرب أو غيره إلا لسبب شرعي, ومن هذا الطيور التي تحبس في الأقفاص, إلا إذا وضع عندها الطعام والشراب ولم يقصر في حقها وحفظها من الحر والبرد فلا بأس, وأما إذا قصر وماتت بسبب تقصيره فإنه يعذب بها -والعياذ بالله-, فدل الحديث على أنه يجب على الإنسان أن يحرص على ماملكت يمينه من البهائم, والآدميون أولى وأحرى؛ لأنهم أحق بالإكرام. ( ابن عثيمين )

٢٠٩٤. (٢٢٤٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «بَينَما رَجُلٌ يَمشِي بِطَرِيقٍ اشتَدَّ عَلَيهِ العَطَشُ، فَوَجَدَ بِئرًا فَنَزَلَ فِيها فَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَإذا كَلبٌ يَلهَثُ يَأكُلُ الثَّرى مِن العَطَشِ، فَقالَ الرَّجُلُ: لَقَد بَلَغَ هَذا الكَلبَ مِن العَطَشِ مِثلُ الَّذِي كانَ بَلَغَ مِنِّي. فَنَزَلَ البِئرَ فَمَلأَ خُفَّهُ ماءً، ثُمَّ أمسَكَهُ بِفِيهِ حَتّى رَقِيَ، فَسَقى الكَلبَ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ». قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ وإنَّ لَنا فِي هَذِهِ البَهائِمِ لأَجرًا؟ فَقالَ: «فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطبَةٍ أجرٌ». وفي رواية (خ): «حَتّى أرواهُ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَأَدخَلَهُ الجَنَّةَ».
- في هذا الحديث من الفقه اعتراض الشدائد للإنسان في أوقات من حياته، وهي وإن كانت شدة في وقتها؛ فإنها تنقلب نعمة من الله عليه في وقت آخر، فإن ذلك الإنسان لما اشتد به العطش، ذكر به غيره، عرف مبلغ الظمأ من الظمآن، فأرى إلى ذلك الكلب حين رآه في مثل حاله، فكان ذلك سببًا لرحمته الكلب، فلولا هذا الابتلاء الذي تعلم منه لما شعر بهذا الكلب حال ظمئه, فسبحانه أبلاه أولًا حتى يعلمه ويؤدبه، فتعلم رحمة الخلق ؛ فرحمه الله سبحانه وتعالى بهذه الرحمة, فصار ذلك سببًا لسعادته. ( ابن هبيرة )
- فيه الحث على الإحسان إلى الناس، لأنه إذا حصلت المغفرة بسبب سقي الكلب، فسقي المسلم أعظم أجرا. ( ابن حجر )
-(فِي كُلِّ كَبِدٍ رَطبَةٍ ) سمي الحي ذا كبد رطبة؛ لأن الميت يجف جسمه وكبده, ففي الحديث الحث على الإحسان إلى الحيوان المحترم, وهو ما لايؤمر بقتله. ( ابن عثيمين)

٢٠٩٥. (خ م) (٢٢٤٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «بَينَما كَلبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَد كادَ يَقتُلُهُ العَطَشُ، إذ رَأَتهُ بَغِيٌّ مِن بَغايا بَنِي إسرائِيلَ، فَنَزَعَت مُوقَها فاستَقَت لَهُ بِهِ، فَسَقَتهُ إيّاهُ، فَغُفِرَ لَها بِهِ». وفي رواية (م) زادَ: «فِي يَومٍ حارٍّ».

باب: الثَّلاثَةُ عَلى الدّابَّةِ


٢٠٩٦. (خ) (٥٩٦٦) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: أتى رَسُولُ اللهِ ﷺ، وقَد حَمَلَ قُثَمَ بَينَ يَدَيهِ والفَضلَ خَلفَهُ، أو قُثَمَ خَلفَهُ والفَضلَ بَينَ يَدَيهِ، فَأَيُّهُم شَرٌّ أو أيُّهُم خَيرٌ.
- قوله (باب الثلاثة على الدابة) قال ابن عثيمين: أي لابأس أن يكون الثلاثة على الدابة, لكن الحديث الذي أورده إنما هو في الصغار فإن الصغار لايتعبون الدابة, ولايكلفونها, أما الكبار فيخشى أن يتعبوها ويكلفوها فالمدار كله على المشقة.

كِتابُ الشِّعْرِ وغَيْرِهِ


باب: أصْدَقُ كَلِمَةٍ قالَها شاعِرٌ


٢٠٩٧. (خ م) (٢٢٥٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أصدَقُ كَلِمَةٍ قالَها شاعِرٌ كَلِمَةُ لَبِيدٍ: ألا كُلُّ شَيءٍ ما خَلا اللهَ باطِلٌ، وكادَ أُمَيَّةُ بنُ أبِي الصَّلتِ أن يُسلِمَ». وفي رواية: «أشعرُ كلمةٍ تكلَّمت بها العربُ كلمةُ ...».
ورَوى (م) عَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ قالَ: رَدِفتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَومًا، فَقالَ: «هَل مَعَكَ مِن شِعرِ أُمَيَّةَ بْنِ أبِي الصَّلتِ شَيءٌ؟» قُلتُ: نَعَم. قالَ: «هِيه». فَأَنشَدتُهُ بيتًا، فَقالَ: «هِيه». ثُمَّ أنشَدتُهُ بَيتًا، فقالَ: «هِيه». حَتّى أنشَدتُهُ مِائةَ بَيتٍ. وفي رواية (م) زادَ: قالَ: «فَلَقَد كادَ يُسلِمُ فِي شِعرِهِ».
-قال ابن بطال هنا: قوله: " ما خلا الله باطل " لفظ عام أريد به الخصوص، والمراد أن كل ما قرب من الله فليس بباطل، وأما أمور الدنيا التي لا تئول إلى طاعة الله فهي الباطل. انتهى. ولعل الأول أولى.
-كل ما في الدنيا باطل كما صرح به الحديث فلاينبغي للعاقل أن يؤثر الفاني على الباقي.(ابن حجر)

باب: إنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً


٢٠٩٨. (خ) (٦١٤٥) عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إنَّ مِن الشِّعرِ حِكمَةً».
-قوله: ( إن من الشعر حكمة ) أي قولا صادقا مطابقا للحق. وقيل: أصل الحكمة المنع، فالمعنى إن من الشعر كلاما نافعا يمنع من السفه.(ابن حجر)
- ما كان في الشعر والرجز ذكر الله - تعالى وتعظيم له ووحدانيته وإيثار طاعته والاستسلام له فهو حسن مرغب فيه، وهو المراد في الحديث بأنه حكمة، وما كان كذبا وفحشا فهو مذموم. ( ابن بطال )
-قال الطبري : في هذا الحديث رد على من كره الشعر مطلقا.

باب: كَراهِيةُ الامْتِلاءِ مِنَ الشِّعْرِ


٢٠٩٩. (خ م) (٢٢٥٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لأَن يَمتَلِئَ جَوفُ الرَّجُلِ قَيحًا يَرِيهِ خَيرٌ مِن أن يَمتَلِئَ شِعرًا». ورَوى (م) عَن أبِي سَعِيدٍ الخُدريِّ قالَ: بَينا نَحنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِالعَرجِ، إذ عَرَضَ شاعِرٌ يُنشِدُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خُذُوا الشَّيطانَ، أو أمسِكُوا الشَّيطانَ، لأَن يَمتَليءَ ...» مِثلَهُ، دُونَ قَولِهِ: «يَرِيهِ».
-استدل بعض العلماء بهذا الحديث على كراهة الشعر مطلقا قليله وكثيره ، وإن كان لا فحش فيه ، وتعلق بقوله ﷺ : " خذوا الشيطان " ، وقال العلماء كافة : هو مباح ما لم يكن فيه فحش ونحوه ، قالوا : وهو كلام ، حسنه حسن ، وقبيحه قبيح . وهذا هو الصواب ؛ فقد سمع النبي ﷺ الشعر ، واستنشده ، وأمر به حسان في هجاء المشركين ، وأنشده أصحابه بحضرته في الأسفار وغيرها، وأنشده الخلفاء وأئمة الصحابة وفضلاء السلف، ولم ينكره أحد منهم على إطلاقه، وإنما أنكروا المذموم منه، وهو الفحش ونحوه. (النووي)
-وأما تسمية هذا الرجل الذي سمعه ينشد شيطانا فلعله كان كافرا، أو كان الشعر هو الغالب عليه، أو كان شعره هذا من المذموم، وبالجملة فتسميته شيطانا إنما هو في قضية عين تتطرق إليها الاحتمالات المذكورة وغيرها، ولا عموم لها، فلا يحتج بها، والله أعلم .(النووي)

باب: ما يُذَمُّ مِنَ المَدْحِ


٢١٠٠. (خ م) (٣٠٠٠) عَنْ أبِي بَكْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنَّهُ ذُكِرَ عِندَهُ رَجُلٌ، (فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ما مِن رَجُلٍ بَعدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ أفضَلُ مِنهُ فِي كَذا وكَذا). فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «ويحَكَ؛ قَطَعتَ عُنُقَ صاحِبِكَ»، مِرارًا يَقُولُ ذَلكَ، ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إن كانَ أحَدُكُم مادِحًا أخاهُ لا مَحالَةَ فَليَقُل: أحسِبُ فُلانًا -إن كانَ يُرى أنَّهُ كَذَلكَ- ولا أُزَكِّي عَلى اللهِ أحَدًا». وفي رواية: «فَليَقُل: أحْسِبُ فُلانًا، واللهُ حَسِيبُهُ ...»، وفِيها: «إن كانَ يَعلَمُ ذاكَ».
-قال ابن عيينة: من عرف نفسه لم يضره المدح. وقال بعض السلف: إذا مدح الرجل في وجهه فليقل: اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرا مما يظنون.(ابن حجر)

٢١٠١. (خ م) (٣٠٠١) عَنْ أبِي مُوسى ﵁ قالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا يُثنِي عَلى رَجُلٍ ويُطرِيهِ فِي المِدحَةِ، فَقالَ: «لَقَد أهلَكتُم أو قَطَعتُم ظَهرَ الرَّجُلِ».
٢١٠٢. (م) (٣٠٠٢) عَنْ هَمّامِ بْنِ الحارِثِ؛ أنَّ رَجُلًا جَعَلَ يَمدَحُ عُثْمانَ، فَعَمِدَ المِقدادُ فَجَثا عَلى رُكبَتَيهِ وكانَ رَجُلًا ضَخمًا، فَجَعَلَ يَحثُو فِي وجهِهِ الحَصباءَ، فَقالَ لَهُ عُثْمانُ: ما شَأنُكَ؟ فَقالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا رَأَيتُمُ المَدّاحِينَ فاحثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرابَ».
- للعلماء فيه خمسة أقوال:
أحدها : حمله على ظاهره، واستعمله المقداد راوي الحديث.
والثاني: الخيبة والحرمان، كقولهم لمن رجع خائبا: رجع وكفه مملوءة ترابا.
والثالث: قولوا له: بفيك التراب، والعرب تستعمل ذلك لمن تكره قوله.
والرابع: أن ذلك يتعلق بالممدوح كأن يأخذ ترابا فيبذره بين يديه، يتذكر بذلك مصيره إليه فلا يطغى بالمدح الذي سمعه.
والخامس: المراد بحثو التراب في وجه المادح: قال الطيبي: ويحتمل أن يراد دفعه عنه وقطع لسانه عن عرضه. (ابن حجر)

كِتابُ الـرُّؤْيَـا


باب: فِـي رُؤْيا النَّبِيِّ ﷺ


٢١٠٣. (خ م) (٢٢٧٢) عَنْ أبِي مُوسى ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «رَأَيتُ فِي المَنامِ أنِّي أُهاجِرُ مِن مَكَّةَ إلى أرضٍ بِها نَخلٌ، فَذَهَبَ وهلِي إلى أنَّها اليَمامَةُ أو هَجَرُ، فَإذا هِيَ المَدِينَةُ يَثرِبُ، ورَأَيتُ فِي رُؤيايَ هَذِهِ أنِّي هَزَزتُ سَيفًا فانقَطَعَ صَدرُهُ، فَإذا هُوَ ما أُصِيبَ مِن المُؤمِنِينَ يَومَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزتُهُ أُخرى فَعادَ أحسَنَ ما كانَ، فَإذا هُوَ ما جاءَ اللهُ بِهِ مِن الفَتحِ واجتِماعِ المُؤمِنِينَ، ورَأَيتُ فِيها أيضًا بَقَرًا، واللهُ خَيرٌ، فَإذا هُم النَّفَرُ مِن المُؤمِنِينَ يَومَ أُحُدٍ، وإذا الخَيرُ ما جاءَ اللهُ بِهِ مِن الخَيرِ بَعدُ، وثَوابُ الصِّدقِ الَّذِي آتانا اللهُ بَعدَ يَومِ بَدرٍ».
٢١٠٤. (م) (٢٢٧٠) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «رَأَيتُ ذاتَ لَيلَةٍ فِيما يَرى النّائِمُ كَأَنّا فِي دارِ عُقبَةَ بْنِ رافِعٍ فَأُتِينا بِرُطَبٍ مِن رُطَبِ ابْنِ طابٍ، فَأَوَّلتُ الرِّفعَةَ لَنا فِي الدُّنيا، والعاقِبَةَ فِي الآخِرَةِ، وأَنَّ دِينَنا قَد طابَ».
-قوله ﷺ : وإن ديننا قد طاب أي كمل واستقرت أحكامه وتمهدت قواعده .

٢١٠٥. (خ) (٧٠٤٠) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «رَأَيتُ امرَأَةً سَوداءَ ثائِرَةَ الرَّأسِ، خَرَجَت مِن المَدِينَةِ حَتّى قامَت بِمَهيَعَةَ، فَأَوَّلتُ أنَّ وباءَ المَدِينَةِ نُقِلَ إلى مَهيَعَةَ»، وهِيَ الجُحفَةُ.
-قال المهلب: هذه الرؤيا من قسم الرؤيا المعبرة، وهي مما ضرب به المثل، ووجه التمثيل أنه شق من اسم السوداء السوء والداء، فتأول خروجها بما جمع اسمها، وتأول من ثوران شعر رأسها أن الذي يسوء ويثير الشر يخرج من المدينة، وقيل: لأن ثوران الشعر من اقشعرار الجسد، ومعنى الاقشعرار: الاستيحاش، فلذلك يخرج ما تستوحش النفوس منه كالحمى.
قلت: وكأن مراده بالاستيحاش أن رؤيته موحشة، وإلا فالاقشعرار في اللغة: تجمع الشعر وتقبضه، وكل شيء تغير عن هيئته يقال: اقشعر، كاقشعرت الأرض بالجدب والنبات من العطش، وقد قال القيراوني المعبر: كل شيء غلبت عليه السوداء في أكثر وجوهها فهو مكروه، وقال غيره: ثوران الرأس يئول بالحمى؛ لأنها تثير البدن بالاقشعرار وارتفاع الرأس لا سيما من السوداء فإنها أكثر استيحاشا. (ابن حجر)

باب: رُؤْيا النَّبِيِّ ﷺ مُسَيْلِمَةَ الكَذّابَ والعَنْسِيَّ الكَذّابَ


٢١٠٦. (خ م) (٢٢٧٣) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: قَدِمَ مُسَيلِمَةُ الكَذّابُ عَلى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ المَدِينَةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إن جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأَمرَ مِن بَعدِهِ تَبِعتُهُ. فَقَدِمَها فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِن قَومِهِ، فَأَقبَلَ إلَيهِ النَّبِيُّ ﷺ ومَعَهُ ثابِتُ بنُ قَيسِ بْنِ شَمّاسٍ، وفِي يَدِ النَّبِيِّ ﷺ قِطعَةُ جَرِيدَةٍ، حَتّى وقَفَ عَلى مُسَيلِمَةَ فِي أصحابِهِ، قالَ: «لَو سَأَلتَنِي هَذِهِ القِطعَةَ ما أعطَيتُكَها، (ولَن أتَعَدّى أمرَ اللهِ فِيكَ)، ولَئِن أدبَرتَ لَيَعقِرَنَّكَ اللهُ، وإنِّي لأَراكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ ما أُرِيتُ، وهَذا ثابِتٌ يُجِيبُكَ عَني». ثُمَّ انصَرَفَ عَنهُ، فَقالَ ابنُ عَبّاسٍ: فَسَأَلتُ عَن قَولِ النَّبِيِّ ﷺ: «إنَّكَ أرى الَّذِي أُرِيتُ فِيكَ ما أُرِيتُ»، فَأَخبَرَنِي أبُو هُرَيْرَةَ؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «بَينا أنا نائِمٌ رَأَيتُ فِي يَدَيَّ سِوارَينِ مِن ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأنُهُما، فَأُوحِيَ إلَيَّ فِي المَنامِ: أن انفُخهُما، فَنَفَختُهُما فَطارا، فَأَوَّلتُهُما كَذّابَينِ يَخرُجانِ مِن بَعدِي، فَكانَ أحَدُهُما العَنسِيَّ صاحِبَ صَنعاءَ، والآخَرُ مُسَيلِمَةَ صاحِبَ اليَمامَةِ». لَفظُ (خ): «ولَن تَعدُو أمرَ اللهِ فِيكَ».

باب: مَن رَأى النَّبِيَّ ﷺ فِـي الـمَنامِ


٢١٠٧. (خ م) (٢٢٦٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن رَآنِي فِي المَنامِ فَقَد رَآنِي، فَإنَّ الشَّيطانَ لا يَتَمَثَّلُ بِي». وفي رواية: «فَسَيَرانِي فِي اليَقَظَةِ (أو لَكَأَنَّما رَآنِي فِي اليَقَظَةِ)».
وفي رواية (خ): «فَإنَّ الشَّيطانَ لا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي». ورَواها (م) مِن حَدِيثِ جابِرٍ.
-قال القاضي : قال بعض العلماء : خص الله تعالى النبي ﷺ بأن رؤية الناس إياه صحيحة ، وكلها صدق ، ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم ، كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء عليهم السلام بالمعجزة ، وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة ، ولو وقع لاشتبه الحق بالباطل ، ولم يوثق بما جاء به مخافة من هذا التصور ، فحماها الله تعالى من الشيطان ونزغه ووسوسته وإلقائه وكيده . ‏(النووي)

٢١٠٨. (خ م) (٢٢٦٧) عَنْ أبِي قَتادَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن رَآنِي فَقَد رَأى الحَقَّ». وفي رواية (خ): «وإنَّ الشَّيطانَ لا يَتَراءى بي». ورَوى (خ) عَن أبِي سَعِيدٍ مِثْل حَدِيث أبِي قَتادَة، وزادَ: «فَإنَّ الشَّيطانَ لا يَتَكَوَّنُنِي».

باب: الرُّؤْيا الصّالِحَةُ مِنَ اللهِ، ومَن رَأى ما يَكْرَهُ


٢١٠٩. (خ م) (٢٢٦١) عَنْ أبِي سَلَمَةَ قالَ: إن كُنتُ لأَرى الرُّؤيا تُمرِضُنِي، قالَ: فَلَقِيتُ أبا قَتادَةَ ﵁، فَقالَ: وأَنا كُنتُ لأَرى الرُّؤيا فَتُمرِضُنِي، حَتّى سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «الرُّؤيا الصّالِحَةُ مِن اللهِ، فَإذا رَأى أحَدُكُم ما يُحِبُّ فَلا يُحَدِّث بِها إلا مَن يُحِبُّ، وإن رَأى ما يَكرَهُ فَليَتفُل عَن يَسارِهِ ثَلاثًا، وليَتَعَوَّذ باللهِ مِن شَرِّ الشَّيطانِ وشَرِّها، ولا يُحَدِّث بِها أحَدًا، فَإنَّها لَن تَضُرَّهُ». وفي رواية: «الرُّؤيا مِن اللهِ، والحُلمُ مِن الشَّيطانِ ...».
وفي رواية (م): «والرُّؤيا السُّوءُ مِن الشَّيطانِ ...».
وفي رواية (م): «وليَتَحَوَّل عَن جَنبِهِ الَّذِي كانَ عَلَيهِ».
-معنى قوله ﷺ : " الرؤيا من الله والحلم من الشيطان " ، لا على أن الشيطان يفعل شيئا ، فالرؤيا اسم للمحبوب ، والحلم اسم للمكروه ، وهذا كلام المازري ، وقال غيره : أضاف الرؤيا المحبوبة إلى الله إضافة تشريف بخلاف المكروهة ، وإن كانتا جميعا من خلق الله تعالى وتدبيره وبإرادته ، ولا فعل للشيطان فيهما ، لكنه يحضر المكروهة ، ويرتضيها ويسر بها . (النووي)
-وأما ‏‏قوله ﷺ : " فإنها لن تضره " : معناه : أن الله تعالى جعل هذا سببا لسلامته من مكروه يترتب عليها ، كما جعل الصدقة وقاية للمال وسببا لدفع البلاء ، فينبغي أن يجمع بين هذه الروايات ، ويعمل بها كلها ، فإذا رأى ما يكرهه نفث عن يساره ثلاثا قائلا : أعوذ بالله من الشيطان ومن شرها ، وليتحول إلى جنبه الآخر ، وليصل ركعتين ، فيكون قد عمل بجميع الروايات ، وإن اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها بإذن الله تعالى كما صرحت به الأحاديث .(النووي)
-قال القاضي : وأمر بالنفث ثلاثا طردا للشيطان الذي حضر رؤياه المكروهة تحقيرا له واستقذارا ، وخصت به اليسار ؛ لأنها محل الأقذار والمكروهات ونحوها ، واليمين ضدها .(النووي)

باب: فِـي رُؤْيا الـمُؤْمِنِ


٢١١٠. (خ م) (٢٢٦٤) عَنْ عُبادَةَ بْنِ الصّامِتِ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «رُؤيا المُؤمِنِ جُزءٌ مِن سِتَّةٍ وأَربَعِينَ جُزءًا مِن النُّبُوَّةِ».
٢١١١. (خ م) (٢٢٦٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إذا اقتَرَبَ الزَّمانُ لَم تَكَد رُؤيا المُسلِمِ تَكذِبُ، (وأَصدَقُكُم رُؤيا أصدَقُكُم حَدِيثًا)، ورُؤيا المُسلِمِ جُزءٌ مِن (خَمسٍ وأَربَعِينَ) جُزءًا مِن النُّبُوَّةِ، والرُّؤيا ثَلاثَةٌ: فَرُؤيا الصّالِحَةِ بُشرى مِن اللهِ، ورُؤيا (تَحزِينٌ مِن) الشَّيطانِ، ورُؤيا مِمّا يُحَدِّثُ المَرءُ نَفسَهُ، فَإن رَأى أحَدُكُم ما يَكرَهُ فَليَقُم فَليُصَلِّ، ولا يُحَدِّث بِها النّاسَ»، قالَ: «وأُحِبّ القَيدَ، وأَكرَهُ الغُلَّ، والقَيدُ ثَباتٌ فِي الدِّينِ». فَلا أدرِي؛ هُوَ فِي الحَدِيثِ أم قالَهُ ابنُ سِيرِينَ؟ لَفظُ (خ): «إذا اقتَرَبَ الزَّمانُ لَم تَكَد تَكذِبُ رُؤيا المُؤمِنِ، ورُؤيا المُؤمِنِ جُزءٌ مِن سِتَّةٍ وأَربَعِينَ جُزءًا مِن النُّبُوَّةِ، وما كانَ مِن النُّبُوَّة فَإنَّهُ لا يَكذِبُ». قالَ مُحمَّدُ [ابنُ سِيرينَ]: وأَنا أقُولُ هَذِهِ: قالَ: وكانَ يُقالُ: الرُّؤيا ثَلاثٌ ... نَحوَهُ، وفِيهِ: وتَخوِيفُ الشَّيطانِ ...
-قوله ﷺ : ( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب ) قال الخطابي وغيره : قيل : المراد إذا قارب الزمان أن يعتدل ليله ونهاره ، وقيل : المراد إذا قارب القيامة ، والأول أشهر عند أهل غير الرؤيا، وجاء في حديث ما يؤيد الثاني ، والله أعلم .(النووي)
-قال الخطابي : هذا الحديث توكيد لأمر الرؤيا وتحقيق منزلتها ، وقال : وإنما كانت جزءا من أجزاء النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم ، وكان الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يوحى إليهم في منامهم كما يوحى إليهم في اليقظة ، قال الخطابي : وقال بعض العلماء : معنى الحديث أن الرؤيا تأتي على موافقة النبوة ، لأنها جزء باق من النبوة . والله أعلم (النووي)

باب: ما جاءَ فِـي تَأْوِيلِ الرُّؤْيا


٢١١٢. (خ م) (٢٢٦٩) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ رَجُلًا أتى رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنِّي أرى اللَّيلَةَ فِي المَنامِ ظُلَّةً تَنطِفُ السَّمنَ والعَسَلَ، فَأَرى النّاسَ يَتَكَفَّفُونَ مِنها بِأَيدِيهِم، فالمُستَكثِرُ والمُستَقِلُّ، وأَرى سَبَبًا واصِلًا مِن السَّماءِ إلى الأَرضِ، فَأَراكَ أخَذتَ بِهِ فَعَلَوتَ، ثُمَّ أخَذَ بِهِ رَجُلٌ مِن بَعدِكَ فَعَلا، ثُمَّ أخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلا، ثُمَّ أخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فانقَطَعَ بِهِ، ثُمَّ وُصِلَ لَهُ فَعَلا. قالَ أبُو بَكرٍ: يا رَسُولَ اللهِ؛ بِأبِي أنتَ، واللهِ لَتَدَعَنِّي فَلأَعبُرَنَّها. قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اعبُرها». قالَ أبُو بَكرٍ: أمّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الإسلامِ، وأَمّا الَّذِي يَنطِفُ مِن السَّمنِ والعَسَلِ فالقُرآنُ حَلاوَتُهُ (ولِينُهُ)، وأَمّا ما يَتَكَفَّفُ النّاسُ مِن ذَلكَ فالمُستَكثِرُ مِن القُرآنِ والمُستَقِلُّ، وأَمّا السَّبَبُ الواصِلُ مِن السَّماء إلى الأَرضِ فالحَقُّ الَّذِي أنتَ عَلَيهِ، تَأخُذُ بِهِ فَيُعلِيكَ اللهُ بِهِ، ثُمَّ يَأخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِن بَعدِكَ فَيَعلُو بِهِ، ثُمَّ يَأخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعلُو بِهِ، ثُمَّ يَأخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَنقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعلُو بِهِ، فَأَخبِرنِي يا رَسُولَ اللهِ بِأبِي أنتَ؛ أصَبتُ أم أخطَأتُ؟ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أصَبتَ بَعضًا، وأَخطَأتَ بَعضًا». قالَ: فَواللهِ يا رَسُولَ اللهِ لَتُحَدِّثَنِّي؛ ما الَّذِي أخطَأتُ؟ قالَ: «لا تُقسِم». وفي رواية (م) عَنهُ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ مِمّا يَقُولُ لِأَصحابِهِ: «مَن رَأى مِنكُم رُؤيا فَليَقُصَّها أعبُرها لَهُ»، فجاءَ رجُلٌ فقالَ: .. نحوه.
-وفي هذا الحديث جواز عبر الرؤيا ، وأن عابرها قد يصيب وقد يخطئ ، وأن الرؤيا ليست لأول عابر على الإطلاق ، وإنما ذلك إذا أصاب وجهها ، وفيه أنه لا يستحب إبرار المقسم إذا كان فيه مفسدة أو مشقة ظاهرة. (النووي)

٢١١٣. (خ م) (٢٢٧٥) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ ﵁ قالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا صَلّى الصُّبحَ أقبَلَ عَلَيهِم بِوَجهِهِ فَقالَ: «هَل رَأى أحَدٌ مِنكُم البارِحَةَ رُؤيا؟».
٢١١٤. (خ) (٧٠٤٧) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِمّا يُكثِرُ أن يَقُولَ لأَصحابِهِ: «هَل رَأى أحَدٌ مِنكُم مِن رُؤيا؟» قالَ: فَيَقُصُّ عَلَيهِ مَن شاءَ اللهُ أن يَقُصَّ، وإنَّهُ قالَ ذاتَ غَداةٍ: «إنَّهُ أتانِي اللَّيلَةَ آتِيانِ، وإنَّهُما ابتَعَثانِي، وإنَّهُما قالا لِي: انطَلِق. وإنِّي انطَلَقتُ مَعَهُما، وإنّا أتَينا عَلى رَجُلٍ مُضطَجِعٍ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عَلَيهِ بِصَخرَةٍ، وإذا هُوَ يَهوِي بِالصَّخرَةِ لِرَأسِهِ، فَيَثلَغُ رَأسَهُ، فَيَتَهَدهَدُ الحَجَرُ ها هُنا، فَيَتبَعُ الحَجَرَ فَيَأخُذُهُ، فَلا يَرجِعُ إلَيهِ حَتّى يَصِحَّ رَأسُهُ كَما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيهِ فَيَفعَلُ بِهِ مِثلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولى، قالَ: قلت لَهُما: سُبحانَ اللهِ؛ ما هَذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انطَلِق انطَلِق. قالَ: فانطَلَقنا، فَأَتَينا عَلى رَجُلٍ مُستَلقٍ لِقَفاهُ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عَلَيهِ بِكَلُّوبٍ مِن حَدِيدٍ، وإذا هُوَ يَأتِي أحَدَ شِقَّي وجهِهِ فَيُشَرشِرُ شِدقَهُ إلى قَفاهُ، ومَنخِرهُ إلى قَفاهُ، وعَينَهُ إلى قَفاهُ قالَ: ورُبَّما قالَ أبُو رَجاءٍ: فَيَشُقُّ قالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إلى الجانِبِ الآخَرِ، فَيَفعَلُ بِهِ مِثلَ ما فَعَلَ بِالجانِبِ الأَوَّلِ، فَما يَفرُغُ مِن ذَلكَ الجانِبِ حَتّى يَصِحَّ ذَلكَ الجانِبُ كَما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيهِ فَيَفعَلُ مِثلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولى، قالَ: قلت: سُبحانَ اللهِ، ما هَذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انطَلِق انطَلِق. فانطَلَقنا، فَأَتَينا عَلى مِثلِ التَّنُّورِ قالَ: فَأَحسِبُ أنَّهُ كانَ يَقُولُ: فَإذا فِيهِ لَغَطٌ وأَصواتٌ، قالَ: فاطَّلَعنا فِيهِ فَإذا فِيهِ رِجالٌ ونِساءٌ عُراةٌ، وإذا هُم يَأتِيهِم لَهَبٌ مِن أسفَلَ مِنهُم، فَإذا أتاهُم ذَلكَ اللَّهَبُ ضَوضَوا، قالَ: قلت لَهُما: ما هَؤُلاءِ؟ قالَ: قالا لِي: انطَلِق انطَلِق. قالَ: فانطَلَقنا، فَأَتَينا عَلى نَهَرٍ حَسِبتُ أنَّهُ كانَ يَقُولُ: أحمَرَ مِثلِ الدَّمِ وإذا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سابِحٌ يَسبَحُ، وإذا عَلى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَد جَمَعَ عِندَهُ حِجارَةً كَثِيرَةً، وإذا ذَلكَ السّابِحُ يَسبَحُ ما يَسبَحُ، ثُمَّ يَأتِي ذَلكَ الَّذِي قَد جَمَعَ عِندَهُ الحِجارَةَ، فَيَفغَرُ لَهُ فاهُ، فَيُلقِمُهُ حَجَرًا، فَيَنطَلِقُ يَسبَحُ، ثُمَّ يَرجِعُ إلَيهِ، كُلَّما رَجَعَ إلَيهِ فَغَرَ لَهُ فاهُ فَأَلقَمَهُ حَجَرًا، قالَ: قلت لَهُما: ما هَذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انطَلِق انطَلِق. قالَ: فانطَلَقنا، فَأَتَينا عَلى رَجُلٍ كَرِيهِ المَرآةِ، كَأَكرَهِ ما أنتَ راءٍ رَجُلًا مَرآةً، وإذا عِندَهُ نارٌ يَحُشُّها ويَسعى حَولَها، قالَ: قلت لَهُما: ما هَذا؟ قالَ: قالا لِي: انطَلِق انطَلِق. فانطَلَقنا، فَأَتَينا عَلى رَوضَةٍ مُعتَمَّةٍ، فِيها مِن كُلِّ لَونِ الرَّبِيعِ، وإذا بَينَ ظَهرَي الرَّوضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لا أكادُ أرى رَأسَهُ طُولًا فِي السَّماءِ، وإذا حَولَ الرَّجُلِ مِن أكثَرِ وِلدانٍ رَأَيتُهُم قَطُّ، قالَ: قلت لَهُما: ما هَذا؟ ما هَؤُلاءِ؟ قالَ: قالا لِي: انطَلِق انطَلِق. قالَ: فانطَلَقنا، فانتَهَينا إلى رَوضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَم أرَ رَوضَةً قَطُّ أعظَمَ مِنها ولا أحسَنَ، قالَ: قالا لِي: ارقَ فِيها. قالَ: فارتَقَينا فِيها، فانتَهَينا إلى مَدِينَةٍ مَبنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ ولَبِنِ فِضَّةٍ، فَأَتَينا بابَ المَدِينَةِ، فاستَفتَحنا فَفُتِحَ لَنا، فَدَخَلناها، فَتَلَقّانا فِيها رِجالٌ شَطرٌ مِن خَلقِهِم كَأَحسَنِ ما أنتَ راءٍ، وشَطرٌ كَأَقبَحِ ما أنتَ راءٍ، قالَ: قالا لَهُم: اذهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلكَ النَّهَرِ. قالَ: وإذا نَهَرٌ مُعتَرِضٌ يَجرِي، كَأَنَّ ماءَهُ المَحضُ فِي البَياضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إلَينا قَد ذَهَبَ ذَلكَ السُّوءُ عَنهُم، فَصارُوا فِي أحسَنِ صُورَةٍ، قالَ: قالا لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدنٍ، وهَذاكَ مَنزِلُكَ، قالَ: فَسَما بَصَرِي صُعُدًا، فَإذا قَصرٌ مِثلُ الرَّبابَةِ البَيضاءِ، قالَ: قالا لِي: هَذاكَ مَنزِلُكَ. قالَ: قلت لَهُما: بارَكَ اللهُ فِيكُما، ذَرانِي فَأَدخُلَهُ، قالا: أمّا الآنَ فَلا، وأَنتَ داخِلَهُ. قالَ: قلت لَهُما: فَإنِّي قَد رَأَيتُ مُنذُ اللَّيلَةِ عَجَبًا، فَما هَذا الَّذِي رَأَيتُ؟ قالَ: قالا لِي: أما إنّا سَنُخبِرُكَ، أمّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أتَيتَ عَلَيهِ يُثلَغُ رَأسُهُ بِالحَجَرِ، فَإنَّهُ الرَّجُلُ يَأخُذُ القُرآنَ فَيَرفُضُهُ، ويَنامُ عَنِ الصَّلاةِ المَكتُوبَةِ، وأَمّا الرَّجُلُ الَّذِي أتَيتَ عَلَيهِ يُشَرشَرُ شِدقُهُ إلى قَفاهُ، ومَنخِرُهُ إلى قَفاهُ، وعَينُهُ إلى قَفاهُ، فَإنَّهُ الرَّجُلُ يَغدُو مِن بَيتِهِ فَيَكذِبُ الكَذبَةَ تَبلُغُ الآفاقَ، وأَمّا الرِّجالُ والنِّساءُ العُراةُ الَّذِينَ فِي مِثلِ بِناءِ التَّنُّورِ، فَإنَّهُم الزُّناةُ والزَّوانِي، وأَمّا الرَّجُلُ الَّذِي أتَيتَ عَلَيهِ يَسبَحُ فِي النَّهَرِ ويُلقَمُ الحَجَرَ، فَإنَّهُ آكِلُ الرِّبا، وأَمّا الرَّجُل الكَرِيهُ المَرآةِ الَّذِي عِنْدَ النّارِ يَحُشُّها ويَسعى حَولَها، فَإنَّهُ مالِكٌ خازِنُ جَهَنَّمَ، وأَمّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوضَةِ، فَإنَّهُ إبْراهِيمُ ﷺ، وأَمّا الوِلدانُ الَّذِينَ حَولَهُ فَكُلُّ مَولُودٍ ماتَ عَلى الفِطرَةِ». قالَ: فَقالَ بَعضُ المُسلِمِينَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ وأَولادُ المُشرِكِينَ؟ فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وأَولادُ المُشرِكِينَ، وأَمّا القَومُ الَّذِينَ كانُوا شَطرٌ مِنهُم حَسَنًا وشَطرٌ مِنهُم قَبِيحًا، فَإنَّهُم قَومٌ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحًا وآخَرَ سَيِّئًا، تَجاوَزَ اللهُ عَنهُم».
وفي رواية: قالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا صَلّى صَلاةً أقبَلَ عَلَينا بِوَجهِهِ فَقالَ: «مَن رَأى مِنكُم اللَّيلَةَ رُؤيا؟» ... فَسَأَلَنا يَومًا، فَقالَ: «هَل رَأى أحَدٌ مِنكُم رُؤيا؟» قُلنا: لا، قالَ: «لَكِنِّي رَأَيتُ اللَّيلَةَ رَجُلَينِ أتَيانِي فَأَخَذا بِيَدِي فَأَخرَجانِي إلى الأَرضِ المُقَدَّسَةِ ... وفيها: فانطَلَقنا إلى ثَقبٍ مِثلِ التَّنُّورِ، أعلاهُ ضَيِّقٌ وأَسفَلُهُ واسِعٌ، يَتَوَقَّدُ تَحتَهُ نارًا، فَإذا اقتَرَبَ ارتَفَعُوا حَتّى كادَ أن يَخرُجُوا، فَإذا خَمَدَت رَجَعُوا فِيها، وفِيها رِجالٌ ونِساءٌ عُراةٌ، فَقلت: مَن هَذا؟ ... وفيها: فانطَلَقنا، حَتّى انتَهَينا إلى رَوضَةٍ خَضراءَ، فِيها شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ، وفِي أصلِها شَيخٌ وصِبيانٌ، وإذا رَجُلٌ قَرِيبٌ مِن الشَّجَرَةِ بَينَ يَدَيهِ نارٌ يُوقِدُها، فَصَعِدا بِي فِي الشَّجَرَةِ، وأَدخَلانِي دارًا لَم أرَ قَطُّ أحسَنَ مِنها، فِيها رِجالٌ شُيُوخٌ وشَبابٌ ونِساءٌ وصِبيانٌ، ثُمَّ أخرَجانِي مِنها، فَصَعِدا بِي الشَّجَرَةَ، فَأَدخَلانِي دارًا هِيَ أحسَنُ وأَفضَلُ، فِيها شُيُوخٌ وشَبابٌ، قلت: طَوَّفتُمانِي اللَّيلَةَ فَأَخبِرانِي عَمّا رَأَيتُ، قالا: نَعَم، أمّا الَّذِي رَأَيتَهُ يُشَقُّ شِدقُهُ فَكَذّابٌ يُحَدِّثُ بِالكَذبَةِ فَتُحمَلُ عَنهُ حَتّى تَبلُغَ الآفاقَ، فَيُصنَعُ بِهِ إلى يَومِ القِيامَةِ، والَّذِي رَأَيتَهُ يُشدَخُ رَأسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللهُ القُرآنَ فَنامَ عَنهُ بِاللَّيلِ، ولَم يَعمَل فِيهِ بِالنَّهارِ، يُفعَلُ بِهِ إلى يَومِ القِيامَةِ، والَّذِي رَأَيتَهُ فِي الثَّقبِ فَهُم الزُّناةُ، والَّذِي رَأَيتَهُ فِي النَّهَرِ آكِلُوا الرِّبا، والشَّيخُ فِي أصلِ الشَّجَرَةِ إبراهِيمُ ﵇، والصِّبيانُ حَولَهُ فَأَولادُ النّاسِ، والَّذِي يُوقِدُ النّارَ مالِكٌ خازِنُ النّارِ، والدّارُ الأُولى الَّتِي دَخَلتَ دارُ عامَّةِ المُؤمِنِينَ، وأَمّا هَذِهِ الدّارُ فَدارُ الشُّهَداءِ، وأَنا جِبرِيلُ وهَذا مِيكائِيلُ، فارفَع رَأسَكَ، فَرَفَعتُ رَأسِي فَإذا فَوقِي مِثلُ السَّحاب، قالا: ذاكَ مَنزِلُكَ. قُلتُ: دَعانِي أدخُل مَنزِلِي، قالا: إنَّهُ بَقِيَ لَكَ عُمُرٌ لَم تَستَكمِلهُ فَلَو استَكمَلتَ، أتَيتَ مَنزِلَكَ».

باب: لا يُخْبِرُ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطانِ بِهِ فِـي المَنامِ


٢١١٥. (م) (٢٢٦٨) عَنْ جابِرٍ ﵁؛ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ أنَّهُ قالَ لأَعرابِيٍّ جاءَهُ فَقالَ: إنِّي حَلَمتُ أنَّ رَأسِي قُطِعَ فَأَنا أتَّبِعُهُ. فَزَجَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ وقالَ: «لا تُخبِر بِتَلَعُّبِ الشَّيطانِ بِكَ فِي المَنامِ».

باب: عِظَمُ إثْمِ مَن كَذَبَ فِـي حُلمِهِ


٢١١٦. (خ) (٧٠٤٢) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «مَن تَحَلَّمَ بِحُلمٍ لَم يَرَهُ كُلِّفَ أن يَعقِدَ بَينَ شَعِيرَتَينِ، ولَن يَفعَل، ومَن استَمَعَ إلى حَدِيثِ قَومٍ وهُم لَهُ كارِهُونَ أو يَفِرُّونَ مِنهُ صُبَّ فِي أُذُنِهِ الآنُكُ يَومَ القِيامَةِ، ومَن صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وكُلِّفَ أن يَنفُخَ فِيها ولَيسَ بِنافِخٍ». ورَوى (خ) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَولَهُ: «مَن كَذَبَ فِي رُؤياهُ».
-وهذا الحديث قد اشتمل على وعيد من فعل هذه الأفعال :
أولها: الكذب على المنام.
ثانيها: الاستماع لحديث من لا يريد استماعه.
ثالثها: التصوير.
والحكمة في هذا الوعيد الشديد أن الأول كذب على جنس النبوة، وأن الثاني نازع الخالق في قدرته.(النووي)

٢١١٧. (خ) (٣٥٠٩) عَنْ واثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ مِن أعظَمِ الفِرى أن يَدَّعِيَ الرَّجُلُ إلى غَيرِ أبِيهِ، أو يُرِيَ عَينَهُ ما لَم تَرَ، أو يَقُولُ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ ما لَم يَقُل».
ورَوى (خ) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: «إنَّ مِن أفرى الفِرى أن يُرِيَ عَينَيهِ ما لَم تَرَ».

١ س١) جزاء من أتى عرافًا:

٥/٠