باب: فِـي فَضائِلِ عُثْمانَ بْنِ مَظْعُونٍ ﵁


٢٣١٩. (خ) (٧٠١٨) عَنْ خارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ؛ عَن أُمِّ العَلاءِ وهِيَ امرَأَةٌ مِن نِسائِهِم بايَعَت رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَت: طارَ لَنا عُثْمانُ بنُ مَظعُونٍ ﵁ فِي السُّكنى حِينَ اقتَرَعَت الأَنصارُ عَلى سُكنى المُهاجِرِينَ، فاشتَكى، فَمَرَّضناهُ حَتّى تُوُفِّيَ، ثُمَّ جَعَلناهُ فِي أثوابِهِ، فَدَخَلَ عَلَينا رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقلت: رَحمَةُ اللهِ عَلَيكَ أبا السّائِبِ، فَشَهادَتِي عَلَيكَ لَقَد أكرَمَكَ اللهُ، قالَ: «وما يُدرِيكِ؟» قلت: لا أدرِي واللهِ، قالَ: «أمّا هُوَ فَقَد جاءَهُ اليَقِينُ، إنِّي لأرجُو لَهُ الخَيرَ مِن اللهِ، واللهِ ما أدرِي وأَنا رَسُولُ اللهِ ما يُفعَلُ بِي ولا بِكُم». قالَت أُمُّ العَلاءِ: فَوَ اللهِ لا أُزَكِّي أحَدًا بَعدَهُ، قالَت: ورَأَيتُ لِعُثمانَ فِي النَّومِ عَينًا تَجرِي، فَجِئتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَذَكَرتُ ذَلكَ لَهُ، فَقالَ: «ذاكِ عَمَلُهُ يَجرِي لَهُ».
- قولها: " اقتسم المهاجرون قرعة .." يعني أنهم اقتسموا للسكنى؛ لأن المهاجرين لما هاجروا إلى المدينة لم يمكنهم استصحاب أموالهم فدخلوها فقراء، فاقتسمهم الأنصار بالقرعة في نزولهم عليهم وسكناهم في منازلهم. ( ابن الملقن )
- والقُرْعةُ في المشكلات سنة عند جمهور الفقهاء في المستوين في الحجة؛ ليعدل بينهم وتطمئن قلوبهم، وترتفع الظنة عمن تولى قسمتهم، ولا يفضل أحد منه على صاحبه إذا كان المقسوم من جنس واحد؛ اتباعًا للكتاب والسنة، وقد عمل بها ثلاثة من الأنبياء: يونس وزكريا ونبينا. ( ابن الملقن )
- "عينا تجري" : كان له ولد صالح شهد بدرا وما بعدها وهو السائب مات في خلافة أبي بكر، رضي الله تعالى عنه، وقد كان عثمان من الأغنياء فلا يبعد أن تكون له صدقة استمرت بعد موت. ( ابن حجر )
- أنكر ﷺ على أم العلاء قطعها على ابن مظعون إذ لم يعلم هو من أمره شيئًا. وفي حديث جابر قال ما علمه بطريق الوحي؛ إذ لا يُقطع على مثل هذا إلا بوحي. ( ابن الملقن )

باب: فِـي فَضائِلِ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁


٢٣٢٠. (خ م) (٢٤٨١) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁؛ قالَ: جاءَت بِي أُمِّي أُمُّ أنَسٍ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ، (وقَد أزَّرَتنِي بِنِصفِ خِمارِها، ورَدَّتنِي بِنِصفِهِ)، فَقالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ هَذا أُنَيسٌ ابنِي، أتَيتُكَ بِهِ يَخدُمُكَ، فادعُ اللهَ لَهُ. فَقالَ: «اللَّهُمَّ أكثِر مالَهُ ووَلَدَهُ». قالَ أنَسٌ: فَواللهِ إنَّ مالِي لَكَثِيرٌ، (وإنَّ ولَدِي ووَلَدَ ولَدِي لَيَتَعادُّونَ عَلى نَحوِ المِائَةِ اليَومَ). وفي رواية (م): فَدَعا لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ ثَلاثَ دَعَواتٍ، قَد رَأَيتُ مِنها اثنَتَينِ فِي الدُّنيا، وأَنا أرجُو الثّالِثَةَ فِي الآخِرَةِ.
- في هذا الحديث من الفقه جواز الدعاء لشخص معين، كما سألت أم سليم أن يدعو لولدها أنيس. ( ابن هبيرة )
- وفيه ما يدل على كثرة المال والولد ليس بمكروه على الإطلاق؛ ولكنه قد يكون سبيل خير وبركة وفلاح، فإن رسول الله - ﷺ - لم يكن يدعو لأنس إلا لما فيه الخير لدينه، ولاسيما قد بلغ ولده على ما يزيد على مئة مسلم، فهؤلاء يدخل الوالد بواحد منهم الجنة. ( ابن هبيرة )
- وفيه دليل على أن أنسا من المغفور لهم لأنه قال: أرجو الثالثة في الآخرة. ( ابن هبيرة )
- فأما كثرة ماله فكانت نخله تطرح في السنة مرتين، وأما كثرة ولده فهو أحد الصحابة الذين لم يموتوا حتى رأى من صلبهم مائة ولد ذكر، وأما عمره فجاوز المائة. ( ابن الملقن )

٢٣٢١. (خ م) (٢٤٨٢) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: أسَرَّ إلَيَّ نَبِيُّ اللهِ ﷺ سِرًّا، فَما أخبَرتُ بِهِ أحَدًا بَعدُ، ولَقَد سَأَلَتنِي عَنهُ أُمُّ سُلَيمٍ، فَما أخبَرتُها بِهِ. وفي رواية (م): قالَ: أتى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ وأَنا ألعَبُ مَعَ الغِلمانِ، قالَ: فَسَلَّمَ عَلَينا، فَبَعَثَنِي إلى حاجَةٍ، فَأَبطَأتُ عَلى أُمِّي، فَلَمّا جِئتُ قالَت: ما حَبَسَكَ؟ قُلتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ ﷺ لِحاجَةٍ. قالَت: ما حاجَتُهُ؟ قُلتُ: إنَّها سِرٌّ. قالَت: لا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللهِ ﷺ أحَدًا. قالَ أنَسٌ: واللهِ لَو حَدَّثتُ بِهِ أحَدًا لَحَدَّثْتُكَ يا ثابِتُ.
- قال بعض العلماء : كأن هذا السر كان يختص بنساء النبي ﷺ وإلا فلو كان من العلم ما وسع أنسا كتمانه.
- الذي عليه أهل العلم أن السر لا يباح به إذا كان على صاحبه منه مضرة. ( ابن بطال )
- أدب أم سليم في قولها " إن لم يكن سرًّا ", وتعليمها لابنها حفظ الأسرار عملياً, فهي من الأمانة في العمل, ودلالة على نبل الإنسان ورفيع خلقه.

باب: فِـي فَضائِلِ جَعْفَرِ بْنِ أبِي طالِبٍ وأَسْماءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ ﵄


٢٣٢٢. (خ م) (٢٥٠٢) عَنْ أبِي بُرْدَةَ، عَن أبِي مُوسى ﵁ قالَ: بَلَغَنا مَخرَجُ رَسُولِ اللهِ ﷺ ونَحنُ بِاليَمَنِ، فَخَرَجنا مُهاجِرِينَ إلَيهِ أنا وأَخَوانِ لِي أنا أصغَرُهُما، أحَدُهُما أبُو بُردَةَ، والآخَرُ أبُو رُهمٍ، إمّا قالَ: بِضعًا، وإمّا قالَ: ثَلاثَةً وخَمسِينَ أو اثنَينِ وخَمسِينَ رَجُلًا مِن قَومِي، قالَ: فَرَكِبنا سَفِينَةً فَأَلقَتنا سَفِينَتُنا إلى النَّجاشِيِّ بِالحَبَشَةِ، فَوافَقنا جَعفَرَ بنَ أبِي طالِبٍ وأَصحابَهُ عِندَهُ، فَقالَ جَعفَرٌ: إنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَعَثَنا هاهُنا، وأَمَرَنا بِالإقامَةِ، فَأَقِيمُوا مَعَنا. فَأَقَمنا مَعَهُ، حَتّى قَدِمنا جَمِيعًا، قالَ: فَوافَقنا رَسُولَ اللهِ ﷺ حِينَ افتَتَحَ خَيبَرَ، فَأَسهَمَ لَنا، أو قالَ: أعطانا مِنها، وما قَسَمَ لأَحَدٍ غابَ عَن فَتحِ خَيبَرَ مِنها شَيئًا، إلا لِمَن شَهِدَ مَعَهُ، إلا لأَصحابِ سَفِينَتِنا مَعَ جَعفَرٍ وأَصحابِهِ، قَسَمَ لَهُم مَعَهُم، قالَ: فَكانَ ناسٌ مِن النّاسِ يَقُولُونَ لَنا، يَعنِي لأَهلِ السَّفِينَةِ: نَحنُ سَبَقناكُم بِالهِجرَةِ. قالَ: فَدَخَلَت أسماءُ بِنتُ عُمَيسٍ وهِيَ مِمَّن قَدِمَ مَعَنا عَلى حَفصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ زائِرَةً، وقَد كانَت هاجَرَت إلى النَّجاشِيِّ فِيمَن هاجَرَ إلَيهِ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلى حَفصَةَ وأَسماءُ عِندَها، فَقالَ عُمَرُ حِينَ رَأى أسماءَ: مَن هَذِهِ؟ قالَت: أسماءُ بِنتُ عُمَيسٍ. قالَ عُمَرُ: الحَبَشِيَّةُ هَذِهِ، البَحرِيَّةُ هَذِهِ. فَقالَت أسماءُ: نَعَم. فَقالَ عُمَرُ: سَبَقناكُم بِالهِجرَةِ، فَنَحنُ أحَقُّ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ مِنكُم. فَغَضِبَت، وقالَت (كَلِمَةً: كَذَبتَ يا عُمَرُ)، كَلاَّ واللهِ، كُنتُم مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ يُطعِمُ جائِعَكُم، ويَعِظُ جاهِلَكُم، وكُنّا فِي دارِ أو فِي أرضِ البُعَداءِ البُغَضاءِ، فِي الحَبَشَةِ، وذَلكَ فِي اللهِ وفِي رَسُولِهِ، وايمُ اللهِ لا أطعَمُ طَعامًا، ولا أشرَبُ شَرابًا، حَتّى أذكُرَ ما قُلتَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، ونَحنُ كُنّا نُؤذى ونُخافُ، وسَأَذكُرُ ذَلكَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، وأَسأَلُهُ، وواللهِ لا أكذِبُ ولا أزِيغُ ولا أزِيدُ عَلى ذَلكَ. قالَ: فَلَمّا جاءَ النَّبِيُّ ﷺ قالَت: يا نَبِيَّ اللهِ؛ إنَّ عُمَرَ قالَ: كَذا وكَذا. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَيسَ بِأَحَقَّ بِي مِنكُم، ولَهُ ولأَصحابِهِ هِجرَةٌ واحِدَةٌ، ولَكُم أنتُم أهلَ السَّفِينَةِ هِجرَتانِ». قالَت: فَلَقَد رَأَيتُ أبا مُوسى وأَصحابَ السَّفِينَةِ يَأتُونِي أرسالًا، يَسأَلُونِي عَن هَذا الحَدِيثِ، ما مِن الدُّنيا شَيءٌ هُم بِهِ أفرَحُ ولا أعظَمُ فِي أنفُسِهِم مِمّا قالَ لَهُم رَسُولُ اللهِ ﷺ. قالَ أبُو بُردَةَ: فَقالَت أسماءُ: فَلَقَد رَأَيتُ أبا مُوسى، وإنَّهُ لَيَستَعِيدُ هَذا الحَدِيثَ مِنِّي.
-قول أسماء: " ولنا في أرض البعداء البغضاء في الحبشة " إما بعداً في النسب، وإما بغضًا في الدين؛ لأنهم كانوا نصارى ولم يكن فيهم مسلم إلا النجاشي أميرهم – مستخفٍ. ( القاضي عياض)

باب: فِـي فَضائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبّاسٍ ﵄


٢٣٢٣. (خ م) (٢٤٧٧) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أتى الخَلاءَ، فَوَضَعتُ لَهُ وضُوءًا، فَلَمّا خَرَجَ قالَ: «مَن وضَعَ هَذا؟» قالُوا: ابنُ عَبّاسٍ. قالَ: «اللَّهُمَّ فَقِّههُ». لَفظُ (خ): «اللَّهُمَّ فَقِّههُ فِي الدِّينِ».
ورَوى (خ): عَنهُ قالَ: ضَمَّنِي النَّبِيُّ ﷺ إلى صَدرِهِ وقالَ: «اللَّهُمَّ علِّمهُ الحِكمَةَ». وفي رواية لَهُ: «اللَّهُمَّ علِّمهُ الكِتابَ».
٢٣٢٤. (خ) (٥٠٣٥) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: إنَّ الَّذِي تَدعُونَهُ المُفَصَّلَ هُوَ المُحكَمُ، قالَ: وقالَ ابنُ عَبّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وأَنا ابنُ عَشرِ سِنِينَ، وقَد قَرَأتُ المُحكَمَ. وفي رواية: جَمَعتُ المُحكَمَ فِي عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقلت لَهُ: وما المُحكَمُ؟ قال: المُفَصَّلُ.
- فيه تعليم الصبيان القرآن.
- والمفصل من سورة الحجرات على أصح الأقوال العشرة فيه؛ سمي مفصلًا لكثرة الفصل بين سوره، وقيل: لقلة المنسوخ فيه. وسمي المحكم أيضًا؛ لأن أكثره لا نسخ فيه. ( ابن التين )
- المحكم وهو من أول الفتح إلى آخر القرآن, وقيل في ابتدائه غير ذلك. ( ابن حجر )
- واختلف في أول المفصل مع الاتفاق على أنه آخر جزء من القرآن. ( ابن حجر )

باب: فِـي فَضائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄


٢٣٢٥. (خ م) (٢٤٧٩) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: كانَ الرَّجُلُ فِي حَياةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ إذا رَأى رُؤيا قَصَّها عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَتَمَنَّيتُ أن أرى رُؤيا أقُصُّها عَلى النَّبِيِّ ﷺ، قالَ: وكُنتُ غُلامًا شابًّا عَزَبًا، وكُنتُ أنامُ فِي المَسْجِدِ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَرَأَيتُ فِي النَّومِ كَأَنَّ مَلَكَينِ أخَذانِي، فَذَهَبا بِي إلى النّارِ، فَإذا هِيَ مَطوِيَّةٌ كَطَيِّ البِئرِ، وإذا لَها قَرنانِ كَقَرنَي البِئرِ، وإذا فِيها ناسٌ قَد عَرَفتُهُم، فَجَعَلتُ أقُولُ: أعُوذُ باللهِ مِن النّارِ، أعُوذُ باللهِ مِن النّارِ، أعُوذُ باللهِ مِن النّارِ، قالَ: فَلَقِيَهُما مَلَكٌ، فَقالَ لِي: لَم تُرَع. فَقَصَصتُها عَلى حَفصَةَ، فَقَصَّتها حَفصَةُ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «نِعمَ الرَّجُلُ عَبدُ اللهِ لَو كانَ يُصَلِّي مِن اللَّيلِ». قالَ سالِمٌ: فَكانَ عَبدُ اللهِ بَعدَ ذَلكَ لا يَنامُ مِن اللَّيلِ إلا قَلِيلًا. وفي رواية (خ): «إنَّ عَبدَ اللهِ رَجُلٌ صالِحٌ لَو كانَ يُكثِرُ الصَّلاةَ مِنَ اللَّيلِ».
- قوله فيه: "نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل" سببه أن الرسول ﷺ نظر في حاله فلم يره يغفل شيئًا من الفرائض، وعلم مبيته في المسجد فذكره بذلك، فلو كان يقوم من الليل لم يعرض عليها، ولم يرها، ثم إنه من تلك الرؤيا لم ينم من الليل إلا قليلا. ( ابن الملقن )
- إنما كانت الرؤيا تقص على رسول الله - ﷺ -؛ لأنها من الوحي، وهي جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، كما نطق به عليه أفضل الصلاة والسلام، فكان أعلم بذلك من كل أحد، وتفسيره من العلم الذي يجب الرغبة فيه. ( ابن الملقن )
- فيه تمني الرؤيا الصالحة ليعرف صاحبها ما له عند الله، وتمني الخير والعلم والحرص عليه. ( ابن الملقن )
- قوله: " فإِذَا فِيهَا أُنَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ" سكوته عن بيانهم؛ ستراً عليهم كما تظافرت نصوص الشرع على فضيلة الستر؛ لئلا يغتاب إخوانه المسلمين, ولو على سبيل الرؤيا.
- قوله: فقال: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ" فيه: القول بمثل هذا إذا لم يخش أن يفتتن بالمدح. ( ابن الملقن )
- وفيه: فضيلة قيام الليل، وهو منجٍ من النار. ( ابن الملقن )
- فضل عبادة الشاب. ( ابن الملقن )

٢٣٢٦. (خ) (٣٩١٦) عَنْ أبِي عُثْمانَ قالَ: سَمِعتُ ابنَ عُمَرَ ﵄ إذا قِيلَ لَهُ: هاجَرَ قَبلَ أبِيهِ؛ يَغضَبُ، قالَ: وقَدِمتُ أنا وعُمَرُ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَوَجَدناهُ قائِلًا، فَرَجَعنا إلى المَنزِلِ، فَأَرسَلَنِي عُمَرُ وقالَ: اذهَب فانظُر؛ هَل استَيقَظَ؟ فَأَتَيتُهُ فَدَخَلتُ عَلَيهِ فَبايَعتُهُ، ثُمَّ انطَلَقتُ إلى عُمَرَ فَأَخبَرتُهُ أنَّهُ قَد استَيقَظَ، فانطَلَقنا إلَيهِ نُهَروِلُ هَروَلَةً حَتّى دَخَلَ عَلَيهِ فَبايَعَهُ، ثُمَّ بايَعتُهُ.

باب: فِـي فَضائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ ﵄


٢٣٢٧. (خ م) (٢٤٢٧) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبِي مُلَيْكَةَ قالَ: قالَ (عَبدُ اللهِ بنُ جَعفَرٍ لابنِ الزُّبَيرِ): أتَذكُرُ إذ تَلَقَّينا رَسُولَ اللهِ ﷺ أنا وأَنتَ وابنُ عَبّاسٍ؟ قالَ: نَعَم. فَحَمَلَنا وتَرَكَكَ. لَفظُ (خ): قالَ ابنُ الزُّبَيرِ لِابنِ جَعفَرٍ ...
٢٣٢٨. (م) (٢٤٢٨) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ ﵄ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا قَدِمَ مِن سَفَرٍ تُلُقِّيَ بِصِبيانِ أهلِ بَيتِهِ، قالَ: وإنَّهُ قَدِمَ مِن سَفَرٍ فَسُبِقَ بِي إلَيهِ، فَحَمَلَنِي بَينَ يَدَيهِ، ثُمَّ جِيءَ بِأَحَدِ ابنَي فاطِمَةَ فَأَردَفَهُ خَلفَهُ، قالَ: فَأُدخِلنا المَدِينَةَ ثَلاثَةً عَلى دابَّةٍ.
- " كان رسول الله ﷺ إذا قدم من سفر تلقي بصبيان أهل بيته " هذه سنة مستحبة أن يتلقى الصبيان المسافر وأن يركبهم وأن يردفهم ويلاطفهم والله أعلم ( النووي )

٢٣٢٩. (خ) (٣٧٠٩) عَنِ الشَّعْبِيِّ؛ أنَّ ابنَ عُمَرَ ﵄ كانَ إذا سَلَّمَ عَلى ابْنِ جَعفَرٍ قالَ: السَّلامُ عَلَيكَ يا ابنَ ذِي الجَناحَينِ.
- سببه : أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قطعت يداه في القتال؛ فجعلهما الله له جناحين في الجنة في البرزخ. ( ابن الملقن )
- فيه نداء الابن بمحامد أبيه بعد وفاته, وما اشتهر به من أخلاق كريمة؛ تشجيعاً له في الاقتداء به, وتأنيساً ومودة له.
باب: فِـي فَضَائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَابْنِهِ جَابِرٍ رضي الله عنهما
2337. (خ م) (2471) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: أُصِيبَ أَبِي يَومَ أُحُدٍ، فَجَعَلتُ أَكشِفُ الثَّوبَ عَن وَجهِهِ وَأَبكِي، وَجَعَلُوا يَنهَونَنِي، وَرسُولُ الله ﷺ لَا يَنهَانِي، قَالَ: وَجَعَلَت فَاطِمَةُ بِنتُ عَمْرٍو تَبكِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَبكِيهِ أَو لَا تَبكِيهِ، مَا زَالَت المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعتُمُوهُ».
- في هذا الحديث من الفقه : أنه يجوز كشف الثوب عن وجه الميت ليتزود من نظره. ( ابن هبيرة )
- جواز البكاء على الميت ما لم يكن معه شيء من نوح, أو تسخط. ( ابن التين )
- وفيه نهي أهل الميت بعضهم بعضا عن البكاء للرفق بالباكي. ( ابن التين )
- وفيه سكوت النبي ﷺ لما يجد الباكي من الراحة. ( ابن التين )

باب: فِـي فَضائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁


٢٣٣٠. (خ م) (٢٤٦٠) عَنْ أبِي مُوسى ﵁؛ قالَ: قَدِمتُ أنا وأَخِي مِن اليَمَنِ، فَكُنّا حِينًا وما نُرى ابنَ مَسْعُودٍ وأُمَّهُ إلا مِن أهلِ بَيتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، مِن كَثرَةِ دُخُولِهِم ولُزُومِهِم لَهُ.
٢٣٣١. (خ م) (٢٤٦٣) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: والَّذِي لا إلَهَ غَيرُهُ ما مِن كِتابِ اللهِ سُورَةٌ إلا أنا أعلَمُ حَيثُ نَزَلَت، وما مِن آيَةٍ إلا أنا أعلَمُ فِيما أُنزِلَت، ولَو أعلَمُ أحَدًا هُوَ أعلَمُ بِكِتابِ اللهِ مِنِّي تَبلُغُهُ الإبِلُ لَرَكِبتُ إلَيهِ.
٢٣٣٢. (خ م) (٢٤٦٢) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: (﴿وما كانَ لِنَبِيٍّ أن يَغُلَّ ومَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ القِيامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١]، ثُمَّ قالَ: عَلى قِراءَةِ مَن تَأمُرُونِي أن أقرَأَ؟) فَلَقَد قَرَأتُ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ بِضعًا وسَبعِينَ سُورَةً، ولَقَد عَلِمَ أصحابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ أنِّي أعلَمُهُم بِكِتابِ اللهِ، ولَو أعلَمُ أنَّ أحَدًا أعلَمُ مِنِّي لَرَحَلتُ إلَيهِ. قالَ شَقِيقٌ: فَجَلَستُ فِي حَلَقِ أصحابِ مُحَمَّدٍ ﷺ فَما سَمِعتُ أحَدًا يَرُدُّ ذَلكَ عَلَيهِ، (ولا يَعِيبُهُ). لَفظُ (خ): عَن شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قالَ: خَطَبَنا ابنُ مَسْعُودٍ فَقالَ: واللهِ لَقَد أخَذَتُ مِن فِي رَسُولِ اللهِ ﷺ ... وزادَ: وما أنا بِخَيرِهِم ...
٢٣٣٣. (خ م) (٢٤٦٤) عَنْ مَسْرُوقٍ قالَ: كُنّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَذَكَرنا حَدِيثًا عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَقالَ: إنَّ ذاكَ الرَّجُلَ لا أزالُ أُحِبُّهُ بَعدَ شَيءٍ سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ يَقُولُهُ، سَمِعتُهُ يَقُولُ: «اقرَؤُوا القُرآنَ مِن أربَعَةِ نَفَرٍ: مِن ابْنِ أُمِّ عَبدٍ» فَبَدَأَ بِهِ «ومِن أُبَيِّ بْنِ كَعبٍ، ومِن سالِمٍ مَولى أبِي حُذَيْفَةَ، ومِن مُعاذِ بْنِ جَبَلٍ».
٢٣٣٤. (م) (٢٤٥٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: لَمّا نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ: ﴿لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُواْ وعَمِلُواْ الصّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُواْ إذا ما اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ﴾ [المائدة: ٩٣] إلى آخِرِ الآيَةِ، قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قِيلَ لِي: أنتَ مِنهُم».
٢٣٣٥. (م) (٢٤٦١) عَنْ أبِي الأَحْوَصِ قالَ: كُنّا فِي دارِ أبِي مُوسى مَعَ نَفَرٍ مِن أصحابِ عَبْدِ اللهِ، وهُم يَنظُرُونَ فِي مُصحَفٍ، فَقامَ عَبدُ اللهِ، فَقالَ أبُو مَسْعُودٍ: ما أعلَمُ رَسُولَ اللهِ ﷺ تَرَكَ بَعدَهُ أعلَمَ بِما أنزَلَ اللهُ مِن هَذا القائِمِ. فَقالَ أبُو مُوسى: أما لَئِن قُلتَ ذاكَ؛ لَقَد كانَ يَشهَدُ إذا غِبنا، ويُؤذَنُ لَهُ إذا حُجِبنا. وفي رواية: قال: شَهِدتُ أبا مُوسى وأَبا مَسْعُودٍ حِينَ ماتَ ابنُ مَسْعُودٍ، فَقالَ أحَدُهُما لِصاحِبِهِ: أتُراهُ تَرَكَ بَعدَهُ مِثلَهُ؟ فَقالَ: إن قُلتَ ذاكَ؛ إن كانَ لَيُؤذَنُ لَهُ إذا حُجِبنا، ويَشهَدُ إذا غِبنا.
٢٣٣٦. (خ) (٦٠٩٧) عَنْ شَقِيقٍ قالَ: سَمِعتُ حُذَيْفَةَ ﵁ يَقُولُ: إنَّ أشبَهَ النّاسِ دَلًّا وسَمتًا وهَديًا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ لابنُ أُمِّ عَبدٍ، مِن حِينِ يَخرُجُ مِن بَيتِهِ إلى أن يَرجِعَ إلَيهِ، لا نَدرِي ما يَصنَعُ فِي أهلِهِ إذا خَلا.

باب: فِـي فَضائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرامٍ وابْنِهِ جابِرٍ ﵄


٢٣٣٧. (خ م) (٢٤٧١) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: أُصِيبَ أبِي يَومَ أُحُدٍ، فَجَعَلتُ أكشِفُ الثَّوبَ عَن وجهِهِ وأَبكِي، وجَعَلُوا يَنهَونَنِي، ورسُولُ الله ﷺ لا يَنهانِي، قالَ: وجَعَلَت فاطِمَةُ بِنتُ عَمْرٍو تَبكِيهِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «تَبكِيهِ أو لا تَبكِيهِ، ما زالَت المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجنِحَتِها حَتّى رَفَعتُمُوهُ».
- في هذا الحديث من الفقه : أنه يجوز كشف الثوب عن وجه الميت ليتزود من نظره. ( ابن هبيرة )
- جواز البكاء على الميت ما لم يكن معه شيء من نوح, أو تسخط. ( ابن التين )
- وفيه نهي أهل الميت بعضهم بعضا عن البكاء للرفق بالباكي. ( ابن التين )
- وفيه سكوت النبي ﷺ لما يجد الباكي من الراحة. ( ابن التين )

٢٣٣٨. (خ) (١٣٥١) عَنْ جابِرٍ ﵁ قالَ: لَمّا حَضَرَ أُحُدٌ دَعانِي أبِي مِن اللَّيلِ فَقالَ: ما أُرانِي إلاَّ مَقتُولًا فِي أوَّلِ مَن يُقتَلُ مِن أصحابِ النَّبِيِّ ﷺ، وإنِّي لا أُترُكُ بَعدِي أعَزَّ عَلَيَّ مِنكَ غَيرَ نَفسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَإنَّ عَلَيَّ دَينًا فاقضِ واستَوصِ بِأَخَواتِكَ خَيرًا، فَأَصبَحنا فَكانَ أوَّلَ قَتِيلٍ، ودُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبرٍ، ثُمَّ لَم تَطِب نَفسِي أن أترُكَهُ مَعَ الآخَرِ، فاستَخرَجتُهُ بَعدَ سِتَّةِ أشهُرٍ، فَإذا هُوَ كَيَومِ وضَعتُهُ هُنَيَّةً غَيرَ أُذُنِهِ.
- وصية الوالد لابنه في أخواته, مما يزيده براً ورأفة بهن؛ لضعفهن, وانكسارهن بعد ممات أبيهن, فوَكَّد أبا جابرعليه فيهن مع ما كان في جابر من الخير، فوجب لهن حق القرابة, وحق وصية الأب, وحق اليتم, وحق الإسلام.
- وفيه أن الشهداء لا تأكل الأرض لحومهم لفضيلتهم عند الله عز وجل. ( ابن الملقن )

٢٣٣٩. (خ) (٣٨٩١) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: أنا وأَبِي وخالِي مِن أصحابِ العَقَبَةِ.

باب: فِـي فَضائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ ﵁


٢٣٤٠. (خ م) (٢٤٨٣) عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍٍ ﵁ قالَ: ما سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ لِحَيٍّ يَمشِي: «إنَّهُ فِي الجَنَّةِ». إلا لِعَبدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ ﵁. لَفظُ(خ): «إنَّهُ مِن أهلِ الجنَّة» ... وزادَ: قالَ: وفِيهِ نَزَلَت هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وشَهِدَ شاهِدٌ مِّن بَنِي إسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ﴾ [الأحقاف: ١٠] الآيَةُ.
٢٣٤١. (خ م) (٢٤٨٤) عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبادٍ قالَ: كُنتُ بِالمَدِينَةِ فِي ناسٍ فِيهِم بَعضُ أصحابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَجاءَ رَجُلٌ فِي وجهِهِ أثَرٌ مِن خُشُوعٍ، فَقالَ بَعضُ القَومِ: هَذا رَجُلٌ مِن أهلِ الجَنَّةِ، هَذا رَجُلٌ مِن أهلِ الجَنَّةِ. فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ يَتَجَوَّزُ فِيهِما، ثُمَّ خَرَجَ فاتَّبَعتُهُ، فَدَخَلَ مَنزِلَهُ، ودَخَلتُ، فَتَحَدَّثنا، فَلَمّا استَأنَسَ قُلتُ لَهُ: إنَّكَ لَمّا دَخَلتَ قَبلُ قالَ رَجُلٌ: كَذا وكَذا. قالَ: سُبحانَ اللهِ؛ ما يَنبَغِي لأَحَدٍ أن يَقُولَ ما لا يَعلَمُ، وسَأُحَدِّثُكَ لِمَ ذاكَ؟ رَأَيتُ رُؤيا عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَصَصتُها عَلَيهِ، رَأَيتُنِي فِي رَوضَةٍ، ذَكَرَ سَعَتَها وعُشبَها وخُضرَتَها، ووَسطَ الرَّوضَةِ عَمُودٌ مِن حَدِيدٍ، أسفَلُهُ فِي الأَرضِ، وأَعلاهُ فِي السَّماءِ، فِي أعلاهُ عُروَةٌ، فَقِيلَ لِي: ارقَه. فَقُلتُ لَهُ: لا أستَطِيعُ، فَجاءَنِي مِنصَفٌ -قالَ ابنُ عَونٍ: والمِنصَفُ الخادِمُ- فَقالَ بِثِيابِي مِن خَلفِي، وصَفَ أنَّهُ رَفَعَهُ مِن خَلفِهِ بِيَدِهِ، فَرَقِيتُ حَتّى كُنتُ فِي أعلى العَمُودِ، فَأَخَذتُ بِالعُروَةِ، فَقِيلَ لِيَ: استَمسِك. فَلَقَد استَيقَظتُ وإنَّها لَفِي يَدِي، فَقَصَصتُها عَلى النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: «تِلكَ الرَّوضَةُ الإسلامُ، وذَلكَ العَمُودُ عَمُودُ الإسلامِ، وتِلكَ العُروَةُ عُروَةُ الوُثقى، وأَنتَ عَلى الإسلامِ حَتّى تَمُوتَ». قالَ: والرَّجُلُ عَبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ.
- هو عبد الله بن سلام الإسرائيلي من بني قينقاع، وهم من ولد يوسف الصديق، وكان اسمه في الجاهلية الحصين فغير، وكان حليف الأنصار. ( ابن الملقن )
- إنكار عبد الله بن سلام عليهم حيث قطعوا له بالجنة، فيحتمل أن هؤلاء بلغهم خبر سعد بن أبي وقاص أن ابن سلام من أهل الجنة ولم يسمع هو ذلك، ويحتمل أنه كره الثناء عليه بذلك تواضعاً وإيثاراً للخمول وكراهية للشهرة. ( الطيبي )

باب: فِـي فَضائِلِ سَعْدِ بْنِ مُعاذٍ ﵁


٢٣٤٢. (خ م) (٢٤٦٦) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، (وجَنازَةُ سَعدِ بْنِ مُعاذٍ بَينَ أيدِيهِم): «اهتَزَّ لَها عَرشُ الرَّحْمَنِ».
٢٣٤٣. (خ م) (٢٤٦٨) عَنِ البَراءِ ﵁ قالَ: أُهدِيَت لِرَسُولِ اللهِ ﷺ حُلَّةُ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أصحابُهُ يَلمِسُونَها، ويَعجَبُونَ مِن لِينِها، فَقالَ: «أتَعجَبُونَ مِن لِينِ هَذِهِ؟ لَمَناديلُ سَعدِ بْنِ مُعاذٍ فِي الجَنَّةِ خَيرٌ مِنها وأَليَنُ».
- جمع مناديل وهو هذا الذي يحمل في اليد، قال ابن الأعرابي : هو مشتق من الندل، وهو النقل؛ لأنه ينقل من واحد إلى واحد. إنما ضرب المثل بالمناديل؛ لأنها ليست من علية الثياب بل هي تبتذل في أنواع من المرافق، فتمسح بها الأيدي، وينفض بها الغبار عن البدن، ويغطى بها ما يهدي في الأطباق، وتتخذ لفافاً للثياب، فصار سبيلها سبيل الخادم, وسبيل سائر الثياب سبيل المخدوم، فإن كان أدناها هكذا فما ظنك بعليتها؟ ( الطيبي )

باب: فِـي فَضائِلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ﵁


٢٣٤٤. (خ م) (٢٤٦٥) عَنْ أنَسٍ ﵁ يَقُولُ: جَمَعَ القُرآنَ عَلى عَهدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ أربَعَةٌ كُلُّهُم مِن الأَنصارِ: مُعاذُ بنُ جَبَلٍ، وأُبَيُّ بنُ كَعبٍ، وزَيدُ بنُ ثابِتٍ، وأَبُو زَيْدٍ. قالَ قَتادَةُ: قُلتُ لأَنَسٍ: مَن أبُو زَيدٍ؟ قالَ: أحَدُ عُمُومَتِي.

باب: فِـي فَضائِلِ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ وعَبّادِ بْنِ بِشْرٍ ﵄


٢٣٤٥. (خ) (٤٦٥) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ رَجُلَينِ مِن أصحابِ النَّبِيِّ ﷺ خَرَجا مِن عِندِ النَّبِيِّ ﷺ فِي لَيلَةٍ مُظلِمَةٍ، ومَعَهُما مِثلُ المِصباحَينِ يُضِيئانِ بَينَ أيدِيهِما، فَلَمّا افتَرَقا صارَ مَعَ كُلِّ واحِدٍ مِنهُما واحِدٌ حَتّى أتى أهلَهُ.
- لأن الرجلين كانا مع رسول الله - ﷺ - في موضع جلوسه مع الصحابة، فلما كان معه هذان في علم ينشره، أو في صلاة فأكرمهما الله بالنورفي الدنيا ببركة رسول الله - ﷺ , وفضل مسجده، وملازمته، وذلك آية وكرامة له، وأنه خص في الآيات بما لم يخص به من كان معه, أن أعطى أن يكرم أصحابه بمثل هذا النور عند حاجتهم إليه. ( ابن الملقن )
- يستفاد من الحديث أن المشي إلى المساجد والرجوع منها في الليالي المظلمة ثوابه النور من الله عز وجل، وذلك يظهر في الآخرة عيانا، وأما في الدنيا فقد يستكن النور في القلوب، وقد يظهر أحيانا كرامة لمن أراد الله كرامته ولم يرد فتنته. ( ابن رجب )
اقتصر البخاري على هذا الحديث في هذا الباب؛ لأن الأحاديث الصريحة في تبشير المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة ليس شيء منها على شرطه, وإن كانت قد رويت من وجوه كثيرة. ( ابن رجب )

باب: فِـي فَضائِلِ أبِي ذَرٍّ الغِفارِيِّ ﵁


٢٣٤٦. (خ م) (٢٤٧٤) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: لَمّا بَلَغَ أبا ذَرٍّ مَبعَثُ النَّبِيِّ ﷺ بِمَكَّةَ قالَ لأَخِيهِ: اركَب إلى هَذا الوادِي، فاعلَم لِي عِلمَ هَذا الرَّجُلِ الَّذِي يَزعُمُ أنَّهُ يَأتِيهِ الخَبَرُ مِن السَّماءِ، فاسمَع مِن قَولِهِ، ثُمَّ ائتِنِي. فانطَلَقَ الآخَرُ حَتّى قَدِمَ مَكَّةَ، وسَمِعَ مِن قَولِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلى أبِي ذَرٍّ، فَقالَ: رَأَيتُهُ يَأمُرُ بِمَكارِمِ الأَخلاقِ، وكَلامًا ما هُوَ بِالشِّعرِ. فَقالَ: ما شَفَيتَنِي فِيما أرَدتُ. فَتَزَوَّدَ وحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيها ماءٌ حَتّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَأَتى المَسْجِدَ، فالتَمَسَ النَّبِيَّ ﷺ ولا يَعرِفُهُ، وكَرِهَ أن يَسأَلَ عَنهُ، حَتّى أدرَكَهُ يَعنِي اللَّيلَ، فاضطَجَعَ، فَرَآهُ عَلِيٌّ فَعَرَفَ أنَّهُ غَرِيبٌ، فَلَمّا رَآهُ تَبِعَهُ، فَلَم يَسأَل واحِدٌ مِنهُما صاحِبَهُ عَن شَيءٍ حَتّى أصبَحَ، ثُمَّ احتَمَلَ قِربَتَهُ وزادَهُ إلى المَسْجِدِ، فَظَلَّ ذَلكَ اليَومَ ولا يَرى النَّبِيَّ ﷺ حَتّى أمسى، فَعادَ إلى مَضجَعِهِ، فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَقالَ: ما أنى لِلرَّجُلِ أن يَعلَمَ مَنزِلَهُ؟ فَأَقامَهُ، فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ، ولا يَسأَلُ واحِدٌ مِنهُما صاحِبَهُ عَن شَيءٍ، حَتّى إذا كانَ يَومُ الثّالِثِ فَعَلَ مِثلَ ذَلكَ، فَأَقامَه عَلِيٌّ مَعَهُ، ثُمَّ قالَ لَهُ: ألا تُحَدِّثُنِي ما الَّذِي أقدَمَكَ هَذا البَلَدَ؟ قالَ: إن أعطَيتَنِي عَهدًا ومِيثاقًا لَتُرشِدَنِّي فَعَلتُ. فَفَعَلَ، فَأَخبَرَهُ، فَقالَ: فَإنَّهُ حَقٌّ، وهُوَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَإذا أصبَحتَ فاتَّبِعنِي، فَإنِّي إن رَأَيتُ شَيئًا أخافُ عَلَيكَ قُمتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الماءَ، فَإن مَضَيتُ فاتَّبِعنِي حَتّى تَدخُلَ مَدخَلِي، فَفَعَلَ، فانطَلَقَ يَقفُوهُ، حَتّى دَخَلَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ ودَخَلَ مَعَهُ، فَسَمِعَ مِن قَولِهِ وأَسلَمَ مَكانَهُ، فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «ارجِع إلى قَومِكَ فَأَخبِرهُم حَتّى يَأتِيَكَ أمرِي». فَقالَ: والَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأَصرُخَنَّ بِها بَينَ ظَهرانَيهِم. فَخَرَجَ حَتّى أتى المَسْجِدَ، فَنادى بِأَعلى صَوتِهِ: أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ. وثارَ القَومُ فَضَرَبُوهُ حَتّى أضجَعُوهُ، فَأَتى العَبّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيهِ، فَقالَ: ويلَكُم؛ ألَستُم تَعلَمُونَ أنَّهُ مِن غِفارٍ؟ وأَنَّ طَرِيقَ تُجّارِكُم إلى الشّامِ عَلَيهِم. فَأَنقَذَهُ مِنهُم، ثُمَّ عادَ مِن الغَدِ بِمِثلِها، وثارُوا إلَيهِ فَضَرَبُوهُ، فَأَكَبَّ عَلَيهِ العَبّاسُ فَأَنقَذَهُ. وفي رواية (خ): فَقُلتُ: ما عِندَكَ؟ فَقالَ: واللهِ لَقَد رَأَيتُ رَجُلًا يَأمُرُ بِالخَيرِ ويَنهى عَنِ الشَرِّ، فَقُلتُ لَهُ: لَم تَشْفِنِي مِن الخَبرِ، فَأَخَذتُ جِرابًا وعَصا، ثُمَّ أقبَلتُ إلى مَكَّةَ، فَجَعَلتُ لا أعرِفُهُ، وأَكرَهُ أن أسأَلَ عَنهُ، وأَشرَبُ مِن ماءِ زَمزَمَ وأَكُونَ فِي المَسْجِدِ، قالَ: فَمَرَّ بِي عَلِيٌّ فَقالَ: كَأَنَّ الرَّجُلَ غَرِيبٌ؟ قالَ: قُلتُ: نَعَم ... وفِيها: فَأَرَدتُّ أن ألقاهُ. فَقالَ لَهُ: أما إنَّكَ قَد رَشَدْتَ، هَذا وجهِي إلَيهِ، فاتبَعنِي، اُدْخُلْ حَيثُ أدخُلُ، فَإني إن رَأَيتُ أحَدًا أخافُهُ عَلَيكَ قُمْتُ إلى الحائِطِ كَأَني أُصْلِحُ نَعلِي وامضِ أنتَ ... وفِيها: فَقالَ لِي: «يا أبا ذَرٍّ؛ اُكتُمْ هَذا الأَمرَ، وارجِع إلى بَلَدِكَ، فَإذا بَلَغَكَ ظُهُورُنا فَأَقبِلْ».
٢٣٤٧. (م) (٢٤٧٣) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصّامِتِ قالَ: قالَ أبُو ذَرٍّ ﵁: خَرَجنا مِن قَومِنا غِفارٍ وكانُوا يُحِلُّونَ الشَّهرَ الحَرامَ، فَخَرَجتُ أنا وأَخِي أُنَيسٌ وأُمُّنا، فَنَزَلنا عَلى خالٍ لَنا فَأَكرَمَنا خالُنا وأَحسَنَ إلَينا، فَحَسَدَنا قَومُهُ فَقالُوا: إنَّكَ إذا خَرَجتَ عَن أهلِكَ خالَفَ إلَيهِم أُنَيسٌ. فَجاءَ خالُنا فَنَثا عَلَينا الَّذِي قِيلَ لَهُ، فَقُلتُ: أمّا ما مَضى مِن مَعرُوفِكَ فَقَد كَدَّرتَهُ، ولا جِماعَ لَكَ فِيما بَعدُ، فَقَرَّبنا صِرمَتَنا فاحتَمَلنا عَلَيها، وتَغَطّى خالُنا ثَوبَهُ فَجَعَلَ يَبكِي، فانطَلَقنا حَتّى نَزَلنا بِحَضرَةِ مَكَّةَ، فَنافَرَ أُنَيسٌ عَن صِرمَتِنا وعَن مِثلِها، فَأَتَيا الكاهِنَ فَخَيَّرَ أُنَيسًا، فَأَتانا أُنَيسٌ بِصِرمَتِنا ومِثلِها مَعَها، قالَ: وقَد صَلَّيتُ يا ابنَ أخِي قَبلَ أن ألقى رَسُولَ اللهِ ﷺ بِثَلاثِ سِنِينَ. قُلتُ لِمَن؟ قالَ: للهِ. قُلتُ: فَأَينَ تَوَجَّهُ؟ قالَ: أتَوَجَّهُ حَيثُ يُوَجِّهُنِي رَبِّي، أُصَلِّي عِشاءً حَتّى إذا كانَ مِن آخِرِ اللَّيلِ أُلقِيتُ كَأَنِّي خِفاءٌ حَتّى تَعلُوَنِي الشَّمسُ، فَقالَ أُنَيسٌ: إنَّ لِي حاجَةً بِمَكَّةَ فاكفِنِي. فانطَلَقَ أُنَيسٌ حَتّى أتى مَكَّةَ فَراثَ عَلَيَّ ثُمَّ جاءَ، فَقُلتُ: ما صَنَعتَ؟ قالَ: لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلى دِينِكَ يَزعُمُ أنَّ اللهَ أرسَلَهُ. قُلتُ: فَما يَقُولُ النّاسُ؟ قالَ: يَقُولُونَ شاعِرٌ كاهِنٌ ساحِرٌ. وكانَ أُنَيسٌ أحَدَ الشُّعَراءِ، قالَ أُنَيسٌ: لَقَد سَمِعتُ قَولَ الكَهَنَةِ فَما هُوَ بِقَولِهِم، ولَقَد وضَعتُ قَولَهُ عَلى أقراءِ الشِّعرِ فَما يَلتَئِمُ عَلى لِسانِ أحَدٍ بَعدِي أنَّهُ شِعرٌ، واللهِ إنَّهُ لَصادِقٌ وإنَّهُم لَكاذِبُونَ. قالَ: قُلتُ: فاكفِنِي حَتّى أذهَبَ فَأَنظُرَ، قالَ: فَأَتَيتُ مَكَّةَ فَتَضَعَّفتُ رَجُلًا مِنهُم فَقُلتُ: أينَ هَذا الَّذِي تَدعُونَهُ الصّابِئَ؟ فَأَشارَ إلَيَّ فَقالَ: الصّابِئَ. فَمالَ عَلَيَّ أهلُ الوادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وعَظمٍ حَتّى خَرَرتُ مَغشِيًّا عَلَيَّ، قالَ: فارتَفَعتُ حِينَ ارتَفَعتُ كَأَنِّي نُصُبٌ أحمَرُ، قالَ: فَأَتَيتُ زَمزَمَ فَغَسَلتُ عَنِّي الدِّماءَ وشَرِبتُ مِن مائِها، ولَقَد لَبِثتُ يا ابنَ أخِي ثَلاثِينَ بَينَ لَيلَةٍ ويَومٍ ما كانَ لِي طَعامٌ إلا ماءُ زَمزَمَ، فَسَمِنتُ حَتّى تَكَسَّرَت عُكَنُ بَطنِي، وما وجَدتُ عَلى كَبِدِي سُخفَةَ جُوعٍ، قالَ: فَبَينا أهلُ مَكَّةَ فِي لَيلَةٍ قَمراءَ إضحِيانَ إذ ضُرِبَ عَلى أسمِخَتِهِم فَما يَطُوفُ بِالبَيتِ أحَدٌ، وامرَأَتَينِ مِنهُم تَدعُوانِ إسافًا ونائِلَةَ، قالَ: فَأَتَتا عَلَيَّ فِي طَوافِهِما فَقُلتُ: أنكِحا أحَدَهُما الأُخرى، قالَ: فَما تَناهَتا عَن قَولِهِما، قالَ: فَأَتَتا عَلَيَّ فَقُلتُ: هَنٌ مِثلُ الخَشَبَةِ، غَيرَ أنِّي لا أكنِي، فانطَلَقَتا تُوَلوِلانِ وتَقُولانِ: لَو كانَ هاهُنا أحَدٌ مِن أنفارِنا. قالَ: فاستَقبَلَهُما رَسُولُ اللهِ ﷺ وأَبُو بَكرٍ وهُما هابِطانِ، قالَ: «ما لَكُما؟» قالَتا: الصّابِئُ بَينَ الكَعبَةِ وأَستارِها. قالَ: «ما قالَ لَكُما؟» قالَتا: إنَّهُ قالَ لَنا كَلِمَةً تَملأُ الفَمَ. وجاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ حَتّى استَلَمَ الحَجَرَ وطافَ بِالبَيتِ هُوَ وصاحِبُهُ ثُمَّ صَلّى، فَلَمّا قَضى صَلاتَهُ قالَ أبُو ذَرٍّ: فَكُنتُ أنا أوَّلَ مَن حَيّاهُ بِتَحِيَّةِ الإسلامِ، فَقُلتُ: السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسُولَ اللهِ، فَقالَ: «وعَلَيكَ ورَحمَةُ اللهِ». ثُمَّ قالَ: «مَن أنتَ؟» قالَ قُلتُ: مِن غِفارٍ، قالَ: فَأَهوى بِيَدِهِ فَوَضَعَ أصابِعَهُ عَلى جَبهَتِهِ، فَقُلتُ فِي نَفسِي: كَرِهَ أنِ انتَمَيتُ إلى غِفارٍ، فَذَهَبتُ آخُذُ بِيَدِهِ فَقَدَعَنِي صاحِبُهُ، وكانَ أعلَمَ بِهِ مِنِّي، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ ثُمَّ قالَ: «مَتى كُنتَ ها هُنا؟» قالَ: قلت: قَد كُنتُ هاهُنا مُنذُ ثَلاثِينَ بَينَ لَيلَةٍ ويَومٍ، قالَ: «فَمَن كانَ يُطعِمُكَ؟» قالَ: قُلتُ: ما كانَ لِي طَعامٌ إلا ماءُ زَمزَمَ، فَسَمِنتُ حَتّى تَكَسَّرَت عُكَنُ بَطنِي وما أجِدُ عَلى كَبِدِي سُخفَةَ جُوعٍ، قالَ: «إنَّها مُبارَكَةٌ، إنَّها طَعامُ طُعمٍ». فَقالَ أبُو بَكرٍ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ائذَن لِي فِي طَعامِهِ اللَّيلَةَ. فانطَلَقَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وأَبُو بَكرٍ وانطَلَقتُ مَعَهُما، فَفَتَحَ أبُو بَكرٍ بابًا فَجَعَلَ يَقبِضُ لَنا مِن زَبِيبِ الطّائِفِ، وكانَ ذَلكَ أوَّلَ طَعامٍ أكَلتُهُ بِها، ثُمَّ غَبَرتُ ما غَبَرتُ، ثُمَّ أتَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَقالَ: «إنَّهُ قَد وُجِّهَت لِي أرضٌ ذاتُ نَخلٍ لا أُراها إلا يَثرِبَ، فَهَل أنتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَومَكَ عَسى اللهُ أن يَنفَعَهُم بِكَ ويَأجُرَكَ فِيهِم؟» فَأَتَيتُ أُنَيسًا فَقالَ: ما صَنَعتَ؟ قُلتُ: صَنَعتُ أنِّي قَد أسلَمتُ وصَدَّقتُ، قالَ: ما بِي رَغبَةٌ عَن دِينِكَ، فَإنِّي قَد أسلَمتُ وصَدَّقتُ. فَأَتَينا أُمَّنا فَقالَت: ما بِي رَغبَةٌ عَن دِينِكُما، فَإنِّي قَد أسلَمتُ وصَدَّقتُ. فاحتَمَلنا حَتّى أتَينا قَومَنا غِفارًا فَأَسلَمَ نِصفُهُم، وكانَ يَؤُمُّهُم إيماءُ بنُ رَحَضَةَ الغِفاريُّ وكانَ سَيِّدَهُم، وقالَ نِصفُهُم: إذا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَدِينَةَ أسلَمنا، فَقَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ المَدِينَةَ فَأَسلَمَ نِصفُهُمُ الباقِي، وجاءَت أسلَمُ فَقالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ إخوَتُنا نُسلِمُ عَلى الَّذِي أسلَمُوا عَلَيهِ. فَأَسلَمُوا، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «غِفارُ غَفَرَ اللهُ لَها، وأسلَمُ سالَمَها اللهُ».
وفي رواية: فاكفِنِي حَتّى أذهَبَ فَأَنظُرَ، قالَ: نَعَم، وكُن عَلى حَذَرٍ مِن أهلِ مَكَّةَ فَإنَّهُم قَد شَنِفُوا لَهُ وتَجَهَّمُوا. وفي رواية: قالَ أبُو ذَرٍّ: يا ابنَ أخِي؛ صَلَّيتُ سَنَتَينِ قَبلَ مَبعَثِ النَّبِيِّ ﷺ. وفيها: وتَنافَرا إلى رَجُلٍ مِنَ الكُهّانِ، قال: فَلَم يَزَل أخِي أُنَيسٌ يَمدَحُهُ حَتّى غَلَبَهُ، فَأَخَذنا صِرمَتَهُ فَضَمَمناها إلى صِرمَتِنا، وفيها: فَجاءَ النَّبِيُّ ﷺ فَطافَ بِالبَيتِ وصَلّى رَكْعَتَيْنِ خَلفَ المَقامِ، قالَ: فَأَتَيتُهُ فَإنِّي لأَوَّلُ النّاسِ حَيّاهُ بِتَحِيَّةِ الإسلامِ، قالَ: قُلتُ: السَّلامُ عَلَيكَ يا رَسُولَ اللهِ، قالَ: «وعَلَيكَ السلام، مَن أنتَ؟» وفيها: قالَ: «مُنذُ كَم أنتَ ها هُنا؟» قالَ قُلتُ: مُنذُ خَمسَ عَشرَةَ، وفِيهِا: قالَ أبُو بَكرٍ: أتحِفنِي بِضِيافَتِهِ اللَّيلَةَ.
-فيه ما كان يلقى المؤمنون من أذى المشركين وصبرهم عليه، وفضل أبى ذر واستبصاره في الإسلام، وهداية الله له إليه من عنده وعنايته به. ( القاضي عياض )
-وقوله: " لقد لبثت ثلاثين ما بين ليلة ويوم مالي طعام إلا ماء زمزم، فسمنت حتى تكسرت عكن بطني ": أي انطوت طاقات لحم بطنه، وهذا من بركة زمزم وفضلها. ( القاضي عياض )
-وقول النبي - عليه الصلاة والسلام – في ذلك: " إنها طعام طعم " هو من أسماء زمزم، ومعناه: يغنى شاربها عن الطعام، أي أنها تصلح للأكل. ( القاضي عياض )
-المستحب ما استمر من عمله - عليه الصلاة والسلام - وعمل الصحابة، وما جاء في رد الملائكة على آدم من قولهم: " وعليك السلام "، ويستحب زيادة الرحمة والبركة على ما جاء في الحدي, قال الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} ( القاضي عياض )
-وقوله في غفار وأسلم، قَالَ ذلك تفاؤلًا لهما من أسمائهما فألًا حسنًا، وكان يحبه. ( ابن الملقن )
وخص غفارًا -والله أعلم- بالمغفرة لمبادرتهم إلى الإسلام، وحسن بلائهم فيه، ودعا لأسلم؛ لأن إسلامهم كان سلمًا من غير ويقال: كان مع رسول الله - ﷺ - يوم حنين من أسلم أربعمائة، ومن غفار مثلها. ( الخطابي )

باب: فِـي فَضائِلِ أبِي مُوسى وأَبِي عامِرٍ الأَشعَرِيَّيْنِ ﵄


٢٣٤٨. (خ م) (٢٤٩٧) عَنْ أبِي مُوسى ﵁ قالَ: كُنتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ وهُوَ نازِلٌ بِالجِعرانَةِ بَينَ مَكَّةَ والمَدِينَةِ ومَعَهُ بِلالٌ، فَأَتى رَسُولَ اللهِ ﷺ رَجُلٌ أعرابِيٌّ، فَقالَ: ألا تُنجِزُ لِي يا مُحَمَّدُ ما وعَدتَنِي. فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أبشِر». فَقالَ لَهُ الأَعرابِيُّ: أكثَرتَ عَلَيَّ مِن أبشِر. فَأَقبَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلى أبِي مُوسى وبِلالٍ كَهَيئَةِ الغَضبانِ فَقالَ: «إنَّ هَذا قَد رَدَّ البُشرى، فاقبَلا أنتُما». فَقالا: قَبِلنا يا رَسُولَ اللهِ. ثُمَّ دَعا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِقَدَحٍ فِيهِ ماءٌ، فَغَسَلَ يَدَيهِ ووَجهَهُ فِيهِ، ومَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: «اشرَبا مِنهُ، وأَفرِغا عَلى وُجُوهِكُما ونُحُورِكُما، وأَبشِرا». فَأَخَذا القَدَحَ، فَفَعَلا ما أمَرَهُما بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَنادَتهُما أُمُّ سَلَمَةَ مِن وراءِ السِّترِ: أفضِلا لأُمِّكُما مِمّا فِي إنائِكُما. فَأَفضَلا لَها مِنهُ طائِفَةً.
- دل قولهم بشرتنا على أنهم قبلوا في الجملة, لكن طلبوا مع ذلك شيئا من الدنيا وإنما نفى عنهم القبول المطلوب لا مطلق القبول, وغضب حيث لم يهتموا بالسؤال عن حقائق كلمة التوحيد والمبدأ والمعاد, ولم يعتنوا بضبطها ولم يسألوا عن موجباتها والموصلات إليها, قال الطيبي : لما لم يكن جل اهتمامهم إلا بشأن الدنيا, قالوا بشرتنا فأعطنا. ( ابن حجر )

٢٣٤٩. (خ م) (٢٤٩٨) عَنْ أبِي مُوسى ﵁ قالَ: لَمّا فَرَغَ النَّبِيُّ ﷺ مِن حُنَينٍ بَعَثَ أبا عامِرٍ عَلى جَيشٍ إلى أوطاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيدَ بنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيدٌ، وهَزَمَ اللهُ أصحابَهُ، فَقالَ أبُو مُوسى: وبَعَثَنِي مَعَ أبِي عامِرٍ، قالَ: فَرُمِيَ أبُو عامِرٍ فِي رُكبَتِهِ، رَماهُ رَجُلٌ مِن بَنِي جُشَمٍ بِسَهمٍ، فَأَثبَتَهُ فِي رُكبَتِهِ، فانتَهَيتُ إلَيهِ، فَقُلتُ: يا عَمِّ؛ مَن رَماكَ؟ فَأَشارَ أبُو عامِرٍ إلى أبِي مُوسى فَقالَ: إنَّ ذاكَ قاتِلِي، تَراهُ ذَلكَ الَّذِي رَمانِي. قالَ أبُو مُوسى: فَقَصَدتُ لَهُ فاعتَمَدتُهُ، فَلَحِقتُهُ، فَلَمّا رَآنِي ولّى عَنِّي ذاهِبًا، فاتَّبَعتُهُ، وجَعَلتُ أقُولُ لَهُ: ألا تَستَحيِي؟ (ألَستَ عَرَبِيًّا؟) ألا تَثبُتُ؟ فَكَفَّ، فالتَقَيتُ أنا وهُوَ، فاختَلَفنا أنا وهُوَ ضَربَتَينِ، فَضَرَبتُهُ بِالسَّيفِ فَقَتَلتُهُ، ثُمَّ رَجَعتُ إلى أبِي عامِرٍ، فَقُلتُ: إنَّ اللهَ قَد قَتَلَ صاحِبَكَ، قالَ: فانزِع هَذا السَّهمَ. فَنَزَعتُهُ، فَنَزا مِنهُ الماءُ، فَقالَ: يا ابنَ أخِي؛ انطَلِق إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَأَقرِئهُ مِنِّي السَّلامَ، وقُل لَهُ: يَقُولُ لَكَ أبُو عامِرٍ: استَغفِر لِي. قالَ: واستَعمَلَنِي أبُو عامِرٍ عَلى النّاسِ، ومَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ إنَّهُ ماتَ، فَلَمّا رَجَعتُ إلى النَّبِيِّ ﷺ، دَخَلتُ عَلَيهِ وهُوَ فِي بَيتٍ عَلى سَرِيرٍ مُرمَلٍ، وعَلَيهِ فِراشٌ، وقَد أثَّرَ رِمالُ السَّرِيرِ بِظَهرِ رَسُولِ اللهِ ﷺ وجَنبَيهِ، فَأَخبَرتُهُ بِخَبَرِنا وخَبَرِ أبِي عامِرٍ، وقُلتُ لَهُ: قالَ: قُل لَهُ يَستَغفِر لِي. فَدَعا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِماءٍ، فَتَوَضَّأَ مِنهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيهِ، ثُمَّ قالَ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِعُبَيدٍ أبِي عامِرٍ». حَتّى رَأَيتُ بَياضَ إبطَيهِ، ثُمَّ قالَ: «اللَّهُمَّ اجعَلهُ يَومَ القِيامَةِ فَوقَ كَثِيرٍ مِن خَلقِكَ، أو مِن النّاسِ». فَقُلتُ: ولِي يا رَسُولَ اللهِ فاستَغفِر، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِعَبدِ اللهِ بْنِ قَيسٍ ذَنبَهُ، وأَدخِلهُ يَومَ القِيامَةِ مُدخَلًا كَرِيمًا». قالَ أبُو بُردَةَ: إحَداهُما لأَبِي عامِرٍ، والأُخرى لأَبِي مُوسى.
- جواز نزع السهام من البدن، وإن خشي بنزعها الموت، وكذلك البط والكي وما شاكله، يجوز للمرء أن يفعله رجاء الانتفاع بذلك، وإن كان في غبتها خشية الموت، وليس من يصنع ذلك بملق نفسه للتهلكة؛ لأنه بين الخوف والرجاء، وإنما دعا له - ﷺ -؛ لأنه علم أنه ميت من ذلك السهم. ( المهلب )
- فيه استحباب الدعاء, واستحباب رفع اليدين فيه, وأن الحديث الذي رواه أنس أنه لم يرفع يديه إلا في ثلاثة مواطن محمول على أنه لم يره, وإلا فقد ثبت الرفع في مواطن كثيرة فوق ثلاثين موطنا. ( النووي )

باب: فِـي فَضائِلِ أبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ ﵁


٢٣٥٠. (خ م) (٢٤٩٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: يَقُولُونَ: إنَّ أبا هُرَيْرَةَ قَد أكثَرَ. واللهُ المَوعِدُ، ويَقُولُونَ: ما بالُ المُهاجِرِينَ والأَنصارِ لا يَتَحَدَّثُونَ مِثلَ أحادِيثِهِ. وسَأُخبِرُكُم عَن ذَلكَ؛ إنَّ إخوانِي مِن الأَنصارِ كانَ يَشغَلُهُم عَمَلُ أرَضِيهِم، وإنَّ إخوانِي مِن المُهاجِرِينَ كانَ يَشغَلُهُم الصَّفقُ بِالأَسواقِ، وكُنتُ ألزَمُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلى مِلءِ بَطنِي، فَأَشهَدُ إذا غابُوا، وأَحفَظُ إذا نَسُوا، ولَقَد قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَومًا: «أيُّكُم يَبسُطُ ثَوبَهُ، (فَيَأخُذُ مِن حَدِيثِي هَذا)، ثُمَّ يَجمَعُهُ إلى صَدرِهِ، فَإنَّهُ لَم يَنسَ شَيئًا سَمِعَهُ؟» فَبَسَطتُ بُردَةً عَلَيَّ، حَتّى فَرَغَ مِن حَدِيثِهِ، ثُمَّ جَمَعتُها إلى صَدرِي، فَما نَسِيتُ بَعدَ ذَلكَ اليَومِ شَيئًا حَدَّثَنِي بِهِ، ولَولا آيَتانِ أنزَلَهُما اللهُ فِي كِتابِهِ ما حَدَّثتُ شَيئًا أبَدًا: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أنزَلْنا مِنَ البَيِّناتِ والهُدى﴾ [البقرة: ١٥٩] إلى آخِرِ الآيَتَينِ. وفي رواية (خ): فَبَسَطتُ نَمِرَةً، لَيسَ عَلَيَّ ثَوبٌ غَيرُها..
ورَوى (خ) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إني أسمَعُ مِنكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أنْساهُ؟ قالَ: «ابسُطْ رِداءَكَ». فَبَسطَتُهُ، قالَ: فَغَرَفَ بِيَدَيهِ ثُمَّ قالَ: «ضُمَّهُ». فَضَمَمْتُهُ، فَما نَسِيتُ شَيئًا بَعْدَهُ.
ورَوى (خ) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ؛ أنَّ النّاسَ كانُوا يَقُولُونَ: أكثَرَ أبُو هُرَيْرَةَ، وإني كُنتُ ألزَمُ رَسُولَ اللهِ ﷺ بِشِبَعِ بَطنِي، حَتّى لا آكُلُ الخَمِيرَ، ولا ألبَسُ الحَبِيرَ، ولا يَخدُمُنِي فُلانٌ ولافُلانةُ، وكُنتُ أُلصِقُ بَطنِي بِالحَصْباءِ مِن الجُوعِ، وإن كُنتُ لَأَستَقرِيءُ الرَّجُلَ الآيَةَ هِيَ مَعِي، كَي يَنقَلِبَ بِي فَيُطعِمَني، وكانَ أخيَرَ النّاسِ لِلمِسكِينِ جَعفَرُ بنُ أبِي طالِبٍ، كانَ يَنقلِبُ بِنا فَيُطعِمُنا ما كانَ فِي بَيتِهِ، حَتّى إن كانَ لَيُخرِجُ إلَينا العُكَّةَ الَّتِي لَيسَ فِيها شَيءٌ فَنَشُقُّها فَنلْعَقُ ما فِيها.
ورَوى (خ)عَنهُ قالَ: صَحِبتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ ثَلاثَ سِنِينَ، لَم أكُن فِي سِنِّي أحْرَصَ عَلى أن أرعى الحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ.
ورَوى (خ) عَنهُ قالَ: يَقُولُ النّاسُ: أكثَرَ أبُو هُرَيْرَةَ، فَلَقِيتُ رَجُلًا فَقُلتُ: بِما قَرَأَ رَسُولُ اللهِ ﷺ البارِحَةَ فِي العَتَمَةِ؟ فَقالَ: لا أدرِي. فَقًلتُ: لَمْ تَشْهَدْها؟ قالَ: بَلى. قُلتُ: لَكِنْ أنا أدرِي، قَرَأَ سُورَةَ كَذا وكَذا.
- كان أبو هريرة من ضعفاء المسلمين ومن أهل الصفة وهم فقراء المهاجرين, ففي ذلك فضيلة ظاهرة لأبي هريرة بتفضيله الأخذ العلم من رسول الله ﷺ على أن نصيبه في الدنيا .
- وفيه: حفظ العلم والدؤوب عليه, والمواظبة على طلبه.
- وفيه: ظهور بركة دعائه ﷺ.
وفيه: فضل التقليل من الدنيا وإيثار طلب العلم على طلب المال.
وفيه: أنه يجوز للإنسان أن يخبر عن نفسه بفضله إذا اضطر إلى ذلك ؛ لاعتذار عن شيء, أو ليبين ما لزمه تبيينه إذا لم يقصد بذلك الفخر.

٢٣٥١. (م) (٢٤٩١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: كُنتُ أدعُو أُمِّي إلى الإسلامِ وهِيَ مُشرِكَةٌ، فَدَعَوتُها يَومًا فَأَسمَعَتنِي فِي رَسُولِ اللهِ ﷺ ما أكرَهُ، فَأَتَيتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ وأَنا أبكِي، قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنِّي كُنتُ أدعُو أُمِّي إلى الإسلامِ فَتَأبى عَلَيَّ، فَدَعَوتُها اليَومَ فَأَسمَعتنِي فِيكَ ما أكرَهُ، فادعُ اللهَ أن يَهدِيَ أُمَّ أبِي هُرَيْرَةَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ اهدِ أُمَّ أبِي هُرَيْرَةَ». فَخَرَجتُ مُستَبشِرًا بِدَعوَةِ نَبِيِّ اللهِ ﷺ، فَلَمّا جِئتُ فَصِرتُ إلى البابِ فَإذا هُوَ مُجافٌ، فَسَمِعَت أُمِّي خَشفَ قَدَمَيَّ، فَقالَت: مَكانَكَ يا أبا هُرَيْرَةَ. وسَمِعتُ خَضخَضَةَ الماءِ، قالَ: فاغتَسَلَت ولَبِسَت دِرعَها وعَجِلَت عَن خِمارِها، فَفَتَحَتِ البابَ ثُمَّ قالَت: يا أبا هُرَيْرَةَ؛ أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وأَشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُهُ. قالَ: فَرَجَعتُ إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَأَتَيتُهُ وأَنا أبكِي مِنَ الفَرَحِ، قالَ: قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ أبشِر قَدِ استَجابَ اللهُ دَعوَتَكَ وهَدى أُمَّ أبِي هُرَيْرَةَ، فَحَمِدَ اللهَ وأَثنى عَلَيهِ وقالَ خَيرًا، قالَ: قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ادعُ اللهَ أن يُحَبِّبَنِي أنا وأُمِّي إلى عِبادِهِ المُؤمِنِينَ ويُحَبِّبَهُم إلَينا، قالَ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللَّهُمَّ حَبِّب عُبَيدَكَ هَذا يَعنِي أبا هُرَيْرَةَ وأُمَّهُ إلى عِبادِكَ المُؤمِنِينَ، وحَبِّب إلَيهِمُ المُؤمِنِينَ». فَما خُلِقَ مُؤمِنٌ يَسمَعُ بِي ولا يَرانِي إلا أحَبَّنِي.

١ س١) الصحابي الذي رُئي له في النوم عين تجري، فقال ﷺ: "ذلك عمله يجري له"، هو:

٥/٠