باب: الـمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كالبُنْيانِ والـمُؤْمِنُونَ كَجَسَدٍ واحِدٍ


٢٤٢٢. (خ م) (٢٥٨٥) عَنْ أبِي مُوسى ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «المُؤمِنُ لِلمُؤمِنِ كالبُنيانِ، يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا». زادَ (خ): وشبَّكَ بين أصابِعِهِ.
٢٤٢٣. (خ م) (٢٥٨٦) عَنِ النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «(مَثَلُ) المُؤمِنِينَ فِي تَوادِّهِم وتَراحُمِهِم وتَعاطُفِهِم مَثَلُ الجَسَدِ، إذا اشتَكى مِنهُ عُضوٌ تَداعى لَهُ سائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمّى».
-فيه تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض، وحثهم على التراحم والملاطفة، والتعاضد في غير إثم ولا مكروه. (النووي).
- وفيه جواز التشبيه، وضرب الأمثال لتقريب المعاني إلى الأفهام، قوله ﷺ " تداعى لها سائر الجسد" أي دعا بعضه بعضا إلى المشاركة في ذلك. (النووي).

باب: فِـي الـمُتَحابِّينَ فِـي اللهِ ﷿


٢٤٢٤. (م) (٢٥٦٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ اللهَ يَقُولُ يَومَ القِيامَةِ: أينَ المُتَحابونَ بِجَلالِي؟ اليَومَ أُظِلُّهُم فِي ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إلا ظِلِّي».
٢٤٢٥. (م) (٢٥٦٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «أنَّ رَجُلًا زارَ أخًا لَهُ فِي قَريَةٍ أُخرى، فَأَرصَدَ اللهُ لَهُ عَلى مَدرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمّا أتى عَلَيهِ قالَ: أينَ تُرِيدُ؟ قالَ: أُرِيدُ أخًا لِي فِي هَذِهِ القَريَةِ. قالَ: هَل لَكَ عَلَيهِ مِن نِعمَةٍ تَرُبُّها؟ قالَ: لا، غَيرَ أنِّي أحبَبتُهُ فِي اللهِ ﷿. قالَ: فَإنِّي رَسُولُ اللهِ إلَيكَ بِأَنَّ اللهَ قَد أحَبَّكَ كَما أحبَبتَهُ فِيهِ».
-فيه فضل المحبة في الله تعالى، وأنها سبب لحب الله تعالى العبد وإكرامه (النووي).
-فيه فضيلة زيارة الصالحين والأصحاب (النووي).
-حب المرء أخاه لله معناه: حب من يحبه الله لا لشيء إلا للصلة بالله، فكأنه من لوازم حب الإنسان لله وهذا القصر في "لا يحبه إلا لله" يخرج ما كان الحب فيه مشتركا بين الله ونفع دنيوي، كمحبة الصالحين؛ لأنهم صالحون، وللانتفاع منهم بالمعاملات الدنيوية، فهذا الحب وإن كان حسنا وممدوحا شرعا ومثابا عليه، لكنه لا يصل بصاحبه إلى المرتبة المطلوبة التي بها يجد المؤمن حلاوة الإيمان وجودا كاملا، وظاهر من هذا أن المراد بالأخ المحبوب الأخ المسلم الصالح. (موسى شاهين).

باب: اسْتِحْبابُ طَلاقَةِ الوَجْهِ عِنْدَ اللِّقاءِ


٢٤٢٦. (م) (٢٦٢٦) عَنْ أبِي ذَرٍّ ﵁ قالَ: قالَ ليَ النَّبِيُّ ﷺ: «لا تَحقِرَنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيئًا ولَو أن تَلقى أخاكَ بِوَجهٍ طَلقٍ».
- فيه الحث على بذل المعروف وما تيسر منه وإن قل (موسى شاهين).
فيه فضيلة طلاقة الوجه عند اللقاء.

باب: الأَرْواحُ جُنُودٌ مُجَنَّدةٌ


٢٤٢٧. (م) (٢٦٣٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «الأَرواحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَما تَعارَفَ مِنها ائتَلَفَ، وما تَناكَرَ مِنها اختَلَفَ».
-الأرواح جنود مجندة: قال العلماء معناه: جموع مجتمعة وأنواع مختلفة، وأما تعارفها فهو لأمر جعلها الله عليه، وقيل إنها موافقة صفاتها التي جعلها الله عليها وتناسبها في شيمها، وقيل: إنها خلقت مجتمعة ثم فرقت في أجسادها، فمن وافقه في شيمه ألفه، ومن باعده نافره وخالفه (النووي).
-فما تعارف منها ائتلف: هذا يتأول على وجهين: أحدهما: أن يكون إشارةً إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد. فإن الخيّر من الناس يحنُّ إلى شكله، والشرير يميل إلى نظيره ومثله، فالأرواح إنما تتعارف لغرائب طباعها التي جُبلت عليها من الخير والشرِّ، فإذا اتفقت الأشكال تعارفت وتآلفت وإذا اختلفت تنافرت وتناكرت؛ ولذلك صار الإنسان يُعرف بقرينه ويُعتبر حالهُ بأليفه وصحيبه (الخطابي).
-وفي الحديث الحث على مصاحبة الأخيار وأهل الصلاح وحبهم ليحبوه ولن يكون ذلك إلا بالعمل الذي يرضونه والتخلق بمثل أخلاقهم (موسى شاهين).

باب: مَثَلُ الجَلِيسِ الصّالِحِ


٢٤٢٨. (خ م) (٢٦٢٨) عَنْ أبِي مُوسى ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصّالِحِ والجَلِيسِ السَّوءِ كَحامِلِ المِسكِ ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسكِ إمّا أن يُحذِيَكَ، وإمّا أن تَبتاعَ مِنهُ، وإمّا أن تَجِدَ مِنهُ رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ إمّا أن يُحرِقَ ثِيابَكَ، وإمّا أن تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً».
-فيه النهي عن مجالسة من يتأذى بمجالسته في الدنيا والدين، والترغيب في مجالسة من ينتفع بمجالسته في الدنيا والدين (موسى شاهين).
-وفيه ضرب الأمثال لتقريب المعاني والدين (موسى شاهين).
-وفيه العمل في الحكم بالأشباه والنظائر والدين (موسى شاهين).
- فيه طهارة المسك واستحباب استعماله وجواز بيعه (النووي).

باب: فِـي شَفاعَةِ الجُلَساءِ


٢٤٢٩. (خ م) (٢٦٢٧) عَنْ أبِي مُوسى ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إذا أتاهُ طالِبُ حاجَةٍ أقبَلَ عَلى جُلَسائِهِ فَقالَ: «اشفَعُوا فَلتُؤجَرُوا، وليَقضِ اللهُ عَلى لِسانِ نَبِيِّهِ (ما أحَبَّ)». لَفظُ (خ): «ما شاءَ».
-فيه استحباب الشفاعة لأصحاب الحوائج المباحة سواء كانت الشفاعة إلى سلطان ووال ونحوهما أم إلى واحد من الناس، وسواء كانت الشفاعة إلى سلطان في كف ظلم، أو إسقاط تعزير، أو في تخليص عطاء لمحتاج أو نحو ذلك، وأما الشفاعة في الحدود فحرام وكذا الشفاعة في تتميم باطل، أو إبطال حق ونحو ذلك فهي حرام. (النووي).
-فيه الحض على الخير بالفعل وبالتسبب إليه بكل وجه، قال القاضي عياض: ولا يستثنى من الوجوه التي تستحب فيها الشفاعة إلا الحدود، وقد ترجم البخاري ب"باب كراهة الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان"، والجمهور على تحريمها أما قبل أن يرفع إلى السلطان فهي على استحبابها فعند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه والحاكم في قصة الذي سرق رداؤه ثم أراد أن يقطع السارق فقال له النبي ﷺ "هلا قبل أن تأتيني به" قال العلماء عن استحبابها قبل وصول الأمر إلى الحاكم ولا سيما إذا وقعت الحادثة من أهل العفاف، وأما المصرون على فسادهم المشتهرون في باطلهم فلا يشفع لهم لينزجروا عن ذلك. (موسى شاهين).

باب: فِـي الوَصِيَّةِ بِالجارِ


٢٤٣٠. (خ م) (٢٦٢٥) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما زالَ جِبرِيلُ يُوصِينِي بِالجارِ، حَتّى ظَنَنتُ أنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ».
٢٤٣١. (م) (٢٦٢٥) عَنْ أبِي ذَرٍّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يا أبا ذَرٍّ؛ إذا طَبَختَ مَرَقَةً فَأَكثِر ماءَها وتَعاهَد جِيرانَكَ».
-"وتعاهد جيرانك": أي بشيء مما تطبخ وفي الرواية "ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف" أي أعطهم منه شيئا ويحتمل أن الأمر بالتعاهد أعم من المطبوخ (موسى شاهين).
-فيه الوصية بالجار وعظم حقه وفضيلة الإحسان إليه (موسى شاهين).
- فيه الظن إذا كان في طريق الخير جاز ولو لم يقع المظنون بخلاف ما إذا كان في طريق الشر (موسى شاهين).
-فيه جواز التحدث بما يقع في النفس من أمور الخير (موسى شاهين).
-فيه التصدق بالأقل مع وجود الأكثر، والتصدق بالمرق مع وجود اللحم، وعدم احتقار المعروف مهما قل (موسى شاهين).

باب: فِـي الـمُداراةِ ومَن يُتَّقى فُحْشُهُ


٢٤٣٢. (خ م) (٢٥٩١) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ رَجُلًا استَأذَنَ عَلى النَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ: «ائذَنُوا لَهُ، فَلَبِئسَ ابنُ العَشِيرَةِ، أو بِئسَ رَجُلُ العَشِيرَةِ». فَلَمّا دَخَلَ عَلَيهِ ألانَ لَهُ القَولَ، قالَت عائِشَةُ: فَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ قُلتَ لَهُ الَّذِي قُلتَ ثُمَّ ألَنتَ لَهُ القَولَ! قالَ: «يا عائِشَةُ؛ إنَّ شَرَّ النّاسِ مَنزِلَةً عِندَ اللهِ يَومَ القِيامَةِ مَن ودَعَهُ أو تَرَكَهُ النّاسُ اتِّقاءَ فُحشِهِ». وفي رواية (م): «بِئسَ أخُو القَومِ ...» وفي رواية (خ): «بِئسَ أخُو العَشِيرَةِ ...»، وفِيها: فَلَمّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ ﷺ فِي وجْهِهِ وانبَسَطَ إلَيهِ ... وفِيها: فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يا عائِشَةُ؛ مَتى عَهِدتِنِي فَحّاشًا، إنَّ شَرَّ النّاسِ ...»، وفِيها: «اتِّقاءَ شَرِّهِ».
-فيه مداراة من يتقي فحشه، وجواز غيبة الفاسق المعلن فسقه، ومن يحتاج الناس التحذير منه، ولم يمدحه النبي ﷺ ولا أثنى عليه في وجهه ولا في قفاه، وإنما تألفه لشيء من الدنيا مع لين الكلام (النووي)
-ليس في قوله ﷺ في أمته بالأمور التي يسميهم بها ويضيفها إليهم من المكروه غيبة، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض بل الواجب عليه أن يبين ذلك ويفصح به، ويعرف الناس أمره فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة، ولكنه لما جبل عليه من الكرم وأعطيه من حسن الخلق أظهر له البشاشة؛ لتقتدي به أمته في اتقاء شر من هذا سبيله، وفي مداراته ليسلموا من شره وغائلته (الخطابي).
-كل من اطلع من حال شخص على شيء وخشى أن غيره يغتر بجميل ظاهره فيقع في محذور ما؛ فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك قاصدا نصيحته (ابن حجر).
-الفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معا وهي مباحة، وربما استحبت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا (القرطبي).

باب: فِـي الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ


٢٤٣٣. (خ م) (٢٦٠٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لَيسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الَّذِي يَملِكُ نَفسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ».
ورَوى (م) عَنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما تَعُدُّونَ الرَّقُوبَ فِيكُم؟» قالَ: قُلنا: الَّذِي لا يُولَدُ لَهُ. قالَ: «لَيسَ ذاكَ بِالرَّقُوبِ، ولكَنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي لَم يُقَدِّم مِن ولَدِهِ شَيئًا». قالَ: «فَما تَعدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُم؟» قالَ: قُلنا: الَّذِي لا يَصرَعُهُ الرِّجالُ. قالَ ... مِثلَهُ.
٢٤٣٤. (خ) (٦١١٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَجُلًا قالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أوصِنِي. قالَ: «لا تَغضَب». فَرَدَّدَ مِرارًا، قالَ: «لا تَغضَب».
-فيه تفضيل التزوج لأنه وسيلة الأولاد النافعين عاشوا أو ماتوا (موسى شاهين).
-فيه فضيلة كظم الغيظ (موسى شاهين).
-فيه أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو؛ لأنه ﷺ جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة. (موسى شاهين).

باب: فِـي التَّعَوُّذِ بِاللهِ عِنْدَ الغَضَبِ


٢٤٣٥. (خ م) (٢٦١٠) عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ صُرَدٍ قالَ: استَبَّ رَجُلانِ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَجَعَلَ أحَدُهُما يَغضَبُ، ويَحمَرُّ وجهُهُ، فَنَظَرَ إلَيهِ النَّبِيُّ ﷺ فَقالَ: «إنِّي لأَعلَمُ كَلِمَةً لَو قالَها لَذَهَبَ ذا عَنهُ؛ أعُوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجِيمِ». فَقامَ إلى الرَّجُلِ رَجُلٌ مِمَّن سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ، فَقالَ: أتَدرِي ما قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ آنِفًا؟ قالَ: «إنِّي لأَعلَمُ كَلِمَةً لَو قالَها لَذَهَبَ ذا عَنهُ؛ أعُوذُ باللهِ مِن الشَّيطانِ الرَّجِيمِ». فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ: أمَجنُونًا تَرانِي؟ وفي رواية زادَ: وتَنتَفِخُ أوْداجُهُ.
وفي رواية (خ): فَقالُوا لَهُ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «تَعَوَّذْ بِاللهِ مِن الشَّيطانِ».
-قوله (أمجنونا تراني) هذا كلام من لم يتفقه في دين الله تعالى، ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة،وتوهم أن الإستعاذة مختصة بالمجنون ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان، ولهذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله ويتكلم بالباطل، ويفعل المذموم، ويورث الحقد والبغض وغير ذلك من القبائح المترتبة على الغضب، قيل كان من المنافقين، وقيل كان من جفاة الأعراب. ( النووي )
-وقال بعضهم أخلق به أن يكون كافرا (موسى شاهين).
-فيه أن الشيطان هو الذي يزيد للإنسان الغضب، فالإستعاذة من أقوى السلاح على دفع كيده (القسطلاني).

باب: فِيمَن رَفَعَ الأَذى عَنِ الطَّرِيقِ


٢٤٣٦. (١٩١٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «بَينَما رَجُلٌ يَمشِي بِطَرِيقٍ وجَدَ غُصنَ شَوكٍ عَلى الطَّرِيقِ، فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ». وفي رواية (م): «فَقالَ: واللهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذا عَنِ المُسلِمِينَ لا يُؤذِيهِم. فَأُدخِلَ الجَنَّةَ». وفي رواية (م): «لَقَد رَأَيتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الجَنَّةِ فِي شَجَرةٍ قَطَعَها مِن ظَهْرِ طَرِيقٍ، كانَت تُؤذِي النّاسَ».
٢٤٣٧. (م) (٢٦١٨) عَنْ أبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ ﵁ قالَ: قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ؛ عَلِّمنِي شَيئًا أنتَفِعُ بِهِ؟ قالَ: «اعزِلِ الأَذى عَن طَرِيقِ المُسلِمِينَ».
-فيه فضيلة إماطة الأذى عن الطريق، وهو كل مؤذ وهذه الإماطة أدنى شعب الإيمان. (النووي).
-هذا الحديث شامل لكل ما يحتمل أن يؤذي المارَّة إما برائحته الكريهة، أو بمنظره القبيح، أو بإمكان أن ينزلق به إنسان، أو ينجرح به أحد، أو بمنع الناس عن المرور، أو بالضغط عليهم فإيقاف السيَّارات في موضع ينسد به طريق العامة من الإيذاء الممنوع فسحب المرور لها حسنة لهم يكتب لهم به أجر. (الهرري)

باب: الـنَّهْيُ عَنِ الشَّحْناءِ والتَّهاجُرِ فَوْقَ ثَلاثٍ


٢٤٣٨. (خ م) (٢٥٦٠) عَنْ أبِي أيُّوبَ الأَنْصارِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أن يَهجُرَ أخاهُ فَوقَ ثَلاثِ لَيالٍ، يَلتَقِيانِ فَيُعرِضُ هَذا ويُعرِضُ هَذا، وخَيرُهُما الَّذِي يَبدَأُ بِالسَّلامِ».
وفي رواية: «فَيَصُدُّ هَذا، ويَصُدُّ هَذا ...».
ورَوى (م) عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يَحِلُّ لِلمُؤمِنِ أن يَهْجُرَ أخاهُ فَوقَ ثَـلاثَـةِ أيّامٍ».
ورَوى (م) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ مرفوعًا بِلَفظِ: «لا هِجْرَةَ بَعدَ ثَلاثٍ».
-قال العلماء تحرم الهجرة بين المسلمين أكثر من ثلاث ليال بالنص، وتباح في الثلاث بالمفهوم، وإنما عفي عنه في ذلك لأن الآدمي مجبول على الغضب فسومح بذلك القدر ليرجع ويزول ذلك العارض. (النووي).
-استدل بقوله "أخاه" على أن الحكم يختص بالمؤمنين، وأنه لا يشمل هجر المسلم لغير المسلم (موسى شاهين).
-واستدل بهذه الأحاديث على أن من أعرض عن أخيه المسلم وامتنع عن مكالمته والسلام عليه من غير موجب شرعي أثم بذلك؛ لأن نفي الحل يستلزم التحريم، ومرتكب الحرام آثم، قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد عليه دينه، أو يدخل منه على نفسه أو دنياه مضرة، فإن كان كذلك جاز، ورب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية، وأجاب الطبري بأن المحرم إنما هو ترك السلام فقط. ( ابن حجر )
-ولا يخفى أن هنا مقامين أعلى وأدنى، فالأعلى: اجتناب الإعراض جملة فيبذل السلام والكلام والمواددة بكل طريق. والأدنى: الاقتصار على السلام دون غيره. والوعيد الشديد إنما هو لمن يترك المقام الأدنى.

ورَوى (خ) عَن عَوفِ بْنِ مالِكِ بْنِ الطُّفَيلِ ابنِ أخِي عائِشَةَ زَوجِ النَّبِيِّ ﷺ لِأُمِّها؛ أنَّ عائِشَةَ حُدِّثتْ؛ أنَّ عَبدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيرِ قالَ فِي بَيعٍ أو عَطاءٍ أعطَتهُ عائِشَةُ: واللهِ لَتَنتَهِيَنَّ عائِشَةُ أو لَأحْجُرَنَّ عَلَيها. فَقالَت: أهُو قالَ هَذا؟ قالُوا: نَعَم. قالَت: هُو للهِ عَلَيَّ نَذْرٌ؛ أن لا أُكَلِّمَ ابنَ الزُّبَيرِ أبَدًا. فاستَشفَعَ ابنُ الزُّبَيرِ إلَيها حِينَ طالَت الهِجْرَةُ، فَقالَت: لا واللهِ لا أُشَفِّعُ فِيهِ أبَدًا، ولا أتَحَنَّثُ إلى نَذْرِي. فَلَمّا طالَ ذَلكَ عَلى ابْنِ الزُّبَيرِ كَلَّمَ المِسوَرَ بنَ مَخرَمَةَ وعبدَ الرَّحمنِ بْنَ الأَسوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وهُما مِن بَنِي زُهْرَةَ، وقالَ لَهُما: أنشُدُكُما بِاللهِ لما أدخَلتُمانِي عَلى عائِشَةَ، فَإنَّها لا يَحِلُّ لَها أن تَنْذُرَ قَطِيعَتِي. فَأَقبَلَ بِهِ المِسوَرُ وعبدُ الرحمن مُشتَمِلَين بِأَرْدِيَتِهِما حَتّى استَأذَنا عَلى عائِشَةَ، فَقالا: السَّلامُ عَلَيكِ ورَحمَةُ اللهُ وبَرَكاتُهُ؛ أنَدخُلُ؟ قالَت عائِشَةُ: ادخُلُوا. قالُوا: كُلُّنا. قالَت: نَعَم ادخُلُوا كُلُّكُم. ولا تَعلَمُ أنَّ مَعَهُما ابنَ الزُّبَيرِ، فَلَمّا دَخَلُوا دَخَلَ ابنُ الزُّبَيرِ الحِجابَ، فاعْتَنَقَ عائِشَةَ وطَفِقَ يُناشِدُها ويَبكِي، وطَفِقَ المِسوَرُ وعَبدُ الرحمن يُناشِدانِها إلاَّ ما كَلَّمَتْهُ وقَبِلَتْ مِنهُ، ويَقُولانِ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهى عَمّا قَد عَلِمْتِ مِن الِهجرَةِ، فَإنَّهُ: «لا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أن يَهجُرَ أخاهُ فَوقَ ثَلاثَ لَيالٍ». فَلَمّا أكثَرُوا عَلى عائِشَةَ مِن التَّذْكِرَةِ والتَّحْرِيجِ طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُما نَذرَها وتَبكِي، وتَقُولُ: إني نَذَرتُ، والنَّذرُ شَدِيدٌ. فَلَم يَزالا بِها حَتّى كَلَّمَتْ ابنَ الزُّبَيرِ، وأَعتَقَت فِي نَذرِها ذَلكَ أربَعِينَ رَقَبَةً. وكانَت تَذكُرُ نَذرَها بَعدَ ذَلكَ فَتَبكِي، حَتّى تَبُلَّ دُمُوعُها خِمارَها.
ورَوى (خ) عَن عُروَةَ بْنِ الزُّبَيرِ: كانَ عَبدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيرِ أحَبَّ البَشَرِ إلى عائِشَةَ بَعدَ النَّبِيِّ ﷺ وأَبِي بَكرٍ، وكانَ أبَرَّ النّاسِ بِها، وكانَت لا تُمْسِكُ شَيئًا مِمّا جاءَها مِن رِزْقِ اللهِ إلا تَصَدَّقتْ، فَقالَ ابنُ الزُّبَيرِ: يَنبَغِي أن يُؤخَذَ عَلى يَدَيها. فَقالَت: أيُؤخَذُ عَلى يَدَيَّ؟ عَلَيَّ نَذرٌ إن كَلَّمتُهُ ... فَذَكَرَ نَحوَهُ، وفِي آخِرِها: فَأَرسَلَ إلَيها بِعَشرِ رِقابٍ فَأَعتَقَتهُم، ثُمَّ لَم تَزَل تُعتِقُهُم حَتّى بَلَغَت أربَعِينَ. فَقالَت: ودِدْتُ أني جَعَلتُ حِينَ حَلَفتُ عَمَلًا أعمَلُهُ فَأَفرُغُ مِنهُ. وفي رواية لَهُ عَنهُ: قالَ: ذَهَبَ عَبدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيرِ مَعَ أُناسٍ مِن بَنِي زُهْرَةَ إلى عائِشَةَ، وكانَت أرَقَّ شَيءٍ عَلَيهِم لِقَرابَتِهِم مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ.
-بلغ ابن الزبير وقد بويع من أهل الحجاز بالخلافة أن عائشة رضي الله عنها باعت دارا لها وتصدقت بثمنها فسخط لإسرافها، وقال أما والله لتنتهين عائشة عن بيع رباعها، أو لأحجرن عليها وبلغ ذلك عائشة فقالت "أهو قال هذا؟ قالوا نعم، قالت: لله علي نذر أن لا أكلم ابن الزبير أبدا "، وطال هجرها له واستشفع ابن الزبير إليها فلم تقبل، وطال الهجر ودخل عليها بحيلة مع بعض من وسطهم وبعد كثير من العتاب والنقاش والبكاء كلمته، وأعتقت في نذرها هذا أربعين رقبة (موسى شاهين).
-قد يستشكل هجران عائشة رضي الله عنها لابن الزبير
- فالجواب على ذلك هو: أن عائشة رضي الله عنها رأت أن ابن الزبير قد ارتكب بما قال أمرا عظيما وهو قوله "لأحجرن عليها" فإن فيه تنقيصا لقدرها وقد نسب لها ارتكاب ما لا يجوز من التبذير الموجب لمنعها من التصرف فيما رزقها الله تعالى مع ما انضاف إلى ذلك من كونها أم المؤمنين وخالته أخت أمه ولم يكن أحد عندها في منزلته، فكأنها رأت أن في ذلك الذي وقع منه نوع عقوق، والشخص يستعظم ممن يلوذ به ما لا يستعظمه من الغريب، فرأت أن مجازاته على ذلك بترك مكالمته فتأولت في موقفها كما نهى النبي ﷺ عن كلام كعب بن مالك وصاحبيه عقوبة لهما لتخلفهم عن غزوة تبوك بغير عذر، ولم يمنع من كلام من تخلف عنها من المنافقين مؤاخذة للثلاثة لعظيم منزلتهم وإزدرائه بالمنافقين لحقارتهم فعلى هذا يحمل ما صدر من عائشة رضي الله عنها. (ابن حجر).

٢٤٣٩. (م) (٢٥٦٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «تُفتَحُ أبوابُ الجَنَّةِ يَومَ الاثنَينِ ويَومَ الخَمِيسِ، فَيُغفَرُ لِكُلِّ عَبدٍ لا يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا إلا رَجُلًا كانَت بَينَهُ وبَينَ أخِيهِ شَحناءُ، فَيُقالُ: أنظِرُوا هَذَينِ حَتّى يَصطَلِحا، أنظِرُوا هَذَينِ حَتّى يَصطَلِحا، أنظِرُوا هَذَينِ حَتّى يَصطَلِحا». وفي رواية: «إلا المُتَهاجِرَينِ». وفي رواية: «إلا المُهتَجِرَينِ».
وفي رواية: «تُعرَضُ أعمالُ النّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَينِ؛ يَومَ الاثنَينِ ويَومَ الخَمِيسِ، فَيُغفَرُ لِكُلِّ عَبدٍ مُؤمِنٍ إلا عَبدًا بَينَهُ وبَينَ أخِيهِ شَحناءُ، فَيُقالُ: اترُكُوا أوِ اركُوا هَذَينِ حَتّى يَفِيئا».
-قوله "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس" يحتمل أن المراد بأبواب الجنة أسباب دخولها وهي العفو والمغفرة والمراد من فتحها اتساعها، واستيعاب داخليها، والمعنى تتسع رحمة الله وإحسانه وفضله في يوم الاثنين والخميس من كل أسبوع أكثر من اتساعها وشمولها في الأيام الأخرى (موسى شاهين).
-قوله " انظروا هذين حتى يصطلحا ": كررت الجملة للتأكيد، والإنظار: التأخير، والمراد تأخير النظر في المغفرة لهما وهذا إذا اشتركا في غرسها، وفي عدم محاولة إزالتها، فإن كان غرسها من جانب واحد كمن يبغض ويعادي عالما لعلمه أو صالحا لصلاحه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، أو اشتركا في غرسها لكن حاول أحدهما إزالتها وبذل وسعه في الإصلاح فلم يفلح فالظاهر أن يتوجه الوعيد للطرف الآخر. (موسى شاهين).
-فيه سعة رحمة الله ومغفرته وفضيلة يوم الاثنين والخميس، والحث على الإكثار من العبادة والبعد عن المعاصي في هذين اليومين، وصيامهما ليرفع عمل المسلم وهو صائم. (موسى شاهين).
- فيه التحذير من الشحناء والحث على الإسراع بإزالتها إن حصلت. (موسى شاهين).
- فيه أن الله تعالى يخاطب ملائكته بما يشاء، وأن الملائكة تسجل المغفرة في هذين اليومين أو ترجئ التسجيل (موسى شاهين).

باب: الـنَّهْيُ عَنِ الظَّنِّ والتَّجَسُّسِ والتَّحاسُدِ


٢٤٤٠. (خ م) (٢٥٦٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إيّاكُم والظَّنَّ، فَإنَّ الظَّنَّ أكذَبُ الحَدِيثِ، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَجَسَّسُوا، (ولا تَنافَسُوا)، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخوانًا». وفي رواية (م) زادَ: «المُسلِمُ أخُو المُسلِمِ، لا يَظلِمُهُ، ولا يَخذُلُهُ، ولا يَحقِرُهُ، التَّقوى ها هُنا»، ويُشِيرُ إلى صَدرِهِ ثَلاثَ مَرّاتٍ، «بِحَسبِ امرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاهُ المُسلِمَ، كُلُّ المُسلمِ عَلى المُسلِمِ حَرامٌ؛ دَمُهُ ومالُهُ وعِرضُهُ».
وفي رواية (م) زادَ: «ولا تَناجَشُوا».
وفي رواية (م) زادَ: «لا تَقاطَعُوا ...»، وفِيها: «وكُونُوا إخوانًا كَما أمَرَكُمُ اللهُ».
وفي رواية (م): «لا تَهَجَّرُوا».
ولَهُما عَن أنَسٍ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا تَباغَضُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخوانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسلِمٍ أن يَهجُرَ أخاهُ فَوقَ ثَلاثٍ».
-فيه الحث على المودة والتعاطف والشفقة بين المسلمين، والنهي عن أسباب التباغض والتحاسد والتدابر، وعما يترتب عليها من الأمور المكتسبة. (موسى شاهين).
-استثنى الجمهور من التجسس ما لو تعين طريقا إلى إنقاذ نفس من الهلاك، مثلا: كأن يخبره ثقة بأن فلانا خلا بشخص ليقتله ظلما، أو بامرأة ليزني بها فيشرع في هذه الحالة التجسس والبحث عن ذلك حذرا من فوات استدراكه، وقال بعضهم: ليس للمحتسب أن يبحث عما لم يظهر من المحرمات ولو غلب على الظن استمرار أهلها بها إلا في مثل الصورة السابقة. (موسى شاهين).

باب: لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قتّاتٌ


٢٤٤١. (خ م) (١٠٥) عَنْ هَمّامِ بْنِ الحارِثِ قالَ: كُنّا جُلُوسًا مَعَ حُذَيْفَةَ ﵁ فِي المَسْجِدِ، (فَجاءَ رَجُلٌ حَتّى جَلَسَ إلَينا)، فَقِيلَ لِحُذَيْفَةَ: إنَّ هَذا يَرفَعُ إلى السُّلطانِ أشياءَ. فَقالَ حُذَيْفَةُ إرادَةَ أن يُسمِعَهُ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لا يَدخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ».
-هل الغيبة والنميمة متغايران أو لا؟ الراجح التغاير وإن بينهما عمومًا وخصوصًا من وجه، لأن النميمة نقل حال الشخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه سواء كان بعلمه أو بغير علمه، والغيبة ذكره في غيبته بما يكره فامتازت النميمة بقصد الإفساد، ولا يشترط ذلك في الغيبة وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه واشتركتا فيما عدا ذلك. (القسطلاني).
-كل من حملت إليه نميمة، وقيل له: فلان يقول فيك أو يفعل فيك كذا، فعليه ستة أمور:
الأول: ألا يصدقه، لأن النمام فاسق.
الثاني: أن ينهاه عن ذلك، وينصحه، ويقبح له فعله.
الثالث: أن يبغضه في الله تعالى، فإنه بغيض عند الله تعالى، ويجب بغض من أبغضه الله تعالى.
الرابع: ألا يظن بأخيه الغائب السوء.
الخامس: ألا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث عن ذلك.
-السادس: ألا يرضى لنفسه ما نهي النمام عنه فلا يحكي نميمته عنه فيقول: فلان حكى لي كذا فيصير به نماما، ويكون آتيا ما نهى عنه (الغزالي).
-كل هذا المذكور في النميمة إذا لم يكن فيها مصلحة شرعية، فإن دعت حاجة إليها فلا منع منها، وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانا يريد الفتك به أو بأهله، أو بماله، أو أخبر الإمام، أو من له ولاية بأن إنسانا يفعل كذا، ويسعى بما فيه مفسدة، ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك، وإزالته فكل ذلك وما أشبهه ليس بحرام، وقد يكون بعضه واجبا وبعضه مستحبا. على حسب المواطن. (النووي).
-ومع أن النميمة كبيرة من الكبائر إلا أنها قد يكون المقول فيه كافرا فلا تحرم، كما أنه يجوز التجسس في بلاد الكفار، ونقل أخبارهم التي تفيد المسلمين (موسى شاهين).

باب: تَحْرِيمُ الغِيبَةِ


٢٤٤٢. (م) (٢٥٨٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «أتَدرُونَ ما الغِيبَةُ؟» قالُوا: اللهُ ورَسُولُهُ أعلَمُ. قالَ: «ذِكرُكَ أخاكَ بِما يَكرَهُ». قِيلَ: أفَرَأَيتَ إن كانَ فِي أخِي ما أقُولُ؟ قالَ: «إن كانَ فِيهِ ما تَقُولُ فَقَدِ اغتَبتَهُ، وإن لَم يَكُن فِيهِ فَقَد بَهَتَّهُ».
-قال القرطبي في تفسيره: الإجماع على أن -الغيبة- من الكبائر لأن حد الكبيرة صادق عليها لأنها مما ثبت الوعيد الشديد فيه (موسى شاهين).
-تباح الغيبة لغرض شرعي وذلك لستة أسباب
الاول: التظلم فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه فيقول ظلمني فلان، أو فعل بي كذا.
الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر، ورد العاصي إلى الصواب، فيقول لمن يرجو قدرته فلان يعمل كذا فازجره عنه ونحو ذلك.
الثالث: الاستفتاء بأن يقول للمفتي ظلمني فلان، أو أبي أو أخي أو زوجي فهل له ذلك وما طريقي للخلاص منه، فهذا جائز للحاجة والأجود أن يقول: زوج أو والد أو ولد يفعل كذا وكذا فما الحكم، ومع ذلك فالتعيين جائز لحديث هند وقولها عن أبي سفيان "إنه رجل شحيح"
الرابع: تحذير المسلمين من الشر وذلك من وجوه، منها: تجريح المجروحين من الرواة، والشهود والمصنفين، وذلك جائز بالإجماع بل واجب صونا للشريعة، ومنها الإخبار بعيبه عند المشاورة في مواصلته أو مصاهرته، ومنها إذا رأيت من يشتري شيئا معيبا فتنصح المشتري نصيحة لا بقصد الإيذاء والإفساد، ومنها إذا رأيت متفقها يتردد إلى فساق أو مبتدع يأخذ عنه علما وخفت عليه ضرره فعليك نصحه ببيان حاله قاصدا النصيحة.
الخامس: أن يكون مجاهرا بفسقه، أو بدعته كالخمر، ومصادرة الناس، وتولي الأمور الباطلة فيجوز ذكره بما يجهر به، ولا يجوز بغيره إلا بسبب.
السادس: التعريف فإذا كان معروفا بلقب كالأعمش، والأعرج، والأزرق والقصير والأعمى والأقطع ونحوها جاز تعريفه به، ويحرم ذكره به تنقيصا، ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى (النووي).

باب: اسْتِحْبابُ العَفْوِ والتَّواضُعِ


٢٤٤٣. (م) (٢٥٨٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما نَقَصَت صَدَقَةٌ مِن مالٍ، وما زادَ اللهُ عَبدًا بِعَفوٍ إلا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحَدٌ للهِ إلا رَفَعَهُ اللهُ».
-قوله (ما نقصت صدقة من مال) ذكروا فيه وجهين أحدهما معناه: أنه يبارك فيه، ويدفع عنه المضرات فينجبر نقص الصورة بالبركة الخفية، وهذا مدرك بالحس والعادة.
والثاني: أنه وإن نقصت صورته كان في الثواب المرتب عليه جبر لنقصه، وزيادة إلى أضعاف كثيرة. (النووي).
- قوله (وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا) فيه أيضا وجهان أحدهما: أنه على ظاهره، وأن من عرف بالعفو والصفح ساد وعظم في القلوب وزاد عزه وإكرامه.
والثاني أن المراد أجره في الآخرة وعزه هناك. (النووي).
-قوله: (وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) فيه أيضا وجهان أحدهما: يرفعه في الدنيا، ويثبت له بتواضعه في القلوب منزلة، ويرفعه الله عند الناس ويجل مكانه.
والثاني: أن المراد ثوابه في الآخرة، ورفعه فيها بتواضعه في الدنيا، قال العلماء: وهذه الأوجه في الألفاظ الثلاثة موجودة في العادة معروفة، وقد يكون المراد الوجهين معا في جميعها في الدنيا والآخرة والله أعلم (النووي).

باب: لا يَرْفَعُ اللهُ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيا إلّا وضَعَهُ


٢٤٤٤. (خ) (٦٥٠١) عَنْ أنَسٍ ﵁ قالَ: كانَت ناقَةٌ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ تُسَمّى العَضباءَ، وكانَت لا تُسبَقُ، فَجاءَ أعرابِيٌّ عَلى قَعُودٍ لَهُ فَسَبَقَها، فاشتَدَّ ذَلكَ عَلى المُسلِمِين، وقالُوا: سُبِقَت العَضباءُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ حَقًّا عَلى اللهِ أن لا يَرفَعَ شَيئًا مِن الدُّنيا إلا وضَعَهُ».
-قوله (إن حقا على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه) فنبه بذلك أمته ﷺ على ترك المباهاة والفخر بمتاع الدنيا، وأن ما كان عند الله في منزلة الضعة حق على كل ذي عقل الزهد فيه وقلة المنافسة في طلبه، وترك الترفع والغبطة بنيله، لأن المتاع به قليل والحساب عليه طويل (ابن بطال).
-فيه إشارة إلى ذم الترفع والحض على التواضع، والإعلام بأن أمور الدنيا ناقصة غير كاملة (العيني).
-فيه: اتخاذ الإبل للركوب والمسابقة عليها (العيني).
-فيه حسن خلق النبي ﷺ وتواضعه وعظمته في صدور أصحابه (العيني).

باب: فَضْلُ الرِّفْقِ


٢٤٤٥. (خ م) (٢٥٩٣) عَن عائشةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «يا عائشةُ؛ إنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، (ويُعطِي عَلى الرِّفقِ ما لا يُعطِي عَلى العُنفِ، وما لا يُعطِي عَلى ما سِواهُ)». رَواهُ (خ) فِي سِياقٍ آخَرَ عَنْها بلفظ: «إنَّ اللهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ».
٢٤٤٦. (م) (٢٥٩٢) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «مَن يُحرَمِ الرِّفقَ يُحرَمِ الخَيرَ».
٢٤٤٧. (م) (٢٥٩٤) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ فِي شَيءٍ إلا زانَهُ، ولا يُنزَعُ مِن شَيءٍ إلا شانَهُ».
وفي رواية: رَكِبَت عائشةُ ﵂ بَعِيرًا، فَكانَت فِيهِ صُعُوبَةٌ، فَجَعَلَت تُرَدِّدُهُ، فَقالَ لَها رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عَلَيكِ بِالرِّفقِ». بِمِثلِهِ.
-من يحرم الرفق يحرم الخير: أي يحرم قدرا كبيرا من الخير، وليس المراد من جميع الخير ففي الأعمال الصالحة الأخرى خير كثير
-ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف: هذه مقارنة بين عنف في خير كتربية الأولاد مثلا، وكأمر بالمعروف ونهي عن المنكر فهو مثاب عليه، وبين الوصول إلى نفس النتيجة عن طريق الرفق فالأجر على النتيجة الواحدة يكون لمن استخدم الرفق أكثر منه لمن استخدم العنف (موسى شاهين).
-فيه فضل الرفق والحث على التخلق به وذم العنف والرفق سبب كل خير (موسى شاهين).
-فيه صفة لله سبحانه وتعالى "رفيق " (موسى شاهين).

باب: حِفْظُ اللِّسانِ


٢٤٤٨. (خ) (٦٤٧٤) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ﵁، عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن يَضمَن لِي ما بَينَ لَحيَيهِ وما بَينَ رِجلَيهِ أضمَن لَهُ الجَنَّةَ». وفي رواية لَهُ: «مَن تَوَكَّلَ لِي ...».
-قوله (أضمن له الجنة) بالجزم على جواب الشرط، والمراد بالضمان لازمه وهو أداء الحق أي من أدّى الحق الذي على لسانه من النطق بما يجب عليه، أو الصمت عما لا يعنيه وأدى الحق الذي على فرجه من وضعه في الحلال وكفه عن الحرام جازيته بالجنة (القسطلاني).
-فيه أنه خصّ اللسان والفرج؛ لأنهما أعظم البلاء على الإنسان في الدنيا فمن وقي شرهما وقي أعظم الشر (القسطلاني).

باب: فِـي النَّهْيِ عَنِ اللَّعْنِ


٢٤٤٩. (م) (٢٥٩٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يَنبَغِي لِصِدِّيقٍ أن يَكُونَ لَعّانًا».
٢٤٥٠. (م) (٢٥٩٨) عَنْ أبِي الدَّرْداءِ ﵁؛ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ اللَّعّانِينَ لا يَكُونُونَ شُهَداءَ ولا شُفَعاءَ يَومَ القِيامَةِ».
وفي رواية: عَن زَيْدِ بْنِ أسلَمَ؛ أنَّ عَبدَ المَلِكِ بنَ مَروانَ بَعَثَ إلى أُمِّ الدَّرْداءِ بِأَنجادٍ مِن عِندِهِ، فَلَمّا أن كانَ ذاتَ لَيلَةٍ قامَ عَبدُ المَلِكِ مِنَ اللَّيلِ فَدَعا خادِمَهُ فَكَأَنَّهُ أبطَأَ عَلَيهِ فَلَعَنَهُ، فَلَمّا أصبَحَ قالَت لَهُ أُمُّ الدَّرْداءِ: سَمِعتُكَ اللَّيلَةَ لَعَنتَ خادِمَكَ حِينَ دَعَوتَهُ، فَقالَت: سَمِعتُ أبا الدَّرْداءِ يَقُولُ ... مثله.
٢٤٥١. (م) (٢٥٩٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ادعُ عَلى المُشرِكِينَ. قالَ: «إنِّي لَم أُبعَث لَعّانًا، وإنَّما بُعِثتُ رَحمَةً».
٢٤٥٢. (م) (٢٥٩٥) عَنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ ﵁ قالَ: بَينَما رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي بَعضِ أسفارِهِ وامرَأَةٌ مِنَ الأَنصارِ عَلى ناقَةٍ فَضَجِرَت فَلَعَنَتها، فَسَمِعَ ذَلكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَقالَ: «خُذُوا ما عَلَيها ودَعُوها فَإنَّها مَلعُونَة». قالَ عِمرانُ: فَكَأَنِّي أراها الآنَ تَمشِي فِي النّاسِ ما يَعرِضُ لَها أحَدٌ. وفي رواية: فَكَأَنِّي أنظُرُ إلَيها ناقَةً ورقاء.
وروى عَن أبِي بَرزَةَ الأَسلَمِيِّ قالَ: بَينَما جارِيَةٌ عَلى ناقَةٍ عَلَيها بَعضُ مَتاعِ القَومِ إذْ بَصُرَتْ بِالنَّبِيِّ ﷺ وتَضايَقَ بِهِمُ الجَبَلُ، فَقالَت: حَلِ، اللَّهُمَّ العَنها. قالَ: فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لا تُصاحِبنا ناقَةٌ عَلَيها لَعنَةٌ». وفي رواية: «لا، أيمُ اللهِ لا تُصاحِبنا راحِلَةٌ عَلَيها لَعنَةٌ مِنَ اللهِ». أو كَما قالَ.
-قال القرطبي: أصل اللعن الطرد والبعد، وهو في الشرع البعد عن رحمة الله تعالى، وثوابه إلى نار الله وعقابه، وأنَّ لعن المؤمن كبيرة من الكبائر، إذ قال ﷺ "لعن المؤمن كقتله" متفق عليه (الهرري).
-قوله: "لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا" واللعان الكثير اللعن، ومعنى هذا الحديث أنّ من كان صادقًا في أقواله وأفعاله مصدِّقًا بمعنى اللعنة الشرعيَّة لم تكن كثرة اللعن من خُلُقه؛ لأنه إذا لعن من لا يستحق اللعنة الشرعية فقد دعا عليه بأن يبعد من رحمة الله وجنّته ويدخل في ناره وسخطه والإكثار من هذا يناقض أوصاف الصدِّيقين، فإن من أعظم صفاتهم الشَّفقة والرحمة للحيوان مطلقًا، وخصوصًا بني آدم وخصوصًا المؤمن فإن المؤمنين كالجسد الواحد والبنيان الواحد (الهرري).
-خُصَّ اللّعان بالذكر ولم يقل لاعنًا؛ لأنَّ الصدِّيق قد يلعن من أَمَرهُ الشَّرعُ بلعنه وهو لعنة الله على الظالمين، لعن الله اليهود والنصارى، لعن الواصلة والواشمة، وشارب الخمر وقد يقع منه اللعن فلتةً ونُدرةً ثم يراجع وذلك لا يخرجه عن الصدِّيقيَّة (الهرري).
-قوله: (لا يكونون شفعاء ولا شهداء) فمعناه لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار، ولا شهداء فيه ثلاثة أقوال أصحها وأشهرها: لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم بتبليغ رسلهم إليهم الرسالات، والثاني: لا يكونون شهداء في الدنيا، أي لا تقبل شهادتهم لفسقهم، والثالث: لا يرزقون الشهادة وهي القتل في سبيل الله. (النووي).

باب: فِـي الصِّدْقِ والكَذِبِ


٢٤٥٣. (خ م) (٢٦٠٧) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «(عَلَيكُم بِالصِّدقِ)، فَإنَّ الصِّدقَ يَهدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهدِي إلى الجَنَّةِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَصدُقُ (ويَتَحَرّى الصِّدقَ) حَتّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ صِدِّيقًا، (وإيّاكُم والكَذِبَ)، فَإنَّ الكَذِبَ يَهدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهدِي إلى النّارِ، وما يَزالُ الرَّجُلُ يَكذِبُ (ويَتَحَرّى الكَذِبَ) حَتّى يُكتَبَ عِندَ اللهِ كَذّابًا».
وفي رواية (م): إنَّ مُحَمَّدًا ﷺ قالَ: «ألا أُنَبِئُكُم ما العَضهُ؟ هِيَ النَّمِيمَةُ؛ القالَةُ بَينَ النّاسِ»، وإنَّ مُحَمَّدًا ﷺ قالَ: «إنَّ الرَّجُلَ يَصدُقُ ..»، نَحوَهُ.
-قال العلماء: هذا فيه حث على تحري الصدق، وهو قصده والاعتناء به، وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه، فإنه إذا تساهل فيه كثر منه فعرف به، وكتبه الله لمبالغته صديقا إن اعتاده أو كذابا إن اعتاده، ومعنى يكتب هنا يحكم له بذلك، ويستحق الوصف بمنزلة الصديقين وثوابهم، أو صفة الكذابين وعقابهم، والمراد إظهار ذلك للمخلوقين إما بأن يكتبه في ذلك ليشتهر بحظه من الصفتين في الملأ الأعلى، وإما بأن يلقي ذلك في قلوب الناس وألسنتهم، كما يوضع له القبول والبغضاء، وإلا فقدر الله تعالى وكتابه السابق قد سبق بكل ذلك، والله أعلم (النووي).

باب: ما يَجُوزُ فِيهِ الكَذِبُ


٢٤٥٤. (خ م) (٢٦٠٥) عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ ﵂، وكانَت مِن المُهاجِراتِ الأُوَلِ اللاتِي بايَعْنَ النَّبِيَّ ﷺ؛ أنَّها سَمِعَت رَسُولَ اللهِ ﷺ وهُوَ يَقُولُ: «لَيسَ الكَذّابُ الَّذِي يُصلِحُ بَينَ النّاسِ، ويَقُولُ خَيرًا، ويَنمِي خَيرًا». (قالَ ابنُ شِهابٍ: ولَم أسمَع يُرَخَّصُ فِي شَيءٍ مِمّا يَقُولُ النّاسُ كَذِبٌ إلا فِي ثَلاثٍ: الحَربُ، والإصلاح بَينَ النّاسِ، وحَدِيثُ الرَّجُلِ امرَأَتَهُ، وحَدِيثُ المَرأَةِ زَوجَها). وفي رواية (م): وقالَت: ولَم أسمَعهُ يُرَخِّصُ فِي شَيءٍ ... مثلُهُ -مَرفُوعًا-.
-ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيرا وينمي خيرا: معناه ليس الكذاب المذموم الذي يصلح بين الناس بل هذا محسن اهـ ( النووي )
-فيه الترغيب في الإصلاح بين الناس، وإزالة الخصومات فيما بينهم، سواء كانت في القضايا المالية، أو في الأحوال الشخصية، أو بين أعضاء الأسرة فإنه مندوب إليه شرعا (حمزة القاسم).
-فيه جواز الكذب للإصلاح بين المتخاصمين بأن ينقل بينهم من كلام الخير ما لم يقولوه ليلين قلوبهم. (حمزة القاسم).
-قال المهلب: وإنما أطلق عليه السلام للمصلح بين الناس أن يقول ما علم من الخير بين الفريقين، ويسكت عما سمع من الشر بينهم لا أنه يخبر بالشيء على خلاف ما هو عليه (القسطلاني).

باب: الـنَّهْيُ عَنْ دَعْوى الجاهِلِيَّةِ


٢٤٥٥. (خ م) (٢٥٨٤) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ يَقُولُ: كُنّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي غَزاةٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِن المُهاجِرِينَ رَجُلًا مِن الأَنصارِ، فَقالَ الأَنْصارِيُّ: يا لَلأَنصارِ. وقالَ المُهاجِرِيُّ: يا لَلمُهاجِرِينَ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما بالُ دَعوى الجاهِلِيَّةِ؟» قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ كَسَعَ رَجُلٌ مِن المُهاجِرِينَ رَجُلًا مِن الأَنصارِ، فَقالَ: «دَعُوها فَإنَّها مُنتِنَةٌ». فَسَمِعَها عَبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ فَقالَ: قَد فَعَلُوها؟ واللهِ لَئِن رَجَعنا إلى المَدِينَةِ لَيُخرِجَنّ الأَعَزُّ مِنها الأَذَلَّ. قالَ عُمَرُ: دَعنِي أضرِبُ عُنُقَ هَذا المُنافِقِ. فَقالَ: «دَعهُ؛ لا يَتَحَدَّثُ النّاسُ أنَّ مُحَمَّدًا يَقتُلُ أصحابَهُ». زادَ (خ): وكانَت الأَنصارُ أكثَرَ مِن المُهاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ ثُمَّ إنَّ المُهاجِرِينَ كَثُرُوا بَعدُ. وفي رواية (م): فَأَتى النَّبِيَّ ﷺ فَسَأَلَهُ القَوَدَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «دَعُوها ...»
-قوله: "ما بال دعوى الجاهلية": وأما تسميته ﷺ ذلك دعوى الجاهلية فهو كراهة منه ذلك، فإنه مما كانت عليه الجاهلية من التعاضد بالقبائل في أمور الدنيا ومتعلقاتها، وكانت الجاهلية تأخذ حقوقها بالعصبات والقبائل، فجاء الإسلام بإبطال ذلك، وفصل القضايا بالأحكام الشرعية، فإذا اعتدى إنسان على آخر حكم القاضي بينهما وألزمه مقتضى عدوانه كما تقرر من قواعد الإسلام (النووي).
-قوله (فسمعها عبد الله بن أبي فقال قد فعلوها والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) أي سمع ابن أبي قصة كسع المهاجر للأنصاري فقال قد فعلها المهاجرون أي تعالوا علينا ونحن الذين آويناهم لئن رجعنا من هنا من ديار بني المصطلق إلى المدينة ليخرجن الأعز يعني نفسه والأنصار الأذل يعني رسول الله ﷺ والمهاجرين (موسى شاهين).
-قوله (قال عمر دعني أضرب عنق هذا المنافق) كان ابن أبي والمنافقون معدودين في أصحابه، ﷺ ويجاهدون معه إما حمية وإما لطلب دنيا، وكان المسلمون مأمورين بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر كان كلام عمر بعد أن علم النبي ﷺ بقول ابن أبي، وبعد أن أرسل النبي ﷺ إليه فجحد وحلف وصدقه النبي ﷺ فنزلت الآيات تكذبه (موسى شاهين).

باب: مَن سَمَّعَ وراءى


٢٤٥٦. (خ م) (٢٩٨٦) عَنْ جُنْدَبٍ العَلَقِيِّ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن يُسَمِّع يُسَمِّع اللهُ بِهِ، ومَن يُرائي يُرائي اللهُ بِهِ». ولَفظُ (خ) عَن جُنْدَبٍ؛ سَمِعَت النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «مَن سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ يَومَ القِيامَةِ، قالَ: ومَن يُشاقِق يَشقُقِ اللهُ عَلَيهِ يَومَ القِيامَةِ». فَقالُوا: أوصِنا. فَقالَ: إنَّ أوَّلَ ما يُنتِنُ مِنَ الإنسانِ بَطنُهُ، فَمَن استَطاعَ أن لا يَأكُلَ إلّا طَيِّبًا فَليَفعَل، ومَن استَطاعَ أن لا يُحالَ بَينَهُ وبَينَ الجَنَّةِ بِمِلءِ كَفِّهِ مِن دَمٍ أهراقَهُ فليَفعَل. ورَوى (م) عَن ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ نَحوَ حَدِيثِ البابِ.
-معنى الحديث: قال الخطابي: من عمل عملا على غير إخلاص، وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه، وظاهر هذا أن الجزاء في الدنيا، ويحتمل أن يكون ذلك في الدنيا والآخرة، وقيل من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله، فإن الله يجعله حديثا عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم، ولا ثواب له في الآخرة، ومعنى "يرائي الله به" يطلعهم على أنه فعل ذلك لهم لا لوجهه، ومنه قوله تعالى {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها} إلى قوله {ما كانوا يعملون} [هود 15، 16] وقيل المراد من قصد بعمله أن يسمعه الناس ويروه ليعظموه وتعلو منزلته عندهم حصل له ما قصد وكان ذلك جزاءه على عمله ولا يثاب عليه في الآخرة، وهذا القول قريب من سابقه إلا أن يراد من السابق أن يضيع هدفه من الناس فلا يحصل له ما قصد كما يضيع أجره في الآخرة، وقيل المعنى من سمع بعيوب الناس وأذاعها ونقلها من سمع إلى سمع أظهر الله عيوبه ونشر أسراره، وقيل المعنى من نسب إلى نفسه عملا صالحا لم يفعله وادعى خيرا لم يصنعه ونشر ذلك على مسامع الناس فإن الله يفضحه ويظهر كذبه، وقيل المعنى من يرائي الناس بعمله أراه الله ما كان يستحق بعمله من الثواب لولا المراءاة وحرمه إياه، وقيل معنى "سمع الله به" شهره أو ملأ أسماع الناس بسوء الثناء عليه في الدنيا، أو في القيامة بما ينطوي عليه من خبث السريرة أقول واللفظ يحتمل كل هذه المعاني فليشملها والله أعلم (موسى شاهين).
-في الحديث استحباب إخفاء العمل الصالح قال الحافظ ابن حجر لكن قد يستحب إظهاره ممن يقتدي به على إرادته الاقتداء به، ويقدر ذلك بقدر الحاجة قال ابن عبد السلام: يستثنى من استحباب إخفاء العمل من يظهره ليقتدي به، أو لينتفع به ككتابة العلم، قال فمن كان إماما يستن بعلمه عالما بما لله عليه قاهرا لشيطانه استوى ما ظهر من عمله وما خفي لصحة قصده، ومن كان بخلاف ذلك فالإخفاء في حقه أفضل، وعلى ذلك جرى عمل أهل السلف. (موسى شاهين).

باب: الرَّجُلُ يَعْمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيْرِ ويَحْمَدُهُ النّاسُ


٢٤٥٧. (م) (٢٦٤٢) عَنْ أبِي ذَرٍّ ﵁ قالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ: أرَأَيتَ الرَّجُلَ يَعمَلُ العَمَلَ مِنَ الخَيرِ ويَحمَدُهُ النّاسُ عَلَيهِ؟ قالَ: «تِلكَ عاجِلُ بُشرى المُؤمِنِ».
-قوله (تلك عاجل بشرى المؤمن) وفي رواية ويحبه الناس عليه، قال العلماء معناه: هذه البشرى المعجلة له بالخير، وهي دليل على رضاء الله تعالى عنه ومحبته له فيحببه إلى الخلق، ثم يوضع له القبول في الأرض هذا كله إذا حمده الناس من غير تعرض منه لحمدهم، وإلا فالتعرض مذموم (النووي).
-فيه حرص الصحابة على الإخلاص في العمل وصفاء الأجر من الشوائب. (موسى شاهين).
-فيه أن شكر الجميل لا يضر المنعم المعطي ولا ينقصه أجره عند الله بل يزيده (موسى شاهين).
-فيه الترغيب في صنع المعروف لينال صاحبه الجزاء من الله والحب من الناس (موسى شاهين).
-فيه أن الله تعالى يحب صانع المعروف ويحب الشاكر عليه، فحب الناس للمرء هو بوضع الله قبوله في الأرض (موسى شاهين).

باب: ما يُكْرَهَ مِن الثَّناءِ عَلى السُّلْطانِ وإذا خَرَجَ قالَ غَيْرَ ذَلِكَ


٢٤٥٨. (خ) (٧١٧٨) عَنْ عاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَن أبِيهِ؛ قالَ أُناسٌ لابنِ عُمَرَ: إنّا نَدخُلُ عَلى سُلطانِنا فَنَقُولُ لَهُم خِلافَ ما نَتَكَلَّمُ إذا خَرَجنا مِن عِندِهِم. قالَ: كُنّا نَعُدُّها نِفاقًا.
-ولا ينبغي لمؤمن أن يثني على – إنسان - في وجهه وهو عنده مستحق للذم، ولا يقول بحضرته خلاف ما يقوله إذا خرج من عنده؛ لأن ذلك نفاق، كما قال ابن عمر وقال فيه، شر الناس ذو الوجهين... الحديث لأن يظهر لأهل الباطل الرضا عنهم، ويظهر لأهل الحق مثل ذلك ليرضى كل فريق منهم ويريد أنه منهم، وهذه المذاهب محرمة على المؤمنين (العيني).
-ولا يعارض هذا الحديث قوله عليه الصلاة والسلام للذي استأذن عليه: بئس أخو العشيرة ثم تلقاه بوجه طلق وترحيب إذ لم يقل له خلاف ما قاله عنه بل أبقاه على القول الأول عند السامع قصدًا للإعلام بحاله ثم تفضل عليه بحسن اللقاء للاستئلاف. (القسطلاني).

باب: الـمُتَكِّلمُ بِالكَلِمَةِ يَهْوِي بِها فِـي النّارِ


٢٤٥٩. (خ م) (٢٩٨٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إنَّ العَبدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ ما يَتَبَيَّنُ ما فِيها، يَهوِي بِها فِي النّارِ أبعَدَ ما بَينَ المَشرِقِ والمَغرِبِ». وفي رواية (خ): «إنَّ العَبدَ لِيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِن رِضوانِ اللهِ لا يُلقِي لَها بالًا يَرفَعُ اللهُ بِها دَرجاتٍ، وإنَّ العَبدَ لِيَتَكلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللهِ لا يُلقِي لَها بالًا يَهوِي بِها فِي جَهَنَّمَ».
-فيه حض على قلة الكلام، قال حكيم: خلق الله تعالى أذنين ولسانًا واحدًا ليكون الرجل سماعه ضعف كلامه (الهرري).
-التحذير من شهوة الكلام، والكلام فيما يسبب سخط الله فيدخل في النار بأبعد مما بين المشرق والمغرب.

باب: الـنَّهْيُ عَنْ سَبِّ الدَّهْرِ


٢٤٦٠. (خ م) (٢٢٤٦) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁، أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «قالَ اللهُ ﷿: يُؤذِينِي ابنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهرَ، وأَنا الدَّهرُ، أُقَلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ». وفي رواية: «بِيَدِيَ الليلُ والنهارُ». وفي رواية: «لا يَقُولَنَّ أحَدُكُم: يا خَيبَةَ الدَّهرِ، فَإنَّ اللهَ هُوَ الدَّهرُ». وفي رواية (م): «أُقَلِّبُ لَيلَهُ ونهارَهُ، فإذا شِئتُ قبضتُهُما».
-وهذا كان من مذاهب العرب في كلامها؛ لأنهم يسمون الشيء ويعبرون عنه بما يقرب منه، وبما هو فيه فكأنهم أرادوا ما ينزل بهم في الليل والنهار من مصائب الأيام، فجاء النهي عن ذلك تنزيها لله؛ لأنه الفاعل ذلك بهم في الحقيقة. ( ابن عبدالبر )
-يعني: أن الدهر-الذي هو الليل والنهار- مخلوق لله مسخر، وهو مؤتمر بأمر الله تعالى مطيع له، فإذا سبه الساب، فإن السب يعود إلى فاعل الدهر وخالقه - تعالى الله عن ذلك -. ( الغنيمان )

باب: الـنَّهْيُ أنْ يُشِيرَ الرَّجُلُ إلى أخِيهِ بِالسِّلاحِ


٢٤٦١. (خ م) (٢٦١٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يُشِيرُ أحَدُكُم إلى أخِيهِ بِالسِّلاحِ، فَإنَّهُ لا يَدرِي أحَدُكُم؛ لَعَلَّ الشَّيطانَ يَنزِعُ فِي يَدِهِ، فَيَقَعُ فِي حُفرَةٍ مِن النّارِ».
ورَوى (م) عَنهُ: قالَ أبُو القاسِمِ ﷺ: «مَن أشارَ إلى أخِيهِ بِحَدِيدةٍ فَإنَّ المَلائِكةَ تَلعَنُهُ، حَتّى وإن كانَ أخاهُ لِأَبِيهِ وأُمِّهِ».
-لعل الشيطان ينزع: يرمي في يده ويحقق ضربته ورميته، وروى في غير مسلم بالغين وهو بمعنى الإغراء أي يحمل على تحقيق الضرب به ويزين ذلك. (موسى شاهين).
-قوله (لايشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح) المقصود مطلق الإشارة جدا أو هزلا (موسى شاهين).
-قوله (فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه) أي مادام مشيرا به حتى يدع السلاح من يده فلا يشير به على أخيه، ولعن الملائكة عليه دعاء عليه بالحرمان من الرحمة. (موسى شاهين).
-قوله (وإن كان أخاه لأبيه وأمه) هذه الجملة مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد سواء من يتهم فيه، ومن لا يتهم فيه يعني وإن كان هازلا ولم يقصد ضربه،كنى بالأخ عن هذا المعنى؛ لأنه الأخ الشقيق لا يقصد قتل أخيه غالبا (موسى شاهين).
-فيه النهي الشديد عن ترويع المسلم وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه (موسى شاهين).
- فيه أن ترويع المسلم حرام بكل حال وفيهما تأكيد حرمة المسلم وأن الشيطان قد يهيئ للمسلم ويزين له ما لم يكن يقصد فيوقعه في الشر (موسى شاهين).

باب: فِـي إمْساكِ السِّهامِ بِنِصالِها


٢٤٦٢. (خ م) (٢٦١٥) عَنْ أبِي مُوسى ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا مَرَّ أحَدُكُم فِي مَجلِسٍ أو سُوقٍ، وبِيَدِهِ نَبلٌ فَليَأخُذ بِنِصالِها، (ثُمَّ لِيَأخُذ بِنِصالِها، ثُمَّ لِيَأخُذ بِنِصالِها». قالَ: فَقالَ أبُو مُوسى: واللهِ ما مُتنا حَتّى سَدَّدناها، بَعضُنا فِي وُجُوهِ بَعضٍ). زادَ (خ) فِي آخِرِهِ: «لا يَعقِر بِكَفِّهِ مُسلِمًا».
-فيه من الأدب وهو الإمساك بنصالها عند إرادة المرور بين الناس في مسجد أو سوق أو غيرها وفيها اجتناب كل ما يخاف منه الضرر (موسى شاهين)

باب: دُعاءُ النَّبِيِّ ﷺ عَلى الـمُؤْمِنِينَ زَكاةٌ ورَحْمَةٌ


٢٤٦٣. (خ م) (٢٦٠١) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ فَأَيُّما عَبدٍ مُؤمِنٍ سَبَبتُهُ، فاجعَل ذَلكَ لَهُ قُربَةً إلَيكَ يَومَ القِيامَةِ». وفِي رِوايَةٍ (م): «اللَّهُمَّ إنَّما أنا بَشَرٌ، فَأيُّما رَجُلٍ مِنَ المُسلِمِينَ سَبَبتُهُ أو لَعَنتُهُ أو جَلَدتُهُ فاجعَلها لَه زَكاةً ورَحمَةً».
ورَوى (م) عَن عائِشَةَ قالَت: دَخَلَ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ رَجُلانِ، فَكَلَّماهُ بِشَيءٍ لا أدرِي ما هُو، فَأَغضَباهُ، فَلَعَنَهُما وسَبَّهُما، فَلَمّا خَرَجا قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ؛ مَن أصابَ مِن الخَيرِ شَيئًا ما أصابَهُ هَذانِ، قالَ: «وما ذاكَ؟» قالَت: قُلتُ: لَعَنْتَهُما وسَبَبتَهُما، قالَ: «أو ما عَلِمتِ ما شارَطْتُ عَلَيهِ رَبِّي؟ قُلتُ: اللَّهُمَّ؛ إنَّما أنا بَشَرٌ ...»، نَحوَهُ، وفي رواية: ولَعَنَهُما وأَخَرَجَهُما.
-فاجعله له زكاة وأجرا: أي طهارة له من ذنب أذنبه وأثبه على هذا ثوابا تفضلا وكرما (موسى شاهين).
-من أصاب من الخير شيئًا ما أصابه هذان: معناه أن هذين الرجلين ما أصابا منك خيرًا وإن كان غيرهما قد أصابه (موسى شاهين).
-قوله "فلعنهما وسبَّهما" قال القرطبي: إن قيل كيف يتفق ذلك منه وهو ﷺ معصومٌ في حالتي الغضب والرضا، فأجابوا عن ذلك بأجوبة أسدُّها وأصوبها: أنه ﷺ إنما يغضب لمخالفة الشرع فغضبه هو لله تعالى، وله أن يؤدب على ذلك بما شاء من سبَّ أو جلد أو دعاء (الهرري).
-فيه كمال شفقته على أمته وجميل خلقه -ﷺ- وجزاه عنا أفضل الجزاء بمنه وكرمه وأماتنا على محبته وسنته (موسى شاهين).

ورَوى (م) عَن أنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: كانَت عِنْدَ أُمِّ سُلَيمٍ يَتِيمَةٌ، وهِيَ أُمُّ أنَسٍ، فَرَأى رَسُولُ اللهِ ﷺ اليَتِيمَةَ، فَقالَ: «آنتِ هِيَهْ؟ لَقَد كَبِرتِ لا كَبِرَ سِنُّك». فَرَجَعَت اليَتِيمَةُ إلى أُمِّ سُلَيمٍ تَبكِي، فَقالَت أُمُّ سُلَيمٍ: ما لَكَ يا بُنيَّةُ؟ قالَت الجارِيَةُ: دَعا عَلَيَّ نَبِيُّ اللهِ ﷺ أن لا يَكْبَرَ سِنِّي، فالآن لا يَكْبَرُ سِنِّي أبَدًا، أو قالَت: قَرنِي. فَخَرَجَت أُمُّ سُلَيْمٍ مُسْتَعجِلَةً تَلُوثُ خِمارَها، حَتّى لَقِيَتْ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقالَ لَها رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما لَكَ يا أُمَّ سُلَيمٍ؟» فَقالَت: يا نَبِيَّ اللهِ؛ أدَعَوتَ عَلى يَتِيمَتي؟ قالَ: «وما ذاكَ يا أُمَّ سُلَيمٍ؟» قالَت: زَعَمَتْ أنَّكَ دَعَوتَ أن لا يَكبَرَ سِنُّها ولا يَكبَرَ قَرنُها. قالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، ثُمَّ قالَ: «يا أُمَّ سُلَيْم؛ أما تَعلَمِينَ أنَّ شَرطِي عَلى رَبي، أنِّي اشتَرَطْتُ عَلى رَبي فَقُلتُ: إنَّما أنا بَشَرٌ، أرضى كَما يَرضى البَشَرُ، وأَغضَبُ كَما يَغْضَبُ البَشَرُ، فَأيَّما أحَدٍ دَعَوتُ عَلَيهِ مِن أُمَّتِي بِدَعوَةٍ لَيسَ لَها بِأَهْلٍ أن يَجعَلها لَهُ طَهُورًا وزَكاةً وقُربةً يُقرِّبُهُ بِها مِنهُ يَومَ القِيامَةِ».
-فيه دليل على تأكد الشفقة على اليتيم والذبِّ عنه والحنوِّ عليه (الهرري).
-فيه دليل على أن إجابة دعوات رسول الله ﷺ كانت معلومة بالمشاهدة عند كبارهم وصغارهم لكثرة ما كانوا يشاهدون من ذلك ولعلمهم بمكانته ﷺ (موسى شاهين).

٢٤٦٤. (م) (٢٦٠٤) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كُنتُ ألعَبُ مَعَ الصِّبيانِ، فَجاءَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَتَوارَيتُ خَلفَ بابٍ، قالَ: فَجاءَ فَحَطَأَنِي حَطأَةً وقالَ: «اذهَب وادعُ لِي مُعاوِيةَ». قالَ: فَجِئتُ فَقُلتُ: هُوَ يَأكُلُ، ثُمَّ قالَ لِيَ: «اذهَب فادعُ لِي مُعاوِيَةَ». قالَ: فَجِئتُ فَقُلتُ: هُوَ يَأكُلُ، فَقالَ: «لا أشبَعَ اللهُ بَطنَهُ».
-قوله "لا كبرت سنك" وفي حديث معاوية "لا أشبع الله بطنه" ونحو ذلك لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء فخاف ﷺ أن يصادف شيء من ذلك إجابة فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا وأجرا وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن ﷺ فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا ولا منتقما لنفسه (موسى شاهين).
-فيه جواز ترك الصبيان يلعبون مما ليس بحرام (موسى شاهين).
- فيه اعتماد الصبي فيما يرسل فيه من دعاء إنسان ونحوه من حمل هدية. وطلب حاجة وأشباهه (موسى شاهين).
- فيه جواز إرسال صبي غيره ممن يدل عليه في مثل هذا، وقد ورد الشرع بالمسامحة في مثل هذا للحاجة واطرد به العرف وعمل المسلمين (موسى شاهين).

باب: الـنَّهْيُ عَنْ قَوْلِ هَلَكَ النّاسُ


٢٤٦٥. (م) (٢٦٢٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا قالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النّاسُ فَهُوَ أهلَكُهم». قالَ أبُو إسحَقَ إبراهِيمُ بنُ سُفيانَ: لا أدرِي؛ «أهلَكَهُم» بِالنَّصبِ، أو «أهلَكُهُم» بِالرَّفعِ.
-اتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس، واحتقارهم وتفضيل نفسه عليهم وتقبيح أحوالهم، قالوا فأما من قال ذلك تحزنا لما يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه.
وقال الخطابي معناه: لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك فإذا فعل ذلك، فهو أهلكهم أي أسوأ حالا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم (النووي).
-فيه التحذير من الحكم على الناس بأنهم هالكون عند الله بسبب ما يرى من انحرافهم عن الدين، والتحذير من كثرة عيبهم وذكر مساويهم، فهذا تحجير رحمة الله وتدخل في مشيئته جل شأنه وتحقير للمسلمين (موسى شاهين).

باب: فِـي التُّهْمَةِ والبُعْدِ عَنْ مَواطِنِها


٢٤٦٦. (م) (٢٧٧١) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁؛ أنَّ رَجُلًا كانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ ولَدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِعَلِيٍّ: «اذهَب فاضرِب عُنُقَهُ». فَأَتاهُ عَلِيٌّ فَإذا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ فِيها، فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ: اخرُج. فَناوَلَهُ يَدَهُ فَأَخرَجَهُ، فَإذا هُوَ مَجبُوبٌ لَيسَ لَهُ ذَكَرٌ، فَكَفَّ عَلِيٌّ عَنهُ، ثُمَّ أتى النَّبِيَّ ﷺ فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ إنَّهُ لَمَجبُوبٌ ما لَهُ ذَكَرٌ.
-قد يشكل كيف أمر النبي ﷺ بقتله؛ لأن مجرد التهمة لا يكفي للحكم بقتل المتهم حتى يثبت ما يوجبه ببينة أو إقرار، والظاهر أنه لم يكن هناك إقرار ولا بينة لظهور أنه كان مجبوبًا؟
الجواب: قيل أن النبي ﷺ علم بالوحي أنه مجبوب، وأن عليًا سيرى منه ذلك فإنما بعثه لتنكشف حقيقته وترتفع تهمته (الهرري).

باب: تَحْرِيشُ الشَّيْطانِ وفِتْنَتُهُ النّاسَ


٢٤٦٧. (م) (٢٨١٢) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ الشَّيطانَ قَد أيِسَ أن يَعبُدَهُ المُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ العَرَبِ، ولَكِن فِي التَّحرِيشِ بَينَهُم».
٢٤٦٨. (م) (٢٨١٣) عَنْ جابِرٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ إبلِيسَ يَضَعُ عَرشَهُ عَلى الماءِ ثُمَّ يَبعَثُ سَراياهُ، فَأَدناهُم مِنهُ مَنزِلَةً أعظَمُهُم فِتنَةً، يَجِيءُ أحَدُهُم فَيَقُولُ: فَعَلتُ كَذا وكَذا. فَيَقُولُ: ما صَنَعتَ شَيئًا. قالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أحَدُهُم فَيَقُولُ: ما تَرَكتُهُ حَتّى فَرَّقتُ بَينَهُ وبَينَ امرَأَتِهِ. قالَ: فَيُدنِيهِ مِنهُ ويَقُولُ: نِعمَ أنتَ». قالَ الأَعمَشُ: أُراهُ قالَ: «فَيَلتَزِمُهُ». وفي رواية: «إنَّ عَرشَ إبلِيسَ عَلى البَحرِ، فَيَبعَثُ سَراياهُ فَيَفتِنُونَ النّاسَ، فَأَعظَمُهُم عِندَهُ أعظَمُهُم فِتنَةً».
-ولكن في التحريش بينهم: أي ولكنه يسعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والحروب والفتن وغيرها (النووي).
-إن عرش إبليس على البحر: معناه أن مركز قيادته البحر (موسى شاهين).
-ثم يبعث سراياه: السرية جزء من الجيش، وهذه السرايا فرق يبعثها لتساعد القرين الملازم للإنسان (موسى شاهين).
-فيه أن الشيطان يصعب عليه تكفير المسلم، فاستعاض عن الكفر بما يحبط عمله من حسد، وشحناء، وحقد، فعلى المسلم أن يحترز من ذلك ولا يعرض نفسه لمثل هذا الفعل الشنيع، بعمل صيانة دورية لقلبه من تلاوة قرآن، وذكر، ودعاء لإخوته بظهر الغيب؛ ليبقى قلبه سليما صافيا لإخوانه المسلمين.
-فيه أن أبا الجن إبليس هو قائدهم، وأنه يحاول بجنوده فتنة بني آدم قال تعالى {يا بني ءادم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة} وأن جنوده يتبارون في الفساد، وأن المقدم عنده من كثرت فتنته لبني آدم والمحبب له من فرق بين زوجين. (موسى شاهين).

باب: مَعَ كُلِّ إنْسانٍ قَرِينٌ مِنَ الجِنِّ


٢٤٦٩. (م) (٢٨١٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ما مِنكُم مِن أحَدٍ إلاَّ وقَد وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ». قالُوا: وإيّاكَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: «وإيّايَ؛ إلاَّ أنَّ اللهَ أعانَنِي عَلَيهِ فَأَسلَمَ، فَلا يَأمُرُنِي إلاَّ بِخَيرٍ». وفي رواية: «وقد وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ، وقَرِينُهُ مِنَ المَلائِكَةِ».
٢٤٧٠. (م) (٢٨١٥) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَرَجَ مِن عِندِها لَيلًا قالَت: فَغِرتُ عَلَيهِ، فَجاءَ فَرَأى ما أصنَعُ، فَقالَ: «ما لَكِ يا عائشة؟ أغِرتِ؟» فَقُلتُ: وما لِي لا يَغارُ مِثلِي عَلى مِثلِكَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أقَد جاءَكِ شَيطانُكِ؟» قالَت: يا رَسُولَ اللهِ؛ أوَ مَعِيَ شَيطانٌ؟ قالَ: «نَعَم». قُلتُ: ومَعَ كُلِّ إنسانٍ؟ قالَ: «نَعَم». قُلتُ: ومَعَكَ يا رَسُولَ اللهِ؟ قالَ: «نَعَم، ولَكِن رَبِّي أعانَنِي عَلَيهِ حَتّى أسلَمَ».
-وفيه عصمة رسول الله ﷺ قال القاضي: واعلم أن الأمة مجتمعة على عصمة النبي ﷺ من الشيطان في جسمه وخاطره ولسانه (النووي).
-وفي هذا الحديث التحذير من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه فأعلمنا بأنه معنا لنحترز منه بحسب الإمكان (النووي).

باب: خُلِقَ الإنْسانُ خَلْقًا لا يَتَمالَكُ


٢٤٧١. (م) (٢٦١١) عَنْ أنَسٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لَمّا صَوَّرَ اللهُ آدَمَ فِي الجَنَّةِ تَرَكَهُ ما شاءَ اللهُ أن يَترُكَهُ، فَجَعَلَ إبلِيسُ يُطِيفُ بِهِ يَنظُرُ ما هُوَ، فَلَمّا رَآهُ أجوَفَ عَرَفَ أنَّهُ خُلِقَ خَلقًا لا يَتَمالَكُ».
-فلما رآه أجوف: الجوف من كل شيء الباطن والفراغ الذي يقبل أن يشغل، ويملأ وعند البخاري "خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا" وعند أحمد "كان طول آدم ستين ذراعا في سبعة أذرع عرضا" ولنا أن نتخيل فراغ البطن والصدر لهذا الطول والعرض.
- يعني أن الله تعالى لما صور طينة آدم وشكّلها بشكله على ما سبق في علمه رآها إبليسُ، وأطاف بها أي دار حولها وجعل ينظر في كيفيتها وأمرها فلما رآها ذات جوف وقع له أنها مفتقرة إلى ما يسد جوفها، وأنها لا تتمالك عن تحصيل ما تحتاج إليه من أغراضها وشهواتها فكان الأمر على ما وقع (القرطبي)

١ شبه رسول الله ﷺ الجليس الصالح بـ:

٥/٠