كِتابُ العِلْمِ


باب: يُسْرُ الدِّينِ


٢٥٠١. (خ) (٣٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إنَّ الدِّينَ يُسرٌ، ولَن يُشادَّ الدِّينَ أحَدٌ إلا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وقارِبُوا وأَبشِرُوا، واستَعِينُوا بِالغَدوَةِ والرَّوحَةِ وشَيءٍ مِن الدُّلجَةِ». وفي رواية: «سَدِّدُوا وقارِبُوا واغدُوا ورُوحُوا وشَيءٌ مِن الدُّلجَةِ، والقَصدَ القَصدَ تَبلُغُوا».
- هذا يدل أن التشريع الإسلامي كله يسر، لذلك نجد العبادات التي فرضها الله على عباده كلها يسر، كالطهارة، والصلاة، والزكاة، والصيام. والحج، ثم إنه إذا طرأ ما يوجب التيسير يسَّر، ثم إذا لم يمكن للإنسان الفعل بالكلية سقط، وهل شيءٌ أيسر من هذا! من ذلك قول النبي ﷺ لعمران بن حصين" صلِّي قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبك" هذا هو اليسر (ابن عثيمين).
- قوله(وَلَن يُشَادَّ الدِّينَ) والمعنى: لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية ويترك الرفق إلا عجز وانقطع فيغلب، قال ابن المنير: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة فإنه من الأمور المحمودة بل منع الإفراط المؤدي إلى الملال، أو المبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الأفضل، أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح في الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار أو إلى أن طلعت الشمس فخرج وقت الفريضة. ( ابن حجر )
- (فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبشِرُوا) فسددوا أي الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط، " وقاربوا" أي: إن لم تستطيعوا الأخذ بالأكمل فاعملوا بما يقرب منه.
" وأبشروا" أي: بالثواب على العمل الدائم وإن قل، والمراد: تبشير من عجز عن العمل بالأكمل بأن العجز إذا لم يكن من صنيعه لا يستلزم نقص أجره وأبهم المبشر به تعظيما له وتفخيم.(ابن حجر).
- (وَاستَعِينُوا بِالغَدوَةِ ) أي: استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في الأوقات المنشطة والغدوة بالفتح سير أول النهار.(ابن حجر).
(الدُّلجَةِ) سير آخر الليل، وقيل: سير الليل كله ولهذا عبر فيه بالتبعيض؛ ولأن عمل الليل أشق من عمل النهار، وهذه الأوقات أطيب أوقات المسافر وكأنه ﷺ خاطب مسافرا إلى مقصد فنبهه على أوقات نشاطه؛ لأن المسافر إذا سافر الليل والنهار جميعًا عجز وانقطع وإذا تحرى السير في هذه الأوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة، وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة دار نقلة إلى الآخرة، وأن هذه الأوقات بخصوصها أروح ما يكون فيها البدن للعبادة.(ابن حجر).
- (وَالقَصدَ القَصدَ تَبلُغُوا) بالنصب فيهما على الإغراء والقصد الأخذ بالأمر الأوسط، والمعنى: أن الأولى للعامل بذلك أن لا يجهد نفسه بحيث يعجز وينقطع بل يعمل بتلطف وتدريج ليدوم عمله ولا ينقطع. (ابن حجر).

باب: فِـي رَفْعِ العِلْمِ وظُهُورِ الجَهْلِ


٢٥٠٢. (خ م) (٢٦٧١) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: ألا أُحَدِّثُكُم حَدِيثًا سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ، لا يُحَدِّثُكُم أحَدٌ بَعدِي سَمِعَهُ مِنهُ: «إنَّ مِن أشراطِ السّاعَةِ أن يُرفَعَ العِلمُ، ويَظهَرَ الجَهلُ، ويَفشُوَ الزِّنا، ويُشرَبَ الخَمرُ، ويَذهَبَ الرِّجالُ، وتَبقى النِّساءُ، حَتّى يَكُونَ لِخَمسِينَ امرَأَةً قَيِّمٌ واحِدٌ». وفي رواية (خ): «لا تَقُومُ السّاعَةُ ...».
وفي رواية (خ): «ويَكثُرَ الجَهلُ، ويَكثُرَ الزِّنا، ويَكثُرَ شُربُ الخَمرِ، ويَقِلَّ الرِّجالُ ويَكثُرَ النِّساءُ».
- قوله (أَشرَاطِ السَّاعَةِ): علاماتها، والمراد علاماتها القريبة؛ لأن الساعة لها أشراط قريبة، ومتوسطة، وسابقة.(ابن عثيمين).
- ويحتمل أن يكون لأجل طول عمره، وأنه لم يبق من أصحاب النبي ﷺ غيره، ويمكن أن يكون قاله لما رأى من التغيير ونقص العلم، فوعظهم بما سمع من النبي، ﷺ، في نقص العلم أنه من أشراط الساعة، ليحضهم على طلب العلم. ( ابن بطال )
- وكل هذا مما أعلم - عليه السلام - أنه يظهر بعده ويكثر، ويقل العلم والعمل معاً وينقصان، ويثبت الجهل ويفشو أو يثبت، كما جاء في الرواية الأخرى؛ لأنه لا يستبدل بعلم بعد، بله ولا يزال في ازدياد إلى أن تقوم الساعة وتكثر الفتن والقتل، ويموت الرجال لذلك، وتكثر النساء. ( القاضي عياض )
- قوله (يُرفَعَ العِلمُ) فإذا نظرنا إلى هذا حصل نجد أنه قد رفع العلم، وليس المراد بالعلم: أن يعلم الإنسان الشيء نظريًا؛ لأن هذا قد يقع من الكافر فربما يقرأ مثل صحيح البخاري، ويستنتج الأحكام ما لا يستنتجه المسلم، ولكن المراد بالعلم المثمر لخشية الله كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر: 28]. ( ابن عثيمين )

٢٥٠٣. (خ م) (١٥٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَتَقارَبُ الزَّمانُ، ويُقبَضُ العِلمُ، وتَظهَرُ الفِتَنُ، ويُلقى الشُّحُّ، ويَكثُرُ الهَرجُ». قالُوا: وما الهَرجُ؟ قالَ: «القَتلُ». وفي رواية: «ويَنقُصُ (العِلمُ»). لَفظُ (خ): «ويَنقُصَ العَمَلُ». وفي رواية (خ): «ويَظهَرَ الجَهلُ ...»، وفي رواية (خ): «وتَكثُرَ الزَّلازِلُ». لَفظُ (خ): «لا تَقُومُ السّاعَةُ ...». [وجَمَعَ أحادِيثَ فِي مَوْضِعٍ واحِدٍ رَواها مُسلِمٌ مُتَفَرِّقَةً وتَأتِي فِي الفِتَنِ].
- (يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ) يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان قصره على ما وقع في حديث لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر، وعلى هذا فالقصر يحتمل أن يكون حسيا، ويحتمل أن يكون معنويا، أما الحسي فلم يظهر بعد، ولعله من الأمور التي تكون قرب قيام الساعة، وأما المعنوي فله مدة منذ ظهر يعرف ذلك أهل العلم الديني ومن له فطنة من أهل السبب الدنيوي، فإنهم يجدون أنفسهم لا يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل ذلك، ويشكون ذلك ولا يدرون العلة فيه ولعل ذلك بسبب ما وقع من ضعف الإيمان؛ لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه، وأشد ذلك الأقوات ففيها من الحرام المحض ومن الشبه ما لا يخفى حتى إن كثيرا من الناس لا يتوقف في شيء، ومهما قدر على تحصيل شيء هجم عليه ولا يبالي، والواقع أن البركة في الزمان وفي الرزق وفي النبت إنما يكون من طريق قوة الإيمان، واتباع الأمر واجتناب النهي. ( ابن حجر )

باب: فِـي قَبْضِ العِلْمِ بِقَبْضِ العُلَماءِ


٢٥٠٤. (خ م) (٢٦٧٣) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ ﵄ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ اللهَ لا يَقبِضُ العِلمَ انتِزاعًا يَنتَزِعُهُ مِن النّاسِ، ولَكِن يَقبِضُ العِلمَ بِقَبضِ العُلَماءِ، حَتّى إذا لَم يَترُك عالِمًا اتَّخَذَ النّاسُ رُؤُوسًا جُهّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفتَوا بِغَيرِ عِلمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا». وفي رواية (خ): «فَيُفتُونَ بِرَأيِهِم فَيُضِلُّونَ ويَضِلُّون».
وفي رواية: عَن عُروَةَ بْنِ الزُّبَيرِ قالَ: (قالَت لِي عائِشَةُ: يا ابنَ أُختِي؛ بَلَغَنِي أنَّ عَبدَ الله بْنَ عَمروٍ مارٌّ بِنا إلى الحَجِّ، فالقَهُ فَسائِلْهُ، فَإنَّهُ قَد حَمَلَ عَن النَّبيِّ ﷺ عِلمًا كَثِيرًا)، قالَ: فَلِقيتُهُ فَساءَلتُهُ عَن أشياءَ يَذكُرُها عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ، قالَ عُروَةُ: فَكانَ فِيما ذَكَرَ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ ... فَذَكَرَ الحَدِيثَ، (قالَ عُروَةُ: فَلَمّا حَدَّثتُ عائِشَةَ بِذَلكَ أعْظَمَتْ ذَلكَ وأَنكَرَتْهُ، قالَت: أحَدَّثَكَ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ هَذا؟) قالَ عُروَةُ: حَتّى إذا كانَ قابِلٌ قالَت لَهُ: إنَّ ابنَ عَمروٍ قَد قَدِمَ، فالقَهُ، ثُمَّ فاتِحْهُ حَتّى تَسأَلَهُ عَنِ الحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ لَكَ فِي العِلمِ. قالَ: فَلَقِيتُهُ فَساءَلتُهُ، فَذَكَرَهُ لِي نَحوَ ما حَدَّثنِي بِهِ فِي مَرَّتِهِ الأُولى، قالَ عُروَةُ: فَلَمّا أخبَرتُها بِذَلكَ قالَت: ما أحسَبُهُ إلا قَدْ صَدَقَ، (أراه لَم يَزِدْ فِيهِ شَيئًا ولَم يَنقُصْ).
- هو نص في أن رفع العلم لا يكون بمحوه من الصدور، بل بموت العلماء وبقاء الجهال الذين يتعاطون مناصب العلماء في الفتيا والتعليم، يفتون بالجهل ويعلمونه، فينتشر الجهل ويظهر، وقد ظهر ذلك ووجد على نحو ما أخبر ﷺ، فكان ذلك دليلا من أدلة نبوته، وخصوصا في هذه الأزمان؛ إذ قد ولي المدارس والفتيا كثير من الجهال والصبيان وحُرمها أهل ذلك الشأن. ( القرطبي )
‐ وفيه الحث على حفظ العلم والاشتغال به (العيني).
‐ وفيه أن الفتوى هي الرئاسة الحقيقية، وذمّ من يقُدم عليها بغير علم )العيني(.
- حض أهل العلم وطلبته على أخذ بعضهم عن بعض.
- وشهادة بعضهم لبعض بالحفظ والفضل.
- وحض العالم تلميذه على الأخذ عن غيره ليستفيد ما ليس عنده.
- ومن قول عائشة "فالقه ثم فاتحه حتى تسأله عن الحديث الذي ذكره لك في العلم" ولم تقل له سله عنه ابتداء خشية من استيحاشه؛ يؤخذ من هذا مراعاة الفاضل واحترام قدره.
- وفي هذه الأحاديث الزجر عن ترئيس الجاهل لما يترتب عليه من المفسدة، قال الحافظ ابن حجر: وقد يتمسك به من لا يجيز تولية الجاهل ولو كان عاقلا عفيفا، لكن إذا دار الأمر بين العالم الفاسق والجاهل العفيف فالجاهل العفيف أولى؛ لأن ورعه يمنعه عن الحكم بغير علم فيحمله على البحث والسؤال. ( موسى لاشين )

باب: رَدُّ المُحْدَثاتِ مِنَ الأُمُورِ


٢٥٠٥. (خ م) (١٧١٨) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن أحدَثَ فِي أمرِنا هَذا ما لَيسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ».
وفي رواية (م): «مَن عَمِلَ عَمَلًا لَيسَ عَلَيهِ أمرُنا فَهُوَ رَدٌّ».
- "فهو رد " قال أهل العربية الرد هنا بمعنى المردود، ومعناه فهو باطل غير معتد به، وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه ﷺ فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات. ( النووي )
- قوله (أَمرِنَا) الأمر هنا بمعنى الشأن، والمراد به: الشريعة التي جاء بها نبي الله ﷺ (ابن عثيمين).
- قوله (مَا لَيسَ مِنهُ ) أي مالم يكن ثابتًا فيه، لأن كل مالم يكن ثابتًا فليس منه، فإن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل على مشروعيتها، ويدخل في هذا الحديث تحريم الحلال وتحليل الحرام، ولهذا يعتبر هذا الحديث ميزان الأعمال الظاهرة، وحديث عمر "إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"ميزان الأعمال الباطنة. (ابن عثيمين)

باب: شَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها


٢٥٠٦. (خ) (٧٢٧٧) عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: إنَّ أحسَنَ الحَدِيثِ كِتابُ اللهِ، وأَحسَنَ الهَديِ هَديُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وشَرَّ الأُمُورِ مُحدَثاتُها، وإنَّ ما تُوعَدُونَ لآتٍ، وما أنتُم بِمُعجِزِينَ.
-الشاهد من هذا الحديث: أن أحسن الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد يعني الطريقة، وطريقة النبي ﷺ هي سنته، والحسن هنا يشمل الحسن اللفظي والمعنوي، وحسن العقيدة، وحسن القول، وحسن العمل. ( ابن عثيمين )
-وفيه دليل على جواز الإخبار عن النبي ﷺ باسمه دون لقبه بخلاف دعائه فإنه يقال يا رسول الله، يا نبي الله.

باب: فِـي التَّحْذِيرِ مِنَ الكَذِبِ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ


٢٥٠٧. (خ م) (مقدمة) عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ﵁ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيسَ كَكَذِبٍ عَلى أحَدٍ، فَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَليَتَبَوَّأ مَقعَدَهُ مِن النّارِ». ورَوى (م) عَن أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا تَكتَبُوا عَنِّي، ومَن كَتَبَ عَنِّي غَيرَ القُرآنِ فَليَمحُهُ، وحَدِّثُوا عَنِّي ولا حَرَجَ، ومَن كَذَبَ عَلَيَّ ...» مِثلُهُ.
- في بداية الأمر منع الرسول ﷺ كتابة غير القرآن؛ خشية أن يختلط القرآن بغيره، ومع ذلك كان تكتب شيء من السنة لمن طلب ذلك، ثم وقع إذن عام منه ﷺ بالكتابة عنه كما في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.
- قوله: (وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ)، فيه إباحة الحديث عنه، وتبليغ ما سمع منه، بل قد جاءت الآثار بالحض على التبليغ والأمر به. لكنه قرن هذا بقوله بعد: " ومن كذب على " الحديث. قال: أحسبه قال: " متعمداً " تحذيراً من التساهل بالحديث عنه مما لم يتحقق، وتنبيهاً على التحرز في ذلك لئلا يقع في الكذب، لا سيما على الرواية التي ليس فيها لفظ " متعمداً ".

٢٥٠٨. (م) (مقدمة) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ والمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ﵄ قالا: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَن حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيث يُرى أنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أحَدُ الكاذِبِينَ».
- فيه أيضًا التحذير من الكذب على رسول الله ﷺ (ابن هبيرة).
- وإذا كان الكذب على الرسول ﷺ ليس ككذب على أحد، فالكذب على الله أشد وأعظم، والكذب على أهل العلم في أمور الشريعة-أيضًا- ليس كالكذب على غيرهم، ولهذا يجب التحرز من الكذب على أهل العلم فيما ينقل عنهم؛ لأن العلماء ورثة الأنبياء. ( ابن عثيمين )
- يحرم رواية الحديث الموضوع على من عرف كونه موضوعًا، أو غلب على ظنه وضعه، فمن روى حديثًا علم أو ظن وضعه ولم يبين حال روايته وضعه فهو داخل في هذا الوعيد مندرج في جملة الكاذبين على رسول الله ﷺ. ولهذا قال العلماء ينبغي لمن أراد رواية حديث أو ذكره أن ينظر فإن كان صحيحًا أو حسنًا قال رسول الله ﷺ كذا أو فعله أو نحو ذلك من صيغ الجزم، وإن كان ضعيفًا فلا يقل قال أو فعل أو أمر أو نهى وشبه ذلك من صيغ الجزم؛ بل يقول روي عنه كذا أو جاء عنه كذا أو يروى، أو يذكر، أو يحكى، أو يقال أو بلغنا وما أشبهه، والله سبحانه أعلم. ( النووي )

باب: الـنَّهْيُ عَنِ الرِّوايَةِ عَنِ الكَذّابِينَ


٢٥٠٩. (م) (مقدمة) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي أُناسٌ يُحَدِّثُونَكُم ما لَم تَسمَعُوا أنتُم ولا آباؤُكُم، فَإيّاكُم وإيّاهُم». وفي رواية: «يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمانِ دَجّالُونَ كَذّابُونَ يَأتُونَكُم مِنَ الأَحادِيثِ بِما لَم تَسمَعُوا أنتُم ولا آباؤُكُم، فَإيّاكُم وإيّاهُم، لا يُضِلُّونَكُم ولا يَفتِنُونَكُم».
- في هذا الحديث من الفقه تشديد النهي عن الابتداع والتحذير من أهل البدع، والحض على الاتباع، وهو ينبه الإنسان ألا يكون في شيء من أمره إلا متبعا لمن يثق بسلامة ناحيته؛ وكونه ممن يصلح اتباعه على طريقة السنة. ( ابن هبيرة )
- هذا الحديث حذر النبي ﷺ فيه من أقوام يحدثون بالغرائب التي لا تعرف لا عندنا ولا عند آبائنا، وهذا التحذير يدل على الأمر بالبعد وعدم التشبث بما يحثون به. ( ابن عثيمين )

باب: فِـي الحَدِيثِ عَنْ أهْلِ الكِتابِ وسُؤالِهِمْ


٢٥١٠. (خ) (٣٤٦١) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «بَلِّغُوا عَنِّي ولَو آيَةً، وحَدِّثُوا عَن بَنِي إسرائِيلَ ولا حَرَجَ، ومَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَليَتَبوَّأ مَقعَدَهُ مِن النّارِ».
-أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم؛ لأنه كان تقدم منه ﷺ الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم، ثم حصل التوسع في ذلك، وكأن النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية والقواعد الدينية خشية الفتنة، ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار. وقال الشافعي: من المعلوم أن النبي ﷺ لا يجيز التحدث بالكذب فالمعنى حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه، وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم. ( ابن حجر )

٢٥١١. (خ) (٧٣٦١) عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ سَمِعَ مُعاوِيَةَ يُحَدِّثُ رَهطًا مِن قُرَيشٍ بِالمَدِينَةِ، وذَكَرَ كَعبَ الأحبارِ فَقالَ: إن كانَ مِن أصدَقِ هَؤُلاءِ المُحَدِّثِينَ الَّذِينَ يُحَدِّثُونَ عَن أهلِ الكِتابِ، وإن كُنّا مَعَ ذَلكَ لَنَبلُو عَلَيهِ الكَذِبَ.
- يعني: أن الكذب فيما يخبر به عن أهل الكتاب لا منه، فالأخبارُ التي يحكيها عن القوم يكون بعضُها كذباً، فأما كعبُ الأحبار فهو من خِيار الأحبار. ( ابن الجوزي )

٢٥١٢. (خ) (٧٣٦٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: كانَ أهلُ الكِتابِ يَقرَؤُونَ التَّوراةَ بِالعِبرانِيَّةِ ويُفَسِّرُونَها بِالعَرَبِيَّةِ لأَهلِ الإسلامِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا تُصَدِّقُوا أهلَ الكِتابِ ولا تُكَذِّبُوهُم: ﴿قُولُواْ آمَنّا بِاللَّهِ وما أُنزِلَ إلَيْنا﴾ الآيَةَ».
-هذا الحديث أصل في وجوب التوقف عما يشكل من الأمور والعلوم، فلا يقضى عليه بجواز، أو بطلان، ولا بتحليل ولا تحريم. وقد أمرنا أن نؤمن بالكتب المنزلة على الأنبياء إلا أن قُراء الكتب من اليهود والنصارى قد حرفوا وبدلوا ولا سبيل لنا إلى العلم بما هو صحيح منه، وأن ما يحكونه عن تلك الكتب هل هو مستقيم؟ فأمرنا بالتوقف فيه، فلا نصدقهم لئلا نكون شركاء معهم فيما حرفوه وبدلوه منه، ولا نكذب به، فلعله يكون صحيحا فنكون منكرين لما أمرنا أن نؤمن، ونقول: آمنا بما أنزل الله من كتاب، وعلى هذا كان توقف السلف رحمهم الله، عن بعض ما أشكل عليهم من الأحكام وتعليقهم القول فيه. ( الخطابي )

٢٥١٣. (خ) (٧٣٦٣) عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ؛ أنَّ ابنَ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: كَيفَ تَسأَلُونَ أهلَ الكِتابِ عَن شَيءٍ، وكِتابُكُم الَّذِي أُنزِلَ عَلى رَسُولِ اللهِ ﷺ أحدَثُ، تَقرَؤُونَه مَحضًا لَم يُشَب، وقَد حَدَّثَكُم أنَّ أهلَ الكِتابِ بَدَّلُوا كِتابَ اللهِ وغَيَّرُوهُ وكَتَبُوا بِأَيدِيهِم الكِتابَ، وقالُوا: هُوَ مِن عِندِ اللهِ، لِيَشتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا؟ ألا يَنهاكُم ما جاءَكُم مِن العِلمِ عَن مَسأَلَتِهِم؟ لا واللهِ ما رَأَينا مِنهُم رَجُلًا يَسأَلُكم عَنِ الَّذِي أُنزِلَ عَلَيكُم. وفي رواية: وعِندَكُم كِتابُ اللهِ، أقرَبُ الكُتُبِ عَهدًا بِاللهِ ...
- المحض: هو الخالص. والشوب: هو الذي يخلط به غيره.
- وفي هذا الحديث من الفقه: المنع من سؤال أهل الكتاب والرجوع إلى شيء مما معهم، وذلك أن الله تعالى قد شهد أنهم قد بدلوا وغيروا، فإذا استطلع مسلم أحدًا من أهل الكتاب عن شيء من التوراة لم يأمن أن يخبره بذلك المبدل المغير إذ كل شيء منه يجوز أن يكون التبديل قد أتى عليه، فلذلك منع منه.
- فأما قوله: " لَا وَاللهِ مَا رَأَينَا مِنهُم رَجُلًا يَسأَلُكم" فإنه يحتمل أن أهل الكتاب ليس عندهم احتفال بالدين، فلذلك لم يسألوا عنه، ويحتمل أن يكون أنهم لم يروكم أهلاً للسؤال على ما أنتم عليه من أداء الأمانة والاستحقاق لذلك، فكيف تأمنوهم أنتم على ما أخبر الله سبحانه به عنهم من الكذب والتبديل والافتراء حتى عليه جل جلاله. (ابن هبيرة).

باب: الـنَّهْيُ عَنِ التَّحْدِيثِ بِكُلِّ ما سَمِعَ


٢٥١٤. (م) (مقدمة) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَفى بِالمَرءِ كَذِبًا أن يُحَدِّثَ بِكُلِّ ما سَمِعَ». [أرسَلَهُ عَن حَفصِ بْنِ عاصِمٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ثُمَّ وصَلَه عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ].
-قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ تعالى: معنى الحديث أن من حدّث بكل ما سمع حصل له الحظّ الكافي من الكذب، فإن الإنسان يسمع الغثّ والسمين، والصحيح والسقيم، فإذا حدّث بكلّ ذلك حدّث بالسقيم وبالكذب، ثمّ يُحمَل عنه، فيكذب في نفسه، أو يُكذّب بسببه.

باب: كِتابَةُ العِلْمِ


٢٥١٥. (خ) (١١٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: ما مِن أصحابِ النَّبِيِّ ﷺ أحَدٌ أكثَرَ حَدِيثًا عَنهُ مِنِّي إلا ما كانَ مِن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإنَّهُ كانَ يَكتُبُ ولا أكتُبُ.
في هذا الحديث ما يدل على أن الكاتب من أصحاب رسول الله ﷺ كان يجمع بين حفظه بقلبه وبين ضبطه بخطه، والراوي إذا سمع من غير كتابه فإنه يعتمد على ما يحفظ بقلبه خاصة فيكون ضبطه من وجه واحد، وأما الكاتب فإنه يضبط من وجهين. ( ابن هبيرة )

باب: كَتْمُ العِلْمِ


٢٥١٦. (خ) (١٢٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: حَفِظتُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ وِعاءَينِ؛ فَأَمّا أحَدُهُما فَبَثَثتُهُ، وأَمّا الآخَرُ فَلَو بَثَثتُهُ قُطِعَ هَذا البُلعُومُ.
- قال أبو الزناد: فيه حفظ العلم والدؤوب عليه، والمواظبة على طلبه، وهي فضيلة لأبي هريرة، فضله ﷺ بها بأن قال له: تمت ابسط رداءك، ثم قال: ضمه، فما نسى شيئًا بعد، وهذا من بركة النبي. ( ابن بطال )
- وفيه: أنه جائز للإنسان أن يخبر عن نفسه بفضله إذا اضطر إلى ذلك، لاعتذار من شيء، أو لتبيين ما يلزمه تبيينه إذا لم يقصد بذلك الفخر.(ابن بطال).
- أما الذي بينه: فهو الأحاديث الشرعية المروية عنه.
وأما الذي كتمه: فلا يجوز أن يكون من الشرعيات؛ لأن كتمانها لا يجوز، بل قد قيل: إنه مما يرجع إلى الفتن؛ كقتل عثمان والحسين رضي الله عنهما وغير ذلك. ( ابن هبيرة )

باب: الـنَّهْيُ عَنِ التَّنَطُع والتَّكَلُّفِ


٢٥١٧. (م) (٢٦٧٠) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ». قالَها ثَلاثًا.
- قوله (المُتَنَطِّعُونَ) هو المتقعر في الكلام الذي يتنطع بكلامه أو بفعله، أو برأيه أو بغير ذلك مما يعده الناس خروجًا على المألوف. ( ابن عثيمين )
- وفيه التحذير من التنطع والتشدق والتقعر في النقاش (موسى شاهين).

٢٥١٨. (خ) (٧٢٩٣) عَنْ أنَسٍ ﵁ قالَ: كُنّا عِنْدَ عُمَرَ فَقالَ: نُهِينا عَنِ التَّكَلُّفِ.
- أصل التكلف: تتبع ما لا منفعة فيه، أو ما لا يؤمر به الإنسان، ولا يحصل إلا بمشقة، فأما إذا كان مأمورا به وفيه منفعة فلا وجه للذم. ( ابن الجوزي )
- النهي هنا عن التكلف في كل شيء حتى في أحوالك الخاصة، فاجعل الأمور تأتي على طبيعتها وعلى ما تيسر. ( ابن عثيمين )

باب: مَن دَعا إلى هُدًى أوْ ضَلالَةٍ


٢٥١٩. (م) (٢٦٧٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن دَعا إلى هُدًى كانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ مِثلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ لا يَنقُصُ ذَلكَ مِن أُجُورِهِم شَيئًا، ومَن دَعا إلى ضَلالَةٍ كانَ عَلَيهِ مِنَ الإثمِ مِثلُ آثامِ مَن تَبِعَهُ لا يَنقُصُ ذَلكَ مِن آثامِهِم شَيئًا».
- قوله" مَن دَعَا إِلَى هُدًى" يعني من علم الناس، فإن الداعي إلى الهدى هو الذي يعلم الناس ويبين لهم الحق ويرشدهم إليه، فهذا له مثل أجر من فعله.
وفي هذا دليل على كثرة أجور النبي ﷺ؛ لأنه دل الأمة على الهدى، فكل من عمل من هذه الأمة بهدي النبي ﷺ كان أجرا له من غير أن ينقص من أجورهم شيء، الأجر التام للفاعل والداعي. ( ابن عثيمين )
- ووجه التحذير أن الذي يحدث البدعة قد يتهاون بها لخفة أمرها في أول الأمر ولا يشعر بما يترتب عليها من المفسدة وهو أن يلحقه إثم من عمل بها من بعده، ولو لم يكن هو عمل بها بل لكونه كان الأصل في إحداثها. ( ابن حجر )

باب: مَتى يُحَدِّثُ النّاسَ


٢٥٢٠. (خ) (٦٣٣٧) عَنْ عِكْرِمَةَ، عَن ابْنِ عَبّاسٍ ﵄ قالَ: حَدِّث النّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإن أبَيتَ فَمَرَّتَينِ، فَإن أكثَرتَ فَثَلاثَ مِرارٍ، ولا تُمِلَّ النّاسَ هَذا القُرآنَ، ولا أُلفِيَنَّكَ تَأتِي القَومَ وهُم فِي حَدِيثٍ مِن حَدِيثِهِم، فَتَقُصُّ عَلَيهِم فَتَقطَعُ عَلَيهِم حَدِيثَهُم، فَتُمِلُّهُم، ولَكِن أنصِت، فَإذا أمَرُوكَ فَحَدِّثهُم وهُم يَشتَهُونَهُ، فانظُر السَّجعَ مِن الدُّعاءِ فاجتَنِبهُ، فَإنِّي عَهِدتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ وأَصحابَهُ لا يَفعَلُونَ إلا ذَلكَ. يَعنِي لا يَفعَلُونَ إلا ذَلكَ الاجتِنابَ.
- في هذا الحديث حسن التعليم للمتعلمين، وأن من آفة التعليم إكثاره حتى تعجز القلوب عن أن تعيه، أو تمله. ( ابن هبيرة )
- لكن المراد بهذا حديث الموعظة الذي يقصد به تحريك القلوب والوعظ، أما العلم فيكون في كل وقت. ( ابن عثيمين )
- قوله" فَتَقطَعُ عَلَيهِم حَدِيثَهُم"، هذا من الآداب تأتي إلى أناس يتحدثون فيما بينهم أحاديث مباحة ثم تأتي تريد وعظهم، قد لا يكونون على استعداد لقبول الموعظة، أما لو رأينا شيئًا محرم لابد من التنبيه.(ابن عثيمين).
- وفي هذا الحديث كراهية التكلف للسجع، فإن السجع داعية التكليف لكن ممن يأتي بالقول الحسن فانساق إلى قرائن، وما فيه نوع استجلاب للفهم مما يزيده حسنًا فلا بأس. (ابن هبيرة).

باب: طاعَةُ النَّبِيِّ ﷺ والِاقْتِداءُ بِهِ


٢٥٢١. (خ) (٧٢٨٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «كُلُّ أُمَّتِي يَدخُلُونَ الجَنَّةَ إلا مَن أبى». قالُوا: يا رَسُولَ اللهِ؛ ومَن يَأبى؟ قالَ: «مَن أطاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، ومَن عَصانِي فَقَد أبى».
٢٥٢٢. (خ) (٧٢٨١) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ يَقُولُ: جاءَت مَلائِكَةٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ وهُوَ نائِمٌ، فَقالَ بَعضُهُم: إنَّهُ نائِمٌ. وقالَ بَعضُهُم: إنَّ العَينَ نائِمَةٌ والقَلب يَقظانُ. فَقالُوا: إنَّ لِصاحِبِكُم هَذا مَثَلًا، فاضرِبُوا لَهُ مَثَلًا. فَقالَ بَعضُهُم: إنَّهُ نائِمٌ. وقالَ بَعضُهُم: إنَّ العَينَ نائِمَةٌ والقَلبَ يَقظانُ. فَقالُوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنى دارًا، وجَعَلَ فِيها مَأدُبَةً، وبَعَثَ داعِيًا، فَمَن أجابَ الدّاعِي دَخَلَ الدّارَ وأَكَلَ مِن المَأدُبَةِ، ومَن لَم يُجِب الدّاعِيَ لَم يَدخُل الدّارَ ولَم يَأكُل مِن المَأدُبَةِ. فَقالُوا: أوِّلُوها لَهُ يَفقَهها. فَقالَ بَعضُهُم: إنَّهُ نائِمٌ. وقالَ بَعضُهُم: إنَّ العَينَ نائِمَةٌ والقَلبَ يَقظانُ. فَقالُوا: فالدّارُ الجَنَّةُ، والدّاعِي مُحَمَّدٌ ﷺ، فَمَن أطاعَ مُحَمَّدًا ﷺ فَقَد أطاعَ اللهَ، ومَن عَصى مُحَمَّدًا ﷺ فَقَد عَصى اللهَ، ومُحَمَّدٌ ﷺ فَرْقٌ بَينَ النّاسِ.
- قوله " إِنَّ العَينَ نَائِمَةٌ وَالقَلب يَقظَانُ" فإنه الحق، وفيه دليل على أن غيره ﷺ ينام قلبه على إثر نوم عينه، فامتاز هو بأن قلبه لا ينام إذا نامت عيناه. (ابن هبيرة).
- قوله" فَمَن أَطَاعَ مُحَمَّدًا ﷺ " فهو دليل على وجوب الاعتصام بالسنة (ابن عثيمين).
- قوله" فَرْقٌ بَينَ النَّاسِ" بين المؤمن والكافر، والبر والفاجر.
وبعض الناس اليوم ينكر السنة، أو ينكر الرجوع إليها ويقول: عندنا القرآن نرجع إليه ولا نرجع إلي غيره، وهذا أخبر عنه النبي ﷺ قال: "لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيهِ أَمْرٌ مِمَّا أَمَرْتُ بِهِ أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ، فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، مَا وَجَدْنَا فِي كِتَابِ اللهِ اتَّبَعْنَاهُ"، قال: "إني أوتيتُ الكتابَ ومثلَه معه"، والذين يكفرون بالسنة كافرون بالكتاب؛ لأن السنة متممة له؛ فما ثبت عنه فهو كالقرآن تمامًا من حيث كونه شرعا يلتزم به. (ابن عثيمين).

٢٥٢٣. (خ) (٧٢٧٥) عَنْ أبِي وائِلٍ قالَ: جَلَستُ إلى شَيبَةَ فِي هَذا المَسْجِدِ، قالَ: جَلَسَ إلَيَّ عُمَرُ فِي مَجلِسِكَ هَذا فَقالَ: هَمَمتُ أن لا أدَعَ فِيها صَفراءَ ولا بَيضاءَ إلا قَسَمتُها بَينَ المُسلِمِين. قُلتُ: ما أنتَ بِفاعِلٍ، قالَ: لِمَ؟ قلت: لَم يَفعَلهُ صاحِباكَ. قالَ: هُما المَرءانِ يُقتَدى بِهِما. وفي رواية: عَن أبِي وائِلٍ قال: جَلَستُ مَعَ شَيبَةَ عَلى الكُرسِيِّ فِي الكَعبَةِ، فَقال ... مثله، وفيها: قال: هُما المَرءانِ أقتَدِي بِهِما.
- وشيبة بن عثمان هذا هو القرشي العبدري، له صحبة كنيته أبو عثمان، ويقال أبو صفية.
- قال القرطبي: غلط من ظن أن المراد بذلك حلية الكعبة وإنما المراد الكنز الذي بها وهو ما كان يهدى إليها فيدخر ما يزيد عن الحاجة، وقال بن الجوزي: كانوا في الجاهلية يهدون إلى الكعبة المال تعظيما إليها فيجتمع فيها.
- قوله" صَفرَاءَ وَلا بَيضَاءَ " هما الذهب والفضة، ولكنه لما ذكر بأن هذا شيء لم يفعله الرسول ﷺ ولا خليفته توقف، بل رجع، فهذا يدل على حرص عمر على اتباع السنة التي جاءت عن النبي ﷺ وعن أبي بكر. (ابن عثيمين)

كِتابُ الدُّعاءِ


باب: فِـي أسْماءِ اللهِ ﷿ وفِيمَن أحصاها


٢٥٢٤. (خ م) (٢٦٧٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «للهِ تِسعَةٌ وتِسعُونَ اسمًا، مَن حَفِظَها دَخَلَ الجَنَّةَ، وإنَّ اللهَ وِترٌ يُحِبُّ الوِترَ». وفِي رِوايَةٍ زادَ: «مِائةً إلّا واحِدًا مَن أحصاها دَخَلَ الجَنَّةَ».
- اتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى، فليس معناه: أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء، ولهذا جاء في الحديث الآخر: " أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو استأثرت به في علم الغيب عندك "، وقد ذكر الحافظ أبو بكر بن العربي المالكي عن بعضهم أنه قال: لله تعالى ألف اسم. قال ابن العربي: وهذا قليل فيها، والله أعلم.(النووي)
- قال الأصيلي: الإحصاء للأسماء العمل بها لا عدها وحفظها؛ لأن ذلك قد يقع للكافر المنافق؛ كما في حديث الخوارج " يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ".
- الإحصاء يقع بالقول ويقع بالعمل، فالذي بالعمل: أن لله أسماء يختص بها كالأحد، والمتعال، والقدير ونحوها، فيجب الإقرار بها والخضوع عندها، وله أسماء يستحب الاقتداء بها في معانيها: كالرحيم، والكريم، والعفو ونحوها، فيستحب للعبد أن يتحلى بمعانيها ليؤدي حق العمل بها، فبهذا يحصل الإحصاء العملي، وأما الإحصاء القولي: فيحصل بجمعها وحفظها والسؤال بها، ولو شارك المؤمن غيره في العد والحفظ، فإن المؤمن يمتاز عنه بالإيمان والعمل بها. (ابن حجر)
-قوله ﷺ: " إن الله وتر يحب الوتر "، الوتر: الفرد، ومعناه في حق الله تعالى: الواحد الذي لا شريك له ولا نظير، ومعنى " يحب الوتر ": تفضيل الوتر في الأعمال، وكثير من الطاعات، فجعل الصلاة خمسا، والطهارة ثلاثا، والطواف سبعا، والسعي سبعا، ورمي الجمار سبعا، وأيام التشريق ثلاثا، والاستنجاء ثلاثا، وكذا الأكفان، وفي الزكاة خمسة أوسق وخمس أواق من الورق، ونصاب الإبل وغير ذلك، وجعل كثيرا من عظيم مخلوقاته وترا منها السماوات، والأرضون، والبحار، وأيام الأسبوع وغير ذلك، وقيل: إن معناه منصرف إلى صفة من يعبد الله بالوحدانية والتفرد مخلصا له، والله أعلم.(النووي)

باب: مِن دُعاءِ النَّبِيِّ ﷺ


٢٥٢٥. (خ م) (٢٧١٧) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ أسلَمتُ، وبِكَ آمَنتُ، وعَلَيكَ تَوَكَّلتُ، وإلَيكَ أنَبتُ، وبِكَ خاصَمتُ، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِعِزَّتِكَ لا إلَهَ إلا أنتَ (أن تُضِلَّنِي، أنتَ الحَيُّ) الَّذِي لا يَمُوتُ، والجِنُّ والإنسُ يَمُوتُونَ».
-فهذا الحديث فيما يتعلق باليقين، والتوكل وتقدم أن الله جل وعلا أوجب على عباده الإيمان به، والتوكل عليه في جميع الأمور {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء:136]، وقال عز وجل: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا} [التغابن:8]، فالواجب على جميع الناس الإيمان بالله جل وعلا، وبما أنزل على أنبيائه، ومن الإيمان بذلك الإيمان بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلا، ومن الإيمان التوكل عليه  والتفويض إليه، والاعتماد عليه في كل الأمور مع فعل الأسباب.(ابن باز) رحمه الله
-التوكل يتضمن الاعتماد بالقلب على الله سبحانه، والإيمان بأنه مصرف الأمور ومدبر الأمور مع فعل الأسباب من صلاة وصوم وبيع وشراء وزرع وغير هذا من الأسباب، أسباب الدين وأسباب الدنيا، فالتوكل يجمع الأمرين العمل الصالح وعمل القلب مع عمل الجوارح في طاعة الله وفيما أباح الله من الكسب الذي يحتاجه.(ابن باز) رحمه الله

٢٥٢٦. (خ م) (٢٧١٩) عَنْ أبِي مُوسى الأَشعَرِيِّ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؛ أنَّهُ كانَ يَدعُو بِهَذا الدُّعاءِ: «اللَّهُمَّ اغفِر لِي خَطِيئَتِي وجَهلِي، وإسرافِي فِي أمرِي، وما أنتَ أعلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغفِر لِي جِدِّي وهَزلِي، وخَطَئِي وعَمدِي، وكُلُّ ذَلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغفِر لِي ما قَدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسرَرتُ وما أعلَنتُ، وما أنتَ أعلَمُ بِهِ مِنِّي، أنتَ المُقَدِّمُ وأَنتَ المُؤَخِّرُ، وأَنتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ».
-قوله ﷺ: " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي... إلى قوله: وكل ذلك عندي " أي: أنا متصف بهذه الأشياء، اغفرها لي، قيل: قاله تواضعا، وعد على نفسه فوات الكمال ذنوبا، وقيل: أراد ما كان عن سهو، وقيل: ما كان قبل النبوة، وعلى كل حال فهو ﷺ مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فدعا بهذا وغيره تواضعا؛ لأن الدعاء عبادة.(النووي)
- قال أهل اللغة: الإسراف: مجاوزة الحد.
‏-قوله ﷺ: " أنت المقدم وأنت المؤخر " يقدم من يشاء من خلقه إلى رحمته بتوفيقه، ويؤخر من يشاء عن ذلك لخذلانه.(النووي)

٢٥٢٧. (م) (٢٧١٦) عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيِّ قالَ: سَأَلتُ عائشةَ ﵂ عَمّا كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَدعُو بِهِ اللهَ؟ قالَت: كانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ ما عَمِلتُ ومِن شَرِّ ما لَم أعمَل».
-قوله ﷺ: " اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل " قالوا: معناه: من شر ما اكتسبته مما قد يقتضي عقوبة في الدنيا، أو يقتضي في الآخرة وإن لم أكن قصدته، ويحتمل أن المراد تعليم الأمة الدعاء.(النووي)

٢٥٢٨. (م) (٢٧١٨) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ إذا كانَ فِي سَفَرٍ وأَسحَرَ يَقُولُ: «سَمَّعَ سامِعٌ بِحَمدِ اللهِ وحُسنِ بَلائِهِ عَلَينا، رَبَّنا صاحِبنا وأَفضِل عَلَينا، عائِذًا بِاللهِ مِنَ النّارِ».
٢٥٢٩. (م) (٢٧٢٠) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أصلِح لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصمَةُ أمرِي، وأَصلِح لِي دُنيايَ الَّتِي فِيها مَعاشِي، وأَصلِح لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيها مَعادِي، واجعَلِ الحَياةَ زِيادَةً لِي فِي كُلِّ خَيرٍ، واجعَلِ المَوتَ راحَةً لِي مِن كُلِّ شَرٍّ».
٢٥٣٠. (م) (٢٧٢١) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ كانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أسأَلُكَ الهُدى والتُّقى والعَفافَ والغِنى».
-قوله ﷺ: " اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى " ‏أما العفاف والعفة فهو التنزه عما يباح والكف عنه، و " الغنى " هنا: غنى النفس، والاستغناء عن الناس وعما في أيديهم.(النووي)

٢٥٣١. (م) (٢٧٢٢) عَنْ زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ ﵁ قالَ: لا أقُولُ لَكُم إلاَّ كَما كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقُولُ، كانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ العَجزِ والكَسَلِ والجُبنِ والبُخلِ والهَرَمِ وعَذابِ القَبرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفسِي تَقواها، وزَكِّها أنتَ خَيرُ مَن زَكّاها، أنتَ ولِيُّها ومَولاها، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، ومِن قَلبٍ لا يَخشَعُ، ومِن نَفسٍ لا تَشبَعُ، ومِن دَعوَةٍ لا يُستَجابُ لَها».
-هذا الحديث وغيره من الأدعية المسجوعة دليل لما قاله العلماء؛ أن السجع المذموم في الدعاء هو المتكلف، فإنه يذهب الخشوع والخضوع والإخلاص، ويلهي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب، فأما ما حصل بلا تكلف ولا إعمال فكر لكمال الفصاحة ونحو ذلك، أو كان محفوظا فلا بأس به، بل هو حسن. (النووي)

٢٥٣٢. (م) (٢٧٢٣) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قالَ: كانَ نَبِيُّ اللهِ ﷺ إذا أمسى قالَ: «أمسَينا وأَمسى المُلكُ للهِ، والحَمدُ للهِ، لا إلَهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلكُ ولَهُ الحَمدُ وهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، ربِّ أسأَلُكَ خَيرَ ما فِي هَذِهِ اللَّيلَةِ وخَيرَ ما بَعدَها، وأَعُوذُ بِكَ مِن شَرِّ ما فِي هَذِهِ اللَّيلَةِ وشَرِّ ما بَعدَها، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ وسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِن عَذابٍ فِي النّارِ وعَذابٍ فِي القَبرِ». وإذا أصبَحَ قالَ ذَلكَ أيضًا: «أصبَحنا وأَصبَحَ المُلكُ للهِ». وفي رواية نحوه وزاد: «... اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَلِ والهَرَمِ وسُوءِ الكِبَرِ وفِتنَةِ الدُّنيا وعَذابِ القَبرِ».
٢٥٣٣. (م) (٢٧٢٥) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ ﵁ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «قُلِ: اللَّهُمَّ اهدِنِي وسَدِّدنِي، واذكُر بِالهُدى هِدايَتَكَ الطَّرِيقَ، والسَّدادِ سَدادَ السَّهمِ».
-وأصل السداد: الاستقامة والقصد في الأمور، وأما الهدى هنا فهو الرشاد، ويذكر ويؤنث، ومعنى: " اذكر بالهدى هدايتك الطريق، والسداد سداد السهم " أي: تذكر ذلك في حال دعائك بهذين اللفظين؛ لأن هادي الطريق لا يزيغ عنه، ومسدد السهم يحرص على تقويمه، ولا يستقيم رميه حتى يقومه، وكذا الداعي ينبغي أن يحرص على تسديد علمه وتقويمه، ولزومه السنة، وقيل: ليتذكر بهذا لفظ السداد والهدى؛ لئلا ينساه. (النووي)

باب: ما كانَ يُكْثِرُ النَّبِيُّ ﷺ الدُّعاءَ بِهِ


٢٥٣٤. (خ م) (٢٦٩٠) عَنْ قَتادَةَ؛ أنَّهُ سَأَلَ أنَسًا ﵁: أيُّ دَعوَةٍ كانَ يَدعُو بِها النَّبِيُّ ﷺ أكثَرَ؟ قالَ: كانَ أكثَرُ دَعوَةٍ يَدعُو بِها يَقُولُ: «اللَّهُمَّ آتِنا فِي الدُّنيا حَسَنَةً، وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنا عَذابَ النّارِ». (قالَ: وكانَ أنَسٌ إذا أرادَ أن يَدعُوَ بِدَعوَةٍ دَعا بِها، فَإذا أرادَ أن يَدعُوَ بِدُعاءٍ دَعا بِها فِيهِ).
-قال الشيخ عماد الدين بن كثير: الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، وولد بار، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هنيء، وثناء جميل إلى غير ذلك مما شملته عباراتهم فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا، وأما الحسنة في الآخرة فأعلاها دخول الجنة وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات، وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الآخرة، وأما الوقاية من عذاب النار فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم، وترك الشبهات، قلت: أو العفو محضا، ومراده بقوله: وتوابعه ما يلتحق به في الذكر لا ما يتبعه حقيقة. (ابن حجر)

باب: الدُّعاءُ بِما عَمِلَ مِنَ الأَعْمالِ الصّالِحَةِ


٢٥٣٥. (خ م) (٢٧٤٣) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄، عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «بَينَما ثَلاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّونَ أخَذَهُم المَطَرُ، فَأَوَوا إلى غارٍ فِي جَبَلٍ، فانحَطَّت عَلى فَمِ غارِهِم صَخرَةٌ مِن الجَبَلِ فانطَبَقَت عَلَيهِم، فَقالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ: انظُرُوا أعمالًا عَمِلتُمُوها صالِحَةً للهِ؛ فادعُوا اللهَ تَعالى بِها، لَعَلَّ اللهَ يَفرُجُها عَنكُم. فَقالَ أحَدُهُم: اللَّهُمّ إنَّهُ كانَ لِي والِدانِ شَيخانِ كَبِيرانِ، وامرَأَتِي، ولِي صِبيَةٌ صِغارٌ أرعى عَلَيهِم، فَإذا أرَحتُ عَلَيهِم حَلَبتُ، فَبَدَأتُ بِوالِدَيَّ فَسَقَيتُهُما قَبلَ بَنِيَّ، وأَنَّهُ نَأى بِي ذاتَ يَومٍ الشَّجَرُ، فَلَم آتِ حَتّى أمسَيتُ، فَوَجَدتُهُما قَد ناما، فَحَلَبتُ كَما كُنتُ أحلُبُ، فَجِئتُ بِالحِلابِ فَقُمتُ عِنْدَ رُؤُوسِهِما، أكرَهُ أن أُوقِظَهُما مِن نَومِهِما، وأَكرَهُ أن أسقِيَ الصِّبيَةَ قَبلَهُما، والصِّبيَةُ يَتَضاغَونَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَلَم يَزَل ذَلكَ دَأبِي ودَأبَهم حَتّى طَلَعَ الفَجرُ، فَإن كُنتَ تَعلَمُ أنِّي فَعَلتُ ذَلكَ ابتِغاءَ وجهِكَ فافرُج لَنا مِنها فُرجَةً نَرى مِنها السَّماءَ. فَفَرَجَ اللهُ مِنها فُرجَةً فَرَأَوا مِنها السَّماءَ، وقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إنَّهُ كانَت لِيَ ابنَةُ عَمٍّ، أحبَبتُها كَأَشَدِّ ما يُحِبُّ الرِّجال النِّساءَ، وطَلَبتُ إلَيها نَفسَها، فَأَبَت حَتّى آتِيَها بِمِائَةِ دِينارٍ، فَتَعِبتُ حَتّى جَمَعتُ مِائَةَ دِينارٍ، فَجِئتُها بِها، فَلَمّا وقَعتُ بَينَ رِجلَيها قالَت: يا عَبدَ اللهِ؛ اتَّقِ اللهَ، ولا تَفتَح الخاتَمَ إلا بِحَقِّهِ، فَقُمتُ عَنها، فَإن كُنتَ تَعلَمُ أنِّي فَعَلتُ ذَلكَ ابتِغاءَ وجهِكَ فافرُج لَنا مِنها فُرجَةً. فَفَرَجَ لَهُم، وقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إنِّي كُنتُ استَأجَرتُ أجِيرًا بِفَرَقِ أرُزٍّ، فَلَمّا قَضى عَمَلَهُ قالَ: أعطِنِي حَقِّي. فَعَرَضتُ عَلَيهِ فَرَقَهُ، فَرَغِبَ عَنهُ، فَلَم أزَل أزرَعُهُ حَتّى جَمَعتُ مِنهُ بَقَرًا ورِعاءَها، فَجاءَنِي فَقالَ: اتَّقِ اللهَ، ولا تَظلِمنِي حَقِّي. قُلتُ: اذهَب إلى تِلكَ البَقَرِ ورِعائِها فَخُذها، فَقالَ: اتَّقِ اللهَ، ولا تَستَهزِئ بِي. فَقُلتُ: إنِّي لا أستَهزِئُ بِكَ، خُذ ذَلكَ البَقَرَ ورِعاءَها، فَأَخَذَهُ فَذَهَبَ بِهِ، فَإن كُنتَ تَعلَمُ أنِّي فَعَلتُ ذَلكَ ابتِغاءَ وجهِكَ فافرُج لَنا ما بَقِيَ. فَفَرَجَ اللهُ ما بَقِيَ».
-استدل أصحابنا بهذا على أنه يستحب للإنسان أن يدعو في حال كربه، وفي دعاء الاستسقاء وغيره بصالح عمله، ويتوسل إلى الله تعالى به ; لأن هؤلاء فعلوه فاستجيب لهم، وذكره النبي ﷺ في معرض الثناء عليهم، وجميل فضائلهم. (النووي)
-وفي هذا الحديث فضل بر الوالدين، وفضل خدمتهما وإيثارهما عمن سواهما من الأولاد والزوجة وغيرهم.
- وفيه فضل العفاف والانكفاف عن المحرمات، لا سيما بعد القدرة عليها والهم بفعلها، وتركها لله تعالى خالصا.
- وفيه جواز الإجارة، وفضل حسن العهد، وأداء الأمانة، والسماحة في المعاملة.
- وفيه إثبات كرامات الأولياء، وهو مذهب أهل الحق. (النووي)

باب: الدُّعاءُ عِنْدَ الكَرْبِ


٢٥٣٦. (خ م) (٢٧٣٠) عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﵄؛ أنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ كانَ يَقُولُ عِنْدَ الكَربِ: «لا إلَهَ إلا اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلا اللهُ رَبُّ العَرشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلا اللهُ رَبُّ السَّماواتِ ورَبُّ الأَرضِ ورَبُّ العَرشِ الكَرِيمِ».
وفي رواية (م): كانَ يَدعُو بِهِنَّ ويَقُولُهنَّ ....
وفي رواية (م): كانَ إذا حَزَبَهُ أمرٌ قالَ ... وزادَ مَعَهُنَّ: «لا إلهَ إلا اللهُ رَبُّ العَرشِ الكَرِيمِ».
وفي رواية (خ) فِي أوَّلِهِ: «لا إلهَ إلا اللهُ العَلِيمُ الحَلِيمُ ...».

باب: دَعْوَةُ الـمَرْءِ الـمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجابَةٌ


٢٥٣٧. (م) (٢٧٣٢) عَنْ صَفْوانَ ابْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوانَ وكانَت تَحتَهُ الدَّرْداءُ قالَ: قَدِمتُ الشّامَ، فَأَتَيتُ أبا الدَّرْداءِ فِي مَنزِلِهِ، فَلَم أجِدهُ، ووَجَدتُ أُمَّ الدَّرْداءِ، فَقالَت: أتُرِيدُ الحَجَّ العامَ؟ فَقُلتُ: نَعَم، قالَت: فادعُ اللهَ لَنا بِخَيرٍ، فَإنَّ النَّبِيَّ ﷺ كانَ يَقُولُ: «دَعوَةُ المَرءِ المُسلِمِ لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيبِ مُستَجابَةٌ، عِنْدَ رَأسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّما دَعا لأَخِيهِ بِخَيرٍ قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، ولَكَ بِمِثلٍ». قالَ: فَخَرَجتُ إلى السُّوقِ، فَلَقِيتُ أبا الدَّرْداءِ فَقالَ لِي مِثلَ ذَلكَ؛ يَروِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ. ورَوى عَن أُمِّ الدَّرْداءِ قالت: حَدَّثَنِي سَيِّدِي [أبو الدَّرْداءِ] ﵁؛ أنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يقول: «مَن دَعا لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيبِ قالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، ولَكَ بِمِثلٍ».
-في هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب، ولو دعا لجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا لجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة ; لأنها تستجاب، ويحصل له مثلها.(النووي)

باب: يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ ما لَمْ يَعْجَلْ


٢٥٣٨. (خ م) (٢٧٣٥) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «يُستَجابُ لأَحَدِكُم ما لَمْ يَعْجَلْ؛ فَيَقُولُ: قَد دَعَوتُ فَلا أو فَلَم يُستَجَب لِي». وفي رواية (م): «لا يَزالُ يُستَجابُ لِلعَبدِ ما لَم يَدعُ بِإثمٍ أو قَطِيعَةِ رَحِمٍ، ما لَم يَستَعجِل». قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ؛ ما الاستِعجالُ؟ قالَ: يَقُولُ: «قَد دَعَوتُ، وقَد دَعَوتُ، فَلَم أرَ يَستَجِيبُ لِي، فَيَستَحسِرُ عِنْدَ ذَلكَ ويَدَعُ الدُّعاءَ».
-قال أهل اللغة: يقال: حسر واستحسر، إذا أعيا وانقطع عن الشيء، والمراد هنا أنه ينقطع عن الدعاء، ومنه قوله تعالى: { لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون } أي: لا ينقطعون عنها، ففيه أنه ينبغي إدامة الدعاء، ولا يستبطئ الإجابة. (النووي)

باب: العَزْمُ فِـي الدُّعاءِ، ولا يَقُلْ إنْ شِئْتَ


٢٥٣٩. (خ م) (٢٦٧٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قالَ: قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لا يَقُولَنَّ أحَدُكُم: اللَّهُمَّ اغفِر لِي إن شِئتَ، اللَّهُمَّ ارحَمنِي إن شِئتَ، لِيَعزِم فِي الدُّعاءِ، فَإنَّ اللهَ (صانِعٌ) ما شاءَ، لا مُكرِهَ لَهُ». لَفظُ (خ): «إنَّه يَفعَلُ ما يَشاءُ». وفي رواية (خ): «فَإنَّهُ لا مُستَكرِهَ لَهُ».
ولَهُما عَن أنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «إذا دَعا أحَدُكُم فَليَعزِمْ فِي الدُّعاءِ، ولا يَقُل: اللَّهُمَّ إن شِئتْ فَأَعطِني، فَإنَّ اللهَ لا مُسْتَكْرِهَ لَهُ».
-قال العلماء: عزم المسألة: الشدة في طلبها، والجزم من غير ضعف في الطلب، ولا تعليق على مشيئة ونحوها، وقيل: هو حسن الظن بالله تعالى في الإجابة، ومعنى الحديث: استحباب الجزم في الطلب، وكراهة التعليق على المشيئة، قال العلماء: سبب كراهته أنه لا يتحقق استعمال المشيئة إلا في حق من يتوجه عليه الإكراه، والله تعالى منزه عن ذلك، وهو معنى قوله ﷺ في آخر الحديث: فإنه لا مستكره له، وقيل: سبب الكراهة أن في هذا اللفظ صورة الاستعفاء على المطلوب والمطلوب منه. (النووي)

باب: الدُّعاءُ عِنْدَ صِياحِ الدِّيَكَةِ


٢٥٤٠. (خ م) (٢٧٢٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إذا سَمِعتُم صِياحَ الدِّيَكَةِ فاسأَلُوا اللهَ مِن فَضلِهِ، فَإنَّها رَأَت مَلَكًا، وإذا سَمِعتُم نَهِيقَ الحِمارِ فَتَعَوَّذُوا باللهِ مِن الشَّيطانِ، فَإنَّها رَأَت شَيطانًا».
- سببه رجاء تأمين الملائكة على الدعاء، واستغفارهم، وشهادتهم بالتضرع والإخلاص. ( القاضي عياض)
- وفائدة الأمر بالتعوذ لما يخشى من شر الشيطان وشر وسوسته، فيلجأ إلى الله في دفع ذلك. (ابن حجر)

باب: فِـي كَراهِيَةِ تَمَنِّي الـمَوْتِ لِضُرٍّ يَنْزِلُ والدُّعاءُ بِالخَيْرِ


٢٥٤١. (خ م) (٢٦٨٠) عَنْ أنَسٍ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُم المَوتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإن كانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَليَقُل: اللَّهُمَّ أحيِنِي ما كانَت الحَياةُ خَيرًا لِي، وتَوَفَّنِي إذا كانَت الوَفاةُ خَيرًا لِي».
-فيه التصريح بكراهة تمني الموت لضر نزل به من مرض، أو فاقة، أو محنة من عدو، أو نحو ذلك من مشاق الدنيا، فأما إذا خاف ضررا في دينه أو فتنة فيه فلا كراهة فيه ; لمفهوم هذا الحديث وغيره، وقد فعل هذا الثاني خلائق من السلف عند خوف الفتنة في أديانهم. (النووي)
- وفيه أنه إن خاف ولم يصبر على حاله في بلواه بالمرض ونحوه فليقل: اللهم أحيني إن كانت الحياة خيرا لي... إلخ، والأفضل الصبر، والسكون للقضاء.(النووي)

ولَهُما عَنهُ قالَ: لَولا أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوتَ»، لَتَمَنَّيتُهُ.
٢٥٤٢. (خ م) (٢٦٨٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَن رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «لا يَتَمَنّى أحَدُكُم المَوتَ، (ولا يَدعُ بِهِ مِن قَبلِ أن يَأتِيَهُ، إنَّهُ إذا ماتَ أحَدُكُم انقَطَعَ عَمَلُهُ، وإنَّهُ لا يَزِيدُ المُؤمِنَ عُمرُهُ إلا خَيرًا)». لَفظُ (خ): «إمّا مُحسِنًا فَلَعَلَّهُ أن يَزدادَ خَيرًا، وإمّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أن يَستَعتِبَ».
٢٥٤٣. (خ م) (٢٦٨١) عَنْ قَيْسِ بْنِ أبِي حازِمٍ قالَ: دَخَلنا عَلى خَبّابٍ، وقَد اكتَوى سَبعَ كَيّاتٍ فِي بَطنِهِ، فَقالَ: لَو ما أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَهانا أن نَدعُوَ بِالمَوتِ لَدَعَوتُ. زادَ (خ) عَنهُ: فَقالَ: إنَّ أصحابَنا الَّذِينَ سَلَفُوا مَضَوا ولَم تَنْقُصْهُمُ الدُّنيا، وإنّا أصَبنا ما لا نَجِدُ لَه مَوْضِعًا إلا التُّرابَ، ولَولا أنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهانا أن نَدعُوَ بِالمَوتِ لَدَعَوتُ بِهِ. ثُمَّ أتَيناهُ مَرَّةً أُخرى وهُو يَبنِي حائِطًا لَهُ، فَقالَ: إنَّ المُسلِمَ لَيُؤجَرُ فِي كُلِّ شَيءٍ يُنفِقُهُ إلا فِي شَيءٍ يَجعَلُهُ فِي هَذا التُّرابِ.

١ س١/"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو(.......)"

٥/٠