كِتابُ الصَّلاةِ


باب: بَدْءُ الأَذانِ


٢٧١. (خ م) (٣٧٧) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ قالَ: كانَ المُسلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ يَجتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَواتِ، ولَيسَ يُنادِي بِها أحَدٌ، فَتَكَلَّمُوا يَومًا فِي ذَلكَ، فَقالَ بَعضُهُم: اتَّخِذُوا ناقُوسًا مِثلَ ناقُوسِ النَّصارى، وقالَ بَعضُهُم: قَرنًا مِثلَ قَرنِ اليَهُودِ، فَقالَ عُمَرُ: أوَلا تَبعَثُونَ رَجُلًا يُنادِي بِالصَّلاةِ؟ قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يا بِلالُ؛ قُم فَنادِ بِالصَّلاةِ».
-الحكمة من الأذان أربعة أمور: أحدها إظهار شعار الإسلام وكلمة التوحيد، والإعلام بدخول وقت الصلاة، وبمكانها، والدعاء إلى الجماعة.
-فيه منقبة عظيمة لعمر ﵁ في إصابته الصواب.
-وفيه التشاور في الأمور المهمة وأنه ينبغي للمتشاورين أن يقول كل واحد منهم ما عنده، ثم صاحب الأمر يفعل ما فيه المصلحة (الكرماني).
-يختار للأذان أصحاب الأصوات النَّدِية المستحسنة، ويكره من ذلك ما فيها غلظٌ وفظاعةٌ، أو تكلفٌ وزيادةٌ، ولذلك قال عمرُ بن عبدالعزيز : " أذِّن أذاناً سمحاً، وإلا فاعتزلنا " (القاضي عياض).

باب: صِفَةُ الأَذانِ


٢٧٢. (خ م) (٣٧٨) عَنْ أنَسٍ ﵁ قالَ: أُمِرَ بِلالٌ أن يَشفَعَ الأذانَ ويُوتِرَ الإقامَةَ إلا الإقامَةَ.
٢٧٣. (م) (٣٧٩) عَنْ أبِي مَحْذُورَةَ ﵁؛ أنَّ نَبِيَّ اللهِ ﷺ عَلَّمَهُ هَذا الأَذانَ: «اللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبَرُ، أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ، أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ، أشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَقُولُ: أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ، أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ، أشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أشهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلى الصَّلاةِ، مَرَّتَينِ، حَيَّ عَلى الفَلاحِ، مَرَّتَينِ، اللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبَرُ، لا إلَهَ إلا اللهُ».

باب: فَضْلُ الأَذانِ


٢٧٤. (خ م) (٣٨٩) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «إذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أدبَرَ الشَّيطانُ لَهُ ضُراطٌ حَتّى لا يَسمَعَ التَّأذِينَ، فَإذا قُضِيَ التَّأذِينُ أقبَلَ، حَتّى إذا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ أدبَرَ، حَتّى إذا قُضِيَ التَّثوِيبُ أقبَلَ، حَتّى يَخطُرَ بَينَ المَرءِ ونَفسِهِ يَقُولُ لَهُ: اذكُر كَذا، واذكُر كَذا، لِما لَم يَكُن يَذكُرُ مِن قَبلُ، حَتّى يَظَلَّ الرَّجُلُ ما يَدرِي كَم صَلّى». وفِي رِوايَةِ (م): «حَتّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إنْ يَدْرِي كَيْفَ صَلّى»، وفِي رِوايَةِ (م): «... حَتّى لا يَسْمَعَ صَوْتَهُ، فَإذا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ...».
وفي رواية: «فَإذا لَم يَدْر أحَدُكُم كَم صَلّى فَليَسجُد سَجدَتَينِ وهُوَ جالِسٌ».
وفي رواية (م): «فَهَنّاهُ ومَنّاهُ، وذكَّرَهُ مِن حاجَتِهِ ما لَم يَذكُر».
ورَوى (م) عَن سُهَيلِ بْنِ أبِي صالحٍ قالَ: أرسَلَنِي أبِي إلى بَنِي حارِثَةَ، قالَ: ومَعِي غُلامٌ لَنا أو صاحِبٌ لَنا، فَناداهُ مُنادٍ مِن حائِطٍ بِاسمِهِ، قالَ: وأَشرَفَ الَّذِي مَعِي عَلى الحائِطِ فَلَم يَرَ شَيئًا، فَذَكَرتُ ذَلكَ لِأَبي فَقالَ: لَو شَعَرتَ أنَّكَ تَلقى هَذا لَم أُرسِلكَ، ولَكِن إذا سَمِعتَ صَوتًا فَنادِ بِالصَّلاةِ، فَإنِّي سَمِعتُ أبا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أنَّهُ قالَ: «إنَّ الشَّيطانَ إذا نُودِيَ بِالصَّلاةِ ولّى ولَهُ حُصاصٌ».
-روي أن الشيطان يبعد حين يسمع النداء إلى مثل الروحاء عن المدينة، كما في صحيح مسلم من حديث جابر ﵁ قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : «إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ذَهَبَ حَتَّى يَكُونَ مَكَانَ الرَّوْحَاءِ». والروحاء : مكان يبعد عن المدينة ستة وثلاثون ميلا.

٢٧٥. (خ م) (٣٨٢) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُغِيرُ إذا طَلَعَ الفَجرُ، وكانَ يَستَمِعُ الأَذانَ، فَإن سَمِعَ أذانًا أمسَكَ وإلا أغارَ، (فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبَرُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «عَلى الفِطرَةِ». ثُمَّ قالَ: أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ، أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ. فَقالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «خَرَجتَ مِن النّارِ». فَنَظَرُوا؛ فَإذا هُوَ راعِي مِعزىً).
٢٧٦. (م) (٣٨٦) عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وقّاصٍ ﵁، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن قالَ حِينَ يَسمَعُ المُؤَذِّنَ: أشهَدُ أن لا إلَهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وأَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا وبِالإسلامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنبُهُ». وفي رواية: «من قال حين يسمعُ المؤذِّنَ: وأَنا أشهَدُ».
-فيه استحباب الصلاة على رسول الله ﷺ بعد فراغه من متابعة المؤذن، واستحباب سؤال الوسيلة له.

٢٧٧. (م) (٣٨٧) عَنْ مُعاوِيَةَ بْنِ أبِي سُفْيانَ ﵄ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «المُؤَذِّنُونَ أطوَلُ النّاسِ أعناقًا يَومَ القِيامَةِ».
٢٧٨. (خ) (٦٠٩) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي صَعْصَعَةَ الأَنْصارِيِّ ثُمَّ المازِنِيِّ؛ أنَّ أبا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ﵁ قالَ لَهُ: إنِّي أراكَ تُحِبُّ الغَنَمَ والبادِيَةَ، فَإذا كُنتَ فِي غَنَمِكَ أو بادِيَتِكَ فَأَذَّنتَ بِالصَّلاةِ فارفَع صَوتَكَ بِالنِّداءِ؛ «فَإنَّهُ لا يَسمَعُ مَدى صَوتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ ولا إنسٌ ولا شَيءٌ إلا شَهِدَ لَهُ يَومَ القِيامَةِ»، قالَ أبُو سَعِيدٍ: سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ.

باب: مِنَ السُّنَّةِ أنْ يَقُولَ مِثْلَ ما يَقُولُ الـمُؤَذِّنُ


٢٧٩. (خ م) (٣٨٣) عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «إذا سَمِعتُم النِّداءَ فَقُولُوا مِثلَ ما يَقُولُ المُؤَذِّنُ».
٢٨٠. (م) (٣٨٥) عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إذا قالَ المُؤَذِّنُ: اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، فَقالَ أحَدُكُم: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ثُمَّ قالَ: أشهَدُ أن لا ِإلَه إلّا اللُه، قالَ: أشهَدُ أن لا ِإلَهَ إلّا اللُه، ثُمَّ قالَ: أشهَدُ أنَّ مُحمدًا رَسُولُ اللهِ، قالَ: أشهدُ أنّ مُحمدًا رَسُولُ اللهِ، ثُمَّ قالَ: حَيَّ عَلى الصَّلاةِ، قالَ: لا َحولَ ولا قُوَّةَ إلّا ِباللهِ، ثُمَّ قالَ: حَيَّ عَلى الفَلاحِ قالَ: لا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بِاللهِ، ثُمَّ قالَ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، قالَ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ثُمَّ قالَ: لا إلهَ إلّا اللهُ، قالَ: لا إلَهَ إلا اللهُ؛ مِن قَلبِهِ دَخَلَ الجَنَّةَ».
ورَوى (خ) عَنْ أبِي أُمامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قالَ: سَمِعْتُ مُعاوِيَةَ بْنَ أبِي سُفْيانَ وهُوَ جالِسٌ عَلى المِنبَرِ أذَّنَ المُؤَذِّنُ قالَ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، قالَ مُعاوِيَةُ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ، قالَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ فَقالَ مُعاوِيَةُ: وأَنا، فَقالَ: أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَقالَ مُعاوِيَةُ: وأَنا، فَلَمّا أنْ قَضى التَّأْذِينَ قالَ: يا أيُّها النّاسُ إنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلى هَذا المَجْلِسِ حِينَ أذَّنَ المُؤَذِّنُ يَقُولُ ما سَمِعْتُمْ مِنِّي مِن مَقالَتِي.
-فيه أنه يستحب أن يقول السامع كل كلمة بعد فراغ المؤذن منها ولا ينتظر فراغه من كل الأذان.
-وفيه أنه يستحب أن يقول بعد قوله : "وأنا أشهد أن محمدا رسول الله رضيت بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا".
-واعلم أنه يستحب إجابة المؤذن بالقول مثل قوله لكل من سمعه من متطهر، ومحدث، وجنب، وحائض وغيرهم ممن لا مانع له من الإجابة، فمن أسباب منع الإجابة مع المؤذن أن يكون في الخلاء، أو نحوه، ومنها أن يكون في صلاة فمن كان في صلاة فريضة أو نافلة فسمع المؤذن لم يوافقه وهو في الصلاة فإذا سلم أتى بمثله. (النووي).
-وفيه أن الأعمال يشترط لها القصد والإخلاص لقوله ﷺ : "من قلبه".

٢٨١. (م) (٣٨٤) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄؛ أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «إذا سَمِعتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثلَ ما يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّه مَن صَلّى عَلَيَّ صَلاةً صَلّى اللهُ عَلَيهِ بِها عَشرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فَإنَّها مَنزِلَةٌ فِي الجَنَّةِ، لا تَنبَغِي إلّا لِعَبدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرجُو أن أكُونَ أنا هُوَ، فَمَن سَأَلَ لِيَ الوَسِيلةَ حَلَّت لَهُ الشَّفاعَةُ».
٢٨٢. (خ) (٦١٤) عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن قالَ حِينَ يَسمَعُ النِّداءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعوَةِ التّامَّةِ، والصَّلاةِ القائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابعَثهُ مَقامًا مَحمُودًا الَّذِي وعَدتَهُ؛ حَلَّت لَهُ شَفاعَتِي يَومَ القِيامَةِ».
-وفيه أنه يستحب لمن رغب غيره في خير أن يذكر له شيئا من دلائله؛ لينشطه؛ لقوله ﷺ : "فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشرا , ومن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة".

باب: فَرْضُ الصَّلاةِ


٢٨٣. (خ م) (١٢) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ قالَ: (نُهِينا أن نَسأَلَ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَن شَيءٍ، فَكانَ يُعجِبُنا أن يَجِيءَ الرَّجُلُ مِن أهلِ البادِيَةِ العاقِلُ فَيَسأَلَهُ ونَحنُ نَسمَعُ،) فَجاءَ رَجُلٌ مِن أهلِ البادِيَةِ فَقالَ: يا مُحَمَّدُ؛ أتانا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنا أنَّكَ تَزعُمُ أنَّ اللهَ أرسَلَكَ. قالَ: «صَدَقَ». قالَ: فَمَن خَلَقَ السَّماءَ؟ قالَ: «اللهُ». قالَ: فَمَن خَلَقَ الأَرضَ؟ قالَ: «اللهُ». قالَ: فَمَن نَصَبَ هَذِهِ الجِبالَ وجَعَلَ فِيها ما جَعَلَ؟ قالَ: «اللهُ». قالَ: فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّماءَ، وخَلَقَ الأَرضَ، ونَصَبَ هَذِهِ الجِبالَ؛ آللهُ أرسَلَكَ؟ قالَ: «نَعَم». قالَ: وزَعَمَ رَسُولُكَ أنَّ عَلَينا خَمسَ صَلَواتٍ فِي يَومِنا ولَيلَتِنا. قالَ: «صَدَقَ». قالَ: فَبِالَّذِي أرسَلَكَ؛ آللهُ أمَرَكَ بِهَذا؟ قالَ: «نَعَم». قالَ: وزَعَمَ رَسُولُكَ أنَّ عَلَينا زَكاةً فِي أموالِنا. قالَ: «صَدَقَ». قالَ: فَبِالَّذِي أرسَلَكَ؛ آللهُ أمَرَكَ بِهَذا؟ قالَ: «نَعَم». قالَ: وزَعَمَ رَسُولُكَ أنَّ عَلَينا صَومَ شَهرِ رَمَضانَ فِي سَنَتِنا. قالَ: «صَدَقَ». قالَ: فَبِالَّذِي أرسَلَكَ؛ آللهُ أمَرَكَ بِهَذا؟ قالَ: «نَعَم». قالَ: وزَعَمَ رَسُولُكَ أنَّ عَلَينا حَجَّ البَيتِ مَن استَطاعَ إلَيهِ سَبِيلا. قالَ: «صَدَقَ». قالَ: ثُمَّ ولّى، قالَ: والَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لا أزِيدُ عَلَيهِنَّ ولا أنقُصُ مِنهُنَّ. فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَئِن صَدَقَ لَيَدخُلَنَّ الجَنَّةَ». وفي رواية (م): كنا نهينا في القرآن أن نسأل ... الحديث، رَواهُ (خ) بِمَعناهُ عَن أنَسٍ: بَينَما نَحنُ جُلُوسٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي المسجِدِ، دَخَلَ رَجُلٌ عَلى جَمَلٍ فَأَناخَهُ فِي المَسْجِدِ، ثُمَّ عَقَلَهُ، ثُمَّ قالَ لَهُم: أيُّكُم مُحَمَّدٌ؟ والنَّبِيُّ ﷺ مُتَّكِئٌ بَينَ ظَهرانَيهِم، فَقُلنا: هَذا الرَّجُلُ الأَبيَضُ المُتَّكِئُ. فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ: ابنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «قَد أجَبتُكَ». فَقالَ الرَّجُلُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: إنِّي سائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيكَ فِي المَسأَلَةِ، فَلا تَجِد عَلَيَّ فِي نَفسِكَ. فَقالَ: «سَل عَمّا بَدا لَكَ». فَقالَ: أسأَلُكَ بِرَبِّكَ ورَبِّ مَن قَبلَكَ؛ آللهُ أرسَلَكَ إلى النّاسِ كُلِّهِم؟ فَقالَ: «اللَّهُمَّ نَعَم». قالَ: أنشُدُكَ باللهِ؛ آللهُ أمَرَكَ أن نُصَلِّيَ الصَّلَواتِ الخَمسَ فِي اليَومِ واللَّيلَةِ؟ قالَ: «اللَّهُمَّ نَعَم». قالَ: أنشُدُكَ بِاللهِ؛ آللهُ أمَرَكَ أن نَصُومَ هَذا الشَّهرَ مِن السَّنَةِ؟ قالَ: «اللَّهُمَّ نَعَم». قالَ: أنشُدُكَ بِاللهِ؛ آللهُ أمَرَكَ أن تَأخُذَ هَذِهِ الصَّدَقَةَ مِن أغنِيائِنا فَتَقسِمَها عَلى فُقَرائِنا؟ فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «اللَّهُمَّ نَعَم». فَقالَ: الرَّجُلُ آمَنتُ بِما جِئتَ بِهِ، وأَنا رَسُولُ مَن ورائِي مِن قَومِي، وأَنا ضِمامُ بنُ ثَعلَبَةَ أخُو بَنِي سَعدِ بْنِ بَكرٍ.

باب: أوَّلُ ما فُرِضَتِ الصَّلاةُ رَكعَتَيْنِ


٢٨٤. (خ م) (٦٨٥) عَنْ عائِشَةَ ﵂؛ أنَّ الصَّلاةَ أوَّلَ ما فُرِضَت رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّت صَلاةُ السَّفَرِ، وأُتِمَّت صَلاةُ الحَضَرِ. قالَ الزُّهرِيُّ: فَقُلتُ لِعُروَةَ: ما بالُ عائِشَةَ تُتِمُّ فِي السَّفَرِ؟ قالَ: إنَّها تَأَوَّلَت كَما تَأَوَّلَ عُثْمانُ.
وفي رواية (خ): ... ثُمَّ هاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ فَفُرِضَت أربعًا، وتُرِكَت صَلاةُ السَّفَر عَلى الأُولى.
- فيه قبول خبر الواحد؛ فإنه لم ينقل أن قومه كذبوه فيما أخبرهم به. ( ابن الملقن )
- جواز الاتكاء بين الناس. ( ابن الملقن )
- التواضع؛ فإنه ﵇ كان يجلس مختلطًا بهم، وهو من تواضعه. ( ابن الملقن )
- كان عمر بن عبد العزيز ﵀ يقول في خطبته : "ألا إن أفضل الفضائل أداء الفرائض واجتناب المحارم". ( ابن عبر البر ).
- وفيه جواز التحليف والتأكيد للأمور المهمة والأخبار الهائلة، وجواز الحلف في ذلك كما قال تعالى: ﴿وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَق﴾ ( القاضي عياض ).
- وفيه صبر العالم على جفاء السائل الجاهل، وبيان ما يلزمه للمتعلم المسترشد، وإجابته لما يرى أنه ينفعه ويحتاج إليه في دينه. ( القاضي عياض ).
- وفيه جواز قول ما تدعو إليه الضرورة من خشن الكلام، والاعتذار منه، لقوله ما قال ثم قال: " إِنِّي سَائِلُكَ فَمُشَدِّدٌ عَلَيكَ فِي المَسأَلَةِ، فَلَا تَجِد عَلَيَّ فِي نَفسِكَ " وقبول النبي ﷺ اعتذاره منه. ( القاضي عياض )

باب: فَضْلُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ.


٢٨٥. (خ م) (٦٦٧) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «أرَأَيتُم لَو أنَّ نَهرًا بِبابِ أحَدِكُم يَغتَسِلُ مِنهُ كُلَّ يَومٍ خَمسَ مَرّاتٍ؛ هَل يَبقى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ؟» قالُوا: لا يَبقى مِن دَرَنِهِ شَيءٌ. قالَ: «فَذَلكَ مَثَلُ الصَّلَواتِ الخَمسِ يَمحُو اللهُ بِهِنَّ الخَطايا».
٢٨٦. (م) (٢٣٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يَقُولُ: «الصَّلَواتُ الخَمسُ، والجُمعَةُ إلى الجُمعَةِ، ورَمَضانُ إلى رَمَضانَ مُكَفِّراتٌ ما بَينَهُنَّ إذا اجتَنَبَ الكَبائِرَ». وفي رواية: «... ما لَم تُغشَ الكَبائِرُ».
-الصحيح الذي ذهب إليه كثير من العلماء، أن الصلوات تكفر الصغائر مطلقا إذا لم يصر عليها، فإنها بالإصرار عليها تكون من الكبائر.
-فيه التعليم بضرب الأمثال "أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم" .

باب: أوْقاتُ الصَّلَواتِ الخَمْسِ


٢٨٧. (خ م) (٦٤٧) عَنْ سَيّارِ بْنِ سَلامَةَ قالَ: سَمِعتُ أبِي يَسأَلُ أبا بَرزَةَ عَن صَلاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ قالَ [شُعبَةُ]: قُلتُ: آنتَ سَمِعتَهُ؟ قالَ: فَقالَ: كَأَنَّما أسمَعُكَ السّاعَةَ. قالَ: سَمِعتُ أبِي يَسأَلُهُ عَن صَلاةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقالَ: كانَ لا يُبالِي بَعضَ تَأخِيرِها قالَ: يَعنِي العِشاءَ إلى نِصفِ اللَّيلِ، ولا يُحِبُّ النَّومَ قَبلَها ولا الحَدِيثَ بَعدَها، وكانَ يُصَلِّي الظُّهرَ حِينَ تَزُولُ الشَّمسُ، والعَصرَ يَذهَبُ الرَّجُل إلى أقصى المَدِينَةِ والشَّمسُ حَيَّةٌ، قالَ: والمَغرِبَ؛ لا أدرِي أيَّ حِينٍ ذَكَرَ، قالَ: وكانَ يُصَلِّي الصُّبحَ فَيَنصَرِفُ الرَّجُلُ فَيَنظُرُ إلى وجهِ جَلِيسِهِ الَّذِي يَعرِفُ فَيَعرِفُهُ، قالَ: وكانَ يَقرَأُ فِيها بِالسِّتِّينَ إلى المِائَةِ.
وفي رواية (خ): كانَ يُصَلِّي الهَجِيرَ الَّتِي تَدعُونَها الأُولى حِينَ تَدحَضُ الشَّمسُ ...
٢٨٨. (م) (٦١٢) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «وقتُ الظُّهرِ إذا زالَت الشَّمسُ وكانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ ما لَم يَحضُر العَصرُ، ووَقتُ العَصرِ ما لَم تَصفَرَّ الشَّمسُ، ووَقتُ صَلاةِ المَغرِبِ ما لَم يَغِب الشَّفَقُ، ووَقتُ صَلاةِ العِشاءِ إلى نِصفِ اللَّيلِ الأَوسَطِ، ووَقتُ صَلاةِ الصُّبحِ مِن طُلُوعِ الفَجرِ ما لَم تَطلُع الشَّمسُ، فَإذا طَلَعَت الشَّمسُ فَأَمسِك عَنِ الصَّلاةِ، فَإنَّها تَطلُعُ بَينَ قَرنَي شَيطانٍ».
وفي رواية: «ووَقتُ المَغرِبِ ما لَم يَسقُط ثَورُ الشَّفَقِ».
وفي رواية: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَن وقتِ الصَّلَواتِ؟ فَقالَ: «... ووَقتُ صَلاةِ الظُّهرِ إذا زالَتِ الشَّمسُ عَن بَطنِ السَّماءِ ما لَم يَحضُرِ العَصرُ، ووَقتُ صَلاةِ العَصرِ ما لَم تَصفَرَّ الشَّمسُ ويَسقُط قَرنُها الأَوَّلُ ...».
-الصلاة مفروضة ومؤقتة في أوقات محددة؛ فليس للإنسان أن يتقدم هذه الأوقات فيصليها قبل الوقت، وليس له أن يؤخرها.
-إذا صلى الإنسان في البيت، أو كانوا جماعة يصلون في مكان مظلل أو في المكيفات فلا حاجة إلى الإبراد؛ لأن الهدف من الإبراد انكسار شدة الحر؛ حتى يؤدي الإنسان الصلاة بطمأنينة وحضور قلب.
-كان الصحابة ﵃ يصلي أحدهم ويسجد على طرف ردائه من شدة الحر.
-استحباب التبكير بصلاة العصر. (الراجحي).

٢٨٩. (م) (٦١٣) عَن بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ: أنَّ رَجُلًا أتى النَّبِيَّ ﷺ فَسَأَلَهُ عَن مَواقِيتِ الصَّلاةِ؟ فَقالَ: «اشهَد مَعَنا الصَّلاةَ». فَأَمَرَ بِلالًا فَأَذَّنَ بِغَلَسٍ فَصَلّى الصُّبحَ حِينَ طَلَعَ الفَجرُ، ثُمَّ أمَرَهُ بِالظُّهرِ حِينَ زالَتِ الشَّمسُ عَن بَطنِ السَّماءِ، ثُمَّ أمَرَهُ بِالعَصرِ والشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ، ثُمَّ أمَرَهُ بِالمَغرِبِ حِينَ وجَبَتِ الشَّمسُ، ثُمَّ أمَرَهُ بِالعِشاءِ حِينَ وقَعَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أمَرَهُ الغَدَ فَنَوَّرَ بِالصُّبحِ، ثُمَّ أمَرَهُ بِالظُّهرِ فَأَبرَدَ، ثُمَّ أمَرَهُ بِالعَصرِ والشَّمسُ بَيضاءُ نَقِيَّةٌ لَم تُخالِطها صُفرَةٌ، ثُمَّ أمَرَهُ بِالمَغْرِبِ قَبْلَ أنْ يَقَعَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أمَرَهُ بِالعِشاءِ عِنْدَ ذَهابِ ثُلُثِ اللَّيْلِ أوْ بَعْضِهِ، فَلَمّا أصْبَحَ قالَ: «أيْنَ السّائِلُ؟ ما بَيْنَ ما رَأَيْتَ وقْتُ».
٢٩٠. (م) (٦١٤) عَنْ أبِي مُوسى الأَشْعَرِيِّ ﵁، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أنَّهُ أتاهُ سائِلٌ يَسأَلُهُ عَن مَواقِيتِ الصَّلاةِ، فَلَم يَرُدَّ عَلَيهِ شَيئًا، قالَ: فَأَقامَ الفَجرَ حِينَ انشَقَّ الفَجرُ والنّاسُ لا يَكادُ يَعرِفُ بَعضُهُم بَعضًا، ثُمَّ أمَرَهُ فَأَقامَ بِالظُّهرِ حِينَ زالَتِ الشَّمسُ والقائِلُ يَقُولُ: قَدِ انتَصَفَ النَّهارُ، وهُوَ كانَ أعلَمَ مِنهُم، ثُمَّ أمَرَهُ فَأَقامَ بِالعَصرِ والشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ، ثُمَّ أمَرَهُ فَأَقامَ بالمَغرِبَ حِينَ وقَعَتِ الشَّمسُ، ثُمَّ أمَرَهُ فَأَقامَ العِشاءَ حِينَ غابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أخَّرَ الفَجرَ مِنَ الغَدِ حَتّى انصَرَفَ مِنها والقائِلُ يَقُولُ: قَد طَلَعَتِ الشَّمسُ أو كادَت، ثُمَّ أخَّرَ الظُّهرَ حَتّى كانَ قَرِيبًا مِن وقتِ العَصرِ بِالأَمسِ، ثُمَّ أخَّرَ العَصرَ حَتّى انصَرَفَ مِنها والقائِلُ يَقُولُ: قَدِ احمَرَّتِ الشَّمسُ، ثُمَّ أخَّرَ المَغرِبَ حَتّى كانَ عِنْدَ سُقُوطِ الشَّفَقِ، ثُمَّ أخَّرَ العِشاءَ حَتّى كانَ ثُلُثُ اللَّيلِ الأَوَّلُ، ثُمَّ أصبَحَ فَدَعا السّائِلَ فَقالَ: «الوَقتُ بَينَ هَذَينِ».
-دلت النصوص على أن الجمع بين صلاتين من غير عذر من كبائر الذنوب.

باب: النَّهْيُ عَنْ تَأْخِيرِ الصَّلاةِ عَنْ وقْتِها


٢٩١. (خ م) (٦١٠) عَنِ ابْنِ شِهابٍ؛ أنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيزِ أخَّرَ العَصرَ شَيئًا فَقالَ لَهُ عُروَةُ: أما إنَّ جِبرِيلَ قَد نَزَلَ فَصَلّى إمامَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ لَهُ عُمَرُ: اعْلَمْ ما تَقُولُ يا عُروَةُ. فَقالَ: سَمِعتُ بَشِيرَ بنَ أبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعتُ أبا مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «نَزَلَ جِبرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيتُ مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيتُ مَعَهُ». يَحسُبُ بِأَصابِعِهِ خَمسَ صَلَواتٍ. وفِي رِوايَةٍ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَهُ أنَّ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أخَّرَ الصَّلاةَ يَوْمًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أبُو مَسْعُودٍ الأَنْصارِيُّ فَقالَ: ما هَذا؟ وفِي آخِرِها: بِهَذا أُمِرْتُ.
٢٩٢. (م) (٦٤٨) عَنْ أبِي ذَرٍّ ﵁ قالَ: قالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «كَيفَ أنتَ إذا كانَت عَلَيكَ أُمَراءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاةَ عَن وقتِها أو يُمِيتُونَ الصَّلاةَ عَن وقتِها؟» قالَ: قُلتُ: فَما تَأمُرُنِي؟ قالَ: «صَلِّ الصَّلاةَ لِوَقتِها، فَإن أدرَكتَها مَعَهُم فَصَلِّ، فَإنَّها لَكَ نافِلَةٌ».
٢٩٣. (خ) (٥٣٠) عَنِ الزُّهْرِيِّ يَقُولُ: دَخَلتُ عَلى أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁ بِدِمَشقَ وهُوَ يَبكِي فَقلت: ما يُبكِيكَ؟ فَقالَ: لا أعرِفُ شَيئًا مِمّا أدرَكتُ إلا هَذِهِ الصَّلاةَ، وهَذِهِ الصَّلاةُ قَد ضُيِّعَت.

باب: الـتَّغْلِيسُ بِصَلاةِ الصُّبْحِ


٢٩٤. (خ م) (٦٤٦) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قالَ: لَمّا قَدِمَ الحَجّاجُ المَدِينَةَ، فَسَأَلنا جابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ ﵄، فَقالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي الظُّهرَ بِالهاجِرَةِ، والعَصرَ والشَّمسُ نَقِيَّةٌ، والمَغرِبَ إذا وجَبَت، والعِشاءَ أحيانًا يُؤَخِّرُها وأَحيانًا يُعَجِّلُ، كانَ إذا رَآهُم قَد اجتَمَعُوا عَجَّلَ، وإذا رَآهُم قَد أبطَؤوا أخَّرَ، والصُّبحَ كانُوا، أو قالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّيها بِغَلَسٍ.
وفي رواية (خ): إذا كَثُرَ النّاسُ عَجَّلَ، وإذا قَلُّوا أخَّرَ.
-الحديث دال عَلَى المبادرة بالمغرب في أول وقتها بمجرد الغروب، وهو إجماع. (ابن الملقن ).
-فيه أن شأن النبي ﷺ لصلاة الفجر "التغليس": أي يصليها في غلس، وهو ظلمة آخر الليل، يعني أول وقتها، وأن ذلك أفضل؛ إذ كان ﵇ يثابر على الأفضل والأولى. (القاضي عياض)

٢٩٥. (خ م) (٦٤٥) عَنْ عائِشَةَ زَوجِ النَّبِيِّ ﷺ قالَت: لَقَد كانَ نِساءٌ مِن المُؤمِناتِ يَشهَدنَ الفَجرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ مُتَلَفِّعاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنقَلِبنَ إلى بُيُوتِهِنَّ وما يُعرَفنَ مِن تَغلِيسِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِالصَّلاةِ. وفي رواية (خ): أو لا يَعرِفُ بَعضُهُنَّ بَعضًا.
-فيه دليل على خروج النساء للمساجد، ومبادرة خروجهن قبل الرجال عند تمام الصلاة؛ لئلا يزاحمن الرجال وليستترن منهم، ولاغتنام ظلمة الغلس، ولمبادرتهن لمراعاة بيوتهن. ( القاضي عياض ).

٢٩٦. (خ) (٥٧٧) عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ﵁ يَقُولُ: كُنتُ أتَسَحَّرُ فِي أهلِي، ثُمَّ يَكُونُ سُرعَةٌ بِي أن أُدرِكَ صَلاةَ الفَجرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ.

باب: الـمُحافَظَةُ عَلى صَلاةِ الصُّبْحِ والعَصْرِ


٢٩٧. (خ م) (٦٣٢) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «يَتَعاقَبُونَ فِيكُم مَلائِكَةٌ بِاللَّيلِ ومَلائِكَةٌ بِالنَّهارِ، ويَجتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الفَجرِ وصَلاةِ العَصرِ، ثُمَّ يَعرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكُم، فَيَسأَلُهُم رَبُّهُم وهُوَ أعلَمُ بِهِم: كَيفَ تَرَكتُم عِبادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكناهُم وهُم يُصَلُّونَ، وأَتَيناهُم وهُم يُصَلُّونَ».
٢٩٨. (خ م) (٦٣٥) عَنْ أبِي مُوسى الأَشْعَرِيِّ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «مَن صَلّى البَردَينِ دَخَلَ الجَنَّةَ».
٢٩٩. (خ م) (٦٣٣) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵁؛ أنه قالَ: كُنّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، إذ نَظَرَ إلى القَمَرِ لَيلَةَ البَدرِ فَقالَ: «أما إنَّكُم سَتَرَونَ رَبَّكُم كَما تَرَونَ هَذا القَمَرَ، لا تُضامُّونَ فِي رُؤيَتِهِ، فَإن استَطَعتُم أن لا تُغلَبُوا عَلى صَلاةٍ قَبلَ طُلُوعِ الشَّمسِ وقَبلَ غُرُوبِها». يَعنِي العَصرَ والفَجرَ، ثُمَّ قَرَأَ (جَرِيرٌ): ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِها﴾ [طه: ١٣٠].
٣٠٠. (م) (٦٣٤) عَنْ عُمارَةَ بْنِ رُؤَيْبَةَ ﵁ قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَن يَلِجَ النّارَ أحَدٌ صَلّى قَبلَ طُلُوعِ الشَّمسِ وقَبلَ غُرُوبِها». يَعنِي الفَجرَ والعَصرَ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ مِن أهلِ البَصرَةِ: آنتَ سَمِعتَ هَذا مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قالَ: نَعَم. قالَ الرَّجُلُ: وأَنا أشهَدُ أنِّي سَمِعتُهُ مِن رَسُولِ اللهِ ﷺ، سَمِعَتهُ أُذُنايَ ووَعاهُ قَلبِي.

باب: وقْتُ الظُّهْرِ


٣٠١. (م) (٦١٨) عَنْ جابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ﵁ قالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي الظُّهرَ إذا دَحَضَتِ الشَّمسُ.
٣٠٢. (م) (٦١٩) عَنْ خَبّابِ بْنِ الأَرَتِّ ﵁ قالَ: أتَينا رَسُولَ اللهِ ﷺ فَشَكَونا إلَيهِ حَرَّ الرَّمضاءِ، فَلَم يُشكِنا. قالَ زُهَيرٌ: قُلتُ لأَبِي إسحَقَ: أفِي الظُّهرِ؟ قالَ: نَعَم. قُلتُ: أفِي تَعجِيلِها؟ قالَ: نَعَم. وفي رواية: شَكَونا إلى رَسُولِ اللهِ ﷺ الصَّلاةَ فِي الرَّمضاءِ فَلَم يُشكِنا.

باب: الإبْرادُ بالظُّهْرِ فِـي شِدَّةِ الحَرِّ


٣٠٣. (خ م) (٦١٦) عَنْ أبِي ذَرٍّ ﵁ قالَ: أذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِالظُّهرِ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أبرِد، أبرِد» أو قالَ: «انتَظِر، انتَظِر»، وقالَ: «إنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِن فَيحِ جَهَنَّمَ، فَإذا اشتَدَّ الحَرُّ فَأَبرِدوا عَنِ الصَّلاةِ». قالَ أبُو ذَرٍّ: حَتّى رَأَينا فَيءَ التُّلُولِ. وفي رواية (خ): حَتى ساوى الظِّلُّ التُّلولَ.
٣٠٤. (خ م) (٦١٧) عَنْ أبِي هُرَيرَةَ َ ﵁ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اشتَكَت النّارُ إلى رَبِّها فَقالَت: يا رَبِّ؛ أكَلَ بَعضِي بَعضًا. فَأَذِنَ لَها بِنَفَسَينِ؛ نَفَسٍ فِي الشِّتاءِ، ونَفَسٍ فِي الصَّيفِ، فَهوَ أشَدُّ ما تَجِدُونَ مِن الحَرِّ، وأَشَدُّ ما تَجِدُونَ مِن الزَّمهَرِيرِ».

باب: وقْتُ صَلاةِ العَصْرِ


٣٠٥. (خ م) (٦٢١) عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ ﵁؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كانَ يُصَلِّي العَصرَ والشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ حَيَّةٌ، فَيَذهَبُ الذّاهِبُ إلى العَوالِي، فَيَأتِي العَوالِيَ والشَّمسُ مُرتَفِعَةٌ. زادَ (خ): وبَعْضُ العَوالِي مِن المَدِينَةِ عَلى أرْبَعَةِ أمْيالٍ أوْ نَحْوِهِ.
٣٠٦. (خ م) (٦٢٣) عَنْ أبِي أُمامَةَ بْنِ سَهْلٍ قالَ: صَلَّينا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ الظُّهرَ، ثُمَّ خَرَجنا حَتّى دَخَلنا عَلى أنَسِ بْنِ مالِكٍ، فَوَجَدناهُ يُصَلِّي العَصرَ، فَقُلتُ: يا عَمِّ؛ ما هَذِهِ الصَّلاةُ الَّتِي صَلَّيتَ؟ قالَ: العَصرُ، وهَذِهِ صَلاةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ الَّتِي كُنّا نُصَلِّي مَعَهُ.
٣٠٧. (خ م) (٦٢٥) عَنْ رافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ﵁ قالَ: كُنّا نُصَلِّي العَصرَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ تُنحَرُ الجَزُورُ فَتُقسَمُ عَشَرَ قِسَمٍ، ثُمَّ تُطبَخُ، فَنَأكُلُ لَحمًا نَضِيجًا قَبلَ مَغِيبِ الشَّمسِ.
٣٠٨. (خ م) (٦١١) عَنْ عائِشَةَ ﵂ قالَت: كانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي العَصرَ والشَّمسُ طالِعَةٌ فِي حُجرَتِي، لَم يَفِئ الفَيءُ بَعدُ.

باب: الـتَّبْكِيرُ بِصَلاةِ العَصْرِ والـتَّشْدِيدُ فِـي الَّذِي تَفُوتُهُ أوْ يُؤخِّرُها


٣٠٩. (خ م) (٦٢٦) عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄؛ أنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قالَ: «الَّذِي تَفُوتُهُ صَلاةُ العَصرِ كَأَنَّما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ ».
ولَهُما عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ مَرفُوعًا: «مِنَ الصَّلاةِ صَلاةٌ مَن فاتَتْهُ فكأنّما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ».
٣١٠. (م) (٦٢٢) عَنِ العَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أنَّهُ دَخَلَ عَلى أنَسِ بْنِ مالِكٍ فِي دارِهِ بِالبَصرَةِ، حِينَ انصَرَفَ مِنَ الظُّهرِ، ودارُهُ بِجَنبِ المَسْجِدِ، فَلَمّا دَخَلنا عَلَيهِ، قالَ: أصَلَّيتُمُ العَصرَ؟ فَقُلنا لَهُ: إنَّما انصَرَفنا السّاعَةَ مِنَ الظُّهرِ، قالَ: فَصَلُّوا العَصرَ، فَقُمنا فَصَلَّينا، فَلَمّا انصَرَفنا، قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَقُولُ: «تِلكَ صَلاةُ المُنافقِ، يَجلِسُ يَرقُبُ الشَّمسَ، حَتّى إذا كانَت بَينَ قَرنَيِ الشَّيطانِ قامَ فَنَقَرَها أربَعًا، لا يَذكُرُ اللَّهَ فِيها إلّا قَلِيلًا».
٣١١. (خ) (٥٥٣) عَنْ أبِي المَلِيحِ قالَ: كُنّا مَعَ بُرَيدَةَ ﵁ فِي غَزوَةٍ، فِي يَومٍ ذِي غَيمٍ، فَقالَ: بَكِّرُوا بِصَلاةِ العَصرِ؛ فَإنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «مَن تَرَكَ صَلاةَ العَصرِ فَقَد حَبِطَ عَمَلُهُ».

١ أول من اقترح النداء للصلاة هو

٥/٠