باب فضل قيام الليل


قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، وقال تَعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ} [السجدة: 16] الآية، وقال تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17].
1160 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا، يَا رَسُولَ الله، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأخَّرَ؟ قَالَ: «أفَلاَ أكُونُ عَبْدًا شَكُورًا!». متفقٌ عَلَيْهِ.
وَعَن المُغِيرَةِ بن شُعبة نَحْوهُ متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- جعل النبي ﷺ هذه الأعمال من شكر نعمة الله ﷿، فدل ذلك على أن الشكر هو القيام بطاعة المنعم، وليس الإنسان إذا قال: أشكر الله. هذا شكر باللسان، ولكن لا يكفي، لابد من الشكر بالجوارح والقيام بطاعة الله عز وجل.
- لو قال قائل: هل الأفضل في صلاة الليل أن أطيل القيام، أو أن أطيل السجود والركوع؟ قلنا: انظر ما هو أصلح لقلبك، قد يكون الإنسان في حال السجود أخشع وأحضر قلبا، وقد يكون في حال القيام يقرأ القرآن ويتدبر القرآن، ويحصل له لطائف من كتاب الله ﷿ ما لا يحصل له في حال السجود، ولكن الأفضل أن يجعل صلاته متناسبة إذا أطال القيام أطال الركوع والسجود، وإذا قصر القيام قصر الركوع والسجود، حتى تكون متناسبة كصلاة النبي ﷺ والله أعلم.

1161 - وعن علي - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ لَيْلًا، فَقَالَ: «أَلاَ تُصَلِّيَانِ؟». متفقٌ عَلَيْهِ.
«طَرَقَهُ»: أتَاهُ لَيْلًا.
1162 - وعن سالم بن عبدِ الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم - عن أبيِهِ: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيلِ» قَالَ سالِم: فَكَانَ عَبدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَنامُ مِنَ اللَّيلِ إِلاَّ قَلِيلًا. متفقٌ عَلَيْهِ.
1163 - وعن عبد الله بن عَمرو بن العاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبدَ اللهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ؛ كَانَ يَقُومُ اللَّيلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيلِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1164 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أصْبَحَ، قَالَ: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيطَانُ في أُذُنَيْهِ - أَوْ قَالَ: في أُذُنِهِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- جعل النبي ﷺ هذه الأعمال من شكر نعمة الله ﷿، فدل ذلك على أن الشكر هو القيام بطاعة المنعم، وليس الإنسان إذا قال: أشكر الله. هذا شكر باللسان، ولكن لا يكفي، لابد من الشكر بالجوارح والقيام بطاعة الله عز وجل.
- لو قال قائل: هل الأفضل في صلاة الليل أن أطيل القيام، أو أن أطيل السجود والركوع؟ قلنا: انظر ما هو أصلح لقلبك، قد يكون الإنسان في حال السجود أخشع وأحضر قلبا، وقد يكون في حال القيام يقرأ القرآن ويتدبر القرآن، ويحصل له لطائف من كتاب الله ﷿ ما لا يحصل له في حال السجود، ولكن الأفضل أن يجعل صلاته متناسبة إذا أطال القيام أطال الركوع والسجود، وإذا قصر القيام قصر الركوع والسجود، حتى تكون متناسبة كصلاة النبي ﷺ والله أعلم.

1165 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُمْ، إِذَا هُوَ نَامَ، ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَويلٌ فَارْقُدْ، فَإن اسْتَيقَظَ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى انحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإنْ تَوَضّأ، انْحَلّتْ عُقدَةٌ، فَإنْ صَلَّى، انْحَلَّتْ عُقَدُهُ، فَأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإلاَّ أصْبحَ خَبيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
«قافية الرَّأس»: آخِرُهُ.
1166 - وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ: أفْشُوا السَّلامَ، وَأطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلاَمٍ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
قال ابن عثيمين ﵀:
- اعلم أنّ خطاب الشرع إذا صدر بالنداء، دل ذلك على أهمية هذا الخطاب، لأن النداء يوجب تنبه المخاطب، فإنه فرق بين أن تقول الكلام مرسلاً وبين أن تنادي من تخاطب، فالثاني يكون أبلغ في التنبيه والانتباه.
- لو قلت: أهلاً ومرحباً، بدل السلام، ما أجزأك، لأن أهلاً ومرحباً ما فيها دعاء، فيها صحيح: تحية، تهنئة، ولكنها ليست فيها دعاء. فالسلام المشروع أن تقول: السلام عليكم.
- يجب على المَُسلَّم عليه أن يرد كما سلم عليه، هذا أمر واجب لقول الله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَاۗ ﴾ [النساء:86]، فإذا قال: السلام عليكم. فقلت: أهلا ومرحبا أبا فلان، حياك الله سررنا بمجيئك، تفضل، كل هذه الكلمات لا تجزئ عن كلمة واحدة ما هي؟ عليك السلام. لابد أن تقول عليك السلام، فإن لم تفعل فأنت آثم عليك وزر، لأنك تركت واجبا، فحيوا بأحسن منها أو ردوها. كذلك أيضا إذا سلم عليك بصوت مرتفع بين واضح، لا ترد عليه السلام بنفسك، هذا لا يجوز لأنك لم ترد بمثلها ولا بأحسن منها، فقوله تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، يشمل الصيغة، وصفة الأداء.
- إطعامك أهلك من الزوجات والأولاد بنين أو بنات ومن في بيتك أفضل ما يكون، أفضل من أن تتصدق على مسكين، لأنّ إطعامك أهلك قيام بواجب، والقيام بالواجب أفضل من القيام بالتطوع لقول الله تعالى في الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه).
- ربما كان أحسن وألذ النوم ما كان من بعد منتصف الليل إلى الفجر، فإذا قام الإنسان في هذا الوقت لله عز وجل يتهجد، يتقرب إليه بكلامه وبدعاء خاشع بين يديه، والناس نائمون فهذا من أفضل الأعمال.
- (تدخلوا الجنة بسلام) ظاهره أنه بلا عقاب ولا عذاب لأن من عذب لم يسلم. فهذه الأمور الثلاثة في هذا الحديث من أسباب دخول الجنة بسلام.

1167 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ: صَلاَةُ اللَّيْلِ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- صلاة الليل أفضل من صلاة النهار، ما عدا الرواتب التابعة للمكتوبات فإنها أفضل من النفل المطلق في الليل، فمثلا راتبة الظهر أربع ركعات بسلامين قبلها وركعتان بعدها، أفضل من ست في الليل، لأنّها راتبة مؤكدة، تابعة للفريضة، وأما النفل المطلق ففي الليل أفضل من النهار، ولهذا قال: أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل.

1168 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإذَا خِفْتَ الصُّبْحَ فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1169 - وعنه، قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، وَيُوتِرُ بِرَكْعَةٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- صلاة الليل تكون مثنى مثنى، لا يمكن أن تصلي أربعا، بل لابد من اثنين ويسلم، اثنين ويسلم، قال الإمام أحمد رحمه الله: فإن قام إلى الثالثة ناسياً فهو كما لو قام إلى ثالثة في الفجر.
- الوتر لا يكون بعد طلوع الفجر، إذا طلع الفجر انتهى وقت الوتر، فإن غلبه النوم ولم يوتر قبل طلوع الفجر صلى من النهار، لكن يصلي شفعاً، فإن كان من عادته أن يوتر بثلاث صلى أربعا، وإن كان من عادته أن يوتر بخمس صلى ستاً.

1170 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لاَ تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأيْتَهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأيْتَهُ. رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- كان ﷺ يديم العمل الصالح، حتى لا تراه إلا على هذا العمل، كان لا تراه قائماً إلا رأيته، ولا تراه نائماً إلا رأيته، وكذلك في الصوم، لا تراه صائماً إلا رأيته، ولا تراه مفطراً إلا رأيته. يعني أنّه ﷺ يتبع ما هو أصلح وأنفع، أحياناً يديم الصوم، أحياناً يديم الفطر، أحياناً يديم النوم، لأنّه ﷺ يتبع ماهو الأفضل والأرضى لله وما هو الأريح لبدنه، لأنّ الإنسان له حق على نفسه كما قال ﷺ لعبد الله بن عمرو بن العاص: (إنّ لنفسك عليك حقاً)، والله الموفق.

1171 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً - تَعْنِي في اللَّيلِ - يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأيْمَنِ حَتَّى يَأتِيَهُ المُنَادِي للصَلاَةِ. رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- كان ﷺيصلي ركعتين قبل الغداة، يعني إذا أذن الفجر صلى ركعتين، وكان يخفف هاتين الركعتين حتى تقول عائشة أقرأ بأم القرآن؟ لشدة تخفيفه لهما، ثم يضطجع على جنبه الأيمن حتى يأتيه المؤذن يؤذنه بالصلاة ﷺ.
- ينبغي أن يصلي الإنسان الراتبة في بيته أفضل من المسجد، لاسيما الإمام.
- في الحديث دليلٌ أنّ الإمام لا يخرج من بيته إلا للإقامة، يبقى في بيته حتى يأتي وقت الإقامة، فيخرج إلى المسجد ويصلي، هذا هو الأفضل أفضل من أن يتقدم الإمام ويصلي بالمسجد أما غير الإمام فينتظر الإمام، والإمام ينتظره غيره، فلذلك كان الأفضل في حقه أن يتأخر إلى قرب إقامة الصلاة، إن لم يكن لهذا سبب أو في تقدمه مصلحة مثل أن يكون تقدمه يشجع المصلين فيتقدمون، ولو تأخر لكسلوا، فهذا أيضاً للمصلحة.

1172 - وعنها، قالت: مَا كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَزيدُ - في رَمَضَانَ وَلاَ في غَيْرِهِ - عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً: يُصَلِّي أرْبَعًا فَلاَ تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا فَلاَ تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثًا. فَقُلتُ: يَا رسولَ اللهِ، أتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: «يَا عَائِشَة، إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هذا هو السنة وهو الأفضل ألا يزيد في صلاة الليل على إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة.
- قد ظن بعض الناس أنّها أربع مجموعة بسلام واحد، وهذا خطأ لأنّه قد جاء مفصلاً مبيناً أنها أربع ركعات، يسلم من كل ركعتين وأربع ركعات يسلم من كل ركعتين وثلاث ركعات، فيكون قولها: أربعاً لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي. يكون فيه دليلٌ على أنه إذا صلى الأربع بسلام استراح قليلاً، لقولها: ثم يصلي وثم للترتيب في المهلة ثم يصلي الأربع على ركعتين ثم يسلم.
- صلاة الليل مثنى مثنى لا يمكن أن يصلي أربعاً، ممكن أن يصلي خمساً جميعاً، وسبعاً جميعاً، وتسعاً جميعاً.

1173 - وعنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَنَامُ أوّلَ اللَّيلِ، وَيَقُومُ آخِرَهُ فَيُصَلِّي. متفقٌ عَلَيْهِ.
1174 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْر سوءٍ! قيلَ: مَا هَمَمْتَ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أجِلْسَ وَأدَعَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
1175 - وعن حذيفة - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ البَقرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فقلتُ: يُصَلِّي بِهَا في رَكْعَةٍ فَمَضَى، فقلتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقرَأُ مُتَرَسِّلًا: إِذَا مَرَّ بآيةٍ فِيهَا تَسبيحٌ سَبَّحَ، وَإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ» فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ» ثُمَّ قَامَ طَويلًا قَريبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى» فَكَانَ سجُودُهُ قَريبًا مِنْ قِيَامِهِ. رواه مسلم.
1176 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أيُّ الصَّلاَةِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «طُولُ القُنُوتِ». رواه مسلم.
المراد بـ «القنوتِ»: القِيام.
1177 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللهِ صَلاةُ دَاوُدَ، وَأحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ وَيَصُومُ يَومًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا». متفقٌ عَلَيْهِ.
1178 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً، لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْألُ الله تَعَالَى خَيْرًا مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إِلاَّ أعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هذه الساعة غير معلومة بعينها، يعني: الله أعلم. لكن الرسول ﷺ أخبرنا بهذا من أجل أن نجتهد، وأن نتحرى قدر الله ﷿، وهذه الساعة كساعة يوم الجمعة مبهمة، وإن كانت ساعة يوم الجمعة أرجى ما يكون إذا حضر الإمام يعني الخطيب إلى أن تقضى الصلاة.

1179 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحِ الصَّلاَةَ بركْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ». رواه مسلم.
1180 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاَتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. رواه مسلم.
1181 - وعنها رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِن اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشرَةَ ركْعَةً. رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- إذا كان من عادة الإنسان أنّه يوتر بثلاث، ولم يقم، فإنّه يقضي بالنهار أربعاً، ولا يقضي ثلاثاً، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس يقضي ستا وهلم جرا.

1182 - وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فيما بَيْنَ صَلاَةِ الفَجْرِ وصلاة الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأنَّمَا قَرَأهُ مِنَ اللَّيْلِ». رواه مسلم.
1183 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى وَأيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإنْ أبَتْ نَضَحَ في وَجْهِهَا المَاءَ، رَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّتْ وَأيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإن أبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ المَاءَ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
1184 - وعنه وعن أَبي سعيدٍ رضي الله عنهما، قالا: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا - أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا، كُتِبَا في الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
قال ابن عثيمين ﵀:
- ليس من اللازم أن توقظ أهلك معك، قد يكون أهلك ليسوا مثلك في النشاط البدني أو في النشاط النفسي، فلا توقظهم معك، ليس بلازم إلا إذا رأيت أنهم يرغبون، ولكن لا تنسهم من آخر الليل، يقومون ولو للوتر، كما كان رسول الله ﷺ يفعل.

1185 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ في الصَّلاَةِ، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1186 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَاسْتَعْجَمَ القُرْآنَ عَلَى لِسَانِهِ، فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ، فَلْيَضْطَجِع». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان إذا غلبه النوم وجاءه النعاس وهو يصلي فلا يصلي، وذلك لأنه ربما يذهب يستغفر لنفسه فيسب نفسه لأنّه ينعس، وأيضا ربما يستعجم القرآن على لسانه، فيتكلم بالكلمة من القرآن على غير وجهها فيحرف القرآن، فأنت إذا كان من عادتك أن تصلي بالليل وجاءك النوم، فلا تجهد نفسك، نم حتى يزول عنك النعاس ثم استأنف القيام، فإن طلع الفجر فاقض الوتر في الضحى ولكن شفعاً.
َ