تابع كتاب الجهاد


1318 - وعن سَمُرَة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رَأيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتيَانِي، فَصَعِدَا بِي الشَّجرةَ فَأَدْخَلاَنِي دَارًا هِيَ أَحْسَنُ وَأَفضَلُ، لَمْ أَرَ قَطُّ أحْسَنَ مِنْهَا، قالا: أمَّا هذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ». رواه البخاري، وَهُوَ بعض من حديث طويل فِيهِ أنواع من العلم سيأتي في باب تحريم الكذب إنْ شاء الله تَعَالَى.
1319 - وعن أنس - رضي الله عنه: أنَّ أمَّ الرُّبيعِ بنتَ البَرَاءِ وهي أُمُّ حَارِثة بن سُرَاقَةَ، أتَتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رسولَ اللهِ، ألاَ تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ - وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ - فَإنْ كَانَ في الجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ في البُكَاءِ، فَقَالَ: «يَا أُمَّ حَارِثَةَ إنَّهَا جِنَانٌ في الجَنَّةِ، وَإنَّ ابْنَكِ أصابَ الفِرْدَوْسَ الأَعْلَى». رواه البخاري.
1320 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قَالَ: جِيءَ بِأَبِي إِلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مُثِّلَ بِهِ، فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ فَذَهَبْتُ أكْشِفُ عَنْ وَجْهِهِ فَنَهَانِي قَوْمِي، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «مَا زَالتِ المَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن باز ﵀:
- دل ذلك على أنه لا بأس أن ينظر إلى الميت ويكشف عنه، تقدم حديث عائشة رضي الله عنها أن الصديق ﵁ قبل النبي ﷺ بين عينيه بعد وفاته ﷺ، فلا حرج في الكشف عنه ورؤية وجهه وتقبيله من زوجة أو أم أو أب أو غير ذلك من الرجال أو من المحارم.

1321 - وعن سهل بن حنيف - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ سَألَ اللهَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ». رواه مسلم.

1322 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ طَلَبَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيَهَا ولو لَمْ تُصِبْهُ». رواه مسلم .
1323 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ القَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ القَرْصَةِ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
قال ابن باز ﵀:
- الله ﷿ ادخر للشهداء ووعدهم الشيء الكثير من فضله وجوده وكرمه سبحانه وتعالى؛ لما بذلوا في سبيله من مهاج نفوسهم، ولما صبروا في إظهار دينه وإعلانه والقتل في سبيله فبصبرهم على جهاد الأعداء وبذلهم نفوسهم في سبيل الله، عوضهم الله الأجر العظيم لأن أغلى شيء عند الإنسان نفسه، هي أغلى شيء، فإذا بذلها لله فالله جل وعلا يقدر له هذا البذل ويضاعف له المثوبة لأنه يعلم الصادقين ويعلم ما تنطوي عليه القلوب.

1324 - وعن عبد الله بن أَبي أوْفَى رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في بَعْضِ أيَّامِهِ الَّتي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَامَ في النَّاسِ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا اللهَ العَافِيَةَ، فَإذَا لَقِيتُموهُمْ فَاصْبِروا؛ وَاعْلَمُوا أنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ» ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، أهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن باز ﵀:
- (لا تتمنوا لقاء العدو) يعني خيلاء أو إرهاء وعدم مبالاة، وإلا فقد تقدم من سأل الشهادة وطلب الجهاد في سبيل الله والرغبة في ذلك أمر مطلوب لكن لا يتمناها الإنسان إرهاء من نفسه، وأنه سوف يفعل وسوف يفعل، بل يسأل الله العافية، ويطلب ربه أن يرزقه الجهاد في سبيله والشهادة في سبيله.

1325 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثِنْتَانِ لاَ تُرَدَّانِ، أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ وَعِنْدَ البَأسِ حِيْنَ يُلْحِمُ بَعْضُهُم بَعضًا». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
1326 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا غَزَا، قَالَ: «اللَّهُمَّ أنْتَ عَضْديِ وَنَصِيرِي، بِكَ أَحُولُ، وَبِكَ أَصُولُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن».
1327 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَافَ قَومًا، قَالَ: «اللَّهُمَّ إنَّا نَجْعَلُكَ في نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهمْ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
1328 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الخَيْلُ مَعقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1329 - وعن عروة البارِقِيِّ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الخَيْلُ مَعقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخَيْرُ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ: الأجْرُ، وَالمَغْنَمُ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن باز ﵀:
- الخيل من أعظم العدة حين القتال بها، وسوف يكون لها شأن في آخر الزمان كما كان لها شأن في أول الزمان كما جاءت به النصوص ويدل على أن القوات الموجودة الآن تزول ويعود الناس إلى حالهم الأولى من الإبل والخيل والسلاح المعروف، وربك على كل شيء قدير.

1330 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللهِ، إيمَانًا بِاللهِ، وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإنَّ شِبَعَهُ، وَرَيَّهُ ورَوْثَهُ، وَبَوْلَهُ في مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه البخاري.
1331 - وعن أَبي مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِنَاقةٍ مَخْطُومَةٍ، فَقَالَ: هذِهِ في سَبيلِ اللهِ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَكَ بِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ سَبْعُمائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ». رواه مسلم.
1332 - وعن أَبي حمادٍ - ويقال: أَبُو سعاد، ويقال: أَبُو أسدٍ، ويقال: أَبُو عامِر، ويقال: أَبُو عمرو، ويقال: أَبُو الأسود، ويقال: أَبُو عبسٍ - عُقبة بن عامِر الجُهَنيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ، يقول: «﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾ [الأنفال: 60]، أَلاَ إنَّ القُوَّةَ الرَّميُ، أَلاَ إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلاَ إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ». رواه مسلم.
1333 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُونَ، وَيَكْفِيكُمُ اللهُ، فَلاَ يَعْجِز أَحَدُكُمْ أَنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ». رواه مسلم.
1334 - وعنه: أنَّه قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عُلِّمَ الرَّمْيَ، ثُمَّ تَرَكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، أَوْ فَقَدْ عَصَى». رواه مسلم.
1335 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ اللهَ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الوَاحِدِ ثَلاَثَةَ نَفَرٍ الجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ في صَنْعَتِهِ الخَيْرَ، وَالرَّامِي بِهِ، ومُنْبِلَهُ. وَارْمُوا وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا. وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عُلِّمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ فَإنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا» أَوْ قَالَ: «كَفَرَهَا». رواه أَبُو داود.
قال ابن عثيمين ﵀:
- حث رسول الله ﷺ على تعلم الرمي، وأن الإنسان ينبغي له أن يتعلم كيف يرمي ولو بالأسلحة الخفيفة؛ لأنه لا يدري ماذا يحدث له، حتى إن النبي ﷺ أجاز العوض في المسابقة في الرمي، يعني مثلا رمى اثنان بالبندقية أو شبهها من السلاح ويجعلون بينهما عوضا من يرمي منهم يأخذه هذا أيضا لا بأس به وجائز؛ لما في ذلك من الحث على تعلم الرمي.
- الرمي في كل وقت بحسبه، ففي عهد الرسول ﷺ يكون الرمي بالقوس بالسهام، وفي وقتنا الآن يكون الرمي بالقنابل والصواريخ وما أشبهها، لأن كل رمي بحسب الوقت الذي يكون فيه الإنسان.
- (وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا) لأن الرمي يدركه الإنسان الراكب والراجل، أما الركوب فلا يدركه إلا من ركب، ولهذا كان الرمي أحب إلى النبي ﷺ من الركوب.

1336 - وعن سَلَمة بن الأكَوعِ - رضي الله عنه - قَالَ: مَرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَفَرٍ يَنْتَضِلُونَ ، فَقَالَ: «ارْمُوا بَنِي إسمَاعِيلَ، فَإنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا». رواه البخاري.
1337 - وعن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ في سَبيلِ اللهِ فَهُوَ لَهُ عِدْلُ مُحَرَّرَةٍ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
1338 - وعن أَبي يحيى خُرَيْم بن فاتِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبيلِ اللهِ كُتِبَ لَهُ سَبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ». رواه الترمذي،وقال: «حديث حسن».
1339 - وعن أَبي سعيد - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذلِكَ اليَوْمِ وَجهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرْيفًا». متفقٌ عَلَيْهِ.
1340 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا في سَبيلِ اللهِ جَعَلَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كما بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرْضِ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».

1341 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بالغَزْوِ، مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ». رواه مسلم.
قال ابن باز ﵀:
- أنّه يجب على المؤمن أن يعد نفسه للجهاد، وأن يكون على باله الجهاد، فالمعنى أن يكون على باله على قصده حتى يعد له عدته.

1342 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: كنا مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزاةٍ فقالَ: «إنَّ بِالمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ، حَبَسَهُمُ المَرَضُ».
وفي رواية: «حَبَسَهُمُ العُذْرُ».
وفي رواية: «إِلاَّ شَرَكُوكُمْ في الأجْرِ». رواه البخاري من رواية أنس، ورواه مسلم من رواية جابر واللفظ لَهُ.