كتَاب حَمد الله تَعَالَى وَشكره


باب وجوب الشكر


قَالَ الله تَعَالَى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152] وقال تَعَالَى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7] وقال تَعَالَى: ﴿وَقُلِ الحَمْدُ للهِ﴾ [الإسراء: 111] وقال تَعَالَى: ﴿وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾ [يونس: 10].

1393 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ. فَقَالَ جِبريل: الحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلفِطْرَةِ لَوْ أخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ. رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- كل ما بنا من نعمة فمن الله ﷿، وأنه إذا مسنا الضر فليس لنا ملجأ إلا إلى الله، وأن الإنسان إذا أصيب بما يكره أو بما يؤذيه فإن الله تعالى يكفر بذلك عنه.
- ما من أذى أو هم أو غم يصيب المؤمن إلا كفر الله بذلك عنه حتى الشوكة يشاكها، الشوكة إذا شاكتك فإن الله يكفر بها عنك.
- يجب علينا أن نحمد الله تعالى وأن نشكره على نعمه التي أسبغها علينا.

1394 - وعنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ أمْرٍ ذِي بَالٍ لاَ يُبْدأُ فِيهِ بِالْحَمْدُ للهِ فَهُوَ أَقْطَعُ». حديث حسن، رواه أَبُو داود وغيره.
1395 - وعن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدي؟ فَيقولون: نَعَمْ، فيقول: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤادِهِ؟ فيقولون: نَعَمْ، فيقول: ماذا قَالَ عَبْدِي؟ فَيقولون: حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فيقُولُ اللهُ تَعَالَى: ابْنُوا لِعَبْدي بَيتًا في الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن».
قال ابن عثيمين ﵀:
- من فوائد الحمد أن الإنسان إذا ابتدأ الشيء بحمد الله فإن الله تعالى يجعل فيه البركة، يعني أراد أن يؤلف كتابا أو يتكلم في كلام خطبة أو غير ذلك إذا حمد الله جعل الله فيه البركة، وكل أمر لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع يعني منزوع البركة.
- قد ينوب عن الحمد غيره، كالبسملة مثلا، البسملة أيضًا يبارك الله فيها بأشياء كثيرة، منها أن الإنسان إذا ذبح الذبيحة إن قال بسم الله حلت الذبيحة وكانت طيبة، وإن قال الحمد لله لم تحل الذبيحة؛ لأن الذبيحة لا تحل إلا بالبسملة، وإذا قال عند الذبح الله أكبر ولم يقل بسم الله لم تحل الذبيحة، وغير ذلك.

1396 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ يَأكُلُ الأَكْلَةَ، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَة، فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- من فوائد الحمد أن الله ﷾ يرضى عن العبد إذا أكل الأكلة أن يحمده عليها، وإذا شرب الشربة أن يحمده عليها.
قال ابن باز ﵀:
- هذا اللسان، سريع الحركة إن لم تشغله بالخير شغلك بالشر، فالحازم يحفظ هذا اللسان ويصونه أو يشغله بما يرضي الله، هو سريع الحركة بالغيبة والنميمة بالكذب بغير ذلك؛ لكن الحازم المؤمن يشغله بالخير، يشغله بالتسبيح بالتحميد بالتهليل بالتكبير بالاستغفار، قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، قراءة القرآن، الدعوة إلى غير هذا يشغله بما ينفعه.

كتاب الصَّلاة عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم.


باب الأمر بالصلاة عَلَيْهِ وفضلها وبعض صيغها


قَالَ الله تَعَالَى: ﴿إنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56].
1397 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما: أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الأمر بالصلاة على النبي ﷺ الأمر يكون تارة للوجوب وتارة يكون للاستحباب، فالذي للوجوب يعني أن الإنسان إذا تركه فهو آثم عاص مستحق للعقوبة، ومعنى للاستحباب أن الإنسان إذا فعله فله أجر وإذا تركه فليس عليه إثم، فيتفق الواجب والمستحب بأن فيهما ثوابا لفعلهما، لكن ثواب الواجب أعظم وأكثر، لقول النبي ﷺ في الحديث القدسي أنّ الله تعالى قال: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضه عليه).
- ما معنى قول القائل اللهم صل على محمد أكثر الناس يقرأ هذا أو يدعو بهذا الدعاء وهو لا يدري معناه وهذا غلط كل شيء تقوله تعرف معناه، كل شيء تدعو به تعرف معناه، حتى لا تدعو بإثم فقولك: (اللهم صل على محمد) يعني اللهم اثني عليه في الملأ الأعلى، ومعنى أثني عليه يعني: اذكره بالصفات الحميدة، والملأ الأعلى هم الملائكة، فكأنك إذا قلت (اللهم صل على محمد) كأنك تقول يا رب صفه بالصفات الحميدة واذكره عند الملائكة حتى تزداد محبتهم له ويزداد ثوابهم بذلك هذا معنى (اللهم صلى على محمد).
- إذا صليت على إنسان دون أن تجعل ذلك شعارًا له كلما ذكرته صليت عليه فلا بأس، يعني حتى لو قلنا اللهم صل على أبي بكر أو على عمر أو على عثمان أو علي فلا بأس، ولكن لا تجعل هذا شعار كلما ذكرت هذا صليت عليه لأنك إذا فعلت ذلك جعلته كأنه نبي.
- قول المسلم (اللهم صل وسلم على محمد) يعني سلمه من الآفات الجسدية حيًا وميتًا وسلمه، أيضًا سلم شريعته من أن يطمسها أحد أو أن يعدو عليها أحد.
- الصلاة عليه واجبة في مواضع، منها: إذا ذكر اسمه عندك فصل عليه؛ لأن جبريل أتى إلى النبي ﷺ وقال: (رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك).
- إذا سمعت ذكر الرسول ﷺ فقل (اللهم صل وسلم عليه) فإن له حق عليك.
- تجب الصلاة على النبي أيضا عند كثير من العلماء في الصلاة في التشهد الأخير، فعند كثير من العلماء أنها ركن لا تصح الصلاة إلا به، وعند بعضهم أنها سنة، وعند بعضهم أنها واجب، والاحتياط أن لا يدعها الإنسان في صلاته، أي الصلاة على النبي ﷺ.
- لو أن الإنسان جعل كل دعاء يدعو به مقرونا بالصلاة على النبي ﷺ لكان كما جاء في الحديث يكفى همه ويغفر ذنبه.
- الرسول ﷺ بشر لا يملك النفع لك ولا الضر فلا تسأله، لا تقول يا رسول الله افعل كذا، يا رسول الله استغفر لي، يا رسول الله أغثني، يا رسول الله سهل أمري، هذا حرام شرك أكبر؛ لأنه لا يجوز أن تدعو مع الله أحدًا .
- يجب على الإنسان أن يفدي نفسه للرسول، يجب على كل إنسان وأن يكون الرسول أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين.
- إن قال قائل أليس الله يذكر حق الوالدين بعد حقه؟ قلنا: بلى، ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ﴾‏ [الإسراء: 23]، ولكن حق الرسول متبوع بحق الله؛ لأنّ عبادة الله لا تتم إلا بالإخلاص لله والمتابعة لرسول الله ﷺ.
- إذا قلت (اللهم صل على محمد) صلى الله عليك بها عشر مرات، فأثنى الله عليك في الملأ الأعلى عشر مرات.
- يدل على علو مرتبة النبي ﷺ عند الله حيث جازى من صلى عليه بعشر أمثال عمله، يصلي الله عليه عشر مرات.
قال ابن باز ﵀:
- يشرع لنا الإكثار من ذلك في الليل والنهار في كل وقت، ولا سيما بعد الأذان، إذا أذن المؤذن قلت: لا إله إلا الله أجبت المؤذن تقول: بعد لا إله إلا الله تصلي على النبي، تقول: اللهم صل على محمد إلخ، ثم نقول: (اللّهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامّة والصّلاة القائمة آت محمّداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الّذي وعدته، إنّك لا تخلف الميعاد)، يقول النبي ﷺ: (إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثل مَا يقول ثمّ صلّوا عليّ فإِنّه من صلّى عليّ صلاة صلّى اللَّه عليه بها عشراً، ثمّ سلوا الله لي الوسيلة فإنّها منزلةٌ في الجنّة لا تنبغي إلّا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة)، فينبغي الإكثار من الصلاة عليه، ﷺ.

1398 - وعن ابن مسعود - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَوْلَى النَّاسِ بِي يَومَ القِيَامَةِ أكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاَةً». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن».
1399 - وعن أوس بن أوس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِنْ أفْضَلِ أيَّامِكُمْ يَومَ الجُمُعَةِ، فَأكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ فِيهِ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ». قَالَ: قالوا: يَا رسول الله، وَكَيفَ تُعْرَضُ صَلاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟! قَالَ: يقولُ بَلِيتَ. قَالَ: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى الأرْضِ أَجْسَادَ الأَنْبِيَاءِ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
قال ابن عثيمين ﵀:
- صلاتنا معروضة عليه، تعرض عليه فيقال صلى عليك فلان بن فلان أو تعرض عليه يقال صلى عليك رجل من أمتك، الله أعلم هل يعين المصلي أم لا، المهم أنها تعرض على النبي ﷺ.
- الترغيب في كثرة الصلاة على النبي ﷺ، ولاسيما في يوم الجمعة، ولكن أكثر الصلاة عليه في كل وقت، فإنك إذا صليت مرة واحدة صلى الله بها عليك عشرة.
- الأنبياء ﵈ مهما بقوا في الأرض فإن الأرض لا تأكلهم، أما غير الأنبياء فإنها تأكلهم، لكن قد يكرم الله تعالى بعض الموتى فلا تأكلهم الأرض وإن بقوا، ولكننا لا نتيقن أن أحدا لا تأكله الأرض إلا الأنبياء ۏ.
قال ابن باز ﵀:
- أولى النَّاس بالنبي ﷺ أَكْثَرُهُمْ عليه صلاة، عن إيمان به وعن محبة له ﷺ، واتباع لشريعته.

1400 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «رَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن».
قال ابن باز ﵀:
- عند ذكره تجب عند جمع من أهل العلم؛ لقوله : (رغم أنف رجلٍ ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ، رغم أنف رجلٍ ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ)، في رواية يقول جبريل: قال: (يا محمد رغم أنف عبدٍ ذُكِرتَ عنده فلم يصلّ عليك قل آمين فقلت: آمين)، هذا يدل على الوجوب.

1401 - وعنه - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا، وَصَلُّوا عَلَيَّ، فَإنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
1402 - وعنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلاَّ رَدَّ اللهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ». رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيح.
1403 - وعن عليّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «البَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
قال ابن عثيمين ﵀:
- لا تجعلوا القبر عيدًا تكرمونه بالمجيء إليه كل سنة مرة أو مرتين أو ما أشبه ذلك.
- دليلٌ على تحريم شد الرحل لزيارة قبر النبي ﷺ، وأنّ الإنسان إذا أراد الذهاب إلى المدينة لا يقصد أن يسافر من أجل زيارة قبر الرسول، ولكن يسافر من أجل الصلاة في مسجده؛ لأنّ الصلاة في مسجده خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.
- إذا صليت على الرسول ﷺ فإن صلاتك تبلغه حيثما كنت في بر أو بحر أو جو قريباً كنت أو بعيداً.
- إذا سلمت على النبي ﷺ رد الله عليه روحه فرد عليك السلام، والظاهر أن هذا فيمن كان قريبًا منه، كأن يقف على قبره ويقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ويحتمل أن يكون عامًا والله على كل شيء قدير.
قال ابن باز ﵀:
- فيه الحث والتحريض على الصلاة والسلام عليه حياً وميتاً ﷺ، والصلاة عليه من الله ثناؤه عليه عند الملأ الأعلى، ثناؤه عليه ورحمته إياه، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا‎﴾ [الأحزاب: ٥٦].
- الصلاة على النبي ﷺ من أفضل القربات، ومن أفضل الطاعات في جميع الأوقات.

1404 - وعن فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَجُلًا يَدْعُو في صَلاَتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ الله تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «عَجِلَ هَذَا» ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ - أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
قال ابن عثيمين ﵀:
- المراد بذلك الدعاء في الصلاة، وأنّه يسبق بالتحيات ثم بالسلام والصلاة على النبي ﷺ ثم الدعاء.
- جائز أن يفرد السلام أو الصلاة لكن الفضل أن يجمع بينهما.
قال ابن باز ﵀:
- السُّنَّة أمام الدعاء أن يثني على الله، كما جاء في التحيات، فإن التحية ثناء، ثم بعدها الصلاة على النبي ﷺ ثم الدعاء، هكذا إذا أراد أن يدعو في سجوده وفي أي وقت من الأوقات: يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي، ثم يدعو ربه بما شاء، هذه المقدمة من أسباب الإجابة.

1405 - وعن أَبي محمدٍ كعبِ بن عُجْرَة - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ:
«قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ. اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجْيدٌ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1406 - وعن أَبي مسعودٍ البدري - رضي الله عنه - قَالَ: أتَانَا رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحنُ في مَجْلِسِ سَعدِ بن عُبَادَةَ - رضي الله عنه - فَقَالَ لَهُ بَشْيرُ بْنُ سَعدٍ: أمَرَنَا الله تَعَالَى أَنْ نُصَلِّي عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَسَكَتَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى تَمَنَّيْنَا أنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلاَمُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ». رواه مسلم.

1407 - وعن أَبي حُمَيدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قالوا: يَا رسولَ الله كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى أزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَميدٌ مَجِيدٌ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هذه أحاديث ثلاثة في بيان كيفية الصلاة على النبي ﷺ.
- المراد (بآل محمد) هنا كل أتباعه على دينه، فإن آل الإنسان قد يراد بهم أتباعه على دينه، وقد يراد بهم قرابته لكن في مقام الدعاء ينبغي أن يراد بهم العموم؛ لأنه أشمل فالمراد بقوله وعلى آل محمد يعني جميع أتباعه فإن قال قائل هل تأتي الآل بمعنى الأتباع قلنا نعم.
- قوله (كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) الكاف هنا للتعليل، وهذا من باب التوسل بأفعال الله السابقة إلى أفعاله اللاحقة، يعني كما مننت بالصلاة على إبراهيم وآله فامنن بالصلاة على محمد وآله ﷺ فهي من باب التعليل وليست من باب التشبيه.
- (إنك حميد مجيد حميد) يعني محمود مجيد يعني ممجد، والمجد هو العظمة والسلطان والعزة والقدرة وما إلى ذلك.
- التبريك تقول (اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد) أي أنزل فيهم البركة، والبركة هي الخير الكثير الواسع الثابت كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
- هذه هي الصلاة على النبي ﷺ وعلى آله وسلم، وهذه هي الصفة الفضلى.
- إذا اقتصرت على قولك اللهم صل على محمد كما فعل العلماء في جميع مؤلفاتهم إذا ذكروا الرسول لم يقولوا هذه الصلاة المطولة؛ لأن هذه هي الكاملة، وأما أدنى مجزئ فأن تقول اللهم صل على محمد.
قال ابن باز ﵀:
- قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (قولوا اللّهمّ صلّ على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ كما صلّيت على إبراهيم، وبارك على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ كما باركت على إبراهيم في العالمين إنّك حميدٌ مجيدٌ والسّلام كما قد علّمتم). هذا أكمل الروايات، محمد وآل محمد وإبراهيم وآل إبراهيم في التبريك والصلاة، هذا هو أكملها، وفي بعض الروايات حذف إبراهيم وبقاء آل إبراهيم، وفي بعضها حذف آل إبراهيم وبقاء إبراهيم.
- كلها ثابتة عن النبي ﷺ، أي تلك الصيغ المذكورة، كلها سُنَّة كلها طيب، أي لفظ أتى به المؤمن حصل به المطلوب أمام الدعاء بعد الثناء على الله يأتي بنوع من هذه الأنواع التي جاءت عن النبي ﷺ، وهذه المقدمة تكون من أسباب الإجابة سواء كان الداعي في الصلاة أو في خارج الصلاة.