كتَاب الأمُور المَنهي عَنْهَا
باب تحريم الغيبة والأمر بحفظ اللسان
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَلاَ يَغْتَبْ بَعضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12]، وقال تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 36]، وقال تَعَالَى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتيدٌ﴾ [ق: 18].
اعْلَمْ أنَّهُ يَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَحْفَظَ لِسَانَهُ عَنْ جَميعِ الكَلامِ إِلاَّ كَلاَمًا ظَهَرَتْ فِيهِ المَصْلَحَةُ، ومَتَى اسْتَوَى الكَلاَمُ وَتَرْكُهُ فِي المَصْلَحَةِ، فالسُّنَّةُ الإمْسَاكُ عَنْهُ، لأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الكَلاَمُ المُبَاحُ إِلَى حَرَامٍ أَوْ مَكْرُوهٍ، وذَلِكَ كَثِيرٌ في العَادَةِ، والسَّلاَمَةُ لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ.
1511 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» متفق عَلَيْهِ.
وهذا صَريحٌ في أنَّهُ يَنْبَغي أَنْ لا يَتَكَلَّمَ إِلاَّ إِذَا كَانَ الكلامُ خَيرًا، وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَتْ مَصْلَحَتُهُ، ومَتَى شَكَّ في ظُهُورِ المَصْلَحَةِ، فَلاَ يَتَكَلَّم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هذا الحديث صريحٌ في أنّه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرًا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة، فلا يتكلم، فينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة الدينية والدنيوية، فإذا استوى الأمران، أن يسكت أو يتكلم، فالسلامة أفضل، يعني لا يتكلم إذا كان يشك هل في كلامه خيرًا أو لا، فالأفضل ألا يتكلم؛ لأن السلامة لا يعدلها شيء، والساكت سالم إلا إذا اقتضت الحال أن يتكلم فليتكلم، مثلاً لو رأى منكرًا فهنا لا يسكت، يجب أن يتكلم وينصح وينهى عن هذا المنكر؛ وأما إذا لم تقتضِ المصلحة فلا يتكلم؛ لأن ذلك أسلم له.
- يجب على الإنسان أن يقلل الكلام ما استطاع؛ لأنّ الرسول ﷺ شرط الإيمان بالله واليوم الآخر أن يقول الخير، وإلا فليسكت؛ والخير نوعان:
• خيرٌ في ذات الكلام، كقراءة القرآن والتسبيح والتكبير والتهليل وتعليم العلم وما أشبه ذلك.
• وخيرٌ لغير الكلام، بمعنى أنّ الكلام مباح، لكن يجر إلى مصلحة، يجر إلى تأليف القلب، وانبساط الإخوان، وسرورهم بمجلسك هذا أيضاً من الخير؛ لأنّ الإنسان لو بقي ساكتًا من أول المجلس لآخره مله الناس وكرهوه، وقالوا: هذا رجلٌ فظٌ غليظ؛ لكن إذا تكلم بما يدخل السرور عليهم، وإذا كان كلامًا مباحًا فإنه من الخير.
- من تكلم بكلام يضحك الناس وهو كذب، فإنّه قد ورد فيه الوعيد: (ويل لمن حدث وكذب، ليضحك به القوم، ويلٌ له ثم ويلٌ له)، وهذا يفعله بعض الناس ويسمونها "النكت"، يتكلم بكلام كذب، ولكن من أجل أن يضحك الناس، هذا غلط، تكلم بكلام مباح من أجل أن تدخل السرور على قلوبهم، وأما الكلام الكذب فهو حرام.
قال ابن باز ﵀:
- هذا كلام عظيم، كلام جامع من جوامع الكلم، إما يتكلم بخير وإلا فليمسك لسانه حتى يسلم، هذا اللسان سريع الحركة، والغالب أنه على العبد لا له، فالواجب الحذر، فالمؤمن يحذر لسانه، فقد تكون غيبة وقد تكون نميمة، وقد تكون كلماته إفساد لا إصلاح، قد يكون فيها إثم من جهة أن تضر ولا تنفع، فالواجب على المؤمن أن يصون لسانه، وأن يحذره إلا في خير.
- هذا الحديث صريحٌ في أنّه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرًا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة، فلا يتكلم، فينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة الدينية والدنيوية، فإذا استوى الأمران، أن يسكت أو يتكلم، فالسلامة أفضل، يعني لا يتكلم إذا كان يشك هل في كلامه خيرًا أو لا، فالأفضل ألا يتكلم؛ لأن السلامة لا يعدلها شيء، والساكت سالم إلا إذا اقتضت الحال أن يتكلم فليتكلم، مثلاً لو رأى منكرًا فهنا لا يسكت، يجب أن يتكلم وينصح وينهى عن هذا المنكر؛ وأما إذا لم تقتضِ المصلحة فلا يتكلم؛ لأن ذلك أسلم له.
- يجب على الإنسان أن يقلل الكلام ما استطاع؛ لأنّ الرسول ﷺ شرط الإيمان بالله واليوم الآخر أن يقول الخير، وإلا فليسكت؛ والخير نوعان:
• خيرٌ في ذات الكلام، كقراءة القرآن والتسبيح والتكبير والتهليل وتعليم العلم وما أشبه ذلك.
• وخيرٌ لغير الكلام، بمعنى أنّ الكلام مباح، لكن يجر إلى مصلحة، يجر إلى تأليف القلب، وانبساط الإخوان، وسرورهم بمجلسك هذا أيضاً من الخير؛ لأنّ الإنسان لو بقي ساكتًا من أول المجلس لآخره مله الناس وكرهوه، وقالوا: هذا رجلٌ فظٌ غليظ؛ لكن إذا تكلم بما يدخل السرور عليهم، وإذا كان كلامًا مباحًا فإنه من الخير.
- من تكلم بكلام يضحك الناس وهو كذب، فإنّه قد ورد فيه الوعيد: (ويل لمن حدث وكذب، ليضحك به القوم، ويلٌ له ثم ويلٌ له)، وهذا يفعله بعض الناس ويسمونها "النكت"، يتكلم بكلام كذب، ولكن من أجل أن يضحك الناس، هذا غلط، تكلم بكلام مباح من أجل أن تدخل السرور على قلوبهم، وأما الكلام الكذب فهو حرام.
قال ابن باز ﵀:
- هذا كلام عظيم، كلام جامع من جوامع الكلم، إما يتكلم بخير وإلا فليمسك لسانه حتى يسلم، هذا اللسان سريع الحركة، والغالب أنه على العبد لا له، فالواجب الحذر، فالمؤمن يحذر لسانه، فقد تكون غيبة وقد تكون نميمة، وقد تكون كلماته إفساد لا إصلاح، قد يكون فيها إثم من جهة أن تضر ولا تنفع، فالواجب على المؤمن أن يصون لسانه، وأن يحذره إلا في خير.
1512 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ أَيُّ المُسْلمِينَ أفْضَلُ؟ قَالَ: «مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» متفق عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- في هذا حث على أن يسلم الإنسان من لسانك ويدك، احفظ لسانك لا تتكلم في عباد الله إلا في الخير، كذلك احفظ يدك لا تجنِ على أموالهم، ولا على أبشارهم، بل كن سالماً، يسلم منك، وهذا هو خير المسلمين.
قال ابن باز ﵀:
- هذا له شأنٌ عظيم، لا يظلم في نفس، ولا في مال، ولا في عرض، المسلمون سالمون من لسانه ومن يده، فلا يغتب ولا يسب ولا ينم ولا يكذب إلى غير ذلك، ولا يتعدى بيده بأي ظلم.
- في هذا حث على أن يسلم الإنسان من لسانك ويدك، احفظ لسانك لا تتكلم في عباد الله إلا في الخير، كذلك احفظ يدك لا تجنِ على أموالهم، ولا على أبشارهم، بل كن سالماً، يسلم منك، وهذا هو خير المسلمين.
قال ابن باز ﵀:
- هذا له شأنٌ عظيم، لا يظلم في نفس، ولا في مال، ولا في عرض، المسلمون سالمون من لسانه ومن يده، فلا يغتب ولا يسب ولا ينم ولا يكذب إلى غير ذلك، ولا يتعدى بيده بأي ظلم.
1513 - وعن سهل بن سعد، قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ» متفق عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- بيان خطر اللسان، وأنّه من أعظم ما يكون من الأعضاء خطورة، فالذي بين اللحيين هو اللسان، والذي بين الرجلين هو الفرج، سواء للرجل أو المرأة، يعني من حفظ لسانه وحفظ فرجه، حفظ لسانه عن القول المحرم، من الكذب والغيبة والنميمة والغش وغير ذلك، وحفظ فرجه من الزنا واللواط ووسائل ذلك، فإنّ النبي ﷺ يضمن له الجنة، يعني أنّ جزاءه هو الجنة، إذا حفظت لسانك وحفظت فرجك.
- زلة اللسان كزلة الفرج، خطيرة جدًا، وإنما قرن النبي ﷺ بينهما؛ لأن في اللسان شهوة الكلام، كثير من الناس يتنطع ويتلذذ إذا تكلم في أعراض الناس، ويتفكه، ومن الناس من يهوى الكذب، فنجد أحسن شيء عنده هو الكذب، والكذب من كبائر الذنوب، لاسيما إذا كذب بالكلمة ليضحك القوم، وأما الثاني الذي قرن بينه وبين شهوة الكلام، شهوة النساء، فإن الإنسان مجبول على ذلك، ولاسيما إذا كان شابًا، فإذا حاول حفظ هاتين الشهوتين، ضمن النبي ﷺ له الجنة، أي هذا جزاؤه، لأنهما خطيران.
قال ابن باز ﵀:
- من حفظ الله عليه فرجه ولسانه فهو على خير، وله الجنة؛ لأن كثيراً من الشرور بسبب الشهوة أو اللسان، بل كل الشرور في الحقيقة بابها اللسان ثم العمل، فالواجب حفظ اللسان، وحفظ الجوارح عن كل ما حرم الله، ما دمت في قيد الحياة.
- بيان خطر اللسان، وأنّه من أعظم ما يكون من الأعضاء خطورة، فالذي بين اللحيين هو اللسان، والذي بين الرجلين هو الفرج، سواء للرجل أو المرأة، يعني من حفظ لسانه وحفظ فرجه، حفظ لسانه عن القول المحرم، من الكذب والغيبة والنميمة والغش وغير ذلك، وحفظ فرجه من الزنا واللواط ووسائل ذلك، فإنّ النبي ﷺ يضمن له الجنة، يعني أنّ جزاءه هو الجنة، إذا حفظت لسانك وحفظت فرجك.
- زلة اللسان كزلة الفرج، خطيرة جدًا، وإنما قرن النبي ﷺ بينهما؛ لأن في اللسان شهوة الكلام، كثير من الناس يتنطع ويتلذذ إذا تكلم في أعراض الناس، ويتفكه، ومن الناس من يهوى الكذب، فنجد أحسن شيء عنده هو الكذب، والكذب من كبائر الذنوب، لاسيما إذا كذب بالكلمة ليضحك القوم، وأما الثاني الذي قرن بينه وبين شهوة الكلام، شهوة النساء، فإن الإنسان مجبول على ذلك، ولاسيما إذا كان شابًا، فإذا حاول حفظ هاتين الشهوتين، ضمن النبي ﷺ له الجنة، أي هذا جزاؤه، لأنهما خطيران.
قال ابن باز ﵀:
- من حفظ الله عليه فرجه ولسانه فهو على خير، وله الجنة؛ لأن كثيراً من الشرور بسبب الشهوة أو اللسان، بل كل الشرور في الحقيقة بابها اللسان ثم العمل، فالواجب حفظ اللسان، وحفظ الجوارح عن كل ما حرم الله، ما دمت في قيد الحياة.
1514 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّه سمع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ» متفق عَلَيْهِ.
ومعنى: «يَتَبَيَّنُ» يُفَكِّرُ أنَّها خَيْرٌ أم لا.
1515 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله تَعَالَى مَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللهُ بِهَا دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلَمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ تَعَالَى لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا في جَهَنَّمَ». رواه البخاري.
1516 - وعن أَبي عبد الرحمن بِلالِ بن الحارِثِ المُزَنِيِّ - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَومِ يَلْقَاهُ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ الله لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ». رواه مالك في المُوَطَّأ، والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
قال ابن عثيمين ﵀ :
- كلمة واحدة زل بها في النار، أبعد مما بين المشرق والمغرب، وهذا يدل على وجوب التأكد مما تتكلم به، سواء نقلته إلى غيرك أو نقلته عن غيرك، تثبت، اصبر، لا تستعجل، ما الذي يوجب لك أن تستعجل في المقال؟ اصبر حتى تتثبت، ويتبين لك الأمر، ثم إن رأيت مصلحة في الحديث فتحدث، وإذا لم تر مصلحة في الحديث فاسكت.
- "الكلمة من رضوان الله": يعني كلمة ترضي الله، قرآن، تسبيح، تكبير، تهليل، أمر بالمعروف، نهي عن المنكر، تعليم علم، إصلاح ذات البين، وما أشبه ذلك، يتكلم بالكلمة ترضي الله ﷿ ولا يلقي لها بالاً، يعني أنه لا يظن أنها تبلغ به ما بلغ، وإلا فهو قد درسها وعرفها وألقى لها البال، لكن لا يظن أن تبلغ ما بلغت، يرفع الله له بها درجات في الجنة، وعلى ذلك رجل يتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي بها بالاً، يهوي بها في النار، لأنه تكلم بها ولا ظن أن تبلغ ما بلغت، وهذا يقع كثيراً.
- كان رجل عابد يعبد الله يمر برجل عاص، فيقول هذا الرجل العابد: (والله لا يُغفر لفلان) انظر، تحجر واسعاً وتألى على الله؛ لأن الرجل العابد هذا معجب بعمله، يرى نفسه، ويدلي بعمله على ربه، وكأن له المنة على الله سبحانه وتعالى، فقال: والله لا يغفر الله لفلان، قال الله ﷿: (من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ قد غفرت لفلان وأحبطت عملك)، الملك والسلطان لله ﷿، لا ينازعه فيه منازع إلا أذله الله،كلمة واحدة صارت سببًا لحبط عمله.
- من جملة الأقوال التي تكتب: الغيبة، فاحذر أن تكتب عليك؛ لأنك إذا اغتبت أحدًا فإنه يوم القيامة، يأخذ من حسناتك التي هي أغلى ما يكون عندك في ذلك الوقت، فإن بقي من حسناتك شيء، وإلا أخذ من سيئات الذين اغتبتهم وطرح عليك ثم طرحت في النار.
قال ابن باز ﵀:
- عظم خطر الكلام، وأن الإنسان على خطر من هذا اللسان، وأن الواجب عليه أن يصونه ويحفظه ويجتهد في ذلك، لعله يسلم من شره، فالواجب الحذر من شره، وأن يحرص على استعماله في الخيرات، وفيما يرضي الله ﷿ حتى يحصل له بذلك الخيرات العظيمة، والدرجات العالية، فليحذر إطلاقه وعدم تقييده، فكم من كلمة أودت بصاحبها إلى الهلاك! فقد يلقيها على سبيل المزح، قد يلقيها على سبيل التساهل، ولكنها تهلكه.
- كلمة واحدة زل بها في النار، أبعد مما بين المشرق والمغرب، وهذا يدل على وجوب التأكد مما تتكلم به، سواء نقلته إلى غيرك أو نقلته عن غيرك، تثبت، اصبر، لا تستعجل، ما الذي يوجب لك أن تستعجل في المقال؟ اصبر حتى تتثبت، ويتبين لك الأمر، ثم إن رأيت مصلحة في الحديث فتحدث، وإذا لم تر مصلحة في الحديث فاسكت.
- "الكلمة من رضوان الله": يعني كلمة ترضي الله، قرآن، تسبيح، تكبير، تهليل، أمر بالمعروف، نهي عن المنكر، تعليم علم، إصلاح ذات البين، وما أشبه ذلك، يتكلم بالكلمة ترضي الله ﷿ ولا يلقي لها بالاً، يعني أنه لا يظن أنها تبلغ به ما بلغ، وإلا فهو قد درسها وعرفها وألقى لها البال، لكن لا يظن أن تبلغ ما بلغت، يرفع الله له بها درجات في الجنة، وعلى ذلك رجل يتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي بها بالاً، يهوي بها في النار، لأنه تكلم بها ولا ظن أن تبلغ ما بلغت، وهذا يقع كثيراً.
- كان رجل عابد يعبد الله يمر برجل عاص، فيقول هذا الرجل العابد: (والله لا يُغفر لفلان) انظر، تحجر واسعاً وتألى على الله؛ لأن الرجل العابد هذا معجب بعمله، يرى نفسه، ويدلي بعمله على ربه، وكأن له المنة على الله سبحانه وتعالى، فقال: والله لا يغفر الله لفلان، قال الله ﷿: (من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ قد غفرت لفلان وأحبطت عملك)، الملك والسلطان لله ﷿، لا ينازعه فيه منازع إلا أذله الله،كلمة واحدة صارت سببًا لحبط عمله.
- من جملة الأقوال التي تكتب: الغيبة، فاحذر أن تكتب عليك؛ لأنك إذا اغتبت أحدًا فإنه يوم القيامة، يأخذ من حسناتك التي هي أغلى ما يكون عندك في ذلك الوقت، فإن بقي من حسناتك شيء، وإلا أخذ من سيئات الذين اغتبتهم وطرح عليك ثم طرحت في النار.
قال ابن باز ﵀:
- عظم خطر الكلام، وأن الإنسان على خطر من هذا اللسان، وأن الواجب عليه أن يصونه ويحفظه ويجتهد في ذلك، لعله يسلم من شره، فالواجب الحذر من شره، وأن يحرص على استعماله في الخيرات، وفيما يرضي الله ﷿ حتى يحصل له بذلك الخيرات العظيمة، والدرجات العالية، فليحذر إطلاقه وعدم تقييده، فكم من كلمة أودت بصاحبها إلى الهلاك! فقد يلقيها على سبيل المزح، قد يلقيها على سبيل التساهل، ولكنها تهلكه.
1517 - وعن سفيان بن عبد الله - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله حدِّثني بأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ قَالَ: «قلْ: رَبِّيَ اللهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ» قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ، مَا أخْوَفُ مَا تَخَافُ عَلَيَّ؟ فَأَخَذَ بِلِسانِ نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: «هَذَا». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
1518 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تُكْثِرُوا الكَلاَمَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ؛ فَإنَّ كَثْرَةَ الكَلاَمِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ تَعَالَى قَسْوَةٌ لِلقَلْبِ! وإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللهِ القَلْبُ القَاسِي». رواه الترمذي.
1519 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَقَاهُ اللهُ شَرَّ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، وَشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الجَنَّةَ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن».
1520 - وعن عقبة بن عامرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ اللهِ مَا النَّجَاةُ؟
قَالَ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن».
1521 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أصْبَحَ ابْنُ آدَمَ، فَإنَّ الأعْضَاءَ كُلَّهَا تَكْفُرُ اللِّسانَ، تَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا، فَإنَّما نَحنُ بِكَ؛ فَإنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا، وإنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا». رواه الترمذي. معنى: «تَكْفُرُ اللِّسَانَ»: أيْ تَذِلُّ وَتَخْضَعُ لَهُ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- كثرة الكلام بالقيل والقال، أو الغيبة أو النميمة أو بما أشبه ذلك من الكلام الذي لا خير فيه، من أسباب قسوة القلوب، وبعدها من الخير، ولهذا قال ﷺ: (من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة)، من يحرص على العفة من شر لسانه، والعفة من شر فرجه، يكون من أهل الجنة.
قال ابن باز ﵀:
- الحث على حفظ اللسان، والحذر من ورطاته، وشره من الغيبة والنميمة والكذب والسب وغير هذا، فإن من موجبات الإيمان إما أن تتكلم بخير، وإما أن تحفظ لسانك حتى لا يعطبك، وهكذا جوارحك: يدك ورجلك وبصرك وفرجك، كل ذلك يجب الحرص على حفظه وصيانته، وأن تستعمل في طاعة الله، فالواجب حفظه مما حرم الله، وإشغاله بما شرع الله، هذا هو طريق السلامة، إشغال هذا اللسان والجوارح بطاعة الله، وبما أباح الله حتى تسلم من شر ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
- كل من تذكر هذه الأحاديث وصارت على باله، أوجبت له حفظ هذا اللسان، وتقييده وألا يتكلم إلا عن بصيرة وعن نظر وعناية، هذا هو الجهاد، الجهاد من جاهد نفسه.
- كثرة الكلام بالقيل والقال، أو الغيبة أو النميمة أو بما أشبه ذلك من الكلام الذي لا خير فيه، من أسباب قسوة القلوب، وبعدها من الخير، ولهذا قال ﷺ: (من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة)، من يحرص على العفة من شر لسانه، والعفة من شر فرجه، يكون من أهل الجنة.
قال ابن باز ﵀:
- الحث على حفظ اللسان، والحذر من ورطاته، وشره من الغيبة والنميمة والكذب والسب وغير هذا، فإن من موجبات الإيمان إما أن تتكلم بخير، وإما أن تحفظ لسانك حتى لا يعطبك، وهكذا جوارحك: يدك ورجلك وبصرك وفرجك، كل ذلك يجب الحرص على حفظه وصيانته، وأن تستعمل في طاعة الله، فالواجب حفظه مما حرم الله، وإشغاله بما شرع الله، هذا هو طريق السلامة، إشغال هذا اللسان والجوارح بطاعة الله، وبما أباح الله حتى تسلم من شر ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
- كل من تذكر هذه الأحاديث وصارت على باله، أوجبت له حفظ هذا اللسان، وتقييده وألا يتكلم إلا عن بصيرة وعن نظر وعناية، هذا هو الجهاد، الجهاد من جاهد نفسه.
1522 - وعن مُعَاذٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْني بِعَمَلٍ يُدْخِلُني الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُني مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: «لَقَدْ سَألتَ عَنْ عَظيمٍ، وإنَّهُ لَيَسيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ، وتُؤتِي الزَّكَاةَ، وتَصُومُ رَمَضَانَ، وتَحُجُّ البَيْتَ» ثُمَّ قَالَ: «ألاَ أدُلُّكَ عَلَى أبْوابِ الخَيْرِ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ، وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَما يُطْفِئُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ» ثُمَّ تَلا: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ﴾ حَتَّى بَلَغَ ﴿يَعْمَلُونَ﴾ [النور: 16] ثُمَّ قَالَ: «ألا أُخْبِرُكَ بِرَأسِ الأَمْرِ، وَعَمُودِهِ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ» قُلْتُ: بَلَى يَا رسولَ اللهِ، قَالَ: «رَأسُ الأمْر الإسْلامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ، وَذِرْوَةِ سِنَامِهِ الجِهادُ» ثُمَّ قَالَ: «ألاَ أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ!» قُلْتُ: بلَى يَا رَسولَ اللهِ، فَأخَذَ بِلِسانِهِ وقال: «كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا» قُلْتُ: يَا رسولَ الله وإنَّا لَمُؤاخَذُونَ بما نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فقالَ: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! وَهَلْ يَكُبُّ الناسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح»، وَقَدْ سبق شرحه في باب قبل هَذَا .
قال ابن عثيمين ﵀:
- احذر هذه الحصائد، واحفظ لسانك، ومن حفظ اللسان، أن يحفظه من الكذب والغش، وقول الزور والنميمة والغيبة وكل قول يبعده عن الله ﷿ ويوجب عليه العذاب.
قال ابن باز ﵀:
- أعمال الجنة يسيرة على من كتب الله له السعادة ويسرها عليه، شديدة على أهل البطالة، ومن كتب عليهم الشقاء، نسأل الله العافية.
- رب كلمة أهلكته، وأوبقت دنياه وآخرته، وهلك بها جميع ما عمل وبطل بها جميع ما عمل، فالواجب الحذر من زلات اللسان وأخطاره.
- احذر هذه الحصائد، واحفظ لسانك، ومن حفظ اللسان، أن يحفظه من الكذب والغش، وقول الزور والنميمة والغيبة وكل قول يبعده عن الله ﷿ ويوجب عليه العذاب.
قال ابن باز ﵀:
- أعمال الجنة يسيرة على من كتب الله له السعادة ويسرها عليه، شديدة على أهل البطالة، ومن كتب عليهم الشقاء، نسأل الله العافية.
- رب كلمة أهلكته، وأوبقت دنياه وآخرته، وهلك بها جميع ما عمل وبطل بها جميع ما عمل، فالواجب الحذر من زلات اللسان وأخطاره.
1523 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قالوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أخَاكَ بِما يَكْرَهُ» قِيلَ: أفَرَأيْتَ إنْ كَانَ في أخِي مَا أقُولُ؟ قَالَ: «إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فقد اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الغيبة من كبائر الذنوب التي لا تكفرها الصلاة، ولا الصدقة ولا الصيام، ولا غيرها من الأعمال الصالحة، بل تبقى على الموازنة، وقد نص أحمد بن حنبل ﵀ على أن الغيبة والنميمة من كبائر الذنوب.
- قول النبي ﷺ في تعريف الغيبة (ذكرك أخاك بما يكره)، يشمل ما يكرهه من عيب خَلقي، وعيب خُلقي، وعيب ديني، كل شيء يكرهه فإنك إذا ذكرته به فهي غيبة، من العيب الخلقي مثلاً: لو اغتبته أنه أعرج، أعور، أو طويل، أو قصير، أو ما أشبه ذلك، هذه غيبة، أو خلقي كما لو ذكرته بأنه ليس بعفيف، يعني يتتبع النساء، ينظر إلى المردان وما أشبه ذلك، أو عيب ديني، بأن تقول إنّه مبتدع أو إنه لا يصلي مع الجماعة.
- اعلم أنّك إذا سلطت على عيب أخيك، ونشرته وتتبعت عورته، فإن الله تعالى يقيض لك من يفضحك، ويتتبع عورتك حيًا كنت أو ميتًا؛ لأنّ النبي ﷺ قال: (من تتبع عورة أخيه، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في بيت أمه).
- الغيبة إذا كانت للنصح والبيان فإنه لا بأس بها؛ كما لو أراد إنسان أن يعامل شخصًا من الناس، وجاء إليك يستشيرك، يقول: ما تقول؟ هل أعامل فلانًا؟ وأنت تعلم أنّ هذا سيئ المعاملة، ففي هذا الحال يجب عليك أن تبين ما فيه من العيب من باب النصح، ودليله أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها خطبها ثلاثة من الصحابة: أسامة بن زيد، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبو جهم، فجاءت تستشير النبي ﷺ تقول له خطبني فلان وفلان وفلان، فقال لها ﷺ: (أما أبو جهم فضرابٌ للنساء، وأما معاوية فصعلوكٌ لا مال له، انكحي أسامة). فذكر هذين الرجلين بما يكرهان، لكن من باب النصيحة، لا من باب نشر العيب والفضيحة، وفرق بين هذا وهذا، فإذا كان ذكرك أخاك بما يكره من أجل النصيحة فلا بأس.
قال ابن باز ﵀:
- تحريم الغيبة، وأنّها من المنكرات ومن الكبائر، وهي من أسباب الشحناء والعداوة والبغضاء والاختلاف، ولهذا حرمها الله لما تجره من الشر، فالغيبة من أخبث المعاصي، ومن أخبث الكبائر، فالواجب الحذر منها والإنكار على من فعلها، فإذا حضرت مجلسًا فيه غيبة، فالواجب إنكار ذلك، والغيبة ذكرك أخاك بما يكره، هذه الغيبة، ذكر الإنسان بما يكره من الخصال.
- إذا أثنى الأخيار على الرجل فهي علامة سعادته، وإذا ذموه فهي علامة هلاكه، لإظهاره المعاصي؛ لأنهم إنما يذمون بما أظهره من المعاصي، وإنما يمدحونه بما أظهره من الطاعات، فالواجب على المؤمن أن يحذر، وإذا عصى ربه فيستتر بستر الله، لا يفضح نفسه، يتقي الله ويتوب إلى الله، يقول النبي ﷺ: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)، المجاهرين بالمعاصي قد فضحوا أنفسهم، أما من خافها فهو حري بأن يتوب، حري بأن يندم، عنده حياء، حري بأن يبادر بالتوبة، لكن من لا يبالي ويجاهر بالمعاصي فهذا بعيد من التوبة، بعيد من الحياء، قريب من الخطر والهلاك.
- الغيبة من كبائر الذنوب التي لا تكفرها الصلاة، ولا الصدقة ولا الصيام، ولا غيرها من الأعمال الصالحة، بل تبقى على الموازنة، وقد نص أحمد بن حنبل ﵀ على أن الغيبة والنميمة من كبائر الذنوب.
- قول النبي ﷺ في تعريف الغيبة (ذكرك أخاك بما يكره)، يشمل ما يكرهه من عيب خَلقي، وعيب خُلقي، وعيب ديني، كل شيء يكرهه فإنك إذا ذكرته به فهي غيبة، من العيب الخلقي مثلاً: لو اغتبته أنه أعرج، أعور، أو طويل، أو قصير، أو ما أشبه ذلك، هذه غيبة، أو خلقي كما لو ذكرته بأنه ليس بعفيف، يعني يتتبع النساء، ينظر إلى المردان وما أشبه ذلك، أو عيب ديني، بأن تقول إنّه مبتدع أو إنه لا يصلي مع الجماعة.
- اعلم أنّك إذا سلطت على عيب أخيك، ونشرته وتتبعت عورته، فإن الله تعالى يقيض لك من يفضحك، ويتتبع عورتك حيًا كنت أو ميتًا؛ لأنّ النبي ﷺ قال: (من تتبع عورة أخيه، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في بيت أمه).
- الغيبة إذا كانت للنصح والبيان فإنه لا بأس بها؛ كما لو أراد إنسان أن يعامل شخصًا من الناس، وجاء إليك يستشيرك، يقول: ما تقول؟ هل أعامل فلانًا؟ وأنت تعلم أنّ هذا سيئ المعاملة، ففي هذا الحال يجب عليك أن تبين ما فيه من العيب من باب النصح، ودليله أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها خطبها ثلاثة من الصحابة: أسامة بن زيد، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبو جهم، فجاءت تستشير النبي ﷺ تقول له خطبني فلان وفلان وفلان، فقال لها ﷺ: (أما أبو جهم فضرابٌ للنساء، وأما معاوية فصعلوكٌ لا مال له، انكحي أسامة). فذكر هذين الرجلين بما يكرهان، لكن من باب النصيحة، لا من باب نشر العيب والفضيحة، وفرق بين هذا وهذا، فإذا كان ذكرك أخاك بما يكره من أجل النصيحة فلا بأس.
قال ابن باز ﵀:
- تحريم الغيبة، وأنّها من المنكرات ومن الكبائر، وهي من أسباب الشحناء والعداوة والبغضاء والاختلاف، ولهذا حرمها الله لما تجره من الشر، فالغيبة من أخبث المعاصي، ومن أخبث الكبائر، فالواجب الحذر منها والإنكار على من فعلها، فإذا حضرت مجلسًا فيه غيبة، فالواجب إنكار ذلك، والغيبة ذكرك أخاك بما يكره، هذه الغيبة، ذكر الإنسان بما يكره من الخصال.
- إذا أثنى الأخيار على الرجل فهي علامة سعادته، وإذا ذموه فهي علامة هلاكه، لإظهاره المعاصي؛ لأنهم إنما يذمون بما أظهره من المعاصي، وإنما يمدحونه بما أظهره من الطاعات، فالواجب على المؤمن أن يحذر، وإذا عصى ربه فيستتر بستر الله، لا يفضح نفسه، يتقي الله ويتوب إلى الله، يقول النبي ﷺ: (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)، المجاهرين بالمعاصي قد فضحوا أنفسهم، أما من خافها فهو حري بأن يتوب، حري بأن يندم، عنده حياء، حري بأن يبادر بالتوبة، لكن من لا يبالي ويجاهر بالمعاصي فهذا بعيد من التوبة، بعيد من الحياء، قريب من الخطر والهلاك.
1524 - وعن أَبي بَكْرة - رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ في خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى في حَجَّةِ الوَدَاعِ: «إنَّ دِماءكُمْ، وَأمْوَالَكُمْ، وأعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا، ألا هَلْ بَلَّغْتُ» متفق عَلَيْهِ.
1525 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قُلْتُ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كذَا وكَذَا. قَالَ بعضُ الرواةِ: تَعْنِي قَصيرَةً، فقالَ: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ البَحْرِ لَمَزَجَتْهُ!» قالت: وَحَكَيْتُ لَهُ إنْسَانًا فَقَالَ: «مَا أُحِبُّ أنِّي حَكَيْتُ إنْسانًا وإنَّ لِي كَذَا وَكَذَا». رواه أَبُو داود والترمذي،وقال: «حديث حسن صحيح».
ومعنى: «مَزَجَتْهُ» خَالَطَتْهُ مُخَالَطَةً يَتَغَيَّرُ بِهَا طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِشِدَّةِ نَتْنِها وَقُبْحِهَا. وهذا الحَديثُ مِنْ أبلَغِ الزَّواجِرِ عَنِ الغِيبَةِ، قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: 3 - 4].
1526 - وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقَومٍ لَهُمْ أظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَنْ هؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ؟ قَالَ: هؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ في أعْرَاضِهِمْ!». رواه أَبُوداود
1527 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- إعلان رسول الله ﷺ تحريم الدماء والأموال والأعراض، في حجة الوداع، في أكبر مجتمع حصل بين النبي ﷺ وبين الصحابة؛ لأنّ الذين حجوا معه قريب من مائة ألف، ومع ذلك أعلن ﷺ، وقال: (إن أموالكم ودماءكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم قال: اللهم اشهد).
- الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، ولو بما يتعلق بخلقته كالطويل والقصير وأما أشبه ذلك، كما في حديث عائشة ، لو خلطت بماء البحر على كبره وسعته لمزجته، أي أثرت فيهن وهي كلمة يسيرة جداً لكنها عظيمة، حيث إنها في ضرتها، وحيث إنها قد يحدث من هذه الكلمة أن يكره النبي ﷺ صفية، فلعظمها صار لها هذا الأثر العظيم، كذلك أيضاً العقوبة العظيمة التي رآها النبي ﷺ وقد أسري به، أنه قد مر بأقوام لهم أظافر من النحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: الذين يقعون في أعراض الناس يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ، فالمهم أن الواجب على الإنسان الحذر من إطلاق اللسان، وألا يتكلم إلا بخير، إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر.
- اعلم أن الغيبة تزداد قبحاً وإثماً بحسب ما تؤدي إليه، فغيبة العامة من الناس ليست كغيبة العالم، أو ليست كغيبة الأمير، أو المدير أو الوزير، أو ما أشبه ذلك، لأن غيبة ولاة الأمور صغيراً كان الأمر أو كبيراً، أشد من غيبة من ليس لهم إمرة، وليس له أمر ولا ولاية، لأنّك إذا اغتبت عامة الناس إنما تسيء إليه شخصياً فقط، أما إذا اغتبت من له أمر فقد أسأت إليه، وإلى ما يتولاه من أمور المسلمين، مثلاً فرض أنك اغتبت عالماً من العلماء، هذا لا شك أنه عدوان عليه شخصياً، كغيره من المسلمين لكنك أيضاً أسأت إساءة كبيرة إلى ما يحمله من الشريعة، رجل عالم يحمل الشريعة، إذا اغتبته سقط من أعين الناس، وإذا سقط من أعين الناس لن يقبلوا قوله، ولم يأتوا إليه يرجعون إليه في أمور دينهم، وصار ما يطلبه من الحق مشكوكاً فيه لأنك اغتبته، فهذه جناية عظيمة على الشريعة.
- على الإنسان أن يتكلم بالعدل، إذا ابتليت بنشر مساوئ الناس فانشر المحاسن حتى تتعادل الكفة، أو ترجح إحدى الكفتين على الأخرى، أما أن تبتلى بنشر المعايب، وتكون أخرس في نشر المحاسن، فهذا ليس بعدل.
قال ابن باز ﵀:
- تحريم الغيبة وعظم خطرها وما يترتب عليها من الفساد والشحناء والعداوة والبغضاء، وقد خطب النبي ﷺ يوم النحر ويوم عرفة في حجة الوداع، فدل على شدة تحريم العرض وهو الغيبة، كما يحرم التعدي على المال والنفس، فهكذا الأعراض يجب الحذر من الغيبة التي تسبب الشحناء والعداوة والفساد.
- إعلان رسول الله ﷺ تحريم الدماء والأموال والأعراض، في حجة الوداع، في أكبر مجتمع حصل بين النبي ﷺ وبين الصحابة؛ لأنّ الذين حجوا معه قريب من مائة ألف، ومع ذلك أعلن ﷺ، وقال: (إن أموالكم ودماءكم وأعراضكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا: نعم قال: اللهم اشهد).
- الغيبة ذكرك أخاك بما يكره، ولو بما يتعلق بخلقته كالطويل والقصير وأما أشبه ذلك، كما في حديث عائشة ، لو خلطت بماء البحر على كبره وسعته لمزجته، أي أثرت فيهن وهي كلمة يسيرة جداً لكنها عظيمة، حيث إنها في ضرتها، وحيث إنها قد يحدث من هذه الكلمة أن يكره النبي ﷺ صفية، فلعظمها صار لها هذا الأثر العظيم، كذلك أيضاً العقوبة العظيمة التي رآها النبي ﷺ وقد أسري به، أنه قد مر بأقوام لهم أظافر من النحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: الذين يقعون في أعراض الناس يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ، فالمهم أن الواجب على الإنسان الحذر من إطلاق اللسان، وألا يتكلم إلا بخير، إن كان يؤمن بالله واليوم الآخر.
- اعلم أن الغيبة تزداد قبحاً وإثماً بحسب ما تؤدي إليه، فغيبة العامة من الناس ليست كغيبة العالم، أو ليست كغيبة الأمير، أو المدير أو الوزير، أو ما أشبه ذلك، لأن غيبة ولاة الأمور صغيراً كان الأمر أو كبيراً، أشد من غيبة من ليس لهم إمرة، وليس له أمر ولا ولاية، لأنّك إذا اغتبت عامة الناس إنما تسيء إليه شخصياً فقط، أما إذا اغتبت من له أمر فقد أسأت إليه، وإلى ما يتولاه من أمور المسلمين، مثلاً فرض أنك اغتبت عالماً من العلماء، هذا لا شك أنه عدوان عليه شخصياً، كغيره من المسلمين لكنك أيضاً أسأت إساءة كبيرة إلى ما يحمله من الشريعة، رجل عالم يحمل الشريعة، إذا اغتبته سقط من أعين الناس، وإذا سقط من أعين الناس لن يقبلوا قوله، ولم يأتوا إليه يرجعون إليه في أمور دينهم، وصار ما يطلبه من الحق مشكوكاً فيه لأنك اغتبته، فهذه جناية عظيمة على الشريعة.
- على الإنسان أن يتكلم بالعدل، إذا ابتليت بنشر مساوئ الناس فانشر المحاسن حتى تتعادل الكفة، أو ترجح إحدى الكفتين على الأخرى، أما أن تبتلى بنشر المعايب، وتكون أخرس في نشر المحاسن، فهذا ليس بعدل.
قال ابن باز ﵀:
- تحريم الغيبة وعظم خطرها وما يترتب عليها من الفساد والشحناء والعداوة والبغضاء، وقد خطب النبي ﷺ يوم النحر ويوم عرفة في حجة الوداع، فدل على شدة تحريم العرض وهو الغيبة، كما يحرم التعدي على المال والنفس، فهكذا الأعراض يجب الحذر من الغيبة التي تسبب الشحناء والعداوة والفساد.