باب النَّهي عن إتيان الكُهّان والمنجِّمين والعُرَّاف وأصحاب الرمل والطوارق بالحصى وبالشعير ونحو ذلك


1668 - عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سأل رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَاسٌ عَنِ الكُهَّانِ، فَقَالَ: «لَيْسُوا بِشَيءٍ» فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللهِ إنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أحْيَانًا بِشَيءٍ، فَيَكُونُ حَقًّا؟ فقالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «تِلْكَ الكَلِمَةُ مِنَ الحَقِّ يَخْطَفُهَا الجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ، فَيَخْلِطُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ». متفق عليه.
وفي رواية للبخاري عن عائشة رضي الله عنها: أنَّها سمعتْ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إنَّ المَلائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ - وَهُوَ السَّحَابُ - فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّماءِ، فَيَسْتَرِقُ الشَّيْطَانُ السَّمْعَ، فَيَسْمَعُهُ، فَيُوحِيَهُ إلَى الكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ».
قَولُهُ: «فَيَقُرُّهَا» هو بفتح الياء وضم القاف والراء، أي: يُلْقِيها،
«والعَنانِ» بفتح العين.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، فيقول مثلا للإنسان ستكون سعيدا في اليوم الفلاني أو سيصيبك حادث في اليوم الفلاني أو ما أشبه ذلك هؤلاء هم الكهان.
- ذكرت عائشة ﵂ أن النبي ﷺ سئل عن الكهان، فقال: (ليسوا بشيء)، لأن الكهان كثروا أبان عهد النبي ﷺ قبل أن ينزل عليه الوحي، وصارت الجن كما ذكر الله عنهم ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِۖ﴾ [الجن: 9]، فلما بعث النبي ﷺ صار الجني إذا قعد بمقعده يستمع جاءه شهاب من نار فأحرقه، ﴿فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا﴾ [الجن: 9].
- (ليسوا بشيء) يعني لا تعبأوا بهم، ولا تأخذوا بكلامهم، ولا يهمكم أمرهم، قالوا يا رسول الله إنهم يقولون القول فيكون حقا فأخبر النبي ﷺ أن هذا الحق الذي يقع ممزوج بمائة كذبة، وأن سببه أن الجني الذي له ولي من البشر يخطف الخبر من السماء، ويوحيه إلى وليه من الإنس، فيتحدث، ثم يقع ما كان حقا، وما كان باطلا ينسى عند الناس، وكأنه لم يكن، هؤلاء الكهان يجب علينا أن نكذبهم، وألا نصدقهم، ومن أتاهم وسألهم وصدقهم فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ، يعني كفر بالقرآن، ووجه كفره أن الله تعالى قال: ﴿قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل: 65]، فإذا ادعى هؤلاء علم الغيب وصدقهم الإنسان، صار مضمون تصديقه إياهم تكذيب قول الله.
- المنجمون: هم الذين يتعاطون علم النجوم، وعلم النجوم قسمان: قسم لا بأس به، وهو ما يسمى بعلم التسيير، يعني علم سير النجوم يستدل به على الفصول، وعلى طول النهار، وقصر النهار، حاجة لا بأس بها، ولا حرج بها؛ لأن الناس يهتدون به لمصالحهم، ومن ذلك علم جهات النجوم، مثل: القطب الشمالي معروف جهة الشمال، الجدي معروف، قرب القطب من ناحية الشمال، يستدل به على القبلة، وعلى الجهات، قال الله تعالى ﴿وَعَلَامَاتٍ ۚ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [النحل: 16]، يهتدون في ظلمات البر والبحر، إذا لم يكن سحاب يغطي النجوم، اهتدوا بها. القسم الثاني علم التأثير: مقابل علم التسيير، علم التأثير أن يتخذ من علم النجوم سببًا يدعي به أن ما حصل في الأرض فإنه من سبب النجم، كالذين يقولون في الجاهلية: "مطرنا بنوء كذا وكذا"، هذا هو المحرم، ولا يجوز اعتماده؛ لأنه لا علاقة لما يحدث في الأرض فيما يحدث بالسماء، السماء مستقلة، فما حصل من أثر في السماء، فإنه لا يؤثر على الأرض، فالنجوم لا دخل لها في الحوادث، بعض الناس والعياذ بالله يقول: "هذا الولد ولد في النوء الفلاني، فسيكون سعيدًا، هذا الولد ولد في النوء الفلاني، فسيكون شقيًا"، من قال هذا ويسمونه "الطالع" أي طالع هذا الولد، هذا هو المحرم، الذي من صدق المنجم فيه، فهو كمن صدق الكاهن.
قال ابن باز ﵀:
- يدل على تحريم الكهانة، والطيرة، وسائر ما يتعاطاه، وادعاء الغيب من الكذب، والزور، والحيل، كلها باطلة؛ لأن الله جل وعلا هو الذي يعلم الغيب، لا يعلمه سواه، كما قال تعالى: ﴿قل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ [النمل: 65].
- المقصود أن علم الغيب إلى الله جل وعلا، هؤلاء الكهنة الذين يدعون علم الغيب إنما يتوصلون إلى هذا مما قد يسمعون من الشياطين، فيكذبون مع ذلك كذبات كثيرة، فيصدقهم الجهال بأسباب ما صدقوه فيه.
- (أنّهم ليسوا بشيء) يعني أن أمرهم باطل، الكهان لا يعول عليهم ولا يصدقون.
- لا يجوز سؤال مدعي علم الغيب ولا تصديقهم، ولو قدر أنّهم قد يصدقون في كلمة، لكن يكذبون أشياء كثيرة، مائة كذبة، ويقذفون ويزيدون أكثر من مائة كذبة، ثم مدعي علم الغيب كفار؛ لأن علم الغيب لا يعلمه إلا الله ﷿، الذي يدعي أنه يعلم الغيب فهو كافر، ضال، مضل، والحديث الصحيح أنه: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)، العراف والكاهن، والمنجم والرمال كلها معناها واحد، وهم الذين يدعون علم الغيب بأسباب يدعونها من ضرب الرمل، من ضرب الحصى، من حساب النجوم، من غير هذا من خرافاتهم.

1669 - وعن صَفِيَّةَ بِنتِ أبي عُبيدٍ، عن بعض أزواجِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ورَضِيَ اللهُ عنها، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عنْ شَيْءٍ فَصَدَّقَهُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أرْبَعِينَ يَومًا». رواه مسلم.
1670 - وعَنْ قَبِيصَةَ بنِ المُخَارِقِ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «العِيَافَةُ، وَالطِّيَرَةُ، والطَّرْقُ، مِنَ الجِبْتِ». رواه أبو داود بإسناد حسن.
وقال: «الطَّرْقُ» هُوَ الزَّجْرُ: أيْ زَجْرُ الطَّيْرِ وَهُوَ أَنْ يَتَيَمَّنَ أو يَتَشَاءمَ بِطَيَرَانِهِ، فإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَمِين، تَيَمَّنَ، وإنْ طَارَ إلَى جِهَةِ اليَسَارِ، تَشَاءمَ. قال أبو داود: «والعِيَافَةُ»: الخَطُّ.
قالَ الجَوْهَريُّ في الصِّحَاحِ: الجِبْتُ كَلِمَةٌ تَقَعُ عَلَى الصَّنَمِ وَالكاهِنِ والسَّاحِرِ وَنَحْوِ ذلِكَ.
1671 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُوم، اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ». رواه أبو داود بإسناد صحيح.
1672 - وعن مُعاوِيَةَ بنِ الحَكَمِ - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسُولَ اللهِ إنِّي حديثُ عَهْدٍ بالجاهِليَّةِ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ تَعَالَى بالإسْلاَمِ، وإنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأتُونَ الكُهَّانَ؟ قال: «فَلاَ تأتِهِمْ» قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلاَ يَصُدُّهُمْ» قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ؟ قَالَ: «كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ، فَذَاكَ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- فيه دليلٌ على أنه يحرم أن يأتي الإنسان الكهان فيصدقهم، كمن أتى عرافًا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يومًا، مجرد ما يسأل العراف، ومنه الكهان، لا تقبل له صلاة أربعين يومًا، فإن صدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ، أما إذا أتى الكاهن ليبين كذبه وزيفه فهذا لا بأس به، بل قد يكون أمرا محمودًا.
- أمر الإنسان إذا هم بأمر ولم يتبين له، أن يستخير، يصلي ركعتين من غير الفريضة ويقول الدعاء المعروف للاستخارة، حينئذ إذا قدر الله له شيئا بعد هذه الاستخارة فهو خير له، يمضي ويتوكل على الله، وإن صرف الله همته عنه، فهذا يعني بأنه ليس بخير له، وأما الاستقسام بالأزلام والطير وما أشبه ذلك فكله لا خير فيه.
قال ابن باز ﵀:
- (من الجبت) الجبت الشيء الذي لا خير فيه، يطلق على الصنم، والساحر، وكل شيء لا خير فيه، يقال له جبت، ويطلق على الشيطان؛ ولهذا قال ﷺ في الحديث: (العيافة والطيرة والطرق من الجبت)، يعني من الشيء الذي لا خير فيه
- (العيافة) زجر الطير إذا تيامنوا تفاءلوا وإذا تياسروا تشاءموا.
- (الطرق) يخط خطوطاً، يخط في الأرض يدعون أنهم يعلمون بها علم الغيب، وهي لا أصل له.
- الطيرة هي: التشاؤم بالمرئيات والمسموعات، إذا أجلستك ومنعتك من حاجتك، يقال لها: الطيرة، الشيء الذي يمنعك من حاجتك يسمى طيرة.
- (من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد) كلما زاد تعلم النجوم للتأثير، زاد فيما يتعلق بالسحر والتلبيس على الناس، الواجب الحذر من ذلك وألا يتعلم هذه الأشياء التي يتعلق بها السحرة والمنجمون، أما تعلم المنازل لمعرفة الأوقات هذا لا بأس به، كونه يتعلم سير الشمس والقمر والنجوم لتعلم الطرقات والمياه والبلدان لا بأس، كما قال جل وعلا : ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [الأنعام: 97]، يعني: يهتدي بها المسافرون في جهات البلدان جهات المياه، وجهات الطرقات، أما تعلمها للتأثير أنها يقع كذا ويصير كذا هذا هو المحرم هذا هو التنجيم المحرم، وهذا من شعب السحر.
- (ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم) يعني: هذه التي يجدها الناس من الطير والتشاؤم هذا شيء لا حقيقة له، إنما هو شيء يجده في نفسه في صدد التشاؤم، فليس له حقيقة، فليس عند الطير أو الكلب الذي رآه، أو الحمار لا خير ولا شر، ولكن الجاهلية عندهم العقول الضعيفة، والتشبث بالأشياء التي لا حقيقة لها، فلهذا يتطيرون إذا رأوا شيئاً ما يناسبهم تطيروا، تشاءموا، تركوا السفر، إذا أرادو أن يسافروا، كل ذلك من أجل التشاؤم.

1673 - وعن أَبي مَسعودٍ البدريِّ - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكاهِنِ . متفق عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الكلب فمعروف، واقتناؤه حرام، لا يجوز للإنسان أن يقتني الكلب، ويجعله عنده في بيته، سواء بيت الطين، أو المسلح، أو الشعر، إلا في ثلاث حالات:
• أولًا: كلب الحرث، يعني الزرع.
• ثانيًا: كلب الماشية، يعني إنسان عنده غنم أو إبل أو بقر يتخذ الكلب ليحرسها.
• ثالثًا: كلب الصيد، يصيد عليه الإنسان؛ لأن الكلب إذا تعلم وصاد شيئًا فإنّه حلال؛ لأنّ الله تعالى قال: ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [المائدة: 4].
- فهذه الثلاثة كلب الحرث والماشية والصيد يجوز للإنسان أن يقتنيها، وما عدا ذلك فاقتناؤه حرام، والكلب أخبث الحيوانات في النجاسة؛ لأن نجاسته مغلظة، إذا شرب في الإناء يجب أن يغسل الإناء سبع مرات، واحدة منها بالتراب، والأفضل أن يكون التراب مع الأولى فهو الأحسن.
- إذا كان عند الإنسان كلب ولو كان كلب صيد أو ماشية أو زرع فإنه يحرم عليه بيعه، وثمنه عليه حرام، لكن إذا انتهى منه يعطيه أحدًا يحتاج له، ولا يحل له أن يبيعه؛ لأنّ النبي ﷺ نهى عن ثمن الكلب.
- (مهر البغي) يعني أجرة الزانية والعياذ بالله، تكون امرأة تزني، فيأتي إليها الأنجاس من بني آدم فيستأجرونها لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة أو أكثر أو أقل، ويعطونها عن ذلك عوضا، هذا أيضا نهى عنه الرسول ﷺ؛ لأن هذا العوض يكون في مقابلة حرام، وإذا حرم الله شيئا حرم ثمنه وحرم أجرته.
- إذا قال قائل لو أن الكاهن قد تاب إلى الله وقد كسب مالا من الناس هل يرده عليهم؟ نقول لا، لا يرده عليهم؛ لأن قد أخذوا عوضًا، فلا يجمع لهم بين العوض والمعوض، ولكن يتصدق به تخلصًا منه، أو يجعله في بيت المال، إن كان هناك بيت مال، وكذلك يقال فيمن باع كلبا سواء كان كلب صيد أو حرث أو ماشية وأخذ ثمنه، وكذلك يقال في مهر البغي إذا تابت إلى الله ورجعت.
قال ابن باز ﵀:
- (حلوان الكاهن) هو: ما يعطاه الكاهن حتى يخبر بعض المغيبات، يقول لهم: نعطيكم كذا وكذا، علمونا ماذا سيقع كذا، ماذا سوف يصير، يقول لهم ما يشاؤون حتى يأكلوا أموالهم، فهذه المعطيات وهذه المعاوضات كلها منكر.

باب النهي عن التَّطَيُّرِ


فِيهِ الأحاديث السابقة في الباب قبله.
1674 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ، وَيُعْجِبُني الفَألُ» قالُوا: وَمَا الفَألُ؟ قَالَ: «كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ». متفق عَلَيْهِ.
1675 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا عَدْوَى وَلاَ طِيَرَةَ. وإنْ كَانَ الشُّؤمُ في شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالمَرْأَةِ، والفَرَسِ». متفق عَلَيْهِ.
1676 - وعن بُريْدَةَ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يَتَطَيَّرُ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
1677 - وعن عُروة بن عامر - رضي الله عنه - قال: ذُكِرَتِ الطِّيَرَةُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: «أحْسَنُهَا الفَألُ. وَلاَ تَرُدُّ مُسْلِمًا فإذا رَأى أحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ، فَليْقلْ: اللَّهُمَّ لاَ يَأتِي بِالحَسَناتِ إلاَّ أنْتَ، وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَاتِ إلاَّ أنْتَ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِكَ» حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح.
قال ابن عثيمين ﵀:
- التطير هو التشاؤم بمرئي أو مسموع، أو زمان أو مكان، وإنما سمي تطيرًا؛ لأن العرب في الجاهلية يتشاءمون بالطيور، فغلب الاسم على كل التشاؤم، فمن العرب من يتشاءم بالطيور إذا زجر الطير، أو أثاره حتى طار، إن طار يسارًا تشاءم، وإن رجع إليه ألغى ما يريد الإقدام عليه، وكذلك أيضا الطيور في الجو ربما يتشاءمون بها الغراب يتشاءم به والبومة يتشاءمون بها، ومن العرب من يتشاءم بالزمان لقد شاع عندهم أن المرأة إذا تزوجت في شوال لم توفق ولا يحبها زوجها وهذا باطل فإنّ النبي ﷺ عقد على أم المؤمنين عائشة ﵂ في شوال، ودخل بها في شوال، فكانت تقول: "أيكم أحظى عنده مني"، وبعض الناس تقول في هذا اليوم الذي اتخذه الرافضة حزنًا ونحن نتخذه سرورًا، نطعم الطعام ونكسوا الأولاد، وندخل الفرح في الصدور، هذا أيضًا غلط، هذا من البدع، والبدع لا ترد بالبدع، لا يقتل البدعة إلا السنة، استمسك بالسنة تمت البدعة.
- (ويعجبني الفأل، قالوا: وما الفأل؟ قال: الكلمة الطيبة) فإن الكلمة الطيبة تدخل السرور على النفس، وتشرح الصدر. أما التشاؤم فإنه بخلاف ذلك وإذا أصابك شيء من التشاؤم فأعرض عنه، أعرض عن هذا الحزن، وقل: (اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك)، يعني أن الأمر كله بيدك، ولا إله غيرك.
قال ابن باز ﵀:
- الإنسان إذا أحس بشيء يكره يقول مثل ما قال ﷺ: (اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ولا يدفع السيئات إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بك)، ربنا جل وعلا هو الذي يأتي بالمصالح والنعم، وهو الذي يجلبها للعباد وهو الذي يدفع المصائب والسيئات جل وعلا بيده كل شيء ، منها الحديث الآخر: (اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك).
- المقصود أن التطير من خصال الجاهلية، الواجب الحذر منه.
- (العدوى) هو: اعتقاد أنّ شيئاً يعدي بطبعه، كالجرب أو غيره من المرض، لكن بعض الأمراض إذا خالط أصحابها الصحيح قد تنتقل بإذن الله لا بنفسها هي، بل بإذن الله، المرض لا يملك شيئاً لنفسه، ولا يتصرف المرض أثر قد يقدره الله جل وعلا، بعض الأمراض إذا خالطها الناس قد يحصل منها العدوى؛ يعني: الانتقال مثل الجذام مثل الجرب؛ ولهذا في الحديث قال ﷺ: (فر من المجذوم فرارك من الأسد)، وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: (لا يورد ممرض على مصح).
- (أحسنها الفأل) الفأل الكلام الطيب، الذي يسرك، ولكن لا يمضيك، ولا يردك، وهو نوع من الطيرة، لكن لا يرد ولا يمضي، ولهذا صار جائزاً وأحسنها، يتفاءل ويمشي، مثل إنسان مريض يسمع إنساناً يقول: "يا معافی یا مشفي يا سليم"، فيفرح في هذا، وهو ذاهب في حاجته، أو إنسان يدور ضالة يسمع إنساناً يقول: "أبشر، أو ستجد إن شاء الله"، فيفرح بهذا الكلام، ولا يرده ولا يمضيه.

باب تحريم تصوير الحيوان في بساط أو حجر أو ثوب أو درهم أو دينار أو وسادة وغير ذلك وتحريم اتخاذ الصور في حائط وسقف وستر وعمامة وثوب ونحوها والأمر بإتلاف الصورة


1678 - عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ الَّذينَ يَصْنَعُونَ هذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، يُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». متفق عليه.
1679 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَدِمَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرامٍ فِيهِ تَمَاثيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَلَوَّنَ وَجْهُهُ، وقالَ: «يَا عائِشَةُ، أشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا عِندَ اللهِ يَوْمَ القِيَامَةِ الَّذينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ!» قَالَتْ: فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنهُ وِسَادَةً أوْ وِسَادَتَيْنِ. متفق عليه.
«القِرامُ» بكسرِ القاف هو: السِّتْرُ. «وَالسَّهْوَةُ» بفتح السينِ المهملة، وهي: الصُّفَّةُ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ البَيْتِ، وقيلَ: هِيَ الطَّاقُ النَّافِذُ في الحائِطِ.
1680 - وعن ابن عباس رضي اللهُ عنهما، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ، يُجْعَلُ لَهُ بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا نَفْسٌ فَيُعَذِّبُهُ في جَهَنَّمَ». قال ابن عباس: فإنْ كُنْتَ لاَ بُدَّ فَاعِلًا، فَاصْنعِ الشَّجَرَ وَمَا لاَ رُوحَ فِيهِ. متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- التصوير ينقسم إلى قسمين:
• قسم متفق على تحريمه، وهو أن يصور ما فيه روح على وجه تمثال، من خشب أو حجر أو طين أو جبس أو ما أشبه ذلك فهذا إذا صوره على صورة حيوان أو إنسان أو أسد أو أرنب أو قرد أو غير ذلك فهذا حرام بالاتفاق وفاعله ملعون على لسان النبي ﷺ، ويعذب يوم القيامة فيقال له: أحيي ما خلقت وفي حديث ابن عباس قال: (كل مصور في النار)، فإن كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر وما لا روح فيه.
• القسم الثاني تصوير ما لا روح فيه: مثل الأشجار والشمس والقمر والنجوم والأنهار والجبال وما أشبهها، هذه جائزة.
• القسم الثالث: تصوير ما فيه روح، لكن بالتلوين والرسم فهذا قد اختلف فيه العلماء فمنهم من يقول إنه جائز، ولكن جمهور العلماء على أنه لا يجوز، وهو الصحيح أنّه لا يجوز التصوير لا بالتمثال ولا بالرقم، ما دام المصور من الأشياء التي بها روح.
- أما التصوير بالآلة الفوتوغرافية فليس بتصوير أصلا حتى نقول أنه جائز ونحن يجب علينا أن نتأمل أولا بدلالة النص ثم في الحكم الذي يقتضيه النص وإذا تأملنا وجدنا أن هذا ليس بتصوير ولا يدخل في النهي ولا في اللعن ولكن يبقى مباحا ثم ينظر في الغرض الذي من أجله يصور إن كان غرضًا مباحًا، فالتصوير مباح، وإن كان غرضًا محرمًا فهو محرم.
قال ابن باز ﵀:
- التصوير من أكبر السيئات، ومن أكبر الكبائر، تصوير ذوات الأرواح؛ لقوله ﷺ: (إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم: أحيوا ما خلقتم)، في اللفظ الآخر: (إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون).
- الواجب على كل مؤمن يحذر التصوير، فإن كان ولا بد، كما قال ابن عباس: "تصوير الشجر والجماد"، أما تصوير الحيوان، أو آدمي، فلا يجوز، بل يجب الحذر من ذلك؛ لأنه مضاهاة لخلق الله؛ ولأن التصوير وسيلة إلى شر كثير، تصوير المعظمين وسيلة إلى عبادتهم من دون الله، وتصوير النساء وسيلة للفواحش تصوير غيرهم وسيلة إلى شرور كثيرة، وقد هلك قوم نوح بأسباب الصور، وكان أول حدث وقع في الشرك بسبب الصور.

1681 - وعنه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا، كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ يَومَ القِيَامَةِ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ». متفق عليه.
1682 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عند الله يَومَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ». متفق عليه.
1683 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «قال اللهُ تَعَالَى: وَمَنْ أظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً أوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً، أوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً». متفق عليه.
1684 - وعن أبي طلحة - رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ تَدْخُلُ المَلاَئِكَةُ بَيْتًا فيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ». متفق عليه.
1685 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: وَعَدَ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلُ أَنْ يَأتِيَهُ، فَرَاثَ عَلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ فَلَقِيَهُ جِبريلُ فَشَكَا إلَيهِ، فَقَالَ: إنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ. رواهُ البُخاري.
«راث»: أبْطَأَ، وهو بالثاء المثلثة.
1686 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: واعدَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جبريلُ عليهِ السَّلامُ، في سَاعَةٍ أَنْ يَأتِيَهُ، فَجَاءتْ تِلْكَ السَّاعَةُ وَلَمْ يَأتِهِ! قَالَتْ: وَكَانَ بِيَدِهِ عَصًا، فَطَرَحَهَا مِنْ يَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «مَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلاَ رُسُلُهُ» ثُمَّ التَفَتَ، فإذَا جَرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ سَرِيرِهِ. فقالَ: «مَتَى دَخَلَ هَذَا الكَلْبُ؟» فَقُلْتُ: واللهِ مَا دَرَيْتُ بِهِ، فَأمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَجَاءهُ جِبْرِيلُ - عليه السلام - فقال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «وَعَدْتَنِي، فَجَلَسْتُ لَكَ وَلَمْ تَأتِني» فقالَ: مَنَعَنِي الكَلْبُ الَّذِي كانَ فِي بَيْتِكَ، إنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ صُورَةٌ. رواه مسلم.
1687 - وعن أبي الهَيَّاجِ حَيَّانَ بِن حُصَيْنٍ، قال: قال لي عَليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه: ألاَ أبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم؟ أن لاَ تَدَعَ صُورَةً إلاَّ طَمَسْتَهَا، وَلاَ قَبْرًا مُشْرفًا إلاَّ سَوَّيْتَهُ. رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هذه الأحاديث كلها تدل على أن التصوير من كبائر الذنوب؛ لأن فيها وعيدا شديدا باللعنة، (لعن الله المصورين) وهو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وبأنه يكلف يوم القيامة، يلزم على أن ينفخ الروح فيما صور وليس بنافخ، ومعلوم أنه إذا كان ليس بنافخ وهو مستحيل فإنه يستحيل أن يرفع عنه العذاب إلا أن يشاء الله.
- فيه أنّ المصورين من أظلم الظالمين، يقول الله تعالى: (ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي)، يعني لا أحد أظلم منه، (فليخلقوا حبة أو ليخلقوا ذرة أو ليخلقوا شعيرة)، يعني إن كانوا صادقين يريدون أن يضاهوا خلق الله فليخلقوا حبة من طعام ولتكن من البر لو اجتمع أهل الأرض كلهم بل وأهل السماء على أن يخلقوا حبة من حنطة فإنهم لا يستطيعون، حتى لو صنعوا من العجين شيئا على صورة الحبة تماما فإنهم لا يستطيعون أن تكون حبة، لو أنهم بذروها في الأرض ما نبتت؛ لأنّها ليست حبة فإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يخلق الحبة أو الشعيرة أو الذرة وهو ما يضرب به المثل في القلة فما فوقها من باب أعظم وأولى، وهذا دليل على أن هذا التصوير محرم.
- اتخاذ الصور وإدخالها البيوت فهو محرم لأن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة ولا كلب وما ظنك ببيت لا تدخله الملائكة؟ إنه بيت سوء فإذا كان في البيت صورة أو به كلب فإن الملائكة لا تدخله، لكن استثنى من الصور ما دعت الضرورة إليه مثل الصورة في الدرهم في الدينار، وأيضا البطاقة وحاوية النقود، كل هذا مما دعت الضرورة إليه أو الحاجة الملحة ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَاۚ﴾ [البقرة: 268]، ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج:78]، هذه أيضا لا تمنع دخول الملائكة .
- الصور التي لا تحترم أي ما يمتهن ويداس بالأرجل كالصور التي تكون في الفرش أو المخدة فهذه أيضا لا تمنع دخول الملائكة لأنها مباحة عند أكثر أهل العلم ولكن التنزه عنها أولى وأحسن لأنها فيها خلاف بعض الأئمة يقول إنها داخلة في التحريم ولو امتهنت وبعضهم يقول لا وهم الأكثر فمثلا لو كان عند الإنسان بطانية فيها صورة أسد وجعلها تحته يفترشها فلا شيء عليه أما إذا تخطاها فلا لأنه إذا تخطاها ما يوجد فيها امتهان.
- الصور التي للصبيان يلعبون بها أيضا مما يرخص فيه ولا تمتنع الملائكة من دخول البيت الذي فيه هذه الصور لأن عائشة ﵂ كان لها صورة تلعب بها في بيت الرسول ﷺ ولم ينه عن ذلك.
- الواجب على من شاهد صورة محرمة أن يطمسها؛ لقول علي ﵁ لأبي التياح الأسدي: (ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ أن لا تدع صورة إلا طمستها).
- (ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته) القبر المشرف، يعني القبر المتميز عن القبور، سواء كان بارتفاعه أو بارتفاع النصائب التي عليه يعني الأحجار التي عليه، ولهذا يجب الحذر مما يفعله بعض الناس الآن يصبون صبة وربما كتبوا عليها آيات من القرآن أو ما أشبه ذلك هذه لا يجوز إقرارها؛ لأنها من القبور المشرفة.
قال ابن باز ﵀:
- (قال الله: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي) يعني : لا أحد أظلم منه، وهذا يفيد الوعيد الشديد، فالواجب على المؤمن أن يحذر هذه الجريمة، وأن يحذر منها إخوانه، وأن يتلف ما وجد من ذلك؛ لقوله ﷺ لعلي ﵁: (لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفًا إلا سويته)، وهذا يعم الصور التي لها ظل المجسدة، والصور التي لا ظل لها، لكن إذا فيه مما يمتهن في بساط، أو وسادة، أو أرض، لا بأس أن توطأ، ولا يضر وجودها، إنّما يضر كونها معلقة، أو مرفوعة في شيء، أو منصوبة في جدار، أو في ثوب يلبسه أو ما أشبه ذلك.
- طمس الصورة: أن تقطع رأسها، زال حكمها؛ لما ثبت من حديث أبي هريرة ﵁ (فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة)، بعد قطع الرأس، (وأمر بالقرام الذي فيه تصاوير أن يتخذ وسادتان ممتهنتان تقطعان)، فدل على أنّ الشيء الذي يكون في بساط ونحوه مما يوطأ لا يضر، وإن كان صاحبه قد فعل محرما بالتصوير، لكن وجودها في البساط ونحوه لا يمنع؛ لأنّه ممتهنة توطأ ويجلس عليها، بخلاف الصور التي أصلها التعظيم، أصلها صورها المشركون لتعظيمها وعبادتها هذا أصلها، أصلها للتعظيم والعبادة.
- الكلب الذي يجوز اقتناؤه: للصيد، والزرع، والماشية، وإذا جاز لم يمنع من دخول الملائكة، كلب مأذون فيه لا يمنع، إنّما يمنع غير المأذون؛ ولهذا الصورة المأذون فيه التي تداس لا تمنع، إنما يمنع دخول الملائكة الشيء الممنوع من الكلب والصورة.