باب كراهة تخصيص يوم الجمعة بصيام أَوْ ليلته بصلاة
1760 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلاَ تَخُصُّوا يَومَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي صَومٍ يَصُومُهُ أحَدُكُمْ». رواه مسلم.
1761 - وعنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «لاَ يَصُومَنَّ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إِلاَّ يَومًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». متفق عَلَيْهِ.
1762 - وعن محمد بن عَبَّادٍ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا - رضي الله عنه: أنَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَومِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. متفق عَلَيْهِ.
1763 - وعن أُمِّ المُؤمِنِينَ جويرية بنت الحارث رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أصُمْتِ أمْسِ؟» قالت: لا، قَال: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟» قَالَتْ: لاَ. قَالَ: «فَأَفْطِرِي». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- يوم الجمعة هو عيد الأسبوع، ولما كان عيداً نهى النبي ﷺ عن صومه، لكنه ليس نهي تحريم؛ لأنّه يتكرر كل عام أكثر من خمسين مرة، وأما النهي عن صوم العيدين، عيد الأضحى والفطر، فهو نهي تحريم؛ لأنّه لا يتكرر في السنة إلا مرة واحدة. أما الجمعة فيتكرر ولهذا كان النهي عنه أخص،كان نهي كراهة، وتزول الكراهة إذا ضممت إليه يوماً قبله أو يوما بعده، لكن إذا لم يكن تخصيصاً بأن كان الإنسان يقوم كل ليلة، فلا بأس أن يقوم ليلة الجمعة، أو كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، فصادف يوم الجمعة، يوم صومه، فلا بأس أن يصومه، وكذلك لو صادف يوم الجمعة، يوم عرفة أو يوم عاشوراء، فلا بأس أن يصومه؛ لأن هذا الصيام ليس تخصيصاً ليوم الجمعة، ولكنه تخصيص لليوم الذي صادف يوم الجمعة، فإذا كان يوم الجمعة يوم عرفة فصمه ولا تبالي، وإن لم تكن صائماً قبله، وإذا صادف يوم عاشوراء فصم ولا تبالي، لكن يوم عاشوراء ينبغي أن نخالف اليهود فيه، فنصوم يوماً قبله أو يوما بعده.
- قوله: (أتصومين غداً)، دليل على جواز صوم يوم السبت في النفل، وأنه لا بأس به، ولا كراهة، إذا ضممت إليه الجمعة.
- ورد عن النبي ﷺ حديث أنه قال:(لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم، ولو أن يأخذ أحدكم لحاء عنب فيضمه)، أو كما قال ﷺ، لكن هذا الحديث اختلف العلماء فيه، فمنهم من قال: إنه ضعيف، لا يعمل به، وقال ذلك شيخنا المحدث عبد العزيز بن باز ﵀ قال: "حديث النهي عن صوم يوم السبت، ضعيف شاذ لا يعمل به"، ومنهم من قال: إنّه منسوخ، ومنهم من قال: إن النهي إنما هو عن إفراده فقط، وأما إذا صيم يوم الجمعة أو يوم الأحد فلا كراهة، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد ﵀، وعلى كل حال لو صامه، فإنّه لا إثم عليه، ولكن الأفضل ألا يصومه إلا مضموماً إليه يوم الجمعة أو يوم الأحد.
قال ابن باز ﵀:
- لما كان يوم الجمعة يومًا فاضلاً، وهو خير أيام الأسبوع، فمن رحمة الله أنه نهى عن تخصيصه؛ لأن بعض الناس إذا سمع فضله، قد يخصه بقيام أو يخصه بصيام، فمن رحمة الله أنه نهى عن ذلك، حتى لا يتكلف الناس، ولا يشقوا على أنفسهم.
- يوم الجمعة لا يصام، إلا إذا صيم معه يومًا قبله ويومًا بعده، وفيه الدلالة على أن يوم السبت، لا بأس أن يصام، والحديث الذي فيه النهي عن صوم يوم السبت، حديث ضعيف، مضطرب لا يصح، فلا بأس أن يصام يوم السبت وحده، أو مع الجمعة، أو مع الأحد، لا بأس، وأما حديث: (لا تخصوا يوم السبت بصيام، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو كذا فليمضغه)، فحديث ضعيف، ذكر العلماء أنّه مضطرب، وأنّه لا يصح ومخالف للأحاديث الصحيحة المذكورة في الباب، فإن حديث أبي هريرة وأحاديث أخرى تدل على أنه لا بأس أن يصام يوم السبت مع الجمعة، أو مفردًا، أو مع الأحد، وكان النبي ﷺ يصوم يوم السبت ويوم الأحد أيضًا، ويقول: إنّهما يوما عيد المشركين، فأنا أحب أن أخالفهما، يوم السبت عيد لليهود، والأحد عيد النصارى، فإذا صامه المسلم صامه خلافًا لهم، كان هذا فيه فضل كبير.
- يوم الجمعة هو عيد الأسبوع، ولما كان عيداً نهى النبي ﷺ عن صومه، لكنه ليس نهي تحريم؛ لأنّه يتكرر كل عام أكثر من خمسين مرة، وأما النهي عن صوم العيدين، عيد الأضحى والفطر، فهو نهي تحريم؛ لأنّه لا يتكرر في السنة إلا مرة واحدة. أما الجمعة فيتكرر ولهذا كان النهي عنه أخص،كان نهي كراهة، وتزول الكراهة إذا ضممت إليه يوماً قبله أو يوما بعده، لكن إذا لم يكن تخصيصاً بأن كان الإنسان يقوم كل ليلة، فلا بأس أن يقوم ليلة الجمعة، أو كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً، فصادف يوم الجمعة، يوم صومه، فلا بأس أن يصومه، وكذلك لو صادف يوم الجمعة، يوم عرفة أو يوم عاشوراء، فلا بأس أن يصومه؛ لأن هذا الصيام ليس تخصيصاً ليوم الجمعة، ولكنه تخصيص لليوم الذي صادف يوم الجمعة، فإذا كان يوم الجمعة يوم عرفة فصمه ولا تبالي، وإن لم تكن صائماً قبله، وإذا صادف يوم عاشوراء فصم ولا تبالي، لكن يوم عاشوراء ينبغي أن نخالف اليهود فيه، فنصوم يوماً قبله أو يوما بعده.
- قوله: (أتصومين غداً)، دليل على جواز صوم يوم السبت في النفل، وأنه لا بأس به، ولا كراهة، إذا ضممت إليه الجمعة.
- ورد عن النبي ﷺ حديث أنه قال:(لا تصوموا يوم السبت، إلا فيما افترض عليكم، ولو أن يأخذ أحدكم لحاء عنب فيضمه)، أو كما قال ﷺ، لكن هذا الحديث اختلف العلماء فيه، فمنهم من قال: إنه ضعيف، لا يعمل به، وقال ذلك شيخنا المحدث عبد العزيز بن باز ﵀ قال: "حديث النهي عن صوم يوم السبت، ضعيف شاذ لا يعمل به"، ومنهم من قال: إنّه منسوخ، ومنهم من قال: إن النهي إنما هو عن إفراده فقط، وأما إذا صيم يوم الجمعة أو يوم الأحد فلا كراهة، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد ﵀، وعلى كل حال لو صامه، فإنّه لا إثم عليه، ولكن الأفضل ألا يصومه إلا مضموماً إليه يوم الجمعة أو يوم الأحد.
قال ابن باز ﵀:
- لما كان يوم الجمعة يومًا فاضلاً، وهو خير أيام الأسبوع، فمن رحمة الله أنه نهى عن تخصيصه؛ لأن بعض الناس إذا سمع فضله، قد يخصه بقيام أو يخصه بصيام، فمن رحمة الله أنه نهى عن ذلك، حتى لا يتكلف الناس، ولا يشقوا على أنفسهم.
- يوم الجمعة لا يصام، إلا إذا صيم معه يومًا قبله ويومًا بعده، وفيه الدلالة على أن يوم السبت، لا بأس أن يصام، والحديث الذي فيه النهي عن صوم يوم السبت، حديث ضعيف، مضطرب لا يصح، فلا بأس أن يصام يوم السبت وحده، أو مع الجمعة، أو مع الأحد، لا بأس، وأما حديث: (لا تخصوا يوم السبت بصيام، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو كذا فليمضغه)، فحديث ضعيف، ذكر العلماء أنّه مضطرب، وأنّه لا يصح ومخالف للأحاديث الصحيحة المذكورة في الباب، فإن حديث أبي هريرة وأحاديث أخرى تدل على أنه لا بأس أن يصام يوم السبت مع الجمعة، أو مفردًا، أو مع الأحد، وكان النبي ﷺ يصوم يوم السبت ويوم الأحد أيضًا، ويقول: إنّهما يوما عيد المشركين، فأنا أحب أن أخالفهما، يوم السبت عيد لليهود، والأحد عيد النصارى، فإذا صامه المسلم صامه خلافًا لهم، كان هذا فيه فضل كبير.
باب تحريم الوصال في الصوم وَهُوَ أَنْ يصوم يَومَينِ أَوْ أكثر وَلاَ يأكل وَلاَ يشرب بينهما
1764 - عن أَبي هريرة وعائشة رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوِصَالِ. متفق عَلَيْهِ.
1765 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قَالَ: نَهَى رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الوِصَالِ. قالوا: إنَّكَ تُواصِلُ؟ قَالَ: «إنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ، إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى». متفق عَلَيْهِ. وهذا لفظ البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- معنى الوصال أن يقرن الإنسان بين يومين في الصيام، فلا يفطر بينهما، فحدد الله ابتداء الصيام وانتهاءه، وقال النبي ﷺ: (لا يزال الناس بخير، ما عجلوا الفطر). هذا هو المشروع أن الإنسان يبادر بالفطور ولا يتأخر، ولا يحل له أن يواصل بين يومين؛ لأنّ النبي ﷺ نهى عن ذلك، وأذن ﷺ بالمواصلة إلى السحر، يعني وليتسحر في آخر الليل، وبهذا تبين أن للصائم ثلاث حالات:
• الحالة الأولى: أن يبادر بالإفطار بعد غروب الشمس وهذه هي السنة والأفضل والأكمل.
• الحالة الثانية: أن يتأخر إلى السحر، وهذا جائز، لكنه خلاف الأولى.
• الحالة الثالثة: ألا يفطر بين يومين بل يواصل وهذه حرام، على ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله، وهذا هو الأقرب؛ لأنّ النبي ﷺ نهى عن الوصال، فواصلوا ﵃ ظناً منهم أنه إنما نهى عنه من أجل الرفق بهم والشفقة عليهم، وقالوا: نحن نتحمل، فواصلوا فتركهم، ثم واصلوا وواصلوا، حتى هل الشهر، شهر شوال، فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم، كالمنكل لهم ﷺ، وهذا يدل على التحريم، وذهب بعض العلماء إلى كراهة الوصال دون التحريم؛ لأنّ العلة التي هي الإرفاق بالإنسان، والإنسان أمير نفسه، لكن الأقرب أنّ الوصال محرم لنهي النبي ﷺ عنه ولأنّ النبي ﷺ واصل بهم يوماً ويوماً ويوماً، حتى رؤي الهلال وقال: لو تأخر لزدتكم.
- ما يفعله بعض السلف، كما يروى عن عبد الله بن الزبير ﵄، أنّه كان يواصل خمسة عشر يوماً لا يفطر بينهما، فهذا اجتهاد منه، وتأويل ولكن الصواب ما دلت عليه السنة.
قال ابن باز ﵀:
- هذا الحديث يدل على كراهة الوصال، وقول المؤلف بتحريم الوصال ليس بجيد، الصواب يقال:كراهة الوصال؛ لأنّ الرسول ﷺ واصل بهم، ولو كان محرمًا، ما واصل بهم، لكنه مكروه، الصواب: أن يقال باب كراهة الوصال، لا تحريم الوصال، فالرسول ﷺ واصل بهم، اليوم الثامن والتاسع، ورأوا الهلال ليلة الثلاثين، فقال: (لو تأخر لزدتكم)، كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا، فدل ذلك على أن الواجب والسنة والمشروع عدم الوصال، يفطر في الليل أو في آخر الليل، لو ترك الأكل إلى السحر لا بأس، يصير سحوره وعشاءه جميعًا فلا حرج، ولكن الأفضل أنه يفطر إذا غابت الشمس، فالسنة الإفطار إذا غربت الشمس، في الفرض والنفل، هذا هو الأفضل.
- معنى الوصال أن يقرن الإنسان بين يومين في الصيام، فلا يفطر بينهما، فحدد الله ابتداء الصيام وانتهاءه، وقال النبي ﷺ: (لا يزال الناس بخير، ما عجلوا الفطر). هذا هو المشروع أن الإنسان يبادر بالفطور ولا يتأخر، ولا يحل له أن يواصل بين يومين؛ لأنّ النبي ﷺ نهى عن ذلك، وأذن ﷺ بالمواصلة إلى السحر، يعني وليتسحر في آخر الليل، وبهذا تبين أن للصائم ثلاث حالات:
• الحالة الأولى: أن يبادر بالإفطار بعد غروب الشمس وهذه هي السنة والأفضل والأكمل.
• الحالة الثانية: أن يتأخر إلى السحر، وهذا جائز، لكنه خلاف الأولى.
• الحالة الثالثة: ألا يفطر بين يومين بل يواصل وهذه حرام، على ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله، وهذا هو الأقرب؛ لأنّ النبي ﷺ نهى عن الوصال، فواصلوا ﵃ ظناً منهم أنه إنما نهى عنه من أجل الرفق بهم والشفقة عليهم، وقالوا: نحن نتحمل، فواصلوا فتركهم، ثم واصلوا وواصلوا، حتى هل الشهر، شهر شوال، فقال: لو تأخر الهلال لزدتكم، كالمنكل لهم ﷺ، وهذا يدل على التحريم، وذهب بعض العلماء إلى كراهة الوصال دون التحريم؛ لأنّ العلة التي هي الإرفاق بالإنسان، والإنسان أمير نفسه، لكن الأقرب أنّ الوصال محرم لنهي النبي ﷺ عنه ولأنّ النبي ﷺ واصل بهم يوماً ويوماً ويوماً، حتى رؤي الهلال وقال: لو تأخر لزدتكم.
- ما يفعله بعض السلف، كما يروى عن عبد الله بن الزبير ﵄، أنّه كان يواصل خمسة عشر يوماً لا يفطر بينهما، فهذا اجتهاد منه، وتأويل ولكن الصواب ما دلت عليه السنة.
قال ابن باز ﵀:
- هذا الحديث يدل على كراهة الوصال، وقول المؤلف بتحريم الوصال ليس بجيد، الصواب يقال:كراهة الوصال؛ لأنّ الرسول ﷺ واصل بهم، ولو كان محرمًا، ما واصل بهم، لكنه مكروه، الصواب: أن يقال باب كراهة الوصال، لا تحريم الوصال، فالرسول ﷺ واصل بهم، اليوم الثامن والتاسع، ورأوا الهلال ليلة الثلاثين، فقال: (لو تأخر لزدتكم)، كالمنكل لهم حين أبوا أن ينتهوا، فدل ذلك على أن الواجب والسنة والمشروع عدم الوصال، يفطر في الليل أو في آخر الليل، لو ترك الأكل إلى السحر لا بأس، يصير سحوره وعشاءه جميعًا فلا حرج، ولكن الأفضل أنه يفطر إذا غابت الشمس، فالسنة الإفطار إذا غربت الشمس، في الفرض والنفل، هذا هو الأفضل.
باب تحريم الجلوس عَلَى قبر
1766 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لأنْ يَجْلِسَ أحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ، فَتُحْرِقَ ثِيَابَهُ فَتَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- تحريم الجلوس على القبر؛ لأن القبر فيه إنسان مسلم محترم، وجلوسك عليه إهانة له، ولهذا قال النبي ﷺ فيما رواه أبو هريرة: (لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جسده، خير له من أن يجلس على القبر)، وهذا يدل على التحريم، وأنّه لا يجوز للإنسان أن يجلس على قبر المسلم، وإذا أراد أن يجلس، فليجلس من وراء القبر، يجعل القبر خلف ظهره أو عن يمينه أو عن شماله، وأما إن يجلس عليه فهذا حرام، ومثل ذلك الغلو في القبر.
قال ابن باز ﵀:
- الجلوس على القبور إهانة لأهلها، واستخفاف بهم، فلا يليق أن يستخف بمسلم، وأن يجلس على قبره.
- تحريم الجلوس على القبر؛ لأن القبر فيه إنسان مسلم محترم، وجلوسك عليه إهانة له، ولهذا قال النبي ﷺ فيما رواه أبو هريرة: (لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جسده، خير له من أن يجلس على القبر)، وهذا يدل على التحريم، وأنّه لا يجوز للإنسان أن يجلس على قبر المسلم، وإذا أراد أن يجلس، فليجلس من وراء القبر، يجعل القبر خلف ظهره أو عن يمينه أو عن شماله، وأما إن يجلس عليه فهذا حرام، ومثل ذلك الغلو في القبر.
قال ابن باز ﵀:
- الجلوس على القبور إهانة لأهلها، واستخفاف بهم، فلا يليق أن يستخف بمسلم، وأن يجلس على قبره.
باب النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه
1767 - عن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُجَصَّصَ القَبْرُ، وأنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأنْ يُبْنَى عَلَيْهِ. رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- نهى النبي ﷺ أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه وأن يكتب عليه؛ لأن تجصيصه يعني تفخيمه وتعظيمه، يؤدي إلى الشرك به، وكذلك البناء عليه، فالتجصيص حرام، والبناء أشد حرمة، والكتابة عليه فيها تفصيل: الكتابة التي لا يرد بها إلا إثبات الاسم للدلالة على القبر فهذه لا بأس بها، وأما الكتابة التي تشبه ما كانوا يفعلونه في الجاهلية، يكتب اسم الشخص، ويكتب الثناء عليه، وأنه فعل كذا وكذا، وغيره من المديح أو تكتب الأبيات، فهذا حرام، ومن هذا ما يفعله بعض الجهال، أنّه يكتب على الحجر الموضوع على القبر سورة الفاتحة مثلاً أو غيرها من الآيات، فكل هذا حرام، وعلى من رآه في المقبرة أن يزيل هذا الحجر؛ لأن هذا من المنكر الذي يجب تغييره.
قال ابن باز ﵀:
- نهى الرسول ﷺ عن البناء على القبور، وتجصيصها، واتخاذ المساجد عليها؛ لأن هذا وسيلة إلى الشرك؛ ومنكر وبدعة ومن أسباب الشرك، كما فعله المشركون، بنوا على القبور وعظموها، حتى دعوها من دون الله، واستغاثوا بأهلها، حتى نذروا لهم، فوقعوا في الشرك، فتعظيهما بالبناء والتجصيص، واتخاذ القباب عليها والمساجد، هذا من أعظم وسائل الشرك، كما قد وقع الآن في بلدان كثيرة، بنوا على القبور وعبدوها من دون الله، كما جرى حول قبر البدوي في مصر، والحسين، والست نفيسة، وزينب، كل هذه وقع الشرك بهم والغلو فيهم، لما عظمت وبني عليها المساجد والقبور والبناء والقباب.
- كثير من الجهلة إذا زاروا النبي ﷺ، قبر النبي ﷺ أيضًا، يدعونه من دون الله، ويستغيثون به، وهذا من الشرك الأكبر، فالعبادة حق الله وحده، لا يجوز لأحد أن يدعو غير الله، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، العبادة حق الله، ولكن تزار القبور للسلام عليهم والدعاء لهم، أما أن يدعو الميت، ويستغيث بالميت، أو ينذر للميت، أو يذبح للميت، هذا هو الشرك الأكبر، هذا فعل المشركين مع اللات والعزى ومناة وهبل ونحو ذلك، نسأل الله العافية والسلامة
.- نهى النبي ﷺ أن يجصص القبر، وأن يبنى عليه وأن يكتب عليه؛ لأن تجصيصه يعني تفخيمه وتعظيمه، يؤدي إلى الشرك به، وكذلك البناء عليه، فالتجصيص حرام، والبناء أشد حرمة، والكتابة عليه فيها تفصيل: الكتابة التي لا يرد بها إلا إثبات الاسم للدلالة على القبر فهذه لا بأس بها، وأما الكتابة التي تشبه ما كانوا يفعلونه في الجاهلية، يكتب اسم الشخص، ويكتب الثناء عليه، وأنه فعل كذا وكذا، وغيره من المديح أو تكتب الأبيات، فهذا حرام، ومن هذا ما يفعله بعض الجهال، أنّه يكتب على الحجر الموضوع على القبر سورة الفاتحة مثلاً أو غيرها من الآيات، فكل هذا حرام، وعلى من رآه في المقبرة أن يزيل هذا الحجر؛ لأن هذا من المنكر الذي يجب تغييره.
قال ابن باز ﵀:
- نهى الرسول ﷺ عن البناء على القبور، وتجصيصها، واتخاذ المساجد عليها؛ لأن هذا وسيلة إلى الشرك؛ ومنكر وبدعة ومن أسباب الشرك، كما فعله المشركون، بنوا على القبور وعظموها، حتى دعوها من دون الله، واستغاثوا بأهلها، حتى نذروا لهم، فوقعوا في الشرك، فتعظيهما بالبناء والتجصيص، واتخاذ القباب عليها والمساجد، هذا من أعظم وسائل الشرك، كما قد وقع الآن في بلدان كثيرة، بنوا على القبور وعبدوها من دون الله، كما جرى حول قبر البدوي في مصر، والحسين، والست نفيسة، وزينب، كل هذه وقع الشرك بهم والغلو فيهم، لما عظمت وبني عليها المساجد والقبور والبناء والقباب.
- كثير من الجهلة إذا زاروا النبي ﷺ، قبر النبي ﷺ أيضًا، يدعونه من دون الله، ويستغيثون به، وهذا من الشرك الأكبر، فالعبادة حق الله وحده، لا يجوز لأحد أن يدعو غير الله، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، العبادة حق الله، ولكن تزار القبور للسلام عليهم والدعاء لهم، أما أن يدعو الميت، ويستغيث بالميت، أو ينذر للميت، أو يذبح للميت، هذا هو الشرك الأكبر، هذا فعل المشركين مع اللات والعزى ومناة وهبل ونحو ذلك، نسأل الله العافية والسلامة
باب تغليظ تحريم إباق العبد من سيده
1768 - عن جرير - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ». رواه مسلم.
1769 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَبَقَ العَبْدُ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ». رواه مسلم.
وفي روايةٍ: «فَقَدْ كَفَرَ».
قال ابن عثيمين ﵀:
- العبد يعني المملوك، وإباقه هربه من سيده، وذلك أن العبد مملوك للسيد في ذاته ومنافعه، فإذا هرب فقد فوت على سيده ذلك، وقد ورد الوعيد في هذا بأنه يكون كافراً، وأن الذمة بريئة منه، وأنه لا تقبل صلاته، فهذه ثلاث عقوبات:
• الأولى: أنه برئت منه الذمة.
• الثانية: أنه كافر ولكنه ليس كفراً مخرجاً عن الملة.
• الثالثة: أنه لا تقبل صلاته، فالعبد إذا أبق وهرب من سيده ثم صلى فلا صلاة له، واختلف العلماء رحمهم الله هل صلاته غير مقبولة، لا الفريضة ولا النافلة أو أنها النافلة فقط؟ فمن العلماء من قال: صلاة الفريضة مقبولة؛ لأن زمنها مستثنى شرعًا، ولأنه سوف يصلي سواء كان عند سيده أو أبقاً منه، ومنهم من قال: إن الحديث عام، ولا يمتنع أن يعاقب بذلك، ويكون المراد بنفي القبول بالنسبة للنوافل، نفي الصحة وبالنسبة للفرائض، نفي الإثابة، وهذا جمع حسن.
قال ابن باز ﵀:
- تحريم إباق العبد من سيده، والإباق هو الشرود والذهاب من سيطرته ويده، وذلك لا يجوز، وهذا وعيد شديد، يوجب الحذر من هذه الجريمة العظيمة، وأن الواجب عليه أن يخضع للواقع، وأن يسأل ربه الفرج والتيسير، وأن يخدم من هو تحت يده الخدمة الشرعية، وعلى السيد أن يتقي الله فيه وألا يكلفه ما لا يطيق
.- العبد يعني المملوك، وإباقه هربه من سيده، وذلك أن العبد مملوك للسيد في ذاته ومنافعه، فإذا هرب فقد فوت على سيده ذلك، وقد ورد الوعيد في هذا بأنه يكون كافراً، وأن الذمة بريئة منه، وأنه لا تقبل صلاته، فهذه ثلاث عقوبات:
• الأولى: أنه برئت منه الذمة.
• الثانية: أنه كافر ولكنه ليس كفراً مخرجاً عن الملة.
• الثالثة: أنه لا تقبل صلاته، فالعبد إذا أبق وهرب من سيده ثم صلى فلا صلاة له، واختلف العلماء رحمهم الله هل صلاته غير مقبولة، لا الفريضة ولا النافلة أو أنها النافلة فقط؟ فمن العلماء من قال: صلاة الفريضة مقبولة؛ لأن زمنها مستثنى شرعًا، ولأنه سوف يصلي سواء كان عند سيده أو أبقاً منه، ومنهم من قال: إن الحديث عام، ولا يمتنع أن يعاقب بذلك، ويكون المراد بنفي القبول بالنسبة للنوافل، نفي الصحة وبالنسبة للفرائض، نفي الإثابة، وهذا جمع حسن.
قال ابن باز ﵀:
- تحريم إباق العبد من سيده، والإباق هو الشرود والذهاب من سيطرته ويده، وذلك لا يجوز، وهذا وعيد شديد، يوجب الحذر من هذه الجريمة العظيمة، وأن الواجب عليه أن يخضع للواقع، وأن يسأل ربه الفرج والتيسير، وأن يخدم من هو تحت يده الخدمة الشرعية، وعلى السيد أن يتقي الله فيه وألا يكلفه ما لا يطيق
باب تحريم الشفاعة في الحدود
قَالَ الله تَعَالَى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأخُذْكُمْ بِهِمَا رَأفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ﴾ [النور: 2].
1770 - وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ تَعَالَى؟!» ثُمَّ قَامَ فاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّمَا أهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيِهمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ اللهِ لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا». متفق عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ: فَتَلوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ!؟» فَقَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ فَقُطِعَتْ يَدُهَا.
قال ابن عثيمين ﵀:
- تحريم الشفاعة في الحد، أي في العقوبة المقدرة شرعاً، واعلم أن العقوبات على الذنوب، تنقسم إلى قسمين:
• عقوبات أخروية، هذه أمرها إلى الله، فكل ذنب سوى الشرك، فإنه قابل أن يغفره الله ﷿ بفضله ورحمته.
• وأما العقوبة الدنيوية، فهي أقسام كثيرة، منها أقسام معينة محددة في الشريعة فهذه لا يجوز تعديها، فمثلاً السارق تقطع يده، ولا يجوز أن تقطع رجله مع يده، ولا أن تقلع عينه، ولا أن تفجر أذنه، لا يجوز أن يتعدى فيها ما حده الله ورسوله ﷺ ، وهو قطع اليد، كذلك أيضاً الزنا إذا كان الزاني لم يتزوج من قبل، فحده مائة جلدة وتغريب عام، أي طرده من البلد إلى بلد آخر لمدة سنة، هذا أيضاً لا تجوز الزيادة فيه ولا النقص منه؛ لأنّه حد من الحدود، وهناك عقوبات أخرى غير مقدرة، هذه يرجع إلى رأي الحاكم، يعني القاضي الشرعي، أو من له تنظيم، وتقنين العقوبات، هذه أمرها واسع، تارة تكون العقوبة بالمال، يغرم الإنسان مالاً، وتارة تكون العقوبة بالعزل عن منصبه، وتارة تكون بالحبس، وتارة تكون بالتشهير، بأن يعلن اسمه ومخالفته بين الناس، وتارة تكون بالتقويم من المجلس، حسب ما تقتضيه المصلحة والتأديب، وتارة تكون بالجلد، فأما العقوبات المحددة، فإنه إذا بلغت السلطان، فلا يجوز لأحد أن يشفع فيها،كما قال النبي ﷺ: (إذا بلغت الحدود السلطان، فلعن الله الشافع والمشفع له)، لعن طرد وإبعاد عن رحمة الله، وقال: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله في أمره)، وإن لم تصل إلى الحاكم، فهنا قد يجوز الشفاعة والتوسط، مثل لو أن أحداً رأى شخصاً يزني، وشاهده وعنده أربع شهود على ذلك، ورأى أنّ من المصلحة أن يستتاب هذا الرجل، فإذا تاب ستر عليه فلا بأس، أما بعد أن تبلغ السلطان فلا يجوز.
- القتل بالردة ليس من الحدود؛ لأنّ المرتد إذا تاب، ولو بعد أن رفع إلى السلطان، فإنه يسقط عنه القتل، لكن هذه الحدود، لابد منها ولا تسقط إلا إذا تاب الإنسان قبل أن يقدر عليه.
- جعل النبي ﷺ جحد العارية في منزلة السرقة؛ لأن السارق يدخل البيوت في خفية، ويأخذ، وهذه سرقت أموال الناس في خفية، أخذتها منهم على أنها عارية، وأنها إحسان من أهلها، أي من أهل الأموال، ثم تجحد، أمر النبي ﷺ أن تقطع يدها.
- (إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد)، صارت إقامتهم لحدود الله تعالى، على حسب أهوائهم، وفي هذا دليل على أن من سبقنا،كانوا يسرقون، وأن السرقة كبيرة فيهم، بين الغني والفقير، والشريف والضعيف.
- أقسم ﷺ وهو البار الصادق بدون قسم (لو أن فاطمة بنت محمد، سرقت لقطعت يدها)، هكذا العدالة، وهكذا ينفذ حكم الله، لا اتباع الهوى، وفي قوله:(لقطعت يدها)، قولان:
• القول الأول: أنّ الرسول ﷺ نفسه يباشر القطع، وهذا أبلغ.
• الثاني: أنه يأمر من يقطع يدها، وأيا ًكان فإنّ الرسول ﷺ، لا يمكن أن يدرأ الحد عن أحد لشرفه ومكانته أبداً، الحد حق الله ﷿، وهكذا يجب على ولاة الأمر، أن يكون الناس عندهم سواء في إقامة الحدود، وألا يحابوا أحدا لقربه، أو لغناه، أو لشرفه في قبيلته، أو غير ذلك، الحد لله ﷿ تجب إقامته، ولما كانت الأمة الإسلامية على هذه العدالة، وعدم المبالاة، وأنها لا تأخذها في الله لومة لائم، كان لها العزة والقوة والنصر المبين، ولما تخلت عن إقامة حدود الله، وصارت المحسوبيات والوساطات تعمل عملها في إسقاط حدود الله ﷿، تدهورت الأمة الإسلامية إلى الحد الذي ترونه الآن، فنسأل الله تعالى أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها وتمسكها بدينها، إنه على كل شيء قدير.
قال ابن باز ﵀:
- التحذير من الشفاعة في الحدود: حد الزنا، أو حد السرقة، أو حد القذف، أو غير ذلك، يجب أن تقام الحدود، والشفاعة فيهم، نوع من أخذ الرأفة، لون من العطف عليهم، والواجب إقامة الحدود وعدم الشفاعة في ذلك، أو رحمة المحدود بترك الحد، بل إقامة الحد فيه مصلحة له وللمسلمين، ردع له عما وقع، وتكفير لسيئاته، وردع لغيره من المجرمين؛ لئلا يقعوا فيما حرم الله،
- كان من قبلنا ممن خالف أمر الله من اليهود وغيرهم، لما غيروا، غير الله عليهم، فالواجب على هذه الأمة، أن تحذر مشابهة من خالف الرسل، وأن تقيم الحدود، وتؤدي ما أوجب الله، وتحذر ما حرم الله، على الوجه الذي شرعه الله، وأن تتواصى في ذلك، وأن تتناصح، وفي هذا بيان خلقه ﷺ عند انتهاك الحدود والمحارم، يغضب عليه الصلاة والسلام ويتلون وجهه.
- حد القذف فهو محل نظر، بعض أهل العلم يرى أنّه لا يشفع فيه لأنه حد، وبعض أهل العلم يرى الشفاعة فيه؛ لأنه حق آدمي، له أن يتنازل عنه ويعفو، لأنّ القذف، يعني قذف إنسان لآخر أنّه زنا أو فعل كذا، فهو حق آدمي، والأحوط عدم الشفاعة فيه؛ لأنّه حد من الحدود
.- تحريم الشفاعة في الحد، أي في العقوبة المقدرة شرعاً، واعلم أن العقوبات على الذنوب، تنقسم إلى قسمين:
• عقوبات أخروية، هذه أمرها إلى الله، فكل ذنب سوى الشرك، فإنه قابل أن يغفره الله ﷿ بفضله ورحمته.
• وأما العقوبة الدنيوية، فهي أقسام كثيرة، منها أقسام معينة محددة في الشريعة فهذه لا يجوز تعديها، فمثلاً السارق تقطع يده، ولا يجوز أن تقطع رجله مع يده، ولا أن تقلع عينه، ولا أن تفجر أذنه، لا يجوز أن يتعدى فيها ما حده الله ورسوله ﷺ ، وهو قطع اليد، كذلك أيضاً الزنا إذا كان الزاني لم يتزوج من قبل، فحده مائة جلدة وتغريب عام، أي طرده من البلد إلى بلد آخر لمدة سنة، هذا أيضاً لا تجوز الزيادة فيه ولا النقص منه؛ لأنّه حد من الحدود، وهناك عقوبات أخرى غير مقدرة، هذه يرجع إلى رأي الحاكم، يعني القاضي الشرعي، أو من له تنظيم، وتقنين العقوبات، هذه أمرها واسع، تارة تكون العقوبة بالمال، يغرم الإنسان مالاً، وتارة تكون العقوبة بالعزل عن منصبه، وتارة تكون بالحبس، وتارة تكون بالتشهير، بأن يعلن اسمه ومخالفته بين الناس، وتارة تكون بالتقويم من المجلس، حسب ما تقتضيه المصلحة والتأديب، وتارة تكون بالجلد، فأما العقوبات المحددة، فإنه إذا بلغت السلطان، فلا يجوز لأحد أن يشفع فيها،كما قال النبي ﷺ: (إذا بلغت الحدود السلطان، فلعن الله الشافع والمشفع له)، لعن طرد وإبعاد عن رحمة الله، وقال: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضاد الله في أمره)، وإن لم تصل إلى الحاكم، فهنا قد يجوز الشفاعة والتوسط، مثل لو أن أحداً رأى شخصاً يزني، وشاهده وعنده أربع شهود على ذلك، ورأى أنّ من المصلحة أن يستتاب هذا الرجل، فإذا تاب ستر عليه فلا بأس، أما بعد أن تبلغ السلطان فلا يجوز.
- القتل بالردة ليس من الحدود؛ لأنّ المرتد إذا تاب، ولو بعد أن رفع إلى السلطان، فإنه يسقط عنه القتل، لكن هذه الحدود، لابد منها ولا تسقط إلا إذا تاب الإنسان قبل أن يقدر عليه.
- جعل النبي ﷺ جحد العارية في منزلة السرقة؛ لأن السارق يدخل البيوت في خفية، ويأخذ، وهذه سرقت أموال الناس في خفية، أخذتها منهم على أنها عارية، وأنها إحسان من أهلها، أي من أهل الأموال، ثم تجحد، أمر النبي ﷺ أن تقطع يدها.
- (إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد)، صارت إقامتهم لحدود الله تعالى، على حسب أهوائهم، وفي هذا دليل على أن من سبقنا،كانوا يسرقون، وأن السرقة كبيرة فيهم، بين الغني والفقير، والشريف والضعيف.
- أقسم ﷺ وهو البار الصادق بدون قسم (لو أن فاطمة بنت محمد، سرقت لقطعت يدها)، هكذا العدالة، وهكذا ينفذ حكم الله، لا اتباع الهوى، وفي قوله:(لقطعت يدها)، قولان:
• القول الأول: أنّ الرسول ﷺ نفسه يباشر القطع، وهذا أبلغ.
• الثاني: أنه يأمر من يقطع يدها، وأيا ًكان فإنّ الرسول ﷺ، لا يمكن أن يدرأ الحد عن أحد لشرفه ومكانته أبداً، الحد حق الله ﷿، وهكذا يجب على ولاة الأمر، أن يكون الناس عندهم سواء في إقامة الحدود، وألا يحابوا أحدا لقربه، أو لغناه، أو لشرفه في قبيلته، أو غير ذلك، الحد لله ﷿ تجب إقامته، ولما كانت الأمة الإسلامية على هذه العدالة، وعدم المبالاة، وأنها لا تأخذها في الله لومة لائم، كان لها العزة والقوة والنصر المبين، ولما تخلت عن إقامة حدود الله، وصارت المحسوبيات والوساطات تعمل عملها في إسقاط حدود الله ﷿، تدهورت الأمة الإسلامية إلى الحد الذي ترونه الآن، فنسأل الله تعالى أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها وتمسكها بدينها، إنه على كل شيء قدير.
قال ابن باز ﵀:
- التحذير من الشفاعة في الحدود: حد الزنا، أو حد السرقة، أو حد القذف، أو غير ذلك، يجب أن تقام الحدود، والشفاعة فيهم، نوع من أخذ الرأفة، لون من العطف عليهم، والواجب إقامة الحدود وعدم الشفاعة في ذلك، أو رحمة المحدود بترك الحد، بل إقامة الحد فيه مصلحة له وللمسلمين، ردع له عما وقع، وتكفير لسيئاته، وردع لغيره من المجرمين؛ لئلا يقعوا فيما حرم الله،
- كان من قبلنا ممن خالف أمر الله من اليهود وغيرهم، لما غيروا، غير الله عليهم، فالواجب على هذه الأمة، أن تحذر مشابهة من خالف الرسل، وأن تقيم الحدود، وتؤدي ما أوجب الله، وتحذر ما حرم الله، على الوجه الذي شرعه الله، وأن تتواصى في ذلك، وأن تتناصح، وفي هذا بيان خلقه ﷺ عند انتهاك الحدود والمحارم، يغضب عليه الصلاة والسلام ويتلون وجهه.
- حد القذف فهو محل نظر، بعض أهل العلم يرى أنّه لا يشفع فيه لأنه حد، وبعض أهل العلم يرى الشفاعة فيه؛ لأنه حق آدمي، له أن يتنازل عنه ويعفو، لأنّ القذف، يعني قذف إنسان لآخر أنّه زنا أو فعل كذا، فهو حق آدمي، والأحوط عدم الشفاعة فيه؛ لأنّه حد من الحدود