باب تحريم انتساب الإنسان إِلَى غير أَبيه وَتَولِّيه إِلَى غير مَواليه


1802 - عن سعد بن أَبي وقاص - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أنَّهُ غَيْرُ أبِيهِ، فالجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ» . متفق عَلَيْهِ.
1803 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أبِيهِ، فَهُوَ كُفْرٌ». متفق عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- ذكر المؤلف ﵀ شيئين، كلاهما لحمة يلتحم الناس بعضهم ببعض به، ويدنو بعضهم من بعض، الأول: النسب، والثاني: الولاء، وقد قال النبي ﷺ: (الولاء لحمة كلحمة النسب)، أما النسب فإن الإنسان يجب عليه أن ينتسب إلى أهله، أبيه، جده، جد أبيه، وما أشبه ذلك، ولا يحل له أن ينتسب إلى غير أبيه، وهو يعلم أنه ليس بأبيه، فمثلاً: إذا كان أبوه من القبيلة الفلانية، ورأى أن هذه القبيلة فيها نقص عن القبيلة الأخرى، فانتمى إلى قبيلة ثانية، أعلى حسباً؛ لأجل أن يزيل عن نفسه عيب قبيلته، فإنّ هذا ملعون، عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً، وأما إذا انتمى الإنسان إلى جده، وأبي جده، وهو مشهور ومعروف دون أن ينتفي من أبيه، فلا بأس بهذا، فقد قال النبي ﷺ: (أنا ابن عبد المطلب، أنا النبي، لا كذب)، مع أنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فعبد المطلب جده، ولكنه ﷺ قال ذلك في غزوة حنين؛ لأنّ عبد المطلب أشهر من أبيه عبد الله، وهو عند قريش في المكانة العليا، لكنه من المعلوم أنه محمد بن عبد الله، ولم ينتف من أبيه، والذي عليه الوعيد، هو الذي ينتمي إلى غير أبيه؛ لأنه غير راض بحسبه ونسبه، فيريد أن يرفع نفسه، ويدفع خسيسته بالانتماء إلى غير أبيه، فهذا هو الذي عليه اللعنة، يوجد من يفعل ذلك للدنيا، ينتسبون إلى دون آبائهم للدنيا، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسراً، ورزقه من حيث لا يحتسب.
قال ابن باز ﵀:
- تحريم الانتساب إلى غير الأب، وأنّ الواجب على كل مسلم أن ينتسب إلى أبيه وإلى جماعته، وألا يترك ذلك لا احتقارًا ولا لغير ذلك من المقاصد، بل يجب أن يكون انتسابه إلى أبيه وجماعته، وليس له أن ينتسب إلى زيد أو عمرو من أجل دنيا أو مكاسب أخرى، ولهذا توعد ﷺ في ذلك، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وهذا وعيد شديد، وفي اللفظ الآخر فالجنة عليه حرام، وفي لفظ إنه كفر، وهذا يدل على شدة الوعيد، وأن الواجب الحذر، والمعنى أنه كفر أصغر، وفيه الوعيد الشديد، وإذا استحل ذلك صار كفرًا أكبر، فالواجب على المؤمن أن ينتسب إلى أبيه، وإلى مواليه وحمولته وقرابته، ويحذر خلاف ذلك كما حذره النبي عليه الصلاة والسلام.

1804 - وعن يزيد بن شريكِ بن طارِقٍ، قَالَ: رَأيتُ عَلِيًّا - رضي الله عنه - عَلَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ، فَسَمِعْتُهُ يقُولُ: لاَ واللهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ نَقْرؤُهُ إِلاَّ كِتَابَ اللهِ، وَمَا في هذِهِ الصَّحِيفَةِ ، فَنَشَرَهَا فَإذَا فِيهَا أَسْنَانُ الإبِلِ، وَأشْيَاءُ مِنَ الجَرَاحَاتِ، وَفِيهَا: قَالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «المَدينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا. ذِمَّةُ المُسْلِمينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا. وَمَن ادَّعَى إِلَى غَيرِ أَبيهِ، أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيرِ مَوَاليهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعينَ؛ لاَ يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَومَ القِيَامَةِ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا». متفق عَلَيْهِ.
«ذِمَّةُ المُسْلِمِينَ» أيْ: عَهْدُهُمْ وأمَانَتُهُمْ. «وأخْفَرَهُ»: نَقَضَ عَهْدَهُ.
«وَالصَّرْفُ»: التَّوْبَةُ، وَقِيلَ الحِيلَةُ. «وَالعَدْلُ»: الفِدَاءُ.
1805 - وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه: أنَّه سَمِعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، وَلَيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ دَعَا رَجُلًا بالكُفْرِ، أَوْ قَالَ: عَدُو اللهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إِلاَّ حَارَ عَلَيْهِ». متفق عَلَيْهِ، وهذا لفظ رواية مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هذا الإعلان عام لكل أحد، والمراد بكتاب الله ما يقرأه المسلمون اليوم، وفي قسم أمير المؤمنين ﭬ، وهو الخليفة الرابع، وهو البار الصادق بدون قسم: أنّ النبي ﷺ لم يخصهم بشيء، دليلٌ على كذب الرافضة الشيعة، الذين يقولون إن النبي ﷺ عهد بالخلافة إلى علي بن أبي طالب، وأن أبا بكر وعمر، ظالمون معتدون كافرون منافقون هكذا، والعياذ بالله، يصفون خير هذه الأمة بهذه الأوصاف، فعلي بن أبي طالب إن كانوا صادقين في محبته وولايته، وأنّهم يتولونه وأنّهم شيعته، فليصدقوه بهذا اليمين الذي أقسم به على المنبر، وهو يخطب الناس معلناً، أنّ النبي ﷺ ما خصهم بشيءٍ أبداً، إلا كتاب الله الذي يقرؤه المسلمون، صغاراً وكباراً إلى يومنا هذا والحمد لله.
- المدينة حرام، ما بين عير إلى ثور، فالمدينة لها حرم، كحرم مكة، لكنه دون حرم مكة في الأوكدية والفضيلة؛ لأن حرم مكة لا يمكن لمؤمن يتم إيمانه إلا أن يقصده حاجاً ومعتمراً، بخلاف حرم المدينة، ثم إن المحرمات في المدينة، أخف من المحرمات في مكة، ولهذا يجب في حرم مكة، في قتل الصيد الجزاء، ولا يجب هذا في حرم المدينة، وما بين عير إلى ثور، معروف أيضاً، من أحدث فيه حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، أحدث حدثاً في أي شيء، في العقيدة، في المنهج، في السلوك، مخالفاً للمسلمين، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وكذلك من آوى محدثاً، يعني أدخله المدينة، وهو يعلم أنه صاحب حدث، فآواه ونصره وأدخله في منزله وتستر عليه، وما أشبه ذلك هذا يكون أيضا مشاركاً له في الإثم.
- ذمة المسلمين واحدة، يعني عهدهم واحد، إذا عاهد أحد من المسلمين ممن لهم ولايات العهد، وخفر ذمة أحد، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، فمثلاً إذا دخل كافر إلى البلد، في أمان وعهد ممن لهم ولاية العهد، أو غيرهم ممن له الأمان، ثم خفره أحد، استحق اللعنة،كيف إذا دخل بأمان من ولي الأمر، على أنه مؤتمن، وفي جوار وأمان الدولة، ثم يأتي إنسان فيقتله، هذا عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وفي هذا دليل على حماية الدين الإسلامي لمن دخل بأمانه، وجواره، وأن الدين الإسلامي لا يعرف الغدر والاغتيال والجرائم، الدين الإسلامي دين صريح، إنسان أمنه مسلمون، لابد أن يكون آمناً، وبهذا نعرف غلط من يغدرون بالذمم، ويخونون ويغتالون أناساً، لهم عهد وأمان، وأن هؤلاء مستحقون لما أعلنه أمير المؤمنين علي ﭬ، عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، نعم الحربي الذي يدخل بدون أمان، لم يعطه أحد من المسلمين الأمان، ويدخل مستخفياً، ليكون جاسوساً للعدو، أو مفسداً في الأرض، هذا يقتل؛ لأنه لا أمان له، أما إنسان دخل بأمان من الدولة أو أمان من أي طرف من المسلمين، فيخفر فهذا لا يقتل، فهو نفس محترمة معصومة، من غدر بها فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
- العهد شيء عظيم، والغدر به فظيع، ليس من الإسلام في شيء، لكن بعض الجهال، يظنون أن يخفوا غيرتهم، بما لا يطابق الكتاب والسنة، وهذا خطأ، المؤمن مقيد بما جاء به الشرع، وليس الإسلام بالهوى.

باب التحذير من ارتكاب ما نهى الله - عز وجل - أَو رسوله - صلى الله عليه وسلم - عنه


قال الله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: 63]، وقال تعالى: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: 30]، وقال تعالى: ﴿إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ﴾ [البروج: 12]، وقال تعالى: ﴿وَكَذِلكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: 102].
1806 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: «إنَّ اللهَ تَعَالَى يَغَارُ، وَغَيْرَة اللهِ، أَنْ يَأْتِيَ المَرْءُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان يجب أن يكون حذراً، من الوقوع في المحرمات ولا يتهاون ولا يغلبه الأمن من مكر الله ﷿، فإن بعض الناس يغره الشيطان، يقول افعل المعصية، واستغفر الله، افعل المعصية، ورحمة الله تعالى، سبقت غضبه، إلى غير ذلك من الأماني الكاذبة التي يغر بها الشيطان بني آدم، فالواجب الحذر مما نهى الله ورسوله ﷺ عنه.
- احذر الفتنة، احذر المخالفة عن أمر الله ورسوله ﷺ أن يصيبك فتنة، أو عذاب مؤلم، إما في الدنيا وإما في الآخرة.
- الإنسان إذا أمن من مكر الله، أصابه البلاء والعذاب، الآمن من مكر الله هو المغالي، وإنه يعمل ما يشاء من المعاصي ولا يخافه، لكنه في الحقيقة خاسر؛ لأن مآله العذاب والنكال، نسأل الله العافية، فالحذر الحذر من التهاون بمعصية الله ﷿، حتى إن من أهل العلم، من قال: إن الرجل إذا فعل المعصية متهاوناً بها، ولو كانت صغيرة، صارت كبيرة، لما قام في قلبه من التهاون بها.
- لا يجوز للإنسان أن يغتر في إمهال الله تعالى له، وأن يرتكب المعاصي بناءً على أن الله لن يعاجله بالعقوبة، وأن هذا من باب الأمن من مكر الله ﷿، وكثيرٌ من الناس يتهاون في هذا الأمر، ربما يمهل الله العبد على معاصيه، ويستدرجه من حيث لا يعلم، حتى إذا أخذه، أخذه أخذ عزيز مقتدر، فإياك أن تتهاون، راقب الله ﷿، واعلم أن لكل داءٍ دواء، فإذا مسَّك طائف من الشيطان، تذكر واتعظ، وأقبل على الله، وتب إلى الله ﷿.
- التوبة لابد فيها من شروط خمسة:
• الإخلاص لله ﷿ بألا يحمل الإنسان على التوبة مراعاة أحد من الخلق، ولا أن ينال بذلك جاهاً، أو رئاسة، بل يخلص النية لله ﷿ خوفاً من عقابه ورجاءً لثوابه.
• الندم على ما فعل من الذنب، بحيث لا يتساوى عنده الذنب وعدمه، بل يندم على ما حصل منه، ويتحسر في نفسه، لكنه يخضع لقضاء الله وقدره ويتوب إلى الله ﷿.
• الإقلاع عن الذنب بترك المعصية، إن كان الذنب معصية، أو فعل الواجب إن كان الذنب، بترك الواجب، يمكن تداركه، فأما أن يصر على الذنب، ويرجو التوبة فهذا خطأ، وهذا من الأماني الكاذبة، وإذا كان الذنب حقاً لآدمي، فلابد أن يوصله إليه، أما بدون أن ترده إلى صاحبه، فالتوبة لم تتم.
• العزم على ألا يعود، يعني لا يتوب إلى الله، وهو عازم على أن يعود متى سنحت الفرصة، فإن هذه ليست توبة، بل يجب أن يعزم على ألا يعود إلى الذنب.
• أن تكون التوبة في وقت القبول، وذلك بأن يتوب قبل أن يحضره الموت، أو قبل أن تطلع الشمس من مغربها، فإن لم يتب إلا إذا حضره الموت، فإن التوبة لا تنفع. ومن هذا نعرف أنّ التوبة واجبة على الفور بدون تأخير؛ لأن الإنسان لا يدري متى يفاجأ بالموت، فيجب عليه أن يكون مستعدًا.
قال ابن باز ﵀:
- التحذير من ارتكاب محارم الله، وأن الواجب الحذر من المعاصي، فإن الله ﷿ يغار، وغيرته أن تنتهك محارمه، والمسارعة إلى التوبة والندم والإقلاع، والتعوذ بالله من الشيطان، فعلى المؤمن أن يحذر غضب الله، ويحذر نقمته، ويحذر أسباب عقوبته.

باب ما يقوله ويفعله من ارتكب منهيًا عنه


قال الله تعالى: ﴿وَإمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ﴾ [فصلت: 36]، وقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 201]، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ العَامِلينَ﴾ [آل عمران: 135 - 136]، وقال تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].
1807 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ في حَلفِهِ: بِاللاَّتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبهِ: تَعَالَ أُقَامِركَ فَلْيَتَصَدَّقْ».متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان ليس معصوماً من الذنب، لابد لكل إنسان من ذنوب، ولكن ماذا يصنع؟ يجب عليه إذا أذنب ذنبا أن يرجع إلى الله ويتوب إليه ويندم ويستغفر حتى يمحى عنه ذلك الذنب، وإذا نزغك الشيطان وألقى في قلبك الزيغ والمعصية، فاستعذ بالله، فإذا قلت ذلك بإخلاص، فإن الله يعينك ويعيذك من الشيطان الرجيم، ويعصمك منه، ربما تتراكم الذنوب على القلب، والعياذ بالله، فيصبح القلب مظلماً وينسد عليه باب الخير، فتب إلى الله من كل ذنب.
- اللات: صنم يعبده الجاهلون في الجاهلية، وكذلك العزى، كانوا يحلفون بهما كما يحلفون بالله، فيقولون واللات أو والعزى، فإذا قال الإنسان واللات والعزى، فهذا الشيء يداوى بماذا؟ بالإخلاص، إذا حلف بغير الله، فليقل: لا إله إلا الله، شرك يداوى بالإخلاص، ليداوي الشيء بضده.
- من قال: تعال أقامرك، فليتصدق، هذا أيضاً من دواء الشيء بضده، المقامرة المخالفة على عوض، التي يسمونها الناس، الرهن، أراهنك أن هذا كذا وكذا، ويتراهنون على دراهم أو ما أشبه ذلك، فمن قال هذا: فقد قال قولاً حراماً، فعليه أن يتوب، ومن توبته، أن يتصدق بدل ما يتوصوا، أن يأخذه بهذه المقامرة، فيكون هذا من باب دواء الشيء بضده، وكذلك أيضا يقال: من فرط في واجب، فإن دواءه أن يتوب إلى الله، ويكثر من العمل الصالح، حتى يكون دواء لذلك.
قال ابن باز ﵀:
= الحذر من الحلف بغير الله، وأنّ الواجب الحلف بالله وحده، (فليقل: لا إله إلا الله)، وفي اللفظ الآخر: (فلينفث عن يساره ثلاثًا، ويتعوذ بالله من الشيطان، وليقل: لا إله إلا الله)؛ لأنّ الحلف بغير الله شرك، ودواء الشرك التوحيد والإخلاص لله ﷿.