تابع باب أحاديث الدّجال وأشراط الساعة وغيرها


1820 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِنْ وَرَاء الحَجَرِ وَالشَّجَرِ. فَيَقُولُ الحَجَرُ وَالشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ هذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي تَعَالَ فَاقْتُلْهُ؛ إلاَّ الغَرْقَدَ فإنَّهُ مِنْ شَجَرِ اليَهُودِ». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- المسلمون بعد بعثة الرسول ﷺ هم أتباع الرسول محمد ﷺ وأما قبل ذلك فالمسلم من اتبع الشريعة القائمة، فقوم موسى في عهد موسى مسلمون والنصارى في عهد عيسى مسلمون، ومن آمن من قوم نوح مسلمون، وهكذا كل من كان مؤمنا برسول قائمة رسالته فهو مسلم، لكن بعد بعثة الرسول محمد ﷺ ليس مسلما إلا من آمن به ﷺ.
- اليهود هم اتباع موسى، سموا بذلك نسبة إلى جدهم يهوذا فهم ينتسبون إليه لكن مع التعريب صاروا يهود بالدال وهي أمة ملعونة غدارة خوانة مكارة واصفة لربها بالعيب والنقص، أما الرسل فحدث ولا حرج كفروا بالرسل وقتلوهم بغير حق وقتلوا المسيح عيسى ابن مريم بزعمهم ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ‎﴾‏ [النساء:١٥٧].
- هم أخبث أمة من الأمم وهم قوم خونة غدارة لا يوفون بعهد ولا ذمة ولا يؤتمنون على شيء قبل يوم القيامة يقاتلون المسلمين، فينتصر المسلمون عليهم نصرًا عزيزًا حتى إنّ اليهودي يختبئ بالحجر وبالشجر فيقول الشجر والحجر فينطق بأمر الله الذي أنطق كل شيء فيقولان يا مسلم هذا يهودي تحتي فاقتله.
- إذا قاتلناهم، أي اليهود، من أجل الإسلام ونحن على الإسلام حقيقة فإننا غالبون بإذن الله حتى الأحجار والأشجار تتكلم لصالحنا وضد اليهود، أما ما دامت المسألة عصبية وعروبة وما أشبه ذلك فلا ضمان للنصر أبدًا.
- لن تقوم الساعة حتى يحصل ما أخبر به الصادق المصدوق رسول الله ﷺ يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون وينتصرون عليهم ويظهرون عليهم، وينادي الحجر والشجر الذي ليس من عادته أن ينطق يا مسلم هذا يهودي فاقتله.
قال ابن باز ﵀:
- اليهود هم شعب الدجال وهم أصحاب مملكته، فإنه ينتهي إليهم يتوجه لهم الأمر ويتوجه إليهم ويستقر عندهم، وينزل عيسى ابن مريم ويحاصرهم في الشام فلسطين ويقتله بباب لُد، يقتل المسيح الدجال والمسلمون معه يقاتلون اليهود حتى يقول الحجر والشجر: يا عبد الله يا مسلم هذا يهودى خلفي تعال فاقتله، ينطق الله الشجر والحجر عن اليهود المختبين يتبعهم المسلمون لقتلهم تبعًا للدجال.

1821 - وعنه - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَمُرَّ الرجُلُ على القَبْرِ، فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَكَانَ صَاحِبِ هذَا القَبْرِ، وَلَيْسَ بِهِ الدِّينُ، ما بِهِ إلاَّ البَلاَءُ». متفق عليه.
قال ابن باز ﵀:
- إنّ آخر الزمان محل الفتن والأهوال والشدائد، قد يمر الإنسان على قبر يقول: ياليتني كنت ميتا سالمًا من الفتن والشرور، لا من أجل الدين، بل من أجل ما وقع من الشرورو والفتن والملاحم.
- ينبغي للمؤمن أن يأخذ حذره وأن يستعد للقاء ربه، وألا يأمن الدنيا بل يكون دائمًا في إعداده وفي حذر وفي استقامة على طاعة الله ورسوله ﷺ؛ لأنه قد يبتلى فلا يصبر، فالواجب عليه أن يتقي الله ويسأل ربه العافية. ويثبت على الحق ويجاهد نفسه في جميع الأوقات حتى إذا هجم عليه الأجل فإذا هو على خير.

1822 - وعنهُ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ يُقْتَتَلُ عَلَيْهِ، فَيُقْتَلُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، فَيَقُولُ كُلُّ رجُلٍ مِنْهُمْ: لَعَلِّي أَنْ أكُونَ أنَا أنْجُو».
وَفي رواية: «يُوشِكُ أَنْ يَحْسِرَ الفُرَاتُ عَنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ فَلاَ يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئًا». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- من أشراط الساعة والذي لابد أن يكون أنّ الفرات، وهو النهر المعروف في شرقي أقصى الجزيرة، يحسر عن ذهب، جبل من ذهب أو كنز من ذهب، تحسر بمعنى أن الذهب يخرج جبلاً.
- الذهب يسلب العقول سوف يحسر هذا الماء النهر الجاري عن جبل من ذهب، سبحان الله كل إنسان يقاتل غيره، من أجل أن يحصل على البترول وصاروا يسمونه الذهب الأسود، فالله أعلم بما أراد رسول الله ﷺ لكننا إلى الآن لا نعرف الذهب إلا أنّه ذلك المعدن الأصفر المعروف فنبقى على ما هو عليه، ووراءنا أيام فالدنيا لم تنته بعد حتى نقول: "لا بدّ أن نطبق الحديث على الواقع الحاضر". لكن ما دامت الدنيا لم تنته فنحن ننتظر ما أخبر به الصادق المصدوق ﷺ.

قال ابن باز ﵀:
- في آخر الزمان ما بعد وقع، وسيقع يقتتل الناس عليه كل يريد أن يحصل من الكنز شيئا من الذهب، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون شخصًا، كل واحد يقول: لعلي أنا الذي أنجو وأحصل من الذهب على ما أريد، فمن حضره فلا يشارك فيه فليحذر هذه الفتنة وليستغن بما أعطاه الله؛ لأنّ هذه الفتنة شرها عظيم وهو: طمع في المال والحرص على المال.

1823 - وعنهُ، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «يَتْرُكُونَ المَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لاَ يَغْشَاهَا إلاَّ العَوَافِي يُريد - عَوَافِي السِّبَاعِ والطَّيرِ - وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ المَدِينَةَ يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وُحُوشًا، حَتَّى إذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الودَاعِ خَرَّا عَلَى وُجُوهِهمَا». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- المدينة النبوية زادها الله تشريفاً وتعظيماً أنّه يخرج عنها أهلها ولا يبقى فيها إلا العوافي أي السباع والطيور ليس فيها أحد، لكن هذا لم يأت بعد، ولكن ما أخبر به الصادق المصدوق ﷺ فسوف يقع؛ لأنّ النبي ﷺ لا ينطق عن الهوى.
قال ابن باز ﵀:
- أشراط الساعة لا بد أن تقع وما أخبر به الرسول ﷺ ما يكون في آخر الزمان سوف يقع، فليستعد المؤمن وليحذر وليكن دائما على أهبة، يرجو ثواب الله ويخشى عقابه .

1824 - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يكُونُ خَلِيفَةٌ مِنْ خُلَفَائِكُمْ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَحْثُو المَالَ وَلاَ يَعُدُّهُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- أخبر ﷺ أنه يقوم في آخر الزمان خليفة يحثو المال ولا يعده يعني أنه ينفق إنفاقا بلا عدد لكثرة الأموال.
قال ابن باز ﵀:
- يكون فى آخر الزمان خليفة يحثو المال ولا يعده، هذا وقع من كثير من الخلفاء يعملون بغير حساب عند كثرة الأموال لديهم، هذا وقع لكثير من الناس، هذا مصداق ما أخبر به ﷺ .

1825 - وعن أبي موسى الأشعريِّ - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيَأتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ فَلاَ يَجِدُ أَحَدًا يَأخُذُهَا مِنهُ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ». رواه مسلم.
قال ابن باز ﵀:
- المال يفيض في آخر الزمان، يكثر المال ويفيض حتى لا يقبله أحد من كثرة الأموال، حتى أنّ الرجل تهمه صدقته، يذهب بالصدقة من الذهب أو الفضة لا يجد من يقبلها لسعة كثرة المال وعدم رغبة الناس فيه، وذلك لقرب الساعة.
- هذا يدل على أنّه عند ما يكون قرب الساعة يكون عند الناس كثرة أموال وزهد في الاستكثار منها، وهذا عند نزول عيسى ابن مريم وما يقع بعد ذلك قد يقع بعضه فى زمن المهدي، وفي بعض الأوقات يكون عندهم حرص، كما تقدم في حديث الكنز الذي يحسر عن الفرات.

1826 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا، فَوَجَدَ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى العَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ، إنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أشْتَرِ الذَّهَبَ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إلَى رَجُلٍ، فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قالَ أحَدُهُما: لِي غُلاَمٌ، وقالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ قال: أنْكِحَا الغُلاَمَ الجَارِيَةَ، وأنْفِقَا عَلَى أنْفُسِهمَا مِنْهُ وَتَصَدَّقَا». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هذا ليس من أشراط الساعة لكن من الملح أن رجلاً اشترى من رجل أرضاً فوجد فيها جرة من ذهب فذهب المشتري إلى البائع وقال خذ هذا فإنّما اشتريت أرضاً ولم أشتر الذهب فقال البائع: أنا بعت الأرض وما فيها هذا يدل على ورعهما فكل واحد ورع يقول: ليس لي هذا المال، فتحاكما إلى رجلٍ فقال: لأحدهما ألك ابن؟ قال: نعم، وقال للثاني: ألك جارية؟ قال: نعم، فقال: زوجا الابن بالجارية واجعلا هذا الذهب للمهر والنفقة ففعلا .
- في هذا دليلٌ على أنّه يوجد من الناس من هو ورع إلى هذا الحد.
- حكم هذه المسألة فقال العلماء ﵏: "إنّ الإنسان إذا باع أرضًا على شخص ووجد المشتري فيها شيئاً مدفوناً فيها من ذهب أو غيره فإنّه لا يملكه بملك الأرض ولكنه للبائع وإذا كان البائع اشتراها من آخر فهي للأول؛ لأنّ هذا المدفون ليس من الأرض بخلاف المعادن لو اشترى أرضاً ووجد فيها معدناً من ذهب أو فضة أو حديد أو غيره فإنّه يتبع الأرض"، هذا من الملح.

قال ابن باز ﵀:
- هذا يدل على الزهد والورع أو قلة الرغبة في المال.
- هذه الحالة تشبه بالحالة التي يدور فيها بزكاة ماله ليجد من يقبلها، وبحالة كون الفرات يحسر عن جبل من ذهب، أو كنز من ذهب يقتتل الناس عليه حتى لا ينجو من الماثة إلا واحد. ضد هذه الحالة من حرصه على المال، مثل حالة الناس اليوم من الحرص على المال، والواجب في مثل هذا التقيد بالشرع، وأنّ الإنسان يأخذ المال من حله ويصرفه فى وجهه، وإذا جاءه من غير طلب ولا شبهة فلا بأس بأخده، مثلما قال ﷺ لعمر ﵁: (أما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه)، وما لا فلا تتبعه نفسك، فإذا كان عنده مال يتصدق يحسن يعطي الفقراء، وإذا جاء مال من طريق سليمة ليس فيها ظلم ولا فيها رشوة ولا فيها شر أخذه وصرفه في وجوه الخير.

1827 - وعنهُ - رضي الله عنه: أنَّه سمعَ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «كانت امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بابْنِ إحْدَاهُمَا. فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا: إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، وقالتِ الأخرَى: إنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَا إلى دَاوُدَ - صلى الله عليه وسلم - فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتَاهُ. فَقالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أشُقُّهُ بَيْنَهُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لاَ تَفْعَلْ! رَحِمَكَ اللهُ، هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ للصُّغْرَى». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- أخذ العلماء من هذا الحديث العمل بالقرائن، وأنّه يجوز للقاضي أن يحكم بالقرائن إذا كانت قوية، ومن ذلك ما حصل بين امرأة العزيز ويوسف بن يعقوب ڽ، وهذا لا شك أنّه قاعدة جليلة للقاضي ولمن جعل حَكماً بين الناس.
قال ابن باز ﵀:
- هذا يدل على أنّ القاضي يعمل بالقرائن إذا ما أخذ بينة ما عند الخصمين ينظر بالقرائن، وأسباب الحق وإن تامل ويجتهد.
- القاضي إذا ما كان عنده بينة يجتهد إلا إذا كان المقام فيه توجب اليمين رجح اليمين، لكن قد تكون في حالات ما يصلح فيها اليمين، لا بد من بينات مثل هذه الحالة، فلهذا اجتهد سليمان، واجتهد داوود ﵏.

1828 - وعن مِرداس الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: «يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَيَبْقَى حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ الشَّعِيرِ أوِ التَّمْرِ لاَ يُبَالِيهُمُ اللهُ بَالَةً». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- النبي ﵊ أخبر أنّه يذهب الصالحون الأول فالأول ثم يبقى حثالة كحثالة الشعير أو التمر لا يبالي الله بهم بالًا، يعني لا يبالي بهم ولا يرحمهم ولا ينزل عليهم الرحمة، وهذا الحديث يشبه حديث أنس بن مالك ﵁ حين جاء الناس إليه يشكونه ما وجدوا من الحجاج بن يوسف الثقفي فأخبرهم أنّ النبي ﷺ قال: (لا يأتي على الناس زمان إلا وما بعده شر منه حتى تلقوا ربكم)، فهذا الحديث يشبه الحديث الذي أشرنا إليه.
- الناس يتردون كل عام عن العام الذي قبله، يذهب الصالحون الأول فالأول، فيما سبق تجد الناس يتهجدون في الليل يصومون في النهار يتصدقون من أقواتهم يؤثرون على أنفسهم في اليوم تجد الناس تغيروا من سنة إلى أخرى إلى أردى من قبل سهروا في الليل على غير طاعة الله ونوم في النهار أو لهو أو بيع وشراء يشتمل على الغش والكذب والخيانة والعياذ بالله، فالناس إلى أردأ.
- مع ذلك في الناس خير لا شك يوجد أناس ولله الحمد على دين الله مستقيمين على ما يبدو لكن العبرة بالعموم والشمول.
- أخبر النبي ﷺ أنّه إذا أنزل بهم العذاب شمل الجميع كما قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الأنفال: 25]‏، لكنهم يبعثون يوم القيامة على نياتهم، كل على ما هو عليه.
- يجب الحذر من أن يكون الإنسان من الحثالة التي كحثالة الشعير أو التمر، وأن يحرص على أن يستقيم على أمر الله حتى لو كان الناس قد هلكوا فإنهم إن أصيبوا بالعذاب فإنه يبعث كل إنسان على نيته.
قال ابن باز ﵀:
- الغربة تشتد كلما تأخر الزمان قلَّ الصالحون وكثر غيرهم، فينبغي للمؤمن أن يحاسب نفسه وأن يجاهدها فلعله يكون من الصالحين ومن الغرباء .

1829 - وعن رفاعة بن رافع الزُّرَقِيِّ - رضي الله عنه - قال: جاء جبريل إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: مَا تَعُدُّونَ أهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قال: «مِنْ أفْضَلِ المُسْلِمِينَ» أوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا. قال: وَكَذلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ المَلائِكَةِ. رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هم من أفضل المسلمين أتدرون ماذا قال لهم ربهم  قال: (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) كل ذنب يفعله واحد من أهل بدر مهما كان عظمه فهو مغفور له لكنهم لم يكفروا.
- حصل هذا تطبيقاً فإن أحدهم لما أراد النبي ﷺ أن يذهب إلى قريش في غزوة الفتح أرسل حاطب، وهو ممن حضروا معه بدراً، امرأة معها كتاب إلى قريش قال لهم: "إنّ الرسول ﷺ سيغزوكم فانتبهوا" فأطلع الله نبيه ﷺ على ذلك فأرسل رجلين أحدهما علي بن أبي طالب إلى هذه المرأة وأدركوها في روضة خاء وأمسكوا بها، وقالوا لها: إلى أين قالت: إلى مكة، وماذا معك قالت لا شيء، قالوا لها إما أن تعطينا ما معك وإلا كشفنا عنك، فأخرجته لهم وإذا هو كتاب من حاطب بن بلتعة ﭬ، وهو ممن شهد بدراً، فجاءوا به للرسول ﷺ وعرضوه عليه فدعاه قائلاً: (ما هذا يا حاطب؟)، كيف تخون كيف ترسل إلى قريش بأخبارنا وهذا يسمى عند الناس "جاسوساً" اعتذر بعذر، قال عمر أو غيره من الصحابة يا رسول الله أنا أضرب عنقه فإنّه قد خان الله ورسوله، قال ﷺ: (أما علمت أنّ الله اطلع على أهل بدرٍ فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) فوقعت هذه الفعلة القبيحة الشنيعة وقعت موقع مغفرة لماذا؟ لأنّ الرجل من أهل بدر فهم  وجمعنا وإياكم معهم في جنات النعيم، فالذي منع الرسول أن يقتل هذا الرجل أنّه شهد بدرًا.
- إذا وجدنا جاسوساً من المسلمين يخبر الكفار بأخبارنا وجب قتله حتى لو قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وجب قتله بدون استثناء؛ لأن الرسول ﷺ لم يمنعه من قتل حاطب إلا كونه من أهل بدر وهي مزية لن تحصل إلى يوم القيامة.
- استدل العلماء ﵏ بهذا الحديث على أن الجاسوس يقتل سواء أكان مسلما أم كافرا على كل حال؛ لأنه يفضي بأخبارنا إلى أعدائنا.

1830 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إذَا أنْزَلَ اللهُ تَعَالَى بِقَومٍ عَذَابًا، أصَابَ العَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ». متفق عليه.
قال ابن باز ﵀:
- إنّ الله إذا أراد بقوم عقوبة عمت الصالح والطالح ثم يبعثون على نياتهم وأعمالهم.
- إذا ظهرت المنكرات والشرور عمت العقوبة، ثم يبعث الناس على أعمالهم ونياتهم: الصالح على نيته والطالح على نيته.
- في هذا الحذر من ظهور المنكرات، وأن الواجب القضاء عليها، كما جاء في الحديث يقول ﷺ: (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروا أوشك أن يعمهم الله بعقابه). فالواجب على أهل الحل والعقد وعلى كل مؤمن أن يجتهد في إزالة المنكرات والقضاء عليها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى رجاء ثواب الله وخشية عقابه ﷿.

1831 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال: كَانَ جِذْعٌ يَقُومُ إلَيْهِ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْنِي فِي الخُطْبَةِ - فَلَمَّا وُضِعَ المِنْبَرُ سَمِعْنَا لِلجِذْعِ مِثْلَ صَوْتِ العِشَارِ، حَتَّى نَزَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوضَعَ يَدَهُ عَلَيهِ فَسَكَنَ.
وَفِي روايةٍ: فَلَمَّا كَانَ يَومُ الجُمُعَةِ قَعَدَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى المِنْبَرِ، فَصَاحَتِ النَّخْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْطُبُ عِنْدَهَا حَتَّى كَادَتْ أَنْ تَنْشَقَّ.
وفي رواية: فصَاحَتْ صِيَاحَ الصَّبيِّ، فَنَزَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَخَذَهَا فَضَمَّهَا إلَيهِ، فَجَعَلَتْ تَئِنُّ أَنِينَ الصَّبي الَّذِي يُسَكَّتُ حَتَّى اسْتَقَرَّتْ، قال: «بَكَتْ عَلَى مَا كَانَتْ تَسْمَعُ مِنَ الذَّكْرِ». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الله تعالى لم يبعث نبياً إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر؛ لأنه لو أرسل رسولا بدون آية تدل على أنه رسول الله ما صدقه أحد ولكان للناس عذر في رد قوله، ولكن الله تعالى بحكمته ورحمته ما أرسل رسولا إلا آتاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر.
- آيات النبي ﷺ كثيرة ومن أراد الاستزادة منها فعليه بكتابين، أحدهما: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، فقد ذكر شيخ الإسلام ﵀ في هذا الكتاب في آخره من آيات النبي ﷺ الكونية والشرعية ما لم يحصل لغيره ﵀ رحمة واسعة، والثاني: البداية والنهاية لابن كثير ﵀.
قال ابن باز ﵀:
- الجمادات لها شعور بإذن الله، لها شعور بالأعمال الصالحة بتقوى الله بخشية الله، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾، يعني الحجارة فهكذا جذع النخل، وهكذا غيره من النباتات لها شعور بخالقها يليق بها ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء: ٤٤] فهذه الجمادات وهذه الأشجار كلها لها شعور بخالقها يليق به سبحان الخلاق العليم.

1832 - وعن أبي ثعلبة الخُشَنِيِّ جُرثومِ بنِ ناشر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنَّ اللهَ تَعَالَى فَرَضَ فَرَائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلاَ تَعْتَدُوهَا، وَحَرَّمَ أَشْيَاءَ فَلاَ تَنْتَهِكُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلاَ تَبْحَثُوا عَنْهَا» حديث حسن. رواه الدارقطني وغيره.
قال ابن عثيمين ﵀:
- فرض الله فرائض، وأعظم فرائض الله على عباده التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ففي شهادة أن لا إله إلا الله توحيد الله بالعبادة وألا يعبد أحد سواه، وفي شهادة أن محمدا رسول الله توحيد النبي ﷺ بالمتابعة بحيث لا يتابع أحد سواه، هذه أفرض الفرائض ثم الصلوات والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين وصلة الرحم وحسن الجوار والصدق والنصيحة.
- أشياء كثيرة فرضها الله تعالى على عباده منها فرائض عينية على كل واحد، ومنها فرائض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين، فالصلوات الخمس فرض عين لابد على كل مسلم أن يقوم بها، والصلاة على الجنازة فرض كفاية إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين.
- (وحد حدوداً فلا تعتدوها) في الفرائض قال لا تضيعوها ولكن احرصوا عليها وقوموا بها على الوجه المطلوب.
- (وحد حدوداً) فلا تعتدوها يعني جعل للأشياء حدا معينا فالصلوات الخمسة مثلا لها حد، وهي أوقاتها. الصوم له حد من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، الحج له حد أشهر معلومات في أماكن معينة إلخ.
- (وسكت عن أشياء رحمة لكم فلا تبحثوا عنها) سكت عن أشياء لم يوجبها علينا ولم يحرمها ولو شاء لأوجب علينا ما شاء وحرم ما شاء لكنه سكت عن أشياء لولا رحمته لألزمنا بها.
- في قوله: (وسكت عن أشياء) دليلٌ على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن الله يتكلم بصوت مسموع؛ لأن السكوت ضد الكلام وهو يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء لا نعلم كيف يتكلم ولا متى ولا بماذا يتكلم لكن نؤمن بأنه إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ولهذا لا تحصى كلمات الله ﷿.
قال ابن باز ﵀:
- لا تعدى الحدود في الصلاة ولا في الصوم ولا في الزكاة ولا في الحج ولا في غير ذلك، يجب الوقوف عند حدود الله لا يزاد ولا ينقص.
- (وحرم أشياء) فلا يجوز انتهاكها؛ كالزنى والخمر وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم والربا، يجب الحذر منها لا يجوز انتهاكها.
- (وسكت عن أشياء رحمة لنا غير نسيان) فلا ينبغى البحث، كما قال : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة: 101]، الشيء الذي سكت الله عنه ولم يفرضه علينا ولم يحرمه علينا فلا حاجة إلى البحث عنه .

1833 - وعن عبد الله بن أبي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنهما، قالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأكُلُ الجَرَادَ.
وَفِي رِوَايةٍ: نَأكُلُ مَعَهُ الجَرَادَ. متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الجراد معروف وهو من الحلال يأكله الإنسان حيا وميتا، قال النبي ﷺ: (أحلت لنا ميتتان ودمان، الميتتان الجراد والحوت) ولهذا لا يحتاج إلى تزكية وهو صيد.
- إن كان في مكة حرم على الإنسان أن يصيده وأن يطيره من مكانه ويجب على من رأى من يصيده بالحرم أن يزجره ويمنعه؛ لأنه صيد محرم لا يجوز صيده في مكة ولا أن تطيره وغيرها من الطيور.
- في هذا دليل على أن الصحابة ﵏ يستدلون بإقرار الرسول ﷺ، يعني إن فعلوا شيئا وأقرهم عليه فهو حلال، وهو كذلك؛ لأن الرسول ﷺ يستطيع منعهم ولكن ما دام سكت دل ذلك على الجواز.
قال ابن باز ﵀:
- دل على حل الجراد لا بأس به يؤكل مطبوخًا ومشويًا لا حرج في هذا، لا تحتاج إلى ذبح ليس له دم سائل، فهو يوكل مشوياً ويوكل مطبوخًا؛ ولذلك لا بأس به حيه وميتته كله حلال كالسمك.