تابع باب أحاديث الدّجال وأشراط الساعة وغيرها
1834 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لاَ يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ». متفق عليه.
قال ابن باز ﵀:
- سبب هذا الحديث: أنّه عفا عن شخص يقال له "أبو عزة"، عفا عنه يوم بدر، ثم نكث العهد، وقد عاهد النبي ﷺ أن لا يساعد المشركين، فساعدهم وغزا معهم يوم أحد، فأُسر فقال: "اعف عني، ولا أقاتل عدواً عليك" فقال ﷺ: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين).
- المقصود أنّ الإنسان يحذر، إذا لدغ من جحر، يعني: من شخص، يحذره لا يلدغ مرة أخرى من شخص، أو من مؤسسة، أو من أي جهة يحذر، فاللادغ قد يعود فليحذر .
- سبب هذا الحديث: أنّه عفا عن شخص يقال له "أبو عزة"، عفا عنه يوم بدر، ثم نكث العهد، وقد عاهد النبي ﷺ أن لا يساعد المشركين، فساعدهم وغزا معهم يوم أحد، فأُسر فقال: "اعف عني، ولا أقاتل عدواً عليك" فقال ﷺ: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين).
- المقصود أنّ الإنسان يحذر، إذا لدغ من جحر، يعني: من شخص، يحذره لا يلدغ مرة أخرى من شخص، أو من مؤسسة، أو من أي جهة يحذر، فاللادغ قد يعود فليحذر .
1835 - وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالفَلاَةِ يَمْنَعُهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا سِلْعَةً بَعْدَ العَصْرِ فَحَلَفَ بِاللهِ لأَخَذَهَا بِكذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذلِكَ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إمَامًا لاَ يُبَايِعُهُ إلاَّ لِدُنْيَا فَإنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) ثلاثة يعني ثلاثة أصناف، ليس المقصود ثلاثة رجال، وإنما قد يكونون أممًا عظيمة، اتصفوا بهذه الأوصاف:
• أولهم: (رجل على فضل ماء في فلاة يمنعه ابن السبيل) يعني إنسان عنده ماء من مزرعة، أو بئر، أو غير ذلك، في أرض فلاة خالية من السكان يمر الناس من عنده ليشربوا، فيمنعهم والعياذ بالله، هذا لا يكلمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
• الثاني: رجل باع سلعة بعد العصر، فحلف للمشتري أنّه أعطى كذا وكذا وهو كاذب، فاشتراها المشتري بناء على ما قاله البائع أنّه صدق، والأمر ليس كذلك، فهذا أيضا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم. وذكر النبي ﷺ العصر؛ لأنّ أفضل أوقات النهار ما بعد صلاة العصر، وإلا فلو حلف الإنسان على سلعة في غير هذا الوقت أيضاً فإنّه لا يكلمه الله ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم، كما ورد حديث أبي ذر ﵁ الذي رواه مسلم.
• الثالث: (رجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا، إن أعطاه وفى له بالبيعة، وإن لم يعطه لم يفِ بالبيعة) هذا أيضا من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وذلك أن بيعة الإمام واجبة، يجب على كل مسلم أن يكون له إمام، سواء كان إماماً عامًا كما كان في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الخلفاء أو إماماً في منطقته كما هو الحال الآن.
- فيه دليلٌ على ثبوت كلام الله تعالى كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، أنّ الله يتكلم كما شاء، وبما شاء، ومتى شاء، لا أحد يعجزه، ولا يمتنع عليه شيء، إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر: 44]، فقوله ﷺ: (لا يكلمهم الله) دليل على أنه يكلم غيرهم، وهو كذلك.
- فيه أنّ الله ينظر نظرين الأول: العام فإنّه لا يخفى على نظره شيء ﷿ يرى كل شيء، والثاني الخاص: وهو نظر الرحمة وهو المعنى في الحديث فإن الله لا ينظر إليهم نظر رحمة.
- فيه دليلٌ على أنّ الله هو المزكي للعباد، كما قال الله تعالى ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ﴾ [النور: 21]، فالمزكي للأمور وللأشخاص وللأعمال، هو رب العالمين.
- (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) ثلاثة يعني ثلاثة أصناف، ليس المقصود ثلاثة رجال، وإنما قد يكونون أممًا عظيمة، اتصفوا بهذه الأوصاف:
• أولهم: (رجل على فضل ماء في فلاة يمنعه ابن السبيل) يعني إنسان عنده ماء من مزرعة، أو بئر، أو غير ذلك، في أرض فلاة خالية من السكان يمر الناس من عنده ليشربوا، فيمنعهم والعياذ بالله، هذا لا يكلمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذاب أليم.
• الثاني: رجل باع سلعة بعد العصر، فحلف للمشتري أنّه أعطى كذا وكذا وهو كاذب، فاشتراها المشتري بناء على ما قاله البائع أنّه صدق، والأمر ليس كذلك، فهذا أيضا لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم. وذكر النبي ﷺ العصر؛ لأنّ أفضل أوقات النهار ما بعد صلاة العصر، وإلا فلو حلف الإنسان على سلعة في غير هذا الوقت أيضاً فإنّه لا يكلمه الله ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم، كما ورد حديث أبي ذر ﵁ الذي رواه مسلم.
• الثالث: (رجل بايع إماماً لا يبايعه إلا للدنيا، إن أعطاه وفى له بالبيعة، وإن لم يعطه لم يفِ بالبيعة) هذا أيضا من الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، وذلك أن بيعة الإمام واجبة، يجب على كل مسلم أن يكون له إمام، سواء كان إماماً عامًا كما كان في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الخلفاء أو إماماً في منطقته كما هو الحال الآن.
- فيه دليلٌ على ثبوت كلام الله تعالى كما هو مذهب أهل السنة والجماعة، أنّ الله يتكلم كما شاء، وبما شاء، ومتى شاء، لا أحد يعجزه، ولا يمتنع عليه شيء، إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر: 44]، فقوله ﷺ: (لا يكلمهم الله) دليل على أنه يكلم غيرهم، وهو كذلك.
- فيه أنّ الله ينظر نظرين الأول: العام فإنّه لا يخفى على نظره شيء ﷿ يرى كل شيء، والثاني الخاص: وهو نظر الرحمة وهو المعنى في الحديث فإن الله لا ينظر إليهم نظر رحمة.
- فيه دليلٌ على أنّ الله هو المزكي للعباد، كما قال الله تعالى ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ﴾ [النور: 21]، فالمزكي للأمور وللأشخاص وللأعمال، هو رب العالمين.
1836 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أرْبَعُونَ» قالوا: يَا أبَا هُرَيْرَةَ أرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قالَ: أبَيْتُ، قَالُوا: أرْبَعُونَ سَنَةً؟ قال: أبَيْتُ. قالُوا: أرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قالَ: أبَيْتُ. «وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الإنْسَانٍ إلاَّ عَجْبَ الذَّنَبِ، فِيهِ يُرَكَّبُ الخَلْقُ، ثُمَّ يُنَزِّلُ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- (بين النفختين أربعون) يعني النفخ في الصور، والصور موكل به ملك من الملائكة يسمى إسرافيل، هذا الصور ينفخ فيه أول مرة، فيفزع الناس لهوله وشدته، ثم يصعقون كلهم، أي يموتون كما قال الله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ﴾ [الزمر: 68]، فالنفخة الأولى: يكون بها الفزع والصعق، يعني الموت والفناء، والنفخة الثانية: يكون فيها القيام ﴿فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ﴾ [الزمر: 68]، قيام من قبورهم، ينظرون ماذا حدث، وذلك أنّ الله تعالى يرسل عليهم قبل ذلك مطرًا غليظًا كمني الرجال، ثم ينبتون في قبورهم كما ينبت حمى السيل، يعني حبة تنبت في الأرض ثم تخرج، وهم كذلك ينبتون، ثم ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيخرج من هذا الصور كل نفوس العالم بإذن الله، وتذهب كل نفس إلى جسدها الذي كانت تعمره في الدنيا لا تخطئه.
- (بينهما أربعون، قيل لأبي هريرة أربعون يوما قال أبيت يعني لا يدري قالوا أربعون سنة قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت قال النبي ﷺ بينهما أربعون) فنقول كما قال الرسول ﷺ والله أعلم، المهم أن هذا هو النفخ في الصور، ثم يقوم الناس إلى يوم الحساب لرب العالمين، فيحاسبهم كل يحاسب بذنبه، وحسابه تعالى دائر ما بين الفضل والعدل، لا ظلم فيه، قال الله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [ص: 54].
قال ابن باز ﵀:
- يُخبر فيه النبي ﷺ عما بين النفختين، نفخة الصعق: وهي الفزع، ونفخة البعث والنشور، بينهما أربعون سئل أبو هريرة الراوي هل هي يوم أو سنة أو شهر قال: ما أدري أربعون، قد تكون يوماً، قد تكون شهراً، وقد تكون سنة، ثم يبعث الله الموتى نفخة الفزع: وهي الصعق، يموت بها الناس، ينفخ إسرافيل الصور نفخة طويلة، ويمدها حتى يموت الناس جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها، حتى إن الرجل يسمع الصوت (إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا) هكذا رقبته يسمع الصوت، فلا يزال الصوت يرتفع ويعظم حتى يصعق الناس من هذه الصعقة، والفسيلة ليركزها يموت، والآخر بيده اللقمة فيسقط يموت، والآخر قد مد الثوب ونحوه بينه وبين صاحبه ليشتريه فيسقطان، والآخر يموت حول إبله، ويموت معه من هذه الصعقة. ثم الصعقة الأخرى نفخة البعث والنشور، فيها يحيا الناس، ينبتون كما تنبت البقل ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب الذنب، يبقى يبني الله عليه خلقته وإعادته، فهذا خلق جديد لما قال الكافر: ﴿قَالَ مَن يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾ [يس: 78]، قال الله عزوجل: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس: 79].
- الواجب على العاقل أن يعدَّ العُدة لهذا اليوم العظيم، فإنّ من مات فقد قامت قيامته، كل من مات قامت قيامته، وتم عمله، وختم على عمله، إلا من يأتيه صدقات وإحسان من الناس؛ ولهذا يقول ﷺ: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).
- (بين النفختين أربعون) يعني النفخ في الصور، والصور موكل به ملك من الملائكة يسمى إسرافيل، هذا الصور ينفخ فيه أول مرة، فيفزع الناس لهوله وشدته، ثم يصعقون كلهم، أي يموتون كما قال الله تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ﴾ [الزمر: 68]، فالنفخة الأولى: يكون بها الفزع والصعق، يعني الموت والفناء، والنفخة الثانية: يكون فيها القيام ﴿فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ﴾ [الزمر: 68]، قيام من قبورهم، ينظرون ماذا حدث، وذلك أنّ الله تعالى يرسل عليهم قبل ذلك مطرًا غليظًا كمني الرجال، ثم ينبتون في قبورهم كما ينبت حمى السيل، يعني حبة تنبت في الأرض ثم تخرج، وهم كذلك ينبتون، ثم ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيخرج من هذا الصور كل نفوس العالم بإذن الله، وتذهب كل نفس إلى جسدها الذي كانت تعمره في الدنيا لا تخطئه.
- (بينهما أربعون، قيل لأبي هريرة أربعون يوما قال أبيت يعني لا يدري قالوا أربعون سنة قال أبيت قالوا أربعون شهرا قال أبيت قال النبي ﷺ بينهما أربعون) فنقول كما قال الرسول ﷺ والله أعلم، المهم أن هذا هو النفخ في الصور، ثم يقوم الناس إلى يوم الحساب لرب العالمين، فيحاسبهم كل يحاسب بذنبه، وحسابه تعالى دائر ما بين الفضل والعدل، لا ظلم فيه، قال الله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [ص: 54].
قال ابن باز ﵀:
- يُخبر فيه النبي ﷺ عما بين النفختين، نفخة الصعق: وهي الفزع، ونفخة البعث والنشور، بينهما أربعون سئل أبو هريرة الراوي هل هي يوم أو سنة أو شهر قال: ما أدري أربعون، قد تكون يوماً، قد تكون شهراً، وقد تكون سنة، ثم يبعث الله الموتى نفخة الفزع: وهي الصعق، يموت بها الناس، ينفخ إسرافيل الصور نفخة طويلة، ويمدها حتى يموت الناس جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها، حتى إن الرجل يسمع الصوت (إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا) هكذا رقبته يسمع الصوت، فلا يزال الصوت يرتفع ويعظم حتى يصعق الناس من هذه الصعقة، والفسيلة ليركزها يموت، والآخر بيده اللقمة فيسقط يموت، والآخر قد مد الثوب ونحوه بينه وبين صاحبه ليشتريه فيسقطان، والآخر يموت حول إبله، ويموت معه من هذه الصعقة. ثم الصعقة الأخرى نفخة البعث والنشور، فيها يحيا الناس، ينبتون كما تنبت البقل ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب الذنب، يبقى يبني الله عليه خلقته وإعادته، فهذا خلق جديد لما قال الكافر: ﴿قَالَ مَن يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾ [يس: 78]، قال الله عزوجل: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس: 79].
- الواجب على العاقل أن يعدَّ العُدة لهذا اليوم العظيم، فإنّ من مات فقد قامت قيامته، كل من مات قامت قيامته، وتم عمله، وختم على عمله، إلا من يأتيه صدقات وإحسان من الناس؛ ولهذا يقول ﷺ: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له).
1837 - وعنه، قال: بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - في مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَومَ، جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَدِّثُ، فَقالَ بَعْضُ القَومِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إذَا قَضَى حَدِيثَهُ قالَ: «أيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟» قال: هَا أنا يَا رسُولَ اللهِ. قال: «إذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». قال: كَيفَ إضَاعَتُهَا؟ قال: «إذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إلى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الأعرابي الذي جاء إلى النبي ﷺ قال متى الساعة؟ وكان النبي ﷺ يتحدث إلى أصحابه، فمضى في حديثه لم يحب أن يقطعه ﷺ، وكأنه والله أعلم حديث متواصل، فقال قوم: سمع ما قال فكرهه، والإنسان إذا كره سؤال السائل فلا حرج عليه ألا يجيبه، حتى ولو سمعه؛ لأنّه قد يكون السائل ليس عنده حكمة، فيسأل سؤالًا غير مناسب، فللمجيب أن يدعه ولا يجيب، وقال آخرون لعله لم يسمعه، فلما قضى النبي ﷺ حديثه قال: أين السائل؟ قال: أنا يا رسول الله، قال ﷺ: (إذا وُسِد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة)، يعني إذا فسد الناس وكانت الأمور تسند إلى غير أهلها، مثل: الفتوى تسند للجاهل، والإمارة تسند للسفيه، والإدارة تسند لمن لا علم عنده بالإدارة، وهكذا.
- الخلاصة أنّه إذا فسد الناس فانتظر الساعة؛ لأن الساعة تقوم على شرار الخلق، ففي هذا التحذير من تضييع الأمانة، وأنّه يجب أن يولي المناصب الأهل فالأهل؛ لأن هذا مقتضى الأمانة.
قال ابن باز ﵀:
- إذا وُليت الأمور غير أهلها، إذا تولاها الخونة، وعدم الثقات، هذا قرب الساعة، يتولاها الخونة، وعدم الموثوقين، ويتولاها من لا يتقنها، من لا يؤدي حقه.
- الأعرابي الذي جاء إلى النبي ﷺ قال متى الساعة؟ وكان النبي ﷺ يتحدث إلى أصحابه، فمضى في حديثه لم يحب أن يقطعه ﷺ، وكأنه والله أعلم حديث متواصل، فقال قوم: سمع ما قال فكرهه، والإنسان إذا كره سؤال السائل فلا حرج عليه ألا يجيبه، حتى ولو سمعه؛ لأنّه قد يكون السائل ليس عنده حكمة، فيسأل سؤالًا غير مناسب، فللمجيب أن يدعه ولا يجيب، وقال آخرون لعله لم يسمعه، فلما قضى النبي ﷺ حديثه قال: أين السائل؟ قال: أنا يا رسول الله، قال ﷺ: (إذا وُسِد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة)، يعني إذا فسد الناس وكانت الأمور تسند إلى غير أهلها، مثل: الفتوى تسند للجاهل، والإمارة تسند للسفيه، والإدارة تسند لمن لا علم عنده بالإدارة، وهكذا.
- الخلاصة أنّه إذا فسد الناس فانتظر الساعة؛ لأن الساعة تقوم على شرار الخلق، ففي هذا التحذير من تضييع الأمانة، وأنّه يجب أن يولي المناصب الأهل فالأهل؛ لأن هذا مقتضى الأمانة.
قال ابن باز ﵀:
- إذا وُليت الأمور غير أهلها، إذا تولاها الخونة، وعدم الثقات، هذا قرب الساعة، يتولاها الخونة، وعدم الموثوقين، ويتولاها من لا يتقنها، من لا يؤدي حقه.
1838 - وعنه: أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «يُصَلُّونَ لَكُمْ، فَإنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ، وإنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ». رواه البخاري.
قال ابن عثيمين ﵀:
- أنّ النبي ﷺ أخبر أن هناك أئمة يعني أمراء، يصلون لكم، فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم، وهذا وإن كان في الأمراء، يشمل أيضا أئمة المساجد، يصلون لكم فإن أحسنوا في الصلاة وأتوا بها على ما ينبغي فذلك لكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم، يعني ليس عليكم أنتم من إساءتهم من شيء.
- في هذا إشارة إلى أنه يجب الصبر على ولاة الأمر، وإن أساءوا في الصلاة، وإن لم يصلوها على وقتها، فإن الواجب ألا نشذ عنهم، وأن نؤخر الصلاة كما يؤخرون، وحينئذ يكون تأخيرنا للصلاة عن أول وقتها يكون تأخيرا بعذر؛ لأجل موافقة الجماعة، وعدم الشذوذ، ويكون بالنسبة لنا كأننا صلينا في أول الوقت.
- في هذا إشارة إلى أن الشذوذ عن الناس، وعن ولاة الأمور، والبعد عنهم، وإثارة الناس عليهم، ونشر مساوئهم، كل هذا مجانب للدين الإسلامي، فالدين يأمر بالخير والعدل، وينهى عن الشر والفساد، حتى إن الله قال: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾ [النساء: 135]، إذا ذكرت سيئة فاذكر الحسنة، أما أن تسعد بذكر السيئات، وتجحد الحسنات، فهذا جور وظلم، والله لا يحب الظلم، ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚاعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ [المائدة: 8] أي: لا يحملكم بغض قوم على عدم العدل، بل اعدلوا هو أقرب للتقوى.
- هؤلاء الذين يصلون ويؤخرون الصلاة عن وقتها، نصلي معهم، ويكون لنا الأجر، وإن كان التأخير فيه وزر، فعلى المؤخرين.
قال ابن باز ﵀:
- (يصلون لكم) يعني: الأمراء، أمراء الناس وأئمتهم، هم القادة، فإن أحسنوا فلكم، ولهم، وإن أساؤوا فلكم وعليهم إساءتهم عليهم، صلوا بالناس الجمعة والجماعة وإن كانوا فساقاً يصلي معهم الرعية، فإن أحسنوا في عملهم فللجميع، وإن أساؤوا فالإثم عليهم، والرعية يسلمون من ذلك الإثم، إذا أدوا الحق الذي عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتناصح.
- هذا فيه الحث على السمع والطاعة لولاة الأمور، وعدم الخروج عليهم بمجرد الفسق، ولكن يُسمع لهم ويطاع في المعروف، ويصلى وراءهم، فإن أحسنوا فللجميع، وإن أساؤوا فالإثم عليهم والرعية، لا إثم عليها إذا أدت الواجب.
- أنّ النبي ﷺ أخبر أن هناك أئمة يعني أمراء، يصلون لكم، فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن أساءوا فلكم وعليهم، وهذا وإن كان في الأمراء، يشمل أيضا أئمة المساجد، يصلون لكم فإن أحسنوا في الصلاة وأتوا بها على ما ينبغي فذلك لكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم، يعني ليس عليكم أنتم من إساءتهم من شيء.
- في هذا إشارة إلى أنه يجب الصبر على ولاة الأمر، وإن أساءوا في الصلاة، وإن لم يصلوها على وقتها، فإن الواجب ألا نشذ عنهم، وأن نؤخر الصلاة كما يؤخرون، وحينئذ يكون تأخيرنا للصلاة عن أول وقتها يكون تأخيرا بعذر؛ لأجل موافقة الجماعة، وعدم الشذوذ، ويكون بالنسبة لنا كأننا صلينا في أول الوقت.
- في هذا إشارة إلى أن الشذوذ عن الناس، وعن ولاة الأمور، والبعد عنهم، وإثارة الناس عليهم، ونشر مساوئهم، كل هذا مجانب للدين الإسلامي، فالدين يأمر بالخير والعدل، وينهى عن الشر والفساد، حتى إن الله قال: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾ [النساء: 135]، إذا ذكرت سيئة فاذكر الحسنة، أما أن تسعد بذكر السيئات، وتجحد الحسنات، فهذا جور وظلم، والله لا يحب الظلم، ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚاعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ﴾ [المائدة: 8] أي: لا يحملكم بغض قوم على عدم العدل، بل اعدلوا هو أقرب للتقوى.
- هؤلاء الذين يصلون ويؤخرون الصلاة عن وقتها، نصلي معهم، ويكون لنا الأجر، وإن كان التأخير فيه وزر، فعلى المؤخرين.
قال ابن باز ﵀:
- (يصلون لكم) يعني: الأمراء، أمراء الناس وأئمتهم، هم القادة، فإن أحسنوا فلكم، ولهم، وإن أساؤوا فلكم وعليهم إساءتهم عليهم، صلوا بالناس الجمعة والجماعة وإن كانوا فساقاً يصلي معهم الرعية، فإن أحسنوا في عملهم فللجميع، وإن أساؤوا فالإثم عليهم، والرعية يسلمون من ذلك الإثم، إذا أدوا الحق الذي عليهم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتناصح.
- هذا فيه الحث على السمع والطاعة لولاة الأمور، وعدم الخروج عليهم بمجرد الفسق، ولكن يُسمع لهم ويطاع في المعروف، ويصلى وراءهم، فإن أحسنوا فللجميع، وإن أساؤوا فالإثم عليهم والرعية، لا إثم عليها إذا أدت الواجب.
1839 - وعنه - رضي الله عنه: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [البقرة: 110] قالَ: خَيْرُ النَّاسِ للنَّاسِ يَأتُونَ بِهِمْ في السَّلاسِلِ فِي أعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإسْلاَمِ.
1840 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «عَجِبَ اللهُ - عز وجل - مِنْ قَومٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ فِي السَّلاسِلِ». رواهما البخاري.
معناه: يُؤْسَرُونَ وَيُقَيَّدُونَ ثُمَّ يُسْلِمُونَ فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- أنّهم قوم من الكفار، يؤسرون، ثم يسلمون، فيكون هذا الأسر سببًا في إسلامهم، ودخولهم الجنة.
قال ابن باز ﵀:
- يعني: هذا من خيرية الناس، من الجهاد في سبيل الله، وأنّهم يأتون الأسرى فيهديهم الله ويسلمون.
- (عجبت لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل) وهم الأسرى يأسرهم المسلمون، ثم يهديهم الله ويدخلون في الإسلام، فيربحون ويدخلون الجنة، هذا من نِعَم الله العظيمة، ومن فضل الله الكبير على من أسر، ثم دخل في الإسلام، ولم يُقتَل على الكفر.
- أنّهم قوم من الكفار، يؤسرون، ثم يسلمون، فيكون هذا الأسر سببًا في إسلامهم، ودخولهم الجنة.
قال ابن باز ﵀:
- يعني: هذا من خيرية الناس، من الجهاد في سبيل الله، وأنّهم يأتون الأسرى فيهديهم الله ويسلمون.
- (عجبت لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل) وهم الأسرى يأسرهم المسلمون، ثم يهديهم الله ويدخلون في الإسلام، فيربحون ويدخلون الجنة، هذا من نِعَم الله العظيمة، ومن فضل الله الكبير على من أسر، ثم دخل في الإسلام، ولم يُقتَل على الكفر.
1841 - وعنه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَحَبُّ البِلادِ إلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأبْغَضُ البِلاَدِ إلَى اللهِ أسْوَاقُهَا». رواه مسلم.
1842 - وعن سلمان الفارسي - رضي الله عنه - من قولهِ قال: لاَ تَكُونَنَّ إنِ اسْتَطَعْتَ أوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيْطَانِ، وَبِهَا يَنْصبُ رَايَتَهُ. رواه مسلم هكذا.
ورواه البرقاني في صحيحهِ عن سلمان، قال: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَكُنْ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ، وَلاَ آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهَا. فِيهَا بَاضَ الشَّيْطَانُ وَفَرَّخَ».
قال ابن عثيمين ﵀:
- المساجد مساجد الله، ولهذا أضافها الله إلى نفسه، فقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا﴾ [البقرة: 114]، فالمساجد أحب البقاع إلى الله؛ لأنّها محل ذكره وعبادته، وقراءة شرعه، وغير ذلك من مصالح الدنيا والدين؛ ولهذا كان بذل المال فيها من أفضل أنواع البذل، والبذل فيها من الصدقة الجارية، وهي أفضل من أن يجعل الإنسان ماله في أضحية أو عشاء أو ما أشبه ذلك، فإذا جعل ماله في بناء المساجد وعمارتها كان ذلك أفضل؛ لأنّ المساجد صدقة جارية باقية عامة كل المسلمين ينتفعون بها، المصلون والدارسون والمتعلمون والمعلمون والذين آواهم البرد أو الحر إلى المساجد إلى غير ذلك، أما الأسواق فإنّما مأوى الشياطين فيها باض الشيطان وفرَّخ والعياذ بالله، ونصب رايته وخيمته؛ لأنّ أسواق البيع والشراء الغالب فيها إلا ما شاء الله الكذب والغش والخيانة والحلف وما أشبه ذلك فلهذا كانت أبغض البلاد إلى الله.
- فيه إثبات الحب والبغض لله، أي أنّ الله يحب ويبغض، ومن أصول أهل السنة والجماعة أننا نؤمن بذلك، ونقول: إنّ الله تعالى يحب ويبغض، وهو موصوف بصفات الكمال، وأنّه لا يحب إلا ما فيه الخير والصلاح، ولا يبغض إلا الشر والخبائث، وينبغي أيضًا كما جاء في حديث سلمان، ألا يكون أول من يدخلها، ولا آخر من يخرج منها؛ لأنّها أبغض البلاد إلى الله، ويحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء، والنظرات المحرمة، والكلام المحرم، وما أشبه ذلك.
قال ابن باز ﵀:
- هذا فيه الحذر من اجتماعات الأسواق، أسواق البيع والشراء، فإن فيها الكذب، فيها الخيانات، فيها تزين الشيطان للناس، الكذب والخيانة والغش، تدخل السوق على قدر الحاجة، وفيها غير ذلك مما يحبه الشيطان من الغفلة، أما المساجد هو محل الذكر، محل الطاعة، محل الصلاة، فهي أحب البقاع إلى الله ﷿، لما فيها ذكر الله، وطاعته، وأداء الصلاة وقراءة القرآن، وغير هذا من وجوه الخير.
- المساجد مساجد الله، ولهذا أضافها الله إلى نفسه، فقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا﴾ [البقرة: 114]، فالمساجد أحب البقاع إلى الله؛ لأنّها محل ذكره وعبادته، وقراءة شرعه، وغير ذلك من مصالح الدنيا والدين؛ ولهذا كان بذل المال فيها من أفضل أنواع البذل، والبذل فيها من الصدقة الجارية، وهي أفضل من أن يجعل الإنسان ماله في أضحية أو عشاء أو ما أشبه ذلك، فإذا جعل ماله في بناء المساجد وعمارتها كان ذلك أفضل؛ لأنّ المساجد صدقة جارية باقية عامة كل المسلمين ينتفعون بها، المصلون والدارسون والمتعلمون والمعلمون والذين آواهم البرد أو الحر إلى المساجد إلى غير ذلك، أما الأسواق فإنّما مأوى الشياطين فيها باض الشيطان وفرَّخ والعياذ بالله، ونصب رايته وخيمته؛ لأنّ أسواق البيع والشراء الغالب فيها إلا ما شاء الله الكذب والغش والخيانة والحلف وما أشبه ذلك فلهذا كانت أبغض البلاد إلى الله.
- فيه إثبات الحب والبغض لله، أي أنّ الله يحب ويبغض، ومن أصول أهل السنة والجماعة أننا نؤمن بذلك، ونقول: إنّ الله تعالى يحب ويبغض، وهو موصوف بصفات الكمال، وأنّه لا يحب إلا ما فيه الخير والصلاح، ولا يبغض إلا الشر والخبائث، وينبغي أيضًا كما جاء في حديث سلمان، ألا يكون أول من يدخلها، ولا آخر من يخرج منها؛ لأنّها أبغض البلاد إلى الله، ويحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء، والنظرات المحرمة، والكلام المحرم، وما أشبه ذلك.
قال ابن باز ﵀:
- هذا فيه الحذر من اجتماعات الأسواق، أسواق البيع والشراء، فإن فيها الكذب، فيها الخيانات، فيها تزين الشيطان للناس، الكذب والخيانة والغش، تدخل السوق على قدر الحاجة، وفيها غير ذلك مما يحبه الشيطان من الغفلة، أما المساجد هو محل الذكر، محل الطاعة، محل الصلاة، فهي أحب البقاع إلى الله ﷿، لما فيها ذكر الله، وطاعته، وأداء الصلاة وقراءة القرآن، وغير هذا من وجوه الخير.
1843 - وعن عاصمٍ الأحوَلِ، عن عبدِ اللهِ بن سَرْجِسَ - رضي الله عنه - قال: قلتُ لِرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ اللهِ، غَفَرَ اللهُ لَكَ، قال: «وَلَكَ». قال عاصمٌ: فَقُلْتُ لَهُ: أَسْتَغْفرَ لَكَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم؟ قال: نَعَمْ وَلَكَ، ثُمَّ تَلاَ هذِهِ الآية: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: 19]. رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- فيه دليلٌ على أنّ النبي ﷺ ليس كغيره، أي يسأل منه الدعاء، أن إنسانا يقول له يا رسول الله استغفر لي، وهذا في حياته، أما بعد موته فلا يجوز، فمن سأل الرسول ﷺ أن يستغفر له بعد وفاته فهو مشرك كافر، أما في حياته فلا بأس، وقد أمر الله نبيه أن يستغفر لذنبه وللمؤمنين والمؤمنات، فقال تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: 19]، والمغفرة هي أنّ الله تعالى يستر العبد، ولا يطلع الناس على ذنبه، ويعفو عنه، ويتجاوز عنه؛ لأنّها مأخوذة من الستر، والوقاية، وهو المغفرة.
قال ابن باز ﵀:
- فيه حُسن خلق النبي ﷺ وتواضعه، ومحبته بما ينفع أمته، فإنّ عبد الله لما قال: "غفر الله لك يا رسول الله" قال ﷺ: (ولك)، يعني: غفر الله لك، ففي هذا حسن الإجابة.
- فيه دليلٌ على أنّ النبي ﷺ ليس كغيره، أي يسأل منه الدعاء، أن إنسانا يقول له يا رسول الله استغفر لي، وهذا في حياته، أما بعد موته فلا يجوز، فمن سأل الرسول ﷺ أن يستغفر له بعد وفاته فهو مشرك كافر، أما في حياته فلا بأس، وقد أمر الله نبيه أن يستغفر لذنبه وللمؤمنين والمؤمنات، فقال تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: 19]، والمغفرة هي أنّ الله تعالى يستر العبد، ولا يطلع الناس على ذنبه، ويعفو عنه، ويتجاوز عنه؛ لأنّها مأخوذة من الستر، والوقاية، وهو المغفرة.
قال ابن باز ﵀:
- فيه حُسن خلق النبي ﷺ وتواضعه، ومحبته بما ينفع أمته، فإنّ عبد الله لما قال: "غفر الله لك يا رسول الله" قال ﷺ: (ولك)، يعني: غفر الله لك، ففي هذا حسن الإجابة.
1844 - وعن أبي مسعودٍ الأنصاري - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ النُّبُوَّةِ الأولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ». رواه البخاري.
قال ابن باز ﵀:
- هذا كالوعيد، إذا لم يستحِ يصنع ما يشاء، ولن يفوت الله، بل هو على خطر، تحت قدرة الله ﷿، فالواجب الحذر، وأن يستحي الإنسان من ربه، فلا يقدم على ما حرم الله، ولا يترك ما أوجب الله، المؤمن يستحي من الله حق الحياء، ويقول ﷺ في الحديث الآخر: (الحياء من الإيمان)، وفي الصحيحين عن ابن عمر ﵄: أنّ النبي ﷺ سمع شخصًا يعظ أخاه في الحياء، فقال ﷺ: (دعه فإنّ الحياء من الإيمان)، يعني: يقول له: "لا تستحي كثيراً انبسط مع الناس كذا كذا"، فالذي لا يستحي سوف يقع منه ما لا تحمد عقباه، وسوف يندم العاقبة، الصحيح أنّ هذا التهديد والتحذير، وفيه الحث على الحياء، والبعد عما يستحي منه.
- هذا كالوعيد، إذا لم يستحِ يصنع ما يشاء، ولن يفوت الله، بل هو على خطر، تحت قدرة الله ﷿، فالواجب الحذر، وأن يستحي الإنسان من ربه، فلا يقدم على ما حرم الله، ولا يترك ما أوجب الله، المؤمن يستحي من الله حق الحياء، ويقول ﷺ في الحديث الآخر: (الحياء من الإيمان)، وفي الصحيحين عن ابن عمر ﵄: أنّ النبي ﷺ سمع شخصًا يعظ أخاه في الحياء، فقال ﷺ: (دعه فإنّ الحياء من الإيمان)، يعني: يقول له: "لا تستحي كثيراً انبسط مع الناس كذا كذا"، فالذي لا يستحي سوف يقع منه ما لا تحمد عقباه، وسوف يندم العاقبة، الصحيح أنّ هذا التهديد والتحذير، وفيه الحث على الحياء، والبعد عما يستحي منه.
1845 - وعن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدِّمَاء». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) وذلك أن الله تعالى يفصل يوم القيامة بين العباد، ويحكم بينهم، أما فيما بينهم وبين الله، فحكمه دائر بين العدل والفضل، إما أن: يجازي بالعدل، وإما بالفضل، وأما فيما بين الناس، بعضهم مع بعض، فيجازي بالعدل، فكل إنسان منهم يعطى حقه بدون نقص ولا زيادة.
- أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله: الصلاة، فإن كان أحسنها فقد أفلح وأنجح، وإن كان قد ضيعها فهو لما سواها أضيع؛ لأن من ضيع الصلاة فلا آمر له بالمعروف، ولا ناهي له عن المنكر، كما قال تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].
- أول ما يقضى بين العباد: في الدماء، القتل، ثم الأموال، والأعراض، والقتل تارة يكون بحق، وتارة يكون بغير حق، والمقصود بذلك القتل بغير حق، فهذا هو أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة.
- فيه إثبات القضاء يوم القيامة، وأنّه حق، وأنّه لابد أن يعطي كل مظلوم مظلمته.
- هنا مسألة: وهي يأتي إنسان إلى شخص يكون قد ظلمه بغيبة أو قذف أو ما أشبه ذلك، ثم يطلب منه السماح بعد أن تاب إلى الله وندم، فيقول لصاحب الحق اسمح لي أنا مذنب، وأنا الآن أستغفر الله وأتوب إليه، فاسمح لي ،ويعتذر، ولكن صاحب الحق لا يقبل، فهنا نقول إذا علم الله من العبد صحة التوبة، فإن الله تعالى يتحمل عنه حق هذا الآدمي الذي أبى أن يسامحه.
قال ابن باز ﵀:
- هذا فيه خطر الدماء، وأنها خطيرة، يجب الحذر من سفك الدماء بغير حق، لا بالقتل ولا بالجرح، يجب الحذر، وأن يصون الإنسان نفسه عن ظلم الناس مطلقاً، ولا سيما ما يقع فيه الدم من الجراحات والقتل، فإنه سوف يقضى بينهم يوم القيامة، وسوف يعطى كل ذي حق حقه، فليحذر المؤمن أن يتعلق به إخوانه فيما ظلموا فيه.
- ينبغي للمؤمن الحذر من الدماء، وعواقبها الوخيمة، فالظلم كله وخيم، كما قال ﷺ: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)، وبالأخص في الدماء، فإنها أخطر الظلم.
- (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) وذلك أن الله تعالى يفصل يوم القيامة بين العباد، ويحكم بينهم، أما فيما بينهم وبين الله، فحكمه دائر بين العدل والفضل، إما أن: يجازي بالعدل، وإما بالفضل، وأما فيما بين الناس، بعضهم مع بعض، فيجازي بالعدل، فكل إنسان منهم يعطى حقه بدون نقص ولا زيادة.
- أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله: الصلاة، فإن كان أحسنها فقد أفلح وأنجح، وإن كان قد ضيعها فهو لما سواها أضيع؛ لأن من ضيع الصلاة فلا آمر له بالمعروف، ولا ناهي له عن المنكر، كما قال تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].
- أول ما يقضى بين العباد: في الدماء، القتل، ثم الأموال، والأعراض، والقتل تارة يكون بحق، وتارة يكون بغير حق، والمقصود بذلك القتل بغير حق، فهذا هو أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة.
- فيه إثبات القضاء يوم القيامة، وأنّه حق، وأنّه لابد أن يعطي كل مظلوم مظلمته.
- هنا مسألة: وهي يأتي إنسان إلى شخص يكون قد ظلمه بغيبة أو قذف أو ما أشبه ذلك، ثم يطلب منه السماح بعد أن تاب إلى الله وندم، فيقول لصاحب الحق اسمح لي أنا مذنب، وأنا الآن أستغفر الله وأتوب إليه، فاسمح لي ،ويعتذر، ولكن صاحب الحق لا يقبل، فهنا نقول إذا علم الله من العبد صحة التوبة، فإن الله تعالى يتحمل عنه حق هذا الآدمي الذي أبى أن يسامحه.
قال ابن باز ﵀:
- هذا فيه خطر الدماء، وأنها خطيرة، يجب الحذر من سفك الدماء بغير حق، لا بالقتل ولا بالجرح، يجب الحذر، وأن يصون الإنسان نفسه عن ظلم الناس مطلقاً، ولا سيما ما يقع فيه الدم من الجراحات والقتل، فإنه سوف يقضى بينهم يوم القيامة، وسوف يعطى كل ذي حق حقه، فليحذر المؤمن أن يتعلق به إخوانه فيما ظلموا فيه.
- ينبغي للمؤمن الحذر من الدماء، وعواقبها الوخيمة، فالظلم كله وخيم، كما قال ﷺ: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)، وبالأخص في الدماء، فإنها أخطر الظلم.
1846 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «خُلِقَتِ المَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الجَانُّ مِنْ مَارِجٍ من نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الملائكة خلقوا من النور، ولذلك كانوا كلهم خيرًا، لا يعصون الله، ولا يستكبرون عن عبادته، ولا يستحسرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فالملائكة خلقوا من نور، أما الشياطين والجن فإنّهم خلقوا من نار، وفي هذا دليل على أن الجن هم ذرية الشيطان الأكبر الذي أبى أن يسجد لآدم، ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ [الأعراف: 12]، فالجن كلهم مخلوقون من النار، ولهذا كثير منهم الطيش والعبث والعدوان على كل من يستطيعون العدوان عليه، لكن اقرأ آية الكرسي في ليلك فلا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك الشيطان حتى تصبح.
- (وخلق آدم مما ذكر لكم) يعني خلق من طين، من تراب، من صلصال كالفخار؛ لأن التراب صار طينًا، ثم صار فخارًا فخلق منه آدم، ولهذا قال الله تعالى ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ﴾ [طه: 55].
قال ابن باز ﵀:
- الله ﷿ خلق الملائكة من النور. فدل على طيب عنصرهم وأن عنصرهم من نور وكلهم لطاعة ربهم، كما قال جل وعلا : ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: 27-28]، وخلق الجان من مارج من نار الشيطان، كما قال تعالى: ﴿وخَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِن نَارِ﴾ [الرحمن: 14-15]، وخلق آدم مما وصف لكم من الطين من التراب.
- الواجب على الإنس والجن جميعاً أن يتقوا الله، وأن يعبدوا الله، وعلى الإنس أن يحذروا من الوقوع في الخطيئة التي وقع فيها آدم أبوهم، يحذر السيئات والمعاصي، فإن ذكر خطيئة أبيهم توجب انتباههم وحذرهم، وعلى أولاد الشيطان أن يحذروا طاعته خبيثهم، وأن يسارعوا إلى الخيرات في الطاعات، أما الملائكة فهم في طاعة الله، كما أخبر عنهم جل وعلا: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].
- الملائكة خلقوا من النور، ولذلك كانوا كلهم خيرًا، لا يعصون الله، ولا يستكبرون عن عبادته، ولا يستحسرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فالملائكة خلقوا من نور، أما الشياطين والجن فإنّهم خلقوا من نار، وفي هذا دليل على أن الجن هم ذرية الشيطان الأكبر الذي أبى أن يسجد لآدم، ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ﴾ [الأعراف: 12]، فالجن كلهم مخلوقون من النار، ولهذا كثير منهم الطيش والعبث والعدوان على كل من يستطيعون العدوان عليه، لكن اقرأ آية الكرسي في ليلك فلا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك الشيطان حتى تصبح.
- (وخلق آدم مما ذكر لكم) يعني خلق من طين، من تراب، من صلصال كالفخار؛ لأن التراب صار طينًا، ثم صار فخارًا فخلق منه آدم، ولهذا قال الله تعالى ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ﴾ [طه: 55].
قال ابن باز ﵀:
- الله ﷿ خلق الملائكة من النور. فدل على طيب عنصرهم وأن عنصرهم من نور وكلهم لطاعة ربهم، كما قال جل وعلا : ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: 27-28]، وخلق الجان من مارج من نار الشيطان، كما قال تعالى: ﴿وخَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِن نَارِ﴾ [الرحمن: 14-15]، وخلق آدم مما وصف لكم من الطين من التراب.
- الواجب على الإنس والجن جميعاً أن يتقوا الله، وأن يعبدوا الله، وعلى الإنس أن يحذروا من الوقوع في الخطيئة التي وقع فيها آدم أبوهم، يحذر السيئات والمعاصي، فإن ذكر خطيئة أبيهم توجب انتباههم وحذرهم، وعلى أولاد الشيطان أن يحذروا طاعته خبيثهم، وأن يسارعوا إلى الخيرات في الطاعات، أما الملائكة فهم في طاعة الله، كما أخبر عنهم جل وعلا: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].
1847 - وعنها رضي الله عنها، قالت: كان خُلُقُ نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - القُرْآن. رواهُ مسلم في جملة حديث طويل.
قال ابن عثيمين ﵀:
- (كان خلق النبي ﷺ القرآن) يعني أنه يتخلق بأخلاق القرآن، ما أمر به القرآن قام به، وما نهى عنه القرآن اجتنبه، سواء كان ذلك في عبادات الله، أو في معاملة عباد الله، فخلق النبي ﷺ القرآن.
- في هذا إشارة من أم المؤمنين عائشة ﵂ أننا إذا أردنا أن نتخلق بأخلاق الرسول ﷺ فعلينا أن نتخلق بالقرآن؛ لأن هذا هو أخلاق النبي ﷺ.
قال ابن باز ﵀:
- يقول الله ﷿: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم﴾ [القلم: 4]، كان خُلُقُه ﷺ العمل بما دل عليه القرآن، والاجتهاد فيما دلّ عليه القرآن، ودعا إليه من فعل الأوامر وترك النواهي، والإكثار من ذكر الله، واستغفاره والتوبة إليه، هذا هو خلقه ﷺ؛ لأن القرآن يدعو لهذا، يدعو إلى فعل ما أمر الله، وإلى ترك ما نهى الله، وإلى كثرة الذكر والاستغفار والتوبة والاعتبار بالماضين، فهكذا كان يكثر ﷺ من ذكر الله، ومن الاستغفار، ويأتي الأوامر، ويدع النواهي، ويعتبر بقصص الماضين، الذي قال فيه ﷿: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَاب﴾ [يوسف: 111]، هكذا ينبغي للمؤمن أن يعتني بالقرآن، ويعمل بمقتضاه، ويكون خلقه القرآن.
- (كان خلق النبي ﷺ القرآن) يعني أنه يتخلق بأخلاق القرآن، ما أمر به القرآن قام به، وما نهى عنه القرآن اجتنبه، سواء كان ذلك في عبادات الله، أو في معاملة عباد الله، فخلق النبي ﷺ القرآن.
- في هذا إشارة من أم المؤمنين عائشة ﵂ أننا إذا أردنا أن نتخلق بأخلاق الرسول ﷺ فعلينا أن نتخلق بالقرآن؛ لأن هذا هو أخلاق النبي ﷺ.
قال ابن باز ﵀:
- يقول الله ﷿: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم﴾ [القلم: 4]، كان خُلُقُه ﷺ العمل بما دل عليه القرآن، والاجتهاد فيما دلّ عليه القرآن، ودعا إليه من فعل الأوامر وترك النواهي، والإكثار من ذكر الله، واستغفاره والتوبة إليه، هذا هو خلقه ﷺ؛ لأن القرآن يدعو لهذا، يدعو إلى فعل ما أمر الله، وإلى ترك ما نهى الله، وإلى كثرة الذكر والاستغفار والتوبة والاعتبار بالماضين، فهكذا كان يكثر ﷺ من ذكر الله، ومن الاستغفار، ويأتي الأوامر، ويدع النواهي، ويعتبر بقصص الماضين، الذي قال فيه ﷿: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَاب﴾ [يوسف: 111]، هكذا ينبغي للمؤمن أن يعتني بالقرآن، ويعمل بمقتضاه، ويكون خلقه القرآن.
1848 - وعنها، قالت: قال رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ» فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أكَراهِيَةُ المَوتِ، فَكُلُّنَا نَكْرَهُ المَوتَ؟ قال: «لَيْسَ كَذَلِكَ، ولكِنَّ المُؤْمِنَ إذَا بُشِّرَ بِرَحْمَةِ اللهِ وَرِضْوَانِهِ وَجَنَّتِهِ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءهُ، وإنَّ الكَافِرَ إذَا بُشِّرَ بِعَذابِ اللهِ وَسَخَطهِ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وكَرِهَ اللهُ لِقَاءهُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- أخبر النبي ﷺ أن الإنسان إذا أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، وذلك أن المؤمن يؤمن بما أعد الله للمؤمنين في الجنة، من الثواب الجزيل، والعطاء العميم الواسع، فيحب ذلك، وترخص عليه الدنيا، ولا يهتم بها؛ لأنّه سوف ينتقل إلى خير منها، فحينئذ يحب لقاء الله، ولاسيما عند الموت، إذا بشر بالرضوان والرحمة، فإنه يحب لقاء الله تعالى، ويتشوق إليه، فيحب الله لقاءه.
- الكافر والعياذ بالله فإنّه إذا بشر بعذاب الله وسخطه، كره لقاء الله، فكره الله لقاءه، ولهذا جاء في حديث المحتضر أن نفس الكافر إذا بشرت بالغضب والسخط تفرقت في جسده وأبت أن تخرج، ولهذا تنزع النفس روح الكافر من جسده كما ينزع الشعر من السفود المبلول، بمعنى أنه يكره على أن تخرج روحه، وذلك لأنه يبشر والعياذ بالله بالشر، ولهذا قال الله تعالى: ﴿ولَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ﴾ [الأنعام: 73].
قال ابن باز ﵀:
- هذا يوجب للمؤمن الاستعداد للآخرة، وأن يجتهد في طاعة الله ورسوله، حتى إذا حضره الأجل بشَّره الملك برحمة الله ورضوانه وجنته، فيحب لقاء الله ويحب الله لقاءه، هكذا المؤمن يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه، والكافر بضد ذلك؛ لأنه عند الموت يبشر بغضب الله وسخطه، فيكره لقاء الله ويكره الله لقاءه .
- أخبر النبي ﷺ أن الإنسان إذا أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، وذلك أن المؤمن يؤمن بما أعد الله للمؤمنين في الجنة، من الثواب الجزيل، والعطاء العميم الواسع، فيحب ذلك، وترخص عليه الدنيا، ولا يهتم بها؛ لأنّه سوف ينتقل إلى خير منها، فحينئذ يحب لقاء الله، ولاسيما عند الموت، إذا بشر بالرضوان والرحمة، فإنه يحب لقاء الله تعالى، ويتشوق إليه، فيحب الله لقاءه.
- الكافر والعياذ بالله فإنّه إذا بشر بعذاب الله وسخطه، كره لقاء الله، فكره الله لقاءه، ولهذا جاء في حديث المحتضر أن نفس الكافر إذا بشرت بالغضب والسخط تفرقت في جسده وأبت أن تخرج، ولهذا تنزع النفس روح الكافر من جسده كما ينزع الشعر من السفود المبلول، بمعنى أنه يكره على أن تخرج روحه، وذلك لأنه يبشر والعياذ بالله بالشر، ولهذا قال الله تعالى: ﴿ولَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ﴾ [الأنعام: 73].
قال ابن باز ﵀:
- هذا يوجب للمؤمن الاستعداد للآخرة، وأن يجتهد في طاعة الله ورسوله، حتى إذا حضره الأجل بشَّره الملك برحمة الله ورضوانه وجنته، فيحب لقاء الله ويحب الله لقاءه، هكذا المؤمن يحب لقاء الله ويحب الله لقاءه، والكافر بضد ذلك؛ لأنه عند الموت يبشر بغضب الله وسخطه، فيكره لقاء الله ويكره الله لقاءه .
1849 - وَعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ صَفِيَّةَ بنتِ حُيَيٍّ رَضيَ اللهُ عَنها، قالتْ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأنْصَارِ رضيَ اللهُ عَنهُما، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أسْرَعَا. فقال - صلى الله عليه وسلم: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ» فَقَالاَ: سُبْحانَ اللهِ يَا رسولَ اللهِ، فقالَ: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإنِّي خَشِيْتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا - أَوْ قَالَ: شَيْئًا». متفق عليه.
قال ابن عثيمين ﵀:
- كان النبي ﷺ معتكفًا في المسجد في رمضان، ولا اعتكاف إلا في رمضان؛ لأن النبي ﷺ لم يعتكف في غير رمضان إلا سنة واحدة، فاتته العشر في رمضان، فقضاها في شوال، وما عدا ذلك فلم يشرع لأمته ﷺ أن يعتكفوا في غير رمضان.
- جاءته صفية، ذات ليلة وهو معتكف، فحدثته وهي امرأته، زلا بأس للإنسان أن يتحدث إليه أهله وهو معتكف، لما في ذلك من الألفة والمحبة والمودة، ثم قامت إلى بيتها وكان النبي ﷺ خير الناس لأهله، كما قال ﷺ: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
- (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) فيصل إلى قلبه وإلى عروقه، كما أن الدم يسير في جميع البدن، كذلك الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ومجرى هذا اسم مكان أي في مكان جريان الدم، (وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً أو قال شيئا).
- جواز زيارة المرأة زوجها في الاعتكاف، وأن ذلك لا يبطل الاعتكاف، حتى لو فرض أنه تلذذ بالنظر إليها وما أشبه ذلك، فإنّه لا يضر؛ لأن الله إنما نهى عن مباشرة النساء في الاعتكاف.
- أنّه ينبغي للإنسان أن يشيع أهله إذا انقلبوا من عنده، إذا كان ذلك ليلًا، أو في وقت يخاف فيه عليهم.
- أنّه ينبغي للإنسان أن يزيل أسباب الوساوس من القلوب، فمثلًا إذا خشي أن أحدًا يظن به شرًا فإنه يجب عليه أن يزيل ذلك عنه، ويخبره بالواقع، حتى لا يحدث في قلبه شيء.
- أنّه إذا حدث للإنسان ما يتعجب منه فليقل: "سبحان الله"، كما قال ذلك الأنصاريان وأقرهما النبي ﷺ.
- شفقة النبي ﷺ على أمته ودرء الشر عنهم.
قال ابن باز ﵀:
- فيه أنّ الإنسان يبتعد عن مواقف التهم، وإذا قدر له موقف يخشى أن يتهم به، يُبيِّن الأمر حتى لا يُتَّهم.
- فيه أنّ المعتكف يُزار، يزوره أهله، يزوره بعض أحبابه، يتحدث عنده بعض الشيء، لا بأس، ولو أنه معتكف يُزار.
- فيه أنّ المزور إذا قام مع الزائر يؤانسه، حتى يصل لباب المسجد، إذا كان معتكفاً، أو باب المجلس حتى يخرج، هذا من إكرام الزائر، كونك تقوم معه، ثم تمشي معه، تقلبه إلى باب المجلس، باب السور، من باب إكرامه، مثلما قام النبي ﷺ مع صفية ﵂ ومشى معها، حتى وصلت باب المسجد، يتحدث معها، فالزائر يكرم من السلام عليه، والتحفي به، ومصافحته، ومقابلته، وإذا قام معه المزور إذا رأى المصلحة في ذلك أنه يقوم معه ويمشي معه، حتى يصل إلى باب المجلس، أو باب السور، فهذا طيب، من باب الإكرام والإحسان.
- كان النبي ﷺ معتكفًا في المسجد في رمضان، ولا اعتكاف إلا في رمضان؛ لأن النبي ﷺ لم يعتكف في غير رمضان إلا سنة واحدة، فاتته العشر في رمضان، فقضاها في شوال، وما عدا ذلك فلم يشرع لأمته ﷺ أن يعتكفوا في غير رمضان.
- جاءته صفية، ذات ليلة وهو معتكف، فحدثته وهي امرأته، زلا بأس للإنسان أن يتحدث إليه أهله وهو معتكف، لما في ذلك من الألفة والمحبة والمودة، ثم قامت إلى بيتها وكان النبي ﷺ خير الناس لأهله، كما قال ﷺ: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي).
- (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) فيصل إلى قلبه وإلى عروقه، كما أن الدم يسير في جميع البدن، كذلك الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ومجرى هذا اسم مكان أي في مكان جريان الدم، (وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شراً أو قال شيئا).
- جواز زيارة المرأة زوجها في الاعتكاف، وأن ذلك لا يبطل الاعتكاف، حتى لو فرض أنه تلذذ بالنظر إليها وما أشبه ذلك، فإنّه لا يضر؛ لأن الله إنما نهى عن مباشرة النساء في الاعتكاف.
- أنّه ينبغي للإنسان أن يشيع أهله إذا انقلبوا من عنده، إذا كان ذلك ليلًا، أو في وقت يخاف فيه عليهم.
- أنّه ينبغي للإنسان أن يزيل أسباب الوساوس من القلوب، فمثلًا إذا خشي أن أحدًا يظن به شرًا فإنه يجب عليه أن يزيل ذلك عنه، ويخبره بالواقع، حتى لا يحدث في قلبه شيء.
- أنّه إذا حدث للإنسان ما يتعجب منه فليقل: "سبحان الله"، كما قال ذلك الأنصاريان وأقرهما النبي ﷺ.
- شفقة النبي ﷺ على أمته ودرء الشر عنهم.
قال ابن باز ﵀:
- فيه أنّ الإنسان يبتعد عن مواقف التهم، وإذا قدر له موقف يخشى أن يتهم به، يُبيِّن الأمر حتى لا يُتَّهم.
- فيه أنّ المعتكف يُزار، يزوره أهله، يزوره بعض أحبابه، يتحدث عنده بعض الشيء، لا بأس، ولو أنه معتكف يُزار.
- فيه أنّ المزور إذا قام مع الزائر يؤانسه، حتى يصل لباب المسجد، إذا كان معتكفاً، أو باب المجلس حتى يخرج، هذا من إكرام الزائر، كونك تقوم معه، ثم تمشي معه، تقلبه إلى باب المجلس، باب السور، من باب إكرامه، مثلما قام النبي ﷺ مع صفية ﵂ ومشى معها، حتى وصلت باب المسجد، يتحدث معها، فالزائر يكرم من السلام عليه، والتحفي به، ومصافحته، ومقابلته، وإذا قام معه المزور إذا رأى المصلحة في ذلك أنه يقوم معه ويمشي معه، حتى يصل إلى باب المجلس، أو باب السور، فهذا طيب، من باب الإكرام والإحسان.
1850 - وعن أبي الفضل العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - قال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَومَ حُنَيْن، فَلَزِمْتُ أنا وأبو سُفْيَانَ بن الحارثِ بن عبد المطلب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ نُفَارِقْهُ، وَرسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ، فَلَمَّا التَقَى المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ، وَلَّى المُسْلِمُونَ مُدْبِريِنَ، فَطَفِقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْكُضُ بَغْلَتَهُ قِبلَ الكُفَّارِ، وأنا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أكُفُّهَا إرَادَةَ أَنْ لاَ تُسْرِعَ، وأبُو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أيْ عَبَّاسُ، نَادِ أصْحَابَ السَّمُرَةِ ». قالَ العَبَّاسُ - وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا - فَقُلْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: أيْنَ أصْحَابُ السَّمُرَةِ، فَوَاللهِ لَكَأنَّ عَطْفَتَهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَوْتِي عَطْفَةُ البَقَرِ عَلَى أَوْلاَدِهَا، فقالوا: يَا لَبَّيْكَ يَا لَبَّيْكَ، فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَالكُفَّارُ، وَالدَّعْوَةُ في الأنْصَارِ يَقُولُونَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، يَا مَعْشَرَ الأنْصَارِ، ثُمَّ قَصُرَتِ الدَّعْوَةُ عَلَى بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالمُتَطَاوِلِ عَلَيْهَا إلَى قِتَالِهِمْ، فَقَالَ: «هَذَا حِينَ حَمِيَ الوَطِيسُ»، ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الكُفَّارِ، ثُمَّ قَالَ: «انْهَزَمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ»، فَذَهَبْتُ أنْظُرُ فَإذَا القِتَالُ عَلَى هَيْئَتِهِ فِيما أرَى، فَواللهِ مَا هُوَ إلاَّ أَنْ رَمَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ، فَمَا زِلْتُ أرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا. رواه مسلم.
«الوَطِيسُ» التَّنُّورُ، ومعناهُ: اشْتَدَّتِ الحَرْبُ. وقوله: «حَدَّهُمْ» هو بالحاء المهملة: أيْ بَأْسَهُمْ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- حُنَين هي: اسم مكان غزا به النبي ﷺ ثقيفًا، وكان الصحابة ﵃ قد فتحوا مكة في رمضان في السنة الثامنة من الهجرة، ومعهم عشرة آلاف من خارج مكة، وألفان من أهل مكة فالجميع اثنا عشر ألفا فجعل بعضهم يقول لبعض: "لن نغلب اليوم من قلة"، أعجبوا بكثرتهم، ولكن الله تعالى أراهم أن النصر من عند الله، وأن الكثرة والقوة لا تحولان بين قضاء الله وقدره.
- السَّمرة: هي الشجرة التي بايع الصحابة عليها رسول الله ﷺ في الحديبية على ألا يفروا، وهم فروا الآن، فقال: (يا أصحاب السمرة)، يذكرهم بهذه المبايعة، وفيها يقول الله تعالى ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: 18]، بشرى عظيمة أنهم لا يدخلون النار لا قليلًا ولا كثيرًا، فالعباس ﭬ دعاهم بهذا يا أصحاب السمرة قالوا: "لبيك، لبيك" وأقبلوا كأنهم البقر على أولادها الصغار، يعني مسرعين جدًا فقاتلوا العدو، وأخذ النبي ﷺ حصيات رمى بها وجوه القوم، وقال: (انهزموا ورب محمد)، وصار الأمر كذلك انهزمت ثقيف، وغنم منها النبي ﷺ غنائم كثيرة كثيرة جدًا، ما بين إبل وغنم وأموال .
- الحاصل أن هذا الحديث من آيات الله، حيث نصر الله المؤمنين بعد أن أراهم قوته، وأن الأمر أمره جل وعلا، ليس بالكثرة ولا بالقوة ولا بالعزيمة، ولكن النصر من عند الله، قال الله تعالى ﴿لقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ [التوبة: 25].
- قوة شجاعة النبي ﷺ، حيث تقدم إلى العدو بقوله وفعله، أما فعله فإنه جعل يركض بغلته التي هو راكب عليها نحو العدو، وأما قوله فإعلانه بصوته الرخيم أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب.
- ومنها أنّه يجب على الإنسان ألا يعجب بقوته، ولا بكثرته، ولا بعلمه، ولا بماله، ولا بذكائه، ولا بعقله، والغالب أن الإنسان إذا أعجب فإنه يهزم بإذن الله، إن أعجب بكثرته هزم، وإن أعجب بعلمه ضل، وإن أعجب بعقله تاه، لا تعجب بنفسك، ولا بأي قوة من قواك، بل استعن بالله، وفوض الأمر إليه، حتى يتم لك ما تريد.
- جواز ركوب البغلة، والبغل متولد من بين الحمار والفرس، ينزو الحمار على الأنثى من الخيل، فتلد البغل، وهو نجس وحرام، لكنه طاهر في ظاهره، كالهرة طاهرة، ولكن بولها وعذرتها نجسة، وكذلك البغل فعرقه طاهر، ومسه حال ركوبه طاهر؛ لأنّ النبي ﷺ ركبه وهو يعرق، وقد يكون المطر، ولم يرد أن النبي ﷺ كان يحترز منه، فدل ذلك على أنّه طاهر، وهو القول الراجح .
- أنّه ينبغي للإنسان أن ينادي الناس بما يشجعهم؛ لأنّ العباس ﵁ لم يقل "يا أيها المؤمنون، يا أيها الصحابة"، بل قال: "يا أصحاب السمرة"؛ لأن هذا يشجعهم، ويذكرهم بالبيعة، التي بايعوا عليها رسول الله ﷺ.
- أنّ الله تعالى قد ينصر الفئة القليلة، ولو على باطل، على الفئة الكثيرة، ولو على حق، الفئة القليلة هنا من الكفار ثلاثة آلاف وخمسمائة، الفئة الكثيرة الصحابة ﵃ ومعهم رسول الله ﷺ.
- أنّ العاقبة للمتقين، حتى لو هزم المسلمون بكثرتهم، فإن العاقبة لهم؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [هود: 49].
قال ابن باز ﵀:
- فيه دليل على صدق رسالة محمد ﷺ أنه رسول الله حقاً، وعلى أن المسلم قد يُبتلى ثم تكون له العاقبة، وتدل على وجوب الاستقامة على طاعة الله ورسوله، والحذر مما نهى الله عنه ورسوله، وأن هذا هو سبيل السعادة والنجاح.
- يدل هذا على شجاعته العظيمة ﷺ، كونه يتقدم إلى جهة العدو، والناس قد انهزموا فيتقدم ويقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)، ويطلب من الجيش التقدم ويقول: (شاهت الوجوه، وأدبروا) هذا كله يدل على الشجاعة العظيمة والثبات العظيم ﷺ.
- حُنَين هي: اسم مكان غزا به النبي ﷺ ثقيفًا، وكان الصحابة ﵃ قد فتحوا مكة في رمضان في السنة الثامنة من الهجرة، ومعهم عشرة آلاف من خارج مكة، وألفان من أهل مكة فالجميع اثنا عشر ألفا فجعل بعضهم يقول لبعض: "لن نغلب اليوم من قلة"، أعجبوا بكثرتهم، ولكن الله تعالى أراهم أن النصر من عند الله، وأن الكثرة والقوة لا تحولان بين قضاء الله وقدره.
- السَّمرة: هي الشجرة التي بايع الصحابة عليها رسول الله ﷺ في الحديبية على ألا يفروا، وهم فروا الآن، فقال: (يا أصحاب السمرة)، يذكرهم بهذه المبايعة، وفيها يقول الله تعالى ﴿لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: 18]، بشرى عظيمة أنهم لا يدخلون النار لا قليلًا ولا كثيرًا، فالعباس ﭬ دعاهم بهذا يا أصحاب السمرة قالوا: "لبيك، لبيك" وأقبلوا كأنهم البقر على أولادها الصغار، يعني مسرعين جدًا فقاتلوا العدو، وأخذ النبي ﷺ حصيات رمى بها وجوه القوم، وقال: (انهزموا ورب محمد)، وصار الأمر كذلك انهزمت ثقيف، وغنم منها النبي ﷺ غنائم كثيرة كثيرة جدًا، ما بين إبل وغنم وأموال .
- الحاصل أن هذا الحديث من آيات الله، حيث نصر الله المؤمنين بعد أن أراهم قوته، وأن الأمر أمره جل وعلا، ليس بالكثرة ولا بالقوة ولا بالعزيمة، ولكن النصر من عند الله، قال الله تعالى ﴿لقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ۙ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ۙ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ﴾ [التوبة: 25].
- قوة شجاعة النبي ﷺ، حيث تقدم إلى العدو بقوله وفعله، أما فعله فإنه جعل يركض بغلته التي هو راكب عليها نحو العدو، وأما قوله فإعلانه بصوته الرخيم أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب.
- ومنها أنّه يجب على الإنسان ألا يعجب بقوته، ولا بكثرته، ولا بعلمه، ولا بماله، ولا بذكائه، ولا بعقله، والغالب أن الإنسان إذا أعجب فإنه يهزم بإذن الله، إن أعجب بكثرته هزم، وإن أعجب بعلمه ضل، وإن أعجب بعقله تاه، لا تعجب بنفسك، ولا بأي قوة من قواك، بل استعن بالله، وفوض الأمر إليه، حتى يتم لك ما تريد.
- جواز ركوب البغلة، والبغل متولد من بين الحمار والفرس، ينزو الحمار على الأنثى من الخيل، فتلد البغل، وهو نجس وحرام، لكنه طاهر في ظاهره، كالهرة طاهرة، ولكن بولها وعذرتها نجسة، وكذلك البغل فعرقه طاهر، ومسه حال ركوبه طاهر؛ لأنّ النبي ﷺ ركبه وهو يعرق، وقد يكون المطر، ولم يرد أن النبي ﷺ كان يحترز منه، فدل ذلك على أنّه طاهر، وهو القول الراجح .
- أنّه ينبغي للإنسان أن ينادي الناس بما يشجعهم؛ لأنّ العباس ﵁ لم يقل "يا أيها المؤمنون، يا أيها الصحابة"، بل قال: "يا أصحاب السمرة"؛ لأن هذا يشجعهم، ويذكرهم بالبيعة، التي بايعوا عليها رسول الله ﷺ.
- أنّ الله تعالى قد ينصر الفئة القليلة، ولو على باطل، على الفئة الكثيرة، ولو على حق، الفئة القليلة هنا من الكفار ثلاثة آلاف وخمسمائة، الفئة الكثيرة الصحابة ﵃ ومعهم رسول الله ﷺ.
- أنّ العاقبة للمتقين، حتى لو هزم المسلمون بكثرتهم، فإن العاقبة لهم؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [هود: 49].
قال ابن باز ﵀:
- فيه دليل على صدق رسالة محمد ﷺ أنه رسول الله حقاً، وعلى أن المسلم قد يُبتلى ثم تكون له العاقبة، وتدل على وجوب الاستقامة على طاعة الله ورسوله، والحذر مما نهى الله عنه ورسوله، وأن هذا هو سبيل السعادة والنجاح.
- يدل هذا على شجاعته العظيمة ﷺ، كونه يتقدم إلى جهة العدو، والناس قد انهزموا فيتقدم ويقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب)، ويطلب من الجيش التقدم ويقول: (شاهت الوجوه، وأدبروا) هذا كله يدل على الشجاعة العظيمة والثبات العظيم ﷺ.