كتاب أدب الطعام


باب التسمية في أوله والحمد في آخره


727 - وعن عُمَرَ بنِ أبي سَلمة رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينكَ، وكُلْ مِمَّا يَليكَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الأكل باليمين واجب ومن أكل بشماله فهو آثم عاص للرسول ﷺ، ومن عصى الرسول فقد عصى الله ومن يطع الرسول فقد أطاع الله.
- كل مما يليك يعني: إذا كان معك مشارك فكل من الذي يليك لا تأكل من جهته ومن الذي يليه، فإن هذا سوء أدب، قال العلماء: "إلا أن يكون الطعام أنواعاً، مثل: أن يكون فيه قرع، وباذنجان، ولحم، وغيره فلا بأس أن تتخطى يدك إلى هذا النوع، أو ذاك، كما كان الرسول ﷺ يتتبع الدباء من الصحفة يأكلها".
- لو كنت تأكل وحدك فلا حرج أن تأكل من الطرف الآخر؛ لأنك لا تؤذي أحدا في ذلك، لكن لا تأكل من أعلى الصحفة؛ لأن البركة تنزل في أعلاها ولكن كل من الجوانب.
- ينبغي لنا أن نعلم الصبيان والغلمان آداب الأكل والشرب وكذلك آداب النوم فضلا عن الأمور الأخرى.
قال ابن باز ﵀:
- من الآداب العظيمة، يسمي الله ويأكل بيمينه ويأكل مما يليه لا يذهب إلى ما يلي الناس، كذلك التسمية عند الأكل مما حث عليه أن النبي كان يأمر بالتسمية عند الطعام عند بدء الطعام، كل ذلك مما يحفظ به الطعام من مخالطة الشيطان، ويتأدب به مع الله ﷿ في البداءة باسمه الذي منَّ بالطعام وتفضل به ﷾.

728 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أكَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ تَعَالَى، فإنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى في أوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسم اللهِ أوَّلَهُ وَآخِرَهُ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
729 - وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ، وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ : لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أدْرَكْتُمُ المَبِيتَ؛ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أدْرَكْتُم المَبيتَ وَالعَشَاءَ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان ينبغي له إذا دخل بيته أن يذكر اسم الله، والذكر الوارد في ذلك: (بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج) ثم يستاك؛ لأن النبي ﷺ إذا دخل بيته فأول ما يبدأ به السواك ثم يسلم على أهله.
- أما عند العشاء فيقول: (بسم الله) وبذلك يحترز من الشيطان الرجيم مبيتًا وعشاء، فإن ذكر اسم الله عند الدخول دون العشاء شاركه الشيطان في عشائه، وإن ذكر اسم الله عند العشاء دون الدخول شاركه الشيطان في المبيت دون العشاء، وإن ذكر اسم الله عند الدخول وعند العشاء فإن الشيطان لا يكون له مبيت ولا عشاء.
قال ابن باز ﵀:
- ينبغي للمؤمن أن يكون حريصاً على ذكر الله، وملازمته في دخوله وخروجه وقيامه وخروجه وفي سفره وإقامته، وفي أكله وشربه؛ لأنه يحصل له بذلك الخير والسلامة من الشر، وعند الفراغ يحمد الله ويثني عليه.

730 - وعن حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا، لَمْ نَضَعْ أيدِينَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَيَضَعَ يَدَهُ، وَإنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَامًا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأنَّهَا تُدْفَعُ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا في الطَّعَامِ، فَأَخَذَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهَا، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيّ كأنَّمَا يُدْفَعُ، فَأخَذَ بِيَدهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لا يُذْكَرَ اسمُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَإنَّهُ جَاءَ بهذِهِ الجارية لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فأَخَذْتُ بِيَدِهَا، فَجَاءَ بهذا الأعرَابيّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ، فَأخذْتُ بِيَدِهِ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إنَّ يَدَهُ في يَدِي مَعَ يَدَيْهِمَا» ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللهِ تَعَالَى وَأكَلَ. رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- ينبغي إذا كان هناك كبير على الطعام ألا يتقدم أحد قبل أكله، بل يؤثرون الكبير بالأكل أولاً؛ لأن التقدم بين يدي الكبير غير مناسب وينافي الأدب.
- الشيطان يأمر الإنسان ويحثه ويزجره على فعل ما لا ينبغي وقد جاء في القرآن الكريم: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ﴾ [البقرة: 268]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِۚ﴾ [النور:21]، فدل هذا على أن الشيطان له إمرة على بني آدم والمعصوم من عصمه الله.
- الإنسان إذا أتى في أثناء الطعام فليسم، ولا يقل سمى الأولون قبلي، ولكن إذا كانوا جميعا وبدؤوا بالطعام جميعًا فهل يكفي تسمية الواحد؟ والجواب: إن كان الواحد سمى سرًا فإن تسميته لا تكفي؛ لأن الآخرين لم يسمعوها، وإن سمى جهرًا ونوى عن الجميع فقد يقال إنها تكفي، وقد يقال الأفضل أن يسمي كل إنسان لنفسه، وهذا أكمل وأحسن.
- هذا الحديث آية من آيات الرسول ﷺ حيث أعلمه الله تعالى بما حصل في هذه القصة وأن الشيطان دفع الأعرابي والجارية، وأنه أمسك بأيديهم، أي: بأيدي الثلاثة بيده الكريمة صلوات الله وسلامه عليه.
- إذا جاء أحد يريد أن يأكل ولم تسمعه سمى فأمسك بيده حتى يسمي؛ لأن النبي ﷺ أمسك بأيديهم ولم يقل سميا، بل أمسك بأيديهم حتى يكون في ذلك ذكرى لهم.
قال ابن باز ﵀:
- ينبغي للمؤمن أن يكون حريصًا على ملازمة ذكر الله واعتياده، ذلك بالحمد لله والتعوذ بالله من الشيطان عند المناسبات التي يُشرع فيها ذلك، فيسمي الله في محل التسمية، ويحمد الله في محل الحمد، ويستعيذ بالله في محل الاستعاذة، فالمؤمن يلاحظ الآداب الشرعية في كل شيء، ويبتعد عن الغفلة والإعراض؛ وليكن حريصا على الاتصاف بالتخلق بالأخلاق والإيمان والاستقامة من دون أن يضعف.

731 - وعن أُمَيَّةَ بن مَخْشِيٍّ الصحابيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا، وَرَجُلٌ يَأكُلُ، فَلَمْ يُسَمِّ اللهَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إِلاَّ لُقْمَةٌ، فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ، قَالَ: بِسْمِ اللهِ أوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَضَحِكَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ: «مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأكُلُ مَعَهُ، فَلَمَّا ذَكَرَ اسمَ اللهِ اسْتَقَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ». رواه أَبُو داود والنسائي.
قال ابن عثيمين ﵀:
- من نعمة الله ﷾ أن الشيطان يحرم أن يأكل معنا إذا سمينا في أول الطعام، وكذلك إذا سمينا في آخره وقلنا بسم الله أوله وآخره فإن ما أكله يتقيؤه فيُحرم إياه.
- في الحديث دليلٌ على أن الشيطان يأكل؛ لأنه أكل من هذا الطعام، فالشيطان يأكل ويشرب ويشارك الآكل والشارب إذا لم يسم الله تعالى على أكله وشربه.

732 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأكُلُ طَعَامًا في سِتَّةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أعْرَابِيٌّ، فَأكَلَهُ بلُقْمَتَيْنِ. فَقَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «أما إنَّهُ لَوْ سَمَّى لَكَفَاكُمْ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان إذا لم يسم نزعت البركة من طعامه؛ لأن الشيطان يأكل معه، فيكون الطعام الذي يظن أنه يكفيه لا يكفيه؛ لأن البركة تنزع منه.
قال ابن باز ﵀:
- التسمية من أسباب البركة، وعدم التسمية من أسباب نزعها.

733 - وعن أَبي أُمَامَة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ، قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَاركًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ، وَلاَ مُوَدَّعٍ، وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا». رواه البخاري.
734 - وعن معاذِ بن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أكَلَ طَعَامًا، فَقال: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن».
قال ابن عثيمين ﵀:
- الإنسان ينبغي له إذا أكل أكلا أن يحمد الله ﷾ وأن يقول: (الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة)، ومعنى ذلك أنه لولا أن الله تعالى يسر لك هذا الطعام ما حصل لك، كما قال تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ ‎٦٣‏ أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ٦٤‏ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ‎٦٥ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ‎٦٦‏ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ [الواقعة: 63-7]، ‎ فالإنسان لولا أن الله ييسر له الطعام من حين أن يبذر ثم ينبت ثم يحصد ثم يحضر إليه ثم يطحن ثم يعجن ثم يطبخ ثم ييسر الله له الأكل ما تيسر له ذلك، ولهذا قال بعض العلماء: إنّ الطعام لا يصل إلى الإنسان ويقدم إليه إلا وقد سبق ذلك نحو مائة نعمة من الله لهذا الطعام.

باب لا يَعيبُ الطّعام واستحباب مَدحه


735 - وعن أَبي هُريرة - رضي الله عنه - قَالَ: مَا عَابَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - طَعَامًا قَطُّ، إن اشْتَهَاهُ أكَلَهُ، وَإنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- ينبغي للإنسان إذا قدم له الطعام أن يعرف قدر نعمة الله ﷾ بتيسيره، وأن يشكره على ذلك، وألا يعيبه إن كان يشتهيه وطابت به نفسه فليأكله، وإلا فلا يأكله، ولا يتكلم فيه بقدح أو بعيب، مثال ذلك رجل قدم له تمر وكان التمر رديئا فلا يقل هذا تمر رديء، بل يقال له إن اشتهيته فكل وإلا فلا تأكله أما أن تعيبه وهو نعمة أنعم الله بها عليك ويسرها لك فهذا لا يليق.
قال ابن باز ﵀:
- هذا محمول على ما إذا كان لنفسه، أما إذا كان للضيوف فينبغي له أن يوصي الطباخين بالعناية بالطعام والإحسان إلى الضيوف حتى لا يكون فيه عيب، إذا ظهر فيه عيب أوصاهم في المستقبل؛ لئلا يضر بأضيافه.

736 - وعن جابر - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ أهْلَهُ الأُدْمَ، فقالوا: مَا عِنْدَنَا إِلاَّ خَلٌّ، فَدَعَا بِهِ، فَجَعَلَ يَأكُلُ، ويقول: «نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُّ، نِعْمَ الأُدْمُ الخَلُّ». رواه مسلم .
قال ابن عثيمين ﵀:
- من هدي النبي ﷺ أنه إذا أعجبه الطعام أثنى عليه، وكذلك مثلا لو أثنيت على الخبز قلت: نعم الخبز خبز فلان، أو ما أشبه ذلك، فهذا أيضا من سنة الرسول ﷺ.

باب مَا يقوله من حضر الطعام وهو صائم إِذَا لَمْ يفطر


737 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دُعِيَ أحَدُكُمْ فَلْيُجِبْ، فَإنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ، وَإنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ». رواه مسلم.
قَالَ العلماءُ: معنى «فَلْيُصَلِّ»: فَلْيَدْعُ، ومعنى «فَلْيطْعَمْ»: فَلْيَأْكُلْ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- فليصل: يعني فليدعو؛ لأن الصلاة هنا المراد بها الدعاء كما هو في اللغة العربية أن الصلاة هي الدعاء، أما في الشرع فالصلاة هي العبادة المعروفة إلا إذا دل الدليل على أنّ المراد بها الدعاء فهو على ما دل عليه الدليل.
- الإنسان إذا دعي إلى الطعام وحضر فلا يكفي الحضور، بل يأكل؛ لأن الرجل الذي دعاك لم يصنع الطعام إلا ليؤكل، فقد تكلف لك وصنع طعاما أكثر من طعام أهله ودعاك إليه، فمثلاً لو دعا عشرة وصنع لهم طعامًا وقلنا إن الواجب الحضور دون الأكل ثم قاموا ولم يأكلوا لصار في ذلك مفسدة لماله ومضيعة لماله وصار في قلبه على الحاضرين شيء لماذا لم يأكلوا طعامي؟ فتقول إذا دعاك داع فالسنة أن تجيبه إلا إذا كان الداعي هو الزوج في وليمة العرس فإن الواجب أن تجيبه إلى دعوته، ولا يحل لك أن تمنع لقول النبي ﷺ: (من لم يجب فقد عصى الله ورسوله)، يعني دعوة الوليمة، أما غيرها من الدعوات فأنت بالخيار.
- المسألة ثلاثة أحوال:
• أولاً: إذا دعاك وأنت مفطر فكل.
• ثانياً: إذا دعاك وأنت صائم صوم فريضة فلا تأكل ولا تفطر.
• ثالثاً: إذا دعاك وأنت صائم صوم نقل فأنت بالخيار إن شئت فأفطر وكل وإن شئت فلا تأكل وأخبره بأنك صائم واتبع ما هو الأصلح، إذا رأيت أن من الخير أن تفطر فأفطر وكل وإلا فلزوم الصيام أولى.
- بطاقات الدعوة لا تجب الإجابة فيها إلا إذا علمت أنّ الرجل أرسل إليك البطاقة بدعوة حقيقية؛ لأن كثيرا من البطاقات ترسل إلى الناس من باب المجاملة ولا يهمه حضرت أم لم تحضر، لكن إذا علمت أنه يهمه أن تحضر لكونه قريبًا لك أو صديقًا لك فأجب.

باب مَا يقوله من دُعي إِلَى طعام فتبعه غيره


738 - عن أَبي مسعود البَدْريِّ - رضي الله عنه - قَالَ: دعا رَجُلٌ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنعَهُ لَهُ خَامِسَ خَمْسَةٍ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ، فَلَمَّا بَلَغَ البَابَ، قَالَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم: «إنَّ هَذَا تَبِعَنَا، فَإنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، وَإنْ شِئْتَ رَجَعَ» قَالَ: بل آذَنُ لَهُ يَا رَسُولَ الله. متفقٌ عَلَيْهِ .
قال ابن عثيمين ﵀:
- يجوز للإنسان إذا دعا قوما أن يحدد العدد ولا حرج في ذلك.
- جواز اتباع الرجل للمدعوين؛ لعله يحصل على طعام؛ لأن النبي ﷺ لم يمنع هذا الرجل من اتباعهم، بل استأذن له.
- إذا جاء مع الإنسان من لم يدع فإنه يستأذن له، خصوصًا إذا كنت تظن أن صاحب البيت دعاك لغرض خاص لا يجب أن يطلع عليه أحد فحينئذ لابد أن تستأذن.
- لا حرج على صاحب البيت إذا لم يأذن للذي تبع المدعو؛ لأنه لو كان في ذلك حرج ما استأذنه النبي ﷺ.
- إذا استأذنت على شخص في البيت وقال لك الآن عندي شغل فارجع وارجع بكل راحة وبكل طمأنينة؛ لأن هذا هو الشرع.
قال ابن باز ﵀:
- إذا كان العدد محصورًا فلا يؤتى بالزيادة إلا بإذن، فإذا قال الداعي أدعوك واثنين معك أو ثلاثة معك، فليقتصر على العدد المحدود؛ إلا أن يأذن الداعي بالزيادة، أما إذا قال أنت ومن معك، أو أنت ومن تريد، أو ما أشبه ذلك من العبارات، فإن كونه يأتي بمن شاء من أصحابه وأولاده ونحو ذلك ولا يحتاج إلى الاستئذان لكل واحد.

باب الأكل مِمَّا يليه ووعظه وتأديبه من يسيء أكله


739 - عن عمر بن أَبي سَلمَة رضي الله عنهما، قَالَ: كُنْتُ غُلامًا في حِجْرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «يَا غُلامُ، سَمِّ اللهَ تَعَالَى، وَكُلْ بِيَمينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قَوْله: «تَطِيشُ» بكسرِ الطاء وبعدها ياءٌ مثناة من تَحْت، معناه: تتحرك وتمتد إِلَى نَوَاحِي الصَّحْفَةِ.
740 - وعن سلمةَ بن الأَكْوَع - رضي الله عنه: أنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ» قَالَ: لا أسْتَطِيعُ. قَالَ: «لاَ اسْتَطَعْتَ»! مَا مَنَعَهُ إِلاَّ الكِبْرُ! فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ. رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- يحرم على الإنسان أن يأكل بشماله أو يشرب بشماله، وأن من أكل بشماله أو شرب بشماله فإنه عاص وآثم، عاص لله ورسوله، وآثم ومشابه للشيطان ولأولياء الشيطان من الكفار.
- الواجب على المسلم أن يأكل باليمين إلا لعذر؛ كما لو كانت اليمين مشلولة أو ما أشبه ذلك، فاتقوا الله ما استطعتم.
- من سوء الأدب أن تأكل من حافة صاحبك.
- ينبغي لطالب العلم وغير طالب العلم كل من علم سنة ينبغي أن يبينها في كل مناسبة ولا تقل أنا لست بعالم، نعم لست بعالم لكن عندك علم، قال النبي ﷺ: (بلغوا عني ولو آية)، فينبغي للإنسان في مثل هذه الأمور أن ينتهز الفرص كلما سمحت الفرصة لنشر السنة فانشرها يكن لك أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
قال ابن باز ﵀:
- من يتكبر على الحق يستحق التعزير والتهديد والدعاء، والدعاء عليه من باب التعزير.