باب استحباب تشميت العاطس إِذَا حمد الله تَعَالَى وكراهية تشميته إذا لَمْ يحمد الله تَعَالَى وبيان آداب التشميت والعطاس والتثاؤب


878 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الله يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ الله تَعَالَى كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ». رواه البخاري.
879 - وعنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ
للهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ الله. فإذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَليَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ»
. رواه البخاري.
880 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «إِذَا عَطَسَ أحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللهَ فَشَمِّتُوهُ، فَإنْ لَمْ يَحْمَدِ الله فَلاَ تُشَمِّتُوهُ». رواه مسلم.
881 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: عَطَسَ رَجُلانِ عِنْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقَالَ الَّذِي لَمْ يُشَمِّتْهُ: عَطَسَ فُلانٌ فَشَمَّتَّهُ، وَعَطَسْتُ فَلَمْ تُشَمِّتْنِي؟ فَقَالَ: «هَذَا حَمِدَ الله، وَإنَّكَ لَمْ تَحْمَدِ الله». متفقٌ عَلَيْهِ.
882 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، وَخَفَضَ - أَوْ غَضَّ - بِهَا صَوْتَهُ. شك الراوي. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
883 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ اليَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْجُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: يَرْحَمُكُم الله، فَيَقُولُ: «يَهْدِيكُم اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح».
884 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَثَاءبَ أحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ؛ فَإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- العطاس يدل على الخفة والنشاط، فلهذا كان محبوباً إلى الله، وكان مشروعًا للإنسان إذا عطس أن يقول: الحمد لله؛ لأنها نعمة أعطيها فليحمد الله عليها، إذا عطس سواءً، أكان في الصلاة، أو خارج الصلاة، في أي مكان كان.
- العلماء رحمهم الله يقولون: إذا عطس، وهو في الخلاء، فلا يقول بلسانه: (الحمد لله)، ولكن يحمد بقلبه؛ لأنهم يقولون رحمهم الله: إن الإنسان لا يذكر الله في الخلاء، فإذا عطس الإنسان وحمد الله، كان حقاً على كل من سمعه، أن يقول له: (يرحمك الله)، فيدعو له بالرحمة، جزاءً له على حمده لله عز وجل.
- قوله: (كان حقاً على كل من سمعه) ظاهره أنّه يجب على كل السامعين بأعيانهم، ويؤيده قوله في الحديث الآخر (إذا عطس فحمد الله فشمتوه)، وذهب بعض العلماء إلى أن تشميت العاطس، فرض كفاية، يعني إذا قال واحد من الجماعة يرحمك الله كفى، لكن الاحتياط أن يشمته، أي يدعو له بالرحمة، كل من سمعه كما جاء في الحديث.
- إذا عطس إنسان، ولم يحمد الله فلا تقل له: يرحمك الله، ولكن هل نذكره فنقول له: قل الحمد لله؟ لا، الحديث هذا يدل على أنّك لا تذكره، فلم يقل النبي ﷺ في الحديث إذا عطس ولم يحمد الله فذكروه، بل قال: (لا تشمتوه) فنحن لا نقل: احمد الله، ولكن فيما بعد علينا أن نخبره أن الإنسان إذا عطس عليه أن يقول (الحمد لله) ويكون ذلك من باب التعليم.
- لابد أن يكون حمد العاطس مسموعاً، كما أن العاطس إذا قيل له: يرحمك الله، يقول: (يهديكم الله ويصلح بالكم) أي يصلح شأنكم، فتدعو له بالهداية وإصلاح الشأن، وبعض العامة يقول: (يهدينا و يهديكم الله) وهذا خلاف المشروع.
- التثاؤب من الشيطان، ولهذا كان الله يكرهه؛ لأن التثاؤب يدل على الكسل، ولهذا يكثر التثاؤب فيمن كان فيه نوم، ولأجل أنه يدل على الكسل، كان الله يكرهه، فإذا جاءك التثاؤب، فإن استطعت أن تكظمه وتمنعه فهذا هو السنة، وهذا هو الأفضل، وإن لم تقدر فضع يدك على فمك.
- الإنسان إذا تثاءب ضحك الشيطان منه؛ لأنه يعرف أن هذا يدل على كسله وعلى فتوره، والشيطان يحب من بني آدم أن يكون كسولًا فتوراً، أعاذنا الله وإياكم منه، ويكره الإنسان النشيط الجاد، الذي يكون دائماً في حزم وقوة ونشاط.
- اشتهر عند بعض الناس أن الإنسان إذا تثاءب يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فهذا لا أصل له، والعبادات مبنية على الشرع لا على الهوى، التثاؤب ليس فيه إلا سنة فعلية فقط، وهي الكظم ما استطعت، فإن لم تقدر فضع يدك على فمك.
قال ابن باز ﵀:
- العطاس نعمة من الله، يُحبها جل وعلا، لما فيها من الفائدة للمؤمن إذا عطس، ويكره التَّثاؤب؛ لأنه من الشيطان، يدل على شيءٍ من الكسل، فإذا تثاءَب أحدُكم فليضع يدَه على فيه، هذه هي السنة، والسنة، مَن عطس يحمد الله، والمُشَمِّت يقول: "يرحمك الله"، وهو يقول: "يهديكم الله ويُصلح بالكم"، وإذا لم يحمد الله لم يُشَمَّت، هذه المسألة التي تعمّ بها البلوى كثيرًا.
- الكافر إذا عطس عند المسلم، وحمد الله، يقول له: "يهديكم الله ويُصلح بالكم"؛ لأنهم في حاجةٍ إلى الهداية من كفرهم وضلالهم.

باب استحباب المصافحة عِنْدَ اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح وتقبيل ولده شفقة ومعانقة القادم من سفر وكراهية الانحناء


885 - عن أَبي الخطاب قتادة، قَالَ: قُلْتُ لأَنَسٍ: أكَانَتِ المُصَافَحَةُ في أصْحَابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ. رواه البخاري.
886 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا جَاءَ أهْلُ اليَمَنِ، قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «قَدْ جَاءكُمْ أهْلُ اليَمَنِ» وَهُمْ أوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالمُصَافَحَةِ . رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
887 - وعن البراءِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُسْلِمَينِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا». رواه أَبُو داود.
قال ابن عثيمين ﵀:
- هل يسن للرجل إذا لقي أخاه أن يصافحه؟ والجواب: نعم يسن له ذلك؛ لأن هذا من آداب الصحابة ﵃، ويصافحه باليد اليمنى، وإذا حصل ذلك فإنه يغفر لهما قبل أن يفترقا، وهذا يدل على فضيلة المصافحة إذا لاقاه، وهذا إذا كان لاقاه ليتحدث معه، أو ما أشبه ذلك، أما مجرد الملاقاة في السوق فما كان هذا من هدي الصحابة، يعني إذا مررت بالناس في السوق، يكفي أن يسلم عليهم، وإذا كنت تقف إليه دائمًا، وتتحدث إليه بشيء فصافحه.
- ينبغي أن نعرف أنّ بعض الناس، إذا سلم من الصلاة، إذا كانت فرضًا صافح أخاه، وأحياناً يقول: قبول، وهذا من البدع، فما كان الصحابة يفعلون هذا، وإنما يكفي أن يسلم المصلي عن يمينه وعن يساره.

888 - وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ اللهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أخَاهُ، أَوْ صَدِيقَهُ، أينحَنِي لَهُ؟ قَالَ: «لاَ». قَالَ: أفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ؟ قَالَ: «لاَ» قَالَ: فَيَأخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن».
قال ابن عثيمين ﵀:
- الانحناء عند الملاقاة أو المعانقة والالتزام، النبي ﷺ سئل عن ذلك، أننحني؟ قال: لا. قال السائل: أيلتزمه ويعانقه، قال: لا، فإذا لاقاه فإنه لا يلتزم، أي لا يضمه إليه، ولا يعانقه، ولا ينحني له، والانحناء أشد وأعظم؛ لأن فيه نوعاً من الخضوع لغير الله ﷿، بمثل ما يفعل لله في الركوع فهو منهي عنه، ولكنه يصافحه وهذا كاف، إلا إذا كان هناك سبب فإن المعانقة أو التقبيل لا بأس به، كأن كان قادماً من سفر أو نحو ذلك.
- إن قال قائل كيف يكون قول الرسول ﷺ لا ينحني له مع قول الله تعالى في إخوة يوسف: ﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًاۖ﴾ [يوسف: 100]، فالجواب عن هذا: أنه في شريعةٍ سابقة، وشريعتنا الإسلامية قد نسخته، ومنعت منه، فلا يجوز لأحد أن يسجد لأحد، وإن لم يُرد بذلك العبادة، أو ينحني، فإن الانحناء منع منه الرسول ﷺ.
- إذا قابلك أحد يجهل هذا الأمر وانحنى لك، فانصحه وأرشده، قل له: هذا ممنوع لا تنحن ولا تخضع إلا لله وحده، وتقبيل اليد لا بأس به إذا كان الرجل أهلاً لذلك.

889 - وعن صَفْوَانَ بن عَسَّالٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النَّبيِّ، فَأتَيَا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَألاهُ عَنْ تِسْعِ آياتٍ بَيِّنَاتٍ ... فَذَكَرَ الْحَدِيث إِلَى قَوْلهِ: فقَبَّلا يَدَهُ وَرِجْلَهُ، وقالا: نَشْهَدُ أنَّكَ نَبِيٌّ. رواه الترمذي وغيره بأسانيد صحيحةٍ.
890 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قِصَّة، قَالَ فِيهَا: فَدَنَوْنَا مِنَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَّلْنَا يَدَه. رواه أَبُو داود.
891 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ المَدِينَةَ وَرسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بَيتِي، فَأتَاهُ فَقَرَعَ البَابَ، فَقَامَ إِلَيْهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجُرُّ ثَوْبَهُ، فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ. رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن».
قال ابن عثيمين ﵀:
- أقرَّ النبي ﷺ هذين الرجلين لما قبلا يده ورجله، وفي هذا جواز تقبيل اليد والرجل، للإنسان الكبير الشرف والعلم، كذلك تقبيل اليد والرجل من الأب والأم، وما أشبه ذلك؛ لأن لهما حقاً، وهذا من التواضع.
- تقبيل اليد كتقبيل الرأس ليس بينهما فرق، لكن عجبًا أن الناس الآن يستنكرون تقبيل اليد، أكثر من استنكارهم تقبيل الرأس، وهو لا فرق بينهما، لكن الذي يُنتقد من بعض الناس أنه إذا سلم عليه أحد، مدَّ يده إليه، وكأنه يقول: قبل يدي، فهذا هو الذي يستنكر، ويقال للإنسان عندئذ لا تفعل، أما من يقبل يدك تكريماً وتعظيمًا، أو رأسك أو جبهتك فهذا لا بأس به؛ إلا أن هذا لا يكون في كل مرة يلقاك؛ لكن إذا كان لسبب، فلا بأس للغائب، ففي قدوم زيد بن حارثة حين جاء إلى النبي ﷺ واستأذن، فقام الرسول ﷺ إليه يجر ثوبه، فعانقه وقبله؛ لأن زيداً ﵁ كان قادماً من سفر، فإذا كان عند القدوم من السفر فهذا لا بأس به، أما كلما لاقاك يقبلك فهذا نهى عنه الرسول ﷺ.
قال ابن باز ﵀:
- شرعية المعانقة والتَّقبيل، إذا رأى المصلحة في ذلك لليد أو الرّجل، أما السنة العامَّة فهي المصافحة عند اللّقاء، وإذا قدم من سفرٍ فالمعانقة، وفي هذا أنَّ جماعةً من اليهود أتوا النبيَّ ﷺ فسألوه، فلما أجابهم قبّلوا يده ورجله ﷺ، فأقرَّهم على ذلك، فهذا يدل على جواز تقبيل اليد والرّجل من المسلّم عليه والمسلّم، إذا رأى المصلحة في ذلك: ككونه عالماً، أو والدًا، أو جدًّا، أو ما أشبه ذلك، ممن يرى في ذلك احترامًا له وتكبيرًا لشأنه.
- فيه جواز التقبيل عند اللّقاء، وعند القدوم من السفر، السنة الدائمة الغالبة هي المصافحة عند اللّقاء، والمعانقة عند القدوم من السفر، وإذا زاد على هذا بأن قبَّل بعضَ الأحيان فلا بأس، من غير غلوٍّ.

892 - وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «لا تَحقِرَنَّ منَ الْمَعرُوف شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- أوصى النبي ﷺ أن الإنسان لا يحقر من المعروف شيئاً، يعني المعروف والإحسان إلى الناس، لا تحقر شيئاً منه أبداً، وتقول: هذا قليل، حتى ولو أعطيته قلماً، أو شيئاً قليل القيمة ماديًا، فكل شيء يجلب المودة والمحبة بين الناس لا تحقره، ولهذا قال الرسول ﷺ: (لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق)، إلى هذا الحد تلقى أخاك بوجه طليق، يعني غير عبوس.
- قد يكون هناك أسباب خفية، يكون الإنسان مثلاً متأثراً بها، والناس لا يعلمون، فلا يحصل أن يلقى الإنسان الناس دائماً بوجه طليق، إنما عليك المحاولة أن تلقاهم بوجه طليق منشرح؛ لأن هذا من المعروف، وسبب للمودة والمحبة، والدين الإسلامي دين المحبة والوفاء والأخوة.

893 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَبَّلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الحَسَنَ بنَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما، فَقَالَ الأقْرَعُ بن حَابِسٍ: إنَّ لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَدًا. فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ!». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله والعياذ بالله، ولا يوفقه لرحمة، فدلَّ ذلك على جواز تقبيل الأولاد الصغار، رحمة وشفقة؛ لأن هذا يوجب الرحمة وأن لديك قلباً يرحم الصغار.
- كلما كان الإنسان بعباد الله أرحم، كان إلى رحمة الله أقرب، حتى إن الله ﷿ غفر لامرأة بغي زانية، غفر لها حين رحمت كلباً يأكل الثرى من العطش، فنزلت وأخذت بخفها ماء، وسقته، فغفر الله لها، مع أنها سقت ورحمت كلباً، ولكن إذا جعل الله في قلب الإنسان رحمة لهؤلاء الضعفاء فذلك دليلٌ على أنه سوف يُرحم بإذن الله ﷿.
- ينبغي للإنسان أن يجعل قلبه ليناً، عطوفاً، رحيماً، خلاف ما يفعله بعض السفهاء من الناس، حتى إنه إذا دخل الصبي عليه، انتهره ونهزه، فهذا خطأ، ينبغي لنا أن نعود أنفسنا على رحمة الصبيان، وعلى رحمة كل من يحتاج الرحمة، من اليتامى والفقراء والعاجزين، وغيرهم وأن نجعل في قلوبنا رحمة، ليكون ذلك سبباً لرحمة الله إيانا؛ لأننا أيضا محتاجون إلى الرحمة، ورحمتنا لعباد الله سبب لرحمة الله لنا، نسأل الله أن يعمنا وإياكم برحمته.
قال ابن باز ﵀:
- الحثِّ على إفشاء السلام، والمصافحة، والتقبيل عند الحاجة، ورحمة الصغير، كل ذلك مشروعٌ، كما بيَّنه النبيُّ ﷺ، فالأخذ باليد، وبسط الوجه، وتقبيل الصغير، وتقبيل الكبير أيضًا بين عينيه، أو على رأسه، أو على أنفه، وتقبيل يديه ورجليه، إذا دعت الحاجةُ إلى ذلك لمصلحةٍ شرعيةٍ؛ لا بأس، كما فعل الصحابةُ ﵃ وأرضاهم، والمهم في هذا التَّواضع، وبسط السلام، والمصافحة، وطلاقة الوجه، وعدم التَّكبر.