باب تلقين المحتضر: لا إله إِلاَّ اللهُ


917 - عن معاذ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ آخِرَ كَلامِهِ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ». رواه أَبُو داود والحاكم، وقال: «صحيح الإسناد».
918 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- المحتضر هو الذي حضرت الملائكة لقبض روحه.
- قال العلماء: فيلقنه برفق لا يأمره لا يقل قل لا إله إلا الله لأنه ربما إذا أمره وهو في هذه الحال قد ضاق صدره وقد ضاقت عليه الدنيا فيقول لا لأنك لا تتصور ضيق الصدر في هذه الحالة، فتذكر الله عنده تقول لا إله إلا الله ترفع صوتك بهذا ليسمع فربما يمن الله عليه فيستحضر أنك تلقنه فيقولها.
- حتى إذا كان الإنسان والعياذ بالله كافرا مرتدا فهو يلقن كما فعل رسول الله ﷺ مع عمه أبي طالب، ولا بأس أن تكون بصيغة الأمر: (قل لا إله إلا الله) فإن من الله عليه وقالها فبها ونعمت وإن لم يقل فهو كافر.

باب مَا يقوله بعد تغميض الميت


919 - عن أُم سلمة رضي الله عنها، قالت: دَخَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَبي سَلَمة وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فَأغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ، تَبِعَهُ البَصَرُ» فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أهْلِهِ، فَقَالَ: «لاَ تَدْعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ إِلاَّ بِخَيْرٍ، فَإنَّ المَلاَئِكَةَ يَؤمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَة، وَارْفَعْ دَرَجَتْهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الدلالة على أن ّالروح شيء يُرى، لأنها جسم ولكنه ليس كأجسامنا هذه فأجسامنا غليظة، لكن الروح جسم لطيف يجري من ابن آدم مجرى الدم وليس مخلوقا من طين بل من مادة الله أعلم بها ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [الإسراء: 85].
- كانوا في الجاهلية إذا حصل مثل هذا يدعون على أنفسهم بالويل والثبور والعياذ بالله يقولون يا ويلاه يا ثبوراه وما أشبه ذلك فقال ﷺ: (لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون).
- إنّ الله ﷿ خلف أبي سلمة ﵁ في عقبه؛ لأنّ زوجته تزوجها النبي ﷺ وأولاده صاروا ربائب للنبي ﷺ وتربوا في بيته، وأما الأربعة الباقية فإننا نرجو الله أن يكون قد قبل دعوة نبيه ﷺ في هذا الرجل الصالح.
- ينبغي لمن حضر الميت إذا خرجت روحه وانفتح بصره أن يغمضه مادام حارا؛ لأنّه إذا برد وعيناه شاخصتان بقيتا شاخصتين، قال العلماء: وينبغي أيضا أن يلين مفاصلة قبل أن تبرد وتشكل، وذلك بأن يرد ذراعه إلى عضده وعضده إلى صدره ثم يمد يده ويرد الساق إلى الفخذ والفخذ إلى البطن، ثم يمدها عدة مرات حتى تلين ليسهل تغسيله وتكفينه.

باب ما يقال عند الميت وَمَا يقوله من مات له ميت


920 - عن أُم سَلَمة رضي اللهُ عنها، قالت: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا حَضَرتُمُ المَرِيضَ أَو المَيِّتَ، فَقُولُوا خَيْرًا، فَإنَّ المَلائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ»، قالت: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سلَمة، أتَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يَا رسولَ الله، إنَّ أَبَا سَلَمَة قَدْ مَاتَ، قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ، وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً» فقلتُ، فَأعْقَبنِي اللهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ: مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم هكَذا: «إِذَا حَضَرتُمُ المَريضَ، أَو المَيِّتَ»، عَلَى الشَّكِّ، ورواه أَبُو داود وغيره: «الميت» بلا شَكّ.
921 - وعنها، قالت: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مَا مِنْ عَبْدٍ تُصيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ: إنّا للهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أُجِرْنِي في مُصِيبَتي وَاخْلُفْ لِي خَيرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَجَرَهُ اللهُ تَعَالَى في مُصِيبَتِهِ وَأخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا» قالت: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَة قلتُ كَمَا أمَرَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْلَفَ اللهُ لِي خَيْرًا مِنْهُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
922 - وعن أَبي موسى - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فيقولونَ: نَعَمْ. فيقولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَة فُؤَادِهِ؟ فيقولونَ: نَعَمْ. فيقولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فيقولونَ: حَمدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فيقول اللهُ تَعَالَى: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا في الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ». رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن».
قال ابن عثيمين ﵀:
- الحمد عند المصائب مما يدل على صبر الإنسان على قضائه وقدره، وأنه صبر فأثنى على الله بصبره على هذه المصيبة، وكان النبي ﷺ إذا أصابه ما يكره قال: الحمد لله على كل حال وإذا أصابه ما يسره قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

923 - وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يقولُ اللهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤمِن عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أهْل الدُّنْيَا، ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الجَنَّةَ». رواه البخاري.
924 - وعن أسَامَة بن زَيدٍ رضي اللهُ عنهما، قَالَ: أرْسَلَتْ إحْدى بَنَاتِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِ تَدْعُوهُ وَتُخْبِرُهُ أنَّ صَبِيًّا لَهَا - أَوْ ابْنًا - في المَوْتِ فَقَالَ للرسول: «ارْجِعْ إِلَيْهَا، فَأخْبِرْهَا أنَّ للهِ تَعَالَى مَا أخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأجَلٍ مُسَمّى، فَمُرْهَا، فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ» ... وذكر تمام الحديث. متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- ينبغي للإنسان في تعزية أخيه أن يقول له هذه الكلمات فهي أحسن ما يعزى به (إنّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى اصبر واحتسب).