باب الحث عَلَى صلاة الوتر وبيان أنه سنة مؤكدة وبيان وقته


1132 - عن عليٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: الوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَصَلاَةِ المَكْتُوبَةِ، وَلَكِنْ سَنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فَأَوْتِرُوا يَا أهْلَ القُرْآنِ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن».
1133 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَمِنْ أوْسَطِهِ، وَمِنْ آخِرِهِ، وَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ. متفقٌ عَلَيْهِ.
1134 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا». متفقٌ عَلَيْهِ.
1135 - وعن أَبي سعيد الخدري - رضي الله عنه: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا». رواه مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- الوتر ينتهي وقته بطلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فلا وتر، حتى ولو بين أذان الفجر والإقامة لا وتر، ولكن إذا طلع الفجر والإنسان لم يوتر، فإنه يصلي في النهار شفعًا، إن كان يوتر بثلاث صلى أربعًا، إن كان يوتر بخمس صلى ستًا، إن كان يوتر بسبع صلى ثماني، لقول عائشة ﵂: (كان النبي ﷺ إذا غلبه نوم أو وجع، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة).
- اعلم أنّ الوتر له صفات: الصفة الأولى: أن يوتر بواحدة فقط، وهذا جائز، ولا يكره الوتر بها، الصفة الثانية: أن يوتر بثلاث، وله الخيار، إن شاء سلم من الركعتين، ثم أتى بالثالثة، وإن شاء سردها سردًا بتشهد واحد، الصفة الثالثة: أن يوتر بخمس، فيسردها سردًا لا يتشهد إلا في آخرها، الصفة الرابعة: أن يوتر بسبع، فيسردها سردًا لا يتشهد إلا في آخرها، الصفة الخامسة: أن يوتر بتسع، فيسردها سردًا لكن يتشهد بعد الثامنة، ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة ويسلم، الصفة السادسة: أن يوتر بإحدى عشرة، فيسلم من كل ركعتين، ويوتر بواحدة، هذه صفة الوتر.
- الوتر سنة مؤكدة، ومن العلماء من أوجبه، فلا تضيع الوتر، ثم إن كنت ترجو أنك ستوتر من آخر الليل فاجعل الوتر في آخر الليل، وإن كنت تخاف ألا تقوم، فاجعل الوتر من أول الليل، لا تنم إلا موترا، ولهذا أوصى النبي ﷺ أبا هريرة أن يوتر قبل أن ينام؛ لأن أبا هريرة ﵁ كان يقرأ أحاديث الرسول ﷺ في أول الليل، وينام في آخره، فأمره النبي ﷺ أن يوتر قبل أن ينام.
- الوتر سنة في الحضر والسفر، حتى في السفر لا تتركه، ومن ذلك ليلة المزدلفة فإن الإنسان إذا صلى العشاء فإنه يصلي المغرب والعشاء جمعًا ثم يوتر، وإن كان جابر ﵁ لم يذكره في حديثه، لكن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وأن الرسول ﷺ لا يدع الوتر حضرًا ولا سفرًا.
قال ابن باز ﵀:
- الوتر سنة مؤكدة للرجال والنساء، في السفر والحضر، ليلاً بعد صلاة العشاء، إلى طلوع الفجر، يستحب للمؤمن والمؤمنة الإيتار بركعة، أو أكثر، بعد صلاة العشاء، وسُنَّتها في أول الليل، أو في وسط الليل، أو في آخره، كله سنة، ولكن الأفضل في آخر الليل، في الثلث الأخير، وإن أوتر في جوف الليل، أو في أول الليل كله حسن. لقوله ﷺ: (اجعلوا آخر صلاتكم باللّيل وتراً)، السنة أن يكون الوتر هو الآخر، يختم بواحدة، يتهجد ويصلي ما قد قسم الله له، ثم يوتر بواحدة، يقرأ فيها الحمد، و﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾، هذا هو السُّنَّة.

1136 - وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي صَلاَتَهُ باللَّيْلِ، وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإذَا بَقِيَ الوِتْرُ، أيْقَظَهَا فَأوْتَرتْ. رواه مسلم.
وفي روايةٍ لَهُ: فَإذَا بَقِيَ الوِتْرُ، قَالَ: «قُومِي فَأوتِري يَا عائِشَةُ».
قال ابن باز ﵀:
- كان ﷺ يتهجد بالليل، وعائشة ﵂ أمامه معترضة في فراشها، (فإذا بقي الوتر، أيقظها فأوترت)، فدل هذا على أنه لا بأس أن يصلي الإنسان وأمامه أحد، لا حرج، لا يضره ذلك، لكن لا يدعه أن يمر بين يديه، يجعل له سترة حتى لا يمر بين يديه أحد، هذه السُّنَّة.

1137 - وعن ابن عمرَ رضي الله عنهما: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَادِرُوا الصُّبْحَ بِالوِتْرِ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح» .
1138 - وعن جابر - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: «مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَلْيُوتِرْ أوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيلِ، فَإنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وذَلِكَ أفْضَلُ». رواه مسلم.
قال ابن باز ﵀:
- المؤمن بحمد الله موسع له يصلي ما يسر الله له، وصلاة آخر الليل أفضل لمن تيسر له ذلك، ومن خاف أوتر من أول الليل، قد أوصى النبي ﷺ أبا هريرة وأبا الدرداء بالإيتار في أول الليل، والظاهر، والله أعلم، أن أسباب ذلك أنهم يسهرون في الليل يدرسون الحديث، يخشون ألا يقوموا في آخر الليل، فأوصاهم النبي بالوتر قبل النوم، وهكذا كل إنسان له شغل في أول الليل ويخشى ألا يقوم من آخر الليل يوتر في أوله بما يسر الله له، ثلاثاً أو خمساً أو أكثر، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة.
- الوتر سنة مؤكدة، ومحله الليل، وأقله ركعة واحدة، ومحله بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، كان أولاً يصلي في أول الليل، ثم صار يصلي في جوف الليل، ثم استقر وتره في آخر الليل في وقت تنزل الله عزوجل، لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن النبي ﷺ: (ينزل ربّنا تبارك وتعالى كلّ ليلةٍ إلى السّماء الدّنيا حين يبقى ثلث اللّيل الآخر، يقول: من يدعونِي فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرنِي فأغفر له)، فهذا يدل على أنّ التهجد في آخر الليل في الثلث الأخير له فضل عظيم؛ لأنه يصادف هذه الساعة المباركة التي فيها التَّنزل الإلهي، وهذا التَّنزل يليق بالله لا يشابه خلقه في شيء من صفاته ولا يعلم كيفيته إلا هو، استواؤه على العرش ونزوله آخر الليل، كل هذه الصفات تليق بالله، لا يشابهه خلقه، أهل السنة يقولون فيها: نثبتها بلا كيف، استوى على العرش بلا كيف، ينزل إلى السماء الدنيا بلا كيف، كما يشاء الله نزولاً واستواء يليقان بجلاله، وهكذا بقية الصفات.

باب فضل صلاة الضحى وبيان أقلها وأكثرها وأوسطها، والحث عَلَى المحافظة عَلَيْهَا


1139 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: أوْصَانِي خَلِيلي - صلى الله عليه وسلم - بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَي الضُّحَى، وَأنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أرْقُدَ. متفقٌ عَلَيْهِ.
وَالإيتَارُ قَبْلَ النَّوْمِ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لاَ يَثِقُ بِالاسْتِيقَاظِ آخِرَ اللَّيْلِ فَإنْ وَثِقَ، فَآخِرُ اللَّيْلِ أفْضَلُ.
قال ابن عثيمين ﵀:
- صلاة الضحى هي: ركعتان أو أكثر، تفعلان من ارتفاع الشمس قدر رمح، إلى قبيل الزوال، وارتفاع الشمس قدر رمح يكون بمقدار ربع ساعة أو نحوها بعد طلوع الشمس، فمن ثم يبدأ وقت صلاة الضحى إلى أن يبقى على الزوال عشر دقائق أو قريب منها، كل هذا وقت لها، لكن فعلها في آخر الوقت أفضل، لقول النبي ﷺ: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، والفصال: أولاد النوق، وترمض يعني: تشتد عليها الرمضة، وهذا في آخر الوقت.
- صلاة الضحى من الصلوات التي يسن تأخيرها، ونظيرها في الفرائض، صلاة العشاء، فإن صلاة العشاء لها أن تؤخر في آخر وقتها، إلا إذا شق على الناس.
- صلاة الضحى مما عهد النبي ﷺ إلى بعض أصحابه، عهد بها إلى أبي هريرة، وأبي الدرداء، وأبي ذر ﵁.
- (صيام ثلاثة أيام من كل شهر) لم يعين وقتها من الشهر، ولهذا قالت عائشة ﵂: (كان النبي ﷺ يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، لا يبالي أصامها من أول الشهر أو وسطه أو آخره) ولا فرق بين أن تكون متوالية، يعني متتابعة، أو متفرقة، كلها يحصل بها الأجر، لكن أفضل هذه الأيام الثلاثة أيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.
- (أن توتر قبل أن تنام) وإنما أوصاه بالوتر قبل أن ينام؛ لأن أبا هريرة ﵁ كان يدرس في أول الليل أحاديث رسول الله ﷺ، فلا ينام إلا متأخرا، ويخشى ألا يقوم من آخر الليل، فلهذا أوصاه أن يوتر قبل أن ينام.
قال ابن باز ﵀:
- صلاة الضحى سنة مؤكدة وأقلها ركعتان، وقد أوصى ﷺ أبا هريرة أن يصلي الضحى ركعتين، ومن زاد زاد أجره، أربع، أو ست، أو ثمان، أو أكثر، كله خير، صلى النبي ﷺ ثمانياً يوم الفتح، وقالت عائشة ﵂: "كان النبي ﷺ يصلّي الضّحى أربعاً، ويزيد ما شاء الله".
- صيام ثلاثة أيام من كل شهر، إن صام أيام البيض كان أفضل، وإلا فهي مجزئة في جميع الشهر، ثلاثة أيام، ولو مفرقة.
- السنة أن يوتر قبل النوم إذا كان لا يثق بنفسه، يخشى ألا يقوم، وأما من كانت عادته القيام آخر الليل ويستطيع فهذا أفضل. ولهذا قال ﷺ في حديث جابر: (من خاف أن لا يقوم من آخر اللّيل فليوتر أوّله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر اللّيل، فإنّ صلاة آخر اللّيل مشهودةٌ، وذلك أفضل).

1140 - وعن أَبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يُصْبحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدكُمْ صَدَقَةٌ: فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى». رواه مسلم.
1141 - وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي الضُّحَى أرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ الله. رواه مسلم.
1142 - وعن أُمِّ هَانِىءٍ فاختة بنت أَبي طالب رضي الله عنها، قالت: ذَهَبْتُ إِلَى رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ، صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، وَذَلِكَ ضُحىً. متفقٌ عَلَيْهِ. وهذا مختصرُ لفظِ إحدى روايات مسلم.
قال ابن عثيمين ﵀:
- ذكر العلماء السابقون ﵏ أنّ في كل إنسانٍ ثلاث مئة وستين مفصلاً، كل مفصل يطالبك كل يوم بصدقة؛ لأنّ الذي أحياه وأمده وعافاه، له عليك منة وفضل، كل يوم كل عضو يطالبك بصدقة، لكنها ليست بصدقة مال، بل هي كل ما يقرب إلى الله من قول أو عمل أو بذل مال أو غير ذلك ، فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، فكل ما يقرب إلى الله فهو صدقة، ومثل هذا يسير على المرء أن يؤدي ثلاثمائة وستين صدقة كل يوم، قال: (ويجزئ من ذلك) يعني بدلا عن ذلك، يجزئ ركعتان يركعهما في الضحى، هذه نعمة كبيرة بدلا من أن تطالب عن كل عضو من أعضائك بصدقة يكفيك أن تصلي ركعتين من الضحى.
- يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يواظب على ركعتي الضحى حضرًا وسفرًا، ولكن هل لها عدد معين؟ نقول إن أقلها ركعتان، وأما أكثرها فما شاء الله، لو تبقى تصلي كل الضحى، فأنت على خير ولهذا تقول عائشة ﵂: (كان النبي ﷺ يصلي من الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله)، ولم تحدد.
- وأما قول من قال: إن أكثرها ثمان، ففيه نظر، لأن حديث أم هانئ في فتح مكة: أن رسول الله ﷺ صلى ثماني ركعات، لا يدل على أن هذا هو أعلاه، فقد وقع اتفاقا وما يقع اتفاقا ليس فيه دليلٌ على الحصر.
وعلى هذا فنقول: أقلها ركعتان ولا حد لأكثرها، صل ما شئت، لكن كان النبي ﷺ يصلي أربعاً وربما صلى ثماني فينبغي للإنسان أن يغتنم عمره بصالح الأعمال لأنّه سوف يندم إذا جاءه الموت أن أمضى ساعة من دهره لا يتقرب بها إلى الله، كل ساعة تمر عليك وأنت لا تتقرب إلى الله بها فهي خسارة لأنّها راحت عليك لم تنتفع بها.

باب تجويز صلاة الضحى من ارتفاع الشمس إِلَى زوالها والأفضل أن تُصلَّى عِنْدَ اشتداد الحر وارتفاع الضحى


1143 - عن زيد بن أَرْقَم - رضي الله عنه: أنَّهُ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنَ الضُّحَى، فَقَالَ: أمَا لَقَدْ عَلِمُوا أنَّ الصَّلاَةَ في غَيْرِ هذِهِ السَّاعَةِ أفْضَلُ، إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاَةُ الأَوَّابِينَ حِيْنَ تَرْمَضُ الفِصَالُ». رواه مسلم.
«تَرْمَضُ» بفتح التاء والميم وبالضاد المعجمة، يعني: شدة الحر.
وَ «الفِصَالُ» جَمْعُ فَصِيلٍ وَهُوَ: الصَّغيرُ مِنَ الإبِلِ.
قال ابن باز ﵀:
- وقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح، إلى الزوال، فإذا زالت إلى المغرب أي مالت، دخل وقت صلاة الظهر، لكن أفضلها أن يكون في شدة الضحى، ولو صلاها بعد ارتفاع الشمس حصل المطلوب؛ لكن إذا صلاها عند شدة الضحى قبل الظهر بساعة أو نحو ذلك، لقوله ﷺ: (صلاة الأوّابينَ حين ترمض الفصال)؛ يعني: المطيعين الله، الرجاعين إليه، (حين ترمض الفصال) يعني: حين يشتد حر الشمس، هذا هو الأفضل.

باب الحث عَلَى صلاة تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل أن يصلي ركعتين في أي وقت دخل وسواء صلَّى ركعتين بنية التَّحِيَّةِ أَوْ صلاة فريضة أَوْ سنة راتبة أَوْ غيرها


1144 - عن أَبي قتادة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1145 - وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ في المَسْجِدِ، فَقَالَ: «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ». متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن باز ﵀:
- تحية المسجد سنة، من دخل المسجد يصلي ركعتين سواء كان فريضة، أو راتبة، أو نافلة، إذا جاء وقد أقيمت صلاة الفجر، كفت صلاة الفجر عن تحية المسجد، صلاة الفجر تكفي، المقصود أن يصلي شيئاً قبل أن يجلس، فإن كان صلى الفريضة كفت، صلى راتبة كفت، أو صلى ركعتين للتطوع، وإن صلاها بنية سنة الوضوء والتحية سدت عن الجميع، حتى لو دخل والإمام يخطب يوم الجمعة، يصلي ركعتين، ثم يجلس للخطبة، ولما رأى النبي ﷺ رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي ﷺ يخطب، قال: قم فصل ركعتين.

باب استحباب ركعتين بعد الوضوء


1146 - عن أَبي هريرة - رضي الله عنه: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِبِلاَلٍ: «يَا بِلاَلُ، حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإسْلاَمِ، فَإنِّي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ في الجَنَّةِ» قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أرْجَى عِنْدي مِنْ أَنِّي لَمْ أتَطَهَّرْ طُهُورًا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّي . متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري.
«الدَّفُّ» بالفاءِ: صَوْتُ النَّعْلِ وَحَرَكَتُهُ عَلَى الأَرْضِ، واللهُ أعْلَم.