١٦- بابٌ: مَتى يَسْجُدُ مَن خَلف الإمام، ووعيدُ مَن رَفَعَ رأْسَهُ قَبْلَهُ


٣٥٥. [ق] عَنْ عبدِ الله بن يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي البَرَاءُ ﵁-وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ ظَهْرَهُ، حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ ﷺ سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ. [خ:٦٩٠]
٣٥٦. [ق] وعَنْ أبي هُريرة ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَمَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ -أَوْ: ألَا يَخْشَى أَحَدُكُمْ- إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ، أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ». [خ:٦٩١]

١٧- باب/ لَا يَلْزم الإمام أنْ ينوي الإمامة، وأمرُه بالتَّخفيف، ومراعاة حالِ مَن خلفَه


٣٥٧. [ق] عَنِ ابْن عَباس ﵄ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ أُصَلِّي مَعَهُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَني بِرَأْسِي، فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ. [خ:٦٩٩]
٣٥٨. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيْهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ». [خ:٧٠٣]
٣٥٩. [ق] وعَنْ أنسٍ ﵁ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُوجِزُ الصَّلَاةَ وَيُكْمِلُهَا. [خ:٧٠٦]
٣٦٠. وعَنْ أبي قَتادةَ ﵁، عَنِ النَّبيِّ ﷺ قال: «إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ». [خ:٧٠٧]
• [ق] ونحوه عَنْ أنسٍ وقال: «فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ». [خ:٧٠٩]
٣٦١. [ق] وعَنْ أنسِ بن مالكٍ ﵁ قال: مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ صَلَاةً وَلَا أَتَمَّ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ، وَإِنْ كَانَ لَيَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَيُخَفِّفُ؛ مَخَافَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ. [خ:٧٠٨]
1. قال النووي:« (فأخفف من شدة وجد أمه به) الوجد يطلق على الحزن وعلى الحب أيضًا وكلاهما سائغ هنا، والحزن أظهر أي من حزنها واشتغال قلبها به».
2. قال النووي: «في الحديث دليل على الرفق بالمأمومين وسائر الأتباع ومراعاة مصلحتهم، وألا يدخل عليهم ما يشق عليهم، وإن كان يسيرًا من غير ضرورة».
3. قال النووي: «وفيه جواز صلاة النساء مع الرجال في المسجد، وأن الصبي يجوز إدخاله المسجد وإن كان الأولى تنزيه المسجد عمن لا يؤمن منه حدث».
4. قال ابن عثيمين: «فيه أنه يجوز للمصلِّي أن يَسمع ما حوله، ولا يلزمه أن يسُدَّ أُذنَيْه، بل له أن يَسمع، لكن إن كان ما حوله يشوِّش عليه إذا سمعه فلا يصلينَّ حوله، وإنما يبعد، كما لو أراد الإنسان أن يصلِّيَ في المسجد وحوله حلقةُ ذِكرٍ أو حلقة قرآن، ويخشى أن يشوِّشوا عليه إذا دنا منهم، فليبعد، وأما إذا لم يشوشوا، فلا بأس أن يسمع، بخلاف الاستماع، فإن المصلِّي لا يستمع إلا إلى قراءة إمامه».
5. قال ابن عثيمين: «ومن فوائد الحديث أنه يجوز للمصلي أن يغيِّر نيَّتَه من تطويل إلى تخفيف أو بالعكس، إذا وُجِد سببٌ لذلك؛ لأن النبي ﷺ كان يدخل في الصلاة يريد أن يُطِيلَها فيُخفِّف».

١٨- بابُ الإِنْكارِ على الإمامِ إذا طَوَّلَ بالنَّاسِ


٣٦٢. [ق] عَنْ جابرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ﵄ قَالَ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ يَرْجِعُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَصَلَّى العِشَاءَ فَقَرَأَ بِالبَقَرَةِ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَكَأَنَّ مُعَاذًا تَنَاوَلَ مِنْهُ. [خ:٧٠١]
٣٦٣. [ق] وفي طريق أُخْرى: قال جابرٌ ﵁: أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ، فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّي، فَتَرَكَ نَاضِحَيْه وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ، فَقَرَأَ بِسُورَةِ البَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ- فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ، فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا، فَقال النَّبيُّ ﷺ: «يَا مُعَاذُ، أَفَتَّانٌ أَنْتَ -أَوَفَاتِنٌ أَنْتَ؟!-» ثَلَاثَ مرَّاتٍ «فَلَوْلَا صَلَّيْتَ بِـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى، فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الحَاجَةِ». [خ:٧٠٥]
٣٦٤. [ق] وعَنْ أبي مَسعود ﵁أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فِي/ مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالكَبِيرَ وَذَا الحَاجَةِ». [خ:٧٠٢]
تنبيه: صَلاة معاذٍ مع النَّبيِّ ﷺ كانتْ بِنِيَّةِ النَّفْلِ، وصَلاته بقومِه بنيَّة الفَرْضِ، بِدليل مَا رواه أبو بكرٍ البزَّار في «مُسنده» في حديث معاذٍ هذا، قال رسولُ الله ﷺ: «يَا معاذُ! لا تكنْ فتَّانًا، إمَّا أنْ تُخَفِّف بقومك، وإمَّا أنْ تَجعل صلاتك معي»، وظَاهره ما ذكرناه. وبدليل قوله: «إنَّما جُعِل الإمام ليؤتمَّ به، فلا تَخْتَلِفُوا عليه». وأيُّ اختلاف أعظم مِن الاخْتلاف في النيَّة، فَلا يجوز أنْ يأتمَّ المُفْتَرِضُ بالمُتَنَفِّلِ، وهُو مذهب مالك وربيعة والكوفيِّين. وقوله: (أَفَتَّانٌ أنْتَ؟!) أي: ممتحِنٌ للنَّاس وشاقٌّ عليهم بتطويل الصَّلاة.
1. قوله: (إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا) قال النووي: «فيه جواز التأخر عن صلاة الجماعة إذا علم من عادة الإمام التطويل الكثير».
2. قال النووي: «وفيه جواز ذكر الإنسان بهذا ونحوه في معرض الشكوى والاستفتاء».
3. قال ابن عثيمين: «فيه أنه ينبغي الستر على المخالف؛ لأنه قيل في الحديث: (من أجل فلان مما يطيل بنا)».
4. قوله: (فما رأيت النبي ﷺ غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ فقال: يا أيها الناس إن منكم منفرين) قال النووي: «الحديث فيه الغضب لما ينكر من أمور الدين والغضب في الموعظة».
5. قال ابن عثيمين: «فيه أنه ينبغي ألا يُذكر الرجل بعينه سواء في الموعظة أو عند الاستفتاء؛ لأن النبي ﷺ قال: (يا أيها الناس إن منكم منفرين)».
6. قال النووي: «قال العلماء: كانت صلاة رسول الله ﷺ تختلف في الإطالة والتخفيف باختلاف الأحوال، فإذا كان المأمومون يؤثرون التطويل، ولا شغل هناك له ولا لهم طوّل، وإذا لم يكن كذلك خفف، وقد يريد الإطالة ثم يعرض ما يقتضي التخفيف كبكاء الصبي ونحوه، وينضم إلى هذا أنه قد يدخل في الصلاة في أثناء الوقت فيخفف، وقيل: إنما طول في بعض الأوقات وهو الأقل، وخفف في معظمها فالإطالة لبيان جوازها والتخفيف لأنه الأفضل، وقد أمر - ﷺ- بالتخفيف وقال: (إن منكم منفرين فأيّكم صلى بالناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف وذا الحاجة) وقيل: طوّل في وقت، وخفف في وقت ليبين أن القراءة فيما زاد على الفاتحة لا تقدير فيها من حيث الاشتراط، بل يجوز قليلها وكثيرها، وإنما المشترط الفاتحة ولهذا اتفقت الروايات عليها، واختلف فيما زاد، وعلى الجملة السنة التخفيف كما أمر به النبي ﷺ للعلة التي بينها، وإنما طوّل في بعض الأوقات لتحققه انتفاء العلة فإن تحقق أحدٌ انتفاءَ العلة طوّل».
7. قال النووي: «قوله: (أفتّانٌ أنت يا معاذ)، أي: منفر عن الدين وصاد عنه، ففيه الإنكار على من ارتكب ما ينهى عنه، وإن كان مكروها غير محرم، وفيه جواز الاكتفاء في التعزير بالكلام، والتعزير على إطالتها إذا لم يرض المأمومون».

١٩- بابُ فضلِ الصَّفِّ الأوَّلِ، والأمرِ بإتمامِ الصُّفوفِ وتسويتِها، وأين تقومُ المرأةُ؟


٣٦٥. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قال: قال النَّبيُّ ﷺ: «الشُّهداء: الغَرِقُ، والمَبْطُونُ، والمَطْعُونُ، والهَدِمُ». وقال: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الصَّفِّ المُقَدَّمِ لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ». [خ:٧٢٠-٧٢١]
٣٦٦. [ق] وعَنِ النُّعمانِ بْنِ بَشِيرٍ ﵄ قَالَ: قال النَّبيُّ ﷺ: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ». [خ:٧١٧]
1. قوله: (أو ليخالفكن بين وجوهكم) قال النووي: «والأظهر والله أعلم، أن معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، كما يقال تغير وجه فلان عليّ، أي ظهر لي من وجهه كراهة لي، وتغير قلبه علي، لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن».

٣٦٧. وعَنْ أنسِ بنِ مالكٍ ﵁ قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِوَجْهِهِ فَقَالَ: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ وَتَرَاصُّوا، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي». [خ:٧١٩]
٣٦٨. [ق] وعنه، عَنِ النَّبيِّ ﷺ قال: «سَوُّوا صُفُوفَكُم؛ فَإنَّ تَسْويَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ». [خ:٧٢٣]
٣٦٩. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبيِّ ﷺ قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّفَّ، فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ». [خ:٧٢٢]
1. قوله: (سمع الله لمن حمده) قال النووي: «قال العلماء معنى (سمع) هنا أجاب، ومعناه أن من حمد الله تعالى متعرضًا لثوابه استجاب الله تعالى وأعطاه ما تعرض له فإنّا نقول ربنا لك الحمد لتحصيل ذلك».

٣٧٠. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ أَنَّهُ قَدِمَ المَدِينَةَ فَقِيلَ: مَا/ أَنْكَرْتَ مُنْذُ يَوْمِ عَهِدْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ؟ قَالَ: مَا أَنْكَرْتُ شَيْئًا إِلَّا أَنَّكُمْ لَا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ. [خ:٧٢٤]
٣٧١. [ق] وعنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي». وَكَانَ أَحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ. [خ:٧٢٥]
٣٧٢. [ق] وعَنْ أنسٍ ﵁ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ ﷺ فِي بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. [خ:٨٧١]
الغريب: (المَبْطُون): الَّذي به عِلَّة مِن عِلَل البطنِ يموت بسببها. و(المَطْعُونُ): هو المصاب بالطَّاعون، وهو الموت العامُّ، وقيل: غُدَّة كغدَّة البَعير. و(الهَدِم): الَّذي يموت تحت الهَدْم، وهو بكسر الدَّال. و(الغَرِق): وقع بغير ياءٍ، وأصله أن يكون بالياء. و(التَّهْجِير): المشي للجُمعة والظُّهر في الهاجرة، وهي شدَّة الحرِّ. و(المخالفة بَين الوجوه): إمَّا بالتفرُّق حتَّى يأخذ كلُّ واحدٍ وجهًا، وإمَّا بالجزاء، فيجازى المستوي بخير، والمخالف بِشَرٍّ.
1. قوله: (أنا واليتيم) قال النووي: «هذا اليتيم اسمه ضميرة بن سعد الحميري».
2. وفيه أن مَن دون البلوغ يعتبر مع الرجل الواحد صفًّا.
3. وفيه أن المرأة تقوم وحدَها فتعتبر صفًّا، ولا تصفُّ مع الرجال أو الصبيان.

٢٠- بابٌ: يجوزُ الاقتداءُ بالإمامِ الَّذي بينَكَ وبينه سُتْرَةٌ، إذا أمكنَ الاقتداءُ


• [خت] وَقَالَ الحَسَنُ: لَا بَأْسَ أَنْ تُصَلِّيَ وَبَيْنَكَ وَبَيْنَهُ نَهَرٌ.
• [خت] وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ جِدَارٌ إِذَا سَمِعَ تَكْبِيرَ الإِمَامِ.
٣٧٣. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فِي حُجْرَتِهِ، وَجِدَارُ الحُجْرَةِ قَصِيرٌ، فَرَأَى النَّاسُ شَخْصَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَامَ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبَحُوا فَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ، فَقَامَ لَيْلَةَ الثَّانِيَة، فَقَامَ مَعَهُ أُنَاسٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ -صَنَعُوا ذَلِكَ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا- حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، جَلَسَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فَلَمْ يَخْرُجْ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ذَكَرَ ذَلِكَ للنَّاسِ فَقَالَ: «إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ اللَّيْلِ». [خ:٧٢٩]
1. قال النووي: «فيه إذا تعارضت مصلحة وخوف مفسدة أو مصلحتان اعتبر أهمهما؛ لأن النبي ﷺ كان رأى الصلاة في المسجد مصلحة لما ذكرناه، فلما عارضه خوف الافتراض عليهم تركه لعظم المفسدة التي تخاف من عجزهم وتركهم للفرض».
2. قوله: (خشيت أن تكتب عليكم صلاة الليل) قال النووي: «فيه: أن الإمام وكبير القوم إذا فعل شيئًا خلاف ما يتوقعه أتباعه وكان له فيه عذر يذكره لهم تتطيبًا لقلوبهم وإصلاحا لذات البين؛ لئلا يظنوا خلاف هذا وربما ظنوا ظن السوء».
3. قال ابن حجر: «وفيه ندب قيام الليل ولا سيما في رمضان جماعة لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي ﷺ ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب على أبي بن كعب».
4. قال ابن حجر: «وفيه ترك الأذان والإقامة للنوافل إذا صليت جماعة».

٣٧٤. [ق] وعنها أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ لَهُ حَصِيرٌ، يَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ، وَيَحْتَجِزُهُ بِاللَّيْلِ، فَثَابَ إِلَيْهِ نَاسٌ فَصَلَّوْا وَرَاءَهُ. [خ:٧٣٠]
الغريب: (يَحْتَجِزُه): يجعلُه كالحُجْزَةِ، وهي الحائل المُطيفِ بالشيء، وَهي مأخوذة مِن الحَجز، وهو المنع، والله أعلم./

٢١- بابُ تكبيرةِ الإحْرام ورفْعِ اليدينِ


• [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، إِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا». وذكر نحو ما تقدَّم. [ر:٣٦٨]
٣٧٥. [ق] عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الحُوَيْرِثِ إِذَا صَلَّى كَبَّرَ وَرَفَعَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ صَنَعَ هَكَذَا. [خ:٧٣٧]
٣٧٦. [ق] وعَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمرَ ﵄ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإِذَا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». فَعَلَ مِثْلَهُ، وَقَالَ: «رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ». وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ. [خ:٧٣٨]
• [ق] وفي رواية: إذا قَام مِن الرَّكعتين رفعَ يديه. [خ:٧٣٩]

٢٢- باب وَضْعِ اليُمنى على اليُسْرَى، والخُشُوعِ في الصَّلاة، وما يقولُ بعد التَّكبيرِ


٣٧٧. عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ﵁ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ اليَدَ اليُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ اليُسْرَى فِي الصَّلَاةِ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا يَنْمِي ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. وقَالَ إِسْمَاعِيلُ: يُنْمَى ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ: يَنْمِي. [خ:٧٤٠]
٣٧٨. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا؟! وَاللهِ لَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا خُشُوعُكُمْ، وإِنِّي لَأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي». [خ:٧٤١]
٣٧٩. [ق] وعَنْ أنسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِـــ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الفاتحة:٢]. [خ:٧٤٣]
٣٨٠. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَسْكُتُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبَيْنَ القِرَاءَةِ إِسْكَاتَةً -قَالَ: أَحْسِبُهُ قَالَ: هُنَيَّةً- فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، إِسْكَاتُكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَبين القِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: «أَقُولُ: اللهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ،/ اللهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ». [خ:٧٤٤]
الغريب: (الخشوع): التَّواضع والاسْتكانة. وقال مجاهد: هو غضُّ البصر، وخفض الجَناح. وقيل: ألَّا يجاوز بصرُه مصلَّاه. و(الإسْكاتَة): السُّكوت، مصدر أسكت بمعنى سَكتَ. و(هُنَيَّة): تصغير هَنَة، ويُراد بها هنا سُويعة، وذَلك الدُّعاء مبالغة في سؤال المغفرة وتكفير الذُّنوب. وهو تعليم لنا؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ قد غُفر له مِن ذَنْبه ما تقدَّم وما تأخَّر.
1. في الحديث تأدب الصحابة ﵃ مع النبي ﷺ ؛ لأن أبا هريرة ﵁ قدَّم ما يدل على التوقير والاحترام في قوله: (بأبِي أنت وأمِّي).
2. وفيه حرص الصحابة ﵃ على تحصيل العلم من خلال تتبع أحوال الرسول ﷺ في حركاته وسكناته.
3. وفيه جواز فِداء النبي ﷺ بالأبوين؛ لإقرار النبي ﷺ على ذلك، ويؤخذ منه: جواز فداء غير النبي ﷺ إذا كان أهلًا لذلك.
4. وفيه أن الأدْوَاء تداوى بضدها؛ لقوله: (بالماء والثَّلج والبَرد) فلما كانت الذُّنوب لها حرارة، وهي سبب لحرارة العَذاب، ناسَب أن تُغسل بما يُبردها ويُطفئ حرارتها، وهو الثَّلج والماء والبَرد.

٢٣- بابُ الوعيدِ على رَفعِ البصرِ إلى السَّماءِ في الصَّلاةِ، وكَراهةِ الالتفاتِ فيها، وإنْ وقعَ لم يُفسدها


٣٨١. عَنْ أنسِ بْن مالكٍ ﵁ قَالَ: قال النَّبيُّ ﷺ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ». فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ». [خ:٧٥٠]
1. وفيه: تغليظ القول في زجر مرتكب المنكر؛ ليرتدع عن ذلك.
2. وفيه: عدم التصريح بذكر اسم مرتكب الذنب عند الزجر.

٣٨٢. عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنِ الِالتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: «هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ العَبْدِ». [خ:٧٥١]
• [ق] وقد تقدَّم قوله في الخَمِيصَةِ: «كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ». وأنَّه رأى نُخَامةً في قِبلة المسجد وهو يصلِّي، وأنَّ المسلمين همُّوا أن يُفْتَتَنُوا في صَلَاتِهِم لمَّا خَرَجَ عليهم رسولُ اللهِ ﷺ في مَرَضِه، فأشارَ إليهم أَنْ أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ. [ر:١٩٩]
(الاخْتلاس): أَخْذُ الشَّيء خَطْفًا. و(النُّخامَة): البُصاق المنعقِد. و(يَفْتَتِنوا): يَشتغلوا.

٢٤- بابُ القراءةِ للإمامِ والمأمومِ


٣٨٣. [ق] عَنْ عُبَادَةَ بن الصَّامت ﵁ أنَّ رسول الله ﷺ قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ/ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ». [خ:٧٥٦]
٣٨٤. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثمَّ جَاء فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَرَدَّ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَرَجَعَ فَصَلَّى كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». ثَلَاثًا. فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي. فَقَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا». [خ:٧٥٧]
1. قال النووي: «فيه الرفق بالمتعلم والجاهل وملاطفته وإيضاح المسألة وتلخيص المقاصد والاقتصار في حقه على المهم دون المكملات التي لا يحتمل حاله حفظها والقيام بها».
2. قوله: (ثم جاء فسلم) قال النووي: «فيه استحباب السلام عند اللقاء، ووجوب رده، وأنه يستحب تكراره إذا تكرر اللقاء، وإن قرب العهد، وأنه يجب رده في كل مرة».
3. عدم صحة صلاة المسيء، فلولا ذلك لم يؤمر بإعادتها.
4. أن الجاهل تُجْزِئ منه الصلاة الناقصة، أما العالم فلا.
5. فضيلة الاعتراف بالتقصير لقوله: (ما أحسن غيره فعلمني).

٣٨٥. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قال: فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُقْرَأُ، فَمَا أَسْمَعَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ أَسْمَعْنَاكُمْ، وَمَا أَخْفَى عَنَّا أَخْفَيْنَا، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى أُمِّ القُرْآنِ أَجْزَأَتْ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ. [خ:٧٧٢]

٢٥- بابُ القراءةِ في الظُّهرِ والعَصرِ، والإِسْرارِ فيهما


٣٨٦. عَنْ أبي مَعْمَرٍ: قلتُ لخَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ: أَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَ قِرَاءَتَهُ؟ قَالَ: بِاضْطِرَابِ لِحْيَتِهِ. [خ:٧٦٠]
٣٨٧. [ق] وعَنْ أبي قَتادة ﵁ قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، يُطَوِّلُ فِي الأُولَى، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ، وَيُسْمِعُ الآيَةَ أَحْيَانًا، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي العَصْرِ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الأُولَى، وَكَانَ يُطَوِّلُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَيُقَصِّرُ فِي الثَّانِيَةِ. [خ:٧٥٩]
• [ق] وفي رِواية: كانَ النَّبيُّ ﷺ يقرأ في الرَّكعتين مِن الظُّهر والعَصر بفاتحة الكتابِ وسورةٍ سورةٍ، يُسْمعنا الآية أحيانًا. [خ:٧٦٢]
• [ق] وفي رواية: كان يقرأ في الظُّهر في الأُولَيَيْنِ بأمِّ الكتاب وسورتين، وفي الرَّكعتين الأُخْرَيَيْنِ بأمِّ الكتاب ويُسمعنا الآية، ويُطَوِّلُ في الرَّكعة الأولى ما لا يُطِيل في الرَّكعة الثَّانية، وهكذا في العَصر، وهَكذا في الصُّبح. [خ:٧٧٦]
٣٨٨. [ق] عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: قَالَ سَعْدٌ ﵁: كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، صَلَاتَيِ العِشاءِ/ لَا أَخْرِمُ عَنْهَا، كنتُ أَركُدُ فِي الأُولَيَيْنِ، وَأَحْذِفُ فِي الأُخْرَيَيْنِ. فَقَالَ عُمَرُ: ذَلِكَ الظَّنُّ بِكَ. [خ:٧٥٨]
(أركُدُ): أسكن. و(أحْذف): أَقْصُر.

٢٦- بابُ القراءةِ في المغربِ والعشاءِ، وما يجهرُ فيه منهما


٣٨٩. [ق] عَنِ ابن عبَّاس ﵄ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ أُمَّ الفَضْلِ سَمِعَتْهُ وَهُوَ يَقْرَأُ: ﴿وَٱلۡمُرۡسَلَـٰتِ عُرۡفࣰا﴾ [المرسلات:١] فقَالَتْ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِرَاءَتِكَ هَذِهِ السُّورَةَ، إِنَّهَا لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقْرَأُ بِهَا فِي المَغْرِبِ. [خ:٧٦٣]
٣٩٠. عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ قَالَ: قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ﵁: مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِقِصَارٍ المُفَصَّلِ، وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقْرَأُ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ. [خ:٧٦٤]
٣٩١. [ق] وعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَرَأَ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ. [خ:٧٦٥]
1. قال ابن بطال: «في حديث جبير من الفقه: أن شهادة المشرك بعد إسلامه مقبولة فيما علمه قبل إسلامه؛ لأن جبيراً كان يوم سمع رسول الله مشركاً».

٣٩٢. [ق] وعَنِ البَراء ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي سَفَرٍ فَقَرَأَ فِي العِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ: بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. [خ:٧٦٧]
• في رواية: فما سمعتُ أحدًا أحسنَ صوتًا منه. أو: قراءةً منه. [خ:٧٥٤٦]
1. جواز قراءة قصار المفَصَّل في صلاة العشاء.
2. أن الأحسن تخفيف الصلاة في السفر، ومراعاة حال المسافرين، ولو كان عند الإمام رغبة في التطويل.
3. استحباب تحسين الصوت في القراءة، ومن ذلك القراءة في الصلاة؛ لأنه يبعث على الخشوع والحضور.

٣٩٣. [ق] عَنْ أَبِي رَافِعٍ﵁ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ العَتَمَةَ، فَقَرَأَ: ﴿إِذَا ٱلسَّمَاۤءُ ٱنشَقَّتۡ﴾ [الانشقاق:١]، فَسَجَدَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِه؟ قَالَ: سَجَدْتُ فِيْهَا خَلْفَ أَبِي القَاسِمِ ﷺ، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ فِيْهَا حَتَّى أَلْقَاهُ. [خ:٧٦٨]

٢٧- بابُ القراءةِ في الفَجرِ


٣٩٤. [ق] ومِن حَديث أبي بَرْزَةَ ﵁ أنَّه كَانَ يَقْرَأُ فِي الفَجْرِ مِنَ السِّتِّيْنَ إِلَى المِئَةِ في الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا. [خ:٧٧١]
1. قال القرطبي: «وقد استقرَّ عمل أهل المدينة على استحباب إطالة القراءة في الصبح قدرًا لا يضُرُّ من خلفه بقراءتها بطوال المفصل، ويليها في ذلك الظهر والجمعة، وتخفيف القراءة في المغرب وتوسيطها في العصر والعشاء، وقد قيل في العصر إنها تخفف كالمغرب»، وقال ابن القيم: «أجمع الفقهاء أن السنة في صلاة الفجر أن يقرأ بطوال المفصل».

٣٩٥. [ق] وعَنِ ابن عبَّاس ﵄: انْطَلَقَ النَّبِيُّ ﷺ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالُوا: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. فَانْصَرَفَ/ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا وَاللهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فقَالُوا: يَا قَوْمَنَا: ﴿إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا عَجَبࣰا ۝١ یَهۡدِیۤ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَاۤ أَحَدࣰا ۝٢﴾ [الجن:١-٢]، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ: ﴿قُلۡ أُوحِیَ إِلَیَّ﴾ [الجن:١] وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ. [خ:٧٧٣]
1. في الحديث دلالة على وجود الجن، وعدم معرفتهم بالغيب، ولا شيء من أمر السماء إلا بما أخبر به النبي .
2. وفيه: حرص الداعية على الذهاب للناس في محافلهم وتجمعاتهم؛ لدعوتهم وتعليمهم أمور دينهم.

٣٩٦. وعنه قال: قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ فِيْمَا أُمِرَ، وَسَكَتَ فِيْمَا أُمِرَ: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِیࣰّا﴾ [مريم:٦٤]، و﴿لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِی رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةࣱ﴾ [الأحزاب:٢١]. [خ:٧٧٤]

٢٨- بابُ الجَمْعِ بين السُّورتينِ في رَكعة، والقراءةِ بالخواتيمِ، وبسورةٍ قبل سورةٍ، وبأوَّل سورةٍ


• [خت] وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ: قَرَأَ النَّبِيُّ ﷺ المُؤْمِنينَ فِي الصُّبْحِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ -أَوْ ذِكْرُ عِيسَى- أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ.
• [خت] وَقَرَأَ عُمَرُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِمِئَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ البَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ المفصَّل.
• [خت] وَقَرَأَ الأَحْنَفُ بِالكَهْفِ فِي الأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ بِيُوسُفَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ الصُّبْحَ بِهِمَا.
• [خت] وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنَ الأَنْفَالِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ المُفَصَّلِ.
• [خت] وَقَالَ قَتَادَةُ فِيمَنْ يَقْرَأُ بسُورَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الرَّكْعَتَيْنِ أَوْ يُرَدِّدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ: كُلٌّ كِتَابُ اللهِ.
• [خت] وقال عُبيد الله، عَنْ ثابتٍ، عَنْ أنسٍ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ لَهُمْ بِهَا فِي الصَّلَاةِ مِمَّا يَقْرَأُ بِهِ افْتَتَحَ: بِـ﴿قُلۡ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص:١] حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ بسُورَةٍ أُخْرَى مَعَهَا، وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ، وقَالُوا: إِنَّكَ تَفْتَتِحُ بِهَذِهِ السُّورَةِ، لَا تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِأُخْرَى، فَإِمَّا تَقْرَأُ بِهَا، وَإِمَّا تَدَعُهَا وَتَقْرَأُ بِأُخْرَى. فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا، إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِذَلِكَ فَعَلْتُ، وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ، وَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ، وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ، فَلَمَّا أَتَاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ أَخْبَرَهُ الخَبَرَ، فَقَالَ: «يَا فُلَانُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا يَأْمُرُكَ/ بِهِ أَصْحَابُكَ؟ وَمَا يَحْمِلُكَ عَلَى لُزُومِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؟» فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا. قَالَ: «حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ».
٣٩٧. [ق] وعَنْ أبي وَائِلٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: قَرَأْتُ المُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرُنُ بَيْنَهُنَّ، فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ المُفَصَّلِ. [خ:٧٧٥]
1. قال ابن حجر: « (جاء رجل إلى ابن مسعود) هو نَهِيك ابن سِنَان البجلي».
2. سمي المفصل مفصلاً لكثرة الفصل بين سُوَرِهِ بالبسملة على الصحيح.
3. قال المهلب: «وأما إنكار ابن مسعود على الرجل قراءة المفصل في ركعة؛ فإنما فعل ذلك ليحضه على تدبر القرآن؛ لقوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) لا أنه لا تجوز قراءة المفصل في ركعة، فقد تجوز قراءة القرآن بغير تدبر، وقد جاء في الحديث أن الله جعل في كل حرف منه عشر حسنات، فإن تدبره أعظم لأجره إلى ما لا نهاية له من تفضل الله تعالى».
4. قال ابن حجر: « (لقد عرفت النظائر) أي السور المماثلة في المعاني كالموعظة أو الحكم أو القصص، لا المتماثلةَ في عدد الآي».
5. قوله: (إني لأقرأ المفصل في ركعة فقال ابن مسعود: هذًّا كهَذِّ الشعر) قال النووي: «معناه: أن الرجل أخبر بكثرة حفظه وإتقانه، فقال ابن مسعود: «تهذّه هذًّا»، وهو شدة الإسراع والإفراط في العجلة، ففيه النهي عن الهذّ، والحث على الترتيل والتدبر».
6. وفي الحديث مشروعية الجمع بين السورتين أو أكثر في ركعة واحدة.

١ عن أنس قال: ما صليت وراء إمام قط:

٥/٠