(٢٢) كِتَابُ الجَنَائِزِ


١- باب مَن ماتَ على التوحيد دخَلَ الجنَّة


٦١٨. [ق] عَنْ أَبِي ذَرٍّ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي فَأَخْبَرَنِي -أَوْ قَالَ: بَشَّرَنِي- أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ». [خ:١٢٣٧]
٦١٩. [ق] وعَنْ عبد الله ﵁ -هو ابن مَسعود- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ»، قَالَ عَبدُ اللهِ: وَقُلْتُ أَنَا: مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ. [خ:١٢٣٨]
1. قوله: (من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق) قال النووي: «فيه دلالة لمذهب أهل الحق: أنه لا يخلد أصحاب الكبائر في النار خلافًا للخوارج والمعتزلة، وخص الزنا والسرقة بالذكر لكونهما من أفحش الكبائر، وهو داخل في أحاديث الرجاء».
2. وفيه: استفهام التابع من متبوعه على ما يحصل له من فائدة دينية، أو علمية، أو غير ذلك، والمراجعة في العلم بما تقرر عند الطالب في مقابلة ما يسمعه مما يخالف ذلك.

٢- باب الأمْر باتِّباع الجنائز، وعيادة المَرْضَى


٦٢٠. [ق] عَنِ البَرَاءِ ﵁ -هو ابْن عَازِبٍ- قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَنَهَانَا عَنْ آنِيَةِ الفِضَّةِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَالحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالقَسِّيِّ، وَالإِسْتَبْرَقِ. [خ:١٢٣٩]
٦٢١. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «حَقُّ المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ»./ [خ:١٢٤٠]

٣- باب تعاهُدِ المَرْضَى والبكاء والموعظة عندهم


٦٢٢. [ق] عَنْ أنسِ بنِ مالكٍ ﵁ قَالَ: دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ، فَأَخَذَ النَّبيُّ ﷺ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ ﷺ تَذْرِفَانِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ عَوْفٍ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ». ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى، فَقَالَ: «إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُون». [خ:١٣٠٣]
1. في قوله: (وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ)، فيه جواز إرضاع الصغير من غير أمه، وهذا متعارف عليه عند العرب، فكانوا يختارون له المرضعة من خارج منطقته؛ حتى يقوى عوده ويشتد.
2. قال ابن حجر: «في الحديث عيادة الصغير».
3. قال ابن بطال: «هذا الحديث يفسّر البُكاء المباح والحزن الجائز، وهو ما كان بدمع العين ورقة القلب من غير سخط لأمر الله».
4. جواز الاعتراض على من خالف فعله ظاهر قوله ليظهر الفرق.

٦٢٣. [ق] وعَنْ عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ ﵄ قَالَ: اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ شَكْوَى لَهُ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ فِي غَاشِيَةِ أَهْلِهِ فَقَالَ: «قَدْ قَضَى». قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَبَكَى النَّبِيُّ ﷺ، فَلَمَّا رَأَى القَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ ﷺ بَكَوْا، فَقَالَ: «أَلَا تَسْمَعُونَ؟! إِنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا -وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ- أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». وَكَانَ عُمَرُ: يَضْرِبُ فِيهِ بِالعَصَا، وَيَرْمِي بِالحِجَارَةِ، وَيَحْثِي بِالتُّرَابِ. [خ:١٣٠٤]
1. قوله: (فأتى رسول الله ﷺ يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود) قال النووي: «فيه استحباب عيادة المريض وعيادة الفاضل المفضول وعيادة الإمام والقاضي والعالم أتباعه».

٤- باب تَلْقين المُحْتَضَرِ وإنْ كانَ كافرًا


٦٢٤. [ق] عَنْ سعيد بن المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ ﵁ أَنَّهُ قال: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِأَبِي طَالِبٍ: «أيْ عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ» فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ/ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَمَا وَاللهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ». فَأَنْزَلَ اللهُ ﷿ فِيهِ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِیِّ﴾ الآيَةَ [التوبة:١١٣]. [خ:١٣٦٠]
1. في قوله: (لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ) قال النووي: «في الحديث الحضور عند المحتضر لتذكيره وتأنيسه وإغماض عينيه والقيام بحقوقه وهذا مجمع عليه».
2. في قوله: (أيْ عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، قال النووي: «والأمر بهذا التلقين أمر ندب، وأجمع العلماء على هذا التلقين، وكرهوا الإكثار عليه والموالاة لئلا يضجر بضيق حاله وشدة كربه فيكره ذلك بقلبه، ويتكلم بما لا يليق، قالوا: وإذا قاله مرة لا يكرر عليه إلا أن يتكلم بعده بكلام آخر، فيعاد التعريض به ليكون آخر كلامه».
3. بيان فضل كلمة الإخلاص، وعظيم بركتها، حيث تُدخل من كانت آخر كلامه الجنة.
4. وفيه: أنَّ على المرء أن يتخير أصحابه وأهل مجلسه؛ فإن شؤم صاحب السوء يضر بالدنيا والآخرة جميعًا.

٦٢٥. وعَنْ أنسٍ ﵁ قَالَ: كَانَ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ ﷺ، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ﷺ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: «أَسْلِمْ». فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: أَطِعْ أَبَا القَاسِمِ ﷺ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ يَقُولُ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ». [خ:١٣٥٦]
1. قوله: (كان غلام يهودي يخدم النبي ﷺ)، في الحديث: استخدام الكافر لخدمة المسلم في الأعمالِ التي تناسبه، بشرط أن يأمن مكرهم وخِداعَهم، قال ابن حجر: «فيه جواز استخدام المشرك».
2. قوله: (فأتاه النبي ﷺ يعوده)، قال ابن حجر: «فيه عيادة المشرك إذا مرض وفيه حسن العهد».
3. قال ابن حجر: «عرض الإسلام على الصبي ولولا صحته منه ما عرضه عليه».
4. قول والده: (أَطِعْ أبا القاسم ﷺ) فيه دلالة على معرفتهم بصدق النبي ﷺ.
5. وفيه حرص النبي ﷺ على هداية الناس، ومنهم هذا الغلام، وفرحته ﷺ وابتهاجه بإسلام الصبي.
6. وفيه: وأن على المسلم ألا ييئَس ويقنط من رحمة الله وفضله.
7. وفيه فضل طاعة الوالدين، وأنها لا تأتي إلا بخير.

٥- باب ما يُكره مِن النِّياحة، وشقِّ الجُيُوب، ولطْم الخدود


٦٢٦. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قالت: لَمَّا جَاءَ قَتْلُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، جَلَسَ النَّبِيُّ ﷺ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ، وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ شَقِّ البَابِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أيْ رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ، ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ غَلَبْنَنِي -أَوْ غَلَبْنَنَا- فَزَعَمَتْ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ». فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ، وَاللهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللهِ ﷺ مِنَ العَنَاءِ. [خ:١٣٠٥]
1. قال ابن المنير: «موقع هذه الترجمة من الفقه أن الاعتدال في الأحوال هو المسلك الأقوم، فمن أُصيب بمصيبة عظيمة لا يُفْرِط في الحزن حتى يقع في المحذور من اللطم والشق والنوح وغيرها، ولا يفرط في التجلد حتى يُفضي إلى القسوة والاستخفاف بقدر المصاب، فيُقْتَدى به ﷺ في تلك الحالة بأن يجلس المصاب جلسة خفيفة بوقار وسكينة تظهر عليه مخايل الحزن ويُؤذِن بأن المصيبة عظيمة».
2. قوله: (يُعرف فيه الحزن) قال ابن حجر: «يؤخذ منه أن ظهور الحُزن على الإنسان إذا أصيب بمصيبة لا يُخرجه عن كونه صابراً راضياً إذا كان قلبه مطمئناً».
3. قوله: (فاحث في أفواههن التراب)، قال ابن بطال: «فيه من الفقه أن للعالم أن ينهى عن المباح إذا اتصل به فعلٌ محذور، أو خيف مواقعته».
4. قال ابن حجر: «في الحديث إطلاق الدعاء بلفظ لا يقصد الداعي إيقاعه بالمدعو به؛ لأن قول عائشة: (أرغم الله أنفك) أي ألصقه بالتراب، ولم تُرِدْ حقيقة هذا، وإنما جرت عادة العرب بإطلاق هذه اللفظة في موضع الشماتة بمن يقال له».
5. قال النووي: «معنى كلام عائشة إنك قاصر عن القيام بما أمرت به من الإنكار، فينبغي أن تخبر النبي ﷺ بقصورك عن ذلك ليرسل غيرك».

٦٢٧. [ق] وعَنْ عبدِ الله ﵁ قال: قال رسولُ الله ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ». [خ:١٢٩٤]
1. في الحديث: أن الدعاء بالويل والثبور من الجهل؛ إذ لا يستفيد الداعي به سوى الدعاء على نفسه، وإشعال حرارة الأحزان، وعدم الرضا بالقضاء.
2. وفيه: تحريم تقليد الجاهلية بأمورهم التي لم يقرهم الشارع عليها، ومن جملتها دعاويهم الباطلة عند المصائب.

٦٢٨. [ق] وعَنْ أَبي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ: وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: إِنَّي بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ مُحمَّدٌ ﷺ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ. [خ:١٢٩٦]
الغريب: حَثْيُ التُّراب، وحَثْوُه، وهَبْلهُ: صَبُّهُ. و(أَرْغَمَ اللهُ أنفه) أي: ألصقه بالرَّغَامِ، وهو التُّراب. وهو دعاء بأن يسقط على وجهه أو يذلَّ. و(العَنَاء): بالمدِّ: التَّعب والإعياء. و(الصَّالقة): الرَّافعة صوتها بالمصيبة، ويُقال بالسِّين والصَّاد، وقد قُرئ بهما: ﴿سَلَقُوكُم بِأَلۡسِنَةٍ حِدَادٍ ﴾ [الأحزاب:١٩]./ (الحَالقة) لِشَعَرها. و(الشَّاقة) لجيبها. و(دَعوى الجَاهلية): هي قولهم عند الهَياج والفَزَع: يا آل فلان، ويا بني فلان. وإنَّما المشروع أنْ يُنادي: يا لَلمسلمين.
• [خت] وقال عُمر: دَعْهُنَّ يبكينَ على أبي سُلَيمانَ -يعني خالدَ بنَ الوليدِ- ما لم يكن نَقْعٌ أو لَقْلَقَةٌ.
النَّقع: التُّراب عَلى الرأس، واللَّقْلَقَة: الصَّوت.

٦- باب تعْذيب المَيِّت ببكاء أهلهِ إذا كان ذلك مِن سُنَّتِهِ أو بوَصِيَّتِهِ


٦٢٩. [ق] عَنْ عبد الله بن عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: تُوُفِّيَتْ بِنْتٌ لِعُثْمَانَ بِمَكَّةَ، وَجِئْنَا لِنَشْهَدَهَا، وَحَضَرَهَا ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَإِنِّي لَجَالِسٌ بَيْنَهُمَا -أَوْ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَحَدِهِمَا، ثُمَّ جَاءَ الآخَرُ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي- فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ﵄ لِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ: أَلَا تَنْهَى عَنِ البُكَاءِ؟! فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «إِنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ بَعْضَ ذَلِكَ، ثُمَّ حَدَّثَ. قَالَ: صَدَرْتُ مَعَ عُمَرَ مِنْ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ إِذَا هُوَ بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ سَمُرَةٍ، فَقَالَ: اذْهَبْ، فَانْظُرْ مَنْ هَؤُلَاءِ الرَّكْبُ؟ قَالَ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا صُهَيْبٌ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: ادْعُهُ لِي، فَرَجَعْتُ إِلَى صُهَيْبٍ فَقُلْتُ: ارْتَحِلْ فَالحَقْ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، فَلَمَّا أُصِيبَ عُمَرُ دَخَلَ صُهَيْبٌ يَبْكِي يَقُولُ: وَا أَخَاهُ، وَا صَاحِبَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا صُهَيْبُ، أَتَبْكِي، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ؟!» قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ حَكيْتُ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ، فَقَالَتْ: رَحِمَ اللهُ عُمَرَ، وَاللهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ المُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَقَالَتْ: حَسْبُكُمُ القُرْآنُ: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةࣱ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ﴾ [الأنعام:١٦٤] قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ ذَلِكَ: وَاللهُ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَاللهِ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ شَيْئًا. [خ:١٢٨٦]
٦٣٠. [ق] وفي رواية أخرى: «إنَّ المَيِّت لَيُعذَّب ببكاء الحيِّ». [خ:١٢٩٠]
٦٣١. [ق] وفي أخرى: «الميِّت يُعذَّب في قبرِه بما نِيحَ عليه». [خ:١٢٩٢]
٦٣٢. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قالت: إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى يَهُودِيَّةٍ يَبْكِي عَلَيْهَا أَهْلُهَا، فَقَالَ: «إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا، وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ فِي قَبْرِهَا». [خ:١٢٨٩]
٦٣٣. [ق] وعَنِ المغيرة ﵁ -هو ابن شُعْبَةَ- قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ/ يَقُولُ: «مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ». [خ:١٢٩١]
1. في قوله: (مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ)، قال النووي: «وأجمعوا كلهم على اختلاف مذاهبهم أن المراد بالبكاء هنا البكاء بصوت ونياحة لا مجرد دمع العين».
2. قال ابن حجر: «وقد جمع كثير من أهل العلم بين حديثي عمر وعائشة بضروب من الجمع: منها: ما إذا أوصى أهله بذلك. وبه قال المزني وإبراهيم الحربي، حتى قال أبو الليث السمرقندي: إنه قول عامة أهل العلم، وكذا نقله النووي عن الجمهور. وقيل: معنى التعذيب تألم الميت بما يقع من أهله من النياحة وغيرها، وهذا اختيار أبي جعفر الطبري ونصره ابن تيمية وجماعة من المتأخرين».

٦٣٤. وعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ﵄ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي وَاجَبَلَاهْ، وَاكَذَا وَاكَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ، فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ. [خ:٤٢٦٨]
الغريب: البكاء في هذا الحديث هُو النِّياحة كما فسَّره في حَديث المغيرة، لا البكاء الَّذي هُو رَحمة، وعند هذا تعلم أنَّه لا حجَّة لابْن عبَّاس في قوله: والله أضحك وأبكى. فتأمَّلْه. و(صَدَرت): رَجعت. و(البَيداء): هي الصَّحراء المتَّصلة به المدينة، وهي الحجارة السُّود المحيطة بها. و(سَمُرَة): واحدة السَّمُرِ، وهي مِن شجر البادية. و(الرَّكبُ): أصْحاب الإبل. و(أُصيبَ عمرُ) أي: طُعِنَ. وقيل: (والوازِرَة) الحاملة، والهاء فيه للمبالغة. و(الوِزْرُ): الحمل الثَّقيل، وهو كناية عَنِ الذُّنوب. وليس سكوت ابن عمر عَنْ عَائِشَةَ شَكًّا في الحديث، وَلا وَهَنًا؛ فإنَّه قد رُوي عَنْ رسول الله ﷺ مِن طُرق عَنْ غيره، وعَنْ غير عمر، وإنَّما كان توقُّفًا في التَّأويل، أو تركًا للردِّ على عائشة. وليس مَا سمعته عائشة مِن حديث تعذيب اليهوديَّة مناقضًا لحديث ابن عمر ولا غيره، وأحسنُ مَحَامِلِ حديث عمر وغيره ما نَبَّهَ البخاريُّ عليه في ترجمته كما ذكرناه. والله أعلم.
1. النهي عن الندب للميت وغيره، وخاصة إذا كان بصفات ليست في المندوب، وهو إساءة له؛ لأنه يُقرَّع على ذلك ويُلام عليه.
2. تحريم ادعاء صفات ليست في المَرء، سواء من قبل نفسه أو من قبل غيره.

٧- باب تَسْجية المَيِّت، والثَّناء عليه، ورَجاء الخير له مِن غير قَطْعٍ


٦٣٥. عَنْ أبي سَلمة بْنِ عَبد الرَّحمن، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى فَرَسِهِ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ يُقَبِّلُهُ، ثُمَّ بَكَى، فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ يَا نَبِيَّ اللهِ، لَا يَجْمَعُ اللهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا المَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى، فَقَالَ: اجْلِسْ، فَأَبَى، فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَمَنْ/ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، قَالَ اللهُ ﷿: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولࣱ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِهِ ٱلرُّسُلُۚ﴾ إلى قوله: ﴿ٱلشَّـٰكِرِینَ ۝١٤٥﴾ [آل عمران:١٤٤]، وَاللهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَهَا حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ، فَمَا يُسْمَعُ بَشَرٌ إِلَّا يَتْلُوهَا. [خ:١٢٤١-١٢٤٢]
1. فيه: أن الصدمات قد تذهل عقول بعض الناس، فينبغي الرفق بهم حتى يعودوا إلى وعيهم.
2. وفيه: سعي عقلاء الأمة وذوي الهيئات في تولي أمور الأمة، وترشيد حالها، ورعاية مصالحها.

٦٣٦. وعَنْ خارجَةَ بنِ زيدِ بن ثابتٍ: أَنَّ أُمَّ العَلَاءِ ﵂ -امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ بَايَعَتِ النَّبِيَّ ﷺ- أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهُ اقْتُسِمَ المُهَاجِرُونَ قُرْعَةً، فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ، فَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا، فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَغُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ، دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللهُ أَبَا السَّائِبِ، فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللهُ، فَقال النَّبيُّ ﷺ: «وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللهَ أَكْرَمَهُ؟» فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللهُ؟ فَقَالَ: «أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ اليَقِينُ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الخَيْرَ، وَاللهِ مَا أَدْرِي، مَا يُفْعَلُ بِي». قَلتْ: فَوَاللهِ لَا أُزَكِّي على الله أَحَدًا. [خ:١٢٤٣]
الغريب: (﴿خَلَتۡ﴾ [آل عمران:١٤٤]): ذَهَبَتْ في الدَّهر الخالي. وكلُّ مرضٍ عند العرب وَجَعٌ. و(مَا يُدريكِ): أيُّ شيء يُعْلِمُكِ. وقوله: (مَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي) هذا مِن قوله تعالى له: ﴿وَمَاۤ أَدۡرِی مَا یُفۡعَلُ بِی وَلَا بِكُمۡۖ﴾ [الأحقاف:٩]. قال بعضهم: إنَّ ذلك كان قبل أن يعرف أنَّه مغفورٌ له. وهذا فيه نظر، وأشبهُ منه أنَّه ﵇ لم يكن يعرف ما يجري عليه في الدُّنيا مِن خيرٍ أو شرٍّ أو نفع أو ضرٍّ، وإلَّا فنحن نعلمُ قطعًا أنَّه ﵇ يعلمُ قطعًا أنَّه سيِّد ولد آدم يوم القيامة وأكرمهم على الله، وأرفعُ أهل الجنَّة درجةً.
1. قال ابن حجر: وإنما قال رسول الله ﷺ ذلك موافقة لقوله تعالى في سورة الأحقاف، ﴿قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعࣰا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَاۤ أَدۡرِی مَا یُفۡعَلُ بِی وَلَا بِكُمۡۖ﴾ وكان ذلك قبل نزول قوله تعالى: ﴿لِّیَغۡفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنۢبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾؛ لأن الأحقاف مكية وسورة الفتح مدنية بلا خلاف فيهما وقد ثبت أنه ﷺ قال أنا أول من يدخل الجنة وغير ذلك من الأخبار الصريحة في معناه فيحتمل أن يحمل الإثبات في ذلك على العلم المجمل والنفي على الإحاطة من حيث التفصيل.
2. والحديث تعليم للناس ألَّا يتألى أحد على الله، ولا يسبقه بحكم وهو لا يعلم؛ لأن الله هو الذي يحكم ويفصل في أفعال العباد، ولأننا لا نعلم بدواخل الميت التي يعلمهما الله، وحسب الناس أن يقولوا: نحسبه على خير، ونحو هذا.

٨- باب الإعلام بموتِ المَيِّت إذا لم يكن على جهة نَعي الجاهليَّة


٦٣٧. عَنِ ابن عبَّاس ﵄ قال: مَاتَ إِنْسَانٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعُودُهُ، فَمَاتَ بِاللَّيْلِ فَدَفَنُوهُ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: «مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُعْلِمُونِي؟» قَالُوا: كَانَ اللَّيْلُ فَكَرِهْنَا -وَكَانَتْ ظُلْمَةٌ- أَنْ نَشُقَّ عَلَيْكَ، فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. [خ:١٢٤٧]
1. في الحديث: مشروعية دفن الميت بالليل.
2. وفيه: الأمر بالإعلام عن الجنازة، والتعجيل بدفن الميت.
3. وفيه: مشروعية صلاة الجنازة على القبر، وبعد دفن الميت.

٦٣٨. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. [خ:١٢٤٥] وسيأتي بكماله./
1. قال ابن العربي: «يؤخذ من مجموع الأحاديث (النعي) ثلاث حالات، الأولى: إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح فهذا سُنَّة، الثانية: دعوة الحفل للمفاخرة فهذه تُكره، الثالثة: الإعلام بنوع آخر كالنياحة ونحو ذلك فهذا يحرم».

٩- باب فضل مَن مات له ولدٌ فاحتسبَ، والأمر بالصَّبر عند المصيبة


٦٣٩. عَنْ أنسِ بن مالكٍ ﵁ قال: قال رسولُ الله ﷺ: «مَا مِن مؤمنٍ مُسْلِمٍ يُتَوَفَّى لَهُ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَبْلُغُوا الحِنْثَ، إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ». [خ:١٢٤٨]
1. في الحديث: فضل من مات له أولاد صغار فصبر واحتسب، فإنه لعظم شفقته عليهم، ورحمته بهم، فإن الله -تعالى- يرحمه ويدخله الجنة.
2. رحمة الله -تعالى- بعباده، حيث أعطاهم أفضل مما أَخذ منهم.

٦٤٠. [ق] ومِن حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَا يَمُوتُ لِمُسْلِمٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ فَيَلِجَ النَّارَ، إِلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ». [خ:١٢٥١]
٦٤١. [ق] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْريِّ ﵁ أَنَّ النِّسَاءَ قُلْنَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: اجْعَلْ لَنَا يَوْمًا فَوَعَظَهُنَّ، فَقَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَ لَهَا ثَلاثٌ مِنَ الوَلَدِ، كُنَّ لها حِجَابًا مِنَ النَّارِ». فقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: «وَاثْنَانِ». [خ:١٢٤٩]
٦٤٢. [ق] وعَنْ أنسٍ ﵁ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ بِامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ تَبْكِي، فَقَالَ: «اتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي». [خ:١٢٥٢]
1. قوله: (اتقي الله واصبري) قال ابن حجر: «فيه ملازمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».
2. وفيه الترغيب في احتمال الأذى عند بذل النصيحة، ونشر الموعظة.
3. وتتمة الحديث في البخاري: (قالَتْ: إلَيْكَ عَنِّي، فإنَّكَ لَمْ تُصَبْ بمُصِيبَتِي، ولَمْ تَعْرِفْهُ، فقِيلَ لَهَا: إنَّه النبيُّ ﷺ، فأتَتْ بَابَ النبيِّ ﷺ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقالَ: إنَّما الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى).
وفي قولها: (فإنك لم تصب بمصيبتي) ثم قالت في آخره: (لم أعرفك) قال النووي: «فيه الاعتذار إلى أهل الفضل إذا أساء الإنسان أدبه معهم».
وقوله: (فلم تجد عنده بوابين) قال النووي: «فيه ما كان عليه النبي ﷺ من التواضع، وأنه ينبغي للإمام والقاضي إذا لم يحتج إلى بواب ألا يتخذه».
وقوله: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى) قال النووي: «معناه الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجر الجزيل لكثرة المشقة فيه».
قال ابن حجر: «وفيه مسامحة المُصاب وقبول اعتذاره». وقال: «أن من أُمِرَ بمعروف ينبغي له أن يقبل ولو لم يعرف الآمر».

١٠- بابُ الأمرِ بغسْلِ المَيِّتِ، وكيفيته


٦٤٣. [ق] عَنْ أيُّوب قَالَ: سَمِعْتُ مُحمَّدَ بْنَ سِيرِينَ قَالَ: جَاءَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ -امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِنَ اللَّاتِي بَايَعْنَ النَّبِيَّ ﷺ، قَدِمَتِ البَصْرَةَ- تُبَادِرُ ابْنًا لَهَا، فَلَمْ تُدْرِكْهُ، فَحَدَّثَتْنَا، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ، فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاه، فأَلْقَى إِلَيْنَا حَقْوَهُ، فَقَالَ: «أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ». وَزَعَمَ أَنَّ الإِشْعَارَ: الفُفْنَهَا فِيهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَأْمُرُ بِالمَرْأَةِ أَنْ تُشْعَرَ وَلَا تُؤْزَرَ. [خ:١٢٦١]
• [ق] وفي رواية: فلمَّا فرغنا آذنَّاه، فنزَع مِن حَقْوِهِ إزارَهُ، وقال: «أَشْعِرْنَهَا إيَّاه». [خ:١٢٥٧]
1. قولها: (فألقى إلينا حقوه فقال: أشعرنها إياه) قال النووي: يعني إزاره، ومعنى (أشعرنها إياه) اجعلنه شعارا لها، وهو الثوب الذي يلي الجسد، سمي شعارًا؛ لأنه يلي شعر الجسد، والحكمة في إشعارها به تبريكها به.
2. وفيه: جواز تكفين المرأة في ثوب الرجل.

٦٤٤. [ق] ومِن حديث حَفصةَ بنتِ سيرين -وتُكنى أمَّ الهُذَيْل- عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ: أنَّه ﵇ قَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا، إنْ رَأيْتُنَّ ذَلِكَ، وَابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا». قالت: وَإِنَّهنَّ جَعَلْنَ رَأْسَ بِنْتِ رَسُوْلِ الله ﷺ ثَلَاثَةَ قُرُوْنٍ، نَقَضْنَهُ، ثمَّ غَسَلْنَهُ، ثُمَّ جَعَلْنَهُ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ. [خ: ١٢٥٨-١٢٥٩]
٦٤٥. [ق] ومِن حديث هشامٍ عَنْ حَفْصَة، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: ضَفَرْنَا شَعَر/ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، تَعْنِي ثَلَاثَةَ قُرُونٍ: نَاصِيَتَهَا وَقَرْنَيْهَا. [خ:١٢٦٢]
• [ق] وفي أخرى: فضَفَرْنَا شَعَرها ثلاثة قُرُونٍ، فألقيناها خَلْفَها. [خ:١٢٦٣]
الغريب: (الحَقْوُ): الخَصْرُ، والمراد به هنا: الإِزار، كما جاء مفسَّرًا في الحديث، وسُمِّي الإِزَار حِقْوةً باسم المَحَلِّ الَّذي يُجعل فيه. و(أَشْعِرْنَهَا): اجْعَلْنَه على جسدِها. و(الشِّعَارُ): هو الثَّوب الذي يلي الجسد. و(الدِّثَارُ): مَا يُلبس على الشِّعار. وقوله: (أَوْ سَبْعًا إنْ رَأيْتُنَّ ذَلِكَ) قالَ أبو عمر بن عبد البرِّ: لا أعلم أحدًا قال بمجاوزة سبعِ غسلات في غسل الميِّت. قلت: فعلى هَذا الاسْتثناءُ يرجع إلى مَا قبلها، والله أعلم.

١١- باب ما جاء في الكَفن والحَنُوط، وأنَّه مِن رأسِ المال


٦٤٦. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ يمانيَةٍ بيضٍ سَحُولية مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ. [خ:١٢٦٤]
٦٤٧. [ق] وعَنِ ابنِ عبَّاسٍ ﵄ قال: بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ مع رَسولِ الله ﷺ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَوَقَصَتْهُ -أَوْ قَالَ: فَأَوْقَصَتْهُ- قال النَّبِيُّ ﷺ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا». [خ:١٢٦٥]
• [ق] وفي أُخرى: «مُلَبِّدًا». [خ:١٢٦٧]
1. قوله: (فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) قال ابن حجر: «استدل به على أن الإحرام لا ينقطع بالموت».
2. قال ابن بطال: «فيه أن من شرع في عمل طاعة ثم حال بينه وبين إتمامه الموت رُجي له أن الله يكتبه في الآخرة من أهل ذلك العمل».

٦٤٨. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵁ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ، جَاءَ ابْنُهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ، وَصَلِّ عَلَيْهِ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ قَمِيصَهُ، فَقَالَ: «آذِنِّي أُصَلِّي عَلَيْهِ». فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: أَلَيْسَ اللهُ نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى المُنَافِقِينَ؟ قَالَ: «أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ. قَالَ: ﴿ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِینَ مَرَّةࣰ فَلَن یَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ﴾ [التوبة:٨٠]» فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰۤ أَحَدࣲ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدࣰا﴾ [التوبة:٨٤]. [خ:١٢٦٩]
1. قال ابن بطال: «في إقدام عمر على مراجعة الرسول في الصلاة عليه من الفقه: أن الوزير الفاضل الناصح لا حرج عليه أن يخبر سلطانه بما عنده من الرأي، وإن كان مخالفاً لرأيه وكان عليه فيه بعض الجفاء، إذا علم فضل الوزير وثقته وحسن مذهبه، وأن صبر السلطان على ذلك من تمام الفضل؛ ألا ترى سكوت النبي عن عمر، وتركه الإنكار عليه، وفي رسول الله أكبر الأسوة».
2. وفي الحديث: ما كان عليه النبي ﷺ مِن الصفح والعفو عمن يظهر الإسلامَ ولو كان باطنُه على خِلافِ ذلك؛ لمَصْلحةِ الاستئلافِ وعدَمِ التَّنفيرِ عنه، وذلك قبْلَ نُزولِ النهي الصريحِ عن الصلاة على المنافقِين وغيرِ ذلك ممَّا أُمِر فيه بمُجاهرتِهم.

٦٤٩. وعَنْ سَعْدِ بن إبراهيم، عَنْ أبيه أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ أُتِيَ بِطَعَامٍ، وَكَانَ صَائِمًا، فَقَالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ فِي بُرْدَةٍ، إِنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ، وَإِنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ، وَأُرَاهُ قَالَ: قُتِلَ حَمْزَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي -في رواية[خ:١٢٧٤]:/ فلم يوجدْ ما يُكفَّن فيه إلَّا بُردةً- ثمَّ بُسِطَ لنا مِن الدُّنيا ما بُسِطَ -أو قال: أُعطينا مِن الدُّنيا ما أُعطينا- وقد خشيتُ أن تكونَ حسناتُنا عُجِّلَتْ لنا، ثمَّ جعلَ يبكي حَتَّى تركَ الطَّعام. [خ:١٢٧٥]
الغريب: (سَحُوليَّة): منسوبةٌ إلى سَحُول -بفتح السِّين- قريةٍ باليمن. و(الكُرْسُف): القطن. و(وَقَصَتْهُ راحلتُه): رَمتْه فانْدقَّتْ عنقُهُ. و(الحَنُوط): ما يُطيَّب به الميت، وهو بفتح الحاء. و(المُلَبِّدُ): هو الَّذي يصير شَعره كاللِّبَدِ بما يُجعل فيه مِن صَمغٍ أو عسلٍ ونحوهما. و(آذِنِّي): أعلمني. وهو ممدودُ الهمزة مكسور الذَّال. وقوله: (أَنَا بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ) تَمَسَّكَ بلفظ (أو) دَون المعنى لأنَّ معنى الآية: الإِيَاسُ مِن المغفرةِ لهم.
1. قال ابن بطال: «وفيه أنه ينبغي ذِكر سير الصالحين وتقللهم في الدنيا لتقل رغبته فيها، وكان بكاء عبد الرحمن شفقاً ألا يلحق بمن تقدَّمه».

١٢- باب إعداد الكفَن، ومَن لم يوجد له إلَّا ثوب واحد كُفِّنَ فيه


٦٥٠. عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ ﵁ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ ﷺ بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ، فِيهَا حَاشِيَتُهَا، تَدْرُونَ مَا البُرْدَةُ؟ قَالُوا: الشَّمْلَةُ. قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي فَجِئْتُ لِأَكْسُوَكَهَا، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلَانٌ، فَقَالَ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا قَالَ القَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ ﷺ مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ثُمَّ سَأَلْتَهُ، وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ. قَالَ: إِنِّي وَاللهِ مَا سَأَلْتُهُ لِأَلْبَسَهُ، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي، قَالَ سَهْلٌ: وَكَانَتْ كَفَنَهُ. [خ:١٢٧٧]
1. (اكسنيها ما أحسنها)، قال ابن حجر: «جواز استحسان الإنسان ما يراه على غيره من الملابس وغيرها، إما ليُعرفه قدرها، وإما ليُعَرِّض له بطلبه منه حيث يسوغ له ذلك».
2. قال ابن حجر: «في الحديث: حسن خلق النبي ﷺ وسعة جوده وقبوله الهدية».

٦٥١. [ق] وعَنْ خَبَّابٍ ﵁ -هو ابن الأَرَتِّ- قال: هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ نَلْتَمِسُ وَجْهَ اللهِ، فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللهِ، فَمِنَّا مَنْ مَاتَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ فَلَمْ نَجِدْ مَا نُكَفِّنُهُ بِهِ إِلَّا بُرْدَةً، إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنْ نُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَأَنْ نَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ. [خ:١٢٧٦]
الغَريب: (أَيْنَعَتْ): طَابتْ، وحان قِطَافها. و(يَهْدِبُهَا): يأكلها، وأصلُه مِن هُدْب الثَّوب، وهو طرفه المُتَدَلِّي، فكأنَّ آكلَ الشَّيء يأخذُه هَدْبًا هَدْبًا./

١ "إن رسول الله ﷺ برئَ من الصالقة، والحالقة، والشَّاقّة". معنى (الصالقة):

٥/٠