(٢٤) كِتَابُ الصِّيَامِ


١- باب فرْض الصِّيام وفضْله


٧٤٧. [ق] عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ﵁ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ ثَائِرَ الرَّأْسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ؟ فَقَالَ: «الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا». فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ؟ فَقَالَ: «شَهْرَ رَمَضَانَ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ شَيْئًا». فَقَالَ: أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قَالَ: فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بشَرَائِعِ الإِسْلَامِ. قَالَ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ لَا أَتَطَوَّعُ شَيْئًا وَلَا أَنْقُصُ مِمَّا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ» أَوْ «دَخَلَ الجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ». [خ:١٨٩١]
1. في الحديث: أن الإنسان إذا اقتصر على الواجب في الشرع فإنه مُفلِح، ولكن لا يعني هذا أنه لا يسن أن يأتي بالتطوع؛ لأن التطوع تكمل به الفرائض يوم القيامة.
2. وفيه حسن معاملته ﷺ لهذا الرجل، فقد مَكَّنَه من الاقتراب منه وسؤاله، بخلاف حال العظماء.
3. وفيه البدء في الدعوة إلى الله تعالى بالأهم فالأهم.

٧٤٨. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أنَّ رسولَ الله ﷺ قال: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ. وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ المِسْكِ؛ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا». [خ:١٨٩٤]
• [ق] وفي رواية: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ». وذكر/ نحوَه. وقال في آخرِه: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ». [خ:١٩٠٤]
1. في قوله: (فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ)، قال النووي: «واعلم أنّ نهي الصائم عن الرفث والجهل والمخاصمة والمشاتمة ليس مختصًّا به، بل كل أحد مثله في أصل النهي عن ذلك لكن الصائم آكد».
2. في قوله: (فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ) قال النووي: «في هذا الحديث: أنه لا بأس بإظهار نوافل العبادة من الصوم والصلاة وغيرهما إذا دعت إليه حاجة، والمستحب إخفاؤها إذا لم تكن حاجة».
3. قال النووي: «وفيه الإشارة إلى حسن المعاشرة، وإصلاح ذات البين، وتأليف القلوب، وحسن الاعتذار عند سببه».
4. في قوله تعالى: (وأنا أجزي به) بيان لعظم فضله، وكثرة ثوابه؛ لأن الكريم إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه الجزاء اقتضى عظم قدر الجزاء وسعة العطاء.
5. قوله: (وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه) قال النووي: «قال العلماء: أما فرحته عند لقاء ربه فبما يراه من جزائه، وتذكر نعمة الله تعالى عليه بتوفيقه لذلك، وأما عند فطره فسببها تمام عبادته وسلامتها من المفسدات، وما يرجوه من ثوابها».

٧٤٩. [ق] وعَنْ سهلٍ ﵁-هو ابْن سعد- عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مِنْهُ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا غُلِّقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ». [خ:١٨٩٦]
1. الرَّيَّانُ: مِن الرِّيِّ، وهو نقيض العطش؛ وفي تسمية الباب بذلك مناسبة حسنة؛ لأنه جزاء الصائمين على عطشهم وجوعهم، واكتفي بذكر الري عن الشبع لأنه يستلزمه، أو لكونه أشق على الصائم من الجوع.

٧٥٠. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». [خ:١٨٩٧]
الغريب: (الفَلَاح): الظَّفَرُ بالمطلوب، والنَّجاة مِن المكروه. و(الجُنَّةُ): الوقاية والسَّاتر. و(الرَّفَث) في القول: السَّفه فيه والسُّخف. و(قاتَلَه): دافعَه مدافعة المُقاتِل. و(الخُلُوف) بضمِّ الخاء: رائحة الفم الكريهة. وقوله: (الصِّيامُ لِي): إضافةُ تخصيصٍ وتشريفٍ، وقيل: فائدتها أنَّه لا يُؤخذ الصَّوم مِن فاعله عند مقاصَّة القيمة. و(رَيَّان): فعلان مِن الرِّيِّ الَّذي هو ضدُّ العطش، ومؤنَّثه: ريَّا على فَعلَى. و(الزَّوجان): شَيئان مِن نوع واحد.
1. في الحديث قوله: (نودي في الجنة: يا عبد الله، هذا خير) قال النووي: «قيل: معناه لك هنا خير وثواب وغبطة، وقيل: معناه هذا الباب فيما نعتقده خير لك من غيره من الأبواب لكثرة ثوابه ونعيمه، فتعال فادخل منه، ولا بد من تقدير ما ذكرناه أن كل مناد يعتقد ذلك الباب أفضل من غيره».
2. قوله ﷺ في صاحب الصوم: (دعي من باب الريان) قال العلماء: «سمي باب الريان تنبيها على أن العطشان بالصوم في الهواجر سيروى وعاقبته إليه، وهو مشتق من الري».
3. قوله: (إني لأرجو أن تكون منهم) قال النووي: «فيه منقبة لأبي بكر ﵁، وفيه جواز الثناء على الإنسان في وجهه إذا لم يخف عليه فتنة بإعجاب وغيره».
4. فيه أن من أكثر من شيء عُرِفَ به.
5. فيه أن الملائكة يحبون صالحي بني آدم ويفرحون بهم.
6. فيه أن أعمال البر لا تُفتح في الأغلب للإنسان الواحد في جميعها، وإن فُتِحَ له في شيء حُرِم غيرها في الأغلب، وأنه قد يفتح جميعها للقليل من الناس، وإن الصدّيق ﵁ منهم.

٢- باب الحسْبَةِ والنِّيَّة في الصَّوم،والحال الَّتي ينبغي للصَّائم أن يكون عليها، وجواز قول رَمضان مِن غير شَهر


٧٥١. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». [خ:١٩٠١]
٧٥٢. [ق] وعنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّماء -في رواية[خ:١٨٩٨]: الجَنَّةِ- وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ». [خ:١٨٩٩]
1. من خصائص هذا الشهر الكريم أنه إذا دخل فتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وغلقت أبواب جهنم فلم يفتح منها باب، وذلك علامة لدخول هذا الشهر الكريم يدركها أهل السماء، ويستشعرها أهل الأرض المؤمنون بخبر الصادق المصدوق، وفي هذا تعظيم لهذا الشهر، وإشعار بمكانته وحرمته، وفيه إيذان بكثرة الأعمال الصالحة فيه، وترغيب للعاملين بطاعة الله تعالى.
2. قال القرطبي: «فإن قيل: كيف نرى الشرور والمعاصي واقعة في رمضان كثيرا فلو صفدت الشياطين لم يقع ذلك؟ فالجواب: أنها إنما تقل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه، أو المصفد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم كما تقدم في بعض الروايات، أو المقصود تقليل الشرور فيه وهذا أمر محسوس فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره، إذ لا يلزم من تصفيد جميعهم ألا يقع شر ولا معصية؛ لأن لذلك أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية».
3. في تصفيد الشياطين في رمضان إشارة إلى رفع عذر المكلف؛ كأنه يقال له: قد كفت عنك الشياطين، فلا تعتل بهم في ترك الطاعة ولا فعل المعصية، فما بقي إلا هواك ونفسك الأمارة بالسوء، فلتكن قويا عليهما.

٧٥٣. [ق] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: كَانَ/ النَّبيُّ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيرِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبريلُ يَلْقَاهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ. [خ:١٩٠٢]
1. قال النووي: «في الحديث الحث على الجود في كل وقت، والزيادة في رمضان وعند الاجتماع بأهل الصلاح».
2. قال ابن حجر: «قيل الحكمة فيه أن مدارسة القرآن تجدد له العهد بمزيد غنى النفس، والغنى سبب الجود، والجود في الشرع إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي، وهو أعم من الصدقة».
3. قال ابن حجر: «رمضان موسم الخيرات؛ لأن نعم الله على عباده فيه زائدة على غيره، فكان النبي ﷺ يؤثر متابعة سنة الله في عباده، فبمجموع ما ذكر من الوقت والمنزول به والنازل والمذاكرة حصل المزيد في الجود، والعلم عند الله تعالى».
4. قال النووي: «وفيه زيارة الصلحاء وأهل الخير، وتكرار ذلك إذا كان المزور لا يكرهه».
5. قال النووي: «وفيه استحباب الإكثار من القراءة في رمضان وكونها أفضل من سائر الأذكار، إذ لو كان الذكر أفضل أو مساويا لفعلاه».
6. قال النووي: «وفيه إشارة إلى أن ابتداء نزول القرآن كان في شهر رمضان؛ لأن نزوله إلى السماء الدنيا جملة واحدة كان في رمضان كما ثبت من حديث ابن عباس، فكان جبريل يتعاهده في كل سنة فيعارضه بما نزل عليه من رمضان إلى رمضان، فلما كان العام الذي توفي فيه عارضه به مرتين كما ثبت في الصحيح».

٣- باب مَا يجتنبه الصَّائم، وما يجوز له فِعْلهُ


٧٥٤. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قال النَّبيُّ ﷺ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». [خ:١٩٠٣]
٧٥٥. [ق] عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ. [خ:١٩٢٧]
• وفي رواية: كان يقبِّلها وهو صائمٌ. [خ:١٩٢٩]
1. قال النووي: «في الحديث جواز الإخبار عن مثل هذا مما يجري بين الزوجين على الجملة للضرورة، وأما في غير حال الضرورة فمنهي عنه».

• [خت] وعنها، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ».
• [خت] وَقَالَ عَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ: يَبْتَلِعُ رِيقَهُ.
• [خت] وقال ﵇: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضوءٍ». ولم يخصَّ الصَّائم مِن غيره.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لَا بَأْسَ بِالسِّوَاكِ الرَّطْبِ، قِيلَ: لَهُ طَعْمٌ؟ قَالَ: وَالمَاءُ لَهُ طَعْمٌ وَأَنْتَ تُمَضْمِضُ بِهِ.
٧٥٦. [ق] وعَنِ ابن مسعودٍ ﵁ قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». [خ:١٩٠٥]
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَعَّمَ القِدْرَ وَالشَّيْءَ.
• [خت] وَقَالَ الحَسَنُ: لَا بَأْسَ بِالمَضْمَضَةِ وَالتَّبَرُّدِ لِلصَّائِمِ.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا كَانَ صَوْمُ أَحَدِكُمْ، فَلْيُصْبِحْ دَهِينًا مُتَرَجِّلًا.
• [خت] وَقَالَ أَنَسٌ: إِنَّ لِي أَبْزَنَ أَتَقَحَّمُ فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ.
الغريب: (الزُّور): الكَذِبُ والباطِلُ. و(المباشرة): التقاء البشرتين، والبَشَرة: ظاهر الجِلْد، والأَدَمةُ: باطنه، وأصل القُبْلة وضع الفم على الفم. و(الإِرْب): الحاجة للنِّساء، وأصله العضو، ويُقال بفتح الهمزة وكسرها، ويُجمع: آراب، ويفيد قولها: أنَّ مَن لم يَملك نفسَه لا يجوز له أن يُقبِّل وهو صَائم. و(المَرْضَاة): الرِّضا. و(الباءة) ممدودٌ، وهو كناية/ عَنِ النِّكاح، ويُقال: باءة ومَبَاءة. والمَرأة مباءة الرَّجل؛ أي: مَحِلُّ نكاحه، وأصلُها: المنزل، وهو مِن تبوَّأتُ المَوضع؛ أي: اتَّخذته منزلًا. و(الوِجَاء) بكسر الواو والمدِّ: رضُّ الأُنْثَيَيْنِ، والخِصَاء: إخراجها. و(الأَبزنُ): كالقَصْريَّة، يُغتسل فيه، بفتح الهمزة، وقيَّده أبو ذرٍّ بكسرها. وقال: هو فارسيٌّ.
1. قال ابن حجر: «خص الشباب بالخطاب؛ لأن الغالب وجود قوة الداعي فيهم إلى النكاح بخلاف الشيوخ، وإن كان المعنى معتبرًا إذا وجد السبب في الكهول والشيوخ أيضًا».
2. قال شيخ الإسلام: «واستطاعة النكاح هو القدرة على المؤنة وليس هو القدرة على الوطء، فإن الخطاب إنما جاء للقادر على الوطء، ولذا أمر من لم يستطع بالصوم، فإنه له وِجَاء».
3. وفيه: مشروعية معالجة الشهوة بما يسكنها لا بما يقطعها.

٤- باب الصَّوم والفِطْر للرُّؤية،فإنْ تعذَّرت كُمِّلت عِدَّة شعبان ثَلاثين، ولا اعْتبار بالحساب


• [خت] وقال عمَّار بن ياسر: مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا القَاسِمِ ﷺ.
٧٥٧. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الهِلَالَ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». [خ:١٩٠٦]
• وفي رواية: «فإنْ غُمَّ عليكم فأكمِلوا العِدَّة ثلاثين». [خ:١٩٠٧]
٧٥٨. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قال: قال النَّبيُّ ﷺ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ». [خ:١٩٠٩]
٧٥٩. [ق] عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، غَدَا أَوْ رَاحَ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَدْخُلَ شَهْرًا؟ فَقَالَ: «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا». [خ:١٩١٠]
1. فيه جواز هجران المسلم فوق ثلاثة أيام، إذا تعلقت بذلك مصلحة دينية؛ من صلاح حال المهجور، وغير ذلك.

• ونحوه عَنْ أَنَسٍ، غير أنَّه قال: انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ. وذكر نحوه. [خ:١٩١١]
٧٦٠. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا، يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ». [خ:١٩١٣]
الغَريب: (غُمَّ): غطِّي. و(غُبِّيَ): خَفِي. و(اقْدروا) مخفَّفًا -بضمِّ الدَّال وكسرها- بمعنى: حقِّقوا مقادير أيَّام شَعبان، كما جاء مفسَّرًا في الرِّواية الأخرى. و(المَشْرُبَة): الغُرْفَة، وأصلها: الموضع الَّذي يُشرب فيه، ويُقال بضمِّ الرَّاء وفتحها. والأُمَّة: هنا الجماعة مِن النَّاس، ويعني بها: جُمْلة العرب، والأُمِّيُّ: الَّذي لا يكتب؛ كأنَّه بقي على أصلِ ولادة الأمِّ، وهو الغالب على العَرب.
1. قال النووي: «قال العلماء: (أمية) باقون على ما ولدتنا عليه الأمهات لا نكتب ولا نحسب».

٥- باب/ لا ينقصُ ثواب الشَّهر وإنْ نقصَ عدَدُ أيَّامه، والنَّهي عَنْ أن يتقدَّم رمضان بصوم 7:31


٧٦١. [ق] عَنْ عبد الرَّحمن بن أبي بَكْرة، عَنْ أَبِيْهِ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «شَهْرَانِ لَا يَنْقُصَانِ، شَهْرَا عِيدٍ: رَمَضَانُ وَذُو الحِجَّةِ». [خ:١٩١٢]
1. قال ابن حجر: «في الحديث حجة لمن قال إن الثواب ليس مُرتباً على وجود المشقة دائماً، بل لله أن يتفضل بإلحاق الناقص بالتام في الثواب».

٧٦٢. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ». [خ:١٩١٤]
(لَا يَنقصان) قيل: لا يَجتمع نقصُهما في سَنةٍ واحدةٍ، وقيل: لا ينقصُ ثوابهما وإنْ نقصَ عددهما.
1. من حكمة ذلك -والله أعلم- تمييز فرائض العبادات من نوافلها، والاستعداد لرمضان بنشاط ورغبة، وليكون الصيام شعار ذلك الشهر الفاضل المميز به.

٦- باب قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمۡ لَیۡلَةَ ٱلصِّیَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَاۤىِٕكُمۡ﴾ إلى قوله: ﴿حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِ۝١٨٨﴾ [البقرة:١٨٧]


٧٦٣. عَنِ البَرَاءِ بن عازبٍ ﵁ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ صَائِمًا فَحَضَرَ الإِفْطَارُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يُفْطِرَ لَمْ يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ وَلَا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ قَيْسَ بْنَ صِرْمَةَ الأَنْصَارِيَّ كَانَ صَائِمًا، فَلَمَّا حَضَرَ الإِفْطَارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقَالَ لَهَا: أَعِنْدَكِ طَعَامٌ؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وَكَانَ يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، فَلَمَّا انْتَصَفَ النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿أُحِلَّ لَكُمۡ لَیۡلَةَ ٱلصِّیَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَاۤىِٕكُمۡ ٨٨﴾ [البقرة:١٨٧] ففَرِحُوا فَرَحًا شَدِيدًا، فَنَزَلَتْ: ﴿وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّوا۟ ٱلصِّیَامَ إِلَى ٱلَّیۡلِ۝١٨٨﴾ [البقرة:١٨٧]. [خ:١٩١٥]
٧٦٤. [ق] عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ﵁ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: ﴿حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ۝١٨٨﴾ [البقرة:١٨٧] عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لهُ فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ». [خ:١٩١٦]
1. فيه أن المسائل المشكلة، والألفاظ المشتبهة، يسأل عنها أهل العلم الراسخين.

٧٦٥. [ق] عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ﵁ قَالَ: أُنْزِلَتْ: ﴿وَكُلُوا۟ وَٱشۡرَبُوا۟ حَتَّىٰ یَتَبَیَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَیۡطُ ٱلۡأَبۡیَضُ مِنَ ٱلۡخَیۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ ﴾ [البقرة:١٨٧] وَلَمْ يَنْزِلْ: ﴿مِنَ ٱلۡفَجۡرِ﴾ [البقرة:١٨٧]، فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالخَيْطَ الأَسْوَدَ، ولا يزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى/ يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللهُ بَعْدُ: ﴿مِنَ ٱلۡفَجۡرِ﴾ [البقرة:١٨٧] فعَلِمُوا إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. [خ:١٩١٧]
(﴿ٱلرَّفَثُ﴾): هنا كناية عَنِ الجِماع. و(العِقَال): ما يُعقل به البعيرُ مِن حَبلٍ أو غيره.

٧- باب بركةِ السُّحور وتأخيره، وإنَّه مندوب إليه


٧٦٦. [ق] عَنْ أنسٍ ﵁ قال: قال النَّبيُّ ﷺ: «تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً». [خ:١٩٢٣]
1. قال ابن دقيق العيد: «هذه البركة يجوز أن تعود إلى الأمور الأخروية فإن إقامة السنة يوجب الأجر وزيادته، ويحتمل أن تعود إلى الأمور الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم».
2. البركة في الحديث ظاهرها لأنه يقوي على الصيام وينشط له لأنه يقوي على الصيام وتحصل بسببه الرغبة في الازدياد من الصيام؛ لخفة المشقة فيه على المتسحر، وقيل: لأنه يتضمن الاستيقاظ والذكر والدعاء في ذلك الوقت الشريف وقت تنزل الرحمة، وقبول الدعاء والاستغفار، وربما توضأ صاحبه وصلى، أو أدام الاستيقاظ للذكر والدعاء والصلاة، أو التأهب لها حتى يطلع الفجر.

٧٦٧. [ق] عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁ قَالَ: تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. [خ:١٩٢١]
1. فيه استحباب الاجتماع على السحور.
2. قوله: (كم كان قدر ما بينهما؟ قال: خمسين آية) قال ابن أبي جمرة: «فيه الإشارة إلى أن أوقاتهم كانت مستغرقة بالعبادة».

٧٦٨. وعَنْ سهلِ بن سَعْدٍ ﵁ قَالَ: كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِي أَهْلِي، ثُمَّ يَكُونُ سُرْعَتِي أَنْ أُدْرِكَ صَلَاةَ السُّجودِ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ. [خ:١٩٢٠]
(السَّحُور) بفتح السِّين: اسم مَا يُؤكل وقت السَّحر، وبضمِّها: المصدر وهو الفعل. و(البركة) هنا: زيادة القوَّة على الصَّوم. والأمر بالسُّحور وبتأخيرِه على وجه النَّدب، والله أعلم.
• وقد تقدَّم قوله ﵇: «إنَّ بلالًا ينادي بليلٍ، فكلوا واشربوا حتَّى ينادي ابن أمِّ مكتوم». [ر:٣٢١]
1. قال النووي: «فيه اتخاذ مؤذنين للمسجد الكبير».
2. قوله: (ابن أم مكتوم) فيه جواز نسبة الرجل إلى أمه، إذا اشتهر بذلك، واحتيج إليه، وفي الصحابة ﵃جماعة عُرِفوا بذلك، منهم ابن بُحينة، ويعلى بن منية، والحارث بن البَرصاء .

٨- باب الصَّائم يُصْبِحُ جُنُبًا، ويأكل أو يشرب ناسيًا، أو يفطر قبل غُرُوب الشَّمس


٧٦٩. [ق] عَنْ أبي بكرِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَ مَرْوَانَ أَنَّ عَائِشَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ، فَقَالَ مَرْوَانُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقْسِمُ بِاللهِ لَتُقَرِّعَنَّ بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ عَلَى المَدِينَةِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قُدِّرَ لَنَا أَنْ نَجْتَمِعَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، وَكَانَتْ لِأَبِي هُرَيْرَةَ هُنَالِكَ أَرْضٌ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكَ أَمْرًا، وَلَوْلَا مَرْوَانُ أَقْسَمَ عَلَيَّ فِيهِ لَمْ أَذْكُرْهُ لَكَ. فَذَكَرَ قَوْلَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ: فَقَالَ: كَذَلِكَ حَدَّثَنِي الفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَهُو أَعْلَمُ. [خ:١٩٢٦]
قال البخاريُّ: وقَالَ هَمَّامٌ، وَابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:/ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَأْمُرُ بِالفِطْرِ. وَالأَوَّلُ أَسْنَدُ.
٧٧٠. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِذَا نَسِيَ فَأَكَلَ أوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ». [خ:١٩٣٣]
• [خت] قَالَ عَطَاءٌ: إِنِ اسْتَنْثَرَ فَدَخَلَ المَاءُ فِي حَلْقِهِ لَا بَأْسَ لَمْ يَمْلِكْ.
• [خت] وَقَالَ الحَسَنُ: إِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ الذُّبَابُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
• [خت] وَقَالَ الحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: إِنْ جَامَعَ نَاسِيًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
1. في الحَديثِ: التَّيسيرُ ورفْعُ المشقَّةِ والحرَجِ عن العِبادِ.
2. وفيه: دلالةٌ على عَدَمِ تكليفِ النَّاسي.

٧٧١. عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ﵄ قَالَتْ: أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ يَوْمَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، قِيلَ: فَأُمِرُوا بِالقَضَاءِ؟ قَالَ: بُدٌّ مِنْ قَضَاءٍ. وَقَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ هِشَامًا: لَا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لَا؟. [خ:١٩٥٩]

٩- باب وجوب الكفَّارة عَلى مَن أفطر في رَمضان متعمِّدًا


٧٧٢. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: «لَا». قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ -وَالعَرَقُ المِكْتَلُ- قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» فَقَالَ: أَنَا. قَالَ: «خُذْ هَذا، فَتَصَدَّقْ بِهِ». فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللهِ؟! فَوَاللهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا -يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ- أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ». [خ:١٩٣٦]
٧٧٣. [ق] ومِن حَديث عائشة ﵂ أنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: إِنَّهُ احْتَرَقَ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِمِكْتَلٍ يُدْعَى العَرَقَ، فَقَالَ: «أَيْنَ المُحْتَرِقُ؟» قَالَ: أَنَا. قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا». [خ:١٩٣٥]
1. قال ابن حجر: «في الحديث: التحدث بما يفعله المرء مخالفاً للشرع لمصلحة معرفة الحكم».
2. قال ابن حجر: «وفي الحديث: الرفق بالمتعلم والتلطف في التعليم والتألف على الدين».
3. قال ابن حجر: «في الحديث الندم على المعصية واستشعار الخوف».
4. فيه جواز الجلوس في المسجد لغير الصلاة، من المصالح الدينية كنشر العلم.
5. فيه إخبار الرجل بما يقع منه مع أهله للحاجة.
6. فيه التعاون على العبادة، والسعي في إخلاص المسلم، وإعطاء الواحد فوق حاجته الراهنة، وإعطاء الكفارة أهل بيت واحد.
7. وفيه: مشروعية المبالغة في الضحك عند التعجب
8. وفيه: استعمال الكناية فيما يستقبح ظهوره بصريح لفظه.
9. حسن خلق النبي ﷺ، وكرم الوفادة عليه فقد جاءه هذا الرجل خائفاً وجلاً، فراح فرحاً، معه ما يطعم منه أهله.

١٠- باب الحِجَامة والقَيء للصَّائم


• [خت] قال أبو هُرَيْرَةَ: إِذَا قَاءَ فَلَا يُفْطِرُ، إِنَّمَا يُخْرِجُ وَلَا يُولِجُ.
• [خت] وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ يُفْطِرُ، وَالأَوَّلُ/ أَصَحُّ.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ: الصَّوْمُ مِمَّا دَخَلَ وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ.
• [خت] وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَهُ، فَكَانَ يَحْتَجِمُ بِاللَّيْلِ.
• [خت] وَاحْتَجَمَ أَبُو مُوسَى لَيْلًا.
• [خت] وَيُذْكَرُ عَنْ سَعْدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَأُمِّ سَلَمَةَ: احْتَجَمُوا صِيَامًا.
• [خت] وَقَالَتْ أُمُّ عَلْقَمَةَ: كُنَّا نَحْتَجِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ فَلَا تَنْهَى.
• [خت] وَيُرْوَى عَنِ الحَسَنِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مَرْفُوعًا: «أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ». قِيلَ لِلحَسَن: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَعْلَمُ.
٧٧٤. وسُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﵁: كُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؟ قال: لا، إلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ. [خ:١٩٤٠]

١١- باب الصِّيام في السَّفر والإفطار، وحُكم مَن أجهدَه الصِّيام، ومتى يفطُرُ الصَّائم


٧٧٥. [ق] عَنِ ابْن أَبِي أَوْفَى ﵁ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي سَفَرٍ فَقَالَ لِرَجُلٍ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لنا». قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الشَّمْسُ؟ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي». قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الشَّمْسُ؟ قَالَ: «انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي». فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فَشَرِبَ، ثُمَّ رَمَى بِيَدِهِ هَاهُنَا، ثُمَّ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». [خ:١٩٤١]
1. قال ابن حجر: «فيه تَذَكير العالم بما يُخشى أن يكون نسيه وترك المراجعة له بعد ثلاث».

٧٧٦. [ق] وفي رواية: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَابَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ». [خ:١٩٥٤]
• [خت] وأفطر أبو سعيد حِين غاب قُرصُ الشَّمس.
٧٧٧. [ق] عَنْ [عائشة أنَّ] حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ ﵁ أنَّه قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ. [خ:١٩٤٢]
٧٧٨. [ق] في رواية: أَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ». [خ:١٩٤٣]
٧٧٩. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، -في رواية [خ:١٩٤٤]: في رَمضان- فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ -في رواية [خ:١٩٤٤]: الكَدِيد- ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى يَدِهِ لِيُرِيَهُ النَّاسَ، فَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ. [خ:١٩٤٨]
1. وفيه: بيان ما كان عليه النبي ﷺ من الشفقة بأمته.
2. وفيه: سماحة الشريعة، وسهولة تكاليفها، حيث أباحت الفطر للمسافر؛ لما يلحقه من التعب بسبب عناء السفر.

٧٨٠. [ق] عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ﵁ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، حَتَّى يَضَعَ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا مَا كَانَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَابْنِ رَوَاحَةَ./ [خ:١٩٤٥]
٧٨١. [ق] عَنْ جَابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ ﵄ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: «لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ». [خ:١٩٤٦]
٧٨٢. [ق] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ قَالَ: كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى المُفْطِرِ، وَلَا المُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ. [خ:١٩٤٧]
(الجَدْحُ) بالجيم والحاء المهملة: خلط الماء باللَّبن. و(المِجْدَحُ): العُوَيْد الَّذي يُخلط به.

١ قال النبي ﷺ: "الصيام جنّة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل: (…)

٥/٠