١٢- باب نَسْخ الفِدْية، ومَتى يُقضى رمضان
• [خت] قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ: نَسَخَتْهَا: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ﴾إلى قوله: ﴿وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [البقرة:١٨٥]. (خ:١٩٤٩) (خ:٤٥٠٧)
• [خت] وقال ابن أَبِي لَيْلَى: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ: نَزَلَ رَمَضَانُ فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ مِمَّنْ يُطِيقُهُ، وَرُخِّصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَنَسَخَتْهَا: ﴿وَأَن تَصُومُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة:١٨٤] فَأُمِرُوا بِالصَّوْمِ.
٧٨٣. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قالت: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ. [خ:١٩٥٠]
• [خت] قَالَ يَحْيَى: الشُّغْلُ مِنَ النَّبِيِّ، أَوْ بِالنَّبِيِّ ﷺ.
• [خت] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ لِقَوْلِ اللهِ ﷿: ﴿فَعِدَّةࣱ مِّنۡ أَیَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة:١٨٤].
• [خت] وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ فِي صَوْمِ العَشْرِ: لَا يَصْلُحُ حَتَّى يَبْدَأَ بِرَمَضَانَ.
• [خت] وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِذَا فَرَّطَ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ يَصُومُهَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ طَعَامًا.
• [خت] وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُرْسَلًا وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ يُطْعِمُ. وَلَمْ يَذْكُرْ فيه الإِطْعَامَ.
1. في الحديث: أن حق الزوج من العشرة والخدمة يُقدَّمُ على سائر الحقوق ما لم يكن فَرْضًا محصورا في وقت محدد.
2. وفيه: بيان تيسير الإسلام وتوسعته على أصحاب الأعذار في قضاء ما فات من صيام رمضان.
3. قال ابن حجر: «وفيه: مشروعية تأخير قضاء رمضان مطلقا، سواء كان لعذر أو لغير عذر».
2. وفيه: بيان تيسير الإسلام وتوسعته على أصحاب الأعذار في قضاء ما فات من صيام رمضان.
3. قال ابن حجر: «وفيه: مشروعية تأخير قضاء رمضان مطلقا، سواء كان لعذر أو لغير عذر».
١٣- باب مَن ماتَ وَعليه صِيام
• [خت] وَقَالَ الحَسَنُ: إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا أَجْزأ.
٧٨٤. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ». [خ:١٩٥٢]
٧٨٥. [ق] وعَنِ ابْن عبَّاس ﵄ قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ/ شَهْرٍ، فَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى». [خ:١٩٥٣]
• [خت] وفي رواية: قالت امرأة للنَّبيِّ ﷺ: إنَّ أختي ماتت.
• [خت] وفي أخرى: إنِّ أمِّي ماتت وعليها صوم نذْر.
• [خت] وفي أخرى: وعليها صوم خمسة عشر يومًا. وذكر نحوه.
1. قال النووي: «فيه جواز سماع كلام المرأة الأجنبية في الاستفتاء ونحوه من مواضع الحاجة».
2. قال النووي: «وفيه قضاء الدين عن الميت، وقد أجمعت الأمة عليه، ولا فرق بين أن يقضيه عنه وارث أو غيره فيبرأ به بلا خلاف».
3. قال النووي: «وفيه أنه يستحب للمفتي أن ينبه على وجه الدليل إذا كان مختصرا واضحا، وبالسائل إليه حاجة، أو يترتب عليه مصلحة؛ لأنه ﷺ قاس على دين الآدمي، تنبيها على وجه الدليل».
2. قال النووي: «وفيه قضاء الدين عن الميت، وقد أجمعت الأمة عليه، ولا فرق بين أن يقضيه عنه وارث أو غيره فيبرأ به بلا خلاف».
3. قال النووي: «وفيه أنه يستحب للمفتي أن ينبه على وجه الدليل إذا كان مختصرا واضحا، وبالسائل إليه حاجة، أو يترتب عليه مصلحة؛ لأنه ﷺ قاس على دين الآدمي، تنبيها على وجه الدليل».
١٤- باب كراهة الوِصَالِ مخافة الضَّعف، والوقت الَّذي يجوز الوِصَال إليه
٧٨٦. [ق] عَنْ أَنَسٍ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَا تُوَاصِلُوا». قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ؟ قَالَ: «لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ: إِنِّي أُطْعَمُ، وَأُسْقَى، أَوْ إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ أو أُسْقَى». [خ:١٩٦١]
• [ق] ونحوه عَنِ ابن عُمر، غير أنَّه قال: «أُطْعَمُ وَأُسْقَى» ولم يشكَّ. [خ:١٩٦٢]
٧٨٧. [ق] وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ الوِصَالِ فِي الصَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟» إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي، فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الوِصَالِ، وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا، ثُمَّ رَأَوُا الهِلَالَ، فَقَالَ: «لَوْ تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ». كَالمُنكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا. [خ:١٩٦٥]
٧٨٨. [ق] وفي رواية: قال ﵇: «إيَّاكم والوصال، إيَّاكم والوصال». قيل: إنَّك تواصل؟ قال: «إني أَبيِتُ يُطْعِمُنِي ربِّي ويسقيني، فَاكْلَفُوا مِن العَملِ ما تُطِيقُونَ». [خ:١٩٦٦]
٧٨٩. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنِ الوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ، فَقَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ. وذكر نحوه. [خ:١٩٦٤]
٧٩٠. وعَنْ أبي سعيد الخُدريِّ ﵁ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: «لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ، فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ». [خ:١٩٦٧]
1. قال النووي: «وسبب تحريمه: الشفقة عليهم، لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم، وأما الوصال بهم يوما ثم يوما فاحتمل للمصلحة في تأكيد زجرهم، وبيان الحكمة في نهيهم، والمفسدة المترتبة على الوصال وهي الملل من العبادة، والتعرض للتقصير في بعض وظائف الدين من إتمام الصلاة بخشوعها وأذكارها وآدابها، وملازمة الأذكار وسائر الوظائف المشروعة في نهاره وليله».
2. قوله: (فقالوا: إنك تواصل)، قال ابن حجر: «فيه جواز معارضة المفتي فيما أفتى به إذا كان بخلاف حاله ولم يَعلم المستفتي بسِرِّ المُخالفة».
2. قوله: (فقالوا: إنك تواصل)، قال ابن حجر: «فيه جواز معارضة المفتي فيما أفتى به إذا كان بخلاف حاله ولم يَعلم المستفتي بسِرِّ المُخالفة».
قوله: (يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي): لا يصحُّ حملُه على حقيقته وظاهره، إذ لو كان ذلك لما كان مواصلًا للصِّيام. فمعناه -والله أعلم-: أنَّ الله يخلق فيه قوَّة مَن أُطعمَ وسُقيَ عند رؤية ذلك في المنام، وهذا أَوْلَى ما قيل فيه.
١٥- باب مَن أقسَمَ على أخيه ليُفْطِرَنَّ في التطوُّع، ولم يرَ عليه قضاءً إذا كان أوفقَ له
٧٩١. عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ ﵁ قَالَ: آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ،/ فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا، فَقَالَ: كُلْ، فَإِنِّي صَائِمٌ. قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ. قَالَ: نَمْ، فَنَامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ قَالَ: نَمْ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمِ الآنَ، فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ ﷺ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقال النَّبيُّ ﷺ: «صَدَقَ سَلْمَانُ». [خ:١٩٦٨]
1. قوله: (آخى النبي ﷺ بين سلمان وأبي الدرداء)، قال ابن حجر: «فيه مشروعية المؤاخاة في الله».
2. قوله: (فزار سلمان أبا الدرداء)، قال ابن حجر: «فيه زيارة الإخوان والمبيت عندهم».
3. قال ابن حجر: «في الحديث النصح للمسلم، وتنبيه من غفل».
4. قوله: (فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن)، قال ابن حجر: «فيه فضل قيام آخر الليل».
5. قوله: (فرأى أم الدرداء متبذلة)، قال ابن حجر: «فيه مشروعية تزيُّن المرأة لزوجها، وثبوت حق المرأة على الزوج في حُسن العِشرة».
6. قال ابن حجر: «في الحديث: جواز النهي عن المستحبات إذا خَشِيَ أن ذلك يُفضي إلى السآمة والملل، وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب المذكور».
7. لأبي الدرداء ﵁ امرأتان كلتاهما يقال لها: أم الدرداء، إحداهما رأت النبي ﷺ، وهي الكبرى، واسمها: خيرة بنت أبي حدرد، وماتت قبل أبي الدرداء، والثانية: هي الصغرى، واسمها هجيمة، أو جهيمة بنت حيي الوصابية، تزوجها أبو الدرداء بعد النبي ﷺ، وهي تابعية تروي عن زوجها.
8. قال ابن حجر: «في الحديث كراهية الحمل على النفس في العبادة».
9. وفيه: مخاطبة الأجنبية للحاجة، والنصح للمسلم.
10. وفيه: الفطر من صوم التطوع للحاجة والمصلحة.
2. قوله: (فزار سلمان أبا الدرداء)، قال ابن حجر: «فيه زيارة الإخوان والمبيت عندهم».
3. قال ابن حجر: «في الحديث النصح للمسلم، وتنبيه من غفل».
4. قوله: (فلما كان من آخر الليل، قال سلمان: قم الآن)، قال ابن حجر: «فيه فضل قيام آخر الليل».
5. قوله: (فرأى أم الدرداء متبذلة)، قال ابن حجر: «فيه مشروعية تزيُّن المرأة لزوجها، وثبوت حق المرأة على الزوج في حُسن العِشرة».
6. قال ابن حجر: «في الحديث: جواز النهي عن المستحبات إذا خَشِيَ أن ذلك يُفضي إلى السآمة والملل، وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب المذكور».
7. لأبي الدرداء ﵁ امرأتان كلتاهما يقال لها: أم الدرداء، إحداهما رأت النبي ﷺ، وهي الكبرى، واسمها: خيرة بنت أبي حدرد، وماتت قبل أبي الدرداء، والثانية: هي الصغرى، واسمها هجيمة، أو جهيمة بنت حيي الوصابية، تزوجها أبو الدرداء بعد النبي ﷺ، وهي تابعية تروي عن زوجها.
8. قال ابن حجر: «في الحديث كراهية الحمل على النفس في العبادة».
9. وفيه: مخاطبة الأجنبية للحاجة، والنصح للمسلم.
10. وفيه: الفطر من صوم التطوع للحاجة والمصلحة.
١٦- باب صَوم شَعبان، وكيف كان صِيام النَّبِيِّ ﷺ؟
٧٩٢. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، ومَا رَأَيْتُ النَّبيَّ ﷺ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ. [خ:١٩٦٩]
• [ق] وفي رواية: فإنَّه كان يصوم شعبان كلَّه، وكان يقول: «خذوا مِن العملِ ما تطيقون، فإنَّ الله لا يَملُّ حتَّى تملُّوا». وأحبُّ الصَّلاة إلى النَّبيِّ ﷺ ما دُووِمَ عليه وإنْ قَلَّتْ، وكان إذا صلَّى صلاةً داومَ عليها. [خ:١٩٧٠]
1. قوله: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)، قال ابن حجر: «فيه أن من أجهد نفسه في شيء من العبادة خشي عليه أن يمل فيفضي إلى تركه، والمداومة على العبادة وإن قلت أولى من جهد النفس في كثرتها إذا انقطعت، فالقليل الدائم أفضل من الكثير المنقطع غالبا».
2. وفي الحديث: أن أعمال التطوع ليست منوطة بأوقات معلومة، وإنما هي على قدر الإرادة لها والنشاط فيها.
3. قال ابن رجب في بيان وجه الصيام في شعبان: «وفيه معانٍ، وقد ذكر منها النبي إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان: الشهر الحرام وشهر الصيام، اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظنُّ أن صيام رجب أفضل من صيامه لأنه شهر حرام، وليس كذلك».
2. وفي الحديث: أن أعمال التطوع ليست منوطة بأوقات معلومة، وإنما هي على قدر الإرادة لها والنشاط فيها.
3. قال ابن رجب في بيان وجه الصيام في شعبان: «وفيه معانٍ، وقد ذكر منها النبي إلى أنه لما اكتنفه شهران عظيمان: الشهر الحرام وشهر الصيام، اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير من الناس يظنُّ أن صيام رجب أفضل من صيامه لأنه شهر حرام، وليس كذلك».
٧٩٣. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: مَا صَامَ النَّبِيُّ ﷺ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ، وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لَا وَاللهِ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ القَائِلُ: لَا وَاللهِ لَا يَصُومُ. [خ:١٩٧١]
٧٩٤. [ق] وعَنْ أنسٍ ﵁ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لَا يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ لَا تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ. [خ:١٩٧٢]
٧٩٥. [ق] وفي روايةٍ: قال أَنسٌ: ما كنتُ أُحِبُّ أن أراه مِن الشَّهر صائمًا إلَّا رأيته، ولا مفطرًا إلَّا رأيته، ولا مَسِسْتُ خَزًّا ولا حَريرةً ألين مِن كفِّ رسول الله ﷺ، ولا شَمِمْتُ مِسْكًا ولا عَنْبَرة أطيبَ رائحةً مِن رائحة رسول الله ﷺ. [خ:١٩٧٣]
١٧- باب/ مَا جاء في صَوم الدَّهر، وأفضل الصَّوم
٧٩٦. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرو بن العاصِي ﵄ قال: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يَا عَبْدَ اللهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟» فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَلَا تَفْعَلْ؛ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِن كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِذا ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ». فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً. قَالَ: «فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللهِ دَاوُدَ، وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ». قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللهِ دَاوُدَ؟ قَالَ: «نِصْفَ الدَّهْرِ». وكَانَ عَبْدُ اللهِ يَقُولُ بَعْدَمَا كَبِرَ: يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ ﷺ. [خ:١٩٧٥]
٧٩٧. [ق] وفي رواية: قالَ عَبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو ﵄: أُخْبِر رسولُ اللهِ ﷺ أنِّي أقولُ: واللهِ لأَصُومَنَّ النَّهارَ، ولأَقُوَمنَّ اللَّيلَ ما عشتُ. فقلتُ لهُ: قدْ قلْتُهُ بأَبِي أنتَ وَأمِّي. قال: «فإنَّك لا تستطيعُ ذلكَ، فصُمْ وأَفْطرْ، وقُمْ ونَمْ، وصُمْ مِن الشَّهرِ ثلاثةَ أيَّامٍ، فإنَّ الحسنةَ بعشرِ أمثالِها، وذلكَ مِثلُ صيامِ الدَّهرِ». قلتُ: إنِّي أُطِيقُ أفضلَ مِن ذلكَ. قالَ: «فصُمْ يومًا وأَفطرْ يومَيْنِ». قلتُ: إِنِّي أُطِيقُ أفضلَ مِن ذلكَ. قال: «فصُمْ يومًا وأَفْطرْ يومًا، فذلكَ صيامُ داودَ، وهو أفضلُ الصِّيامِ». فقلتُ: إِنِّي أُطِيقُ أفضلَ مِن ذلكَ، فقالَ النَّبيُّ ﷺ: «لَا أَفْضَلَ مِن ذَلِكَ». [خ:١٩٧٦]
• [ق] وفي روايةٍ: قالَ: «فصُمْ صيامَ دَاودَ». قالُ: وكيفَ؟ قالَ: «كانَ يصومُ يَوْمًا ويُفطِرُ يومًا، ولا يفرُّ إِذا لاقىَ». قلت: مَن لي بهذِهِ يا نَبيَّ اللهِ؟ قالَ عَطاءٌ: لا أدري كيفَ ذَكَرَ صيامَ الأَبدِ. قالَ النَّبيُّ ﷺ: «لا صامَ مَن صَام الأَبَدِ» مرَّتينِ. [خ:١٩٧٧]
• [ق] وفي روايةٍ: «واقْرأ القرآنَ في كُلِّ شَهْرٍ». قال: إنِّي أُطِيْقُ أكثرَ. فما زالَ حتَّى قالَ: «في ثلاثٍ». [خ:١٩٧٨]
1. قال ابن حجر: «في الحديث استحباب التنفل بالصوم في كل شهر».
2. قال النووي: «بيان رفق رسول الله ﷺ بأمته، وشفقته عليهم، وإرشادهم إلى مصالحهم، وحثهم على ما يطيقون الدوام عليه، ونهيهم عن التعمق والإكثار من العبادات التي يخاف عليهم الملل بسببها أو تركها أو ترك بعضها، وقد بين ذلك بقوله ﷺ: (عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا)، وبقوله ﷺ في هذا الباب: (لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل)، وفي الحديث الآخر: (أحب العمل إليه ما داوم صاحبه عليه)، وقد ذم الله تعالى قوما أكثروا العبادة ثم فرطوا فيها فقال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}».
3. فيه الندب إلى الدوام على ما وظّفه الإنسان على نفسه من العبادة.
4. وفيه جواز الإخبار عن الأعمال الصالحة، والأوراد، ومحاسن الأعمال، ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الرياء.
5. قوله: (واقرأ القرآن في كل شهر، ثم قال: في كل عشرين، ثم قال: في كل سبع ولا تزد) قال النووي: «هذا من نحو ما سبق من الإرشاد إلى الاقتصاد في العبادة، والإرشاد إلى تدبر القرآن، وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرءون كل يوم بحسب أحوالهم وأفهامهم ووظائفهم، والمختار أنه يستكثر منه ما يمكنه الدوام عليه، ولا يعتاد إلا ما يغلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه وغيره، هذا إذا لم تكن له وظائف عامة أو خاصة يتعطل بإكثار القرآن عنها، فإن كانت له وظيفة عامة كولاية وتعليم ونحو ذلك، فليوظف لنفسه قراءة يمكنه المحافظة عليها مع نشاطه وغيره من غير إخلال بشيء من كمال تلك الوظيفة، وعلى هذا يحمل ما جاء عن السلف».
2. قال النووي: «بيان رفق رسول الله ﷺ بأمته، وشفقته عليهم، وإرشادهم إلى مصالحهم، وحثهم على ما يطيقون الدوام عليه، ونهيهم عن التعمق والإكثار من العبادات التي يخاف عليهم الملل بسببها أو تركها أو ترك بعضها، وقد بين ذلك بقوله ﷺ: (عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا)، وبقوله ﷺ في هذا الباب: (لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل)، وفي الحديث الآخر: (أحب العمل إليه ما داوم صاحبه عليه)، وقد ذم الله تعالى قوما أكثروا العبادة ثم فرطوا فيها فقال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}».
3. فيه الندب إلى الدوام على ما وظّفه الإنسان على نفسه من العبادة.
4. وفيه جواز الإخبار عن الأعمال الصالحة، والأوراد، ومحاسن الأعمال، ولا يخفى أن محل ذلك عند أمن الرياء.
5. قوله: (واقرأ القرآن في كل شهر، ثم قال: في كل عشرين، ثم قال: في كل سبع ولا تزد) قال النووي: «هذا من نحو ما سبق من الإرشاد إلى الاقتصاد في العبادة، والإرشاد إلى تدبر القرآن، وقد كانت للسلف عادات مختلفة فيما يقرءون كل يوم بحسب أحوالهم وأفهامهم ووظائفهم، والمختار أنه يستكثر منه ما يمكنه الدوام عليه، ولا يعتاد إلا ما يغلب على ظنه الدوام عليه في حال نشاطه وغيره، هذا إذا لم تكن له وظائف عامة أو خاصة يتعطل بإكثار القرآن عنها، فإن كانت له وظيفة عامة كولاية وتعليم ونحو ذلك، فليوظف لنفسه قراءة يمكنه المحافظة عليها مع نشاطه وغيره من غير إخلال بشيء من كمال تلك الوظيفة، وعلى هذا يحمل ما جاء عن السلف».
٧٩٨. [ق] وفي روايةٍ قالَ: ذُكِرَ لهُ صَوْمِي، فدَخَلَ عليَّ، فألقيتُ له وِسَادةً مِن أَدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ، فَجَلَسَ علىَ الأرضِ وصارتِ الوسادةُ بَيْنِي وبَيْنَهُ، فقالَ: «أَما يَكْفِيْكَ مِن كلِّ شَهْرٍ ثلاثةُ أيامٍ؟» قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ. قالَ: «خَمْسًا». قلتُ: يا رسولَ اللهِ، قالَ: «سَبْعًا». قلتُ: يا رسولَ اللهِ. قالَ: «تِسْعًا». قلتُ: يا رسولَ اللهِ. قالَ: «إِحْدىَ عَشْرَةَ». ثمِّ قالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لا صَوْمَ فوقَ صَوْمِ/ داودَ: شَطْرَ الدَّهرِ، صُمْ يَومًا وأَفْطِر يَوْمًا». [خ:١٩٨٠]
١٨- بابُ صِيامِ ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ، وصومِ آخرِ الشَّهرِ
٧٩٩. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي ﷺ بِثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ. [خ:١٩٨١]
1. قوله (أوصاني خليلي) فيه: الافتخار بصحبة الأكابر إذا كان ذلك على معنى التحدث بالنعمة والشكر لله تعالى، لا على وجه المباهاة.
2. فيه استحباب ألا يُخلي الإنسان أي شهر من الشهور عن الصوم فيه.
2. فيه استحباب ألا يُخلي الإنسان أي شهر من الشهور عن الصوم فيه.
٨٠٠. [ق] عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ سَأَلَهُ -أَوْ سَأَلَ رَجُلًا وَعِمْرَانُ يَسْمَعُ- فَقَالَ: «يَا أَبَا فُلَانٍ، أَمَا صُمْتَ سَرَرَ هَذَا الشَّهْرِ؟» -وفي رواية: «مِن سَرَر شعبان»- قَالَ الرَّجُلُ: لَا يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ». [خ:١٩٨٣]
(سَرَر الشَّهر) وسِرُّه: آخره، وهو حين يستسِرُّ القمر، وربَّما اسْتَسَرَّ ليلتين، وربَّما اسْتَسَرَّ ليلةً. قلت: وإنَّما أمره بصوم يومين مِن شوَّال ليكونا عوضًا مِنْ آخر يوم مِن شَعبان، وكان صيام شَعبان بشهرين، ولذلك كان ﷺ يصوم فيه ما لا يصوم في غيره كما تقدَّم. والله أعلم.
١٩- باب ما جاء في صِيام يوم الجُمُعة ويوم عَرَفَة، وهل يُخَصُّ شيءٌ مِن الأيَّام بصومٍ؟
٨٠١. [ق] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا ﵁: أَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَعْنِي: أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمه. [خ:١٩٨٤]
٨٠٢. [ق] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ، يَقُولُ: «لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلَّا يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». [خ:١٩٨٥]
٨٠٣. عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارِثِ ﵂: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ؟» قَالَتْ: لَا. قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا؟» قَالَتْ: لَا. قَالَ: «فَأَفْطِرِي». [خ:١٩٨٦]
1. قال النووي: «قال العلماء: والحكمة في النهي عنه: أن يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة: من الغسل والتبكير إلى الصلاة وانتظارها واستماع الخطبة وإكثار الذكر بعدها؛ لقول الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} وغير ذلك من العبادات في يومها، فاستحب الفطر فيه، فيكون أعون له على هذه الوظائف وأدائها بنشاط وانشراح لها، والتذاذ بها من غير ملل ولا سآمة، وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة، فإن السنة له الفطر، فإن قيل: لو كان كذلك لم يزل النهي والكراهة بصوم قبله أو بعده لبقاء المعنى، فالجواب: أنه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه، فهذا هو المعتمد في الحكمة في النهي عن إفراد صوم الجمع».
٨٠٤. [ق] عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ ﵂: أَنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِي صَوْمِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِمٍ. فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ/ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ فَشَرِبَهُ. [خ:١٦٦١]
• [ق] وفي رواية: وَهُوَ وَاقِفٌ فِي المَوْقِفِ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ. [خ:١٩٨٩]
1. قال النووي: «فيه إباحة قبول هدية المرأة المتزوجة الموثوق بدينها».
2. فيه مشروعية البحث، والاجتهاد في حياته ﷺ.
3. وفي الحديث: إظهار النبي ﷺ الأمر للناس وقت الحاجة، وهذا من حرصه عليهم ورحمته وشفقته بهم.
4. وفيه: حرص الصحابة على معرفة سنة النبي ﷺ في الأحوال المختلفة.
5. وفيه: أن المشاهدة بالعيان أقطع للحجة وأنها فوق الخبر.
6. وفيه: مشروعية الأكل والشرب في المحافل، والأكل والشرب واقفا.
7. وفيه: التَّحيُّلُ على الاطِّلاعِ على الحكم بغير سؤال.
2. فيه مشروعية البحث، والاجتهاد في حياته ﷺ.
3. وفي الحديث: إظهار النبي ﷺ الأمر للناس وقت الحاجة، وهذا من حرصه عليهم ورحمته وشفقته بهم.
4. وفيه: حرص الصحابة على معرفة سنة النبي ﷺ في الأحوال المختلفة.
5. وفيه: أن المشاهدة بالعيان أقطع للحجة وأنها فوق الخبر.
6. وفيه: مشروعية الأكل والشرب في المحافل، والأكل والشرب واقفا.
7. وفيه: التَّحيُّلُ على الاطِّلاعِ على الحكم بغير سؤال.
٨٠٥. [ق] عَنْ عَلْقَمَةَ، قُلْتُ لِعَائِشَةَ ﵂: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ، يَخُصُّ مِنَ الأَيَّامِ شَيْئًا؟ قَالَتْ: لَا، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وَأَيُّكُمْ يُطِيقُ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُطِيقُ. [خ:١٩٨٧]
1. وفي الحديث: أن الطاعات وأعمال الخير مفتوحة في كل الأيام، ولا تختص بأيام دون غيرها إلا ما خصصه الشارع بمزيد الفضل.
٢٠- باب ما جاء في صِيَام يوم عَاشُوراءَ
٨٠٦. [ق] عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ﵂ قَالَتْ: أَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ: «مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ». قَالَتْ: كُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ، وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ. [خ:١٩٦٠]
1. قوله: (فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار) قال النووي: «فيه تمرين الصبيان على الطاعات، وتعويدهم العبادات، ولكنهم ليسوا مكلفين».
2. وفيه أنه يسنُّ لولي الصغير - ذكرًا كان أو أنثى - أن يأمره بالصوم إذا أطاقه؛ تمرينًا له على الطاعة ليألفَها بعد بلوغه، اقتداءً بالسلف الصالح ﵃، فإن رأى عليهم ضررًا بالصيام، فلا حرج عليه في منعهم.
2. وفيه أنه يسنُّ لولي الصغير - ذكرًا كان أو أنثى - أن يأمره بالصوم إذا أطاقه؛ تمرينًا له على الطاعة ليألفَها بعد بلوغه، اقتداءً بالسلف الصالح ﵃، فإن رأى عليهم ضررًا بالصيام، فلا حرج عليه في منعهم.
٨٠٧. [ق] عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ ﵁ قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَنْ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنَّ «مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ، فَإِنَّ اليَوْمَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ». [خ:٢٠٠٧]
٨٠٨. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَصُومُهُ في الجَاهليَّة، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ. [خ:٢٠٠٢]
٨٠٩. [ق] عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ ﵁ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَهْلَ المَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ، يَقُولُ: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَلَمْ يَكْتُبِ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ». [خ:٢٠٠٣]
1. وجوب اهتمام ولاة الأمور بإنكار المنكرات، والحث على إزالتها والتَّأنيب على من قَصَّر في إنكارها ممن هو أهل لذلك.
2. الإنكار علنًا لا سيما إذا كان المنكر فاشيًا، فيفشي إنكاره تأكيدا؛ ليحذر منه.
2. الإنكار علنًا لا سيما إذا كان المنكر فاشيًا، فيفشي إنكاره تأكيدا؛ ليحذر منه.
٨١٠. [ق] وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ المَدِينَةَ، فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى. قَالَ: «فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ». فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. [خ:٢٠٠٤]
1. في الحديث: مشروعية شكر الله تعالى بالصوم لمن حصل له خير من تفريج كرب، أو تيسير أمر.
٨١١. [ق] عَنْ أَبِي مُوسَى ﵁ قَالَ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ اليَهُودُ عِيدًا، قال النَّبيُّ ﷺ: «فَصُومُوهُ أَنْتُمْ». [خ:٢٠٠٥]
٨١٢. [ق] وعَنِ/ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا اليَوْمَ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَهَذَا الشَّهْرَ يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ. [خ:٢٠٠٦]
٢١- باب النَّهي عَنْ صِيام يوم الفِطر ويوم الأضْحى، وَلا يصوم أيَّام التَّشريق إلَّا المتمتِّع الَّذي لا يجد الهَدْيَ
٨١٣. [ق] عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فَقَالَ: هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ، وَاليَوْمُ الآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ. [خ:١٩٩٠]
1. قال النووي: «فيه: تعليم الإمام في خطبته ما يتعلق بذلك العيد من أحكام الشرع من مأمور به ومنهي عنه».
٨١٤. [ق] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ﵁ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الفِطْرِ وَالنَّحْرِ، وَعَنِ الصَّمَّاءِ، وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ والوَاحِدِ، وَعَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالعَصْرِ. [خ:١٩٩١]
٨١٥. [ق] عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: رَجُلٌ نَذَرَ يَوْمًا -أَظُنُّهُ: الِاثْنَيْنِ- فَوَافَقَ ذَلِكَ يَوْمَ عِيدٍ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَمَرَ اللهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ، وَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ صَوْمِ هَذَا اليَوْمِ. [خ:١٩٩٤]
٨١٦. عَنْ هِشَام بن عروة قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي: كَانَتْ عَائِشَةُ تَصُومُ أَيَّامَ مِنًى، وَكَانَ أَبُوهُ يَصُومُهَا. [خ:١٩٩٦]
٨١٧. عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، وعَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄، قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ. [خ:١٩٩٧]
٢٢- باب سُنَّة قيام رمضانَ، وفَضْله، وكيفيَّته
٨١٨. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». [خ:٢٠٠٩]
• [خت] قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ.
٨١٩. [ق] عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ لَيلًا فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ/ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنَ الَّتِي يَقُومُونَ -يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ- وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ تأسيًا بِعُمَرَ. [خ:٢٠١٠]
1. فيه: مشروعية قيام الليل في جماعة.
2. وفيه: تفقد الإمام لرعيته بما يكون فيه صلاح دينهم ودنياهم.
3. قال ابن تيمية: «لما كان في عهد عمر ﵁ جمعهم على قارئ واحد، وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة، وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد، مع الإسراج: عملًا لم يكونوا يعملونه من قبل؛ فسمي بدعة؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، ولم يكن بدعة شرعية؛ لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح، لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض قد زال بموته ﷺ، فانتفى المعارض».
2. وفيه: تفقد الإمام لرعيته بما يكون فيه صلاح دينهم ودنياهم.
3. قال ابن تيمية: «لما كان في عهد عمر ﵁ جمعهم على قارئ واحد، وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة، وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد، مع الإسراج: عملًا لم يكونوا يعملونه من قبل؛ فسمي بدعة؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، ولم يكن بدعة شرعية؛ لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح، لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض قد زال بموته ﷺ، فانتفى المعارض».
٨٢٠. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَرَجَ لَيْلَةً مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَصَلَّى فِي المَسْجِدِ، وَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلَاتِهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَاجْتَمَعَ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَصَلَّى فَصَلَّوْا بهِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ فَتَحَدَّثُوا، فَكَثُرَ أَهْلُ المَسْجِدِ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي [فَصَلَّوا] بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَجَزَ المَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، حَتَّى خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَلَمَّا قَضَى الفَجْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَتَشَهَّدَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ، ولكِنْ خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا». فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَالأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ. [خ:٢٠١٢]
• [ق] ونحوه عَنْ زَيدِ بنِ ثابتٍ، غير أنَّه زاد في آخره: فقال النَّبيُّ ﷺ: «مَا زَالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ، حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِهِ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ المَكْتُوبَةَ». [خ:٧٢٩٠]
الغريب: (البِدْعة): تأنيث البِدْع، وهو الشَّيء المُخْتَرع في اللُّغة سواءٌ كان حَسَنًا أو سيئًا، ومنه قوله: ﴿قُلۡ مَا كُنتُ بِدۡعࣰا مِّنَ ٱلرُّسُلِ وَمَاۤ أَدۡرِی مَا یُفۡعَلُ بِی وَلَا بِكُمۡۖ إِنۡ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّ وَمَاۤ أَنَا۠ إِلَّا نَذِیرࣱ مُّبِینࣱ ٩ قُلۡ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرۡتُم بِهِۦ وَشَهِدَ شَاهِدࣱ مِّنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ عَلَىٰ مِثۡلِهِۦ فَـَٔامَنَ وَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ١٠﴾ [الأحقاف:٩]. والبِدعة في عُرف الشَّرع: عبارة عمَّا يُخترع على غَير أصلٍ يشهد له مِن الشَّرع، وهي البِدعة المذمومة، فأطلق عمر على ما فعله هنا بِدْعةً على أصل اللُّغة لا على العُرْفِ، ألا ترى كيف مدحها بنِعْمَ؟ وإنَّما أطلق ذلك عمر لأنَّ النَّبيَّ ﷺ امتنع مِن اجتماعهم عليه في قيام رمضان للعلَّة الَّتي ذكرتها عائشة وغيرها، فلمَّا أَمِنَ ذلكَ عمرُ أمَرَ بذلك، وعَمِلَ به. والله أعلم.
(٢٥) كِتابُ الاعْتِكَافِ ولَيْلة القَدْرِ
١- باب الاعْتكافِ مِن نوافل الخير، ويلزم بالنَّذْرِ/
٨٢١. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ. [خ:٢٠٤٤]
1. قال ابن حجر: «قيل: السبب في ذلك أنه ﷺ علم بانقضاء أجله فأراد أن يستكثر من أعمال الخير ليبين لأمته الاجتهاد في العمل إذا بلغوا أقصى العمل ليلقوا الله على خير أحوالهم، وقيل: السبب فيه أن جبريل كان يعارضه بالقرآن في كل رمضان مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين فلذلك اعتكف قدر ما كان يعتكف مرتين.
وأقوى من ذلك أنه إنما اعتكف في ذلك العام عشرين لأنه كان العام الذي قبله مسافرا، ويدل لذلك ما أخرجه النسائي واللفظ له وأبو داود وصححه ابن حبان وغيره من حديث أبي بن كعب أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاما فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين».
وأقوى من ذلك أنه إنما اعتكف في ذلك العام عشرين لأنه كان العام الذي قبله مسافرا، ويدل لذلك ما أخرجه النسائي واللفظ له وأبو داود وصححه ابن حبان وغيره من حديث أبي بن كعب أن النبي ﷺ كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاما فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين».
٨٢٢. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ -زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ -: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. [خ:٢٠٢٦]
1. قوله: (حتى توفاه الله) فيه استحباب الاستمرار على ما اعتاده من فعل الخير وأنه لا يقطعه
٨٢٣. [ق] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ»، فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً. [خ:٢٠٤٢]
قوله: (فِي الجَاهليَّةِ) ظاهرُه أنَّه يعني بها الوقت الَّذي كَان هوَ على الجَاهلية، ويُبعده أنَّ الكَافر لا يلزمه مَا نذره في حالة كفره، إمَّا إنَّهم ليسوا مخاطبين بالفروع، وإمَّا لأنَّ الإسلام يجُبُّ ما كان قبلَه على تقدير لُزوم ذلك. ويحتمل أنْ يكون النَّذر وقع مِن عمرَ بعد إسلامه لكنْ في زمنٍ غلبة الجاهليَّة وكثرتها، فأخبرَ عَنْ ذلك، فكأنَّه أخبر أنَّ ذلك النَّذر وقع منه في أوَّل الإسْلام وقلَّته وغلبة الجاهليَّة وكثرتها، وهو تأويل ويَعضُدُه ما ذكرناه.
1. قال ابن حجر: «لم يُذكر مكان السؤال، وفي كتاب النذر من وجه آخر أن ذلك كان بالجعرانة لما رجعوا من حُنين».
٢- باب لا اعتكاف إلَّا في مسجدٍ، ولا يخرج المُعتكف إلَّا لحاجته الضَّرورية
٨٢٤. [ق] عَنْ عليِّ بن الحسين: أَنَّ صَفِيَّةَ ﵂ -زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ- أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي المَسْجِدِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ المَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ، مَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ ﷺ: «عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ». فَقَالَا: سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ! وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا، فَقال النَّبيُّ ﷺ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا». [خ:٢٠٣٥]
• [ق] وفي رواية: «يجري مِن الإنسان مَجرى الدَّم». [خ:٢٠٣٨]
1. قال ابن حجر: «في الحديث إباحة خلوة المعتكف بالزوجة».
2. قوله: (صفية زوج النبي ﷺ أنها جاءت إلى رسول الله ﷺ تزوره في اعتكافه في المسجد)، قال ابن حجر: «فيه زيارة المرأة للمُعْتَكِف».
3. قوله: (على رسلكما، إنما هي صفية بنت حُيي)، قال ابن حجر: «فيه بيان شفقته على أمته وإرشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم».
4. قوله: (حتى إذا بلغت المسجد عند باب أم سلمة)، قال ابن حجر: «فيه إضافة بيوت أزواج النبي ﷺ إليهن».
4. قوله: (فتَحَدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي ﷺ معها يقلبها)، قال ابن حجر: «فيه جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والقيام معه والحديث مع غيره».
5. قال ابن حجر: والمحصل من هذه الروايات أن النبي ﷺ لم يَنسبهما إلى أنهما يظنان به سوءًا لِما تقرَّر عنده من صدق إيمانِهما، ولكن خشِي عليهما أن يُوسوس لهما الشيطان؛ ذلك لأنهما غير معصومين، فقد يُفضي بهما ذلك إلى الهلاك، فبادر إلى أعلامهما حسمًا للمادة، وتعليمًا لمن بعدهما إذا وقع له مثلُ ذلك؛ كما قاله الشافعي رحمه الله تعالى، فقد روى الحاكم أن الشافعي كان في مجلس ابن عيينة، فسأله عن هذا الحديث، فقال: إنما قال لهما ذلك؛ لأنه خاف عليهما الكفر إن ظنَّا به التهمة، فبادر إلى إعلامهما نصيحةً لهما قبل أن يقذف الشيطان في نفوسهما شيئًا يَهلكان به.
6. وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن، والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار؛ قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء، ومَن يُقتدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلًا يوجب سوءَ الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص؛ لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم.
2. قوله: (صفية زوج النبي ﷺ أنها جاءت إلى رسول الله ﷺ تزوره في اعتكافه في المسجد)، قال ابن حجر: «فيه زيارة المرأة للمُعْتَكِف».
3. قوله: (على رسلكما، إنما هي صفية بنت حُيي)، قال ابن حجر: «فيه بيان شفقته على أمته وإرشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم».
4. قوله: (حتى إذا بلغت المسجد عند باب أم سلمة)، قال ابن حجر: «فيه إضافة بيوت أزواج النبي ﷺ إليهن».
4. قوله: (فتَحَدثت عنده ساعة ثم قامت تنقلب فقام النبي ﷺ معها يقلبها)، قال ابن حجر: «فيه جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره والقيام معه والحديث مع غيره».
5. قال ابن حجر: والمحصل من هذه الروايات أن النبي ﷺ لم يَنسبهما إلى أنهما يظنان به سوءًا لِما تقرَّر عنده من صدق إيمانِهما، ولكن خشِي عليهما أن يُوسوس لهما الشيطان؛ ذلك لأنهما غير معصومين، فقد يُفضي بهما ذلك إلى الهلاك، فبادر إلى أعلامهما حسمًا للمادة، وتعليمًا لمن بعدهما إذا وقع له مثلُ ذلك؛ كما قاله الشافعي رحمه الله تعالى، فقد روى الحاكم أن الشافعي كان في مجلس ابن عيينة، فسأله عن هذا الحديث، فقال: إنما قال لهما ذلك؛ لأنه خاف عليهما الكفر إن ظنَّا به التهمة، فبادر إلى إعلامهما نصيحةً لهما قبل أن يقذف الشيطان في نفوسهما شيئًا يَهلكان به.
6. وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن، والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار؛ قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء، ومَن يُقتدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلًا يوجب سوءَ الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص؛ لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم.
٨٢٥. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قالت: كَانَ رَسُولُ اللهِ/ ﷺ يُدْخِلُ إليَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لَا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا. [خ:٢٠٢٩]
٣- باب اعتكاف النِّساء في المسجد وإن كنَّ مُسْتحاضاتٍ، وضرْب الأخْبية فيه للاعتكاف
٨٢٦. [ق] عَنْ عَمْرة بنتِ عَبدِ الرَّحمنِ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ ذَكَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ، فَأَذِنَ لَهَا، وَسَأَلَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَسْتَأْذِنَ لَهَا فَفَعَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ بنْتُ جَحْشٍ أَمَرَتْ بِبِنَاءٍ فَبُنِيَ لَهَا، قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا صَلَّى انْصَرَفَ مِن بِنَائِهِ، فَبَصُرَ بِالأَبْنِيَةِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» قَالُوا: بِنَاءُ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَلْبِرَّ أَرَدْنَ بِهَذَا؟! مَا أَنَا بِمُعْتَكِفٍ». فَرَجَعَ، فَلَمَّا أَفْطَرَ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ. [خ:٢٠٤٥]
1. قوله: (وأنه أمر بخبائه فضرب) قال النووي: «قالوا: فيه دليل على جواز اتخاذ المعتكف لنفسه موضعًا من المسجد ينفرد فيه مدة اعتكافه ما لم يضيق على الناس، وإذا اتخذه يكون في آخر المسجد ورحابه؛ لئلا يضيق على غيره؛ وليكون أخلى له وأكمل في انفراده».
2. قوله: (نظر فإذا الأخبية فقال: آلبِرَّ تردن؟ فأمر بخبائه فقُوّض) قال القاضي عياض: «قال ﷺ هذا الكلام إنكارا لفعلهن، وسبب إنكاره أنه خاف أن يكنّ غير مخلصات في الاعتكاف، بل أردن القرب منه؛ لغيرتهن عليه، أو لغيرته عليهن، فكره ملازمتهن المسجد مع أنه يجمع الناس ويحضره الأعراب والمنافقون، وهن محتاجات إلى الخروج والدخول لما يعرض لهن، فيبتذلن بذلك، أو لأنه ﷺ رآهن عنده في المسجد وهو في المسجد فصار كأنه في منزله بحضوره مع أزواجه، وذهب المهم من مقصود الاعتكاف، وهو التخلي عن الأزواج ومتعلقات الدنيا وشبه ذلك؛ أو لأنهن ضيقن المسجد بأبنيتهنّ»..
3. قولها: (حتى اعتكف في العشر الأول من شوال) فيه دليل على أن النوافل المعتادة إذا فاتت تقضى استحباباً .
4. قوله: (فاستأذنته عائشة أن تعتكف فأذن لها)، قال ابن حجر: «فيه أن المرأة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها، وأنها إذا اعتكفت بغير إذنه كان له أن يُخْرِجها».
5. قوله: (ألبر أردن بهذا؟)، قال ابن حجر: «فيه شؤم الغيرة؛ لأنها ناشئة عن الحسد المُفضِي إلى ترك الأفضل لأجله».
6. قال النووي: «وفي هذا الحديث دليل لصحة اعتكاف النساء؛ لأنه ﷺ كان أذن لهن، وإنما منعهن بعد ذلك لعارض، وفيه أن للرجل منع زوجته من الاعتكاف بغير إذنه، وبه قال العلماء كافة» .
7. قال ابن حجر: «في الحديث أن من خشي على عمله الرياء جاز له تَركُهُ وقَطْعُه».
8. قال ابن حجر: «في الحديث أن الاعتكاف لا يجب بالنيَّة، وأما قضاؤه ﷺ له فعلى طريق الاستحباب؛ لأنه كان إذا عمل عملاً أثبته ولهذا لم يُنقل أن نساءه اعتكفن معه في شوال».
9. فيه ترك الأفضل إذا كان فيه مصلحة.
2. قوله: (نظر فإذا الأخبية فقال: آلبِرَّ تردن؟ فأمر بخبائه فقُوّض) قال القاضي عياض: «قال ﷺ هذا الكلام إنكارا لفعلهن، وسبب إنكاره أنه خاف أن يكنّ غير مخلصات في الاعتكاف، بل أردن القرب منه؛ لغيرتهن عليه، أو لغيرته عليهن، فكره ملازمتهن المسجد مع أنه يجمع الناس ويحضره الأعراب والمنافقون، وهن محتاجات إلى الخروج والدخول لما يعرض لهن، فيبتذلن بذلك، أو لأنه ﷺ رآهن عنده في المسجد وهو في المسجد فصار كأنه في منزله بحضوره مع أزواجه، وذهب المهم من مقصود الاعتكاف، وهو التخلي عن الأزواج ومتعلقات الدنيا وشبه ذلك؛ أو لأنهن ضيقن المسجد بأبنيتهنّ»..
3. قولها: (حتى اعتكف في العشر الأول من شوال) فيه دليل على أن النوافل المعتادة إذا فاتت تقضى استحباباً .
4. قوله: (فاستأذنته عائشة أن تعتكف فأذن لها)، قال ابن حجر: «فيه أن المرأة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها، وأنها إذا اعتكفت بغير إذنه كان له أن يُخْرِجها».
5. قوله: (ألبر أردن بهذا؟)، قال ابن حجر: «فيه شؤم الغيرة؛ لأنها ناشئة عن الحسد المُفضِي إلى ترك الأفضل لأجله».
6. قال النووي: «وفي هذا الحديث دليل لصحة اعتكاف النساء؛ لأنه ﷺ كان أذن لهن، وإنما منعهن بعد ذلك لعارض، وفيه أن للرجل منع زوجته من الاعتكاف بغير إذنه، وبه قال العلماء كافة» .
7. قال ابن حجر: «في الحديث أن من خشي على عمله الرياء جاز له تَركُهُ وقَطْعُه».
8. قال ابن حجر: «في الحديث أن الاعتكاف لا يجب بالنيَّة، وأما قضاؤه ﷺ له فعلى طريق الاستحباب؛ لأنه كان إذا عمل عملاً أثبته ولهذا لم يُنقل أن نساءه اعتكفن معه في شوال».
9. فيه ترك الأفضل إذا كان فيه مصلحة.
٨٢٧. عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَت: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ امْرَأَةٌ مُسْتَحاضَة مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّشْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي. [خ:٢٠٣٧]
٤- باب فضْل ليلة القَدْر، والأمر بتحرِّيها، ومتى يُتَحَرَّى، وقوله تعالى: ﴿إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ فِی لَیۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ﴾ ٢﴾ [القدر:١] إلى آخر السُّورة
• [خت] قال ابن عُيَيْنَةَ: مَا كان في القرآن: ﴿وَمَاۤ أَدۡرَىٰكَ﴾ فقد أعلمَه، وما قال: ﴿مَا لَیۡلَةُ ٱلۡقَدۡرِ﴾ فإنَّه لم يُعلمْه.
• وقد تقدَّم قوله ﵇: «مَن قام ليلة القَدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم مِن ذنبه». [ر:٢١]
٨٢٨. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُجَاوِرُ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَيَقُولُ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ». [خ:٢٠٢٠]
٨٢٩. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «هِيَ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، هِيَ فِي تِسْعٍ مَضينَ، أَوْ فِي سَبْعٍ يَبْقَيْنَ» يعني لَيلةَ القَدْرِ. [خ:٢٠٢٢]
٨٣٠. عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ﵁ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ/ ﷺ لِيُخْبِرَنَا بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلَاحَى رَجُلَانِ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: «خَرَجْتُ لِأُخْبِرَكُمْ بِلَيْلَةِ القَدْرِ، فَتَلَاحَى فُلَانٌ وَفُلَانٌ -وهما كعبُ بن مالك وعبد الله بن أبي حَدْرَدٍ- فَرُفِعَتْ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ خَيْرًا، فَالتَمِسُوهَا فِي السَّابِعَةِ وَالتَّاسِعَةِ وَالخَامِسَةِ». [خ:٢٠٢٣]
1. فيه أن المخاصمة والمنازعة مذمومة، وأنها سبب للعقوبة المعنوية.
2. وفيه: دلالة على أن الذنوب قد تكون سببا لخفاء بعض ما يحتاج إليه في الدين، فكلما أحدث الناس ذنوبا، أوجب ذلك خفاء بعض أمور دينهم عليهم.
2. وفيه: دلالة على أن الذنوب قد تكون سببا لخفاء بعض ما يحتاج إليه في الدين، فكلما أحدث الناس ذنوبا، أوجب ذلك خفاء بعض أمور دينهم عليهم.
٨٣١. [ق] عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ. [خ:٢٠٢٤]
1. قوله: (إذا دخل العشر شدَّ مِئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله)، قال ابن حجر: «فيه الحرص على مداومة القيام في العشر الأخير إشارة إلى الحث على تجويد الخاتمة، ختم الله لنا بخير آمين».
٨٣٢. [ق] وعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، أُرُوا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي المَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ». [خ:٢٠١٥]
1. قوله: (أرى رؤياكم قد تواطأت) فيه بيان أن توافق جماعة على رؤيا واحدة دال على صدقها وصحتها، كما تستفاد قوة الخبر من التوارد على الإخبار من جماعة.
2. قوله: (من كان متحريها) قال ابن عبد البر: «يدل على أن قيام ليلة القدر نافلة غير واجب، لكنها فضل» .
3. قال ابن دقيق العيد: «فيه دليل على عِظَم الرؤيا، والاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجوديات، وعلى مالا يخالف القواعد الكلية من غيرها» .
2. قوله: (من كان متحريها) قال ابن عبد البر: «يدل على أن قيام ليلة القدر نافلة غير واجب، لكنها فضل» .
3. قال ابن دقيق العيد: «فيه دليل على عِظَم الرؤيا، والاستناد إليها في الاستدلال على الأمور الوجوديات، وعلى مالا يخالف القواعد الكلية من غيرها» .
٨٣٣. [ق] عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ﵁ قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُجَاوِرُ فِي رَمَضَانَ العَشْرَ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، فَإِذَا كَانَ حِينَ يُمْسِي مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِينَ، وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ رَجَعَ إِلَى مَسْكَنِهِ، وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ، وَأَنَّهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ فَأَمَرَهُمْ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: «كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذِهِ العَشْرَ، ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، فَابْتَغُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَابْتَغُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ». فَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَأَمْطَرَتْ، فَوَكَفَ المَسْجِدُ فِي مُصَلَّى النَّبِيِّ ﷺ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، فَبَصُرَتْ عَيْنِي فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ وَوَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وَمَاءً. [خ:٢٠١٨]
الغريب: الضَّمير في: (﴿أَنزَلۡنَـٰهُ٢﴾ [القدر:١]) عائدٌ على غير مذكورٍ. فقيل: إنَّه جبريل نزل بالقرآن، وقيل: القرآن نفسه، أنزله فيها إلى بيت العزَّة في السَّماء الدُّنيا، فَنَجَّمَتْهُ السَّفَرَةُ على جبريلَ في عشرين ليلةً، ونجَّمه جبريلُ على النَّبيِّ ﷺ في ثلاثٍ وعشرين سَنةً، وقال الشَّعبيُّ: افتتحنا إنزاله فيها. و(﴿ٱلۡقَدۡرِ﴾ [القدر:١]): العَظَمة، قاله ابن عبَّاس، كما قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦۤ﴾ [الأنعام:٩١] أي: ما عظَّموه حقَّ تعظيمه، وقال مجاهد: ﴿ٱلۡقَدۡرِ﴾ [القدر:١] بمعنى التَّقدير؛ أي: تقدير الأشياء مِن أمور السَّنَّة، يعني: سَوق المقادير إلى المواقيت، وقيل: هو الحظُّ العظيم/ الَّذي يحصل للعامل فيها. قُلتُ: والأحاديث في تَعيينها مُتعارضة، والصَّحيح أنَّها في كلِّ رمضان، وأنَّها مُبهمة في العَشر الآخر منه؛ ليحافظ النَّاس على قيامه كلِّه، والله أعلم. وقوله: ﴿ٱلۡقَدۡرِ خَیۡرࣱ مِّنۡ أَلۡفِ شَهۡرࣲ﴾ [القدر:٣]: مِن عَمَلِ ألف شهرٍ. الرَّبيع ومجاهد: مِن العمل في ألفِ شهرٍ في غيرها. قتادة: مِن ألف شهرٍ ليس فيها ليلة القَدْر. (﴿ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ﴾ [القدر:٤]): جمع مَلَك. فقيل: هم أكثر مِن عدد الحَصى، حُكي عَنْ أبي هُرَيْرَةَ. ابْنُ أبي نَجيح: الحَفَظَة. كَعبٌ: ملائكة لا يراهم أهل السَّماء إلَّا تلك اللَّيلة. (﴿وَٱلرُّوحُ﴾ [القدر:٤]) جبريلُ ﵇. ابن جبير: قُلت: وخصَّ بالذِّكر تشريفًا. (﴿ مِّن كُلِّ
أَمۡرࣲ﴾ [القدر:٤]) أي: بكلِّ أمرٍ يُقْضَى في تلك السَّنة، كقوله تعالى: (﴿یَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ ﴾ [الرعد:١١]) أي: بأمر الله. و(﴿سَلَـٰمٌ هِیَ﴾ [القدر:٥]) أي: سلامةٌ وبركةٌ وخيرٌ. وقيل: لا تزال الملائكة تُصَلِّي وتُسلِّمُ على المُصَلِّينَ فيها إلى طلوع الفَجر. والله أعلم. وما ذكرتُه هو أَوْلَى ما يُقال فيها.